كان جالسا في شرفته المطلة على حوض الاستحمام لأحدى أفخم الفنادق في مدريد .. يرشف من قهوته من جهة و ينفث دخان سيجارته من جهة أخرى .. و يحملق في الظرف الأبيض الذي وضعه أمامه المخبر..
- " هنا ستجد كل ما تريد معرفته عن لورا آغنر يا سيدي "
- " شكرا لك .. "
مد يده عبر الطاولة فسحب الظرف و أخذ يقلبه .. كان مترددا في فتحه .. لكنه فتحه بالنهاية و أخرج منه أوراق بيضاء قرأ أول ما لفت نظره حيث كان أسود بالخط العريض
( لورا آغنر أشهر عارضة أزياء في أمريكا )
إذا هذا ما أنت عليه يا لورا .. عارضة أزياء مشهورة .. أخذ يقرأ المزيد و المزيد .. أخرج قصاصات مجلة و جرائد تحمل صورا للورا و بعض أبرز العناوين عنها ..
( شقراء تكتسح دور عروض الأزياء )
( آغنر هي كامبل بنسخة شقراء )
(فستان مارك جيكوبس بجسد لورا آغنر )
و قرأ أجدد عنوان لمجلة (اكسبلوجر) تحمل صورة للورا بفستان ذهبي و تقف على أوراق الأشجار معلنة قدوم فصل الخريف .. فصل تساقط قلبه في حب تلك المرأة الذهبية.. أخذ يدقق في هذه الصورة و يفكر فيها ..
لورا .. لورا .."
دخل سام مفتعلا ضجة عارمة كعادته عندما يكون هناك شيئا ما يلح في باله..
- " ماذا هنالك يا سام ؟! "
- " انظري ماذا أحضرت لكما ؟!"
كان يحمل بيده فستان من القطن الأبيض ..
- " ما هذا ؟! "
سألته جاكلين باستغراب
- " و ما عساه يكون .. فستان أبيض من التراث الأسباني .. لمهرجان دوس العنب .."
أعادت لورا جملته الأخيرة
- " دوس العنب ؟! سمعت عنه من قبل .."
قاطعها ليكمل عنها
- " شرح لي ماريو كل شيء عنه .. يقومون بقطف العنب من الكروم و بعد ذلك يضعونه في برميل عملاق جدا .. و الأجمل في هذا الأمر هو أن الفتيات يرتدين الفساتين البيضاء التي تلتصق على أجسادهن البرونزية و يعصرن العنب بأقدامهن العارية على أنغام الموسيقى .. آه كم من الصور الرائعة سألتقط لك يا عزيزتي .."
- " و من قال لك بأني سأشارك في هذا المهرجان "
قال بحزن و ضيق
- " بلى ستفعلين .. أرجوك قولي بأنك ستفعلين .. لا يا لورا .. جاكلين أقنعيها "
أجابته جاكلين
- " ستفعل ما يحلو لها يا سام "
- " لا يا جاكي أقنعيها أرجوك .. و إلا لما أحضرتك معي ؟"
- " أنت أحضرتني معك ؟ إنك محتال يا سام .."
ضحكت لورا و جاكلين على تعابير وجهه ..
- " لقد طلب مني ماريو أن أوصل الخبر لك و هو من أعطاني الفستانين .. هذا يعني بأن الدوق هو من أمره بذلك "
- " حسنا سأحضر المهرجان و سأشارك فيه لكن ليس من أجل الدوق بل لي أنا و جاكي .. حتى نمرح قليلا .."كانت الساعة تشير إلى الرابعة عصرا حيث تجمع الجميع بسلالهم في الكروم لقطف العنب ..انبهرت لورا عندما رأت بأن جزءا من ورثها يشمل هذا الكروم العملاق .. الذي يمتد إلى أسفل الوادي ..و هناك بالأسفل رأت مبنى عملاق كتب عليه (مصنع ألفاريز دو تيلدو)..
ارتدت لورا و جاكلين الفستان الأبيض الذي أحضره سام .. و الذي يكشف كتفيها و أعلى صدرها و ربطت شعرها الأشقر برباط أحمر.. و حملت بيدها سلة أعطاه إياها ماريو الذي عندما رآها قال معلقا ..
- " تفضلي يا آنسة آغنر سلتك .. أتمنى ان تملئيها بالعنب الصالح "
ابتسمت معلقة
- " شكرا لك .. سأبذل جهدي "
أعلن أحد المسئولين عن التنظيم بدء المهرجان .. فركض الجميع نساء و رجال إلى الكروم .. و الكل كان يملأ سلته بالعنب الأحمر الناضج ..
حاولت أن تقطف واحدة لكن الأمر كان صعبا بالنسبة لها .. شدت بقوة و حاولت أن تقطعها.. كان داني يراقبها من بعيد و يقترب منها شيئا فشيئا..
أحست لورا بيد رجولية تحط فوق يدها و عرفته من رائحة عطره .. تجمدت في مكانها و تركت نضالها في قطع عنقود العنب..
أنت تقرأ
لورا و الدوق الأسباني / ماري روك (رواية مكتوبة )
Romanceوميض آلات التصوير جعلت عقله يومض من جديد ..عاد تفكيره أسابيع للوراء .. حيث كان واقفا في قاعة المطار.. عندما لمحت عيناه امرأة.. ظن للوهلة الأولى بأنها لا تستطيع أن تراه .. لكن عندما ابتسمت له أيقن بأنه وقع في غرامها .. إذا لقد أحب نفس الشخص مرتين...