الفصل السابع

224 9 0
                                    

الفصل السابع
انتهت الحفلة بسرعة بعد كلمة مازن الصادمة ....الوقعة كانت شديدة على عز الدين وغضنفر بالذات وها هو أخر المدعوين خرج ليغلق الحرس بوابات القصر وينتظروا أوامر سيدهم الجديد.... كانت تغريد تقف بالحديقة مع مازن فالجد وباقي العائلة أُخذوا للصالة الكبرى داخل القصر ليمسك بوجهها المرتعب
"لا تقلقي أنا مسيطر على الوضع ...اسف لأني فاجأتك هكذا بأهم يوم بحياتكِ...لكنكم كنتم تتعرضون للإفلاس بسبب شقيقك الغبي وانا أردت المساعدة بخفية حتى لا يشك أحد بنواياي"
كانت تشعر بالضياع منذ اعلانه هزت رأسها بقلق ليجبرها النظر بعينيه
"انتظريني هنا ريثما أوضح لهم الامر وأن لم يتقبلوا وضعهم الجديد انا مضطر للمواجهة ..هل ستسمعين الكلام وتثقين بي وبأني سأحرص على املاكك أكثر من جدك وأخيكِ!! "
اومأت دون اعتراض فهي أصلاً لم تكن تنوي اخذ المسؤولية كانت تريد رمي العبء من البداية عليه.... هتفت بقلق
"انتبه لنفسك منهم جميعاً "
ضحك وهو يرفع هامته بفخر يدخل أحد قصوره سيداً من الآن عليهم يتبعه مساعدي وخدم وعمال آل عز الدين.... في الداخل كان الجد يصرخ على أتباعه الخونة ورفل تضحك متشمته بينما غضنفر صامت ولم يعلق للآن !!وقف امامهم ليهتف عز الدين
" ما هدفك؟ أهو ثأرك القديم!! "
وصلت رفل لجدها تحذره فغضنفر يقف معهم..... لكنه لم يهتم ثروته ضاعت بسبب تسليم أمره للغير ولولا مرض قلبه لم يكن ليجرؤ أن يخدعه احد
"انتقمت لما كان اسمها ..العاهرة التي أرادت ابتزازنا بالماضي مدعية الشرف"
استشاط غضنفر غضبا من ذكرها كان سيصرخ رافضاً هذا النعت ليسمع هدير مازن العنيف
"اياك وذكر أسمها على لسانك يا عز الدين وإلا قطعته لك"
صمت مهيب حل بعد رد مازن !! لا رفل ولا غضنفر مصدقين هذا الدفاع لكن عز الدين لم يكن رجل غبي...هو يعرف أنه بهذه اللحظة وحيداً مع عائلته فصمت, الكل هنا اتباع هذا الحاقد الكل يمسك بالسلاح متأهب لأي غلطة ليقضوا عليه ....نظر لحفيده المستسلم وهز رأسه بإحباط وتذكر تغريد الخائنة ليتنهد بقهر
"لو لم اكن أملك حفيدين فاشلين لما حصل هذا!!"
لم يرد على جده فهو يعرف أنه يريده الآن كالكلب الهائج ليتناحر مع مازن والحراس مثل أيامه الماضية عندها كان سيفخر به!! اقترب مازن من الجد
" يا عز الدين هون على نفسك ...لما لا ترضى بأن احمل المسؤولية من الان وأريحك أنت قلتها بلسانك.... "
استدار لغضنفر والذي مازال يغيظهم بصمته ليضيف مازن بسخرية
"حفيدك فاشل جداً ليحمي ما لديه هو دائماً هكذا يأتي متأخرا"
وقف مازن وغضنفر ينظران لبعضهما بتحدي مجنون لا يعرف الاثنان بما يفكر أحدهما بالأخر وكأنهما يقفان الأن على أرض ملغومة حركة واحدة وسينفجر الوضع ...لكن غضنفر فضل عدم أتخاذ أي خطوة متهورة كان يستمع لوساختهم هل كان جزءاً من هذا العالم يوما!!انه يشعر بالخزي ويمنع نفسه بقوة من الانجرار وراء غضبه فكر بصمت لا يمكنني العيش هكذا لا يمكنني ولن تجعلوني اعود حيواناً مثلكم.. انه يحاول بكل قوته الصمود من اجل النجاة بشقيقته فهو الاعرف بإجرام من يقف امامه... لم ينظر لمازن وبهدوء مستفز توجه بكلامه لجده المنفعل
"جدي لنرحل فلم يعد لدينا شيء هنا, هيا رفل نادي على تغريد"
سحب جده وزوجته وسط اندهاش مازن!! التفتت رفل تهز كتفها مصدومة هي الأخرى...... رد فعل غضنفر كان كمن يعرف أو حضر لشيء ما.... دفع الحرس المنتشرين ومر بهدوء مصطنع شاقاً طريقه الصعب للبوابة....لحقهم مازن غاضباً امسك بياقة غضنفر يمنعه من الرحيل وحاوطهم الحرس يشهروا الأسلحة بوجوههم ليسمعوا صرخة تغريد من الخارج.
.........................
"قبل دقائق بالحديقة الخلفية"
كانت تغريد تتمنى أن يمر كل شيء على ما يرام تتساءل أن كانوا سيغضبون منه ويفهمون دوافعه على هواهم.... جدها لن يستمع ولن يفهم أنه منغلق العقل هتفت بحنق
"أنه منقذهم اليس أفضل من غضنفر!!"
لكن لما لا يسمح لها بالدخول هل هو خائف عليها من جدها ابتسمت تحدث نفسها
"طبعاً يخاف الست حبه الوحيد!!"
احتضنها من الخلف اعتقدت أنه مازن حتى نطق بخبث
"طبعا انتِ حبي الوحيد"
ضربته بكل قوتها تصر على أسنانها وهي تراه يضحك
"أتريد ان انادي الحراس ليرموك خارجاً !! "
قهقه بنبرة مقرفة وهو يبتعد
"على من تنادين!! ان الجميع لاهي بمصيبته بالداخل وأكاد اجزم ان مذبحة ستقوم وتيقظ ماضيكم المخزي.... اتمنى لو عرفت من الحبيب السري بفترة لحذرتك ...فعلاً انت غبية كأخيك الم تجدي غير هذا الدنيء!! "
هل يعرفه وأي ماضٍ مخزي!! ليضيف بعد أن شاهد ذهولها
"من الافضل أن تستندي علي هذا جاء لينتقم منكم...لقد قام جدك بأذية فتاة من عائلته بالماضي وأخوك بطل القصة فلتحذري "
دفعته بقوة موجهة له لكمات لوجهه
"خبيث ولئيم لا تظل تدهشني بكذبك سأجعله يؤدبك أن لم تخرس"
"يا مجنونة أنا أعرفه ومن امد طويل لما لا تستمعين لي قبل فوات الأوان!!"
حاولت تخطيه ستذهب لتخبر مازن ليهز رأسه ويرفع هاتفه بوجهها .....انها رسائلها له!! كانت رسائل ارسلتها قديماً لما يحتفظ بهاً
"اخبري مازن أن يستثنيني من انتقامه وأنا سأمحيها كلها والا سيعرف العالم كله انك كنت تتوسلين ككلاب الشوارع لأرضى عليك بنظرة"
عضت على شفتيها وبان فزعها ليضحك بتهكم
"لا يوجد امرأة تتركني مهما كانت يا أميرة زمانك "
"هل تعمدت الاحتفاظ بها لتبتزني!!فعلا لقد وعيت قبل ان أغرق اكثر بالوحل!!"
حاولت بتهور خطف الهاتف ليرفع يده علم أنه دليل جيد.... بالبداية كان سيبتزها عند جدها اما الان فهو دليل لإنقاذه من ثأر مازن.... هو ليس غبياً منذ شاهده يطل بالحفلة ربط الخيوط مع بعضها... لقد كاد يخسر بلحظة لكن البلهاء هنا من سينجيه ....كانت ماتزال تحاول الوصول للهاتف امسك كتفها يبعدها عنه ليشد فستانها بقوة ويمزقه لم يثنيها هذا للتوقف بل ازدادت قوة فهذه الرسالة ستكون طوق لن تسمح له بلفه حول رقبتها.... الرسالة كانت ارسلتها لأنها مكتئبة وأخبرته يومها انها تريد أن تصبح امراته بالكامل ...فعلا لم تكن نيتها كانت ساعة مراهقة متهورة .....ماذا لو رآها مازن يا ويلي !!لتغرز اسنانها بذراعه بقوة آلمته أختل توازنه ليسقط بالماء ساحباً تغريد معه صرخت بقوة حيث ارتطمت ساقها بالأحجار المصفوفة حول البركة.
...........................
مسحت وجهها وهي تنهض... الماء يتقطر من كل اتجاه منها لترى وجوه لم تتمنى رؤيتها الآن ....لكن عين غاضبة من ورائهم ارعبتها وهو يرى كتفها العاري وفستانها الملتصق على منحنياتها بوضوح !!حاولت تغطية ما كُشف منها بيدها وبان الهلع على محياها فعيون مازن تنذرها بغضب مستعر ....وصل اليها غضنفر ليضع سترته يغطيها ويخرجها من الماء...التفت ليعاقب الحقير ليقفز مازن قبله كشعلة نار بالبركة امسك برأس زهير وبدأ بشن موجة من اللكمات دون توقف حتى تحول لون البركة للأحمر... لم يتركه لقد جن جنونه عندما شاهدها معه.....كانت تغريد تبكي وترتجف احتضنها شقيقها حيث شعر بخوفها من المنظر المرعب
"توقف "
قالها غضنفر بحدة ليجمد مازن ويترك زهير مغمى عليه... نظر ناحيتهم وبفعله هذا اصابهم بصدمة أخرى ..... خرج من الماء يتنفس بحقد وعيونه صوب تغريد ليسحبها بقوة من بين ذراع شقيقها ورمى السترة أرضاً بتحدي واضح ان يتجرأ ويعترض لقد كان في هذه اللحظة مستعد لقتل أي أحد وتمنى أن يكون غضنفر ...ضم تغريد بقوة لصدره و ها هو يعلن ملكيتها امامهم جاعلاً غضنفر وعز بحالة نكران من المنظر لتقوم تغريد بزيادة الصدمات حيث شددت يدها وهي تتشبث بعدوهم كأنه الحياة ...حاول غضنفر أن يسحبها ليجد حارسان يقفان أمامه غاضبان
"ما هذا الذي يحصل هنا!!"
صرخ عز الدين وهو يقترب بسرعة لتبتلع تغريد ريقها "لقد...."
تجمعوا بدائرة الآن لم يعد ما يحدث مقبولا للجد لتصرخ رفل
"لقد جلبت العار لنا يا ألهي كيف تخزين جدك واخاك هكذا مع زهير اولاً و....!! "
كان الجد ينظر لحفيدته محتقن الوجه اليس ما حدث معه قبل قليل كافي ليرى هذا البلاء!! كاد يضربها ليقف امامه مازن
"إياك وضربها....."
لتهوى يد الجد على وجهه بقوة شهقت تغريد تبكي
"يا ألهي ماذا تفعل لما ضربته !! "
ليحاوطهم حرس مازن جميعاً وكأنهم يسيطرون على لصوص وليس مجرد مدنين عزل.....غضنفر علم جيداً ان أي محاولات منه او من جده هي فقاعة بالهواء لم تعد تغريد تخصهم بعد اليوم... آهة اطلقها وهم منشغلون بالصراخ والهتاف تأخرتِ علي يا نمارق لقد انتهى كل شيء هو علم أصل فعلتهم هذه...بينما رفل تقف بمكانها مستمتعة بالأمر انه ثأرها
"عار عليك يا أبنة الحسب نحن بمصيبة وانت تغازلين حبيبك هنا وتدافعين عن الأخر الذي سلب أموالنا!! "
نظر مازن لرفل بغضب هو يعرف ان غيرتها منذ زواجه باتت لا تسيطر عليها لكنها تزيد النار على الحطب ...لم تفهم تغريد ما بها رفل فجاءة تلعثمت "ليس حبيبي .....زهير كان.."
اخرستها رفل باحتقار
"هيا أيتها اللقيطة لنرحل ...فعلاً دم والدتك غلاب"
صدمت تغريد من حقدها المفاجئ وجدها لم يعلق ايضاً على الكلمة المهينة!! ابعدها مازن لخلفه ويتقدم منهم ليهتف ويعلن بفخر
"لن ترحل انها زوجتي... وأنتم من سيغادر وبهدوء "
طلب من حراسه بإشارة أن يطردوهم ...هنا امسك غضنفر جده يمنعه من التقدم هو توقع مثل هذا الشيء مع شخصية تغريد المزاجية والمتقلبة...الصدمة بانت على الجد بقوة لم يأخذ فقط امواله بل حفيدته
"كيف تزوجتِ دون علمي !!"
احتضنت مازن اكثر وهي ترفض النظر بوجوههم وهو كان يحميها منهم!!..كان غضنفر مستغرب من مازن فتصرفاته الآن تدل على عاشق وخائف على زوجته ... بينما كلام ظمياء بين أنه يريد اغتصابها وقتلها كيف وها هو تزوجها ويحاول حمايتها من أقرب الناس اليها!! لكنه يعلم انه أخطر مما توقعه فهو مثلما قالت زوجته حقده مازال لم يخمد الا بموتي تلاقت نظراتهما لوهلة تشوش مازن لم يستطع ان يوقن ما يفكر به عدوه الأول هو صامد بشكل مخيف لم يتعصب حتى بعد خبر الزواج!!بل ها هو يحدثها بهدوء
"هيا تغريد تعالي معنا"
نظرت بحقد لأخيها "على جثتي... لن أعود معكم"
تراجع الجد خطوات شدد على يد حفيده
"اسحبها من شعرها يا غضنفر وقم بتأديبها "
هتفت تغريد وهي تنظر لشقيقها
"أجل هيا اضربني ليرتاح جدك وترتاح أنت أيضاً"
هز راسه بعدم رضا.. هل هذا هو ما تفكر به يا جدي ضرب وتعنيف فقط!! وكأن من أمامك جماد ولا يشعر تطلع لأخته يشفق عليها يرى سواداً بشخصها لم ينتبه اليه من قبل كان عز سيرفع عصاه ليؤدبها وأول هدير لغضنفر علا
"لا تفعل جدي!! "
..........................
طردهم بقوة السلاح ينظر من غرفة الصالون الرئيسة مرتاحاً ان النهاية كانت دون دماء ...يشاهد الجد يدخلونه بصعوبة السيارة ورفل وابتسامتها المستمتعة...والقذر الذي كان بالبركة لقد فاق وها هو يهرب لسيارته كالجرذ كان احد الحراس سيمسكه ليشير مازن بحركة من أصابعه أن يتركه ... اما تغريد فهي فوق بغرفتها منهارة لقد أرضته عندما اختارته عليهم.....لتموت ابتسامته عندما نظر لغضنفر قبل أن يستقل سيارته انه يجعل أعصاب مازن متوترة هنالك ناقوس خطر يرن بعقله
"أي خطة تدبرها أيها المعاق ولا حتى رد واحد!!اخذت أموالك وشقيقتك بلمحة بصر!!لكن مهما خططت ودبرت لن تستطيع الوصول لشيء سأجعلك تعاني الامرين وبعدها سأدفنك بيدي على ما فعلته.. اعتقدتم أني نسيت هيهات سأنسى الجميع الا صغيرتي المسكينة"
............................
دخل غرفة النوم الكبرى الخاصة بعز الدين بالطابق العلوي واخبر الخادمات بجعلها غرفته من الآن... زفر نفسه بسخط وهو يقف قرب النافذة ليسمع خطواتها خلفه... لم يستدر كان يحدق بالبركة يستعيد مشهد رؤيتها مع زهير!! رفل كانت محقة كم كنت غبي يا مازن لعبت هذه الفتاة بك وكادت توقعك بفخها
"هل ستصبح هذه غرفتك!! "
سألت بخفوت ...لم يجب ولم يعرها أي اهتمام لتهمس بحزن
" انت تنظر الي الآن نظرة سيئة صحيح .. لكن أقسم لك لم يحدث شيء بيننا "
عندما طال صمته اقتربت ورفعت يدها لتمسك ذراعه شعر بحركتها ليستدير مبتعداً يحدق بغضب ليصدم بمنظرها أمامه !! نظر اليها من راسها لأخمص قدميها لم يصدق للوهلة الاولى ما يراه ...انها ترتدي قميص نوم أبيض واعادت تزيين وجهها وصففت شعرها حتى!!....لقد قام بأذية عائلتها وطردهم منذ قليل وهي هنا تحتفل كعروس!! انها اسوأ منه.... شعرت بنظراته التي تدينها لترفع رأسها بكبرياء
"أليست هي ليلة عرسنا!! من حقي بعد كل هذه الاشهر من الزواج الجاف أن انال ما أستحقه!! صحيح لم يكن اليوم العرس الذي حلمت به معك ففستاني تمزق وتلخبطت زينتي لكنني لن اهتم المهم اننا اصبحنا معاً وعلناً...الان استطيع أن أغفو بين ذراعيك أسمع صوتك عندما أصحو وارى ابتسامتك لي وحدي هذا هو جلّ ما احلم به وتحقق ....لن افكر بهم وبما حدث معهم هم يعتبرونني لقيطة وجدي استخدمني بديل لحفيده يفكر اننا مجرد الآلات لجلب النقود ....لم اشعر بالانتماء لهم لكن معك شعرت أنني اخصك وحدك ويمكنني ان أسعد وأحلم وأحتفل فهل ستنبذني مثلهم !!"
يشعر انها تتلاعب به بكلماتها ليزفر نفسا خانقاً
"لكن زهير يبدو أنه عوضك بتلك السنوات ومازال!! "
صرخت بقوة رافضة هذه اللهجة المتهمة
" حسنا سأعترف لك بكل شيء فقط لا تكلمني وكأني فتاة منحلة... ما حدث هو بسبب رسائلي القديمة بهاتفه ..اقسم أنها رسائل لا قيمة لها من مراهقة وحيدة وغبية لقد خفت اليوم ان تنظر اليّ بدونية كما تفعل الان....."
غصتٌ اعترتها وهي تتحدث ليشعر بضيق وهو يشاهد تلألأ الدموع بعينيها لتضيف وهي تمسح دمعة لا تريد لها النزول أمامه
" أنا لم اشعر بذاتي الا بعد أن رأيت نظراتك المعتدة والمعجبة بي.. اردت ان أظل بعينك مصدر افتخار ولكن يبدو أنني خسرت "
شاهدت عصبا قرب صدغه يتحرك بقوة لتتحدث بحزن
"يا ليتك ظهرت بحياتي من قبل ... منذ أول مرة شاهدتك بالمصنع ورأيت شهامتك مع العامل المريض علمت كم أنت رجل رائع وقلبك كبير واعجبت بك كنت شيء غريب عن عالمي القاسي ...انت مختلف عن كل من أعرف بتفهمك لدواخلي... سأتحطم ان اصبحت مثلهم "
فجاءة كلامها يحز بفؤاده يريد إيقافها عن الحديث... لم يعد يريد أن يستمع لثرثرتها متعجبا من نفسه لما التأثر!! ولا امرأة استطاعت ان تجعله يعيد التفكير بقراره تكلم بحدة لا تعكس دواخله
"أخرجي الآن تغريد "
لتصدمه وهي تنزع روب قميصها وتقترب منه هامسة
"تستطيع التأكد من عفتي "
ثارت أعصابه وجحظت عيناه رفع يده ليضربها ليعود يسيطر على انفعاله .....صاح بها مستنكراً
"أ هذا كلام تقوله زوجة لزوجها!!"
ردها كان دموعا صامتة ...حزنها الآن بين براءة مزقته أشلاء ...الفتاة الحقودة التي يعرفها هي بالداخل مجرد حمقاء لا تعرف ما تريده كطفل يسير حسب هواءه حتى لو كان سيؤذي غيره
"حسناً كفى اذهبي لغرفتك ونامي.... انا متعب لدي معركة طويلة لم تنتهي بعد!!"
تركها واقفة بمكانها وجلس على كرسي عز الدين الهزاز وأشعل سيجاره وأغمض عينيه ....اعتقد أنها خرجت لكن بدل ذلك توجهت نحوه وجلست بحضنه لتحاوط عنقه بقوة وهي تنفجر ببكاء لم تستطع كبته أكثر
"حتى لو طردتني سأبقى...سأنام هنا على كتفك ستعاني كثيراً حتى أتركك يا مازن "
حاول بالبداية إزاحة يديها المتشبثة برقبته إنها تخنقه !! تعجب من قوتها وهي متعلقة هكذا.... اسندت رأسها على صدره ولم تتوقف شهقاتها كيف اعتقد أن تغريد ستتصرف مثل باقي النساء وتفضل كبريائها عليه!! لتبدأ وصلة عويل لم يعتقد انها ستصدر منها!!الفتاة التي كانت من شهور مديرة حازمة وقوية أمام العمال ...معه ولوحدهم تحولت لطفلة بكاءة!! فجاءة ضحكة لا يعرف من أين جاءت انتابته لتصرفها ليتمتم
" لقد سال انفك على قميصي ستغسلينه لي يا ترى!! "
تمتمت بغضب وهي تدفن رأسها بعنقه
"تستحق هذا... كل يوم سأمسح وجهي بقمصانك حتى تتوقف عن جعلي أبكي "
رفع يده يضحك وهو يمسح انفها دون وعي لتتجهم ملامحه.... حركته هذه اعادت ذكرى برأسه لا يريدها فهو لا يرى تغريد كأبنته ولا تراه هي كوالدها لا مستحيل!! لكنها الحقيقة التي ينكرانها فمنذ زمن هنالك ما يفتقدانه بحياتهما وقد وجداه أحدهم بالأخر هذا الشعور الذي يختلجه بدى واضح جداً وهي قريبة منه.... شعور بأنه يريد حمايتها يريد أن يحبها ويدللها هو فعلاً تزوجها لأنها هي تغريد من جننته فور رؤيتها ...رفل محقة هي لم تكن عقبة بطريقه لأسقاط جدها وشقيقها ... رفع يده بخوف خلف ظهرها لتهمس بحشرجة
"ان دفعتني من حضنك سأعود والتصق بك كالعلقة سأكون معك بمكتبك وفراشك والسيارة والحمام وكل مكان ....فلتعلم أنك حبيبي الأول والاخير لن أتركك حتى اموت ولعلمك سأموت قبلك وستظل نادماً تبكي قرب قبري وتقول يا ليتني اعطيتكُ الحب والسعادة "
استسلم يكتم ابتسامة حزينة ليحاوطها بقوة ...شعور موجع يتخلله الآن ستندمين يا ساذجة ستندمين على حبك وتعلقك بي....همس قرب شعرها بعد أن توقف نحيبها
"سأعطيك كل الحب والسعادة ...سنحتفل الليلة بعرسنا وكل ليلة ...سأجعل ايامك هذه ايام لا تنسى ...سأمنحك الأمان والدلال الذي تتوقين له "
صمت ليكمل بسره "لكن ساعة الفراق عندما تحين عليك يومها تركي رغماً عنك" .....بينما هي شعور يراودها بدفء لم تعهده وهو يحيطها بذراعيه ..بالرغم ما يقولون ويتهمونه به هي متأكدة من انه سيسعدها و سيعوضها عن غربتها وسيأنس وحدتها ويملئ قلبها فرحاً... عاهدت نفسها الليلة وهي تبتسم أنها لن تتركه حتى أخر نفس تلفظه.
.........................
عادوا للقصر بالعاصمة استلمت رفل بتدبير من مازن رسالة بهاتفها وأرتها لغضنفر
"لديكم يومان فقط لجمع حاجياتكم والخروج من أملاكي"
نظر لجده الذي اعتكف على كنبته الفاخرة شارد ذهنه ليتمتم
"متى اصبح مالكاً لكل شيء!!"
هز عز الدين رأسه بأسف
" اعتقدت أنه شريك أجنبي مولني بسخاء ....رفل وزهير المجرم كانوا موجودين هم ايضاً لم يشكوا بشيء ...مازن هذا كان من يومه ذكيا ومخادعاً علي ان اعيد ثروتي لا يمكن ان أموت مفلساً وبالحضيض!! "
قطبت رفل جبينها لم تستطع السكوت الآن
"انا يا غضنفر مستغربة امرك أكثر مما حصل معنا ...أنت لم تسالنا حتى سؤال واحد عن كيفية معرفتنا بمازن !! بالمزرعة كنت ملهوفاً لماضينا والان يبدو وكأنك لا تبالي!! "
حدق بها بنظرات حذرة
"كيف لا ابالي!! أنا لم أسال لأن جدي متعب وهو ليس الوقت المناسب اما الآن بدل السؤال عن الماضي علي التفكير بحل عملي لوقعتنا الكبيرة "
خرج غضنفر مسرعاً من القصر هتفت مستاءة "الى أين؟"
"اختي بقبضة المجرم عليها إنقاذها"
شخرت رفل بسخرية للهفته هذه
"ألم تفهم انها باعتكم... الأجدر ان تنقذ نفسك وجدك وأترك تلك اللقيط..........."
نظرته الغاضبة وهو يعود اليها جعلتها تصمت
"انها أختي من دمي ولحمي وواجب عليّ بالحياة حمايتها حتى لو لم تكن تريد!!.... وارجوك يا رفل لا تنعتيها بتلك الصفة ليس ذنبها أن والديها لم يعرفوا الله وارتكبوا هذا الذنب ...الآن لا تشغلي بالك انا سأفعل المستحيل لأعيد الأمور لنصابها لكن ليس بالتهور والحمق علينا مع أمثال مازن استخدام الدهاء والحكمة "
غادر تاركا رفل فاغرة فاها
"فقط لو انني كنت اسجل افعالك بالماضي وما فعلت لتغريد لكنت الآن جننت ... كم اصبحت بليداً يا رجل وحقاً بت مشفقة على حالك".
...........................
استيقظ عز الدين ليجد نفسه داهمه النوم وهو جالس... شعر بصدره يؤلمه سيذهب ليجد دوائه كان يشعر لأول مرة بالانهزام
"ما بك يا عز يبدو انك كبرت ولم تعد تفكر جيداً ترى هل أصبحت عجوز على عتبة الموت!!"
كان بالطابق العلوي الآن ليسمع رفل بغرفتها تتكلم بحدة لابد انها وزوجها يتشاجران... الا يجب أن يتكاتفوا الآن ضد مازن سيذهب ليخبرها ان تهدأ
" ليس من شأني... انت من جنى على نفسه فلتخرج قبل أن يراك أحد "
أمسك زهير ذراعها بقوة
"لن تقصوني انت ومازن مفهوم... سيبيعك يا غبية أنه يحبها رأيت ذلك بعينيه ...اتركيه وعودي لمن احبك اكثر ولنتحد ونحطمه"
ضحكت رفل بسخرية
"لن تأخذه تغريد انها مجرد اداة لتسليته ... مازن تحالف معي من سنوات وهو الغريب عني كان يعرف ماضي وتأثر بذلك اما أنت يا من اعتبرتك حبيبي ماذا فعلت !! انا لن اعود لك كلها يومان وسنكون أنا وهو معاً بعد موت الحقير وجده "
صمتت تحدق بذهول امامها ليستدير زهير يتتبع نظراتها...رفع عز الدين عكازه وقلبها واقترب بهدوء ليضربها بقوة حاول زهير دفعه عنها لكن الجد لم يتزحزح كان يرميها بسيل من الشتائم.... الألم جعلها تتجرا ولأول مرة لمجابهته
"خائنة ...بائسة... رخيصة قل ما شئت ايها الخرف فأنا على الاقل لم أقتل صديقي واسرق ثروته وأتمتع بها... بينما جدتي وأبي عاشوا الويل و ظهروك بحياتي وتربيتي واحسانك بمحاولة التكفير عن ذنبك لم تنفع معي ....كله خير جدي ولعلمك ابي مات وهو يكرهك وأنا أيضاً"
توقف عز الدين وملامحه متسمرة من كم الحقد والكراهية الموجهة ضده لقد أصابته بمقتل.... اعتقد أن والدها مات ولم يخبرها عن علاقتهم المتزعزعة...لقد كذبت ليأتمنها ويزوجها حفيده وها هي تطعنه بظهره وعلى سريره نظر لزهير الذي يبتسم بخبث احس الجد بثقل بجهته اليسرى لم تعد الكلمات تسعفه خرج منهاراً من الغرفة ليتعثر بعكازة ويهوى من السلالم.
..........................
وصل غضنفر للقصر بعد ان أوصل الطبيب لعيادته وجلب بطريقه كل ما يحتاجه جده من أدوية قرر ان يلف العالم به ليستعيد صحته هو غير مصدق أن عز الدين حاله أصبحت بهذا الشكل العاجز والمؤلم أنه يوجع قلب حفيده...أخبرته رفل انها رأته ممد نهاية السلم خسارته فعلاً كانت قوية ليسمع اصوات بغرفة جده من يزوره يا ترى
"بعتي جدك واوصلته للموت عسى أن لياليكم كانت سعيدة!!"
خزرت رفل مازن بمقت تتمنى قتله الآن لم يتصل بها ويطمئن عليها الا بعد أن كلمته هي !! لترفع تغريد شعرها وتعيده للخلف وتقترب منها بدلال هي لن تنسى فعلتها وكيف كشرت عن انيابها وارادت تشويه سمعتها عمدا تلك الليلة
"اوه ليالينا كانت ومازالت سعيدة ونحن تقريباً لا ننام كنا بعالمنا الوردي حتى اتصلتِ بنا ...وبالمناسبة يا زوجة أخي زوجي تأكد من انني امرأة شريفة ولا أشبه نساء كثيرات حولي يمثلن الطهارة "
كانت تشير بأصابعها لأثار على عنقها جعلت رحى رفل تصتك ببعضها من الغضب سحب مازن تغريد لجانبه ليتمتم
"منذ اليوم الاول للحادث اخبرتكِ انكم تستطيعون البقاء هنا لن اطلب منكم الرحيل فلما الاتصال!! الجد يحتاج للرعاية فما زال هو جد زوجتي "
احتضن تغريد التي امتنت له لم يتوقع مازن ما حصل فخطته تلك ادت لخلاصه من الجد الكبير .... قلب عز الدين سيء جداً اعتقد أنه مازال قويا يهدد ويأمر وينهي لكن عجزه عن الحركة والكلام صدمه!! أطل غضنفر لتتجهم الوجوه ...وقف أمام مازن كانا كشعلتين جحيم لن تنطفئ
"لا نحتاج لشهامتك هذه!! اما اختي فانا اعلم كيف أنقذها من براثنك أنها مخدوعة بمجرم مثلك "
نظرت تغريد لأخيها ليحتد صوتها
"انت ليس من حقك أهانته هكذا... اشكره لإنقاذه املاكنا لو كنتم اذكياء لما وقعت بيد مستثمرين خبثاء ..."
"اسكتي تغريد أخوك معه حق"
اسكتها مازن بحنكة وخبث ...أيقن غضنفر ان كره تغريد له مازن ليس سبب به... نظراتها الآن خير دليل لترد بغضب
"على الجميع ان يعلم مكانته ..انت هو سيد القرار صح يا زوجي"
استغرب غضنفر من عدائها وحمايتها المستميتة لشخص التقته من شهور فقط!! هو طوال عشرة سنوات لم يتدخل بحياتها ...يعلم انها لا توده لأنهما من أمهات مختلفات لكنه دوماً احبها وحاول بكل طريقة التقرب منها ...اليوم كلامها يدل على أكثر من مجرد كره بسيط وكأنه عدوها او بينهما ثأر ...لقد اخبره جده أنهما لم يتكلما كثيراً قبل حادث فقدان الذاكرة بسبب فرق السن لكنه كان يحترمها كابنة لأبيه الحبيب اذاً لما الحقد!! ام أن ما قالوه جده و زهير كان ناقصاً عن ماضيه!!ابتسم لشقيقته بمحاولة يائسة أخيرة أن تعي وضعها
"تغريد الا ترين انك اخطأتِ بزواجك دون علمنا, لو كان رجلاً لتقدم لك من الباب ولأخبرك عن نيته ايضاً, ازيلي الغمام من عينيكِ "
صاحت به "بابك ليس اهم من شرع الله والقوانين انها مجرد شكليات وبما أنني راشدة فمن حقي الذهاب للمحكمة والزواج بمن أحب وتوقف عن تصرفاتك وكأنك شقيق محب وخائف علي"
اسكتها مازن وهو يمسك بذراعيها يهدئها لكنها لم تصمت
"هو الوحيد الذي اهتم بي وتقبلني كلقيطة ...من أنت لتتكلم عنه لست سوى...."
"تغريد..."
صرخت رفل ووقفت امامهما لم يرد غضنفر على هجومها لكن رفل ممتعضة من تحول شخصية تغريد ماذا اخبرها مازن ليجعلها فجاءة تنهار هكذا!! أم انها كانت تتحين الفرصة لتنتقم من أخيها!! مع ذلك فكرت رفل انه لصالحها والخطة هكذا ناجحة.... لكن المصيبة ما سأله غضنفر
"من هو الذي لم يتقبلك انا احببتك ودوماً كنت موجود لأجلكِ "
ضحكت ضحكة لم تصل لعينيها
"زهير عندما ارهبني بالحديقة ماذا فعلت!!... مازن من ضربه انت لم تكن يوماً موجود لأجل خاطري كنت موجود للعكس ولأنهم يسوقونك كغبي الآن اخبروك أنني شقيقة وددتها وزوجتك حبيبة طفولة وزهير صاحبك الأمين وجدك النزيه الشريف و...."
صمتت بعد أن غصت بكلامها لتغير مسار حديثها
"من الان لن أضرب وأهان او يخيفني أحد.... مع مازن احسست اني بخير وولادتي بدون زواج اهلي ليست شيئاً يكسرني !! "
جاء صوته هادئاً عكس شقيقته الثائرة
"من ضربك أو اذاك وأهانك!! جدي وانا حميناك تكلمي يا أختي"
"لا تدعني بأختك فانا لم ولن أكون يوما أختك ولنغلق نقاشنا هيا مازن أرجوك اختنقت لنخرج "
تركتهم لكن غضنفر لما يعتقد انه المقصود!!نظر لرفل
"اخبريني ماذا قصد زهير بالمزرعة عن ماضي وتغريد "
لكنها هزت كتفها لن تريحه ابداً شاهد جده النائم كان بعالمه الخاص لابد أن يعرف.... ركض ليمنعها من صعود السيارة لكنها تجاهلته ليشدها من ذراعها لتواجهه
"من اذاك لتكوني بهذه العدوانية!! "
لم تتكلم فقط وجهت اليه نظرات ازدراء وغضب دفعت صدره بقوة ليقترب مازن ويفرقهما لكن غضنفر ثار ولم يعد يفكر لكمه فوقع ارضاً
"لا تتدخل بيني وبين شقيقتي أنا لست زهير مفهوم!!"
مشاهدة مازن على الارض ولم يرد اللكمة اوجعت تغريد تهستر عقلها لتصرخ
"لست شقيقتك يا مجرم أنت من اذاني ارتحت وها أنت تستخدم العنف لإرهابنا مرة اخرى أنه طبعك الحيواني ولن تنساه"
ركعت قرب مازن تبكي بمرارة تطمئن عليه وتمسح دماء شفتيه لتنهض وتقف وسط ذهول غضنفر .... زمت شفتيها بقوة ورفعت تنورتها قليلاً ليبان أثر جرح قديم على طول ساقها وقد شوهها بالكامل ومن بين شهقات قهر أنهت أمله بالحياة
"لم أقم بتجميله ليذكرني بشناعة فعلك وقلبك الأسود ... ضربتني بعصاك الغليظة وأنت تضحك من خوفي ورهبتي ...ما ذنبي ان كان جدي فرض علي العيش معك... لم يمض على وجودي يومين فحطمت عظامي دون رحمة من اجل ماضي لا أعرفه ...لقد قضيت طفولتي بخوف وفزع كنت اخاف أن انام فأستيقظ وأراك تضربني أو حتى تقتلني .... كنت تنعتني باللقيطة فدعني اعيش حياتي الآن "
فتحت باب السيارة لم تعد تقوى على رؤيته كان مازن يتشفى بغضنفر بنظراته اقترب يهمس بأذنه
"أنت مجرد قمامة...انا سأعوض تغريد عما فعلته بها لقد دمرت نفسيتها وجعلت طفولتها جحيم وهي ليست اولى ضحاياك فهناك من ذبحتها بمزرعتك واحتفلت على بقاياها ومازال دمعها يقض مضجعي وذنبها سيلف رقبتك ليوم الدين !!"
غادرت السيارة لكن قلبه غادر معهم... هو يقصد نمارق لكن كيف يقولها وكأنه لم يكن له يد!! مع ذلك أنه محق بما قال.... اغتصاب وقتل وأجرام بحق مراهقتين!! ضرب صدره بقوة حتى مجرم كمازن نظرة اشمئزازه لغضنفر جعلته يحتقر نفسه أكثر فاكثر صاح بوجع
"من ايضاً سلبتها طفولتها وشبابها!! انت لم تكن أنسان ويجب ان تكون نهايتك من اسوأ النهايات "
...........................
لا يعلم لما وقف بسيارته أمام العمارة التي تسكنها ...دار المدينة بأكملها يشعر بالضياع لينزل محني الرأس فخرجت العجوز تهلل بوجوده
"اوه لقد خرجت خطيبتك لتجلب مواد أحتاجها...تستطيع انتظارها بغرفتها بالسرداب "
احس أنها تريد قول شيء لكنها مترددة حثها لتبوح
"نمارق جد متعبة من العمل لما لا تجبرها على تركه وتتزوجا ...صدقاً هي غير نافعة لي بسبب وهنها وضعفها ..."
تمتم بخفوت "وأنا اتمنى أن تترك عملها لكن..."
قطبت العجوز جبينها
" أهلك لن يرضوا بها وانت خائف أليس كذلك!! معك حق فهنالك فرق كبير بينكما!!"
تأوه بقلبه الفرق كبير جداً فهي ملاك وهو شيطان ...اومأ للمرأة بكل كلامها وكأنه رجل آلي ...لا يقوى على المجادلة أنه منهك في هذه اللحظة ليدخل وكأنه دخل قبر تحت الارض!! تطلع حوله للحجرة الكئيبة الفارغة الا من ....يا للهول أنها تنام على حصيرة !! جلس بالزاوية يفكر بإحباط
"كيف يقنعها أن تغادر المكان وهي اصلاً تكرهه ولا تطيقه ولو عرفت اليوم بمجيئه ستغضب .... الغرفة منظرها مؤلم ان يسكنه أنسان ولا حتى حيوان!! هي لن ترضى "صدقته" كما تقول وستحزن وسيتأذى كبريائها أكثر.... ليشاهد صندوق صغير بجانبه نصفه مفتوح فضول تآكله لرؤية ما تحتفظ به!!... حمل رسالة بداخله استغرب من يرسل رسائل في هذا الزمن!! فتحها فكانت الكلمات التي اخترقت صدره لم يصدق عيناه وهو يقرأها غصة بالقلب زادتها هذا الكلمات وكأنه لم يكن نال ما يكفيه!!
......................
عادت منهكة وهي تحمل طلبات ربة عملها لتستقبلها الاخيرة بعبوس
"خطيبك كان حاله سيء غادر وكأنه شاهد شبحاً بالسرداب"
تفاجأت وهي تمرر سلة المشتريات لتأخذها العجوز منها بعدم رضى مثل كل مرة وبدأت تثرثر بنزق
"اخبرته أن يتزوجك ويريحك من العناء لكنه لم يهتم لكلامي او يعبرني حتى برد ....يا لحظك السيء أنه بخيل على الأقل كان يمكنه اعطائي بقشيش على تزويده بمعلومات حصرية عن امرأته"
لوت شفتيها لتصمت وهي ترى عيون نمارق المتجهمة
"لقد اصبحت مخيفة كخطيبك!! عندما وصلت لهنا كنت هادئة وخجولة ولا ترفعين عينيك ابداً من جعلك تكونين بهذه الثقة والجرأة!! ... فعلاً من عاشر القوم اصبح مثلهم حسناً هيا اذهبي ولا تغضبي هكذا"
وصلت غرفتها تعتريها الحيرة لما كان بحال سيء!! ليأتيها الجواب عندما وقعت عيناها على صندوقها الصغير جلست مستاءة هل قراءها!! تبحث برسائلها جميعهم احداهما اختفت !!
"لا لم تكتب لتقرئها... انا كتبتها لي لأعبر عن استيائي منك ومن مازن وظمياء"
شعرت بالوجع
"لما جئت وعرفت بما أخبئه بقلبي!!"
لقد قراء فحواهم جميعاً والرسالة الأهم أخذها !! فكرت كيف تتصل به فقط المشفى من يعرفون رقمه ...أتذهب وتسألهم ام تذهب لشركته مرة أخرى !! هرولت لغرفة الهاتف بالطابق الأول العجوز غير موجودة بحثت بدفترها طبعا كانت محقة بظنها... العجوز وضعت أسمه تحت دائرة كبيرة بالثري خطيب الخادمة!! اتصلت به وبعد مدة رد لكنه لم يتكلم أنها تسمع تنفسه القوي لتتمتم بحدة
"اين انت أريد محادثتك بسرعة "
"اخذتها أجل ولن أعيدها فهي كتبت لي "
زمت شفتيها صوته يبدو حزين وقبل ان تنطق سمعت لهجته المحطمة
"أيمكن أن يطعني القريب فيصدها عني الغريب!! أيمكن لعدوي أن يصبح منقذي وصديقي هو المبيد!!أسالك يا ذابحي أن تجيب!! سؤالي واضح سؤالي بسيط!! هائمة على وجهي اسأل نفسي
كيف أنقلب الحال كيف أنقلب النصيب!!سنون مضت أفر من ماضِ كريب!! ليسقط القناع ويكشف الخداع ويبان السر المقيت!! جنوا علي كما جنيت!! وأفنوا روحي كما أفنيت!! رد علي... أرح قلبي أجبني يا أثيم...أن كان صح ما أراه أم مجرد توهيم...فإليك يا مغتصبي بعد التحية والتسليم...رسائلي هذه... فضفضة قلب... جريح...أليم, لم تغتصب جسدي فقط بل روحي وعقلي.... حولتني لنصف انثى تائهة في الدنيا... أنتظر الخلاص انتظر السكينة ...لكن آه والف آه لن أهجع لن ارتاح ولن أحيى وجرحك بقلبي نار تلظى ...سينزف الى يوم يبعثون"
يردد الحروف متأثرا نصف الكلمات لا يعرف كيف استطاع نطقها
"هل تعرفين أنني كسرت قدم اختي وهي صغيرة ...اكيد لا تعلمين فكنت بتلك الفترة تعانين بسببي.... لما لم تغرزي المسمار عميقاً لمت بحق عندها ولكان الجميع يعيش بسعادة فمغتصب الصغيرات ومحطم عظامهم تحت التراب يلاقي عذابه الأكبر على خسته ودونيته.... لا تستغربي أنني اخاطب نفسي بصيغة الغائب لا أصدق كم كنت حيوان مجرم وأستحق الاعدام "
كان يتكلم ويتنهد ويتحسر تركته يفضفض وكأنه فعلا يتكلم عن شخص آخر لكن لم تشعر الا بوجع فجاءة بجسدها حيث كانت تغرز اظافرها بقوة بفخذها تتحمل صوته مجبرة.... فكرت بألم لو كان يملك ذاكرته الآن هل كان سيكون صادقاً ونادماً هكذا !! اعلمها بكل ما حدث معهم ... ليكمل بأسى
" ارجوك ساعدي تغريد... لا يمكنها ان تخرج من عباءة قاتل مثلي لقاتل آخر انا استسلم هنا ...اعترف أني تحطمت ولم اعد أقوى على النهوض الأثيم كما قلت ِيجب أن يرحل وهذا ردي على رسالتك "
سمعت صوت سحق وخشخشة ليتمتم
"سلسلتي كيف وصلت لعندك يا نمارق!!"
يا للهول كيف نسيت!! الأن سيقول انها احتفظت بها لسبب وقبل أن تخبره عما حدث وقتها
" شاهدتها مع رسائلك ليعود وميض ذلك اليوم بطفولتي ....الذكرى الوحيدة التي امتلكها الآن هي مؤلمة بشكل فظيع"
هي لا تعرف ماضيه لذلك مستغربة!! لتسمع آنينه
"هذا ما كانت والدتي ترتديه ساعة اختطفانا كان اسوأ يوم بحياتي الآن الذكرى تمر علي واضحة وضوح الشمس ...عندما شنقها المجرم وقعت من رقبتها فأخذتها ووضعتها بيدي لم أتركها وهو يقوم بتعليقي بالسقف... كل همي ان أنجو لأعيدها وألبسها لها هي كانت تقول هذه السلسة تبقيها على قيد الحياة ......سمعت المجرم يومها يتحدث "قتلت المرأة لكن لن أقتل الطفل "..هرب وتركنا الصوت بارز الآن بأذني.... لم يصدقني جدي ولا الشرطة ولا أي أحد "
تشوشت نمارق وتخبطت مشاعرها وهي تستمع لذكرياته... أنه يصدمها بمآسيه لكن يبدو انه لا يكذب لتشعر بدمار جملته وهو يلفظها
" أم تغريد..... قتلت أمي الحبيبة وحطمتني يومها"
.........................
انتهى الفصل

الى مغتصبى بعد التحية الجزء الثانى من سلسلة بتائل مدنسة لكاتبة مروة العزاوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن