استيقظ في صباح اليوم التالي و هو يشعر بالإرهاق بسبب اختلاف الوقت و بسبب الأحلام و الكوابيس المزعجة و الأفكار التي تداعت إلى رأسه فحرمته لذة النوم .. رأى والدته تأتي لتمسح على رأسه ثم تتركه و تمسك بيد زوجها كارلوس و تغادر بعيدا .. فقرر أن يغادر هو بدوره و يغفر لنفسه و هذا سيتطلب مجهودا كبيرا .. ارتدى ثياب عملية و خرج من حجرته ليقابل داني في طريقة للنزول لتناول الإفطار
- " صباح الخير باتريك .. كيف كانت ليلتك ؟ "
- " لا بأس بها .. ماذا عنك هل نمت جيدا ؟! "
- " ما أن وضعت رأسي على الوسادة "
- " هنيئا لك "
- " ماذا تنوي أن تفعل اليوم ؟! "
- " سأذهب لألقي نظرة على الكروم و الإسطبل و أرى كيف تسير الأمور في المصنع .. هل تحب أن ترافقني ؟! "
- " نعم و لم لا "
- " إذا بعد الإفطار سنذهب على ظهر الخيل "
- " فكرة جيدة "اقترب من وانيتا الخادمة و أخبرها بأنه يود تناول الإفطار في الحديقة .. فجلس هو و داني لتناول فشاركتهم نانيرا و بعدها انضم إليهم ماريو ..
- " فكرة رائعة يا دون باتريشوا لتناول الإفطار في الهواء الطلق .. أن الجو رائع و نحن نحتاج للتغير .. آه كم تذكرني بالدون آليخاندروا كان دائما يحب أن يغير بين حين و أخر "
ابتسم لها و أومأ برأسه موافقا على كلامها ..
- " دون باتريك .."
- " ماذا يا ماريو ؟! "
- " لقد اتصل محامي العائلة يريدك أن تحدد موعدا له لمناقشة الوصية .. فماذا أجيبه "
غدا ..هو الأنسب .. اليوم أريد أن أمر على المصنع و أرى سير العمل و ألقي نظرة على الكروم و الإسطبل و نحب أن نمارس أنا و داني ركوب الخيل إن أردت مرافقتنا "
- " نعم بالطبع يا سيدي .. "
بعد الإفطار كان الثلاثة على ظهر الخيل فوق التل ينظرون إلى الكروم الأخضر الممتد إلى الوادي .. أوقف باتريك جواده و ترجل عن ظهره و تمشى بين الكروم فتبعه ماريو و داني .. أخذ يتلمس الأوراق و يقطف العنب ليتذوقه .. ثم ابتسم
- " لا يزال لذيذا كما كانت أعهده سابقا .. كنت اهرب إلى هنا و أنا صغير و أقطف العنب ثم أنزل إلى الوادي لأغسله و أتناوله و أقوم بتوسيخ ثيابي فتنهرني والدتي "
مد حبات من العنب إلى داني و ماريو
- " تذوقوه .. "
دفع داني ثلاث حبات إلى فمه فتغيرت ملامحه لاستيطابه طعمه فقال مبتسما
- " إنه مليء بالعصارة و لذيذ جدا "
- " انتظر حتى تتذوق النبيذ .. ستعشقه "
ضحك داني و قال
إنني أتحرق شوقا لأن أرى الفتيات يتقافزون فوقه لعصره .... "
ابتسم باتريك و أضاف معلقا
- " أوافقك الرأي .. سيكون ألذ .. أليس كذلك يا ماريو؟؟ "
شعر ماريو بالإحراج .. فأومأ برأسه .. و ضحك الاثنان عليه لأن ماريو لا يحب أن يناقش أمور الجنس الآخر مع باتريك و داني ...
مر بالقرب من المزارعين فأشار لهم محيا و ربت على ظهر أحدهم
- " أحسنتم عملا .. "
- " شكرا لك دون باتريشيو "
صعد على ظهر الخيل ليذهب إلى المصنع حيث يؤخذ العنب اللذيذ و يعصر بآلات العصر العملاقة ثم تصب العصارة في أفخر أنواع الزجاج الذي تحول إلى قناني فاخرة التي تصنع هنا و من ثم تسد في سدادة من فلين و توضع في صناديق ليتم شحنها إلى باقي أرجاء البلاد .. و يعتبر نبيذ آلفاريز أشهر نبيذ في أسبانيا و أفخرها .. فهو معروف منذ قرون طويلة .. فعمر هذا المصنع يعود إلى القرن السادس عشر لكن قام أجداد باتريك بترميم المصنع و تطوير آلاته مع السنين
بعد أن تأكد من حسن سير العمل دخل إلى مكتب مدير المصنع و أخبره بأنه سيقوم بترميمه و تحديثه بالأجهزة المتطورة و كل ما يحتاجه من المدير هو إعطاءه قائمة بالمستلزمات و أحسن الأجهزة و المعدات حتى يباشر هو بعملية الشراء ...
بعد الجولة في الكروم و المصنع اتجه إلى الإسطبل و تفقد الخيول و أمر المسئول عنها أن يرسل له تقرير عن الإسطبل و صحة الخيول و ما يحتاجه كل منهم ....
قرر بعد هذه الرحلة و الجولة الصغيرة في الكروم و المصنع و الإسطبل أن يركب الخيل و يركض به و هو يضحك و يصيح بصوت عال على داني و ماريو خلفه
- " هيا .. من يستطيع أن يسبقني ؟! "
- " إنك غشاش .. "
- " أثبتي لي ذلك .. هيا "
تسابق مع داني و ماريو حتى مدخل القصر و لأنه ركض بالخيل قبلهم استطاع أن يسبقهم و هو ضاحكا .. كانت نانيرا واقفة تطل عليه من نافذتها و هي تبتسم فلوح لها بيده و دخل المنزل ...
سألته و هي تناوله المنشفة
- " ماذا فعلت يا بني ؟! كيف كانت جولتك ؟! "
كل شيء يسير على ما يرام لكني أريد أن أغير في الإستراتيجية و أقوم بتحديث كل شيء بما فيهم القصر .. "
- " ماذا ستفعل بالقصر ؟! "
جلس على كرسيه و قام بإشعال سيجارة .. و أجابها قائلا
يحتاج إلى بعض التغيرات و الترميمات و سأنتقل أنا إلى جناح والدي و ستقفل حجرة والدتي و نهدم حجرتي فندخلها بجناح والدي و بالتالي يكون أوسع و سنبني بالخارج منزلين صغيرين لماريو و داني و عائلتهما المستقبلية.. و أنت يا نانيرا .. أنت سيكون عليك التأثيث .. "
- " يسعدني ذلك يا بني "
- " لديك كل ما تحتاجينه و داني سيقوم بمساعدتك "
التفتت إلى داني فقال ضاحكا
- " سنشكل ثنائيا رائعا يا نانيرا .. و أكثر شيء سنهتم به هو منزلي الصغير الجديد .
ضحكوا جميعا .. فأطرقت عليهم بسؤالها ..
- " و متى ستحضر عائلتيكما ؟! "
قال ماريو مبتسما
- " أنا عما قريب .. ما أن ينتهي المنزل الصغير سأقوم بعمل حفلة زفافي في القصر"
- " هذا رائع .. نحتاج إلى الاحتفالات هنا .. فمنذ زمن طويل و هذا القصر يعيش حالة من الحزن "
- ساد الصمت المكان .. حتى قال داني مغيرا الجو و مضيفا بعض المرح
أما أنا فمازلت عازبا .. و بينما نقوم أنا و أنت يا نانيرا بالاهتمام بتأثيث منزلي سنضيف إلى ذلك مهمة أخرى و هو البحث عن فتاة أسبانية أصيلة تليق بي "
ضحكت نانيرا و ربتت على كتفه
- " سيسعدني ذلك يا بني .."
ثم التفتت إلى باتريك و مسحت على رأسه
- " و ماذا عنك يا بني ؟ متى سأفرح بك ؟ "
- " عندما يحين الوقت "
و هل هو قريب ؟! "
سرح قليلا ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة صغيرة و قال
- " ليس لدي أدنى فكرة .. كل ما أعرفه باني مثل داني .. عازب .. و أنا الآن لا أفكر إلا بتلك الشقراء الهيفاء التي تجمهر حولها المعجبين في المطار .. أتذكرها يا داني ؟! "
- " نعم .. لكني لم استطع أن أرى ملامحها.. لعلها ممثلة مشهورة "
رفع كتفيه و قال
- " ربما .. "
أسند رأسه على ظهر الكرسي و أعاد في مخيلته صورة تلك المرأة و صورتها و هي تبتسم له .. و مرة أخرى و هي تجيب الرجل بصوتها الأنثوي الضاحك
- " سألف أوروبا "
يا ربي من عساها تكون تلك التي شغلتني عن النوم و منعتني عن التفكير بوالدتي و الذنب الذي يحكم علي أنفاسي .. فهل سأقابلها يوما ما ؟!!
أنت تقرأ
لورا و الدوق الأسباني / ماري روك (رواية مكتوبة )
Romantikوميض آلات التصوير جعلت عقله يومض من جديد ..عاد تفكيره أسابيع للوراء .. حيث كان واقفا في قاعة المطار.. عندما لمحت عيناه امرأة.. ظن للوهلة الأولى بأنها لا تستطيع أن تراه .. لكن عندما ابتسمت له أيقن بأنه وقع في غرامها .. إذا لقد أحب نفس الشخص مرتين...