توالت الاخبار على شروق فى اليوم التالى كالصاعقة وخاصة عندما علمت بخبر فصلها عن العمل ولم تذق طعم النوم منذ هذه الليلة ولم تتوقف الكوابيس عن ازعاجها حتى باتت تكره الليل وتخشى ان ياتيها النوم، واسرتها تشاهد ما يحدث لها عاجزة عن فعل شىء حتى ذهبت والدتها فى يوم الى شيخ المسجد تخبره عن تلك الكوابيس التى تحلم بها وليدتها وعن ماهيتها ،فحاول ان يجعلها تذهب عدة مرات ولكن باصرارها أخبرها اخيرا انه تعانى من سحر قوى وانه لن يفك الا بامر من الله واخبرها الا تذهب الى اى دجال وان تواظب على قراءة القران الكريم فرجعت الى بيتها خائبة الرجاء تدعوا الله ان يفك كربها سريعاً ولا تكاد تغادر الدمعة عيناها وتراها شروق على تلك الحالة فتبكى أيضا على حالتها التى جعلتها حبيسه فى المنزل بعد ان تخلى عنها الجميع واصبحت محط شفقة من هذا وذاك .
لم يرد والدها ان يتركها فى هذة الحالة كثيراً وخاصة حين طلبت منه صديقتها افنان ان تاخذها معها الى حارة جدتها فوافق على ذلك وطلب منها الذهاب مع صديقتها فرفضت فى بداية الامر ولكن والدها اصر على ذهابها فقررت المغادرة معها فى صباح اليوم التالى ...
وفى صباح اليوم التالى استيقظت شروق وكالعادة على اثر احدى الكوابيس المزعجة والمثير للاهتمام ان هذه الكوابيس تدور جميعها حول امر ما كانها تتحدث عن امر ما ولكنها لا تفهم منها شىء ،وبعد اعداد الحقيبة والتجهز للسفر تفقدت غرفتها بوجه حزين ثم قبلت اخيها الصغير الذى لم يتوقف عن البكاء بمجرد ان عرف بخبر سفرها ثم اقبل عليها والدها ونظر لها بحزن فضحكت محاولة اخفاء ما بها وقالت فى ثبات :اوعى تنسى بقى يابابا تبعت حاجة اسلام وكمان تسلم مفاتيح المكتب بتاعى للبشمهندس عبد الرحمن ،وخد بالك من ماما ومن صحتك .
لم يستطيع والدها اخفاء دموعه فتساقطت كالشلال ولم تستطيع هى ايضا المحافظة على ثباتها فبكت بكاء شديد حتى حضرت افنان وجذبتها من يدها واخبرت والديها ان يكفوا عن البكاء وانها سوف تصبح بخير ان شاء الله ...
وفى المكتب لم يكن مكتب شروق فارغاً على المتوقع انما نقلت جلس عليه احمد بفرح شديد على عكس باقى افراد المكتب الذى يختلط شعورهم بالحزن تجاه ما حدث مع شعورهم بالضيق من اجل ما يفعله احمد ،حتى تعالت ضحكاته فى الهاتف مع احد ما وسحب سجارة من جيبه ووضعها فى فمه بثقل وتباهى فنهض محمود ورمى السجارة من يده وداس عليها بقدمه فاشتعلت النيران فى عروق احمد ونهض وقد امسك بياقة محمود قائلا بغضب:ايه يا محمود انت اتجننت ولا اييه .
فصرخ به محمود وقد برزت عروقه من شدة الغضب :انت مفيش فايدة فيك ،معندكش دم مش شايف الى احنا فييه .
فدفعه احمد بكفيه عدة مرات ثم قال له بسخرية ووجه ضاحك :بالله تسيبك بقى من الشغل بتاعك ده ،ومتعملش نفسك علينا الفاهم الواعظ .
كان عبد الرحمن قد سمع ما يحدث فخرج من مكتبه عابس الوجه بارز العروق عيناه السوداء قد ارتسمت اسفلها هالات كسواد الليل فى ليلة شتوية ،فنظر الى احمد ثم الى محمود فعاد محمود وجلس فى مكانه وتوقفت الهمهمه فتوجه عبد الرحمن تجاه احمد ووضع مفاتيح السيارة على مكتبه ثم قال بهدوء :انت مش عاوز تقعد على المكتب ده ؟! ،يبقى تقوم بكل الشغل بتاع المكتب ده وفوقه الشغل بتاع مكتبك القديم .
حاول احمد الكلام وتبرير موقفه الضعيف فصرخ به عبد الرحمن صرخة دوت فى ارجاء المكتب قائلا :يلا اتفضل على الموقع ،،،،،مش عاوز اسمع حرف منك .
فنهض احمد بغضب والتقط المفاتيح وخرج من المكتب بدون التحدث بأى حرف اما محمود فاشار له عبد الرحمن بأن يتبعه الى المكتب فعدل من ياقته ودخل خلفه واغلق الباب ،فنظر له عبد الرحمن وقال بوجه حزين : بلاش المعاملة والنظرات دى يا محمود ،انت عارف انه مش بيدى والموضوع جاى من فوق .
فنظر له محمود بسخرية ثم قال :بس انت عارف كويس مين قالها تتصرف كده وانه مش ذنبها ،وعارف برضه الى حصلها ،على العموم يا بشمهندس هى ليها رب اسمه الكريم ،عن اذنك علشان عندى شغل .
وخرج محمود فجلس على مكتبه بحزن ثم ردد الحولقة عدة مرات ومسح وجهه بكلتا يديه وفتح للملفات أمامه وبدأ عمله .
اما مروان فقد كان يتناول الأفطار مع وليد وبجانبهم جدته التى تحضر لإعداد بعض الحلويات حتى تهدى بها احدى الجيران وبعد الانتهاء نهض وليد بعفوية وقبل يد والدته ثم قال بمرح :انا نازل المكتبة بقى ابقى خلى مروان يساعدك شويه .
فابتسم مروان على عفويته وتوقف عن الطعام فنظرت له جدته بلطف ثم قالت :انزل معاه بقى يا مروان اهو تتسلى بدل ما شكلك زهقان كده .
فرد مروان بدهشة وتساؤل :انزل معاه فين ؟! .
فردت جدته بابتسامة :فى المكتبة بتاعتنا الى فى اول الشارع ،انا اجرتها لوليد من سنتين كده علشان تساعدنا فى المصاريف ،انزل معاه اقعد جمبه واهو تغير جو .
فأوما مروان براسه إيجابا فابتسم له وليد وقد انفرجت اساريره فقال :دى هتبقى قعدة فل ،انا هنزل افتح المكان وانت تعالى ورايا .
فاوما مروان براسه مرة اخرى ونهض ليغسل يديه ويساعد جدته فى تنظيف المائدة .
**********
وفى القطار كانت شروق قد اغفلت قليلا فأصدر القطار صافرته فنهضت مفزوعة من نومها فابتسمت لها افنان قائلة بلطف :هانت فاضل محطة ،كملى نوم .
فابتسمت لها شروق قائلة : تصدقى انا بقالى فترة منمتش كده ، بس للاسف طالما صحيت مش هعرف انام تانى .
فردت افنان وقد اعتدلت فى جلستها :عارفه هتنبسطى اووى اما تروحى الحارة ،انا نفسى انبسط خالص .
فنظرت شروق الى هاتفها مطولا وقد كانت صورة لها فى احدى المواقع البنائية ودمعت عيناها حين تذكرت مكالمة محمود لها وهو يخبرها ان المحافظ قد امر بطرد المهندس المسؤول عن واقعة هدم منزل الشافعى فاخبرته انها لم تكن المسؤولة وانها اوامر عبد الرحمن فرد عليها بأن عبد الرحمن هو من اخبره ان يبلغها بهذا الامر ،وتذكرت اسلام الذى غادر وتركها بمفردها وتخلى عنها فجأة ،فمسحت على وجهها ورددت الحولقة واستغفرت الله عدة مرات ثم قالت بنبرة صوت ضعيفة :انا حاسه انى بحلم يا افنان ،حاسه انى فى كابوس مش مصدقة الى حصل مرة واحدة .
نظرت لها افنان بألم ثم تبسمت قائلة :حاولى تنسى يا شروق وعيشى حياتك عادى ،احنا رايحين مكان جديد وحياة جديدة كل حاجه هتبقى تمام ان شاء الله .
تنهدت شروق بأمل :ان شاء الله .
وتوقف القطار عند المحطة فالتقطت شروق حقيبتها وكذلك افنان وخرجا من القطار متجهين نحو الحارة .....
***********
وفى منزل والد شروق كانت والدتها تجلس بحزن تستند رأسها على كرسى امام النافذة تنظر الى السماء وتدعوا تارة وتتوسل تارة ،ينظر إليها زوجها ثم ينهض من مجلسه ويغلق النافذة ويشير إليها بالذهاب للنوم ويذكرها بأنها لم تنام منذ عدة ليالى فينكمش وجهها من شدة البكاء وتخبره بأن ابنتها لا تنام منذ ان حدث لها ما حدث فكيف ستنام هى فيتوجع قلبه تجاه منظرها فيقبل رأسها ويحتضنها بين زراعيه ويبكى أيضا ....
أنت تقرأ
تعويذة الشافعى
Ficción Generalتدور الاحداث فى احدى حوارى القاهرة حول فتاة تصاب بتعويذة فتتبدل حياتها للجحيم وتسافر لاحدى الحارات حيث تعيش هناك مع جدتها ،وتقابل البطل الذى يعانى من نفس مشكلتها .....