الرسالة الثامنة 5/10/1916

2 0 0
                                    

عزيزتي صديقة الورق الثمينة
أعتذر بشدة أنني لم أكتب لك منذ مدة ..... لكن لو علمت أسبابي ستعذريني
لا لا تقلقي هو ليس شيء خطير...هو فقط حادثة أحبطتني بشدة ولم أقدر على تخطيها بسهولة ....تعلمت خلالها أنك شيء لايمكن وجوده في حياتي بشكل حقيقي شيء أثمن من تمثله بشكل بشري أحمق أنت بالفعل أغلى من تشبيهك بأحد ...تتسائلين لماذا كل هذا الكلام !!! سأخبرك ...لكن أرجو ألا تظني كلامي تنمق فأنا أقول فقط مافي قلبي ....
قبل عدة أيام ( ولا أعني بعدة وقت طويل ) ذهبت للمدرسة كالعادة ...في الدرس الأول والثاني لاحظت أن سارة والبقية يتهامسون إنهن يحكن شيء غالبًا لكن تجاه من !!! ربما تجاهي لم أكترث كثيرًا فأنا تعودت عليهن وعلى أفعالهن وكلامهن حول شعري ولوني ولكن اليوم هناك شيء غريب في الصف ...شيء يجعلني خارج دائرة شرهن وحقدهن لكن لم أكترث كثيرًا إلا في الحصة الثانية وقد كان لدينا الأستاذ روبن عندما قال موجهًا كلامه لفتاة : آنسة ساندي هل أنت بخير . أوووه هل هنا لدينا فتاة اسمها ساندي نظرت لها من طرف عيناي كانت فتاة  بشعر قصير ووجه بدا لي بريء كانت منزّلة رأسها ولم تجب على الأستاذ أو ربما أجابت بصوت لم أقدر على سماعه ... لكن هناك دخان في الأرجاء فسارة وصديقاتها بدأن بالتهامس بعد سؤال الأستاذ والضحك الخفيف ضرب الأستاذ على السبورة فصمتن ولكن ألم تكن هذه الساندي مع سارة والبقية أنا متأكدة أنني رأيتها معهن في وقت سابق في الفرصة تجمعن حولها ( ههههه شعور لطيف أن أحد غيري أصبح مشهور لهن للتجمع حوله ) كانت سارة تتربع على رأس الحديث والفتاة كانت منزلة رأسها بحزن ..تلك السارة ماذا تقول لها يا ترى هي ليست بيضاء مثلي أو ذات شعر أبيض لكن غالبًا هي فعلت شيء جعل سارة تغضب منها أو .... ربما الأستاذ روبن أبدى بعض الإهتمام بها فسارة كما تعلمين تحب الأستاذ روبن يالها من غبية المهم .... خرج الجميع من الصف وبقيت أنا وتلك الفتاة ثم بينما أحدق في الخارج وأفكر أنه يجب علي تفقد جيرفي سمعت صوت شهيق مع بكاء نظرت لها وبالفعل كانت تبكي .... هي من الخارج تشبهني كثيرًا هذا ما فكرت به لكنني لم أبكِ أبدًا أمام أحد كنت أكتمها حتى البيت ..تساءلت لماذا تلك الفتاة لا تفعل مثلي كي لاتبدو ضعيفة أمام الآخرين لكنها بكت بشدة ولأني جيروشا ولأنها كانت تشبهني نوعًا ما وتعيش نفس الظروف السابقة لي قررت سؤالها أو مواساتها وقفت أمام مقعدها وقلت : أنت ساندي صحيح ..... أممم لا أعلم ماذا أقول لكن البكاء في أوقات كهذه لن يزيد الوضع سوى سوء . رفعت وجهها وكان شعرها يغطيه تقريبًا وقالت : أنت جيروشا ...بعد كل ما فعلناه معك تشفقين علي . نعم نعم تعترفون أيضًا بما فعلتموه بي فقلت : لا لست أشفق عليك فأنا أعرف جيدًا ما تمرين به . مسحت دموعها وقالت : آسفة لأنني أبكي كالأطفال . قلت لها وأنا أربت على رأسها : لا البكاء ليس للأطفال لكن لا تستمري طويلًا به . ثم خرجت ووقفت عند شجرة ما وأنا أبحث بنظري عن جيرفي وجولي وفجأة وقفت بجانبي تعجبت منها بشدة ثم قالت بخجل وارتباك : هل يمكننا الوقوف معًا . لم أعلم ماذا أجيب هذه المرة الأولى التي أعيش بها هكذا موقف كنت كشكلًا باردة صامتة متعجبة لكن في داخلي كان هناك طفلة صغيرة تعبث بعداد المشاعر لدي لدرجة شعرت برغبة بالقفز فقلت لها : ططبعًا لكن ألن يزعجك هذا ....أقصد هن سيحقدن عليك أكثر . فابتسمت وقالت : لم يعد الأمر يهمني هن فعلًا كرهنني . ثم توجهنا معًا للبحث عن جيرفي وبالفعل تمشينا معًا هنا وهناك .. كنت ...كنت أعيش لحظات تعتبر الأولى لدي كان قلبي يخفق بشدة ...سعادة !!! غباء !!! لا أعلم ربما خفق للسببين معًا ..وفي وقت الإنصراف توجهنا معًا للبيت من بعيد كان الأستاذ روبن يرانا كان مبتسم بكل ما لديه من سعادة كنت أريد القفز لعنده وإخباره أنني فعلتها أخيرًا لكنني اكتفيت بالإبتسامة له أيضًا ...ساندي كانت كتلة من اللطف والنشاط كانت تتحدث كثيرًا حول الكثير من الأمور .. أمور لم أتحدث حولها مع أحد أبدًا ..أمور اسمتها ( أسرار بنات ) تحدثنا عن اللباس عن الجمال عن الطبخ ...وعن الجامعة ... ساندي كانت تتحدث أنها تود الذهاب للجامعة أيضًا لكنها تود لو تجد زوجًا يحبها أكثر من الذهاب للجامعة ........ كانت تسحبني من صمتي شيئًا فشيئًا حتى كدت أنسى كل شيء حولنا ...بدت غيوم الخريف الداكنة ..وردية كالقطن .. وبدت الأشجار الذابلة التي تُنتزع منها أوراقها ... كغزل البنات المتناثر ... وبدت الأرض القاحلة ... كقطعة تشوكولا  ..... لم أكن أرى سوى الألوان الزاهية ..لن تصدقي بدت ساندي كفتاة من بلاد السحر كلماتها كانت كالتعويذات التي يقولونها لنشر السرور .... وصلت للبيت كفتاة أخرى أمي لاحظت علي ذلك وبقيت طوال الليل أخبرها عنها .....لكن لم أنسك طبعًا كنت سأخبرك ولكنني من غرابة ما كنت به لم أعلم ماذا سأكتب لك ...نمت بعد منتصف الليل من كثرة ما كنت أفكر ماذا سنفعل .. وماذا سنتحدث .. وماذا سنأكل ....... لقد وصلت أفكاري حد النجوم عانقت أحلامي عنان السماء.... في الصباح ( ولم أفعل هذا من قبل ) وصلت مع الجميع للمدرسة من شدة ما أنا متحمسة دخلت للصف لوحت لساندي ولوحت لي ..... هي كانت غير مرتاحة لكنها بدت لي كأنها سعيدة مثلي ومتحمسة ... من شدة ما أنا به من نشوة لم أنتبه لضحكات سارة والبقية المشبعة بالسخرية وأمضينا يوم آخر كان بالنسبة لي كحلم من أحلام طفولتي وفي الإنصراف اتفقنا أن نحضر الطعام غدًا ونتناوله معًا كحفلة صداقة مصغرة ...أيضًا كانت ساندي غير مرتاحة لكنني لم ألحظ ذلك بل بدت لي سعييدة جدًا مثلي .... أمضيت الليل وأنا أحضر الطعام وأضعه في تلك العلب التي أحضرها لي أبي من المدينة ... وفي الصباح نظرت من النافذة رغم أن الغيوم السوداء كانت مغطية السماء بكل عبوسها وكأنها تتوعد بإغراق هذه القرية وما فيها إلا أنها كانت جميلة نعم جميلة ...جدًا ...... توجهت للمدرسة وطول الحصتين الأولى والثانية كنت كمن جالس على جمر حتى أنني استأذنت الأستاذ وخرجت إلى خلف المدرسة كان يوجد مقعد و وضعت عليه الأطعمة وزينتها ثم عندما خرجوا للفرصة أحضرت ساندي وفاجأتها لكن ..... ردة فعلها لم تكن كما توقعتها كانت ردة فعل مزيفة ..من بعيد كانت سارة والبقية يشاهدننا فنظرت لهن ساندي فقالت سارة بصوت مرتفع : هيااا . لم أفهم قصدها.... ساندي كانت واقفة مكانها كالخشبة ثم ..ثم حملت العلبة ورمتها بكل قوتها علي.... ضُربت العلبة على رأسي حتى أنها جرحت جبهتي من بعيد اقتربت سارة لتتلذذ بالمشهد ...سال الدم من جبهتي على وجهي ومعه سال الطعام على كتفاي .... نعم كنت أريد البكاء والجلوس في الأرض ..كنت أريد ألا أصدق وأن أقول لها أنهن يجبرنها وألا تقلق لم أحزن منها ... لكن قبل كل شيء حملت العلبة الأخرى ورميتها على سارة وابتسمت وأنا أبدو كالفزاعة وقلت : هذا الطبق يليق بك . فقالت سارة بغضب : هيا ساندي اكملي الخطة . خطة ؟؟؟؟ إذًا .... هذا كان خطة فقط .... فقالت ساندي بكل مالديها من قرف وقذارة وسوداوية : جيروشاااا أنت مقرفة طوال هذان اليومان كنت أريد التقيؤ بسببك أنت أبشع فتاة رأيتها في حياتي . فقلت لها بكل مالدي من لطف وأدب و احترام : عزيزتي ساندي .... هل تعرفين شيء اسمه تعود .....أنا أيضًا منذ زمن بعيد تعودت على هذه الكلمات لا جديد لديك ....أنت روث من تلك الكومة . وأشرت لسارة والبقية ...... ثم حملت العلب فهي هدية من أبي العزيز وتوجهت للداخل ميلين وهيلين شاهدا ما حدث ويبدو أنهما ذهبا للأستاذ روبن ..كنت عند بئر الماء أغسل ما علق علي من الطعام ....كنت كمن قام أحد بضربه حتى تخدر لم أكن أشعر بشيء سوى بالغباء ...كانت كل نبضة تخرج من قلبي تؤلم كل جسدي الماء كان حار جًدا ...رغم أنه كان بارد جًدا .... وفجأة أتى الأستاذ روبن ومعه أختاي وقد أحضر معقم ليضمد جرحي نظرت لهم كانوا قلقين وعلى وجههم حزن شديد وشفقة ..... لم أشعر كيف فعلتها لكن يجب ألا أبدو ضعيفة أمام أحد يجب أن أبقى جيروشا كما يعرفها الجميع وابتسمت وقلت : شكرًا أستاذ ....يا لكما من مشاغبتين لماذا أخبرتما الأستاذ . فقالت ميلين : كفى جيروشا هذا مؤلم صحيح. صحيح .... نعم مؤلم جدًا إنه مؤلم لحد لا يمكنني وصفه لكن ... فسحبتني هيلين وقالت : هيا هيا اجلسي ليعقم الأستاذ جرحك . جلست على الأرض ورن الجرس فقلت : هيا اذهبا لصفكما كي لا تعاقبا . فانصرفتا وهما ينظران إلي بحزن لم أكن أقدر على النظر إلى الأستاذ روبن لأنني سأبكي حتمًا فأيضًا الإحتمال له حدود ...بدأ الأستاذ بمسح الجرح ثم قال : جيروشا ما رأيك أن نخبر المدير ل.. فقاطعته وقلت : ليعاقبهم ...ماذا سيفعل هل سيفصلهم أسبوع أم شهر ....ماذا سيفعل ... لا تقلق أستاذ أنا بخير فقط ....فقط كنت أغبى من العادة وسمحت لهن بالتذاكي علي . ربت على رأسي وقال : أنت حقًا  قوية ...ابقي هكذا . هههههههههههه قال قوية لم استطع كتم ضحكتي ضحكت وأنا أضع يدي على وجهي وانفجرت الدموع مع الضحكات ... نعم أظنني الأولى التي تضحك وتبكي في نفس الوقت كان شعور غريب شعرت أنني شخصان ..وشيئًا فشيئًا قتلت الدموع تلك القهقهات واحتلتني كليًا .... لم أنظر للأستاذ أبدًا طوال ذلك لكنه لم يرفع يده عن رأسي طول الوقت .... وبعد بعض الوقت مسحت دموعي وغسلت وجهي ثم أخذت نفس عميق وقلت : أستاذ ...سأذهب للصف الآن . فقال : أليس من الأفضل الذهاب للبيت . نظرت له بابتسامة حماسية : لا.... أريد رؤية وجه سارة وثوبها الأبيض بعدما رميت عليه المرق الأحمر . ثم أسرعت للصف طرقت الباب ودخلت .... الفتيات كن ينظرن إلي بعيون التعجب والذين لا علاقة لهم كانوا ينظرون ألي بشفقة فابتسمت وقلت : أعتذر عن التأخر ........ أعزائي الزملاء ...... أنا جيروشا كما تعلمون .... لا داعي لتلك العيون الذابلة وكأنني هزمت .... أنا تصرفت بإنسانيتي ... وهم تصرفوا بحيوانيتهم . على أي حال سارة كانت تشتعل غيظًا وساندي كانت منزلة رأسها ....طبعًا لن تقدر على رفع ذلك الوجه أمامي أبدًا.............. في وقت الإنصراف جاءت ميلين وهيلين إلي وهما قلقتين فقلت بحماس : أهلًا أهلًا هيا اذهبا واحضرا جيرفي وجولي لنذهب للبيت ... سأعد لكم الحلوى اليوم . الصغيرتان ابتسمتا ببراءة وذهبتا بتسابق أنا كنت طوال الوقت مبتسمة .... ولم أشعر من قبل بثقل هذا القناع ..كان يبدو حقيقي جدًا وثقيل ....وعندما خرجنا بدأت السماء بالبكاء ... كان المطر ينزل لأول مرة بعد صيف طويل .... ما أجمل هذا الكائن وما أصدق هذه الكائنات ... لا تعرف الكذب لا تعرف الخذلان دائمًا تأتينا بذات الشكل بذات اللطف بذات الحب .. ليتني قطرة ماء ... ليتني غيمة ... ليتني شجرة .. أو ورقة .... ليتني نسمة عابرة ....
كنت طوال الطريق أسمح للمطر أن يعانقني وأن يضربني بكل لطفه ..تلك القطرات الحائرة التي تهبط هنا وهناك كانت لا تضل طريقها إلي .... كيف أخبر هذه القطرات أن تدخل بعمق قليلًا ... قليلًا إلى قلبي .....
جولي وجيرفي وميلين وهيلين كانوا سعداء بالمطر وهم يتراكضون تحته  .... كانوا حقًا يشبهون تلك القطرات وهذا جعلني أشعر ببعض التحسن ... وصلنا للبيت ولم أقدر على إخفاء ذلك الجرح عن أمي فرفعت يدها وصفعتني بقوة وقالت : هل أنت حمقاء ..... كيف تضربك هكذا . نظرت لأمي ببرود وقلت : لست حمقاء يا أمي ....... كما أنني ضربتها أيضًا ويبدو أن رقبتها قد جرحت . نعم سارة قد جُرحت رقبتها وهذا الآخر جعلني أشعر بالتحسن ... لا تقولي عني قاسية أنا فقط اقتصيت لنفسي ... أنا فقط عاملتهن بالمثل لأنهن يستحقن ذلك وبشدة ...... من يبدأ بالعنف معي سأبدأ بمثل ما بدأ به .... غيرت ثيابي ونمت باكرًا كنت أشعر بكثير من الخيبة وبكثير من الألم كنت أيضًا أشعر بالتقزز من تلك المدرسة ومن تلك القرية ومن أولئك الناس ..... في اليوم التالي عادت المياه لمجاريها أقصد أنهن عدن معًا مرة أخرى ولكن لم يحدث طوال اليوم أن التقت نظراتي باحداهن كلهن كن ينزلن رؤوسهن عندما أمر بجانبهن عدى تلك السارة كانت تبدو كالديك المنتوف ... ولم أبخل على أحد بابتسامة باردة ... وقررت أن أقضي وقتي مع الأستاذ روبن وأخذ المزيد من الكتب منه .....
وأقسم أنني لن أسمح لأحد باقتحامي بعد الآن ..... وأنني سأرد الصاع صاعين .... وسترى سارة كيف سأجعلها تندم ....
أنت تستحقين اعتذار مني لأنني ظننت أن تلك الفتاة قد تشبك أو قد تكون مثلك بالنسبة لي
لا أريدك أن تقلقي علي ... أنا فعلًا حزنت عدة أيام بعد الموقف ولكنني الآن بخير عدت لطبيعتي ... و لدي كتاب جديد مستمتعة معه ...
أتمنى لك أوقات أفضل من التي أنا بها ....
بالمناسبة يبدو أنك وحيدة مثلي ...لكن أتسائل الدكتور باستور ماذا يكون لك حتى أنكما تعيشان معًا ؟؟؟ استغربت الوضع كثيرًا ....
والآن سأودعك
جيروشا
ملاحظة : آسفة لم أسأل الأستاذ روبن عن الدكتور باستور الحوادث لم تسمح بذلك ...سأفعل قريبًا أعدك . . .

ثلجٌ ورقيّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن