انتهى الحفل وانصرف المدعوين وكذلك العروسان، دخل أدهم المنزل تعبا لتستقبله رنا قائلة بتشفي : مبروك يا حبيبي ع الخطوبة ..
نظر لها مرهقاً ليرد : ابعدي عن وشي السعادي وعدي ليلتك على خير
_ كنت فاكر إنها هتستناك، ده أكبر دليل إنها محبتكش أصلاً، اللي بيحب بيتمسك ويضحي .
_ تبقي متعرفيش حاجة عن الحب، عن اذنك !
انصرف ودخل عرفته لينام، ظل يتذكر ما دار في الحفل وقلبه ينبض بقوة، وضع يده عليه ليسكته هامسًا : خلاص بقت لغيرك، انساها بقى وريحني م العذاب والوجع ده ...
******
"يا لهوي اتأخرت أوي " ...
نهضت ملاذ واستعدت سريعاً، ذهبت للجامعة رقدا وهي تدرك استحالة وصولها على الموعد، وصلت لتجد باب القاعة مغلق، تذكرت أن هذه محاضرة أدهم وترددت أتدخل أم لا فهو لايدخل أحدا ً بعده، طرقت الباب بضعف وفتحته فتحة صغيرة بالكاد تلمحه منها وقالت متسائلة : أدخل ؟
نظر لها بحزم وقال : اقفلي الباب يا آنسة، انتي عارفة نظامي كويس ..
رمقته بنظره حزينة قبل أن تغلق الباب لتجلس علي السلم المقابل للقاعة حتى تسمع المحاضرة فهو يتحدث في مكبر الصوت ..
ظلت تدون كل مل يقوله وهي تتأمل ايقاع صوته، تذكرت طرده لها من المحاضرة، ظنت أنه سيستثنيها، ولكن من هي حتى يفعل ؟ لقد انتهت كل الروابط التي كانت تجمعهما، هو تزوج وهي ستتزوج إذا لم يفعل ؟ عليها أن تتأقلم على الوضع الجديد وتجعله غريباً عنها كما كان، على الأقل كي لا تخون خطيبها المسكين، همست قائلة : سعد مالوش ذنب إني أأذي مشاعره، أدهم صفحة واطوت خلاص ..
انتهت المحاضرة وخرج هو ليجدها جالسة علي السلم، نهضت فور خروجه لتسير نحوه، مرت بجواره لتدخل القاعة دون أي كلام أو حتى نظرة، كور هو قبضة يده بشدة ثم تنهد وذهب يكمل باقي يومه .
_ بس كان شكلك سخيف سخافة مقولكيش .
_ والنبي ماهي نقصاكي هو ده نظامه وأنا اللي غلطانة عشان فكرت إنه ..
_ إنه هيعملك خاطر ؟ واحدة كانت لسة خطوبتها من يوم وجاية مستنية اللي كان بيحبها يعملها خاطر ؟ اصبري بس إما نفخك نفخة سودة ف المادتين مبقاش أنا قمر .
_ ليه إن شاء الله
_ عشان لسة بيحبك يا ملاذ، وطول ما انتي قدامه وهو هيفضل يطلع غيظه فيكي، أنا لو كنت مكانك كنت حولت أي قسم تاني أو حتى كليه تانية ..
_ معدش ينفع خلاص، وأعلى ما ف خيله يركبه أنا معملتش حاجة غلط
_ فعلاً، يادوب قتلتي قلبه وقلبك بس، انتي مشوفتيهوش كان عامل ازاي في خطوبتك يابنتي ده ناس كتير لاحظته .
_ بذمتك مش هوا السبب يشرب بقى
_ بتنقمي منه ولا من قلبك ؟؟
_ م الاتنين عشان يحرم يحب تاني، وبعدين سعد إنسان كويس ومحترم ومفيهوش أي حاجة وحشة .
_ بس انتي مبتحبيهوش
_ مبقتش عايزة أحب أصلاً، ما أنا أهو حبيت واتوجعت بسبب الحب ده فخليني أجرب الحياه الطبيعية يمكن تريح قلبي ..
نظرت لها قمر حزينة، هي تعرف أنها تكابر وتعاند وتخاف عليها من قراراتها المتسرعة، كان يجب أن تنتظر حتى يشفى قلبها من أدهم قبل أن تفكر في أي ارتباط ولكنها تسرعت وهي لا تزال تحبه، والمشكلة أنه كذلك هو أيضاً وهذا قد يوقعهما في المشاكل ..
مرت الأيام طبيعية إذا استثنيا الألم القابع في القلوب، جاء موعد تسليم أبحاث مادتي د. أدهم، ذهبت ملاذ الي مكتبه وحيدة وكانت هذه هي المرة الأولى منذ زمن أن يختليا ببعضهما، دخلت وقلبها ينبض لا تدرى حبًا كان أم خوفاً فقد تغير معها كثيراً في الأيام الماضية وصار يعاملها كأي طالبة بل ويقسو عليها أحياناً ..
نظرت له وهو يعبث في الأوراق التي أمامه وخافت أن تتحدث، أما هو فقد شعر بدخولها عندما نبض قلبه بقوة، وحدها من ينبض قلبه في حضورها بهذه القوة والصدق، رفع بصره إليها فوجدها تقف خافضة بصرها ممسكة بالابحاث في يدها ..
قال بروتينية : جاية تسلمي أبحاثك؟
تلاشت النظر الي عينيه كي لا تضعف وقالت : أيوة اتفضل حضرتك ..
تناولهما منها وظل يقلب فيهما ووجهه لا يبشر بخير، فجأة أطاح بهما فسقطا من على مكتبه وهو يقول : إيه العك ده ؟!..
صدمة ثم حزن!...
انحنت ملاذ وتناولتهما من على الأرض مندهشة فقد تعبت فيهما حق التعب خشية ردة الفعل هذه، قالت متسائلة : ممكن أعرف عيبهم ايه؟! ..
_ كلهم عيوب ومش عاجبني، عيديهم م الأول.
ردت بتحدي : من حقي أعرف ع الأقل غلطت ف ايه عشان لما اعيدهم مغلطش نفس الغلطة .
نظر لعينيها مباشرة وقال غاضباً : انتي عارفة كويس أوي غلطتي ف إيه!!
دمعت عيناها، هذه أول مرة يحدثها فيها بهذه القسوة، اعتادت منه اللين واللطف، ولكنها حقًا لا تستحق كل ذلك، هي تفصل بين حياتها الشخصية والعلمية وكذلك العملية وقد اجتهدت في بحثيه خاصة حق الإجتهاد وانتظرت منه الثناء لا التوبيخ ..
وضعت البحثين على مكتبه وقالت بقوة رغم عيناها الدامعتين : دول أبحاثي وحضرتك تقدر تنقصني ف درجات أعمال السنة زي ما تحب، أو أقولك شيلني المادتين أحسن، لكن أنا مش هعيدهم وأتعب نفسي من تاني، عن اذنك .
تركته وغادرت ليزفر هو بضيق، لا ينكر أنها تعبت بالفعل فيهما وأنهما أفضل الأبحاث في دفعتها كلها، لكنه شعر بالاختناق عندما لمح خاتم الخطبة يحتضن إصبعها الصغير، لم يشعر بنفسه إلا وهو يوبخها رغماً عنه، قلبه يعصيه من جديد ويستمر في خفقانه كلما اقتربت هي منه، هو لم يتمنى من الدنيا سواها لتعطيه الحياه كل شيء وتسلبها هي منه ..
ضرب المكتب بقبضته بقوة لحظة دخول قمر، فابتلعت ريقها بخوف قائلة لنفسها : أوبااا البركان هيفور ف وش قرمط الغلبان ..
سلمته الأبحاث وتناولها منها ولم يعقب فانصرفت هي مسرعة خشية أن يوبخها كما فعل مع ملاذ ..
_ هوووووف يالهوي ده كان هيكسر المكتب..
_ خدهم منك ؟
_ آه بس متكلمش . أنا أصلاً داخلة وهو بيلاعب مكتبه مصارعه
_ يظهر إن معاكي حق وإنه هيستقصدني ..
_لسة جاية تقتنعي دلوقتي؟! صبرك على رزقك يا جميل ده هيوريكي النجوم في عز الضهر!!.
******
أنت تقرأ
ملاذي
Romance**اقتباس** . . نهض أدهم مفزوعًا من نومه بعدما رأى كابوساً شنيعا، نظر حوله وتذكر ليلة البارحة المشؤومة ووجد باب منزل ملاذ مفتوحاً ففزع، دخل فلم يجد لها أي أثر وكل أغراضها قد اختفت، نزل السلم رقدًا وذهب لأمه وقال : مشت، مشت يا ماما .. ردت بهدوء : قصرت...