الرسالة الثانية 30/8/1916

6 0 0
                                    

عزيزتي صديقة الورق
أنا عاتبة عليك جدًا
للمعلومية فقط ....ساعي البريد لا يوصل الرسائل لنا للبيوت أو يأخذها من البيوت كما عندكم ...أنا أذهب لنهاية القرية حيث الطريق الذي يمر منه وهناك أي أحد يريد رسالة أو سيبعث رسالة ينتظره كل صباح وإن كان لديه رسالة ولم يحضر يحق لساعي البريد رميها ..ولأن العم توماس لطيف يحتفظ بالرسائل حتى يطلبها أصحابها .......أعتذر على كلامي هكذا معك ولكنني انتظرت أسبوع - وبشكل يومي كل صباح - رسالتك ألم تتأخري بعض الشيء !!! لكن لا تقلقي لم أعد غاضبة الآن بسبب أن العم توماس أخبرني كم تتأخر الرسائل حتى يتم أيصالها .......
ههههه بدوتِ قلقة حيال المهق خاصتي لكن لا تقلقي إنه فقط كما قال الأستاذ روبن لدي نقص في مادة الميلانين وأنا ولأن حظي بعض الشيء جميل النقص لدي أقل بكثير من باقي الناس حيث يمكنني الخروج للشمس والتعرض لها ويمكنني النظر بشكل جيد ..المرضى الحقيقين هم يكونون في مشكلة حقيقة ولكنني بخير الحمد لله ...... على أي حال أشعر بسعادة أنك لا ترين كوني بيضاء شيء يدفع الناس لكرهي ولا تريه سبب مقنع أنت حققققًا صديقتي وأحببت لقب فتاة الثلج جدًا لننادي بعضنا هكذا ولننسَ الأسماء ، بالمناسبة المدرسة ستفتح قريبًا و كما تعلمين هذه سنتي الأخيرة في المدرسة ويجب أن أبدأ بالتلميح لأهلي حول موضوع الجامعة اااااه أشعر بالقلق منذ الآن ...اه تذكرت هل تذكرين كتاب المهن الخاص بالأستاذ روبن لقد حصلت عليه منذ أيام وقد قررت أنني أريد أن أصبح طبيبة ...... رغم أن هذه المهنة تحتاج معدل عالي في المدرسة والخضوع للكثير من الإمتحانات إلا أنني أريدها بشدة لأنني .......أريد معالجة كل المرضى وإخبارهم أنه لاشيء ينقصهم بل هم ...بل هم أفضل الكائنات ........ اليوم ستلد جارتنا وضعها متأزم جدًا هي مازالت في الشهر السادس لكنها ستلد ... هل تصدقين هي تريد لو تُسقط الطفل وتبقى حية فقد قالت القابلة أنها في وضع خطر لكنني واثقة لو أنها حامل بصبي ماكانت ستقول ذلك لكن القابلة تقول أنها حامل بفتاة .....هي تقدس الأولاد بشدة لا أعلم لماذا لكن أظنها تريد وضعهم على عرش والمكوث تحت أقدامهم فقط لأنهم ذكور ..تحت حجج أنهم سيحملون اسم العائلة وسيعملون بجد أكبر مع أنني أرى الفتيات يعملن ضعفهم ...العقليات هنا في القرية تحتاج للطَرق حتى تعود طبيعية فهي مليئة بالإعوجاج ..ولا أقصد لفائف المخ العادية بل إعوجاج جعل المخ يفقد شكله البشري وتحوّل لمخ كائن آخر
أمي تذهب لها بين الحين والآخر طوال اليوم لتعتني بها وأنا يتوجب علي القيام بكل أعمالها ..........لا طبعًا لست وحيدة لوالداي فأنا لدي
أسرة كبيرة جدًا نبدأ من الأعلى جدي هو والد أبي هو رجل متعقد هو من العقليات المتحجرة في القرية هو يرى كل شيء سخيف ماعدى الأعمال الشاقة والنساء عنده ضمن تلك السخافات فهو تزوج جدتي رغمًا عنه وأنجب أبي فقط وهو يرى كل شيء فلسفة ماعدى كلمة حاضر وأمرك وكما تريد يقال أن جدتي ماتت بسبب أنها لم تحتمل العيش معه ....أبي ......إنه الولد الوحيد لجدي أبي يعمل في مرفأ للسفن بعيد جدًا عنا يأتي كل سنة لزيارتنا في الواقع أنا لا أعرف أبي إلا كضيف هو شخص مخفف من جدي أو ربما مثله ولكن لأنني لا أراه سوى قليل جدًا ظننته مخفف ...وأمي إنها مرأة تعرّفها أبي خارج القرية لهذا نساء القرية لسن جيدات معها وخصوصًا أن أمي جميلة جدًا وأنا أشبهها بعض الشيء لكن أمي بشعر ذهبي رائع وأنا شعر غريب ...أنا الأخت الكبيرة في العائلة وبعدي أختان توأم هيلين وميلين أصغر مني بثمان سنوات هما جميلتان بشعر كستنائي ناعم وبشرة حنطية وعيون خضراء ..تتسائلين لماذا هما أصغر مني هكذا لأن أبي كان يريد أن يفعل مثل والده وأن يكتفي بي لكن أمي رفضت وقررت الإنجاب بكثرة ...بعدهما بسنة يوجد أخي جيرفي المدلل وهو في التاسعة وبعده بسنة أختي جولي وهي في الثامنة جولي أكثرنا شبه لأمي وتعتبر الأجمل ...سعيدة أنني أكبر منها بهكذا سنوات ...وبعدها الأخ الأصغر نوح وهو الأقرب لقلبي لا يقبل النوم إلا معي وهو في الثالثة من العمر وهكذا أصبحنا عائلة بستة أشخاص أربع فتيات وولدين وأمي حامل الآن
بالمناسبة أشعر بالفضول حول البحر عندك ....يقول أبي أنه كبيييير ومليء بالماء ...دعيني أقول لك كيف أتخيله
أتخيل نفسي واقفة بأحد تلك القوارب التي يخبرني عنها أبي برسائله وحولي طيور النورس وهي تصدر تلك الأصوات كأنها سمفونية لذلك الموسيقار المشهور من كان نعم نعم بتهوفن ...جدي يكره الموسيقى لهذا لا أعرف سوى ما آخذه في المدرسة ....وأتخيل الأمواج تتهافت على مقدمة القارب وتدفعه بهدوء محاولة إرجاعه للشاطئ لا أعلم لماذا لكن لا بد أن سيد بحر رغم حجمه الكبير إلا أنه يشعر أحيانًا بثقل من على سطحه وخصوصًا إن كانت جيروشا أعتقده سيدفعها بكل قوته للعودة وأتخيل لونه كلون .....كلون عيون جولي ...لن أقول عيناي فعيناي كلون السماء وليس البحر .....لكن البحر سيكون مثل عيون جولي أزرق تنثر الشمس لؤلؤئها عليه كأنه جنيات تتراقص بإيقاع حركاته مع النسيم الذي يلتف حولي كأنه رداء نسجته الغيوم من خيوط أحلامنا وفي الأفق لابد أنه هناك عندما يجتمع البحر والسماء في نقطه واحدة يكونان في قمة السعادة ...أليس من الرااائع رؤية عناق السماء والبحر في الأفق السرمدية ....على أي حال لا أعتقد وأنا حبيسة هذه القرية سأرى البحر أبدًا أبدًا
بالمناسبة كرستيال كم عظييييم أن عيناك بنية وأيضًا ...أيضًا شعرك أسود ومجعددددددد اه اه كم هذا جميل فأنا بشعر منسدل تمامًا وليس لطيف بالمرة أنا دائمًا ما أكون مظفرته بظفيرة طويلة من الخلف وهي تكون عريضة ثم تصغر شيئًا فشيئًا وتكون كذيل الفأرة كما تقول سارة ....
لاحقًا ...
يبدو أن جارتنا ولدت والطفلة قد ماتت من لحظات أخبرتني أمي بذلك لا أعلم بماذا أشعر لكن فقط تمنيت لو كان ولد لكانت جارتنا حزنت بعض الشيء لأجل مولود مات قبل أن يرى الحياة تلك الطفلة تنفست من هواء هذه القرية لعدة دقائق ثم تلوثت رئتيها فماتت نعم هواء هذه القرية ملوث بتلك المعتقدات المقرفة تخيلي بعدما أخبروها أنها ميتة قالت بتبجح : هذا أفضل كادت تقتلني معها حمدًا لله أنها لم تكن ولد . كم أشتهي ضرب تلك المرأة ولكن عقابها أن كل عائلتها فتيات وللآن لم ترزق بولد ولا أريد لها ذلك لأن فتياتها دون ولد في العائلة أمهن جعلت حياتهن جحيم كيف وإن كان لديها ولد لابد أنهن سيتمنين الموت ...( أشعر بالسعادة أن أمي ليست كذلك ) فهي كما أخبرتك ليست من هذه القرية ...شعرت برغبة بالبكاء لوهلة لأن أمي قالت أن تلك الطفلة ربما كانت مثلي لكنهم لم يعرفوا بعد لأنها صغيرة جدًا وشعرها لم ينبت بعد على أي حال هي ستكون سعيدة في السماء أكثر إن كانت مثلي أو بشكل آخر ......لا أكاد أتخيل نفسي وأنا في المدرسة من جديد وأني سأرى سارة والفتيات أشعر بالإعياء كلما تذكرتهم وأيضًا الأولاد في الصف كلهم يحدقون بسارة وصديقاتها لا أعلم ما المميز بها ربما تلك الثياب أو ذلك الشعر على أي حال يوجد فقط الأستاذ روبن لطيف معي المعلمة مايكر إنها شيطانة متحركة على الأرض هي معلمة الرياضيات حصتها عبارة عن جحيم للطلاب ولكن ذات مرة رأيتها وهي تترجى سارة أن يساعد والدها زوجها لإيجاد عمل ومنذ ذلك اليوم وأنا أراها شخص دنيء جدًا وسارة زاد تبجحها بعد ذلك اليوم حتى أنها تخرج من حصص الرياضيات دون توبيخ ....إن كان لديك فضول حول ما أفعله في المدرسة ومغامراتي هناك أخبريني رجاءً :) ..... والآن أعتقد سأذهب للنوم ففي الغد علي الذهاب باكرًا لانتظار العم توماس وإعطائه الرسالة
صديقتك المخلصة
فتاة الثلج ( سأنسى جيروشا معك عزيزتي صديقة الورق )
ملاحظة : رائحة الشتاء تعم الأجواء الآن أشعر بالحماس لذلك الفصل فهو يشبهني

ثلجٌ ورقيّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن