الفصل الأول

16.7K 416 37
                                    

دلفت "مريم" إلى المنزل الخاص به بخطواتٍ بطيئة، الحزن بادي بوضوحٍ فوق ملامح وجهها، ذهنها شارد فيما حدثَ لها، لم تصدق أن حياتها انقلبت على رأسها في يومٍ واحدٍ، تحول كل شئ في ذلك اليوم، حالت بصرها على المكان حولها، ذلك المكان تحديدًا لم تدلف إليه سوى مرتين فقط طوال حياتها حتى الآن، تتذكرهم بشدة كأنهم قد حدثوا الآن، المرة الأولى عندما ذهبت لزيارة لصديقتها "ديما" في بداية زواجها، و مرة أخرى عندما انجبت "جميلة" ابنتها، في كلتا المرتين كانت تشعر بنسلٍ حادٍ يقطَّع في قلبها، تأكد كل شئ داخل عقلها يراودها قد تأكد لها، شعرت حينها أن حلمها الدائم التي تحلم به طوال عمرها، و تتمنى تحقيقه قد تحول إلى حلمٍ مستحيلٍ، و لكن في تلك المرة قد تحقق المستحيل، تدلف المنزل تلك المرة بطريقة مختلفة عن باقي المرات السابقة، فهي الآن تدخله كزوجة، و عروسة اليوم زواجها، لكن ما يؤلم قلبها هو انها تعلم بأن قلب يحيي لم يكن ملكها يومًا مثلما قلبها الذي ينبض عشقه يعيش على ذكرى عشقه له، لكن قلبه هو ملك لديما التي توفت تاركة إياهم، ذلك الشئ أكثر شيء تتمنى أن تنساه، و يُمْحي من ذاكرتِها، و من الحياةِ باكملها لكن للأسف
_الحقائقُ لن تُمحَي أبداً، سِوي عنْدما نعلمُ عكسَها_
فحينها من الممكن أن ننساها، و تمحي من ذاكرتنا، و ذاكرة الحميع للأبد كما نتمنى.
وافقت هي على هذا الزواج مُبررة للجميع بسبب وصية ديما صديقتها، فهى قد وصَّت بهذا كما أخبرها يحيي، و لكن هذا ما تتظاهر به، و لكنها في الحقيقة وافقت من أجل قلبها الذي مازال يتعلق به، الذي يعجز حتي الآن عن نسيانه، لم تنجح تلك السنوات في محيهِ من قلبها، رغم الألم، و الآنين المُسبب لها اثر تلك الفكرة، و ذلك العشق الذي لن يجلب لها، و لحياتها سوي الحزن، رفضت جميع من تقدموا للزواج بها بسبب حلمها بزواجها منه على الرغم من تيقنها أن ذلك الحلم مستحيل، لكنها كانت تعيش على أمله، حتى ربت ربَّها على قلبها، و حققه لها الآن، و ايضاً لن تنكر أنها وافقت لأجل جميلة فهي تعلم بأن أخت ديما لن تحبها و لن تتقبلها، و سوف تهمل جميلة تلك الطفلة ذات الخمسةٍ سنوات، كانت ديما دائماً تقص لها هاتفيًا عن معاملة أهلها الجافة لها، و لأبنتها لكنها كانت ترفض دائمًا أن تخبر يحيي؛ كي لا تشوه صورتهم امامه، كانت تدلف بخطوات بطيئة تخشي مصير حياتها القادمة، فاقت من شرودها على صوت يحيي الذي كان يتحدث مع والدته -منال- قائلًا لها بصرامة، حادة يتحدث بنبرة قوية، و الغضب بادي بها، تعلم انه وافق من أجل ابنته، و وصية ديما فقط، لكنها لم تتوقع طريقته الحادة تلك
:- سيبي يا ماما جميلة قولتلك، جميلة مش هتروح معاكي و هتفصل في شقة أبوها، أظن مريم عارفة أنا متجوزها ليه، و كمان هي بتحب جميلة.

أغمضت مريم عينيها ضاغطة فوقهما بقوة، تحاول أن تهدأ من ذاتها، و هي تشعر بقلبها الذي تفتت إلى أشلاء في تلك الوهلة، فقد كان دائمًا في البدايةٍ يجرحها بأفعاله فقط لكنه الآن يجرحها بحديثه ايضاً، لن تتخيل انه سيقولها لها بتلك الصراحة، يؤكد شعورها التي تتمنى أن يكن كاذبًا، بانت الصدمة ايضا على والدته التي كانت تقف لا تعلم بماذا ترد عليه، تحاول استجماع قوتها؛ كي ترد عليه مقررة تجاهل ما قاله؛ كى لا تزعج مريم اكثر من ذلك
:- يا حبيبي عشان تعرف تاخد راحتك مع عروستك اسمع كلامي بس، و انا يومين أو حاجة، و هجيبهالك على طول مش هتفضل معايا يعني.

حلمي المستحيل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن