3️⃣

763 16 1
                                    

استيقظ في صباح اليوم التالي و هو يشعر بالإرهاق بسبب اختلاف الوقت و بسبب الأحلام و الكوابيس المزعجة و الأفكار التي تداعت إلى رأسه فحرمته لذة النوم .. رأى والدته تأتي لتمسح على رأسه ثم تتركه و تمسك بيد زوجها كارلوس و تغادر بعيدا .. فقرر أن يغادر هو بدوره و يغفر لنفسه و هذا سيتطلب مجهودا كبيرا .. ارتدى ثياب عملية و خرج من حجرته ليقابل داني في طريقة للنزول لتناول الإفطار
- " صباح الخير باتريك .. كيف كانت ليلتك ؟ "
- " لا بأس بها .. ماذا عنك هل نمت جيدا ؟! "
- " ما أن وضعت رأسي على الوسادة "
- " هنيئا لك "
- " ماذا تنوي أن تفعل اليوم ؟! "
- " سأذهب لألقي نظرة على الكروم و الإسطبل و أرى كيف تسير الأمور في المصنع .. هل تحب أن ترافقني ؟! "
- " نعم و لم لا "
- " إذا بعد الإفطار سنذهب على ظهر الخيل "
- " فكرة جيدة "

اقترب من وانيتا الخادمة و أخبرها بأنه يود تناول الإفطار في الحديقة .. فجلس هو و داني لتناول فشاركتهم نانيرا و بعدها انضم إليهم ماريو ..
- " فكرة رائعة يا دون باتريشوا لتناول الإفطار في الهواء الطلق .. أن الجو رائع و نحن نحتاج للتغير .. آه كم تذكرني بالدون آليخاندروا كان دائما يحب أن يغير بين حين و أخر "
ابتسم لها و أومأ برأسه موافقا على كلامها ..
- " دون باتريك .."
- " ماذا يا ماريو ؟! "
- " لقد اتصل محامي العائلة يريدك أن تحدد موعدا له لمناقشة الوصية .. فماذا أجيبه "
غدا ..هو الأنسب .. اليوم أريد أن أمر على المصنع و أرى سير العمل و ألقي نظرة على الكروم و الإسطبل و نحب أن نمارس أنا و داني ركوب الخيل إن أردت مرافقتنا "
- " نعم بالطبع يا سيدي .. "
بعد الإفطار كان الثلاثة على ظهر الخيل فوق التل ينظرون إلى الكروم الأخضر الممتد إلى الوادي .. أوقف باتريك جواده و ترجل عن ظهره و تمشى بين الكروم فتبعه ماريو و داني .. أخذ يتلمس الأوراق و يقطف العنب ليتذوقه .. ثم ابتسم
- " لا يزال لذيذا كما كانت أعهده سابقا .. كنت اهرب إلى هنا و أنا صغير و أقطف العنب ثم أنزل إلى الوادي لأغسله و أتناوله و أقوم بتوسيخ ثيابي فتنهرني والدتي "
مد حبات من العنب إلى داني و ماريو
- " تذوقوه .. "
دفع داني ثلاث حبات إلى فمه فتغيرت ملامحه لاستيطابه طعمه فقال مبتسما
- " إنه مليء بالعصارة و لذيذ جدا "
- " انتظر حتى تتذوق النبيذ .. ستعشقه "
ضحك داني و قال
إنني أتحرق شوقا لأن أرى الفتيات يتقافزون فوقه لعصره .... "
ابتسم باتريك و أضاف معلقا
- " أوافقك الرأي .. سيكون ألذ .. أليس كذلك يا ماريو؟؟ "
شعر ماريو بالإحراج .. فأومأ برأسه .. و ضحك الاثنان عليه لأن ماريو لا يحب أن يناقش أمور الجنس الآخر مع باتريك و داني ...
مر بالقرب من المزارعين فأشار لهم محيا و ربت على ظهر أحدهم
- " أحسنتم عملا .. "
- " شكرا لك دون باتريشيو "
صعد على ظهر الخيل ليذهب إلى المصنع حيث يؤخذ العنب اللذيذ و يعصر بآلات العصر العملاقة ثم تصب العصارة في أفخر أنواع الزجاج الذي تحول إلى قناني فاخرة التي تصنع هنا و من ثم تسد في سدادة من فلين و توضع في صناديق ليتم شحنها إلى باقي أرجاء البلاد .. و يعتبر نبيذ آلفاريز أشهر نبيذ في أسبانيا و أفخرها .. فهو معروف منذ قرون طويلة .. فعمر هذا المصنع يعود إلى القرن السادس عشر لكن قام أجداد باتريك بترميم المصنع و تطوير آلاته مع السنين
بعد أن تأكد من حسن سير العمل دخل إلى مكتب مدير المصنع و أخبره بأنه سيقوم بترميمه و تحديثه بالأجهزة المتطورة و كل ما يحتاجه من المدير هو إعطاءه قائمة بالمستلزمات و أحسن الأجهزة و المعدات حتى يباشر هو بعملية الشراء ...
بعد الجولة في الكروم و المصنع اتجه إلى الإسطبل و تفقد الخيول و أمر المسئول عنها أن يرسل له تقرير عن الإسطبل و صحة الخيول و ما يحتاجه كل منهم ....
قرر بعد هذه الرحلة و الجولة الصغيرة في الكروم و المصنع و الإسطبل أن يركب الخيل و يركض به و هو يضحك و يصيح بصوت عال على داني و ماريو خلفه
- " هيا .. من يستطيع أن يسبقني ؟! "
- " إنك غشاش .. "
- " أثبتي لي ذلك .. هيا "
تسابق مع داني و ماريو حتى مدخل القصر و لأنه ركض بالخيل قبلهم استطاع أن يسبقهم و هو ضاحكا .. كانت نانيرا واقفة تطل عليه من نافذتها و هي تبتسم فلوح لها بيده و دخل المنزل ...
سألته و هي تناوله المنشفة
- " ماذا فعلت يا بني ؟! كيف كانت جولتك ؟! "
كل شيء يسير على ما يرام لكني أريد أن أغير في الإستراتيجية و أقوم بتحديث كل شيء بما فيهم القصر .. "
- " ماذا ستفعل بالقصر ؟! "
جلس على كرسيه و قام بإشعال سيجارة .. و أجابها قائلا
يحتاج إلى بعض التغيرات و الترميمات و سأنتقل أنا إلى جناح والدي و ستقفل حجرة والدتي و نهدم حجرتي فندخلها بجناح والدي و بالتالي يكون أوسع و سنبني بالخارج منزلين صغيرين لماريو و داني و عائلتهما المستقبلية.. و أنت يا نانيرا .. أنت سيكون عليك التأثيث .. "
- " يسعدني ذلك يا بني "
- " لديك كل ما تحتاجينه و داني سيقوم بمساعدتك "
التفتت إلى داني فقال ضاحكا
- " سنشكل ثنائيا رائعا يا نانيرا .. و أكثر شيء سنهتم به هو منزلي الصغير الجديد .
ضحكوا جميعا .. فأطرقت عليهم بسؤالها ..
- " و متى ستحضر عائلتيكما ؟! "
قال ماريو مبتسما
- " أنا عما قريب .. ما أن ينتهي المنزل الصغير سأقوم بعمل حفلة زفافي في القصر"
- " هذا رائع .. نحتاج إلى الاحتفالات هنا .. فمنذ زمن طويل و هذا القصر يعيش حالة من الحزن "
- ساد الصمت المكان .. حتى قال داني مغيرا الجو و مضيفا بعض المرح
أما أنا فمازلت عازبا .. و بينما نقوم أنا و أنت يا نانيرا بالاهتمام بتأثيث منزلي سنضيف إلى ذلك مهمة أخرى و هو البحث عن فتاة أسبانية أصيلة تليق بي "
ضحكت نانيرا و ربتت على كتفه
- " سيسعدني ذلك يا بني .."
ثم التفتت إلى باتريك و مسحت على رأسه
- " و ماذا عنك يا بني ؟ متى سأفرح بك ؟ "
- " عندما يحين الوقت "
و هل هو قريب ؟! "
سرح قليلا ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة صغيرة و قال
- " ليس لدي أدنى فكرة .. كل ما أعرفه باني مثل داني .. عازب .. و أنا الآن لا أفكر إلا بتلك الشقراء الهيفاء التي تجمهر حولها المعجبين في المطار .. أتذكرها يا داني ؟! "
- " نعم .. لكني لم استطع أن أرى ملامحها.. لعلها ممثلة مشهورة "
رفع كتفيه و قال
- " ربما .. "
أسند رأسه على ظهر الكرسي و أعاد في مخيلته صورة تلك المرأة و صورتها و هي تبتسم له .. و مرة أخرى و هي تجيب الرجل بصوتها الأنثوي الضاحك
- " سألف أوروبا "
يا ربي من عساها تكون تلك التي شغلتني عن النوم و منعتني عن التفكير بوالدتي و الذنب الذي يحكم علي أنفاسي .. فهل سأقابلها يوما ما ؟!!

لورا و الدوق الأسباني / ماري روك (رواية مكتوبة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن