خرج مروان من المسجد بعد صلاة العصر وسلم الحاج عبد السلام الذى اصبح صديقه مؤخرا وينتظره يوميا للصلاة معه .
الحاج عبد السلام :جدتك عاملة ايه يا مروان معدتش بشوفها يعنى .
ابتسم له مروان ومسح على لحيته الخفيفة قائلا : مشغوله شويه فى البيت وانا بنزل اجيبلها الطلبات هتنزل ليه بقى .
أومأ الحاج عبد السلام براسه وقال :ربنا يخليها ليكم .
ثم ابتسم واكمل قائلا :تعرف انا اول ما جدتك جت الحارة دى عرضت عليها انى اتجوزها بس هى رفضت وقالتلى أنها لسه على ذمة جدك واما جدك مات برضه عرضت عليها بس قالتلى انها مبتفكرش ابدا فى الموضوع ده ولا عمرها هتفكر .
نظر له بجدية ثم قال :ايه يا حاج عبد السلام انت لسه عينك من تيته ولا ايه ،لاااا انسى .
ضحك الحاج عبد السلام حتى سعل بشدة وضحك مروان كذلك وقبل الاخير يده ثم قال :ادعيلى يا حاج انا محتاج دعواتك .
ابتسم له عبد السلام ثم قال وهو يرفع يديه للسماء :ربنا ينور طريقك وييسرلك الامر .
وغادر الحاج عبد السلام وتوجه مروان الى المكتبة فوجد وليد يجلس امامها ممسكاً الهاتف فى يده فألقى عليه مروان السلام فرد عليه ثم رفع رأسه وابتسم لزى مروان وقال : القميص الاسود ده جميل فكرنى اخده منك بكره .
ابتسم له مروان وسحب كرسى اخر ثم جلس بجانبه وبادره بتساؤل :مالك وشك مخطوف كده .
لم يرد عليه وليد فكرر مروان السؤال فرد بضيق :زهقان شويه ،فيه حاجه ؟! .
هم مروان بالذهاب ولكنه وقف لبرهه عندما وجد شروق تنزل من سلم العقار بجانب الجدة اسمهان فعاود الجلوس مرة اخرى ولاحظ وليد ذلك فترك الهاتف من يديه ونظر له باستغراب ثم ابتسم حين وجد الجدة اسمهان تمر من امام المكتبة وبجانبها شروق ثم صاح لمروان قائلا :ولاا خد تعالى هنا ،انت بقالك يومين كده مش مظبوط فيه اييه .
تنهد مروان ثم قال بحيرة :مش عارف ،الست دى والى معاها مش عارف ليه مش حااسس انى مرتاحلهم بس اوقات بحس انى مرتاح ،احساس متناقض كده مش فاهمه .
نظر له وليد بجديه ثم قال :وانت مالك اصلا تحس ولا متحسش .
نظر له مروان بضيق ثم قال وهو يغادر المكان :واضح اوى انك مش طايقنى النهارده يا عمى ،على العموم انا عارف انى تقلت عليكم .
وغادر مروان المكان بدون اكمال حديثه ،اما الجدة اسمهان فقد خرجت من الحارة بصحبة شروق واتجهت الى حارة اخرى بعيدة بعض الشىء بها شارع يوجد به العديد من محلات العطارة والاعشاب ،ونظرت الجدة الى شروق التى تنظر الى المكان بإعجاب تارة وباستغراب تارة اخرى فابتسمت لها واخبرتها بأن تنتظرها امام احدى المحلات العريقة ووافقت شروق على ذلك ودخلت الجدة المكان ورحب بها صاحب المكان بشدة واخبرها بأن تتبعه نحو المكتب فذهبت خلفه وعندما جلست فتح خزانته واخرج منها كيس صغير الحجم لونه احمر ووضعه امامها بحرص فنظرت له باستفهام فقال : معلش والله دى الكمية الى لقيتها ،الشهر الجاى عليكى بخير بقى ،انا لو كنت اعرف انك عاوزه كنت عملت حسابك من الاول .
تنهدت اسمهان وقالت :يلا مش مشكلة انا هشتغل بدول الاول ،بس اول ما تيجى الحمولة كلمنى علطول الموضوع مش مستاهل تأخير .
نظر لها الرجل بتوجس ثم قال : بس الى انتى طالباه ده الجرام منه غالى اوى ،وانتى واخده حاجات دلوقتى ب٣٠٠٠جنيه هتدفعى دا كله ازاى بس .
نظرت له اسمهان نظرة عتاب وقالت :فلوسك جاهزة ومعدتش تتكلم معايا كده تانى انت عارف ان كلمتى واحدة .
اسرع الرجل بالقول :ايوه ايوه طبعا ،على العموم متزعليش منى ،وادى حاجتك ولو احتاجتى اى حاجه برضه انا موجود .
نظرت له الجدة باسمه وقد اخرجت المال من جيبها بحرص ووضعته امامه فاخذه الرجل وتأكد من تمامه وادخله الى الخزانه وخرج خلف الجدة التى كانت تمسك الكيس الصغير فى يدها بحرص ،وعندما خرجت الجدة من المكان نظرت لها شروق بدهشة ثم الى الكيس الغريب التى تحمله فى يدها وقالت :ايه يا تيته خلصتى ؟! .
أومأت الجدة برأسها وأشارت الى شروق بأن يتوغلوا فى هذا الشارع قليلا لانها تبحث عن احدهم ولا تعرف مكانه فأستجابت لها شروق وسارت بجانبها وهى تنظر الى المكان بدهشة وفضول ،حتى وصلوا الى مكتبة قديمة يجلس بها رجل فى الثمانيات ذو لحية طويلة بدون شارب يسعل بشدة ويرتدى ثوبا ابيض اعلاه وشاحا بنيا ،فأسرعت اليه الجدة اسمهان وقبلت يديه فجذبها مسرعا ونظر اليها طويلا ثم ابتسم وقال بصوت ضعيف : اسمهان ،،،ازاى جوزك ،ولادك بيجو يشوفوكى ولا لسه ،اخبارك ايه يا بنتى .
ابتسمت له اسمهان جلست على الكرسى امامه وأجابت بحزن : الحمد لله جوزى تعيش انت وولادى لسه زى ما هما .
فتنهد الرجل تنهيدة طويلة ثم قال : الحمد لله يا بنتى فى السراء والضراء ،ربنا هيعوضك خير بإذن الله .
حمدت الله الجدة الله فى سرها ثم نظرت له نظرة فهم معناها عندما اشارت له على شروق الواقفة خارج المكان فطلب منها ان تقص عليه ما حدث بالتفصيل ..
***************
وفى الموقع حيث رفات منزل الشافعى يجلس خمس عمال يحتسون الشاى ويلتفتت احدهم كل حين واخر ينظر الى رفات المنزل ويردد (المعوذتان ) بصوت خافت ويلاحظ احد العمال الاخرين ذلك فينظر له باستغراب وبتساؤل قائلا :ايه يا خيرى مالك ،فيه ايه كل شويه تبص هناك .
تمتم الرجل ببضع كلمات غير مفهومة ثم صاح به آخر بحنق :ما ترد يا عم انت بتعمل كده لييه .
فرد الرجل بخوف وتوتر :انتو عارفين ده مكان بيت مين ؟! ،بيت الشافعى ،وده برضه الى عليه الدور نفحت القواعد بتاعته بكره .
فتململ احدهم حتى سقط كوب الشاى من يده ثم قال بتوتر :البيت ده انا مش مستريح احط ايدى فيه ،فاكرين اليوم الى جينا نهد فيه حصل ايه للبشمهندسه ولا اليوم جينا نساوى فيه البيت بالارض واحد من العمال المكنة كلت ايده ،انا مش مستعد يتعمل فيا كده .
فهتف احدهم بحدة :خبريه يا رجالة هدوا شويه دى كلها تخاريف .
فرد الرجل الاول بخوف وتوتر :لا لا مش تخاريف انا كل يوم كنت بحط هدومى هنا وحاجتى بس كنت بلاقى حاجه غريبة انا هاخد اجازة بكره وهعمل نفسى تعبان لحد ما البيت يخلص .
فرد الثانى :يا سلام ما العمال كلها بتفكر تعمل كده والبشمهندس احمد حاذر الاجازات اليومين دول هتاخد إجارة ازاى بقى .
فرد الثالث بحنق :لا دا احنا نكلم بشمهندس محمود بقى ونقوله اننا مش هنشتغل فى البيت ده ودا اخر كلام .
فهمهم الخمسة بحنق وعزموا على ان يمتنعوا عن العمل فى هذا المكان فى اليوم التالى حتى لا يتأذى اى احد منهم وتسلل احدهم الى جميع العمال فى الموقع واخبرهم بذلك القرار وكان الجميع موافقين عليه تقريبا ؟!
وصلت الاخبار الى احمد فى المكتب عما ينوى العمال فعله فى اليوم التالى فتعالت كلماته السبابية تارة وتارة اخرى يتوعدهم بمالا يسرهم ،فسمعه محمود فترك ما بيده وسأله :مالك يا احمد بتزعق كده لييه ؟! .
فصاح احمد بغضب :شوف العمال ال***** دول عاوزين يعملوا اضراب بكره علشان مش عاوزين يشتغلوا مكان بيت الشافعى بسبب الى حصل للعامل الاسبوع الى فات .
تنهد محمود ثم قال بحدة :طيب ما دا حقهم ،خايفين يحصل معاهم كده ودا حقهم يا أحمد ،انت تنكر كده ؟! .
فرد احمد بعصبية :ايه يا محمود انت جاى تتفلسف عليا ،انا ورايا مواعيد مش كل شويه هنوقف بسبب البيت الملعون ده .
أومأ محمود برأسه موافقا لكلامه ثم صمت لعدة دقائق ونهض سريعا وكانه توصل لحل ثم قال :طيب ما احنا ممكن نمنع الشغل فى المكان ده ونضمن ان العمال تكمل شغلها عادى .
فهتف احمد وقد انفرجت اساريره :ايه ده ،ازاى يعنى ؟! ....
***************
كان خروج مروان من الحارة محاولة لنسيان ما يحدث معه وطريقه للتفكير فى حل لأمره ،وعلى احدى الارصفة المطلة على النيل حيث اقتربت الشمس من الغروب وتلونت السماء باللون البرتقالي وقف مروان يشاهد الغروب بصمت ويتذكر ما حدث معه ويكاد ان يدخل فى نوبة من البكاء ولكن يوقظه صوت ما بداخله يدعوه للتوقف فتوقف لبرهه ثم تذكر نظرة الجدة اسمهان له وقرر ان يراقبها ليعرف المزيد عنها وعن حفيدتها ايضا ثم فتح هاتفه فوجد جدته قد حاولت الاتصال به عدة مرات وكذلك وليد فقرر العودة سريعاً الى المنزل ..
وبخطى بطيئة كانت الجدة اسمهان تسير بجانب شروق خارجه من الشارع حيث يقطن الشيخ العجوز تتذكر ما قاله لها :(السحر ده مكتملش لسه يا اسمهان ودى حاجه حلوة لكن الوحش بقى انه مش بيتفك لوحده خصوصا ان صاحبه مات لازم تحاولى معاها تانى لو معرفتيش تتصرفى قبل نص الشهر الجاى يبقى لازم تدورى على مكان الشافعى وتدورى هناك على اثر السحر ده وتحرقيه لانه لسه موجود لحد الان ومش هيتفك لوحده ومفيش حاجه هتبطله مكانه ) .
وتنهدت اسمهان ونظرت الى شروق بجانبها فقالت شروق بلطف :مالك يا تيته شكلك زعلان كده هو الراجل الى جوه ده قالك حاجه تزعلك ؟! .
شعرت اسمهان بالحزن حين نظرت الى عيناها فقالت بحنو :ربنا يفك كربك يا حبيبتى ،انا بفكر فى حاجه بس ،قوليلى مش عاوزه اجيبلك حاجه من بره الحارة ؟! .
ابتسمت شروق بخجل وقالت :لا يا تيته تسلمى خيرك مغرقنى .
وفى طريق الجدة للدخول الى الحارة ابتسم لها بائع الموز على واشار لها بشراء الموز فتوقفت لشرائه اما شروق فتأملت الحارة عند غروب الشمس لأنها الان ممنوعة من الوقوف فى النافذة حتى لا تسبب الاذى للجدة وجذب انتباهها فتاة تخرج من بقالة على بعد ستة امتار من بائع الموز وبيدها اكياس سوداء تنظر حولها كانها تراقب احد ما ووقعت انظارها على شروق التى تنظر لها بدهشة ربما بسبب ملابسها السوداء الضيقة وحجابها الذى يظهر اكثر مما يخفى فلاحظت الفتاة ذلك فابتسمت لها فبادلتها شروق الابتسامة وانتهت الجدة من الشراء ونظرت الى الفتاة ذات العباءة وقالت بمرح : عاش من شافك يا فرح ،ابوكى اخباره ايه .
تقدمت الفتاة وقبلت يد أسمهان فسحبت اسمهان يدها مسرعة فردت الفتاة بحزن وهى تلوى فمها :ابويا ؟! ،الله يهديه بقى ،متشغليش بالك المهم انتى اخبارك ايه ،ومين العسل الى معاكى دى .
نظرت اسمهان الى شروق وقالت بلطف : دى شروق قريبتى ،سلمى يا شروق دى فرح جارتنا برضه وبنت الحارة .
مدت شروق يدها لتسلم عليها فجذبتها فرح الى زراعيها واحتضنتها بشدة وضحكت قائلة : انتى خايفه منى كده ليه بكره نبقى صحاب ،على العموم انا هبقى اجى اقعد معاكى شويه .
ابتسمت لها شروق وودعتهم فرح وصعدت الى البناء بجانبهم اما اسمهان وشروق فصعدوا الى شقتهم ووضعت اسمهان ما اشترته فى المطبخ ودخلت شروق الى غرفتها لتغير ملابسها وحينما انتهت فتحت النافذة قليلا وخرجت من الغرفة .
كان مروان ينظر من غرفته على النافذة حينها دقت الجدة الباب ففتح لها مروان فنظرت له بحزن :مالك يا مروان كنت فين من الصبح ومش راضى تطلع تتعشى معانا ليه ،حد زعلك فى حاجه ؟! .
نظر لها مروان ولم يرد عليها فاكملت الجدة : يا ابنى رد عليا ،هى الحالة جاتلك تانى ولا ايه ؟! .
وتفحصت الجدة عيناه حينها هتف مروان بحدة :ايوه فهمينى ايه الى بيحصل ،وايه الى فى قزازة المايه دى انا شفتك وانتى جايباها من عند جارتنا الى فوشنا الصبح ؟! ،فهمينى ؟! .
نظرت له الجدة بتوتر وكادت ان تغادر الغرفة ولكن مروان تبعها واعترض طريقها وقال بغضب :لو سمحتى يا تيته انا عاوز افهم الى بيحصل ؟!.
استجمعت الجدة نورية كلماتها ثم قالت بهدوء :دى ماية قرأن يا ابنى علشان بتحلم بكوابيس بالليل وكمان بتقعد تعيط من غير سبب مفيهاش حاجه يعنى .
نظر لها مروان بشك ثم قال :وحالة ايه الى انتى بتقولى عليها بقى ؟! .
فردت مسرعة :حالة العصبية دى يا مروان ،يعنى هو انت كنت عصبى قبل كده يا حبيبى ؟! .
تنهد مروان ونظر الى الجدة فاندفعت نحوه الجدة وقبلته من جبينه وطلبت منه الخروج لتناول العشاء معها لان وليد لن يتناول العشاء معهم الليلة فوافق مروان وجلس لتناول العشاء معها ولكنه كان يراقب تصرفاتها ويشك فى ما قالته له .
![](https://img.wattpad.com/cover/275749337-288-k157650.jpg)
أنت تقرأ
تعويذة الشافعى
Fiksi Umumتدور الاحداث فى احدى حوارى القاهرة حول فتاة تصاب بتعويذة فتتبدل حياتها للجحيم وتسافر لاحدى الحارات حيث تعيش هناك مع جدتها ،وتقابل البطل الذى يعانى من نفس مشكلتها .....