الفصل الثاني

745 17 0
                                    

كان الجو متوترا اثناء تانول العشاء والحق ان هانا و نيكولا كانا سعيدين جدا بعودة ابنهما و لكن ما ان راح اثر المفاجاة حتي لاحظت هانا ان علاقتهم ببعضهم يشوبها بعض التحفظ و في البداية لم تستطيع تعليل ذلك و لكنها ادركت بعد قليل انهم يتحاشون التحدث عن الابن الاصغر خاصة ان خطيبته تشاركهم الجلسة و لم يذكره احد الا عندما اخبرا هيرمان ان جريج يقيم حاليا في سيدني و لن يعود قبل يومين تري هل ستتسبب زيارة هيرمان المفاجئة في توتر عائلي الآن ؟
و لم يفكر هيرمان في طمانتهم كما انه لم يذكر عن كتابه الجديد الا القليل فقال :
- انها مجرد فكرة غير مؤكدة و لا اعرف حتي الآن ما اذا كنت سأفعل فيه شيئا ام لا الحقيقة اني حضرت الي هنا خصيصا بحثا عن العزلة و كان زواج هيلين و جريج حجة لي .
ثم ركز نظراته علي هيلين التي اخفضت نظرها و نظرت الي الطبق الموجود امامها و أضاف :
- انني في حاجة الي بعض الهدوء ...
ثم سألته والدته بقلق :
- الا تعاني اي شيء ؟ الست مريضا ؟
- كلا ، كوني مطمئنة يا امي .. و كما قلت لك كل ما احتاج اليه هو القليل من الراحة .
تقبل نيكولا و هانا حديث ابنهما بنظرة شك و الحق ان هانا لم تقتنع بما قاله و كان هيرمان علي الرغم من ارهاق السفر يتألق حيوية و من الواضح انه ليس من طراز الرجال الذين يفضلون البطالة ولو كانت مؤقته .
ظلت هيين تراقبه طوال الوقت خلسة محاولة تذكر كل ما قيل عنه من قبل ، ففي السادسة و الثلاثين من عمره وصل هيرمان نايت الي قمة مجده و لكن النقاد لم يستطيعو ايدا ان يؤكدوا ما اذا كان ينوي الاستمرار في مجال كتابة القصة أم لا .
و قبل ذلك بعشر سنوات كان هيرمان من افضل الصحفيين في نيوزلنده و بعد فشله في تجربة زواجه رحل تاركا بلاده ليعمل كمراسل صحفي لجريدة استرالية ثم حدث ان تم اختطاف الطائرة التي كان يسافر علي متنها مما أثار ضجة عالمية و بعد عدة اعوام من هذه الحادثة اصبح لتوقيع هيرمان نايت علي بعض مقالاته الصحفية شهرة تخترق الآفاق .
لم تكن اي حادثة تقع او اي معركة تدور الا و يزج هيرمان بنفسه في خضم احداثها و خلال فترة التي يكرسها لكتابة هذه المقالات الشهيرة بدأ يكتب ايضا سلسلة من القصص التي لاقت رواجا لا مثيل له و الحق ان قصصه كانت حافلة بمشاهد العنف و اليأس مما كان يؤثر في هيلين كثيرا .
و بعد ان أفل نجم هيرمان لفترة ما و جرت الشائعات التي تؤكد قيامه بتحقيق ما حول عملية سرية و خطيرة و مع ذلك رجع من جديد بخفي حنين فاعتبره البعض انتهي ككاتب و صحفي و يبدو و انه كان غير سعيد بمهنته كمراسل صحفي خارج البلاد و اكتفي بعد ذلك بإنفاق الثروة التي جمعها خلال هذه الفترة و كان يرفض تماما الاجابة عن الاسئلة التي وجهت اليه بصدد الاشهر الستة الاخيرة التي قضاها بعيدا .
و بعد عدة اسابيع بدأ اسم مؤلف جديد يدعي ستيفان ايرانت يجوب الافاق و من المدهش ان قصته التي ظهر بها نالت اعجاب الجميع و لاقت رواجا فائقا و كانت قصة عاطفية تدور حول رجل انتقل فجأة من حياة بائسة الي مستقبل مشرق و حر ، فأعجب الجميع بحبكة الرواية و اسلوبها الابطال الذي جذب انتباه الآف القراء و كانت قصة ملاك في الظلمات هكذا كان عنوانها تدور في جو غريب يتأرجح بين الحقيقة و الخيال و بعد قراءة القصة كان القارئ يعجز عن التأكيد ما اذا كانت البطلة هذه ثمرة خيال البطل ام انها حقيقة و اقعة .
و بعد فترة عرف الجميع حقيقة شخصية المؤلف و كان :
هيرمان نايت فقوبل بترحاب عظيم و علقت الجرائد علي هذه القصة بل ووصل بعضها ان اعتبرت نايت ما هو الا بطل القصة الحقيقي .
ثم ظهرت قصة ثانية تحت اسمه الحقيقي بعد عام واحد فوضعت حدا لهذه الشائعات حيث كانت تختلف تماما عن قصة ملاك في الظلمات و لكنها احدثت دويا عظيما في عالم الادبي ايضا .
و نالت هاتان القصتان جوائز عديدة و بعد عام اخر ظهرت له قصة ثالثة حققت الرقم القياسي في المبيعات .
شعرت هيلين بالاستغراب كثيرا عندما وجدت نفسها جالسة امام الرجل الذي اشتهر بأنه عملاق الأدب فعلي الرغم من الحياة التي كان يعيشها الا انها لم تلاحظ عليه اي شيء غير مألوف و كان قميصه الابيض يعكس لون بشرته و ذبولها و كانت حركاته غاية في المرونة و الحق انه كان رائعا في كل شيء .
ثم وجدت هيلين نفسها معجبة جدا بمظهره القوي البرونزي الذي يظهر من خلال فتحة قميصه و فجاة لاحظت انه يلاحظ نظراتها نحوه فلم تستطيع تحويل نظراتها عنه و خاصة وان الريق الغريب الذي كان يشع من عينيه كان يجعلها ترتجف بشدة .
- الست جائعة ؟
فوجئت هيلين بصوت هيرمان الدافيء و المسترسل .
و لاحظت انها ابعدت الطعام الموجود امامها بدون ان تعي ذلك .
- ليس بالضبط .
-ان الوقت يبدو لك طويلا بدون جريج ...
هل كان يسخر منها ؟ لقد تركت له هيلين فرصة الريبة في تصرفاتها ، فأجابت بلطف :
- لست من النوع الذي يشعر بالملل .
- عين الحكمة ! عدم التفكير في المصير و الاستفادة من الحياة هذا صحيح !

ليلة عابرة للكاتبه سوزان نايبرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن