كانت كلمة جميلة الصغيرة تلك كفيلة لأشعال حربًا لا آخر لها، و قد تحوَّل سريعًا بصره يحيي نحو مريم ينظر لها بعيونٍ مشتعلة بالغضب، لم يكن غضب عاديًا بل كان غضب شديد كالنيران المتأهبة التي ظنت أنها ستحرقها، غضبٌ يستطع أن يحرقها تشعر أن نظراته تخترقها كليًا، جحظت عيني مريم بصدمةٍ، و هي لا تستطع تصديق ما يتفوهه به، شعرت برعشة قوية حادة تسري في جميع أطراف جسدها المتجمدة، تشعر كمن صفعها أحد صفعة قوية جعلتها تنزف خاصة بعد تأكيد جميلة لحديثهم، بالفعل تشعر بإرتجاف قلبها داخل قفصها الصدرى، نظر لها يحيي بغضب يعجز عن إخفاءه، بينما أغمضت هي كلتا عينيها بقوة ضاغطة عليهما؛ كي لا ترى منظره هذا، لم تفتحهما سوي عندما استمعت الى يحيي، و هو يقول لهما بصوت غاضب، و نبرة مرتفعة و هو يود أن يقتلهما في ذلك الحين
:- انا سكتت كتير بقول أنكم أهل ديما _الله يرحمها_ لكن إني أكتشف أنكم بتعاملوا بنتي باسلوب قذر زي دة ،و بتضربوها و بتهينوها، يبقي مفيش سكات، لا و جايين بكل بساطة تجيبو اللي بتعملوه في مريم اللي معملتش ليكم حاجة، انا بنفسي سامع جميلة، و هي بتحكي لـ مريم اللي حصل، و هي هناك.
خطى خطواته متوجها نحو مريم التي كانت تقف مذهولة فهي لا تعلم أنه استمع الى حديثها هي، و جميلة، بينما قد امتعض وجه سارة بغضب و هي تشعر بفرار الدماء من جسدها، قام هو بضم مريم نحوه، و ربت فوق ظهرها بحنو يهدأ إياها، و أخيراً قد واصل حديثه قائلًا لهما بنبرة جامدة، قاسية، و هو يتطلع نحو تلك التي داخل حضنه بنظرات حانية
:- هي عشان أصيلة، و محترمة مرضتش تقول حاجة ليا، و لا لغيري، بتفَـهِّم جميلة تعمل ايه،و متعملش ايه.
تابع حديثه بنبرة محتقرة، و هو يرمقهم بنظرات مشمئزة، شعرا حينها كل مين سارة، و أمل بالصدمةٍ، فهما قد جاءوا ليجعلوه يترك مريم، هما يعلما مدى تعلقه، و حبه بطفلته قبل أن يتفوها بحرف واحد، تحدث هو قائلاً لهما بنبرة قاسية، صارمة و هو يشير بسبابه نحو الباب الرئيسي للمنزل
:- اتفضلوا برة، و تنسوا أن ليكم حد هنا، طريق الشقة هنا تنسوه، و إلا انتوا عارفين انا اقدر اعمل إيه، أنا محترم الصلة اللي كانت بينا في يوم من الايام.كان يتحدث بنبرة تهديد واضحة، علماها هما جيدا بالفعل قامت أمل بجذب سارة خلفها و ساروا متجهين نحو الباب، و هي تتمتم باسوء الألفاظ لاعنة إياها، فتلك الفكرة هي فكرة سارة، بينما هي لم توافق عليها ، لم تريد أن تعادي يحيي لكنها وافقت لأجل سارة، ما أن خرجا حتى هتقت قائلة لها بضيق توبخ اياها على افعالها، و أفكارها
:- شوفتي اخر أفعالك دي، و أفكارك الهباب اللي زيك طلعي الموضوع من دماغك اديه اتجوز مريم اللي بعدتيه عنها زمان بفكرتك الهباب قال مريم بتحب واحد تاني، أنت ِ تسكتي خالص، و شوفي حياتك هو مش هيبصلك، مريم دي حب حياته لولا فكرتك الهباب بتاعت زمان كان زمانه متجوزها بدل اختك أصلًا.تنهدت سارة بغيظ، و هي تتذكر ما حدث منذُ سنوات ماضية، فهي قد أخبرت يحيي عندما علمت بمشاعره تجاه مريم، أنها تحب واحد آخر زميلها، و معها في الكلية، مستغلة فرق السن بينهما لتخلق فجوة كبرت مع الزمن من ناحيته هو، لكنها صُـدِمت عندما علمت أنه طلب شقيقتها للزواج لم تنسى كم المحاولات التي فعلتها لتُفَشِّل ذلك الزواج، لكن محاولاتها هي من فشلت، و بالفعل تزوج يحيي من شقيقتها التي توفت منذ انجابها لـ جميلة فعلت هي العديد من المحاولات لتلفت انتباهه تجاهها في تلك الفترة، لكنها صُعِقت عندما علمت بزواجه من تلك المدعوة مريم، لتشعر كم كانت الدنيا صغيرة، فهي منعت زواجه من مريم، و دارت الايام، و السنين و تزوج بالفعل من مريم، شعرت بندم شديد فهي أوقفت حياتها على امل زائف لن يحدث، لأول مرة تسمح لعقلها أن ينتصر على ذلك الحب الزائف.
أنت تقرأ
حلمي المستحيل
Romanceأحبته بَل عشقته أصبح حلمَها ليلًا ، ونهارًا، تمنت لو أنها تتزوج به يومًا ما، فقد كان حُبه يتغلغل، ويكبرُ في قلبِها يوم عن يومِ، لكنه لم يَشعر بها، لمْ تتلقى منه دائمًا سوَى صدمة تلو الأخرى، صَدمة لا تكسر قلبَها فقط بل تدمره، تُدمره إلى اشلاءٍ صغيرةٍ...