الفصل الرابع عشر

4.5K 194 2
                                    

هل عندك شكٌ في من أنت ؟
يا من تحتل بعينيها أجزاء الوقت
يا امرأةً تكسر حين تمر جدار الصوت
لا أدري ماذا يحدث لي ؟
فكأنك أنثاي الأولى
وكأني قبلك ما أحببت
ميلادي أنت .. وقبلك لا أتذكر أني كنت
وغطائي أنت .. وقبل حنانك لا أتذكر أني عشت
وكأني أيتها الملكة . .
من بطنك كالعصفور خرجت . .


"أنا عارفة مين السبب ورا موت عيلتك يا نديم بس أنا مش هقدر أعرفك أنا مين أو أظهر في حياتك، أنا خايفة على روح ابني وعشت طول عمري أحميه، بس كل اللي أقدر أقولهولك أن هو شخص قريب منك أوي ومش أحمد الهاشمي.
أحمد ده كان أقرب شخص لأبوك الله يرحمه وعمرهم ما اتخانقوا مع بعض، كان يعرف عن والدك كل حاجة، احمي نفسك يا ابني لأنه شخص قريب منك أوي".
كانت هذه هي الكلمات التي خطت بخط اليد في الخطاب ولم يجد نديم اسم أو عنوان لكي يعرف هوية المرسل، فعلا وجهه علامات الوجوم وأخذ يتساءل عن هوية المرسل، ومن هو الشخص المتسبب بموت عائلته.
_إيه اللي في إيدك ده؟!
قطعت روجين أفكاره عندما هتفت بهذه الجملة.
أجابها قائلا:
_هحكيلك كل حاجة بس مش دلوقتي، قومي غيري هدومك وبعد كده هاخدك أي مكان ونتكلم هناك.
_حاضر.
قبلت وجنته قبل أن تنهض وتذهب إلى المرحاض.
ارتدت فستانا قصيرا يصل إلى ركبتيها ذو حمالات رفيعة بلون النعناع به بعض النقوش البيضاء عند منطقة الصدر، له حزام باللون الأبيض يحدد خصرها، وارتدت حذاءا باللون الأبيض وتركت شعرها البني الطويل منسدلا على ظهرها.
وارتدى هو قميصا بلون حجر القداحة وبنطالا باللون الأسود والحذاء بنفس اللون.
عندما خرجت من المرحاض نظر لها وهو يبتسم، ثم أمسك يدها ونزل إلى الأسفل، وجد ناردين ويوسف فقط من يجلسون على طاولة الطعام، قال مازحا:
_أنا كنت هاخد روجين ونفطر برا بس بعد المنظر ده أنا هعسكر في البيت ومش هخرج منه تاني.
قال له يوسف متبادلا معه المزاح:
_ما أنا قلتلكم من الأول جوزوني أعمل إيه تاني يا ناس ده أنا اتعرضت لكل الاختبارات القاسية ونجحت فيها.
سألت روجين قائلة:
_أومال الباقي فين؟
أجابتها ناردين قائلة:
_يزيد راح مع زياد عشان يرفعوا القضية ووِقَّاص راح الشركة وكريم وإياد مرجعوش من امبارح.
قال نديم وهو يتوجه نحو الباب مع روجين:
_تخلص فطار وتروح عند إياد تشوف عمل إيه، واخلص مكانش فطار هو يعني.
بعدما ذهبا أمسك يوسف يد ناردين وقال لها:
_احنا بقينا لوحدنا في البيت وده خطر.
أردفت متسائلة بنزق:
_خطر ليه يعني؟
_أنا بقول أقوم بسرعة بقى عشان هيحصل حاجات مش لطيفة وياريت ننجز ونتجوز بسرعة بقى ها.
ذهب سريعا فور أن أنهى حديثه ليستمع هو إلى صوت ضحكاتها العالية.

***********

وصل يوسف إلى المنزل الذي يقبع به إياد وآدم، وجد الباب مفتوحا على مصراعيه، ووجد بعض آثار الدماء ولكنه لم يجد أحدا بالمنزل، فحاول الاتصال بإياد أكثر من مرة ولكنه لم يجب على هاتفه.
عندما كان في طريقه للذهاب إلى المشفى وجد اتصالا من أسيل، فأجابها قائلا:
_أيوه يا أسيل أنا جاي في الطريق أهو.
_دكتور يوسف في حاجة لازم أقولها لحضرتك.
_قولي في إيه؟
أردفت هي بقلق:
_أستاذ إياد جابوه المستشفى دلوقتي بس هو حالته مستقرة متقلقش.
قال لها سريعا:
_أنا جاي حالا.
أغلق الهاتف فور أن أنهى حديثه وذهب إلى المشفى بأقصى سرعته.
وصل يوسف بعد وقت قليل وصعد السلم سريعا فوجد أسيل تنتظره أمام الغرفة التي يقبع بها إياد، سألها بتوتر:
_هو كويس؟ حصله إيه؟
_اهدى يا دكتور هو كويس أوي ومحصلوش حاجة، هو في ناس لقوه مرمي قريب من المستشفى ومغمي عليه فجابوه هنا، وطلع مضروب بآلة حادة على راسه بس هو كويس دلوقتي وفاق جوه كمان.
دخل يوسف سريعا إلى الغرفة فوجد إياد مستلقي على السرير وينظر باتجاه سقف الغرفة بجمود.
سأله يوسف بقلق:
_إياد أنت كويس ؟
أجابه الآخر بشرود:
_لأ مش كويس يا يوسف عشان أنا غبي.
_إيه اللي حصل؟
أجابه بنبرة لوم وعتاب لذاته:
_معرفتش أي حاجة عشان أنا واحد غبي يا يوسف، كان هيقولي كل حاجة بس بعد كده في حد ضربني على راسي وفقت لقيت نفسي هنا، عرفوا ينقذوه تاني.
أردف يوسف بأسى على حال إياد:
_المهم أن أنت تبقى كويس يا إياد وإحنا هنعرف كل حاجة.
في الخارج وصل سيف وسأل على الطبيب المسؤول عن إياد المنزلاوي فأخبروه أنها الطبيبة أسيل، فذهب إلى مكتبها وقال لها بنبرة عملية:
_عايز أعرف كل حاجة عن حالة إياد المنزلاوي.
أجابته بهدوء:
_حالته مستقرة تقدر تدخله جوا.
أردف هو ببسمة سمجة وكأنه يتفاخر بذاته:
_أنا بسألك بصفتي ظابط مش بصفتي صاحبه.
أجابته بتهكم:
_لأ تصدق دخلت عليا، أنت بتضحك على مين يا ابني.
أردف هو بنبرة واثقة:
_ابنك كمان طب ولو وريتك دي.
أخرج لها الأصفاد من جيب بنطاله وهو يحركها بيده فأمسكتها من يده وفتحتها ثم وضعت يدها بداخلها قائلة له بسخرية:
_وأنا هصدقك بقى، ده أنت تلاقيك جايبها من آخر العنقود يا ابني أصلا.
حاولت فتحها لتخرجها من يدها ولكنها لم تستطع إخراجها، فقالت متسائلة بصوت منخفض يتسم بالنزق:
_هو أنت ظابط بجد ولا إيه؟
أخرج لها بطاقته الشخصية مشيرا إلى المهنة وهو يقول ساخرا:
_اقتنعتي إني ظابط؟ وريني بقى هتخرجي الكلبشات ازاي.
فور أن أنهى حديثه خرج من مكتبها بغرور، فذهبت هي وراءه سريعا وهي تقول بصوت عال قليلا:
_يا باشا مصر.... يا حضرة الظابط مش معقول تسيبني كده فكلي الكلبشات دي، أمشي ازاي في المستشفى كده.
توقف هو ليجيبها بعنجهية:
_لأ عشان تتعلمي متلعبيش في حاجة تاني وتصدقي الناس.
أردفت هي مسرعة:
_طب بص فكني وأنا هصدقك بعدها جامد أوي، أقولك عارف لو قلتلي أن أنت ظافر عابدين هصدقك.
أردف هو من بين ضحكاته:
_خلاص هفكك في إيه مش للدرجة دي.
أخرج المفتاح من جيب بنطاله وأخرج الأصفاد من يدها، ثم سألها قائلا:
_ممكن أفهم بقى إيه موضوع إياد؟
_هما جابوه هنا مغمي عليه وطلع مضروب بآلة حادة على دماغه، معرفش غير كده بصراحة.
_طيب فين أوضته بقى عشان أروحله؟
_أول أوضة على إيدك اليمين.
انسحب متوجها نحو غرفة إياد بعدما شملها بنظرة سريعة ليتفحص خضراوتيها جيدا.
اطمأن سيف على إياد ثم سأله:
_إيه اللي حصل بقى عشان أنا عايز افتح محضر؟
أجابه إياد بهدوء:
_مفيش حاجة حصلت ومفيش محضر هيتفتح أصلا.
هتف سيف بضيق:
_إزاي يعني ما تقوله حاجة يا يوسف.
قال له إياد بجمود:
_لو مصر تفتح محضر اكتب أن أنا وقعت على دماغي اتخبطت في حجر.
هتف سيف مستنكرا:
_والله أنتو عيلة غريبة وأنا حاسس اني هترفد بسببكم ....أنا ماشي سلام.
أخرج يوسف إذن خروج وأوصل إياد إلى المنزل، لم يكن به أحد فصعد إلى غرفته ونام،  أو بمعنى أصح حاول النوم ولكن أفكاره المتداخلة لم تسمح له بذلك.

شمس الحياة (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن