الرسالة السابعة 25/9/1916

4 0 0
                                    

عزيزتي صديقة الورق
عقل جيروشا يقول : أيتها الفتاة البيضاء إنها ثلاث أيام فقط منذ آخر رسالة هل تريدين العم توماس أن يراك يوميًا عند بداية القرية . ( بصوت حاد كمواء القطط )
أيضًا هناك مرأة مزعجة جدًا كلما انتظرت العم توماس في الصباح تبقى تناظرني حتى أذهب مابالها هل تظنني أنتظر شيء آخر ...على أي حال هذا غير مهم
بسبب رسالتي المبكرة هذه أنني رأيت من الأفضل كتابتها الآن بما أن الأمور طازجة وأيضًا استلمت رسالتك الأخيرة .....لم أعتقد أنك ستكتبين لي بهذه الكمية أشعر بالسعادة ..........بالنسبة لي ....
في تلك الليلة يا عزيزتي لم أقدر على النوم بشكل جيد فكرت كما قلتِ أنه علي ترك أثر جيد قبل ذهاب أبي ولكن ماذا عساي أفعل له وأنا كنت أظنه يكرهني وآخر ما توصلت له أنني لن أفعل شيء ( بالأصل لم أكن سألحق على فعل شيء ) تقلبت كثيرًا ولا أعلم هل كان الليل طويل أم كان الصباح بعيد أم كانا في سباق .... فتحت عيناي قبل الجميع في المنزل وأنا أسمع صوت ديكنا العزيز يعلن عن بزوغ الفجر فتحت النافذة كان لايزال هناك بعض النجوم في السماء مع لون أزرق داكن في الأطراف وبعض سواد الليل في الكبد النسيم كان بارد جدًا كان يداعب وجهي وشعري ولكن كيف نخبر النسيم أن الحريق في الداخل وليس هناك نار في الوجه .... حدقت في السماء حتى أصبحت مستعدة لولادة يوم جديد كانت بالفعل كالوالدة متعبة وشاحبة لم تكن كما يصفها الكتّاب في الكتب ( سعيدة ) فاليوم الجديد كان يستنزف كل قوتها ...سمعت صوت في المنزل لابد أن أمي وأبي استيقظا لأنه سيسافر باكرًا كنت خائفة هل أقتحم الأجواء وأذهب لهما أم أبقى في غرفتي حتى أُطلب في النهاية قررت الخروج ظفرت شعري وأخذت شهيق أعتقد به استنزفت كل مؤن الكرة الأرضية من الهواء ثم فتحت الباب وخرجت كانت أمي من مكان لمكان تقفز وأبي كالعادة يقول لها ....لاداعي لكل هذه المؤن ..ماذا أفعل بكل هذه الجبنة ..أووووه ماذا أفعل بالزبيب توقفي ما كل هذه العلب ...لوهلة كنت أريد الضحك هما كانا ظريفين معًا وعندما انتبها لوجودي نظرا ألي بتعجب فقلت : صباح الخير ..هل أساعدك . وكنت أنظر لأمي يا إلهي هل فعلت تصرف غبي ربما أبي سيفهم الأمر خطأ وأنني لا أريد الحديث معه ..غرقت كليًا في تلك اللحظات بأفكاري وبنواتج تلك الكلمتين كما غرقت بمساعدة أمي ..أبي المسكين سيحمل حقيبتان كل واحدة منهما أثقل من الأخرى وبينما أنا وأمي نصارع الحقائب ونحاول إغلاقها ضاع نظري في الأرجاء ورسا على أبي الذي كان مبتسم وهو يناظرنا هكذا فنهضت مسرعة للمطبخ وبدأت باعداد الفطور وضعت به أجمل مافي البيت وعندما أحضرته نظر أبي فيه باعجاب وقال : لو أعددتم لي فطور كهذا كل يوم لن أسافر . شعرت بفرح أنه امتدح فطوري المتواضع وبعد قليل دخل نوح وهو شبه نائم وارتمى في أحضان أبي ...عزيزي نوح المسكين وهو يحاول الإعتياد على أبي وعندما تعلق به فعلًا وشعر أنه جزء من هذه العائلة هاهو سيذهب ويتركه مرة أخرى كان نوح ينظر للحقائب بتمعن ثم عانق أبي بقوة لقد شعر أن هذه الأشياء التي أحضر له أبي بها هدايا تدل على إبتعاده مرة أخرى ...كنت أرغب بالبكاء وأنا أرى نوح يحاول بيديه الصغيرتين حبس أبي كي لا يسافر نهضت بسرعة إلى غرفة الباقين كانت ميلين وهيلين نائمتين بينهما جولي وجيرفي بفراشه بجانب فراش نوح هززتهم وأنا أقول : هيا هيا استيقظوا علينا التجهز للمدرسة وتوديع بابا . نهض الأربعة والنوم هرب من عيونهم لمسيرة سنة ثم نهض جيرفي بسرعة للغرفة وتبعته ميلين وهيلين أما جولي كانت بعيون ذابلة فقلت لها : هيا هيا جولي الكسولة . فوقفت وأزاحت شعرها الذهبي عن وجهها وعانقتني وهي تقول : جيروشا بابا لن يعود . يا إلهي هذه الصغيرة ماذا تقول بهذا الوقت ربتّ على ظهرها وقلت : لا يا جولي بابا سيعود قريبًا لكن بابا بطل وقد احتاجوه في مكان عمله لينقذهم . ثم أمسكت بها وذهبنا للغرفة ......لحظات كتلك مؤلمة جدًا فمن يعلم هل نرى بعضنا مرة أخرى هكذا أو لا .... من يعلم ماذا يحدث معنا حتى سنة أخرى على أي حال مرت تلك السويعات القليلة بسرعة وحانت لحظة الذهاب أبي يأخذه جدي بعربته القديمة حتى بداية القرية حيث الحافلة الذاهبة إلى محطة القطار حيث ذاهب لتلك المدينة نهض أبي وحمل الحقائب للعربة كنا واقفين ونحن نناظره أما نوح وجولي كانا الأكثر تأثر ...لقد ذكراني بنفسي عندما كنت صغيرة عندما كان يسافر أبي أكون بنفس هذا الشكل ذابلة خائفة ...وقف أبي وهو مبتسم إبتسامة عريضة يحاول بها إخفاء ما به من حزن و يحاول تخفيف حدة الجو ثم قال : هيا من يريد توديع بابا . ركض إليه جيرفي وجولي وعانقاه ثم عانق ميلين وهيلين ..كنت أحاول أن أكون الأخيرة لا أدري لماذا كان لدي شعور مؤلم من ذهاب أبي كنت أشعر كما لو أنها الأخيرة ....ثم ودع أمي وأعتذر أن المولود الجديد لن يراه ( ككل العائلة فهو لم يحضر ولادة أحد منا ) أمي بدأت بالبكاء وتبعها الجميع أنا ... أنا كنت أحاول أن أكون قوية لا أعلم لماذا ..ربما لأنني لو بكيت سأجعل الوضع أصعب فأنا كان بداخلي بكاء من أيام ...وقف أبي أمامي ثم ربت على رأسي بلطف نظرت له لم أرَ من قبل بعيون أبي كل هذا الحنان والحزن والحب ...هل لحظات الوداع تكون فاضحة هكذا !!!! نعم تكون فاضحة فأنا رغم مقاومتي بدأت بالبكاء كما لم أفعل من قبل عانقني أبي وقال وهو يربت على رأسي : آسف يا جيروشا لأجل ذلك اليوم لكن .... ثم صمت لا أدري لماذا صمت لكنه ربما شعر أن الوقت غير مناسب لخوض هذا الحديث ...وضعت يدي حول أبي وتمنيت للحظة لو أستطيع منعه من السفر .....أبي رغم أنه ابن جدي إلا أنه كان غير باقي آباء القرية كان الأحن والألطف والأكثر تعبير وعطف .....والأكثر حب وتقدير لعائلته ...ثم ركب أبي في تلك العربة من الخلف وهو يلوح لنا كانت جولي وجيرفي سيتبعانه لكنني أمسكتهما لأنهما لو فعلا سيجعلان أبي يشعر بألم إضافي وهكذا كان أبي وتلك العربة يصغران شيئًا فشيئًا في الأفق حتى لم أعد أراهما نظرت للسماء يبدو أنها ولدت يوم آخر وهي بخير لتلك اللحظة .......لكنها فقط بدت على وشك البكاء هي الأخرى ......جهزنا أنفسنا وذهبنا للمدرسة كنا وعلى غير العادة طوال الطريق الجميع صامت ولايخفى على أحد تلك العيون المتورمة من البكاء .....طرقت الباب ودخلت للصف جيد أن الأستاذ روبن هو من كان لدينا لاحظ ما أنا به لكنه أجّل سؤاله لوقت الإستراحة ......... عندما عدنا للبيت وفي المساء كنت جالسة مع أمي فقلت لها : أمي أريد سؤالك سؤالًا . فقالت وهي تطوي الغسيل : اسئلي . فقلت : هل أبي يكرهني . نظرت إلي أمي بتعجب وقالت : لا ....هل استنتجت ذلك من المرة الأخيرة عندما ذهب لإحضاركم من المدرسة . فقلت لها : نعم .. أبي كان غاضب بل بقي طول الوقت بارد معي على عكس اخوتي . ابتسمت أمي وقالت : والدك في ذلك اليوم عندما عاد معكم سألته عما حدث وقال لي وهو مقطب حاجبيه ....عندما كنت أنظر لجيروشا وهي تبتسم بفرح مع ذلك الأستاذ تساءلت بشدة حول ماذا يتحدثان وملأني الغضب لأن جيروشا لم أرها منذ مدة تبتسم هكذا مع أحد ........ وعندما قلت له ألا يدقق كثيًرا قال ..كيف لا أدقق إنها ابنتي وليس كل من يريدها يحصل عليها بسهولة . اووووه يا إلهي أبي فهم الموضوع كله خطأ فقلت لها بتعجب : هل ظن أبي أن الأستاذ روبن شيء مميز لي . فقالت أمي : ربما ....... إنها غيرة الآباء يا ابنتي عندما تكبر بناتهم يصبحون قلقون عليهن أضعاف يصبحون يخافون عليهن من كل شيء مع بعض الأنانية اللطيفة ......ثم لا تقولي والدك يكرهك هو حتًما يحبك أكثر من كل إخوتك ...... كلام أمي أحياني ...نعم شعرت بنشوة الحياة تمشي في عروقي كانت أيام بشعة جًدا عندما ظننت أن أبي يكرهني .....
أنا حقًا أشكرك يا صديقتي كلامك في آخر رسالة كان صحيح مئة بالمئة وأنا ظلمت أبي جدًا ...عندما يعود مرة ثانية سأخبره أنني كنت سعيدة مع الأستاذ روبن فقط لأجل الكتاب وهو ليس مميز عندي أبدًا صحيح لقد تحمست جدًا للتعرف على الدكتور باستور يبدو أنك معجبة به جدًا وتريه قدوة لك أعدك عندما أذهب لتلك الجامعة سأراه وأخبره أنني صديقتك ....هل تعلمين أنا لا أعرف ماذا كنت سأفعل لولاك ..لو لم أكن أخبرك بمشاعري وتلك الهواجس التي تخنقني لكنت جننت ..بالفعل شكرًا لك الحديث معك يحمل نصف الهم
أريد أن تمر الأيام سريعًا وأن أذهب للجامعة وأن أبدأ خطواتي الأولى خارج هذه القرية ....هذه السنة ستكون أطول سنة في حياتي
بالفعل أطلت عليك جدًا ....
دمتِ بخير عزيزتي
صديقتك المتفائلة
فتاة الثلج
ملاحظة : السيد باستور يبدو شخص ذكي جدًا هو أصبح دكتور في الجامعة في وقت قصير جدًا رغم أنه في عمر الأستاذ روبن .
ملاحظة 2 : أظنني سأسأل الأستاذ روبن عن الدكتور باستور لأنهما في نفس الدفعة ولابد أنهما درسا معًا أليس هذا لطيييف ..تخيلي أن يكون يعرفه . .

ثلجٌ ورقيّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن