الجزء الحادي عشر: المجالد ( محمد الجوهرى)

74 8 0
                                    

زنفار : لقد اقتحمت ملكنا و انتزعتنا من مراقدنا أيها البشري لتنازعني في ملكي و زعامتي على معشر القرناء، و كما تقول نواميس الجن و الشياطين فسوف تواجهني وجه لوجه، و الخاسر منا أمره بيد الآخر.
معاذ : فليكن يا (زنفار)، و لكن لا تلومن إلا نفسك.

كانت تلك هي الإجابة التي منحها (معاذ) لزعيم القرناء (زنفار) في تلك المقابر المظلمة الموحشة، و هو في منطقة سطوته و تحت نفوذه و وسط مئات الآلاف من القرناء الذين استجابوا قهراً لتعويذة (معاذ) باستحضارهم.

معاذ : حدد الزمان و المكان يا (زنفار).

نظر إليه (ونفار) مستهزئاً و هو يجيب بلهجة ساخرة غاضبة أعقبها بضحكة شيطانية ماكرة:
زنفار : الآن أيها البشري، و لكن ليس في هذا الزمان ولا المكان.

ضاقت عينا (معاذ) في محاولة فهم ما يرمي إليه (زنفار) بحديثه عن الزمان و المكان، و لكن تساؤاه لم يدم طويلاً، فقد رفع (زنفار) ذراعيه عالياً لينشأ من بينهما ما يشبه إعصاراً صغيراً بدأ يتسع شيئاً فشيئاً ليضم كل من (زنفار) و (معاذ) و القرناء الحاضرين بأسرهم.

وقف (معاذ) بثبات و قوة و تحفز حينما بدأ هذا الإعصار يقترب منه، و لكن لدهشته الشديدة لم يطيح به الإعصار كما تخيل في باديء الأمر، إنما شعر (معاذ) بالعالم بأسره يدور خارج حدود الإعصار، شعر بتعاقب الليل و النهار، و مع اتساع دوامة الإعصار كانت تزيد سرعته أكثر فأكثر حتى أصبح العالم يضئ و يخفت من حول الإعصار، ثم لم يلبث أن أضاء الكون من حوله (كما شعر (معاذ) ضوءاً أبيضاً مبهراً حتى أنه رفع كفه ليحمي عينيه المغمضتين بتلقائية شديدة ليفتحهما على ذلك المشهد الذي أثار فيه الدهشة حتى النخاع.
********
كان الرائد (هشام) في سيارته يحاول أن يشغل نفسه بالعبث في هاتفه المحمول ليتغلب على القلق المعتمل في نفسه بعدما تركه (معاذ) هو و (حور) عند مدخل تلك المقابر، و لكنه لم يلبث أن ألقى بهاتفه في عنف إلى جواره قبل أن يقول في حنق شديد مخاطباً (حور)..
هشام : كم تعتقدين سوف يستغرق (معاذ) من الوقت في مهمته تلك؟؟ و ما هي تلك المهمة؟؟
حور : لست أدري شيئاً عن ذلك يا سيادة الرائد، هو لم يخبرني بأية تفاصيل، و لكني أتوجس خيفة من تلك المهمة التي تستدعي وجوده منفرداً في قلب تلك المقابر المهجورة.
هشام : لقد مضى ما يقارب نصف الساعة ولم نلاحظ شيئاً سوى بعض الأضواء المريبة في تلك المقابر و التي اختفت فجأة.

لم تجد (حور) ما تعلق به على عبارة (هشام) الأخيرة فمطت شفتيها في ضيق و أسندت ظهرها مستلمة للانتظار في صمت، و لكن لم يبد على (هشام) أنه مستعد ليحذو حذوها حينما شعروا بهبوب رياح قوية تضرب جسد السارة الذي أرتج من أثرها أعقبه ضوءاً مبهرا لجزء من الثانية صادر من داخل المقابر.

انتفضت (حور) في جزع هاتفة..
حور : يا إلهي... (معاذ)...
هشام : ما هذا الذي حدث يا (حور)؟؟
حور : لست أدري... لست أدري يا سيادة الرائد...

حيث لا ترونهمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن