الفصل التاسع

237 7 0
                                    

الفصل التاسع
صدمتها بعد جملة الطبيب كانت ظاهرة بوضوح فهو لم يبدو وكأنه سيموت!! ليواصل الطبيب
"انه بسبب حادث المسمار الذي أخبرني به جده وهو لا يعلم بأمره لحد اللحظة !! هل اخبرك السيد عز الدين انه غُرز برأسه مسمار صدأ قديماً.... لذا منذ عشرة سنوات وهو يدخل ويخرج من جراحة لجراحة استئصال الأورام بدماغه والسبب سأحاول ان أشرحه لك ببساطة ....لقد تجمعت كتل الدم بتلك المنطقة وقت الضربة وبعدها تم رميه بالنهر ...ولوقت طويل ترك حتى تمت معالجته!! الدماغ أخطر جزء بجسدنا وأي ضربة ولو كانت خفيفة لابد ان تؤدي لنتائج مهولة فيما بعد اذا لم تعالج بسرعة ... المسكين لم يهنأ منذ سنوات ولم يعيش بخير... كانت تمر عليه أيام يصرخ وجعاً لا يحتمل ...ببساطة كان لا ينام ولا يأكل وينعزل بغرفته لشهور طوال ومرات تمنى الخلاص من حياته... لكن اعتقدت بعد النجاح الذي حققناه بالخارج وشاهدت تفاؤله وعزيمته لمحاربة مرضه انه لن يثنيه شيء او يحبطه... نحن اتفقنا على موعد للجراحة نهاية السنة وكنا سنحدد موعد للسفر ايضاً.... أنها اخر وأهم جراحة وفجاءة اخبرني أنه لا يريد .... فقط سيحاول أن يعيش ما تبقى له من عمره بهدوء!! ما الذي جعله يتصل بي ويبدو عليه الإحباط ولما قرر أن يستسلم بعد أن قطعنا شوطا طويلاً من الصعاب وقضينا معاً على أغلب الاورام التي اتعبته وآذته ..لما ماذا حصل معه !! لذلك اخبرك أنه ان لم يقم بها فهو عملياً يحتضر فالورم لن ينتظرنا ويختفي لوحده!!"
تركها الطبيب في صالون جناحه بالمشفى الفخم .... نظرت ليديها وهمست بسخرية لنفسها وهي تجلس
"ارتاحي يا نمارق لقد كان يتعذب كما كنت تتمنين ...اذاً لم يعش بسعادة كما كان جده يحاول أن يبين بالصحف حتى لا يغلبه منافسيه...... وأخيراً مغتصبك سيموت انت قتلته وهذه المرة حقيقة وليس خداع"
احتضنت نفسها وهي تعلم هذه النفس التي تؤذيها...دخلت الغرفة وغضب يعتريها مما يحصل... كان عليها من يوم عرفت انه فاقد للذاكرة أن تهرب ولا تلتفت للخلف لأنها لم تكن ستنتقم من شخص لا يملك عقله ...تحدثه بنبرة خيبة من نفسها
"هذا ماكنت أخافه... هذا ما خشيت ان أشفق عليك وأعاملك كما أعامل باقي البشر!! "
هزت رأسها بأسف واحتدت لهجتها
" انا ما زلت أريدك أن تكون قوي... ما زلت اريدك أن تكون شيطان كما كنت حتى أُسعد وانا أراك تموت وليس هكذا حالكَ يرثى له... لا تفعلها امنحني حقي بالاقتصاص منك.... أنت هكذا تجعلني خسيسة مثلكم ان تشمت برجل يحتضر!! "
تنظر اليه ساكن على السرير الأن عرفت لما هو قصر شعره هكذا ويبدو نحيل عما كانه قبلاً ...تساءلت دوماً لما كان يسافر كثيراً ويترك أعماله حتى دخل مازن هكذا بينهم... اذا كان يتعالج كان نزيل المشافي ...لهذا جده اقصاه وسلم كل شيء لتغريد فحفيده لم يعد ينفعه بشيء...لهذا زوجته كانت تخونه بسهولة وتكذب وتستغفله لأنه ببساطة لم يكن معهم كان بعالمه الأخر ..... وقفت بعيداً عنه لم تفارق نظراتها منظره الذي يشبه من كانوا يحتضرون بالمشافي بالغربة.... اذا يبدو أنها عادت لتدفن ميتاً اخر وليس لتنتقم ...ماذا تقول عن ظمياء حتى بعد موتها لم تتركها تهنأ...دخول ممرضة اجفلها وجعلها تعود للواقع لتبتسم الطارقة بوجهها
"الحمد لله هذه المرة لن يكون لوحده سمعت من الطبيب أن خطيبة السيد معه لا تتصورين كم فرحت ....تعرفين نحن مجرد موظفات لكن لا نستطيع مواساته وقت اشتداد الألم عليه كمثل شخص قريب منه "
راقبتها نمارق وهي تخرج أفرشة ووسائد من الدولاب وتعطيها لها!! وتشير للثلاجة ان كانت تحتاج لشيء ليلاً.... كانت ستخبرها أنها راحلة لكن الممرضة خرجت وتركتها....لا لا هذا سيكون اكثر مما يحتمل رمت الوسائد
"لم أصل لتلك الدرجة من الغباء لأعتني به!!"
وصلت للباب لتسمع انينه الخافت تسمرت يدها على الباب استدارت كان يتوجع حتى وهو نائم!! هل الورم برأسه مؤلم لتلك الدرجة!!
ليصل مساعده ملهوفاً فتح الباب لترتد نمارق للوراء وقف قربه ببؤس
"لا يمكنك ذلك!! لا يمكنك تركنا لقد كذبت علينا جميعاً وادعيت انك بخير... عندما حبست نفسك بالمزرعة وكنت تتمزق هنالك كنت قررت الموت صح.... انت لم ولن تسامح نفسك أنها الرسالة التي بجيبك جعلتك تقرر مصيرك "
جحظت عيناها وهي تقترب منه الرسالة!! لما يجعلونها تبدو شريرة الان أم انه احساسها فقط ...استدار أبو نور وهو ينظر اليها
"انتِ تعرفين كل شيء مؤكد فهو ماضيكما الغامض والذي لا أجرؤ على سؤاله عنه بالتفصيل... ارجوك أقنعيه ان يعيش من أجل الموظفين الذين يحبوه ولا يريدون مازن ذاك الذي بدأ بطردهم واحداً تلو الأخر..... ان غضنفر رجل طيب ومحترم وساعدنا كثيراً وقت محننا أنه شخص خسارة أن نتركه يرحل عن عالمنا المليء بالوحوش ...ارجوك يا أنسة انا اطلب منك ذلك دون خجل لأنني متيقن بأنك الوحيدة القادرة على جعله ينصاع لكِ "
تجهمت ملامحها ولما سينصاع أصلا قبل أن تكمل سؤالها برأسها جاءها الجواب
"اثناء نومه دائماً ما كان ينادي باسمك... وايضا هنالك كلام كثير يتمتم به لكن لن أطالب بشرح ليس مهم الأن"
توجه للباب ليستدير دون أن يعطيها فرصة للكلام
" مازن عاد للبلدة وهو يحشد رجاله وموظفيه بالمصنع... علي الذهاب لأعرف مدى الضرر وانت اتوسل لك ابقي هنا معه الليلة"
خرج الأخر مسرعا وهو يرمي كلاما زاد عبئها كثيراً .... آه جلست على الكنبة وضعت يدها على وجهها ليعود مشهد ركوعه يقفز بمخيلتها امسكت قلبها لتكلمه ككل مرة تفعلها وقت ضيقها
"يا قلبي انا حائرة اخبرني ما أفعل الأن !!"
.......................
"اعتذر لأنني أتصل من هاتف شقيقك أنا نمارق "
جاءها رد غاضب
"وماذا تريدين كنت توقعته أتصل بي ليجبرني على العودة"
"شقيقك مغمى عليه هو مريض بالمشفى ووحيد"
"ما الجديد!! هو طوال سنواته قضاها بالمشفى وحيداً "
احست بشي يعتصر قلبها لم يهتموا حتى بمرضه لكنهم أهله!!
" هل ستبقين مع مازن بعد كل ما سمعتيه منا!!"
صرخت تغريد وصوتها بدى مشوش عند ذكر مازن
"ان قلت أي افتراء عليه سأغلق الهاتف .... فلتبقي مع غضنفر يبدو انكما تصالحتما ونسيتما ماضيكما مبروك عليك لو كنت أنا من اُغتصبت لقتلته بيدي وأرسلته للقبر لكن يبدو أن الأمر بسيط عند امثالك!!"
سمعت الاهانة وصمتت فهي تعرف عندما يحقد الأنسان ويتمنى أن يرى عدوه أسفل السافلين فلا يمكن لأحد تعديل رأيه .... تغريد يبدو انها ليست من النوع المسامح لن تلومها كل أنسان حر بمشاعره لكن عليها ان تنهي ما تريد قوله
"حسناً لن اكلمك بموضوع أخاك لكن ماذا عن زوجك لما بعتي عائلتك من اجله!! صدقيني انه ليس كما يظهر هو اتفق مع رفل لسلب أملاككم "
"يبدو انك فعلا معجبة بأخي!! ترددين كلامه بالحرف اذا هل سأسمع بخبر زواجكم عن قريب... ارجوك أن تقومي بدعوتي لأشهق عندها!! أنا اثق بمازن هو الوحيد الذي لم يؤذيني.... حتى جدي لم يكن يستطيع حمايتي"
تركتها نمارق تعبر عن استيائها وتسخر لتتمتم بصوت هادئ
"اذا لتسألي حاميك عن الحريق الذي حدث من شهور ومن راح ضحيته!! وان اردتِ معرفة ماضيه تعالي للمشفى وسأخبرك بكل شيء.... اتمنى أن لا تواجهي مصيراً سيء فانا لا أريد ان أرى ضحايا أكثر "
اغلقت نمارق بوجهها ...كانت تغريد تشعر بريبة لا بد من وجود شيء يجري ليس من المعقول أن الجميع يكذب!! خرج مازن من الحمام يضمد جراحه وغضب يعتليه بدل ثيابه لتنهض غير واثقة من نفسها
"هل سأنتظر كثيرا لتوضح ما حصل!!"
"ماذا تقصدين!!"
" هذا اليوم الفظيع كيف بدأ و كيف أنتهى !!"
" لست بمزاج للكلام يا تغريد لدي مهمة ورجالي اجتمعوا الأن "
"أريد أن أفهم لأنني سأجن كنت تنتقم لنمارق... لكن هي متحالفة مع اخي ...اذاً هل فعلاً قدمتها له بسبب ما فعلته لنبراس !!"
صر على أسنانه وضرب المرآة لترتد تغريد للخلف مرعوبة... نظر اليها بحزن لم تعرف أسبابه
"بعد كل ما فعلته من أجلها وما عانيته سنوات وانا أبكي عليها وبالأخر تتفق مع مغتصبها ضدي وتتهمني بشيء لم افكر حتى بأسوأ لحظاتي الشيطانية فعله!!"
احست به يلتقط أنفاسه بصعوبة يسيطر على موجة قهر تنتابه
"هنالك شيء يجري وعلي أن افهمه وألا سأحرق الجميع معي"
كان سيخرج تبعته
"سآتي معك للعمل.... سمعتك تقول ان غضنفر ومساعده لعبوا بقذارة تلك الايام التي أختفى بها لذلك سأساعدك"
اوقفها بحزم
"أنت ابقي هنا كملكة وانا سأعمل لإنقاذ كل شيء "
"لا ...لن تحبسني هنا!!"
وصلت لدولابها لتسمع كلامه الغاضب من بين أسنانه
"لكن كلامي أقوله مرة واحدة وانتهى يازوجتي"
"لم ينتهي انت لا تخبريني بما أفعل........... أنا حرة "
وصل يمسك وجهها بقوة يلصقها بالدولاب شحب وجهها وهي تنظر لعيناه الثائرة
"اياك أن تتحديني أنا لست غضنفر الذي يسكت على استهتارك.... انا زوجك وعليك أن تطيعيني فهمتي!!"
تكلمت بعناد تحاول ازاحة أصابعه من وجهها
"وأن لم انفذ!!"
ضحك بقوة "لا تجعليني عدو لكِ !!"
"هل تهددني!! لقد تركت الجميع من أجلك ورغم كل ما سمعت .....ها أنا اخترتك!!"
شبح ابتسامة جانبية ظهر على محياه اخافها
"لا تعتقدي انك تمنّي علي بزواجك مني واختيارك لي ...انت لست سوى لقيطة منبوذة عند أهلك!!"
شهقت لتتلألأ الدموع بعينيها ...عندما شاهد بشرتها احمرت تحت أصابعه تركها ليضيف ويحطم أمالها
"من الأن ستنفذين أوامري كفتاة عاقلة ...لن أحرمك من الحماية والدلال فما زلت سأعطيك ما تتمنين"
خرج واغلق الباب بقوة ....جلست على السرير ساقها ترتجف
"ماذا فعلت بنفسي!! "
اتصلت برقم شقيقها تهتز من الصدمة والخيبة لترد نمارق بسرعة
" هل يمكنك أن تخبريني كل شيء عن ماضيكم جميعاً "
............................
أعادت نمارق الهاتف ووضعته قرب السرير جلست على الكنبة الموجودة بغرفة المشفى تفكر بما تفعل غداً ستأتي تغريد... فجاءة شعرت به يستيقظ يبدو انه لا يعرف أين هو من تلفته حوله بينما هو يتراءى له خيال أمامه انها هي !!الرؤية غير واضحة لا يمكن ضحك بهدوء
"يبدو أنك لا تفارقين مخيلتي ابداً يا نمارق "
استياءها من جملته عن طريق همهمتها الغاضبة جعله يفتح عيناه بوسعهما يحاول النهوض
"أنا موجودة حقيقة ولست خيال!!"
عاد يستلقي فهو يشعر بألم شديد بعد تلك الضربات التي أخذها اليوم ليرد برعب
"لما لم تغادري !!"
اخذت نفسا عميقاً وتمتمت بنزق
"وهل ترك أحدهم لي خيار ...لقد ابتليت بك "
حاول الوصول لهاتفه حانقاً لتهب واقفة "ماذا تريد!!"
هدر بغضب "أبو نور هذا كيف يترككِ هنا...."
"اترك الرجل انه حائر بمصيبة أخرى "
جلست مرة اخرى
"لا أريد العودة لتلك الشمطاء"
شهقت وهي تضع يدها على فمها أول مرة تشتمها... شاهدته يبتسم لتستاء أكثر
"فعلاً معاشرتكم ليوم واحد جعلتني أفقد احترامي...قصدت لا أريد ان أعود على الاقل هنا لن أسمع توبيخاً ولا إهانات طوال الوقت "
أخذت وسادة ومفرش وخرجت بسرعة ..نامت على الكنبة بالجناح خارجاً غطت راسها وهي مستاءة من الموقف من بدايته...بينما بالداخل أخذ نفساً عميقاً شعور بهيج يتسلل روحه....ليتذكر ان عليه أن يحذر الجميع من أن يخبروها بحالته والا ها هو قد علم من هي نمارق... همس وهو يغفو
"لستِ بشراً ابداً ابداً......"
.............................
استيقظ صباحا شك للحظة أن حوار امس كان حقيقي !! اجل يبدو أن مرضه يجعله يتوهم حضورها الرائع لقد نام وهو مبتسم ظاناً منه أنها هنا!!
خرج من حمامه يستند على الحائط ليسمع صوتاً بصالون الجناح أنها نمارق!! اقترب ليسمع صوتها
"هذه الحقيقة كلها يا تغريد وظمياء قبل موتها أخبرتنا انا وشقيقك "
شعرت تغريد وكأن صاعقة ضربت رأسها أهذا نفسه زوجها همست بقهر
"مستحيل!! انتِ لا تعرفين كيف هو مازن انه حنون ودافئ ومحب صحيح هو عصبي بسبب مشاكله الآن... لكن ان تقولي أنه فعل كل هذا بك وبزوجته وابنته ايضا أرجوك قولي انك تكذبين"
امسكت تغريد يد نمارق تترجاها كلمة واحدة لتريحها لكنها الحقيقة هي ايضاً لم تكن تصدق ما فعله أبن خالتها ..مسحت تغريد دموعها بعد فقدان الأمل " اذاً ورفل"
اخفضت نمارق صوتها
"هما على علاقة منذ سنوات "
ضربات قلبه وراء الباب صارت كطبول لكن من تخونه مع زهير أكيد ستخونه مع أخر ....اسند نفسه على الحائط يمسك برأسه يشعر بالأرض تميد تحته...
شحبت تغريد أنها الضربة القاضية وقفت تضرب رأسها
"غبية... استحق ما حصل لي لقد استغفلوني وهم يضحكون "
وقفت نمارق تمنعها من أذية نفسها وصرخت بها
"لا تؤذي نفسك ولا تحمليها فوق طاقتها توقفي .....هم من يستحقون أن يبكوا الآن ولسنا نحن فهمتي... كون ناضجة واستعيدي رشدك الضعيفات ليس لهن مكان بالحياة ... أرفعي رأسك وواجهي الظلم ...."
صمتت نمارق بذهول انه حديثه لها امس!! لقد حفظته دون وعي ورددته دون أن تشعر!! احتضنتها تغريد وكانت تطلب مواساة
اجلستها وتركتها تبكي طويلاً وكان هنالك من يتمزق بالداخل معهما.
............................
مدة مرت والفتاتان تجلسان بالصالون وكأن تغريد فكرت بشيء هبت واقفة وغضب يعتليها عليها ان تفهم من مازن والأن...كانت ستغادر لتقف نمارق أمامها
"الن تطمئني على شقيقك أنه يحتضر!!"
صدم غضنفر اذاً هي تعرف بأمره واشفقت عليه وبقيت هنا معه.... كان سيفتح الباب ليسمع شيئاً لم يعتقد انه سيسمعه ابداً
"شقيقك يحبك أكثر من أي احد رأيته حولك... انه يحاول منذ عرف ما يريد مازن منكم أن يحميك... حبه هذا تتمناه أي شقيقة كيف لا تسامحيه على ماض لا يذكره!!"
فغرت تغريد فمها
"لقد ارهبني !!ما زلت أرتجف وانا أذكر تلك الحديقة ,انت لا تعرفين شعوري"
امالت نمارق رأسها بسخرية
"أجل لا أعرف فهو لم يفعل شيء لي سوى أنه حاصرني بالمزرعة واغتصبني!! "
صمتت تغريد محمرة الوجه وأحنت رأسها خجلاً
"اذاً هل تخبرينني أن انسى !!"
"لا تنسي فالذكرى تجعلك قوية على هذا الزمان الجائر....لكن سامحي يجب أن تعطيه العذر انتِ بالذات!!"
هزت تغريد رأسها بعدم تصديق ما الذي تقوله اليس المفروض هي من تقنعها بالمسامحة.... لما ضحية الاغتصاب تُقنع ضحية التعنيف بالغفران!! ما الذي حدث للزمن لتهتف نمارق فهي تعرف ما يجول برأسها من أمامها
"شقيقك لم يكن يريد الانتقام مني لو كان بوعيه بل أقرب شخص لي هو من جلبه فاقد عقله ليؤذيني...... مازن كان حريص على ايلامي وموتي بشدة بغضنفر أو بغيره"
لم يستطع الخروج الآن أنه يفترش الارض كالجبان لا يستطيع مجابهة نمارق .....هو عرف قبلاً انها اقوى منهم جميعاً ... كلامها الآن جعل بدنه يقشعر... لكن الشيء الذي يريحه أنه سيموت ويتخلص من عذابه ...صرخت تغريد من الخارج
"حسناً لنقل انه كان بدون وعي وغير مسؤول عن تصرفاته معك والقانون نفسه لم يكن سيحاسبه مع الأسف!! لكنه معي كان بوعيه لذلك لا تحاولي سأرحل"
امسكت نمارق بذراعها
"كان لديه سبب عظيم ولو كنت مكانه لكرهتك ايضاً"
فتح الباب من ورائهم كان غضنفر يبدو شاحباً بائساً وفعلاً بدى لنمارق الآن أنه يحتضر
" أختي ...."
لم تتوقع تغريد أنه مستيقظ لتسمع همسه
"سامحيني لأني كنت أخاً سافلاً مجرماً بحقك... اتمنى في يوم ما في المستقبل البعيد أن تفتحي قلبك عسى ولعل أن تغفري لي ولو قليلاً ارجوكِ كوني بخير وأنقذي نفسكِ قبل فوات الأوان "
لم تريد سماعه فتحت باب غرفة المشفى ليحني رأسه بألم هو لا يستطيع فرض نفسه على شقيقته ...غضبت نمارق لمنظرهما
"لكن والدتك قتلت والدته لذلك فعل ما فعله!!"
استدارت تغريد اليهما تبدو عليها الفاجعة ...تجمد غضنفر بعد اعلان نمارق الواثق وكأنها كانت معه يومها...لقد نطقتها بحرقة عادت تغريد للغرفة تقترب من شقيقها... دموع غضب ذرفتها رفعت راسها تنظر اليه تجبره أن يتحدث لم يعد هنالك بالعمر بقية ليخبئ عليها لذلك سيعترف لها بكل شيء
" انا أسف ... لقد صببت غضبي عليك بسبب والدتكِ"
هزت رأسها ملامحها تخبره أنه ليس الجواب الذي تريد
"لا يمكن امي ....لما!!"
"أمك كانت باغية!!"
تراجعت للخلف خطوات لكنه قرر أن يخرج كل ما بجعبته
"هي كانت ربيبة عائلة تتاجر بالرقيق وهربت من دلالها وعملت مع أبي وأحبها دون أن يعرف ماضيها تاركاً والدتي تموت قهراً بعد أن علمت بعلاقتهما المحرمة...لكن امي وبسبب غيرتها الشديدة نبشت عن ماضيها وهددتها أما أن تترك ابي والا وشت بأمرها لتلك العصابة .... كانت والدتك سيئة فقتلت أمي ونجوت أنا هي بعدها هربت مع أبي الذي كان خاتماً بأصبعها لخارج البلاد هذا ...فقط ما تذكرته من ماضي سامحيني"
ليتفاجأ بتغريد تهوي ارضاً مغماً عليها!!
........................
اكمل أبو نور مساعدته بارتداء ملابسه سأل بلهفة عن تغريد
"أنها بخير وطلبت العودة للبلدة لم استطع منعها صدقني ..عليك تركها لتفكر بوضعها... لا تخف عليها لدينا موظفين الآن داخل القصر وخارجه سيحافظون عليها"
نظر لأبو نور نظرة عتاب ليرد الأخر
"اعلم يا سيدي أنك غاضب لأننا لم نتفق على ما جرى بالأمس.... لكن جدك خاف من مازن فقرر تلفيق التهمة عليه وأنا شعرت أن الشرطة الحل الامثل لأنك أصريت على المواجهة لوحدك ضدهم جميعاً "
"منذ متى عرفت بخيانتها !! "
الان كان يجب أن يسأل عن الخائنة ليجيبه مساعده
"ليس من مدة جدك سمعها مع زهير وأخبرني "
امسك بحافة السرير بقوة.... ألم جسده قوي لكنه ليس أقوى من ألمه الروحي
"اين هي الأن جدها لي وبسرعة "
" طلقها... أنها امرأة عفنة انت أمامك معركة شرسة... اتركها للزمان يعاقبها "
نظر بحده لأبو نور
"لو أخبروك أن زوجتك خائنة هل كنت ستقول هذا !!"
تكلم مساعده بحزن
"لو كانت ظروفا أخرى غير ما نحن فيه لكنت اخبرتك أن تعاقبها لكن انت الأن تقف على جرف يفصل الاطراف جميعها لو التفتت للوراء ستقع بمستنقعهم القذر هي وزهير ومازن ...لا توسخ يداك وقلبك وعقلك دعهم يغرقوا بالرذيلة والفساد أنه عقابهم بالدنيا غير عقاب الأخرة ...لنلتفت للأهم حالياً وما سنفعله بمشكلتنا !!"
كانت نمارق تجلس بالخارج لكن صوتهم عالي لتشعر أن رفل لا تضاهيها امرأة بالوقاحة حتى ظمياء لم تستطع خيانة مازن دون خجل وخوف هكذا!! كانت تطعنه على سريره وهو لاهي بمرضه لتعود وتكز على أسنانها
"فقط لو لم تكن ذلك الشخص الذي ذبحني لاعتبرتك الرجل الأقل حظا مع كم المآسي هذهِ بحياتك!!"
غادر أبو نور الغرفة ليتركها مرة أخرى مبتلاه بالوضع
"ارجوكِ معركة بين موظفينا وموظفي مازن داخل المصنع يبدو أن رجاله بدأوا بسرقة المواد الكيميائية والآلات الزراعية من المخازن لأنهم علموا أننا على وشك استعادتها..... علي أن الحق ما أستطيع انتِ اوصليه للمنزل فهو الأن لا يستطيع السير حتى وسأوافيكم هنالك بعد ساعات
هتفت وراءه "انتظر......"
لكنه غادر مسرعاً!!
...........................
وقفت امامه بالغرفة كانت تبدو غريبة لا خائفة ولا غاضبة ولا مشمئزة لتنطق بحدة
"اذا كيف ستفي بوعدك لي وأنت ستموت!!"
رمش بعينيه عدة مرات هذا ما لم يتوقعه طمئنها وهو ينهض بصعوبة
"لا تخافي ابداً هي مدة بسيطة فقط وسترين نهاية مازن وفوقها عودة أموالك فمازن شركته تلك كلها سببه ارثك الذي أخذوه .... عندها ستكونين قوية ولن يستطيع أحد المساس بك"
اومأت موافقة لتجعله مرتبكاً ايضا ما بالها تتصرف بطبيعية!!
"فعلاً الان من يملك النقود يدوس على العالم كله... اذا ستعيد الثروة وتعطيها لي وتزج مازن وعصابته بالسجن وتترك أهلك بالشارع وأنت تختفي بزاوية لتموت بسلام همممممم انتقام رائع لي "
نظرت بغضب أليه "الست تنسى شيئا أيها الشهم!!"
ارتبك يهز رأسه ليهمس بخفوت
"ما بكِ لما الغضب اليس هذا ما أردته من يوم لقائنا!!"
كورت يدها بقبضة لا تعرف بما تجيب انها غاضبة عندما تسمعه يبشرها بدمار كل من حولها... انتبهت له يفرك صدغه
"هيا سأوصلك لمسكنكِ يا نمارق"
صرخت تجفله
"لا تتكلم معي بأريحية!! وأياك وذكر أسمي بسهولة وكأنني صديقة أو قريبة لك!! "
جلس على السرير يستوعب صراخها وتحذيراتها
"اسف... أسف فقط اليوم سامحيني فرأسي يدور لذلك تهورت بتصرفي معك "
تنهدت بإحباط "سأوصلك لمنزلك وبعدها سأرحل واياك أن تتحدث معي طوال الطريق "
تحركت للباب لكنها شعرت بأنه لا يتبعها!! استدارت لتشاهده يلملم اغراضه التي جلبها له أبو نور ...سقط هاتفه وبعض مستلزماته فانحنى يلتقطهم بيده المرتجفة حثت نفسها
"اخرجي الأن وبسرعة!! "
وبعد معركة بعقلها دامت ثواني عصيبة عادت اليه خطفت الحقيبة بقوة من يده ولملت ما تبعثر وانطلقت قبله ليتبعها بهدوء وصمت.
..............................
"ماذا تفعلين هنا!! الا يكفي ما حصل اخرجي يا وجه الشؤم"
"جدي ماذا تفعل!!"
كان عز الدين يتكلم بصعوبة ويستند على الممرضة لكنه مازال يبث غضبه على نمارق التي اوصلت غضنفر لباب القصر
"منذ سنوات دمرتك وها هي نتائج أفعالها أنت على طريق الموت والان انظر أبن خالتها أخذ كل شيء بسببك أنت نقطة ضعفي بحياتي!! "
وصل اليها يحاول طردها ليسحبها غضنفر وراءه ويتكلم بحدة
"عليك ابداء الندم على جرمي وجرمك بحقها وشكرها بدل معاملتها بهذه الطريقة التي لا تليق بك !!"
شخر الجد ولم يبالي بكلامه
"هل تقف بوجهي أمام ابنة الشارع هذه!!"
صرخ غضنفر ليجفل عز الدين ويرتد للوراء... أنه يراه الان حفيده القديم الذي كان متطرفاً بحبه لأمه وتطرف بحبه لنبراس... لا لا يمكن أن يتطرف ايضا بحب هذهِ والا ستكون النهاية ليهدر بوعيد
"سأطلبها منك مرة واحدة يا جدي لا تتكلم معها الا باحترام!! أنا من ماضيه مخزي فلتحمد الله انها مازالت تنظر بوجهي والمصيبة انها تساعدني لإنقاذ حفيدتك!! "
تعدل غضنفر بوقفته يسيطر على وجعه ...بينما هي تستمع لثرثرة الجد بماذا ترد!! انه فعلاً حاقد عليها لدرجة لا يمكن معالجته ....هنالك قلوب كقلب عز الدين مستحيل شفائها لا عجب أن غضنفر وتغريد عاشوا مأساة بسببه لو كان لهم جد أخر لكانوا اشخاص يفخر بأخلاقهم...ليضيف غضنفر بغضب زاد الآن
"هي جاءت تستنجد بي من شر مازن فاتضح أنني انا من يستنجد بها ...كلما أراها كلما احتقر نفسي وأحتقر عائلتي وما فعلنا "
نظر عز الدين بمقت اليها ليضيف بهدوء
"اسمعني جيداً يا حفيدي ...أن بقيت تحوم حولك ستجلب المصائب معها عليك ان تختار أما أنا أو هي"
كانت تريد اخباره انها لم تحوم حولهم واعتقدت أن غضنفر سوف يحاول أن يفهم جده الموضوع وسبب تواجدها معه من البارحة لكن الصدمة من جملته السريعة جعلتها مشوشة التفكير
"طبعاً سأختارها هي..... ولو خيرت بين العالم أجمع سأختارها هي ولو لم يبقى لي شيء سأبقى معها هي.... وأمنيتي اخر لحظاتي ان أكون بقربها هي .....فهي من تغنيني عن الدنيا ومن عليها"
صدمة عز الدين كانت لا توصف لكنها طبعاً ليست كقلبها الأن الذي صار يضرب نواقيس خطر آت.... خطر من هجوم عاطفي لا تريده في حياتها ....لتنتبه للجد حيث رفع عصاه والغضب استعر بداخله ...وجه حافة العصا نحو وجهها كاد يصيبها لتأتي الضربة على رأس غضنفر الذي وقف امامها يحميها ....صرخت رعباً ليبتعد الجد وهو يرى ما فعل والدماء تتقطر من حفيده وهو قد نال نصيبا من الضرب البارحة ما يكفي
"بني لم اقصد رأسك يا الهي ...."
"بل قصدت يا جدي... قصدت ايلامها والحمد لله انها جاءت بي.... لم أتصور انني في يوم من الايام سأرى حقيقتنا وكم هي حقيقة مشوهة وقاسية ...آه الان فعلاً مرتاح فلم اعد أطيق اسمي وأسمك وكل ما يتعلق بآل عز الدين الذين آخر ما يتملكه رجالهم هو الرجولة!! "
استدار يسحب نمارق معه ليسمع صراخ جده
"سأستعيد أموالي وعندها سأحرمك منها... سأجعلك عبرة سأجعلك تتسول انت محروم من كل امتيازاتك سأدمرك ان لم تعد ...أباك مات وحيدا بالمشفى... ستموت أنت كذلك هذه تشبه عشيقة أبيك عد أنها مجرمة مثلها يا غبي"
...............................
كانا الآن بالطريق العام ...شعر بالوهن ليجلس على حافة الرصيف....مسح الدماء من صدغه وضحك
"أنا الان مشرد لأول مرة بحياتي...... والدي على الأقل اخبروني اني كنت معه بلحظاته الاخيرة اما أنا سأموت بالشارع "
التفتت تنظر للسيارات تبحث داخل عقلها عن ذكرياتها الحاقدة حتى تبعد شعور بدأ يتسلل قلبها يميتها .... كيف استطاع جعلها تتألم هكذا!! نظرت اليه تصرفاته منذ دخلت مكتبه ولحد ما فعله قبل قليل هذا فقط ما يحضر ذاكرتها !!وفجاءة أحست بكسرته لا يبدو نفسه ذلك المجرم لقد اختلف بملامحه بعد المرض ونبرة الصوت الكئيبة والتصرف ألهذا هي مشوشة!! ....لم تتكلم جلست قربه على الرصيف واحنت رأسها ليفتح عينيه برعب
"لا تستائي انا أفعل هذا لأرى ابتسامتك حان وقتك يا نمارق لتفرحي حان وقت معاقبة اعدائك ومشاهدة نهايتنا ..... ومازن لا تقلقي لقد حضرت له ما يستحق هيا فلتسعدي أرجوك فالنهاية قادمة"
هزت رأسها تنظر لأصابعها بحضنها
"هل سيموت ...مازن أيضا مثلك!!"
قطب جبينه ونظر نحوها مطولاً واخيراً هز رأسه بعد قبول
"لا يمكنك ذلك..... لا يمكنك لا تفعليها أنا عدوك مغتصبك وقاتلك... انا كما قلت برسالتكِ ذابحك وهو ايضاً أجرم بحقك فقط تذكري ما فعلنا وسترين أن قلبك عاد حاقداً مثل قبل أبعدي شفقتك في الحال!!"
نهرها عندما افلتت منها آهة حزينة دون قصد.... كان يتمنى أن يراها راضية وهي تقوده لحتفه الأخير ومازن لسجنه لكن لا يبدو الوضع كذلك!! صمت طويل حل بينهما ومازالا يجلسان يراقبان مسيرة السيارات حاول أن يغير الجو
"اذا أين سننام ونأكل!! يبدو انه علي ايجاد عمل أم انك سترعينني كالعجائز وتتكرمين علي وتأخذينني لسرداب الشمطاء هنالك!!"
ضحك لكنها تمتمت بخفوت وهي تتخيل أن أخر أيامه لن يجد حتى مكان لينام به !!
"سأجد لك غرفة ايجار مجاورة لي وسأدفع لك من عملي لا تهتم "
كان يتصل بمساعده ويضحك عليها
"حسناً هل تعتقدين انني فعلاً كنت اعتمد على جدي وأمواله وانني تشردت!! لكن أن تقومي بالتضحية من أجلي ماذا افعل لك الان من اي شيء صنع قلبك "
"ماذا !!" صدمها لكن بنفس الوقت احست باطمئنان غريب تمتمت تبعد الحرج من سذاجتها
"هل ستقول غبية!!"
"حاشاك ....أنت ملاك لا يستحق أن يعيش على هذه الارض"
وصل مساعده بسيارة حديثة ... شاهدت عبوسه وهو يفرك صدغه انه يتألم لكنه يكابر أمامها.
...............................
اوصلها لمسكنها كان يتمنى أن تقبل فكرته بترك المكان هنا لكنه صمت لن يلح فبعد ارجاع ارثها تستطيع العيش برفاهية لتصل صاحبة العمارة تهرول ناحيتهم
" هنالك عدة رجال اتوا اليوم يسألون عنكِ لقد أرهبوني لكنني صمدت وحميتك هل رأيت امرأة رائعة مثلي بحياتك!!"
وضعت نمارق يدها على فمها مازن لن يتركها.... سحبها غضنفر للسيارة وهتف بحدة
"لو عادوا اخبريهم أنك لا تعرفين مكانها خذي هذا ثمن صمتك"
سلمها حزمة نقود خضراء ...وركب السيارة لتنظر صاحبة العمارة لمساعد غضنفر وتومئ برضى ارتبك أبو نور من حركتها الواضحة ستفضحه.... شاهد غضنفر مغمض عينيه مستند على كرسيه ونمارق مشغولة بأفكارها تنظر من خلال الزجاج للبعيد .....ليرفع يده للعجوز بتحية خفية ويرحل همس لنفسه
"اسف وجودك هنا سيعذب قلب سيدي ولم أرى سيدة احن وأرق من قلبك عليه سامحيني أريدك ان تبقي بجواره".
....................................
دخل مازن غرفته بعد ليلة سيئة بالمصنع ليجد تغريد تجلس على السرير متورمة العين وحالها سيء لينتبه انها قد مزقت صور والديها هز رأسه لديه ما هو اهم الأن ....أتجه نحو خزنته قرب السرير شعر بها تهب بغضب خلفه
" توقعت أن لا تسأل عن حالي وما اصابني اليوم!! جيد لقد كشفت وجهك ... لكنني لست كغيري يا مازن!!لن تستغبياني أنت ورفل لن أسمح لكم"
ان مازن الآن يقف على بركان سينفجر ....يكفي ما يفعله شقيقها "اخاك الخبيث دمر كل شيء لم أكن اعرف ان هذا المعاق لديه هذا التأثير على كل المساهمين والتجار حتى ان المستثمرين الاجانب انسحبوا... كلهم يعرفونه لهذا يتحالفون معه خصوص بعد أن علموا انني تنكرت كشريك أجنبي...غضنفر الماكر سمعته بالعشرة سنوات الماضية جعلته مميزاً فلتخرسي الأن ولا تزيدي ناري حطباً بهرائك"
ضحكت ضحكة يائسة
"اجل انا مليئة بالهراء لأنني لقيطة !! اوه فلتسمع الخبر الرائع انا ايضا أبنة عاهرة وقاتلة ...ما رأيك انه نسب مشرف وتستحقه"
ضرب باب الخزنة بقوة وهو يلملم اوراقه يبدو أن ما قالته صدمه لكنه بالنهاية لم يهتم زفر شهيقاً حاداً وصل للباب كان سيتركها فعلاً لتبدأ اعصابها بالغليان لما لا يرد على ما قالته!!
ركضت خلفه وبدأت بضربه استدار يبعدها عنه انها تحاول غرز أظافرها بوجهه لقد أحتقن وجهها بشكل مخيف!! صوتها كان عالي وبدأت تهذر بالكلام
"كلمني كما أكلمك أيها المجرم وانا اليوم قررت أن ننتهي معاً"
دفعها بقوة يصر على اسنانه
"لن ننتهي معا لننفصل أفضل فأنا لم أعد اطيقك!! "
" ا هذا جزائي بعد كل ما فعلت!! لن تطلقني وترميني كقمامة"
اخذت بعض من أدوات زينتها ورمتهم بوجهه...كانت الان بأسوأ حالة ممكن أن تصيبها وهي تسمع كلمة انفصال اذاً بالأخير رميت ككل نسائه من قبلها ولم تكن مميزة ... ليمسك كلتا يديها بقوة يحاول السيطرة على ثورانها يصرخ دون فائدة ...الأوردة بعنقها احتقنت لن تصمت المجنونة ستنفجر الدماء من عروقها !!حملها للحمام ووضعها تحت الدوش وفتح الماء البارد بقوة فوق رأسها ....حاولت التملص ليثبتها تحته وفعلاً كانت النتيجة جيدة و هدأت لتبدأ نوبة نشيج مؤلمة حلت محل الغضب
"لا تنفصل عني فقط اقتلني كما قتلت ظمياء!!"
تركها بذهول ينظران لبعضهما بمعركة اسئلة بالعيون لتنطق هي قبله
" ظمياء قبل موتها اعترفت بكل شيء لنمارق وغضنفر "
لم يعد يسيطر على قدمه تركها عائداً للغرفة ليجلس بسرعة يلتقط انفاسه بصعوبة تمتم بفزع كانت وقفت قرب الباب تسمعه
"ظمياء ماتت!!...."
لتسرد له كل ما أخبرتها به نمارق.
..........................
مدة منذ خرجت من حمامها وحتى شعرها جف الآن وهو جالس على وضعه.... لم تفهم تغريد أهو ندم أم حزن أم عدم تصديق لكنه ليس رد فعل لشخص ارتكب تلك الذنوب ....كان هنالك شعور بقلبها يخبرها أن مازن ليس ذلك المجرم الذي يعتقدونه!! والان جلوسه وكأنه رجل محطم يؤكد شعورها... لقد فعلت خيراً بعودتها وستثبت لهم جميعاً أن مازن مظلوم ...لقد أنهى علبه سجائر كاملة والوقت مضى ليرمي أخر عقب سيجارة ويبدأ بالضحك فأفزعها !!بانت ملامح الأسى على وجهه تلك التعبيرات جعلتها تموت كمداً ليتحدث اخيراً وهو يتعدل بجلسته
"اذا الفتاة التي ربيتها وحميتها تعتقد أنه بسبب حبي لامرأة أخرى قدمتها على طبق من فضة لرجل أكرهه ليغتصبها ونفيتها وحاولت قتلها وقتلت ظمياء وأبنتي...."
رفع رأسه يحدق بتغريد وعلامات حزن رسمت على ملامحه مزقتها
"كيف صدقت انني بهذه القذارة والانحطاط وعدم الانسانية!! ألهذا تحالفت معه ضدي وأذتني وطعنتي بظهري!!"
هتفت تغريد تطالبه توضيحاً
"اذاً ماذا حدث لما أنت غير مفهوم وتجعل الكل مشتت!!"
نهض يقف قرب الشباك وآهة من أعماق صدره جريحة أطلقها
"صحيح احببت نبراس وعلمت أن نمارق من سلم المغلف لكن لم افكر بإيذائها!! انا انتقمت منكم بسبب اغتصابها من قبل شقيقكِ ...عندما علمت بموتها بالغربة اخذت وديعتها ولم أصرفها لأعيش حياتي سعيداً فانا تركت عملي الذي احبه وركزت فقط للثأر من غضنفر الذي اتضح أنه لم يمت...عشر سنوات وانا أحاول بأموالها اعادة ولو شيء بسيط من حقها "
شعرت بأمل من جديد فحبيبها كما تصورته لكن عليها أن تفهم
"لما زوجتك تلك كذبت"
بنبرة مقت صرخ
"ليست زوجتي لقد طلقتها....صحيح ليس بالمحكمة لكنها فعلا انتهت من حياتي وقت علمت حقيقة ما فعلت لنبراس... انها امرأة تبحث فقط عن مصلحتها ولأني لم اكن أريد أن تتألم ابنتي لبعدها عن والدتها أشفقت عليها وابقيتها بمنزلي ....وأيضاً كانت تساعدني للثأر من عائلتكم ... اعتقدت ان ضميرها صحى وهي تنتقم لنمارق الميتة!!حتى جاء يوم الحريق ...انه حادث صدقيني لم افعل شيء بهذا القساوة لا يمكن أن نمارق تراني هكذا!! "
أخر حديثه كان فعلاً عذاب ليضيف باستياء
"يبدو أن ظمياء كذبت عليها لأنها..... عرفت بحبي لكِ"
لم يرى ملامحها المصدومة وكلمة الحب ترن بأذنها شعرت بشيء يخطف نفسها لتركز بما يقوله... بللت شفتيها
"ان لم تكن أنت من خدع أخي وجلبه لنمارق للمزرعة ولا غضنفر نفسه كان يعرف... اذاً ظمياء فعلت كل ذلك لوحدها وايضا احرقت مكتبك ولا أستبعد أنها من وزت أناس لقتل نمارق بالغربة!!"
وكأنه تذكر شيء مهول لأن ملامحه اظلمت فجاءة
"ليلة الحادث كان عيد ميلادي وأنا وظمياء احتفلنا بمطعم طوال الليل حتى جاء أتصال من القذر زهير يخبرني أن نمارق بالمشفى وايضا مكتبي عز الدين هو من احرقه أتذكر انهم ضربوني يبدو أن جدك هو السبب بكل شيء حدث!!"
قطبت جبينها الموضوع غير منطقي أطلاقا صحيح جدها ظالم لكن ليس لتلك الدرجة هو يحب نقوده فقط ومن يقترب منها يحاربه استفسرت بعدم رضى
" لما جدي أراد ان تتعذب نمارق بتلك الوحشية وبعدها تقتل لا يا مازن لا اعتقد أنه هو!! لابد أن من فعل ذلك كان يكره الفتاة ويتمنى أن لا تموت بسهولة بل يغتصبها غضنفر لتعاني ذلك الوجع الذي يحطم أي فتاة بمكانها ...من فعل ذلك بنمارق شخص حقده دفين وخطير وخفي هو شخص محترف بحيث لم يترك زلة وراءه!!"
اجفلت وهو يسقط قطعة مزهرية وراءه بعد ان عاد خطوة للخلف شاهدت تعابيره يحدق بها وكأنه شاهد شبحاً !!اقتربت ليبتعد يهز رأسه وكأن مأساة حلت عليه أنهته!!
"لا لا لا لا لا لا"
ظل يقولها وكأنه لا يريد تأكيد الامر تحرك بفزع يتخطاها... تغريد من اعتقد أنها ساذجة مدللة كانت أذكى منه وحللت ليلة المزرعة وهو من كان محامي ذكي لم يفهم ولم يشك أبدا كم هو غبي
"لا يمكن لا يمكن أن كان هذا السبب !!"
ركع أرضا لتصل اليه تصرخ بخوف
"ما بك لما تفعل هذا بنفسك!!"
نظر بوجهها لتشهق وهي تشاهد عيونه الدامعة ..ارتجفت شفتاه يمسك بوجهها يتمنى أن تفكيره خطأ
"تغريد ..لو حصل فعلاً هذا لن يمكنني أن اعيش بعد الأن!! انه شيء فوق الفظيع لأتحمله واتعايشه "
ركض وتركها كالمجنون ظلت بمكانها لم تفهم ما جرى أخر اللحظات صرخت "ماذا يحصل معك ماذا يحصل ارجوك "
لا جواب ولا راحة ولا سكون هذا ما تعلمته تغريد وهي تعيش ايامها التي تلت وحيدة بقصرها.
............................
في المزرعة حيث عاشت نمارق أيام لم تكن تعتقد انها ستعيشها بجو خالي من الهم والحزن والأحقاد المزرعة نفسها من عشر سنوات كانت مكان يدب الرعب بأوصالها كلما تذكرته الأن بات راحتها!! هي تبيت بمنزل الخالة مكية أنه بيت رائع ودافئ تلعب يومياً مع الصغيرات الثلاثة ومعهم الطفلة نور أيضاً عندما يغادر أهلهم للعمل... تمنت لو تبقى معهم للأبد... جميل ان يحظى الانسان بأشخاص يحبونه دون هدف أو مصلحة .... عرفت أن المزرعة أهداها عز الدين من سنوات لغضنفر واكتشفت أن لديه ثروة لم يستطع مازن الوصول اليها لحد الان شخرت وهي من حزنت عليه وأرادت مساعدته لكنها تشعر براحة أنه لن يكون مضطر للعيش بفقر مدقع أواخر حياته هزت رأسها بقوة لتشغل نفسها بأعداد الشاي ... وفجاءة وصول سيارة اسعاف جعلتها تقترب بخوف تنظر من النافذة شهقت هل مات!!
.............................
ودع ابو نور الطبيب ليراها واقفة بالخارج
"الحمد لله عدت على خير أخبرته الراحة لكنه عنيد هو يصارع الزمن يريد أن ينهي ما عليه "
"ماذا تفعلون من أيام هل يمكن أن تفهمني!!"
اخبرها أبو نور ان مازن لم يسد العجز الكبير الذي حصل بعد ما فعله غضنفر بخفض اسهمه فمهما كان مازن عبقرياً فهو لا يفقه شيئا بعالم الزراعة والكيمياويات... لكن غضنفر ولد هنالك كل التجار انحازوا ضد مازن وأخبرها ان تغريد مازالت متمسكة به الخادمة هنالك تخبره انه مختفي لكنها مصرة للبقاء تنتظر عودته... حتى أنها لا ترد على اتصالاتهم ولا أحد يعرف ما جرى معهما .....تنهدت نمارق يبدو أن تغريد واجهته ونمارق تفهم لما هي هكذا ولن يستطيع أحد اخر فهم قلب تغريد
تركها ليكلم أم مينا بهمس لتعود للمنزل تختطف نظرات للخلف مترددة
لتلحقها أم مينا بقليل سعيدة
"ماذا!!"
هتفت الخالة وهي غير مصدقة لتضيف أبنتها
"ولأن العدة انتهت قررنا ان نقوم بعقد زواجنا بسرعة وسنقيم احتفال عائلي بسيط فنور محتاجة لأم كما بناتي محتاجات لأب ...ارجوكم اخبروني أهو عيب أن اتزوج بعد طلاقي!!"
امها بكت ونمارق ابتسمت تحتضنها ليدخل أبو نور مبتسم معه ابنته التي اصلاً كانت تبات هنا معهم وتعودت عليهم وبنبرة سعادة
"لنحتفل بزواجنا بالمزرعة "
فكرت مكية
" لكن السيد غضنفر مريض ... يجب أن تأجلوا سعادتكم حتى يشفى ويعود الينا سالماً"
نظر أبو نور لنمارق فهما فقط من يعرفان ما ينوي بحياته ليضيف
"هذا اقتراح السيد غضنفر .... أصلاً كل الفكرة من عقله ويريد أن يكون زواجنا بأقرب وقت ممكن "
علمت نمارق ما يريده وشعرت بالأسى عليه ...هو يريد أن يطمئن على النساء والفتيات الصغيرات و أن يراهم سعداء قبل موته.
............................
عاد النور فجاءة قطب جبينه ماذا يحدث أنه يقف بغرفة المزرعة ....لما يجد صعوبة بالتذكر ليشاهدها أمامه انها نمارق !!كانت منذ قليل معه اجل ضربته بالعصا بعد أن سحبها من تحت سريرها
لكن هذا كان ببيتها !!.... أمسك رأسه انتبه لحركتها وهي ترفع حاجبها بثقة وتبدو مختلفة جداً عن الفتاة المرعوبة حتى أنها ابتسمت له!!يشعر كمن نهض من الموت وغليان أرتفع وشب بروحه وقلبه
نظر ليديها أنها تحمل عصا!! رفع حاجبه بغضب مقيت
"نمارق برهان هل جئت لقتلي مرة أخرى!!"
...............................
انتهى الفصل

الى مغتصبى بعد التحية الجزء الثانى من سلسلة بتائل مدنسة لكاتبة مروة العزاوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن