الفصل الرابع

1.5K 84 10
                                    



قصدني بخطواتٍ متمهلة و كأنه يمهل نفسه الوقت ليتفحصني بيعينيه.. ثم انحنى أمامي يجلس القرفصاء.. و من شدة قربه أطرقتُ بعينَي لئلا ألاقي عينيه.. فلا شكّ بأن ما ستظهره عيناه افظع ممّا يحصل الآن.. لكنه أجفلني بقوله بنبرة خشنة:

ـ رفعي عينج.

و رغم كرهي للأمر رفعتُ نظري و لاقيتُ نظرته الباردة.. ثم رأيتُ ما يخطط له.. سيستغل قدرتي على قراءة العيون في أعماله الممنوعة.. و حين ينتهي مني سيقتلني و سيخفي جثتي خلف البيت.. تحديداً خلف النافذة التي حاولتُ كسرها قبل قليل.. أخفيتُ وجهي بكفَي غير قادرة على رؤية المزيد و هتفتُ بتوسل:

ـ لا حباب، لا تكتلني، والله بيبيتي يصير بيها شي!

قال بتململ:

ـ نشوف.. كلما أثبتليلي فائدتج كلما تأخر أجلج.




(إيهاب)

عاودتُ النظر إلى ساعة يدي و قد بدأ أمر تأخرها يثير استغرابي.. لقد خرجت معظم الطالبات ولم تظهر معهن.. عادةً تخرج مع الفوج الأول فما الذي تغيّر اليوم؟.. فقدتُ صبري و خرجتُ من السيارة لأقصد بوابة المدرسة ثم سألتُ مجموعة من الفتيات عمّا إذا كنّ يعرفن رنيم، فكانت الإجابة محبطة.. سألتُ بين المجموعات حتى أجابتني إحداهن بأن رنيم لم تأتي إلى المدرسة اليوم.. سارعتُ بالعودة إلى السيارة و اتصلتُ بهاتفها أثناء تحرّكي من مكاني و الإنطلاق بإتجاه منطقة سكنها.. مرّت عدة رنات دون أن يأتيني رداً منها.. كرّرت المحاولات طوال الطريق حتى جاءني أخيراً صوت لإمرأة:

ـ الو؟ منو؟

ترددتُ لثانية قبل أن أقول:

ـ السلام عليكم، هذا تليفون رنيم؟

ـ اي، منو رايدها؟ 

اضطررتُ لقول:

ـ رنيم اليوم ما حضرت المدرسة، خو ما بيها شي؟

ـ شنو؟ شلون ما حضرت؟ انته متأكد بنيتي ما اجت؟

شعرتُ بانقباض قلبي.. و أنقبض معه صوتي حين قلت:

ـ يعني هي راحت؟

ـ ابني وكفت كلبي، انته استاذها؟ ما اجتي للدوام اليوم؟

ـ اعتذر حجية، ما قصدي أقلقج، احتمال صار غلط، أتأكد و أرجعلج خبر.

ـ فدوة لعينك يمه شوفلياها بسرعة، خاف بالدروس الخصوصية.

ـ ولا يهمج حجية، أتأكد و أتصل بيج.

أنهيتُ الاتصال ثم غيّرتُ مسار طريقي و عدتُ إلى المدرسة.. هذه المرة دخلتها و طلبتُ مقابلة المدير للتأكد من عدم مجيء رنيم إلى المدرسة.. و حين أكدّ لي ذلك من خلال أساتذتها حاولتُ معرفة رقم سائقها.. لكنهم لم يعرفوه.. فاضطررتُ للمغادرة و معاودة الاتصال بجدة رنيم.. أتاني ردّها بلهفة:

قارئة العيونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن