الفصل الحادى عشر

227 7 0
                                    

الفصل الحادي عشر
صدمة لم تكن متوقعة لنمارق هزت أوصالها تحدق بدهشة لعمها أجل سيضحك ويخبرهم أنه يكذب....لكن ومع العودة لكل ما حدث معها بات الأمر الأن منطقي فمازن لا يمكنه أن يكون بلا قلب هكذا!! ولا حتى عمها فاضل يمكنه فعل ذلك بربيته!! لكنها موقنة أن ما سيقال الآن هو الحقيقة التي ستضيف ملحاً على الجرح النازف.....ليتقدم فاضل بغيظ واضح ويضيف بمقت
"هل هذا سبب تجمعكم ضد أبني وجعله محاصراً هكذا.... أجل هو كره العالم بسبب نبراس لكنه لم يفكر بأذية احد... أبن بدور نقي الروح كأمه.... كيف تتهمونه وتتجرؤون على إيلامه يا اوغاد!! "
ملامحهم وتسمرهم جعلته يضيف بفخر وهو ينظر لنمارق
"طفلك أنا من قتله تلك الليلة لكي لا يولد لقيط ويعاني بهذه الدنيا الظالمة فلتشكريني بدل لعبة الاتحاد المقرفة مع مغتصبك "
ليصرخ مازن ويبدو انه من وقفته يعلم بالأمر!!
"ابي أصمت.... ذنب نمارق سنحمله على كاهلنا لأخر يوم لنا...لم اتصور انك اذيتني بأكثر من احب شقيقتي!! لقد كنت أشعر بالامتنان لأنك لم تربيني أنا فقط بل أختي أيضا وتعاهدنا على كتم الماضي المؤلم عنها وليتضح أنك كنت تربيها لتذبحها!! هل اعتقدت اني سأسامحك!! كنت تريد قتلها مع طفلها لولا خوفي وقلقي عليها فعدت يومها... كم كنت غبياً وأعمى وقتها"
استشاط فاضل غضباً انه يقف بصفها وينسى ما فعله من أجله لكن مازن كان كبركان أنفجر الأن ليضيف بهتاف مرير
"أنت لم يكفيك تحطميك لأختي بل وصل اجرامك لقتلك أبنتي لقد أخذت روحي يومها هل تدرك ذلك!! "
نظر فاضل اليه بحزن وتوتر ....لقد اعتقد ان مازن أتصل به ليخططوا لكيفية التخلص من عز الدين وأحفاده ويثأروا بعد ما خسر مازن كل شيء لكن لم يعلم انه كشف الماضي كيف ذلك لقد كان حريصاً على اخفاءه !! حاول أن يدافع عن نفسه وهو يرى الوجوه المتجهمة يحدقون به
"لم أتعمد قتلها ...لم أعرف انها كانت موجودة مع امها ظننتك اخذتها معك بسفرتك..... الحقيرة ظمياء يومها هددتني انها ستنهيك هي تعرف انك غالي علي لأنك من راحة بدور الحبيبة وأخر من بقي من ذكراها...ارادت تخريب خططك فأسكتها كنت أريد اخافتها لا أكثر لكنها اختفت... لأجدها بإحدى المشافي كانت تآمرت مع نمارق وغضنفر وكانت قد تهمتك زوراً وبطلاناً لذا خلصتك منها نهائياً... تذكر أنا فقط من جعلك تصل لتغريد وأموال جدها وبغبائك وقلبك الضعيف خسرت كل شيء لهم"
وضعت تغريد يدها على فمها
"اذا أنت من قتلها بالمشفى ماذا استفدت بذلك!! "
نظر اليهم يومئ برضى وكانه قام بإنجاز عظيم... كان غضنفر مذهول من هذا الرجل فلم يتوقع جنونه!! بينما نمارق تهز رأسها بخيبة غير مصدقة انه يتحدث بطبيعية ومستمتع بجرائمه !!أما مازن كان يدور حول نفسه والسلاح بيده يهتز لم يكن يصدق أن والده قتل ابنته حتى اعترف الآن هو خمن فقط ذلك !!ليتدخل غضنفر
" لما لم تخبرنا ظمياء انه انت من احرقها لما تداري عليك !! "
ضحك فاضل بسخرية
" الغبية ظنت أن مازن هو المجرم ...انا لم اظهر ابداً ذلك اليوم احرقتها وهي نائمة بمنزلها"
اضاف وهو يتشفى بها
"تلك الانانية استحقت ان تتشوه لتتوب... وعدت اذا لم يردها مازن لعصمته ويترك تغريد ستحرقهما ليلة زفافهما لذلك جعلتها تجرب النار قليلاً فلا أحد يقترب من أبني ويعترض طريقه!! ...انها تمن عليه انها واسته بعد ما رفضته نبراس ....ارادت أن يعبدها طوال حياتها لذا افترت عليه لتحطمه ولم تجد أغبى من نمارق والمعاق غضنفر لتفعل هذا"
صر غضنفر على أسنانه
"لكن ابنك الغالي سيء حتى لو لم يقتل ...فهو كذب على أختي واستغلها وسرق أموالنا "
تمتم فاضل موافقاً
"بهذا أنا معك فهو لم ينسى حقده عليك لان نبراس احبتك وهجرته ...لأنها عرفت انه لقيط فأخبرته تلك الحقيرة أنها تريد رفع رأسها بين عشيرتها برجل ذا حسب ونسب.... لقد رفضت ابني وجعلته يكره نفسه... كان شيئا رائعاً ان ظمياء تشاركني كرهها واتحدنا فتخلصنا منها وكان يوم سماع خبر ذبحها عيداً لي.... لكن بعد سنوات اعاد الكرة ووقع بحب هذه اللقيطة لتزيد تحطمه وتعاسته"
يوجه احتقاره الأن لتغريد المستسلمة وراء النافذة لا شيء لتقوله لا أحد لديه القدرة الأن ليجادل معتوه مثله ليتمتم مازن بحرقة
"لم تحطمني الفتاتان بل انت يا أبي جعلتهم يتأكدون أني مجرم وضيع "
ابتعد لوسط الساحة بالمصنع يحاول السيطرة على وجع روحه ...ماذا يفعل لقد جلب والده لهنا وهو لحد الأن لا يعرف كيف سيتصرف معه.... ان والده مريض نفسي ورباه على ذلك ورغم أنه حاول أن يصبح رجلاً أخر لكن بالنهاية ها هو يعود لكنف فاضل ينتقم مثله ويكره ويحقد ويؤذي كل من حوله أجل هو يشبه وقد فات الأوان الأن للعودة.... ليسمع آنين تغريد وغضنفر الذي يحاول تهدئتها فكل همه الأن سحب أخته ونمارق من بين فكي هذين المجرمين ...اخيراً جاء همسها بعد مدة صمت طويلة
"ماذا فعل أبي بالضبط!!"
رفع رأسه ملامحه تغيرت من حاقد لمفجوع بماضيه يبدو أنه يتذكر
"حسناً يا أبنة أبيك سأخبرك بالمهم لا داعي للدخول بتفاصيل كثيرة ..برهان الحيوان كان رجلا غنياً وزير نساء ومقامر كان معروفاً بسمعته السيئة بالحي الذي كنا نسكنه .... فقد طلق ستة نساء لم يستطعن العيش معه بسبب ضربه وتعنيفه لهن وكثير منهن هربن ليلاً منه ....تزوج من زهور امك ذات الثامنة عشر احدى اليتيمتين بالشقة المجاورة لي...كانتا صبيتين مليئتان بالحياة والأمل...لم يكن لهما سوى أم مريضة لكن الحقير بعد ان ماتت أمهم استغل الموقف وحاجتهم للنقود بالزواج وأيضاً اخذ بدور ذات الستة عشراً عاما مع شقيقتها لقصره .... ظن الجميع ان الرجل صار ملاك ليتزوج واحدة وسيرعى الأخرى .... لتعود بعدها "بدور" بأسابيع مليئة بالكدمات واغمي عليها أمام بابي... بعدها حكت لي ما فعل الحقير لقد اغتصبها والمصيبة أن أمك خافت على مكانها وثرائها وظلت مع زوجها رغم قبح فعله ...بعدها سافر مع أمك ولم استطع ان أخذ بحق المسكينة خالتك....لتأتي الشهور محملة بالأفظع للمسكينة فتبين أنها حامل.... أرادت الموت والخلاص لأعرض عليها الزواج ...كنت أرملا واكبر منها بكثير لم تكن تريد استغلالي لكنني كنت مستعد لحمايتها من الدنيا التي لم تنصفها ....تركنا حيّنا واستقرينا بمكان أخر حتى أنجبت وبعدها تزوجنا وبدأنا حياة جديدة وسعيدة أنا وهي وأبننا مازن الذي اصبح أبني رسمياً وبمساعدة صديقتي ماجدة أحتلنا بتاريخ ميلاده وسجلناه بعد شهور من مولده!!"
نظرت نمارق لمازن كانت عينيه محمرتين يتعذب وهو يسمع ما حصل لأمه المسكينة ليضيف فاضل باسى
"بعد سنوات طويلة عشناها بهدوء عثرت والدتك الغبية علينا هو حظي الأسود لتجدنا وتكدر سعادتنا...كانت تستنجد بنا لمساعدتها كانت حامل بأشهرها الاخيرة ...وأوصتني وكأنها كانت تدرك أنها ستموت ان أسميك بهذا الاسم ...أخبرتني انك كنتِ راحتها في أشهرها العصيبة مع برهان النذل ....وطلبت ان أربيك وأحميك وأن لا اسلمك لأبوك ... وضعت وديعة لك بالبنك بشرط أن لا تفتح حتى تبلغي العمر القانوني..... كانت تعلم انها جلبت مصيبة معها ...والدك أذاقها المر كان يعذبها ويضربها ويهينها طبعا تطور أمره حيث كان أصبح مدمناً على المخدرات ولم يكن يشعر بما يفعله فسرقت تلك الأموال وهربت كنت أعتقد انها تستحق ان نساعدها ....لكنها جرت معها بدور الطيبة مرة أخرى.... امك أنانية تحب نفسها فقط ...اعترف أنك لا تشبهينها لكنك تشبيهن خالتك بقلبها لكن ملامحك تعذب نظري هي ملامح زهور وبرهان.....لكن هذه انانية تشبه أمك رغم ان لا صلة بينهما وعليها الابتعاد عن أبني"
اشار لتغريد التي تحس بالوجع وهي تنظر لمازن الذي يبدو أنه فاقد للحياة ليكمل فاضل بعد أن جعل الجمع فاقداً للنطق
"فجاءة زهور سمعت خبر زواج والدك لتعود الغبية التي عرفتها... يبدو أنها قررت الانتقام يومها خرجت لعملي ولا أعرف كيف ضحكت على زوجتي واخذتها معها وجرتها لجحر الثعبان ... كنت ومازن ننتظر وننتظر حتى جاء الخبر الذي أنهاني وانهى أي أمل لي بالحياة .....استلمتهما بالمشرحة !!الشرطة اخبرتني انهم عثروا على امرأتين أحداهما ميتة على قارعة الطريق لكنهم سلموني طفلة معهن نجت بأعجوبة قبل وفاة والدتها و هي تنجبها....نجوتِ يا نمارق وذهبت حب حياتي....لكن المؤلم بالأمر انهم أخبروني أن بدور تعرضت للاغتصاب والتعذيب لقد آذى بدرتي حتى النهاية وهو يضحك من ألمها وبؤسها وانتقم من أمك بجعلها ترى اغتصاب أختها لم يمكنني تصور ما جرى هنالك لكن النار بقلبي لم تنطفئ ابداً"
علم من الوجوه المفزوعة السؤال الذي يريدون اجابته كيف علم أن برهان هو السبب !! اذ يمكن أن يكون مسلحين أو عصابة ليضحك ضحكة ارعبتهم
"لم ينكر وأنا اتهمه بذلك يوم ذهبت لزفافه وجعله يتحمل مسؤولية أبنته الرضيعة... بل ضحك مستهتراً بحياة المسكينتين اخبرني وهو مستمتع وأيضا امرني ان أخذ نمارق فكل ما سيعطيه لها هو أسمه فقط وأخبرني أن هذا جزاء زهور لسرقته .....ضربوني وطردوني كنت لاحول لي ولا قوة علمت أن انتقامي يجب أن يكون بالمثل... لا شيء يدعى بالعدل !!يجب أن نقتلع الطيبة من قلوبنا الساذجة ونزرعها بغضاً وعداء لنواجه مجتمع الشياطين... كان وجود مازن يغذي ذلك الحقد وينميه بصدري فعيناه الحزينة هي عين حبيبتي التي عانت.... آه يا وجعي وانا أتخيلها تصرخ تناديني لإنقاذها كما أخبرني الوغد ...لقد ضربها وخنقها وهو يدنسها لا بكائها ولا رجاؤها أوقفه.... بدرتي لماذا دُنست مرتين دون ذنب ها اليس لأن قلبهاً كقلوب الأطفال!!"
أن كان احد يستطيع تصور ما يعتمر بقلوب نمارق ومازن وغضنفر وتغريد سيكون مخطئاً فما يسمعونه يدمي الصخر ....احساس بذنب عظيم تلبس نمارق فالبطل هنا والدها الذي طالما تمنت لقياه بينما الحزن والهم بان وكسر مازن الذي ركع مستسلماً وهو يسمع ما يتفوه به فاضل ويظهر حقيقة برهان الذي يكرهه...هو لم يعرف التفاصيل الدقيقة هذه..... فاضل كان يحميه طوال حياته تغيرت نبرة والده للكره والازدراء وهو يشير لنمارق التي تشعر بالسواد يلفها
" امسكوا والدك فيما بعد وتهمته كانت ديون قمار!!زوجته الاخيرة كانت أفعى بحق ودمرته ...سلبته كل ما يملك وهربت مع عشيقها لأكون صريحا انا انتظرت وانتظرت حتى يخرج من سجنه فأقتص منه هو ....لكنه بعد سنوات أصيب بالجنون لم يتحمل وضعه اكثر ومات...آه الجنون هو شيء يسري بعائلة أبوك أمه وجدته ماتتا أيضاً مجنونتان وتمنيت لو أنك تجنين لأتخلص منك...لم أستطع ان اتقبلك ولا أن أحبك صحيح وعدت مازن بأنك لن تعرفي بأمر أباك لكن حقدي كان يكبر مع السنون ...ما حصل لك كنت اعتقد أنه جزاء عادل تتحمليه بدل عن برهان....... كان هذا قبل أشهر من ظهور نبراس وظمياء بحياة أبني وهنا غيرت المخطط فكرت أن ذهبت زهور وبرهان فمخلفاتهم هنا معي "ابنتهم"......الان لن أسمح لكم بأذية مازن لن يمسه أحد بمكروه والا سأحرق العالم عليكم "
سألت نمارق بمضض وصعوبة تحاول أن تكشف كل الماضي دفعة واحدة
"اخبرنا.... بما لم تقله ظمياء وقتها"
"بعد علمي أن ظمياء الطالبة التي تعمل بمكتب أبني تعشقه وتغار عليه قررنا التخلص من نبراس ... من ناحية هي تحظى بحب مازن وتبعد كلا نبراس ونمارق من حياته فهي لم تعلم أنهما شقيقان هي فقط علمت أن برهان أذى زوجتي وأنا اخذ بثأري... لكن بعد أن اعطاك مازن العذر ولم يغضب لتسليمك الملف... قررت البت بالخطة الاخرى... سمعت بأن غضنفر يعاني الأمرين لخسارة حبيبته علمت انه من سينتقم لي لذا أرسلتك لبيت ماجدة كثيراً ليراك كنت اجعلك تأخذين اليها الادوية ...فهي هنالك تقوم بعمليات للعاهرات من ترقيع واجهاض غير قانوني وأنا من يمدها بتلك الاشياء الممنوعة وكان عليها مساعدتي ايضا أنها مصالح متبادلة ....شاهدك وتمت خطتنا لا فاجأ ان الأخر ايضا لم ينوي فعل شيء لك!! هنا ثارت ثورتي ....الرجال اصبحوا عديمو الرجولة والاحساس لأنتقل لأخر خطة لإراحتي فكان حارس المزرعة وعدته ان أبني سيفوز له بقضيته المستعصية لكن عليه مساعدتي ففرح ....هو من وضع xxxx الهلوسة وظمياء رشت العطر الذي كنت اعرف أن مازن اشتراه ليذكره بحبيبته نبراس .... لم يبقى سوى التنفيذ ....ابعدنا مازن لمطعم أخر وهنالك ظمياء خافت فأخبرتها أن ترحل وتسهر مع مازن ... و بقيت اراقب ملهوفاً فكان اجمل مشهد رأيته بحياتي وانا أرى بألمك وتحطمك وأذلالك برهان وزهور ...جعلتموني أضحك لأول مرة من سنوات... كان بقي فقط ان يقتلك الغبي لكن عز السافل وصل بالصدفة وخرب الأمر بضرب حفيده وتخريب مخططي"
حاول غضنفر التقدم لضربه أنه يصف معاناتها بشكل مقزز ليفاجئا بتشبث نمارق له بكلتا يديها تمنعه...انها تظهر قوتها المزيفة لكنه يشعر بارتعاشها مع كل كلمة ينطقها فاضل ... أما مازن كان يضرب رأسه مازال يفترش الأرض محني الظهر... هو علم فعلة والده الشنيعة لكن ان يسمعه يتلذذ بوجعها انه شيء يشق الفؤاد ....فاضل لم يتوقف يبدو أنه يريد كسر عينيها التي صدمته وهي تنظر بقوة بعينيه أين تلك الفتاة الجبانة المذبوحة ماذا فعل لها هذا الغضنفر يا ترى!!
"والمرة الاخرى أردت قتلك ليلة الخطوبة... اصعب شيء بتلك الأيام هو تمثيلي بانني أتألم لأجلك كنت سأتخلص من عارك ونتهم عز الدين وحفيده كانت فرصة لي ليصل مازن وانقذك واخر شيء أرسلت من يقتلك بالغربة ليصحو ضمير ظمياء وتخبرني أنك متِ والحقيقة أنها هربتك .... دوما تهزميني وتنجين... الآن لن تفلتي انت عدت بقدمك ولي "
رفعت رأسها بثقة وشموخ لكنها لم تترك يد غضنفر تريد الان فعلاً ان يسندها فالكلمات التي على وشك أن تلفظها تشعرها بالغثيان
"دوماً اعتبرتك اب لا عم رغم جفاءك معي لكنني أحببتك لهذهِ الدرجة كنت تمقتني!! الم تفكر ولو قليلاً أنني ضحية أيضاً... لقد دمرتني بذنب لم أرتكبه وجعلتني أكره مازن لقد ضيعت عمري وشبابي واحلامي ...عاقبتني بوحشية ولم يرضك كل ما واجهته بل ما زلت لحد اللحظة تتمنى أن تتلذذ بكسرتي وذلتي ...أنت لست بشراً وأنا فعلا ً مشفقة عليك "
تقدم منها وغضب ارتسم ملامحه لكنه تسمر بمكانه وهو يرى غضب غضنفر امامه يهدر بوعيد مخيف
"أن حاولت ترهيبها بنظرتك فقط سأسحقك كالحشرة يا فاضل "
صرخ مازن لينهض ينظر لوالده كان قد وصل للنهاية
"دعنا ننتهي هنا.... لقد تعبت وانا اكتشف أن مثلي الاعلى بالحياة كان مجرد وهم صنعته بمخيلتي معتقداً أنه الرجل المثالي ...الرجل الذي عاني من ماض مؤلم لكنه استمر يحتضن ابني عدوه ويربيهم ويمدهم بالأمان والأمل والطموح فكفى الآن مادام المخطئ مات لابد أن تموت خطيئته معه ليرتاح الجميع "
نظر لنمارق ورفع سلاحه ... انتبهت تغريد لفعله لتصرخ ذعراً ليواصل بحزن
"اتعرف ما هو عقابك يا أبي انه "موتي" ....لقد فكرت كثيراً أحمل دم قذر ومن رباني رجل قذر.... لذا لنخلص العالم مما زرعتماه بي ........هؤلاء المساكين الثلاثة كانوا بيادق أتركهم يعيشوا بسلام علهم ينسوا ما حصل "
اشار بفوهة مسدسه لرأسه جاعلاً الكل مرعوب ليهتف فاضل بذعر
"بني لا تفعل!! هم من يجب أن يذهبوا للجحيم وليس نحن... سنرسلهم ليلحقوا نبراس وظمياء "
"مازن لا تتهور ... تصرفك هذا لن ينفع أحد أين ذكائك أيها المحامي!!"
حاول غضنفر ان يتقدم ويحاول تهدئته وثنيه ليأتي صوت زوجته المعذب خلف النافذة
"فلتحيا أرجوك ...ان لم يكن لأجلي فليكن من أجل طفلك بأحشائي "
ضغطت يده بقوة على السلاح يحدق بها باستياء
"لماذا يا غبية!!هل تريدين طفلاً من شخص مثلي!! تخلصي منه والا كبر وهو يشعر بالعار مثلي "
دمعت عيناه "تذكرين عندما عايرتك بأنك لقيطة كم تألمت وأنا أعرف كم هي مؤذية تلك الكلمة"
صرخت به
"لكنه ليس مثلنا أنه أبن شرعي "
"عندما يكبر سيعرف أن أباه وأمه لقطاء لن يرحمه العالم أبداً "
هزت رأسها رافضة منطقه
"لا سأنجبه واخبره ان أباه رجل رائع... رجل حنون ..رجل جعل والدته أميرة مدللة وعوضها كل ما كان ينقصها"
هز رأسه بأسف لتفر دمعة من عيونه جعلت تغريد و نمارق تموتان قهراً يوم صدقتا أنه رجل بلا قلب ليسمعوا همسه المؤلم
"تغريد يا زهرة أينعت بقلبي الوجيع... اعطيتني أجمل أيام عمري يا حباً عذباً واساني بكربتي... سامحيني يا أول حب صادق وأخره"
يحاول غضنفر أن يقترب بهدوء منه بينما تبكي تغريد وهي ترى تصميمه على قتل نفسه ونمارق تهز رأسها حزناً ليقطب فاضل جبينه وهو يشاهده قد أصدر الحكم في حق نفسه ولن يتراجع...جلبه ليشاهده ينتحر أمامه يريد ايلامه
"أخي!!"
صدى صوتها رن بأذنه انتبه اليها بعدم تصديق
"أتذكر كيف علمتني قراءة الحروف ....اتذكر عندما علمتني ركوب الدراجة... اتذكر اول يوم بالمدرسة كنت رافضة الذهاب فحملتني على ظهرك طوال الطريق تغني لي وتشجعني ...أخبرتني أن العلم يقي البعض ظلم الحياة أهذا ماكنت تقصده!! ...أتذكر عندما أمرض وأتشاجر وأجوع وأعاند كم كنت تسهر وتتعب وتصبر وتتسامح معي...لم أفهم وقتها هذا الحب الكبير لي لقد فسرته حسب مزاجي وجعلتك تتألم كثيراً فطبعاً كنت تعاني لأن اختك تعشقك!! اتعبتك يا مازن لكنك كنت كريماً دوماً معي ...واخيراً أتذكر يوم كنت ابكي لأني أريد أم وأب مثل اقراني فتخبرني أن لا أحزن وأنك موجود وستمسح دمعتي....أنا حزينة الان وأريدك معي ...أريد ان نخرج من هنا ويدك بيدي... أريد امانك وحمايتك ان كنت تريد الموت لنموت معا فأنا لا أريد العيش بدنيا أنت لست فيها!!"
نظر لنمارق الشاحبة وتغريد الباكية وهي تضع يدها على بطنها تهتف باسمه....حزن طغى ملامحه وهو يرى ما كان غائباً عنه...لقد شاهد حبا لزوجة اعتبرها غبية لكنها كانت صادقة غير خائنة تقبلته بكل عيوبه وبررت له أفعاله وساندته .......والآن حب أخته البريئة الذي يعيد احياء روحه ...أخته التي تستنجد الآن بعينيها قربه وحمايته.. أنها تحتاجه أيضاً زفر نفساً عميقا كان يطبق على صدره ليرمي السلاح
"كنت بزحمة حنقي وكرهي للعالم ونسيت أن هنالك وروداً يمكن أن تنمو وسط المستنقعات"
اغمض عينيه ليتنفس الجميع الصعداء ضحكت تغريد تمد يدها اليه ليقترب ..... مشى ناحيتها كان يخرج المفتاح ليحررها سيعيش من أجل أطيب وانقى فتاتين بالوجود ....لكن فاضل كان له حسابات أخرى اذ وصل غيضه منتهاه وهو يرى ابتسامة الجميع وكأنهم نسوا ما قاله قبل قليل عن بدرته!! حمل السلاح دون أن يدركوا ...غلا قلبه حقداً وجه سلاحه نحو نمارق عدوته الوحيدة
"انت لن تعيشي بسعادة ولن تبتسمي لن اسمح بذلك مطلقاً "
بسرعة احتضنها غضنفر ليحميها من جنون عمها الذي لم يتوانى فأطلق الرصاص يضحك ....صراخ تغريد الهستيري لم يتوقف فتحت نمارق عينيها تنظر برعب تتحسس جسد غضنفر لكنه كان يفعل معها بالمثل ليسمعوا مناشدة تغريد لأسم زوجها استدارا ليجدوا مازن واقف أمامهما...سقط ارضاً لتموت ضحكات فاضل ليركض اليه بوجل يحمله ويهزه ليهذي وهو يرى أبنه غارقاً بدمه
"لا ....انهض لا يمكنك الموت ...مازن تنفس بني أرجوك... لا يا أبن الحبيبة لا تذهب لأمك وتتركني أنت أيضاً أنت من يجعلني أتنفس أنت من يجعلني أتحمل هذه الحياة الكريهة !! انتظر لم ننتقم بعد.. لم نحتفل بعد... لا ترحل وتتركني"
تغريد تضرب الشباك غير مصدقة تحاول أن تكسره ادمت يديها وصل غضنفر قرب الجثة ليخرج هاتفه بسرعة ونمارق تبكي مفترشة الأرض تنظر لوجه شقيقها ونظراته اليها تهمس
" سامحني ... كان علي ان أعرف انك تحبني ولن تغدر بي...كيف صدقت عنك الأقاويل الكاذبة ...آه يا حبيبي لن أسامح نفسي على ما فعلته بك.. أنا من اوصلك للنهاية هذه "
يسمعها فاضل تبكي أخاها فيزيد الغليان بداخله ...ترك جثة أبنه ليحمل السلاح كان ينوي قتلها لكنه اشتبك مع غضنفر الذي أنتبه لنيته الغادرة لم يكن سيتركه الآن الا ليتعفن بالسجن مازال يصرخ بحقد
"ستموتين ....لن أسمح لك بالعيش "
رغم انه رجل كبير لكنه كان قوي كانا مشتبكان بالباحة يحاول كل منهما أخذ السلاح من يد الأخر ...
شاهدت نمارق من رباها مصمماً بحقد مخيف أن يأخذ روحها ومن كان عدوها يوماً يحاول حمايتها بحياته... المشهد بحد ذاته كسرة للروح وطعنة بالجسد... تمنت لو أن عمها يقتلها الأن وترتاح من هذا الزمان الغادر !!بينما تغريد شعرت وهي تنظر من بعيد لحبيبها يغادرها أن روحها تغادر معه تتوسل أن يخرجوها تريد احتضانه لمرة حتى غابت عن الدنيا ..... ليغدر فاضل بغضنفر فيضربه على رأسه لكن الاخير تمسك بالسلاح ولن يهزم رغم وجع جرحه... ليتقدم بعزم وصلادة فيتراجع فاضل يخطط للهرب الأن والعودة فيما بعد ينظر لمازن يصرخ بقهر
"كلكم ستذهبون وراءه لن اترككم احياء فقط انتظروا عقابي "
أثناء انسحابه بقوة تعثر بحجر موضوع بإهمال ليقع فوق حاوية حمض النتريك وبسبب وزنه الثقيل لم يتحمل الغطاء ليكسره ويغرق بالسائل داخله والمنظر بعدها لم يستطع غضنفر أن يشاهده كانت تقشعر له الأبدان.
........................
كانت الايام التي مضت عصيبة لكن أبو نور لم يعرف أن كل ما مر من أحداث موجعة كانت بكفة وما تراه عيناه الآن بكفة اخرى!! اعتقد أن غضنفر بسبب موت جده وتغريد بالمشفى الآن مهددة بالموت نسي أمر القصاص لنمارق لكنه كان مخطئاً ليشاهده قد انتحل صفة امرأة على موقع التواصل الاجتماعي جحظت عيناه بذهول
"ما هذا!!"
رد غضنفر ببرود
"اخبرتك من قبل القانون لن يعاقبني لذا سأعاقب نفسي "
قرأ أبو نور ما كتبه على احدى الصفحات الكبيرة
"مرحباً علمت أنكم من الصفحات التي تعني بمشاكل الناس وتساعدوهم بتحشيد الرأي العام ضد كل ظالم ومستبد ...اليوم جئت لكم بفاجعة حدثت من سنوات وضحيتها ميتة على قيد الحياة طرقت كل الأبواب فلم تجد قبولاً ولا عدلاً ولا انصاف!!
الفتاة دنسها رجل حقير وتركها للزمان الجائر.... كانت كزهرة فواحة تنثر بأريجها المكان فباتت ذابلة وبقايا حطام!! ساعدوها واقتصوا منه سيكون متواجداً غدا أمام محكمة العدل الذين رفضوا أن يعيدوا القضية ويحاسبوه..... حاسبوه انتم وخذوا بثأرها وليكن حسابكم عسيراً.... أعيدوا حق فتاة بريئة كانت يوما ما مثلكم لكن محاور الشر تكالبوا عليها ....قلبي يؤلمني لرؤيتها يومياً بائسة محطمة ...عيناها تخبرني مدى وجعها ...ارجموه هنالك فهو يستحق وسأنشر لكم صورته ....هبوا لنجده بتول دنسها طاغية عاش بسعادة ورخاء بحياته "
لم يصدق أبو نور ما قرأ !! والمصيبة ان المنشور تمت مشاركته بالدقيقة لمئات الصفحات الأخرى !!حاول مسحه
ليقف غضنفر يمنعه بتصميم واضح
"أخبرتني انك ستساعدني بالتخلص من أثمي...لقد حان الوقت.. أريد أن أوصيك تذكر ان تخاف الله بزوجتك وبناتها وأهتم بأبنتك جيداً والخالة مكية فلتكن كأمك وأختي تغريد لا تنساها أرجوك انها اليوم تعيش أسوأ مراحل حياتها هي تحتاج مساعدة قوية لتنهض من جديد ...ونمارق أكثر من أريد أن تكون قربها لا تدعها تستاء وتحمل نفسها الذنب ...انا اعرفها تلك الطيبة القلب ستحزن كثيراً لكن ما بيدي حيلة"
تنفس الصعداء وكأن حمله الثقيل بدأ بالتلاشي
"الآن كل شيء عاد لنصابه ...هانت يا نمارق سأجعلك تثقين بالعالم مرة أخرى وأنه ليس ظالماً واسود فقط بل فيه بوارق أمل وبياض "
لم يقتنع أبو نور بما يريد فعله هز رأسه بغضب
"أهذا ما توصلت أليه!! ستترك شقيقتك المريضة!! ستترك نمارق لوحدها مرة اخرى في مجتمع الوحوش ليأكلوها!! انت من بقي لها عش لها أرجع حقها لكن وأنت معها بكل خطوة و....."
أسكته بإشارة من يده ليسأله بحزن علّ مساعده يقتنع بوجهة نظره
"انت يوم عرفت ما فعلته بنمارق كنت تشعر بالذنب وما زلت وأنت غير معني بالأمر!! لا تضحك على حالك يا أبو نور فانت العاقل ولا تستطيع الالتفاف على الحقائق... أ تخبرني ان أحيى دون قصاص واستمر بعيش حياتي طبيعياً وهي أمامي مكسورة والذكرى تقفز كل يوم أمامنا تؤلمها وتؤلمني..... نمارق ستكره نفسها قريباً بسبب مشاعرها الوليدة الآن لمنقذها ...انا أرى ذلك أنها تشعر بخيانة جسدها... وشيئاً فشيئاً ستصدم بحقيقة ما يختلجها من مشاعر نحوي ...لا يمكنني جعلها تكره نفسها فيكفيها ألماً لكن لو أحبتني وأنا ميت فلن تتأذى ولن تشعر بالمقت والاشمئزاز ..لا يمكنني ان أجعلها مريضة نفسية ومشوشة ومتخبطة عليها أن تبدأ العيش بعد وفاتي مباشرة أفهمتني!! "
صمت ابو نور لم يستطع كتم حزنه وهو يودعه أنه أخر يوم له معهم!!
"اذاً اتركني اكون بجانبك أرجوك"
هز غضنفر رأسه رافضاً
"لا ...سيكون المشهد مؤلم فلتحاول أخذ الجميع للحديقة وجعلهم يحظوا بوقت سعيد".
........................
خالتي أ أنتِ صاحية!!"
كانت الخالة مكية ستنهض من فراشها على الأرض فهي تحب أن تنام هكذا ليوقفها بدا متعباً ومنهك لتشير له ان يتقدم نحوها ...ما حصل تلك الايام الماضية حطمه هو خسر كل شيء بحياته جده وأخته لا أحد يعلم ان كانت ستصحو أم لا وما عرفته عن ماضيه مع نمارق يهز الوجدان ليهمس وهو يجلس محني قربها
"هل يمكنني الليلة البقاء بقربكِ !!"
سيطرت الخالة على غصة انتابتها ابتسمت تشير لحضنها ليستريح عليه ليضع رأسه دون تردد وكأنه كان بحاجة لهذا همس بخفوت
"امي كانت تقرأ لي تهويدة عندما كنت لا أستطيع النوم... هلا رددتها لي عسى ان أغمض عيني قليلاً"
اخذت مكية نفسها بصعوبة لتدمع عيناها تمسد على رأسه بحنية وبدأت تقرأ تهويدة الأمهات لأطفالهن صوتها عذب وحنين كصوت أمه ليأتي لمسامعها صوت الخالة !!خرجت من غرفتها بعد أيام اعتكاف حزينة فيها... اقتربت وهي تردد معها تهويدة "الدللول" كانت مؤلمة واعتصرت قلبها لتراه هنالك ممدد ودموع صامتة يخفيها عن خالته يذرفها لوحده... لتسمع سؤاله
"هل استحق نهاية سعيدة مثل غيري!!"
لم تجب الخالة فقد دخلت بنشيج بكاء قوي لتشعر نمارق بالدمار وكأن شيء أخر سيصيبها شعرت بانقباض صدرها وهي تراه بهذا الشكل المؤلم لتهمس من وراء الباب
"أجل تستحقها يا غضنفر فهي بيدك أنت لو أردتها"
.............................
"ماذا تقولين يا أم مينا !! "
"اجل نمارق كما أخبرتك أبو نور كان يبكي طوال الليل ولم يستطع أن يكتم قهره وعندما أجبرته باح بكل شيء لي... السيد خرج لملاقاة قصاصه ...انظري للمنشور ان صداه في كل مكان وصورة السيد معه... يا ألهي الناس غاضبون "
كانت نمارق تنظر لما كتبه لتنهار
"هذه هي مفاجئتك لي يا غضنفر!! هذا ما أخبرتني أنه سيفرحني يا قاسي الفؤاد!! الا يكفيك ما أعانيه المفروض كنت تواسيني هذه الأيام لا أن تزيد وجعي بفاجعة فراقك!! "
كان أبو نور محني الرأس نظرت اليه بتوسل
"خذني اليه لأوقفه أرجوك "
أمل نما بروح أبو نور وهو يراها مستعدة لمساعدته... اجل لو شاهدها تتعذب لفراقه عله يتراجع عما يريد ...أخذها بسرعة غير مصدق ما يفعل ويخون عهد سيده.
........................
وقفا رفل وزهير أمام الساحة خارج المحكمة ينتظرون ظهور غضنفر كثير من الناس تجمعوا مترقبين ...تمتمت بغضب عارم
"عندما سيبدأ الناس برمي الحجارة عليك أن تنسل بينهم وتضربه على رأسه بمكان جرحه وتأكد ان تصيبه وتقتله على الفور... أشكر من فضحه على مواقع التواصل وإلا لما تمكنت من الانتقام ابداً هكذا وبسهولة "
أومأ زهير يريها حجره الكبير
"حتى لو حماه القانون والعالم جميعاً تأكدي أن حجري سينهيه وبعدها سنهاجر لقد وعدتني عندما انتقم منهم ترحلي معي فقد بت معروفاً بأنني مجنس لدولة عظمى وأنا خائف من الجماعات المسلحة التي تكره الأجانب لئلا يغتالوني "
ضحكت تربت على يده
"لك ما تريد فقط دعني استمتع بهذه اللحظة وسنرحل للأبد"
................................
شعر غضنفر بالوجع برأسه والذي لم يعد يفارقه .. قدماه وعيناه ليستا بخير اجل أنها أعراض للنهاية ...سيكمل طريقه اليوم وينتهي ألم الروح والجسد... اكمل قراءة القران بسيارته وقبل الكتاب ووضعه بمكانه... ترك هاتفه كان قد اغتسل وارتدى أبهى حلة له ....نظر لحاله بالمرأة
"أنه الشيء الصائب يا غضنفر لا تبتئس "
لينزع السلسلة من عنقه ويعلقها بالمرآة ...نظر لصورة والدته مبتسماً مطمئناً لأول مرة بحياته ......
تمشى واثقاً يدخل الساحة الكبيرة التي تفصلهم عن المحكمة سيتعرف عليه أحدهم أكيد ...صعد الدرجات ليواجه الجموع الذين انتبهوا له فوراً وهم يشيرون عليه يحملون بيدهم أحجار متنوعة ليسمع صوت امرأة غاضبة
"أنت ايها المغتصب ستعاقب وسنأخذ حقنا منك ومن كل من على شاكلتك "
لكن هنالك مجموعة وصلت بين الحشود الغاضبة يحاولون تهدئة الناس انهم المحايدون والعقلانيون لما جاءوا!! سيخربون كل شيء عليه لذلك كان عليه ان يستفز الجماهير رفع رأسه بغرور مصطنع
"لن ترهبوني هكذا ...بنقودي سأفعل بأي واحدة ما أريد والقانون سيقف دوماً مع أصحاب النفوذ اما أنتم الفقراء فتحت اقدامنا ستظلون مداسون وبالعدالة تحلمون ومن ارجاع حقوقكم محرومون فلتستسلموا من فوركم وأنتم شاكرون وممتنون"
شهقات وهمهمات غاضبة تعالت بعد كلامه المهين...لكن عليه أن ينتهي من أمره لا يمكنه التراجع ليقذف أول حجر ويصيب صدره بقوة فيرتد قليلاً لكنه عاد يواجه معاقبيه بصمود فتتوالى اعداد كبيرة من الاحجار عليه ....الجموع تصرخ وتشتمه غضبهم فاق الحدود فهو لم يبدي ندماً او آسفا!!.... الألم والكدمات والدماء لم تثنيه عن التحديق بهم بخيلاء ليرى تجمع عدد من الأمن خارج الساحة يتشاورون يعلم أنهم لن يتدخلوا خصوصاً لو كان أمراً يهز الرأي العام والا لن ينجو من الانتقادات.... يحاول البقاء واقفاً قدر ما يستطيع حتى يشعر بالطهارة يهمس بهدوء يشير لنفسه بتقزز
" عاقبوا هذا القميء... أدموه كما أدمى قلبها مزقوه كما دنّس جسدها ...اقتصوا لمذبوحتي وأبرأوا جرحها...و لا تتوقفوا مطلقا"
ومن بين غمام حل على رؤياه شاهد طيفها الأبيض تهرول بين الجموع !!تقدمت بسرعة يحاول ابو نور ايقافها لكنها ضربت يده منظره يقتص من نفسه مستسلماً هكذا أفنى روحها التي هو من اعاد احيائها ...تراه ينزف من كل ناحية فينزف قلبها... لقد تأخروا تريد الوقوف امامه تحميه ...فجاءة تراءى لها غضنفر الطفل المصاب هنالك وحيداً خائفاً متوجعاً انه يصرخ ألماً لا يعرفوه ...عليها أمساك يده عليها أن تساعد قلبه التائهة وتدله طريقه
...أنتبه الناس لنشيجها الذي علا الساحة فتركها أبو نور وهو يسمع توسلاتها على من كان يموت هنالك فتأكد أنه بالنسبة لها ليس عدوها بعد الآن وليس قاتلها ولا ذابحها أن نمارق تعتبره بطلها وحاميها وهذا ما خاف منه غضنفر لذا فقد حاسب نفسه وبقسوة أيضاً...... صعدت الدرجات دون خوف ووقفت أمامه كادت تصيبها الأحجار ليتلف يحميها ...ذرفت دموعها هذه المرة غضباً مما يفعله بها ...أنها تزيد حاله سوءاً وجودها لترى عقابه معناه الموت مرتين هتف يصر على أسنانه ووجع الضرب يحطم عظامه
"لما جئت!! لما تزيدين أثمي كان عليك البقاء غير ملوثة بدموع على مغتصب لا توسخي جسدك وعيناك وقلبك بي"
تهز رأسها برفض تشدد على ذراعه المرتجفة تحاول سحبه معها من الساحة ... سمع صوتا من بي الواقفين كانت رفل تستغل الوضع بعدما شاهدت الجمع توقفوا عن رجمه ليشاهدوا من التي اقتحمت المكان باكية هكذا!!
"عاهرة !! لقد اغتصبك فكيف تحميه .... لابد انك احببت الأمر لذا تبكين!! "
حاول غضنفر اسكاتهم يخفيها وراء ظهره يسيطر على قدمه وجسده ويكاد ينهار نطق بصعوبة بالغة وهو يلمح رفل
"لا تتحدثي عنها بسوء فليس الجميع مثلك "
شهقت النساء لينظرن اليها بازدراء لتتوالى الشتائم عليها والجمل المذلة والمهينة بنفس الوقت
"أهذا صحيح ا أنت الضحية وتبكين عليه!! "
"تباً لكي ولكل من مثلك أنتن من تجعلن النساء كالجواري"
"اذاً اغتصبك كم مرة!!لابد أن بكاءك لأنك ستخسرين متعتك!!"
لتعقب رفل بسعادة بالغة
"انتن يا عاهرات من تشوهون سمعتنا نحن الشريفات وعلى القانون أن يقتص منك قبله"
غطى غضنفر أذنها بقوة يبكي وهو يراهم يظلمونها بسببه... ورفل وزهير يزيدون الامر سوءا... حدقت به ممتنة رفعت يدها تمسك بكفيه لتنزلهما وتبتسم بوجهه ....تنظر لدمائه التي غطت ملامحه ويده حتى قميصه الابيض غدا أحمر ومازال يكابر يدعي القوة والثبات امامها... لم تعد قربه استدار يبحث عنها لم يعد يراها أو يرى شيئاً!! صار قلبه يضرب بقوة مخيفة حتى سمع هتافها القوي للجموع
"أين كان هذا القانون عندما شكيته وجعي من عشر سنوات!!اين كان القانون عندما نفيت بالغربة وعشت كالحيوان !!أين كان القانون خلال الاشهر الماضية وانا أهرب من مصير مجهول !! أتعرفين أنتِ وهي اين كان...أنه للأسف نائم بسبات طويل ولن يصحو من أجل مجرد فقيرة ضعيفة معدمة !! لكن هذا الرجل هنا والذي تعاقبوه.... فاق ذلك القانون وكان اشجع من أي شخص رأيته بحياتي بتحمل اثمه ومسؤولية خطاياه "
كانت تقف تشع بثقة وتحدي لم تهاب ولم تخف ولم ترهب منهم
"انا الضحية هنا ولو كنت اريد سأرجمه انا... قولوا ما شئتم عني سأتحمل ازدراء العالم ومقته وبغضه لي لكن أتركوه أتوسل اليكم فلا يغرنكم ظواهر الناس بل أبحثوا بما في بواطنهم"
غضب الناس ازداد وهم يرون دموعها وتبريرها!!منهم من ابتعد بخيبة ومنهم من ينظر اليها بقرف ومنهم من اطلق السباب باتجاههما مع كلمات يرمونها لتحقيرهما
"فعلاً تليقان ببعض"
تقدمت منها عدد من السيدات ليبصقن بوجهها وتحدثن بغضب
"نحن نستحق هذا أننا ضيعنا وقتنا.... يبدو أنكما حبيبان من نظرة كل منكما للأخر !! تريدون الشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي فاخترعتم هذه التمثيلية صح.... هيا لقد خدعنا بروميو وجولييت هذا العصر!!"
أشارت رفل لزهير ليحمل الحجر المصقول حدد نقطة على رأسه وضرب بكل قوته قبل تفرق الحشد وهربا بخفية. ليسقط فلم يعد يشعر بجسده ولا بما حوله...ركضا يضحكان بتشمت لكن لم يعلم زهير أن جماعات ملثمة كانت تنتظره هنالك
"هيا يا أبطال ها هي سيارته لنقتص من كل جاسوس يبيع وطنه مقابل جنسية قذرة ..سيهرب الليلة لن ندعه يغادر إلا لجهنم "
صوبوا نحو سيارته ليمطروا سيارته بوابل من رصاصهم فتنقلب السيارة عدة مرات وتصطدم أخيرا بالجدار الخرساني الذي يعزل المحكمة عن الساحة ويسحق مقدمة السيارة على من بداخلها..... المنظر جعل الناس يتركوا غضنفر ونمارق ويركضوا نحو الحادثة المفجعة فعمت الفوضى المكان وأصبح كالعاصفة الثائرة تدور من حولهم ....هنا حراس الامن بدأوا بأطلاق الاعيرة النارية لتفريق الحشود والسيطرة على الوضع فالهلع والرعب طغى المكان والمشهد بات خارجا عن السيطرة إلا اثنان كانا الآن بعالم أخر عن دنياهم نمارق راكعة قربه لكنه ينظر بعيداً يبحث عنها بيده ...شهقت برعب
"غضنفر أنا قربك الا تراني هيا انهض!!"
تساقطت دموعها وهي تسحبه لحضنها وتسند رأسه على صدرها تشعر بمرارة تبحث عن أبو نور وسط الدخان والاتربة الدنيا باتت رمادية حولها ليتمسك بها بقوة
"اريد أن تكوني أخر شخص اسمع صوته "
مد يده يريد الإحساس بوجودها فلم يعد يرى الوجه الذي يحيه لكن نشيجها يفتت قلبه
" ألن تسمحي لي بقلبك الكبير الطيب ان أرتاح من الدنيا واغادرها وأنا غير مهموم !! يا أجمل معجزة حصلت لي يوم قررت اقتحام مكتبي "
شهقاتها ازدادت مع معاناتها ليكمل
"الآن لن اخاف ان جاءت المنية فانا لست وحدي انت هنا معي وسعيد أن أبو نور أخبرك فلقد كنت أريد الموت بحضنك أنتِ"
وضعت يدها على فمه وهي تسكته ببكاء عالي
"اصمت استند علي لنذهب للمشفى ...سأكون يدك وعكازك سأكون عينيك سأكون لك كل شيء فقط أبق معي...آه يا ليتك بقيت فاقد للذاكرة... كيف اقنعك أنك نلت ما يكفي من العقاب انك الان كطفل وليد طاهر من الذنوب لما لا تفهم لما!! "
تتنظر أن تنتهي الفوضى أمامها ستنقذه اجل ...رغم الكدمات الكثيرة وكسور عظامه ووجه الذي بات أزرقا والشق على جبينه كان مرعباً تحاول ايقاف النزف لكن الدم لا يتوقف!! صرخت المساعدة بقهر لا أحد منتبه نحوهم الكل متجمع يحاولون انتشال من بداخل السيارة دون فائدة صرخت علّها تجد مساعدة !!
دموعها تتقطر على وجهه ليتمتم بصعوبة
"لا تبكي أمنيتي هي سماع ضحكاتك ترن بالأرجاء.... اريد أن تعديني أن تكوني قوية وواجهي الآتي من حياتك كما واجهتها تلك الايام ..."
يده ترتعش لتأخذ كفه الدامي وتضعها على وجهها ليتلمس بشرتها برقة
"كيف اضحك وانتَ تموت أمامي!! انت ستجعلني ابكي لأخر يوم بحياتي .....كلكم تركني وراءه لما انتم هكذا لما لا تفكرون بي قليلا!! "
مسح دموعها ليدمع دماً هو الأخر ...شعوراً اسفاً ينتابه لكن هذا القرار هو الصحيح ناشدها برجاء أخير
"عديني انه يوماً ما بالمستقبل وعندما تزورين أحبابك بالقبور ان تتفضلي وتزوري قبري معهم ..ولو استطعت فأقري سورة الفاتحة على من عاش ميتاً بدنياه ..مناي أن اكون ذكرى غير مؤلمة عندما أمر على البال... تذكريني كالصغير الذي حرم من أمه والحبيب الذي خطفوا محبوبته والأخ الذي حظي بحب أخته بعد فوات الأوان واخيراً العاشق الذي لم ينل عشقه الحرام .... يامن احييت الفؤاد الميت ونثرت الربيع بروحي ورغم كل الالام جعلتي الأمل يرفرف داخلي للحظات قليلة لكنها لي كانت العمر بأكمله...آه لو ان الزمان يعود... أو لو أننا بزمان ومكان أخر لكنا أجمل زوجين وأسعدهم واكثرهم وفاء وانسانية "
اطلقت أنينا متحسراً وهي تسمع كلماته....الألم ينخر كيانها كله ...تمسد بكفه على وجهها بقوة وآهات تفلتها دون استطاعتها السيطرة على ما يحدث لها لم تعد تستطيع التنفس... تريد ان تخبره هذا جزاؤك لكن لا هي لا تريد هذا الجزاء تشعر أنها تتعاقب معه ليضيف بخوف وهو يرتعد بحضنها بقوة أكثر من قبل
"اخر ما أريد تلك الكلمة لو تسمحين لي بسماعها قبل الرحيل"
كانت تصرخ بمن يقف يتفرج يبدو أن الناس الغاضبون لانت ملامحهم على منظرهما المحزن هتفت بهم
"لقد أخذ جزاؤه لما عاقبتموه لما أنتم قساة ايها البشر .......الله اعطاكم قلوباً لتسامحوا وتغفروا لقد حطمتموني الآن للمرة الثانية "
تحتضن وجهه بقوة تشعر أنه يتركها هي تشعر وكأن شيئاً غاليا ستفقده ...تخبره الصمود والثبات تحثه على التشبث بها .... تحاول أن ترى ملامحه التي حجبها الدم .....تنفسه بات بطيء وجسده برد يتمتم وهو يلفظ الدماء من فمه
" نمارق يامن سكنت القلب وحدها اخيراً قوليها أرجوكِ"
همست تقرب وجهها من وجهه
"انا ...سامحتك... يا غضنفر"
ابتسم برقه ممتن لسماع الكلمة التي تاق أن يسمعها وأعتقد انه سيغادر دون ان ينالها... يشعر بقربها الدافئ ليهمس حزناً لفراقها القريب
" الآن فزت بالدنيا وما عليها "
سقطت يده من على وجهها لتحتضنه أكثر قرب قلبها الذي يبكي قهراً وألما لم تشعره سابقاً هو يسمعه يدق بقوه تحت اذنيه...يتخيل أنه يدق من أجله هو فقط.... انتهى الآن عذاب استمر سنون ألم الذكريات الحزينة ...ألم الأحقاد والانتقام أنتهى.....عذاب كان لا يعلم كيف يوقفه لا يعلم ما يتوق له الآن علم .... انه غفران نمارق وقربها لقلبه ليغمض عينيه ويستكين بحضنها فهي وحدها من حررت وجعه وأنهاه .
............................
انتهى الفصل

الى مغتصبى بعد التحية الجزء الثانى من سلسلة بتائل مدنسة لكاتبة مروة العزاوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن