الجزء الثالث : أعماق الرعب (محمد الجوهرى)

146 9 0
                                    

باب خشبي ضخم عتيق ذو مصراعين مليء بالنقوش و الرسوم الغريبة و التي تبدو كما لو أنها طلسم أو تعويذه... في كل جهة من الباب حلقة معدنية على هيئة كائن غريب الشكل لطرق الباب... توقفت (حور) منتظرة أن يطرق (معاذ) باب القصر لكنه عقد ذراعيه صامتاً و هو يتأمل تلك النقوش الغريبة و هي تنظر إليه في دهشة...

لم تجد (حور) بداً عن طرق الباب بنفسها و ما تلاشى صوت الطرقات حتى بدأ الباب الضخم يٌفتح ببطء مصدراً صريراً مخيفاً... لتبدو من خلفه أخيراً إمرأة نهاية الثلاثينات ذا ملامح أجنبية جميلة تستقبلهم بابتسامة ترحاب محببة... و لكن تلك الابتسامة تلاشت فجأة و أمتقع وجه المرأة بعدما عبرت عيناها سريعاً على وجه (حور) و ارتفعت لتصطدم بوجه (معاذ) الذي تراجع نصف خطوة للخلف و قدألتمعت عيناه بذلك البريق الذهبي لمعة خاطفة...

لم يخف على (حور) رد فعل (معاذ) ولا امتقاع وجه المرأة التي لانت ملامحها سريعاً و إن لم تنجح في استعادة تلك الابتسامة على ثغرها و هي تبتدرهم قائلة بعربية سليمة تكتنفها لكنة أجنبية واضحة...

المرأة : الآنسة (حور) و السيد (معاذ) بكل تأكيد... مرحباً بكم... تفضلا بالدخول فدكتور (كوفال) أخبرني عن زيارتكم... أنا زوجته (بيراي) تفضلا...

أفسحت (بيراي) الطريق ليعبر الضيفان باب القصر لتقودهما إلى غرفة فسيحة غطت جدرانها مكتبة ضخمة يتوسطها مكتب أثري فخم... فيما عدا جدار واحد لم تغطيه المكتبة و إنما أحتلت معظمه لوحه ضخمه لفارس قوي يعتلي ظهر جواد مجنح و يحمل رمحاً مرصعاً ذي ثلاث رؤوس مدببة تنغرس في صدر شيطان مرعب الهيئة و قد انحنى جيشه من الشياطين لذلك الفارس... و من أسفل تلك اللوحه الضخمه فتحة مدفأة حطب تشتعل فيها بعض جذوع الأشجار لتلقي بدفئها على المقاعد الوثيرة المصفوفة بشكل دائري أمام المدفأة حول بساط كبير الحجم من جلد حيوان قطبي أبيض كثيف الشعر...
بيراي : تفضلا بالجلوس أمام المدفأة و سأذهب لإبلاغ دكتور (كوفال) بحضوركما...

ما ان غادرت (بيراي) حتى مالت (حور) على (معاذ) هامسة..
حور : إن هذا القصر يبدو مريباً جداً رغم فخامته... لماذا تفاجئت حينما رأيت تلك المرأة كما لو كان أصابك الفزع؟؟
معاذ : صبراً يا (حور) سأخبرك كل شيء لاحقاً...
حور : لماذا لا تخبرني الآن؟؟؟

ارتفع صوت رزين وقور من خلفهم قائلاً..
كوفال : مرحباً بكم... قلما أستقبل زواراً هنا في القصر و لكن الآنسة (حور) كانت مصرة إصراراً هائلاً دفعني لتخصيص ساعات راحتى في جدول زيارتي المزدحم للقائكم...

مد (كوفال) يده ليصافح (معاذ) و هو يقول تلك الكلمات بينما اعتلت وجهه تلك الابتسامة الودودة التي تميز الهنود... كان في نهاية الخمسينيات لكنه يبدو عالماً بحق بنظراته الثاقبة و نظارته ذات العدسات الدائرية و تلك اللحية القصيرة و هو يتأمل وجه (معاذ) طويلاً الذي ترك كفه في يد (كوفال) و قد بدأ يشعر بالتوتر و الإحراج قبل أن يلتفت (كوفال) ليحيي (حور) و يدعوهما للجلوس... و بعد تبادل بعض العبارات الترحيبية و التعريفية اعتدل (كوفال) في مقعده قائلاً...
كوفال : و الآن يا (معاذ)... لقد أخبرتني (حور) بأنك تعاني بعض العوارض و المشاكل المتعلقة بالميتافيزيقا و بعض الكوابيس التي لا تدرك معناها... هلا قصصت علي بتفصيل أكثر؟؟

حيث لا ترونهمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن