الجزء التاسع عشر

50 6 0
                                    

كانت الجدة أسمهان وحدها فى المنزل بعد ان تركها مروان ،تجهز نفسها من اجل فك السحر الليلة وبعد ان انتهت واقترب أذان المغرب قررت الاتصال بمروان لترى اين هو حتى يستعدو للتحرك فلم يرد عليها مروان وبعد عدة دقائق يفتح مروان الباب ويدخل فتنظر له الجدة باستغراب فيبتسم لها وهو يخرج الطعام الذى احضره معه ،فتنظر له الجدة برضا قائلة :ليه تعبت نفسك انا مش جعانه يا ابنى .
فيرد مروان :ازاى بس يا تيته انتى مأكلتيش طول النهار وكمان لسه عندك مشوار بالليل .
فتنهدت الجدة أسمهان ثم نظرت له برضا وهو ينظر الى يديه بتوتر وكأنه يريد ان يخبرها بأمر ما فنظرت الجدة له نظرة مطولة ثم قالت بلطف :عاوز تقولى حاجه يا مروان ،قول يا حبيبى انا زى جدتك .
فأبتسم لها مروان ثم قال بصوت منخفض متوتر :اكيد طبعا انا بعتبرك جدتى التانية بس كنت عاوز منك خدمة كده ،انا بصراحة كنت عاوز اطلب ايد شروق منك .
فابتسمت الجدة على شجاعة هذا الشاب ولكنه بمجرد ان نطق بهذه الكلمات حتى احمر وجهه ولاحظت الجدة ذلك فلم ترد ان تطيل الحديث وقالت :انا عن نفسى معنديش مانع بس طبعا لازم تكلم اهلها وتطلبها منهم .
فرد مروان سريعاً :اه طبعا اكيد ،انا بكلمك علشان تحاولى تخلينى اكلم اهلها واقعد معاهم كمان .
فردت الجدة :احنا هنروح مشوارنا بالليل ونكلم اهلها بإذن الله واقعد معاهم وشوف رأيهم ايه .
فسكت مروان لبرهه ثم قال :طيب وشروق ! .
فتنهدت الجدة قائلة :طيب نحل الموضوع الى جايين علشانه الاول .
فأومأ مروان برأسه وطلب من الجدة تناول الطعام والاستعداد لان سواد الليل يزحف الان ليستولى على السماء وموعدهم يقترب ...
ارتفع الظلام بسرعة ولكن البدر فى كامل هيئته الليلة واستعدت الجدة ووضعت كل ما تحتاجه فى حقيبتها مرة اخرى ثم قرأت اذكارها وطلبت من مروان ان يفعل ذلك أيضا ربما لأن جسده مازال ضعيفا فأطاعها مروان وبعد الانتهاء قام مروان بالتأكد من الجدة بأنها على أتم الاستعاداد للذهاب ثم قام بالاتصال بمحمود ليأتى محمود بعد بضع دقائق ويقف بسيارته أمام المنزل فيخرج مروان والجدة خلفه ويركبا السيارة ويتجها ناحية الموقع ...
وفى الحارة حيث تجلس شروق فى النافذة تشاهد الحارة من منظر علوى كالعادة ويقع بصرها على فرح التى تنزل من سيارة الاجرة بجانب وليد تحمل بضعة حقائب وعلى وجهها ملامح الفرحة ترقص بشدة فتسعد شروق لها ويتهلل وجهها عندما ترفع فرح وجهها وتراها وتلوح بيدها بفرح شديد ثم تشير لها بأنها سوف تأتى لزيارتها الليلة فيتهلل وجه شروق فرحا ربما حتى تؤنس وحدتها هى وأفنان ،مضت نصف ساعة وشعرت شروق بالبرد قليلا فدخلت واغلقت النافذة وجلست بجانب أفنان التى نظرت لها مطولاً ثم ابتسمت قائلة :شكلك حبيتى الحارة دى اكتر منى يا شروق .
فأبتسمت شروق ثم نظرت حولها بحيرة وقالت:اووى على فكرة ،ساعات بحس ان المكان ده مش مجرد مكان هقعد فيه لفترة صغيرة ،حاسه انه اكتر من كده ،وبحس انى مرتاحه اوى لما بقف فى الشباك كده واشوف الناس رايحه وجايه وبيضحكوا سوا رغم انه مشهد عادى وكنت بشوفه فى بنى سويف كتير بس مش عارفه بقى ليه حاسه بكده .
فتنهدت أفنان قائلة :عندك حق ،انا كمان كنت بحس بكده ،بس الموضوع مش هيطول بكره يوسف يرجع من السفر ونتجوز وياخدنى معاه وانتى عارفه انى بكره اكون لوحدى وطول الوقت من هنا لبابا لبيت اهل ماما وهكذا .
فصمتت شروق لفترة ثم قالت بحزن :هتسيبينى لوحدى ومش هشوفك كده .
فضحكت أفنان حتى لا تخلق وسطا للبكاء ثم قالت :ما انتى كمان هتتجوزى عادى ،ودا مصيرنا يا شروق .
همت شروق بالرد على أفنان ولكن قاطعها صوت طرق الباب فخرجت لتفتح الباب فوجدتها فرح والجدة نورية ومعهم حقائب الشراء خاصه فرح وحلويات صنعتها نورية فرحبت بهم شروق كثيراً وكذلك أفنان ...
وأخيراً وصلت الجدة ومروان ومعهم محمود الى الموقع وبمجرد نزولهم من السيارة وإشارة محمود للحارس الذى بدا مندهشا لما يحدث وخرج أحمد مسرعاً ونظر الى أسمهان ثم مروان ثم أدار وجهه لمحمود ونظر له نظرة فهم معناها فأستدار الاخير ليكون مواجها لمروان فنظر مروان للجدة وأشار لها بالدخول ثم دخلت الجدة المكان وتبعها مروان حاملاً حقائبها فى يديه وبمجرد وصول الجدة الى المكان التى رأته فى منامها أحضرت فأسا وطلبت من مروان ان يبحث فى هذا المكان ولكن بدون ان يلمس اى شىء بيده وبدأ مروان البحث حتى سمع شيئا ما يرتطتم بالفأس وبدا له فى بداية الامر انها صخرة ولكن أسمهان ابعدته مسرعة وبدأت بشد هذا الشىء الذى يشبه الصخرة فإذا به صندوق قديم متوسط الحجم يزن عدة كيلوغرامات لم تقدر على حمله وحدها فأقبل إليها مروان وجذبه رغما عنها ولكنها نهرته وطلبت منه الابتعاد وبمجرد أن ظهر هذا الصندوق بكامل هيئته أمامها أضاءت المصباح فى يدها ونظرت عليه من الخارج ولكن لم تكن به اى علامات ولم يكن موصدا كذلك فنطقت بإسم الله وفتحته فوجدت به مزيج من اعمال السحر المختلفة على كافة الاشكال فدفعت الصندوق بقوة ليرتطم أرضا ويسقط كل ما به ويرجع مروان للخلف فى ذهول تام مما يحدث وتخرج أسمهان كتبها من الحقيبة وادواتها المختلفة من مياه وأعشاب وغيرها وتضعهم جانباً ثم تجلس على حدى الصخور وتبدأ قراءة القرآن الكريم وتزداد فى القراءة ويرتفع صوتها رويدا رويدا وتتحرك زجاجة مياة قد وضعتها جانبا لتشير الى قطعة من القماش ملفوفة بخيط غير معلوم الهيئة فأمسكت الجدة بهذا الشىء وطلبت من مروان ان يحضر إضاءة إضافية ففعل كذلك لتتضح ملامح ما بيدها فتفتحه ببطء لتجد صورة شروق فى داخل القماش عليها بعض التعاويذ الغير معلومة فأمرت من مروان الإبتعاد كثيراً واخرجت إحدى الكتب التى معها وأوقدت نارا وبدأت تقرأ أيات مختلفة من القرأن الكريم وبعد الأدعية وتكمل لتزداد النار فى الاهتياج فتضع بها الجدة مابيدها وتكمل القراءة لترتفع النار كثيراً حتى بدأ لمروان الجالس على بعد من الجدة ان النار سوف تحرقها وهم فى الاقتراب منها ولكنه كان يشعر بشىء ما يمنعه من الاقتراب ....
كانت الضحكات تتزايد بين الحين والآخر فى منزل أسمهان خاصة ان فرح كانت معهم هذه المرة ولكن شروق أحست فجأة بأن رأسها يدور فتوقفت عن الضحك ولكن زاد الألم فأغمضت عيناها ووضعت يدها على رأسها ثم أخيرا صرخت من الألم فلاحظ الجميع وتوقفوا عن الضحك ولكن لم يدرك أحد منهم ما يحدث سوى نورية التى نظرت الى الساعة ففهمت ما يجرى وطلبت منهم إدخالها الى غرفتها وفرح تبكى وتمسك بيك شروق وأيضا أفنان تنظر بقلة حيلة لها وتكاد تبكى ،كانت أسمهان قد طلبت من نورية أن تحضر فى هذا الوقت وتركت لها زجاجة مياه وأعشاب معدودة مسبقاً فأخرجت نورية هذه الزجاجة من جيبها وسكبت معظمها على يديها ثم عل وجه شروق ورأسها فيزداد الالم تدريجياً وتسقط شروق مغشياً عليها فطلبت منهم الجدة الخروج من الغرفة وبقيت هى بمفردها معها ...
كانت النار قد وصلت الى ذروتها وربما شعرت أسمهان بالتعب وتثاقل عليها الأمر ولكنها أغمضت عيناها وتذكرت شروق وبكاءها فى عديد من الليالى فشهقت بقوة وتابعت ما تفعله ولكن بلا فائدة النار لا تخمد إطلاقا فأمسكت بالكتاب الذى تقرأ منها وصفحته عدة مرات ولكن بلا فائدة فوضعته بجانبها مرة اخرى ولكن تساقطت منه ورقة صغيرة مكتوب بها تعليمات غير مرتبة فقرأتها أسمهان ولم تفهم منها شىء فى بداية الامر ولكن فى المرة الثانية تذكرت انها وصفة كان بعدها زوجها من أجل تلك الحالات المستعصية فجذبت حقيبتها مسرعة وبحثت فى أحد جيوبها فوجدت زجاجة صغيرة فى حجم زجاجة المسك وربما بها بعض من رائحته فسكبتها على النار فأزدادت لبرهه ولكنها بدأت فى الانقشاع تدريجياً حتى خمدت النيران ثم أحضرت زجاجة فارغة ووضعت بها الرماد بعد أن تأكدت من إحتراق كل شىء ثم حمدت الله عز وجل ونهضت لحرق اعمال السحر الاخرى فلعل صاحبها يعانى الان مثلما فعلت شروق فوضعتهم جانبا ثم أوقدت بهم النار وانتظرت حتى خمدت أيضا ثم فرقت الرماد فى المكان بأكمله وخرجت بعد ان أخذت اشياءها وأبتسمت لمروان الذى كاد يقفز من الفرحة حين رأها تبتسم وكذلك محمود ولم يطق مروان الانتظار فأخرج هاتفه وقام بالاتصال بجدته فردت جدته بسعادة بالغة :ايوه يا مروان كله بخير هنا .
فتهلل وجه مروان وطلبت منه اسمهان الهاتف فأعطاه لها وجلست جانباً تتحدث مع نورية بهمس كأنها تملى عليها مزيداً من التعليمات .

تعويذة الشافعى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن