الفصل 18

66 3 0
                                    

خرجت مي من غرفتها في ابهى صورها كما اعتادت، حين رآها محمد افِتَّر ثغره عن ابتسامة خفيفة حاول إخفائها لوجود عشق، اقتربت منه لتسلم عليه وترحب به وما أن اقتربت منه إلا وتسارعت دقات قلبه الذي كاد أن يخرج من بين ضلوعه ليحتضنها، مدت له يدها فسلم عليها باشتياق وهو يثبت نظره عليها، تقابلت أعينهم ولكن!
ينظر لها محمد نظرة حانية يملؤها الحب، أما هي فتنظر له بتساؤل لماذا فعلت كل الذي فعلته؟
لحظات مرت عليه، تسيد الصمت الموقف إلى أن استفاقت من شرودها وتذكرت أنها لم تُضيفه حتى هذه اللحظة، سحبت يدها من بين يده التي كانت تغلق عليها اصابعه بإحكام،  لمسة عشق من محبوب اشتاق النظر لمحبوبته فتحدثت قائله:
اتفضل اقعد يا محمد
محمد بصوت دافئ : وحشتيني اوي يا مي
- لو كنت وحشتك فعلا زي ما بتقول مكنتش عملت اللي عملته، مكنتش تآخد مني ورثي من أبويا وتسيبني انزل الشغل تاني واتبهدل علشان الاولاد
- وانتي فعلا اتبهدلتي، يعني المرتب كان قليل مكنش بيكفيكي انتي والولاد؟
- لأ الحمد لله بعد ما زودوا المرتب، الأمور بقت أحسن كتير، بس هترجع تاني أسوء من الاول
- ليه بقا تبقا أسوء من الاول، انتي مش بتشتغلي؟
- لأ مش بشتغل، تقدر تقول استغنوا عن خدماتي وبعد كده طلبوا مني تدريب للناس الجديدة وحصل تلات مرات بمبلغ كويس ومن وقتها خلاص
- وانتي ناويه تعملي ايه دلوقت؟
- تفتكر هعمل ايه يا محمد،  لازم أدور على شغل مش هسيب ولادي يتبهدلوا ورائد لسه في الدراسة ومش هسيبه يشتغل من دلوقت
- مي انا لسه بحبك، لسه شاريكي، لسه بعرض عليكي نتجوز، انا مستعد أعمل أي حاجه علشان توافقي ..
مي باستهزاء: كفاية اللي انت عملته معايا، وقفت جنبي وسندتني صح برضو
- هو انتي عندك شك في كده؟
نظرت له مي بتعجب ولم تتفوه بأي كلمة ولكنها اكتفت بأن تنظر له نظرة عتاب ليردف محمد: انا عمري ما بعدت عنك، عمري ما اتخليت عنك، انا سندك وهفضل كده لحد آخر يوم ف عمري، انتي لحمي ودمي وحته مني، انتي ساكنه روحي،  لازم تعرفي ان انا اللي طلبت من مدير البنك يزود المرتب علشان متتبهدليش وانا اللي طلبت منه يقولك استغنينا عنك علشان ترتاحي وانا اللي طلبت منه يصرفلك مكافأة كبيرة علشان متحتاجيش لحاجة، ولازم تتأكدي أن كل فلوسك في الحفظ والصون وانا عمري ما أخدت ولا هآخد أي قرش منها وده الورق اللي يثبت اني حافظت عليها وزودتها ودلوقت برجعلك فلوسك وممتلكاتك، وكل اللي بطلبه منك دلوقت إنك ترضي تكملي معايا اللي باقي من عمري، انا بحبك ومحبتش غيرك ولا هحب غيرك ولو هعيش اللي باقي من عمري من غير جواز انا مش هتجوز غيرك

دمعت عيناها عندما سمعت ما قاله وتأكدت من حبه الشديد لها فأردفت:
- أنا مبقتش عارفه أرد عليك بأي كلمة بعد اللي انت قولته ده وبعد اللي سمعته منك، بس الاولاد مش ممكن هيوافقوا يا محمد حتى لو انا وافقت

محمد وقد تهلل وجهه بالابتسام وارتجف صوته قائلا: الاولاد انا هتكلم معاهم، انا هقنعهم بس انتي قولي انك موافقة
- مش هقدر اوافق ولا ارد عليك غير أما اتكلم معاهم، سيبلي فرصة كام يوم وهرد عليك
- ماشي انا هستناكي، همشي انا دلوقت وفي أي وقت هتلاقيني موجود

انصرف محمد بعد ان بدأ الامل يدب داخله من جديد، وبدأ يفكر كيف يتقرب للأولاد حتى يكسب ثقتهم ويؤكد لهم حبه لمي.
عاد كل من رائد واماني إلى البيت وفي المساء طلبت منهم مي ان يجتمعوا معاً لكي تتحدث إليهم وبدأت بالحديث قائله:
- اكيد انتوا مش هتصدقوا الكلام اللي هتسمعوه، بس النهارده خالو محمد كان عندنا والغريبة انه جاب الملف ده معاه ..
تناول منها رائد الملف واطلع عليه فوجد أنها أوراق الملكية الخاصة بكل ممتلكات مي، فتوجه إليها بالسؤال: يعني كده خالو محمد رجع كل اللي كان واخده منك؟
- اه هو قال كده وكمان الاوراق دي بتأكد كل كلامه وأكدلي ان الفلوس كمان زادت من وقت ما بابا أتوفى لحد النهارده وعرفت منه أن هو اللي طلب من مدير البنك إنه يزود المرتب بتاعي علشان متحتاجوش لحاجة وهو اللي طلب منه اني مكملش في الشغل علشان ارتاح، بس هو لسه بيطلب مني الجواز لحد دلوقت وبيكرر الطلب مرة تانية.
- يعني هو رجع كل حاجه علشان توافقي على الجواز منه؟
- لأ يا اماني، محمد طول عمره بيحبني، تقدري تقولي أنه عمل كده علشان كان زعلان مني أني كنت رافضه الجواز منه بعد وفاة ابراهيم واني من الأول فضلتله عليه ووسيلة للضغط عليا اني ممكن اوافق علشان يرجعلي اللي اخده مني بس لما حس اني فهمت غلط وفهمت انه طمعان فيا رجع كل حاجه علشان يثبت حبه ليا، ولازم تعرفوا ان اللي بيحب بجد مبيقدرش  يشوف اللي بيحبه تعبان أو حزين أو أنه يفهمه غلط، ودلوقت هو كان عاوز يقابكم ويتكلم معاكم وأنا رفضت وقولتله أنا هتكلم
معاهم وهرد عليك بعد كام يوم
رائد: طيب روحي يا أماني انتي وعشق اعملوا عصير لماما
فهمت أماني أن رائد يريد الانفراد بمي عندما نظرت في عيناه وأشار إليها بالخروج
اماني: امم طيب ماشي، تعالي معايا يا عشق 

خرجوا وتركوهم فاقترب رائد من مي يسألها:
انتي رأيك اييه يا ماما، موافقه على الجواز من خالو محمد؟
- انا مش عارفه والله يا رائد انا المهم عندي راحتكم، وانا عارفه انكم مش بتحبوا محمد ورافضين الجوازه فأنا هرفض
- طيب بصي يا ماما، انا مش هنكر اني في الاول كنت زعلان من اللي عمله بس مكنتش فاهم انه كان بيعمل كده علشان بيحبك، على الرغم اني رافض اللي عمله بس هو صلح كل حاجة، هو بيحبك بجد وبعدين انتي اللي هتعيشي معاه مش احنا، احنا هنعيش هنا في بيت بابا وانتي اتجوزي وعيشي حياتك معاه ومتشيليش همنا، احنا هنبقى كويسين وخودي معاكي عشق كمان، هيا مش هتقدر تقعد معانا في عدم وجودك، وأنا وأماني هنبقى نيجي زيارة نطمن عليكم
- انت بتقول ايه، انا مش ممكن اسيبكم ابداً، انتوا ولادي قبل عشق ولو وافقت اني اتجوز هتعيشوا معايا
وهنا توقف الاثنين عن الكلام وساد الصمت سيد الموقف ....
مرت الأيام وبدأت العلاقة بين رائد وروان تأخذ شكلها الجديد، واتفقوا معاً على أن يتقابلوا معاً يومياً في المدرج لحضور المحاضرات ومن هنا تقربوا لبعض اكثر وأكثر وبدأ رائد يتحدث إليها مساء كل يوم عبر الهاتف

وبعد أسبوع ارسل محمد لمي رسالة محتواها
خَياراتي لَيست كَثيرة
فَقط أن أحبُكِ حَتى المَوت
أو أمُوت ولاَ غَيرك أحَب !

عندما قرأت مي تلك الرسالة أرسلت رداً عليها
بعد الشر عليك يا محمد، هو انا ناقصة موت مش كفاية اللي سابوني ومشيوا، عاوز تمشي انت كمان وتسيبني لوحدي، انا مليش غيرك انت اولادي في الدنيا، بلاش سيرة الموت

سريعاً قرأها واتصل هاتفياً بها فأجابت على اتصاله
- وحشتيني يا مي، لازم تعرفي أن بعدك عني هو الموت، انا بموت بالبطيء، ارحميني بقا كل ده وانا منتظر تردي عليا، غيابك طول اوي
- رائد قالي انه هيفضل في بيت ابراهيم إذا اتجوزتك يا محمد وأنا مش هقدر أسيب ولادي بعد ما عشت معاهم كل السنين اللي فاتت دي، حتى لو أنا مش والدتهم لكن أنا اللي ربيت، استلمتهم حتة لحمة حمرا ومعاهم لحد دلوقت، شوفتهم بيكبروا أدام عيني كل يوم لحد ما شوفتهم في الكليات، ازاي اسيبهم لوحدهم وازاي حياتي هيكون لها طعم من غيرهم، انت فاهمني يا محمد ومقدر شعوري صح
- فاهمك وحاسس بكل كلمة قولتيها بس عاوز أسألك لآخر مرة، انتي موافقه عليا، موافقة تتجوزيني... وقبل ما تردي لو قولتلي اه انا هتصرف مع الاولاد وهخليهم يعيشوا معاكي
- اء ... اء ... ثم صمتت
- ردي عليا يا مي ورديلي روحي بقاااااا
- طيب يا محمد، انا موافقة
- اييييييه، قوليها تاااااني، قولي، عاوز اتأكد اني سمعت صح، موافقة علياااااا
ارتفع صوتها مجلجلا بضحكة تتخللها السعادة ثم اردفت: انت مجنون يا محمد، انا موافقة، خلاص اتأكدت كده؟
تنهد محمد وأجابها: الحمد لله اتأكدت، انا هعملك كل اللي انتي عوزاه وأولادك هراضيهم وهخليهم يقولولك اتجوزيه
انهي معها الحديث وأغلق الهاتف واتصل بشركة السياحة

في غرفة رائد
امسك بهاتفه وفتح تطبيق الواتس وكتب في حالته
ثـم يرمي اللّہ على جرحك  ورده ٌ
على هيئة إنسان يرسم لك
في وســط الحزن ضحكة
انتي هذه الضحكة

وبعد دقائق ارسلت روان رداً على حالته
هي مين دي؟

ف رد برسالة... واحده كده متعرفيهاش
ف ردت... امممم معرفهااااش .. طووويب توووومام

فغير رائد الحالة للمرة الثانية وكتب

كل مآ أريده أنْ أذهبَ حيثُ أنت
لأرتمي بـ حضنك حتى تهدأ نبضاتي
و أسَّتعيدَ توازني ...
و أبـدأُ رحلــةَ اشتياق جـديـــدة

ف ردت عليه للمرة الثانية... لأ بقا كده كتير، لازم أعرف مين دي

ف رد برسالة... بس انا مش بحكي لحد حاجة، عاوزه تعرفي هي مين؟

فأرسلت جوابه... اه وبعدين انا مش حد انا سبت، اتنين انما مش حد، ياله بقا قول هي مين

ف غير رائد الحالة وكتب

إني أُحبك {♡} مثقال كونٍ بما حوى ..
ثم إني أُحبك عمراً ..
وما نهاية العُمر إلا الفنا ..

وإني أراك تَطوف في كُل الأماكِن ..!
فُـؤادي ~ أضلُعي ~ وسَواد عَيني

عندما أصبحتُ أحبُك؛ أدركت أن قلبيّ يمكنه أن ينبض بعيدًا عن جسدي، وينبضُ في جسدك أنتَ

يا أنتِ
ﻋﻨﺪﻣا ﺗكون ﻣﻌْﻲِْ ."
ﻟَﺎ ﺁﻓﺘﻘﺪ ﺁﺣﺪاً ﻭلآ ﺁﻧﺘْﻈﺮْ أﺣﺪاً ولآ أﺭْﻳﺪ أﺣﺪاً
ﻑَ ﺁﻧتِ ﻭﮔـ ﺂﻧك ﺟﻤَﻴﻊْ اﻟكوُﻥْ ﺏالنسبة ﻟﻲْ . . !
احبك انتي يا مجنونتي
هل ستردي لي روحي وتبوحي لي بما في داخلك؟

ف ردت برسالتها... هو انت كده قولتلي هي مين؟
فأتصل بها عبر الهاتف وعندما أجابته فاجأها قائلا:
بحبك يا روان، وتنهد ثم قال بصوت هادئ هاه عرفتي هي مين ولا اقولك تاني؟
- هاه لا خلاص عرفت
- طيب وأيه رأيك؟
- وانا كمان زيك كده بالظبط
- احنا هنخم بقا ولا ايه، قولي انا عاوز اسمع واتأكد
- خلاص بقا مش وقته، انا قولت كده خلاص، لازم اقفل ونكمل بعدين  يالا بقا سلام
#يتبع
#نوري




العشق خلق لكِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن