كان الوقت قد تأخر عند عودة مروان ووليد وربما تعبت الجدة فدخلت الى غرفتها وجلست على سريرها ،فدخل عليها مروان سريعاً ثم قبل يداها وقال بمرح : ابنك بقى عريس يا تيته وبيتريق عليا ينفع كده !؟ .
فضحكت الجدة وجذبت مروان الى أحضانها ثم قالت بمرح :يا حبيبى عقبالك انت كمان وتتريق عليه .
حينها دخل وليد الى الغرفة وقال بحدة مصطنعة :طيب والله لاعملها فيك وانت عريس ،ينفع يا امى كل شويه يقولى يلا بينا ،هو عيل صغير للكلام ده ؟! .
فضحكت الجدة كثيراً فقال مروان بمرح : يعنى انت قاعد مع عروستك انا اقعد مع مين بقى ؟! ،مع ابوفرح الى هو اصلا بيبصلى بقرف من ساعة ما قعدت .
فضحك وليد والجدة وتعالت اصوات ضحكهم ثم شاركهم مروان أيضا فنظرت له الجدة بحب ثم قالت وهى تنظر للساعة : الوقت اتأخر يلا علشان تنام ،عندك سفر الصبح هتسافر ازاى كده ! .
فنظر مروان الى جدته بإستغراب وكذلك وليد الذى لم يكن يعلم بأمر السفر فأستدار ليكون مقابلا لمروان ثم قال بحزن :انت رايح فين يا مروان ،مقلتليش على موضوع السفر ده يعنى ! .
فتنهد مروان ثم فرك اصابع يديه وقال بتوتر :مجتش فرصة انى احكيلك ،انا كمان كنت ناسى موضوع السفر ده بس تيته فكرتنى ،متقلقيش يا تيته لو اتأخرت هسافر الضهر عادى .
فنظرت له الجدة طويلا ثم قالت :الست اسمهان مسافرة بكره علشان موضوع شروق ،وانت هتروح معاها الصبح ،انا قلتلها انك مسافر .
هنا رد مروان وعلى وجهه علامات الدهشة :طيب مفيش مشكلة بس انا لسه محضرتش شنطتى .
فردت الجدة سريعاً :انا هحضرلك الشنطة بس انت جهز نفسك علشان تسافر معاها الصبح ،انا عاوزاك تكلمها فى موضوعك انت وشروق بكره .
فنظر له وليد بدهشة فنظر الى الجدة وقد تجمعت الدماء فى وجهه وتلون باللون الوردى ولم يستطيع الرد فنظر وليد لوالدته وقد فهم ما ترمى ايه وتأكد من صحته أيضا عندما نظر الى وجه مروان وتذكر أيضا استيقاظه باكرا وجلوسه بجانب النافذة فأبتسم وقد احس بسعادة بالغة وقال لمروان وهو يربت على كتفه : دا انت طلعت مش ساهل ،مش تقولى يا مروان دا انا عمك وصحبك يا جدع ،طيب بقى الله يسهلك .
هنا استجمع مروان قواه وقال بصوت بالكاد يُسمع :انتو فاهمين غلط على فكرة ،انا مش فاهم انتو بتتكلموا فى ايه .
فضحكت الجدة بشدة وكذلك وليد فنظر لهم مروان وقد تحولت ملامحه الى الجدية فتوقفت الجدة عن الضحك وقالت بلطف وهى تمسك بكف يده : يا ابنى هو عيب ولا حرام ،انا ملاحظه من زمان بس بقول انك هتاخد موقف وتتكلم بس انت كده هتتاخر ،والتأخير ملهوش لازمه يا مروان ،بص قدامك عمك عمل ايه ! ،اتشجع وطلب فرح بالرغم انه عارف انى مش موافقة واتحدى الظروف كلها بس الظروف شافت اصراره خافت منه واهو انتو لسه راجعين من قراية فاتحته عليها وانا الى كنت مش موافقة الفرحة مش سايعانى وانا شيفاه كده مبسوط ،هى دى سنة الحياة يا ابنى وطالما الواحد حس انه لقى الشخص المناسب ليه يتأخر بقى ويستسلم كده الدنيا عمرها ما بتفتح ايدها لحد ضعيف وانا متأكده انك مش ضعيف وانك عارف انت بتعمل ايه كويس ،علشان كده بقولك متفوتش فرصة بكره روح واتعرف على اهلها وكلمهم فى الموضوع واتكل على الله وربنا هيسرلك الامر ان شاء الله وهفرح بيك زى عمك قريب .
فتنهد مروان وجذب يده من جدته وقال :انتو مفكرين انى شخص ضعيف وانى خايف اكلمها مثلا او اتصرف ،الموضوع مش كده خالص انا طبيعى كأى شاب شفت انسانه ارتحت ليها كان نفسى اوى اروح اتكلم معاها علشان افهمها اكتر لكن انتو كلكم كنتوا عارفين ظروفى وظروفها وغير كده انا معرفش هى بتبصلى ازاى ولا ايه رأيها فيا طبيعى انى اخاف من الرفض واسكت ،بس مش معنى كده انى شخص ضعيف او مستسلم لأى حاجه حواليا ،انا نفسى اروح اكلم جدتها النهارده قبل بكره .
ابتسم وليد ونظر الى والدته نظرة ارتياح وبادلته والدته نفس الابتسامة ثم سحبت يد مروان مرة اخرى وقبلتها بحنو وقالت :الله يكملك بعقلك يا ابنى بس علشان خاطرى سافر مع جدتك اسمهان بكره وكلم اهلها .
فتنهد مروان ثم ابتسم وقال بقلة حيلة :حاضر يا تيته ،هسافر معاها وهكلم اهلها حاضر ،وهقوم احضر شنطتى كمان اهو ،يلا تصبحى على خير .
ونهض مروان لتحضير حقيبته وذهب خلفه وليد مسرعاً لعله يساعده فى تحضير حقيبته للسفر باكراً ....
وفى بنى سويف حيث منزل شروق تجلس والدتها فى غرفتها وعلى سريرها تنظر الى الاثاث من حولها بحزن ويدخل ولدها الصغير ويجلس بجانبها ويسألها بلطف : ماما شروق هترجع من السفر قريب مش كده ؟! .
فصمتت الام ولم تجب فكرر ولدها السؤال فردت بحزن :ايوه يا حبيبى بإذن الله هترجع ،انت بس ادعيلها ربنا يرجعها بالسلامة .
وشعر الاب بوجود احد فى الغرفة فطرق الباب ثم دخل فوجدها زوجته فقال بضيق :بتعملى ايه هنا ،مش عارف انتى بتعذبى نفسك وبتعذبينى معاكى ليه ،قلتلك ادعيلها ربنا يفك اسرها على خير مش هتفضلى كل شويه تتعبينى وتتعبى نفسك كده .
فتنهد ثم قالت وهى تمنع دموعها بشدة : دى بنتى الوحيدة اعمل ايه بقالى كتير مشفتهاش وحشتنى حرام عليك ،طيب الست اسمهان متكلمتش معاك فى حاجه .
لم يرد عليها وتركها وخرج من الغرفة فأندفعت فى البكاء ....
**********
صباح فريد ليس كعادته هل بسبب تلك النسمات المغرية فى الصباح ام انها بداية النهاية وبداية انقشاع الظلام ،تتابعت تلك النسمات على وجه مروان تلفحه اثناء نزوله فى السادسة صباحاً حاملاً حقيبة ظهره تدعو له جدته بصلاح الحال وحينما يصل الى الشارع تكون الجدة فى انتظاره تحمل حقيبة يد ولكنها تبدو ثقيلة وتقف خلفها شروق فيندفع مروان باتجاهها ويحمل الحقيبة رغما عنها ثم يودع شروق بنظرات لم تفهمها ويغادر سابقا الجدة التى تتابع القاء النصائح على شروق وما ستفعله فى غيابها ،ثم تتبع اسمهان مروان بخطوات ثقيلة حتى يخرجا من الحارة وتقف أمامهم سيارة اجرة فيركبان متجهان نحو المحطة ...نحو بنى سويف من جديد ....
لم تستمر تلك النسمات على حالها فربنا كانت نسمات صباحية فقط ،فالطقس فى هذه الايام يشهد تقلبات مناخية غير مستقرة لاسيما كنفوس البشر فى هذه الايام ،وتعالت الاصوات فى الموقع عند اقبال احمد يخبرهم بأن محمود غير موجود اليوم وانه سيكمل معهم اليوم فتأفف العمال بضيق ولكن ذهب كل منهم الى عمله خشية ان ينهرهم احمد او ان يخصم من راتبهم كما يفعل عادة ! ،وبعد انصراف العمال توجه احمد الى كرسى فى منطقة رطبة وجلس عليه بارتياح ثم اخرج من جيبه هاتفه وقام بالاتصال محمود الذى رد عليه سريعاً .
_سلام عليكم ،ها الدنيا عامله ايه عندك يا احمد ! .
_الدنيا تمام متخافش ،اصلا باقى شويه شغل صغيرين وخلاص هنسلم الموقع بأذن الله للتشطيبات الاخيرة بقى .
_اه ما انا خدت بالى ،المهم متزعلش العمال ،واول ما ارن عليك بالليل تحاول تمشى كل العمال من الموقع ،تمام ؟! .
_تمام يا محمود بس انا مش فاهم انت بتعمل كده ليه .
_معلش يا احمد هبقى اقولك بعدين بس هى مساعدة لشروق ،انت عارف اننا سيبناها فى عز زنقتها .
_تانى يا محمود شروق ،طايب يا محمود حاضر رغم انى مش بطيقها بس اهى زميلة وعشرة كام سنة برضه .
_اهو ده العشم برضه يا احمد ،يلا سلام علشان ورايا مشوار دلوقتى .
واغلق محمود الهاتف بسرعة وسرح احمد بعقله يفكر مالذى سيفعله محمود ولماذا يطلب منه المساعدة وهو يعلم مدى كرهه لها ،ويتنهد احمد متذكرا شروق وما كانت تفعله تجاهه بالرغم انه دائم العراك معها وافساد مزاجها وتعكيره ،ويبتسم عند تذكر مثل هذه الاشياء ولكن تتغير ابتسامته عندما يتذكر يوم الحادثة وانه لم يساندها كما فعل الاخرون بل اظهر فرحته بإزالتها من منصبها فيستغفر الله عدة مرات ثم يفرك وجهه وينهض لمتابعة عمله ....
كان مروان قد وصل الى المحطة بصحبة الجدة التى غلبها التعب لانها لم تسافر منذ مدة لاسيما وقد تقدم بها العمر ،فعرض عليها مروان الذهاب معه لبيته حتى حلول الليل فوافقت لأن محمود اخبرها بصعوبة الذهاب الى الموقف فى هذا الوقت ،وأوقف مروان تاكسى وبعد نصف ساعة وصل التاكسى أخيرا امام منزل ليس بقديم ولا بجديد من ثلات طوابق ولكنه كبير مقارنة بالمنازل المجاورة ،وحين ينزل مروان من السيارة يقبل عليه رجل وهو يصيح بفرح :بشمهندس مروان ! ،حمد الله على السلامة ،ايه الغيبة الطويلة دى .
فيصافحه مروان بشدة فينظر له الرجل بتفحص لملابسه وحالته الجسدية قائلا : ايه الحلاوة دى كلها ،انت اتجوزت ولا اييه .
و يضحك مروان فيقلب نظره فى السيارة خلفه فيجد الجدة اسمهان فيكمل :دى جدتك نورية ؟! .
فيرد مروان :لا بس فى مقام جدتى ،هطلعها فوق وهنزل اتكلم معاك شويه استنى .
ويترك مروان الرجل ويخرج مفاتيح المنزل من جيبه ويفتح الباب ويدخل حاملا حقائب الجدة فتبتسم الجدة إعجابا عند رؤيتها للمنزل من الداخل وتقول لمروان : ياااه ، اهو انا اصدق ان دا بيت نورية بجد فعلا نفس زوقها .
فتنهد مروان ثم قال بحزن :اه فعلا دا بيت تيته نورية ،اما بيتى بقى بعده بكذا شارع كده بس اخويا ساكن فيه وأوقات بيسافر وبتفضل مراته فيه وحدها .
فنظرت له الجدة بإستغراب ثم قالت :غريبه !! ،انا عمرى ما سمعتك بتتكلم عن اخوك ده ،حتى جدتك برضه .
فتنهد مروان ووضع الحقائب جانبا ثم قام بإزالة الغطاء عن احدى الكراسى وقال وهو يشير للجدة بالجلوس : طباعه زى جدى الله يرحمه بالظبط ،وكمان مراته الله يسامحها بقى ،انا مش زعلان منه هو اكيد كان عنده حق لما طلب منى انى اروح اعيش مع تيته ،بس الحمد لله انى بخير دلوقتى .
فجلست الجدة ثم قالت لمروان بلطف : طالما البيت مش بعيد روح وسلم على اخوك يا مروان مهما كان دا اخوك الوحيد .
فتنهد مروان ثم ابتسم وقال : طايب يا تيته ،انا هعمل مشوار كده وهبقى اروحله ،وانتى خدى بالك من نفسك لو حصل اى حاجه رنى عليا .
ثم التقطت مروان هاتف الجدة وسجل رقم هاتفه ثم ودع الجدة وخرج من المنزل ،وحين وصل الى منزله وقف امام الباب لعدة دقائق يتذكر خروجه منه ويتذكر إهانة زوجة اخيه له فيستجمع قواه ثم يضرب جرس الباب عدة مرات فيخرج اخيه غاضباً ويفتح له الباب ثم يبتسم بخجل عندما يجد اخيه امامه فيبادره مروان بثقة :متخافش انا جايلك فى موضوع وهمشى علطول .
فيخجل اخيه كثيراً ثم تخرج زوجته وتنظر له بضيق فيدخل مروان ويترك اخيه على الباب قائلا : انا هدخل انا طالما انت هتدخلنى يا مازن .
ويجلس مروان فى غرفة الجلوس ويدخل خلفه اخيه فى حالة دهشة من تصرفات أخيه التى تغيرت تماماً ويطلب منه مروان إغلاق الباب خلفه ويجلس حتى يتكلم معه بخصوص أمر فى غاية الأهمية ،ويجلس مازن بجانب أخيه ثم يتكلم أخيرا قائلا بخجل : أنت عامل ايه دلوقتى يا مروان ،وجدتك عاملة ايه ؟! .
فيجيبه مروان بإستهزاء :يووه ،انا افتكرت نسيت جدتك ،على العموم وهى كمان تعتبر نسيتك يا مازن ،أصل مفيش حاجه بتفضل على حالها ،كله بيتغير .
فيتضايق مازن ثم يصيح به قائلا :انت عاوز ايه يا مروان بالظبط ،علشان معدتش فاهم .
فينظر له مروان بإشمئزاز ثم يقول بحدة :ولا عمرك هتفهم ،خليها هى تفهمك ،على العموم انا جاي علشان اقولك انى عاوز ابيع بيت جدك علشان ادى عمك حقه فيه هو وجدتك .
فينظر له مازن بصدمة ثم يقول بغضب :نعم ! ،عمك اصلا ملهوش فيه وانت عارف جدك عطاهم نصيبهم .
فرد مروان بحدة :وانت عارف ان القسمة دى مش عدل وانا هبيع البيت علشان عمك هيتجوز خلاص ومحتاج مساعدة وانا مش هسيبهم يروح يستلف فلوس من حد وهو ليه حق .
فيرد مازن بغضب :حق اييه ،طيب ايه رأيك بقى انى مش موافق .
فينظر له مروان بغضب قائلا :لا هتوافق يا مازن واظن كفايه اوى لحد كده ،انا جاى ابلغك انى قررت هبيع البيت خلاص ،ولو رجعنا للموافقة اصلا هتلاقينى جاى ابلغك مش اخد موافقتك لانك عارف كويس ان العقد الاصلى مكتوب فيه ان جدك كاتب البيت بإسمى يعنى انت ملكش حق فيه اصلا .
فيصمت مازن لبرهه وينظر الى اخيه بصدمة فبادله مروان بنظرة بعيون منكسرة مليئة بالحزن ويكمل : متبصليش كده يا مازن ،انت متعرفش انا كنت عامل ازاى الفترة الى فاتت دى وايه الى حصلى من الوحدة ، انت عارف كويس انت كنت بتعاملنى ازاى انت ومراتك ،انا مش جاى ألومك ولا افكرك وافكر نفسى بالى راح ،انا جايه اقولك كفايه اوى قسوة وبعد فى عيلتنا اولا جدك وبعدين انت ،صدقنى يا مازن انا وأنت محتاجين أوى لأسرة وعيلة تحتوينا كفاية علينا بعد وتفكك لحد كده ،كفاااية .
ويشعر مازن بحزن أخيه فينهض ويحتضنه بشدة فيبكى مروان قائلا :انا مطلعتش مريض نفسى يا مازن ،انا شخص عادى يا مازن بس كنت محتاج حد يساعدنى اطلع من الى انا فيه .
فيبكى مازن أيضا ويقول :متقولش كده يا مروان ،انا آسف على كل حاجه يا مروان ،انا آسف .
ويمسح مروان وجهه ثم ينظر الى ساعته قائلا : انا همشى بقى علشان ورايا شغل ،وهبقى أكلمك علشان نقابل مشترى البيت سوا .
فيرد مازن :حاضر يا مروان ،الى انت عاوزه .
ويلتقط مروان هاتفه ويضعه فى جيبه قائلا بابتسامة : يلا مع السلامة ،اشوف وشك بخير .
ويغادر مروان منزل اخيه فتخرج زوجته من المطبخ قائلة بضيق :اخوك كان جاى ليه ،كنت بتتخانق معاه ليه ؟! .
فيرد مازن بضيق :مفيش حاجه يا ندى ،كان عاوزنى فى موضوع كده .
فترد زوجته بضيق :ايوه يعنى كان عاوزك فى ايه ؟! .
فيصرخ مازن فى وجهها قائلا :يوووه ،قلتلك موضوع بينى وبينه ! .
ويتركها ويدخل الى غرفته ويغلق الباب خلفه بشدة .
![](https://img.wattpad.com/cover/275749337-288-k157650.jpg)
أنت تقرأ
تعويذة الشافعى
Ficción Generalتدور الاحداث فى احدى حوارى القاهرة حول فتاة تصاب بتعويذة فتتبدل حياتها للجحيم وتسافر لاحدى الحارات حيث تعيش هناك مع جدتها ،وتقابل البطل الذى يعانى من نفس مشكلتها .....