( لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شئ )
أنس بن مالك
لما اشتد البلاء علي المسلمين بعد بيعة العقبة الثانية ، إذن محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة الي المدينة المنورة ، فجعلوا يخرجون ويخفون ذلك ، فكأن اول من قدم المدينة المنورة ابو سلمة بن عبد الأسد ، ثم قدم المسلمون إرسالاً فنزلوا علي الأنصار في دورهم فاووهم ونصروهم .
ولم يبقي بمكه منهم إلا النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق أو مفتون محبوس أو ضعيف عن الخروج.ولما رأت قريش خروج المسلمين ، خافوا خروج محمد صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا في دار الندوة ، واتفقوا أن يأخذوا من قلبية من قريش شابا فيقتلون محمد صلى الله عليه وسلم فيتفرق دمه في القبائل .
فأخبر جبريل محمد صلى الله عليه وسلم بالخبر وأمره أن لاينام في مضجعه تلك الليلة ، فأمر محمد صلى الله عليه وسلم علياً أن ينام مكانه لؤدي الامانات التي عنده ثم يلحق به .
واجتمع أولئك النفر عند بابه ،لكنه خرج من بين أيديهم لم يره منهم أحد ،وهو يحثوا علي رؤوسهم التراب تالياً آيات من سورة يس .
فجاء الي ابي بكر ، وقد كان أبو بكر قد جهز راحلتين للسفر ، فاعطاها محمد لعبد الله بن رايقط ، علي أن يوافيهما في غار ثور بعد ثلاث ليال ِ ، ويكون دليلاً لهما ، فخرجا ليلة ٢٧ صفر سنه ١٤من النبوة ، الموافق ١٢ سبتمبر سنه ٦٢٢م ، وحمل ابو بكر ماله كله ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف ، فمضيا الي غار ثور فدخلاه وضربت العنكبوت علي باب بعش ، وجعلت قريش فيه حين فقدوه ١٠٠ناقة لمن يرده عليهم، فخرجت قريش في طلبه حتي وصلوا باب غار ، فقال بعضهم ( أن العنكبوت قبل ميلاد محمد )
فانصرفوا . ومكث محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في غار ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ، حتي خرجا من الغار ١ربيع الاول ، أو ٤ربيع الاول .وبينما هما في الطريق ، إذا عرض لهما ،سرقة بن مالك هو علي فرس له فدعا عليه محمد صلى الله عليه وسلم فرسخت قوائم فرسه ،فقال (يا محمد أدع الله أن يطلق فرسي وارجع عنك وارد من ورائي )
ففعل فأطلق ورجع فوجد ألناس يلتمسون محمد صلى الله عليه وسلم فقال ( ارجعوا فقد استرات لكم ما ههنا ) فرجعوا عنه .
وصل محمد قباء يوم الاثنين ٨ ربيع الاول او ١٢ ربيع الاول ، فنزل ابو بكر علي خبيب بن إساف .
وأقام علي بن ابي طالب بنك ابي طالب بمكه ثلاث ليال وايامها حتي ادَي الوادئع التي كانت عند محمد صلى الله عليه وسلم للناس ، حتي إذا فرغ منها لحق بمحمد واصحابه في قباء عند بني عمرو بن عوف ٤ أيام ، وقد أسس مسجد قباء لهم ، ثم انتقل الي المدينة المنورة ادخلها يوم الجمعة ١٢ ربيع الأول ، سنة ١هجرين الموافق ٢٧ سبتمبر سنة ٦٢٢م ، وعمره يومئذ ٥٣سنة .
ومن ذلك اليوم سُميت بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعدما كانت يثرب ، ويعبر عنها بالمدينة مختصراً أو المدينة المنورة .
ولما دخل المدينة ، راكباً ناقته القضاء ، تغنت بنات الأنصار فرحات :طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا. ما دعا لله داع
ايها المبعوث فينا. جئت بالامر المطاع
جئت شرفت المدينة. مرحباً يا خير داع
واعترضه الانصار يملكونه بالنزول عليهم ، فقال لهم ( إنها مأمورة فخلوا سبيلها ) ،حتي انتهت فبركت في مربد لغلامين يتيمين من بني النجار ، فأمر ببناء مسجد عليه ، وهو المسجد النبوي الان ،ثم جاء ابو أيوب الأنصاري فحط رحلة فادخله منزله فقال محمد صلى الله عليه وسلم( المرء مع رحله ) وجاء أسعد بن زرارة فأخذ بزمام راحلته ،فكانت عنده ، وخرجت جوار من بني النجار فرحات بقدومه وهن يضربن بالدف ينشدون : ( نحن جوار من بني النجار ،يا حبذا محمد من جار )
وكان أول شي يتكلم به في المدينة أن قال ( يا أيها الناس ،افشوا السلام واطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا والناس نيام وادخلوا الجنة بسلام )
وبعد أيام وصلت إليه زوجته سودة بنت زمعة، وبنتاه فاطمه وام كلثوم ، واسامة بن زيد ، وام ايمن ، وخرج معهم عبدالله بن ابي بكر بعيال ابي بكر ، ومنهم عائشه ، وبقيت زينب عند أبي العاص ، لم يمنكها من الخروج حتي هاجرت بعد غزوة بدر ، وبعد أن وقع زوجها أسيراً لد المسلمين ،ثم أطلق سراحه شرط أن يترك زينب تهاجر للمدينة .
وقد اتخذ عمر بن الخطاب من مناسبة الهجرة بداية التاريخ الاسلامي ،لكنهم اخروا ذلك من ربيع الاول الي محرم الان ابتدأ العزم علي الهجرة كان في محرم ،إذا كانت بيعة العقبة الثانية في أثناء ذي الحجه ،فكان اول هلال استهل بعد البيعة والعزم علي الهجرة هلال محرم ، فكان بداية التاريخ الاسلامي والمسمي بالتقويم الهجري .
بينما يريد الشيعة أن التاريخ الهجري قد وضع في زمن محمد ،وقد أرخ به محمد صلى الله عليه وسلم نفسه أكثر من مرة.