صديقة الورق العزيزة ...
أصعب شيء في الحياة أن نحب أحد ونتمنى لو نعطيه أرواحنا ليكون مرتاح ونشعر للحظة ما أنه يكرهنا ....وخصوصًا إن كان ذلك الشخص دمك من دمه ونبضك كان نبضه في يوم من الأيام .....
في اليوم الثاني من حضور أبي كان يوم عطلة أيضًا لكن في اليوم الثالث كان لدينا مدرسة لم أتوقع أننا سنكون هادئين هكذا بمجرد أن أبي في البيت كنا منظَمين وجهزنا أنفسنا وخرجنا بهدوء تام في الواقع لم أعرف أنفسنا .....الأجواء بقدوم الخريف بدأت تتغير الأشجار تستعد لتغيير حلتها والسماء بدأت تغزوها بعض الغيوم المشتاقة ...غيوم على وشك البكاء في أي لحظة شوقًا للبحر الذي خرجت منه لتعود إليه مرة أخرى كان طوال الطريق ينتابني شعور غريب شعور مثل رغبة بالجلوس أسفل شجرة ومراقبة السماء والنسائم ....لا أعلم من جديد أصبحت أحب هكذا عادات إنني أصبح عاطفية جدًا هذه الأيام ..كان يوم دراسي كأي يوم في وقت الإنصراف كنت أحاول جمع إخوتي فجاء الأستاذ روبن وقال كعادته المرحة : اووووه جيروشا أنت تبدين أم أكثر من أخت . ياااه أستاذ كم تظن نفسك ظرييييف ثم أجبته : هه لأنني الكبيرة ربما . فقال : بالمناسبة لدي كتب جديدة إن كنت تحبين الإطلاع عليها . فقلت بحماس : نعم . وسحبت إخوتي وكنا متجهين للأسفل والأستاذ روبن معنا وكنت منشغلة معه بالحديث عن آخر كتاب أعطاني إياه وفجأة صرخ جيرفي : بابااااااااااا . لا أدري لماذا ارتعشت فنظرت بسرعة كان أبي متجه نحونا وعلى وجهه !!!!! علامات تعجب !!! غضب !!!! لا أعلم ماذا كانت لكنها مرعبة ثم ركض إليه جيرفي وجولي أنا كنت أريد الإستعجال إليه لكنني كنت متجمدة مكاني هو كان يحدق بي من بعيد في وسط عيناي كان ينظر حتى عندما حمل جيرفي وجولي وابتسم لهما بقي محدق بي حتى أصبح بجانبنا فقال الأستاذ روبن بهدوئه : أهلًا سيد جيمس مضت مدة طويلة . فقال أبي بتجهم : ومنذ متى تعرفني حتى مر وقت طويل . ارتبك الأستاذ وقال : هههه أنت محق على أي حال حمدًا لله على سلامتك . فقال أبي وهو يمشي : شكرًا ... ونظر إلي بعيون باردة وقال : امشي أمامي أنت وأختيك هيا . سحبت ميلين وهيلين بسرعة ومضيت دون أي كلمة كنت فقط أريد الوصول للبيت وأن أختبئ من نظرات أبي التي كانت تخرزني من الخلف ....كنت أسمع ضحكه مع جيرفي وجولي وأتساءل كيف هي ملامحه عندما يكون هادئ .......بل لماذا هو غاضب علي ....هل بسبب موضوع الجامعة الأخير ....ثم تذكرت أنه هكذا منذ !!!! منذ متى ؟؟؟ لقد نسيت فعلًا آخر مرة تصرف معي بطبيعية ربما منذ كنت في عمر جولي ...... هل أبي أصبح يكرهني
وكانت الإجابة في داخلي تردح ...أجل أبي بات يكرهني .......إنه يكرهني ويجاهد نفسه على التصرف معي بطبيعية .....وهذا الإستنتاج جعل قلبي يحترق فأنا لا أظن أن هناك فتاة في القرية ..بل في العالم...تحب أباها مثلي ........أليس أبي كيف سأكرهه!!!.......وصلت للبيت وبالفعل كانت الأجواء بيني وبين أبي حادة جدًا أمي كانت متعجبة فقالت لأبي : ما الأمر جيمس هل هناك شيء . فقال أبي ببرود : جيروشا إنها آخر مرة تمشين هكذا مع ذلك الأستاذ . ثم قال بصوت مرتفع : هل فهمتِ . ارتعد قلبي وارتجفت أوصالي ثم قلت والأحرف آكل نصفها : ننعم . ابتسمت أمي ولا أعلم لماذا ابتسمت ربما حاولت تلطيف الأجواء وقالت : هيا هيا الغداء جاهز . صعدت لغرفتي وأنا قد وصلت حدودي من كتم البكاء بكيت بشدة كما لم أفعل من قبل فهل أبي يكرهني لدرجة يريد حرماني من مصدري الوحيد للعالم الخارجي لابد أنه يعلم أن الأستاذ روبن يعطيني الكتب لهذا قال لي ألا أمشي معه .... أبي إنه السجان الأكبر في العالم .......... وهل من الطبيعي أن يحب السجين سجانه ....
الأوضاع منذ ذلك اليوم على حالها مع أبي لم نتحدث حول شيء سوى الضروريات بل أنا التي ماعدت أتصرف معه كما كنت أنا لا أريد إجباره على التعامل معي مادام يكرهني .....سأحاول أن أخفف عنه وابتعد بنفسي
لاحقًا
لا لا لا أصدق .....غدًا صباحًا سيسافر أبي :( ........ لقد أرسلوا له أن هناك عمل مستعجل ولن يكفِ عدد العمال الذي عندهم لهذا عليه الحضور بسرعة ..والطامة أن أبي وافق وقرر السفر في الصباح
لكن لكن ماذا عني ...... إن سافر أبي وأنا على نفس هذه الأفكار لن أقدر على التركيز بالدراسة ولا بأي شيء و سأكون بحالة صعععبة جدًا
لا أعلم ماذا يجب أن أفعل ...هذا مؤلم جدًا
سأودعك الآن
صديقتك الحزينة الكئيبة الخائفة
جيروشا
ملاحظة : السماء سوداء جدًا الآن ليس من الليل الحالك بل من كثرة الغيوم بها ..وكأن هذه الغيوم تترجم مافي قلوبنا وتفضحه للعيان
أنت تقرأ
ثلجٌ ورقيّ
Acakقصتنا ستكون عبارة عن رسائل من جيروشا إلى صديقتها المجهولة جيروشا فتاة مهقاء تعيش في قرية صغيرة مع عائلتها الصاخبة تعاني الكثير بسبب شعرها الأبيض و لكن كانت قوية كفاية لتخطي كل شيء إلى أن يحدث ذات يوم و تتغير حياتها بشكلٍ مرعب من براري القرية و رائح...