الفصل الاول

343 5 0
                                    

الفصل الأول
تنظر ورقاء من النافذة الكبيرة لداخل القاعة الكبرى للقصر وكلها ذهولاً واعجاباً بما تراه أمامها... رجال ونساء ,شباب وكبار بالسن من الطبقة المخملية حضروا اليوم للاحتفال بعيد ميلاد أبن سيدهم لقد أصبح بالسادسة عشر من عمره ...عاد من الخارج بعد أن انهى موسم الدراسة... أنه وريث ووحيد دكتور العقم والأمراض النسائية "عاصي" وزوجته وأبنة عمه السيدة "كواكب" أبنة الوزير السابق للبلد أنهم "آل النهشل "...عائلة معروفة بالوسط الاجتماعي بثرائهم اللامحدود ونفوذهم وأصحابهم وضيوفهم على شاكلتهم... أما هي وعائلتها فيسكنون ملحق صغير جداً بنهاية القصر الفخم حيث ولدت وترعرعت هنا ... منذ زمن بعيد عندما كانت والدتها رحمها الله تنظف داخل القصر "فهذا هو عملها خدمتهم" دخلت ورقاء تنادي عليها بسبب تعرض جدتها لوعكة صحية ونسيت القوانين حيث ممنوع عليها الدخول... هنالك ولأول مرة شاهدت السيدة كواكب تفتح خزنة غرفة مكتب زوجها كانت وكأنها مغارة علي بابا لما تحويه من نقود ومصوغات ذهبية وأحجار كريمة وليست مجرد خزانة بالجدار!!من هنا عرفت أن هذه العائلة من عالم غير عالمها لن يستطيعوا الوصول لمستواهم مهما فعلوا!!
تنهدت بقوة... أكيد هؤلاء لا يعانون كما تعاني وهي بعمر الرابعة عشر فقط!! والدها سائق العائلة "عبد البر" قرر أن هذه السنة ستترك المدرسة لتبدأ بالخدمة في القصر فالمصاريف بعد وفاة والدتها زادت وأثقلت كاهله ...جدتها مريضة جداً ووالدها لا يستطيع أن يغطي كل نفقات أمه وأبنته براتبه البسيط!! أنها تشعر بالحزن لقد كانت تطمح لأن تكون طبيبة بالمستقبل... الأمل الأن بشقيقة والدها " العمة ابتهال "وهي أحدى المنظفات بمشفى الدكتور عاصي وزوجها هو "سائق السيدة كواكب الخاص" وايضاً يعيشون قريباً من القصر بشقة صغيرة بأخر الشارع ليكونوا تحت أمرة أسيادهم بأي وقت ...أخبرتها أنها ستنقع والدها...تدعو من قلبها الأن أن يوافق لتبدأ عامها الدراسي وفجاءة
"ورقاء!!"
التفت بلهفة تنتظر الخبر بقلق
" ماذا قال أبي؟"
"وافق... بشرط أنا من سيدفع التكاليف كلها"
ضحكت العمة لتغمر ورقاء سعادة لا توصف لترمي نفسها بأحضان عمتها تقبل وجنتيها بقوة فتفرح الأخرى وفجاءة تنتبه للحفلة الفخمة فتنظر لورقاء تهز رأسها بأسف
"بنيتي أخبرتك أن لا تنظري لمعيشتهم والا ستتألمين "
امسكت يدها وهي تحدثها بحنية فالعمة ابتهال تخاف عليها أكثر حتى من ابنها الوحيد "أثير "الذي يكبر ورقاء بعامين لكنه متمرد ولا يسمع الكلام ويُعتبر مصدر ازعاج للعائلة كما تقول والدته... لذلك منذ وفاة والدة ورقاء وعمتها تحيطها برعاية وحنان غير مسبوقين لتعوض نقص كل واحدة منهما بالأخرى ...ابتهال تخاف أن تشعر ورقاء بنقص أو تتأثر بهم لكنها لا تنظر لداخل القصر أو تقترب من نوافذه الا وقت العطل!! فهي تسرق نظرة دوماً لمن منظره يبهجها هناك!! أجل هو سر لا يعرف به أحد وتحاول دوما أن تمنع نفسها عن النظر اليه لكنها لا تستطيع وكأنه شيء خارج عن أرادتها فعندما تسمع صوته بعد غياب طويل تجد نفسها مسيرة لمصدر وقوفه وكأن شيء فيه يجذبها بقوة !!مشاعرها تكونت تجاهه دون حتى أن تدري متى أكان قبل عام!! كان قد رحل للدراسة فحزنت ولم تفهم لما!! فعاد بالعطلة لتتغير حالها وتغمرها سعادة قصوى بوجوده ...الأن علمت السبب وتأكدت منه أنها معجبة به جداً لأنه دوماً يعاملها بحنان وكثيراً ما كان يشتري لها المثلجات والقرطاسية مع أبنة خاله ولا يفرّق بينهما فتلك الأخرى "قريبته" بعمرها لكنها تشبه عائلتها بتعاليهم واحتقارهم لعمالهم ...بينما هو يعاملهم بتواضع وأثير ابن عمتها يعتبره صديق وليس مجرد أبن سائق ومنظفة!!
لتتكلم عمتها تنتشلها من سرحانها
"مازالت صغيرة لو أردت حياة العز هذه اذاً أدرسي لتنالي أعلى المراتب وحققي ما تتمنين... لو تشتت بهذا السن ستنسي حياتك وستعيشين تعيسة أمد الدهر كما حصل لوالدتك!! "
انتبهت ورقاء لأخر جملتها لتعود عمتها تعي فعلتها فتتلعثم
"أقصد... عندما كانت تشتكي من العوز والخدمة بالبيوت مع أنها تعلم أن هذا واقعنا ولا يمكن تغيره هذا ما أقصده هيا حبيبتي لنذهب ونجهز العشاء ونستمتع بالعطلة قبل حلول موسم الدراسة "
غادرتا وهما تبتسمان ...كان هناك شخص ورائهما يحسدهما على فرحتهما التي يفتقدها ليسمع صوت يزعجه ينادي من بعيد
"نهشل!!... والدتك تقول عد لحفلتك بسرعة"
نظر لأبنة خاله "ربى" أنها مزعجة لا تتركه لحاله كم يمقت عائلته ويريد الهرب والتحرر منهم ومن قوانينهم وتعليماتهم وملاحقتهم له بكل مكان ...أنه يختنق ويشعر أنه يموت هنا ...من بعمره يفعلون كل ما يحبون وهو الوحيد المحروم من تحقيق أحلامه... تصرفاته محسوبة عليه وطوال السنة ينفونه بمعسكرات دراسية ورياضية وحتى اجتماعية بالخارج يتدرب ليصبح سيداً على خطى أسلافه وعندما يعود فوالديه يحيطانه بتعليماتهم المشددة والمتسلطة واليوم جاءت الكارثة ... السيدة كواكب تعلن بحفلة المفروض أن يفرح بها بأنه سيكون طبيب بالمستقبل خلفاً لوالده!! لقد خططت والدته لمستقبله المقرف كما أسمته بهذا الاسم المقرف على أسم جده الراحل وأيضا اعلنت أنهم سيصاهرون عائلة نائب البرلمان السيد "مكرم" صديق وشريك العائلة منذ القدم فقد حجزوا لنهشل أبنتهم التي بعمره الأن ... وحتى أن كواكب لم يكفيها بيع أبنها بل ستبيع أبنة أخيها اليتيمة "ربى" فستكون زوجة لنجل "مكرم" وهكذا لن يزعجوا أنفسهم بدخول أشخاص من العامة ويلوثوا النسب الغالي!!هذا هو ما تريده "كواكب" من الاخر أن لا تختلط دمائهم مع أناس من غير طبقتها وهذا كان رأي جده "النهشل الكبير" فقد كان يعلنها صراحة أنه يكره عامة الشعب والعمال والخدم والموظفون وكل من لا يملك نفوذ ولاجاه ولا سلطان أنهم ببساطة "يحتقرون" البشر من خارج طبقتهم المقيتة...لقد سرقت والدته طفولته والأن تسرق فترة المراهقة منه وهي أجمل فترة بحياة أقرانه وستسرق شبابه كما فعل جده بخاله المسكين والذي كما سمع من والده أنه عانى كثيراً من اليأس والحزن حتى مات بحادث سير وهو يهرب منهم لمحافظة أخرى منهي بذلك عذابه و تاركاً "ربى" وهي رضيعة...أجل نهايته ستكون كنهاية خاله "جلال "...أخذ نفس محبطاً من سيجاره فهو متنفسه الوحيد هتفت ربى تتقدم نحوه بعد أن تجاهلها كعادته
"ماذا تفعل!! أتريد أن تعاقبك عمتي!!"
لم يجبها ...الفتاة تطيع كواكب وتخافها ...هو أيضاً يطيعهم طاعة عمياء أنه يعامل كالمساجين!! لقد أنجبوه ليكون دمية ينفذ فقط ما يريدون... اغمض عينيه يحلم بنفس الحلم منذ طفولته أن يكون "طيار" ويحلق بالسماء بعيداً ...ليعي حقيقة أنه مقيد هنا لكن حلمه لن يؤخذ منه لقد حسم أمره سيجاريهم حتى يتخرج من الثانوية فأما حلمه أو لا شيء ...أطفأ سيجارته بغضب وعاد للداخل مكرهاً ينظر لكل من لا يتحملهم يدعو أن تنتهي الليلة بسرعة .
..............................
وقف الدكتور عاصي في غرفة مكتبه داخل القصر بعيداً عن الحضور ليدخل السيد مكرم وتبدو علامات القلق واضحة على محياه
" الم يكن اليوم مناسبة لتعلن شراكتنا مع المشفى الألماني!! ماذا حدث بالضبط !!"
أخرج عاصي سيجاره الكوبي الفاخر ليتكلم بإحباط
"احدى طبيبات مشفاي قامت بمصيبة وانا أحاول اصلاح الأمر بهدوء قبل أن أدعوهم لزيارتنا"
ضاقت عين مكرم ليتابع عاصي
"الطبيبة المفروض تقوم بعملية "تلقيح صناعي" لمريضة يعاني زوجها من مشاكل تمنعهما من الحمل بصورة طبيعية لذلك قمنا بإجراءاتنا العادية بأخذ حيواناته المنوية لغرض معالجتها وغسلها وفرز النشطة عن الخاملة وهنا بالمركز حدث الخطأ...الغبية قامت بتبديل العينات دون أن تدري وعندما وعت على مصيبتها كان الأوان قد فات لقد لقحت السيدة بعينات دراسية لمتبرع مجهول ..."
توقف يتنفس بغضب ويشرح لشريكه بعدما شاهد نظرات الشك بعينيه
"هو شيء طبيعي بمشفانا التبرع بالحيوانات المنوية مقابل الأموال والعينات موجودة بكثرة فأختلط عليها الأمر ... لا أعلم كيف اصبحت طبيبة وهي معتوهة هكذا!!صدقني انها أول مرة تحدث"
تكلم مكرم بتجهم
"اذا كيف ستصلح الأمر الشنيع هذا!!"
"لقد اعطيتها اجازة وأخبرتها أن تحتفظ بالسر وسأجعلها تسافر وتعمل بمشفاي الأخر بالخارج والزوجان تكتمنا على الأمر ولن نخبرها هذا هو الحل الوحيد والا سمعة مشفاي ستصبح بالحضيض وسيغلقونه لو تحولت القضية لرأي العام وستسحب رخصتي في أكثر الحالات "
"ماذا لو أكتشف الزوجان الأمر مستقبلاً يا دكتور!!"
جلس عاصي منهك ولم تعد قدماه تتحمل الضغط
"لا استطيع التفكير يا صديقي لقد تعبت فعلاً لندعو فقط أنهم لن يكتشفوا الكارثة... أنا أريد الشراكة مع الألمان فهذا المركز سيساعدك بحملتك القادمة وكواكب متلهفة أيضا فشهرة كهذه ستساعدها الدخول لعالم السياسة وتحقيق حلم والدها رحمه الله"
بعد مناقشات طويلة خرج مكرم للحديقة الامامية ليتصل بأحد حراسه ليعطي أمره بهدوء
"سأعطيك أسم طبيبة ومريضان لدى الدكتور عاصي أجمع كم رجل معك ...عليكم أن تتخلصوا منهم وليكن الأمر حادث أو انتحار اختر ما يعجبك أنت تعلم الإجراءات "
اغلق الهاتف ليلتفت ويتجمد وهو يرى من تنصت على المكالمة ...حبس أنفاسه ثواني ليعود ويتنفس وهو يشاهد من أمامه يبتسم ويومئ بالموافقة!!
..............................
ينتظر عاصي ونهشل وربى والضيوف من مدة ... هنالك اناس مفقودين ليطل السيد مكرم أخيراً فيسأل عاصي بنزق
"نريد قطع كعكة ولدي الحبيب أين كواكب وأم ربى!!"
وأخيرا تنضم الاثنتان اليهما وهكذا بدأ احتفال الليلة في قصر النهشل الكبير بينما في مكان أخر بعيد في الاحياء الصغيرة التي لا تملك حماية ولا سلطة ولا عزوة يعيش زوجان بسيطان وشابة ساذجة ليلة دموية مؤلمة...كل ذنبهم أنهم بالنسبة لمن هم أقوى مجرد "خراف" وقفت حجر عثرة بطريق "الذئاب" فكان لابد من التهامهم على عجل !!
.....................................
مرت الشهور الدراسية طبيعية مثل كل سنة وها هو يوم النتائج ...العمة اكثر من تغمرها الغبطة بهذه اللحظات وهي تُري زوجها العم "حكمت" وولدها أثير شهادة ورقاء حيث أحتلت المراتب الأولى على المدرسة بينما أبن عمتها يضحك فهو كالعادة درجاته متدنية جداً وقد نجح بصعوبة... يخبر اهله أن يستسلموا بشأنه هو يريد أن يقاتل يعتقد أن أرض المعركة الحقيقة كألعاب الفيديو التي يلعبها أن مات اللاعب فيها يمكنه أن يعيدها من البداية!! هو مدمن على الأسلحة والقتال بصورة غريبة...كان الاحتفال صغير قرب ملحقهم والدها كان سعيداً بها وجدتها الحبيبة تزغرد بعلو صوتها اجتمعوا ووضعوا الطعام والهدايا البسيطة على مفرش الأرض لكن هنا طلبت عمتها أن يذهبوا للاحتفال بشقتها خوفاً من غضب أسياد القصر لضوضائهم لكن العم "حكمت" رفض وأصر أن يبقوا فلا الدكتور ولا زوجته متواجدان حالياً فلقد استدعاهم مكرم على عجل!!... صحيح أن أصحاب القصر لم يكونوا متواجدين لكن كان هنالك من منزعج منهم أنها ربى التي رسبت دون الجميع حتى أبن عمتها نهشل كانت درجاته الأولى وقد عاد من الخارج هذا الصباح وسيحتفلون به أيضاً لتقضم اظافرها تشعر بالقهر وهي تسمع هتاف عمة ورقاء المعتدة بها
"أنت فخر العائلة حبيبتي "
أحست ربى بانضمام والدتها اليها بالمراقبة لتتحدث بنبرة ملؤها الحسد
"لما نجحت وأنا لا ونحن بنفس المرحلة... لابد أنها قامت برشوة المدرسين "
لتتمتم والدتها بحقد غريب
" وكأنها تأخذ كل حظك الجيد... جمال وذكاء وأخلاق عالية وملفتة ومفخرة لأهلها وأنت العكس من كل شيء... أنه أمر غير عادل... أبنة السائق تنال كل شيء للنهاية وأنت سليلة الحسب والنسب تعيشين مقهورة وتندبين حظك!!"
بكت ربى من تصنيف والدتها وهو ما يزيدها ألما فلا أحد يلتفت لها ودوماً يطلبون منها أن تكون أفضل من أبنة الخدم ماذا تفعل أن كان جمالها أقل من العادي وليست ذكية !!ماذا تفعل ليرضوا بما هي عليه الآن!!
...............................
انتهزت ربى فرصة غياب الجميع لتصل لورقاء بالحديقة خطفت منها شهادتها وقامت بتمزيقها وهي تضحك بغل وهي ترى حزن الاخيرة لكن الأمر لم يسعدها ولم يطفئ نار غضبها لتقوم بلكز رأس من تعتبرها عدوتها وكأنها تطلب شجاراً ...كل مرة يزعجونها بالداخل فتأتي لتصب جام غضبها على ورقاء ...صرخت بمقت
"اخفضي رأسك بحضور أسيادك أم تعتقدين أننا من نفس الطبقة لتنظري بعيني يا أبنة الخدم!! "
كانت اللكزة قوية لتنظر ورقاء بعينيها فترسم ابتسامة على وجهها
"تريدين دوماً ان أرد عليكِ لتذهبي وتشكيني لوالدتكِ وبعدها يتم توبيخي وعقابي ويتم حبسي طوال العطلة الصيفية...لكن أنا كبرت يا ربى وأصبحت بالخامسة عشر و لم أعد اريد التشاجر مع طفلة غير مكتملة العقل وحقاً انا أشفق عليك لوضعك هذا "
كلمات ورقاء اججت النار داخلها بقوة... رفعت يدها تنوي تحطيم رأسها لتشعر بقبضة قوية تمسك يدها آلمتها... استدارت بذعر أنه أثير !! ليدفعها بقوة وعلامات وجهه تنذر بخطر محدق... نهرته ورقاء عن التقدم لئلا تحدث مشكلة كبيرة وتضطر عمتها ووالدها للاعتذار بدل منهم ... لكن أثير مراهق عصبي ومزاجه متقلب ولا يعرف له شخصية ثابتة ويكره ربى كثيراً ولا يتحملها وكم من مرة يبكيها ويتنمر عليها ويخيفها خصوص بالليل والأن تقف ترتجف أمامه وقد ذهب اللون من وجهها... تكلم بوعيد متقصد ارعابها والتسلي بأعصابها
"أن تعرضت لورقاء لن أكتفي بدموعك بل تذكري قبل سنوات ما الذي جعلتك تواجهيه عندما قمت بضربها ولا تهدديني بأمك أو بأحد أخر فالكل يحتقرك أنا اشك بشيء أنت لست ابنتهم أكيد "
بدأت بالبكاء وهو يذكرها بطفولتهم وكيف وضعها بشُوال الدقيق ووضع معها الحشرات ومن بعدها لم تعد تضرب ورقاء لكنها تستغل غيابهم لإيذائها ...لقد جعلها هذا اللئيم مصابة برهاب الحشرات والأهم رهاب منه شخصياً لتهرب للداخل فيضحك عليها بقوة ساخراً منها عمداً ...بهذه الأثناء أطل نهشل ليتقدم نحوهم منتبهاً لجري وبكاء ربى من قربه
"ماذا حدث للبومة؟"
كان لقبها بالقصر لكثرة بكائها ليلاً تجمدت ورقاء بمكانها وهي تراه بعد مدة طويلة ...لقد اشتاقت له فعلاً ليبتسم بوجهها فيقفز قلبها فرحاً وتلتمع عيناها بسرور لفعلته... شعرت أنها تطير الأن وقد غابت الدنيا من حولها فمن مجرد ابتسامة صارت تنسى حتى واقعها!! انحنى يرفع بقايا شهادتها من الأرض اعطاها نظرات اعجاب جعلتها تصاب بحرج وتوتر أن ما تشعره تجاهه يكبر يوماً بعد أخر ولا يتوقف كما توهم حالها ...الشعور لم يعد مجرد اعجاب لقد أصبح محبب ومبهج لنفسها وتتمنى أن لا ينتهي اليس هذا هو الحب!! أول مرة تقول الكلمة وتواجه نفسها ...هي تعرفها أنها ليست طفلة وكل صديقاتها لديهن باع طويل بهذا الأمر هي فقط من لا تريد أن تكون مثلهن وأرادت أن تشعر به عندما تكبر... لكن قلبها لم يعد يستجيب وقد نسي ما ربتها عليه والدتها وكيف نصحتها أن تأخذ حذرها ...تنظر لوجهه يتكلم وهي شبه سارحة لتسمعه وتسمع سخريتهم من ربى فتضحك تجاريهم حتى لا يكشف نهشل ما يختلجها الأن صوبه!! كان الثلاثة بالحديقة يتحدثون عن أحلامهم وما يتمنون .. ليمثلوا أن نهشل بالطائرة وأثير يحمل سلاحه وورقاء تقوم بفحص المرضى أنتبه اثير لربى تراقبهم من بعيد ...صاح بقوة
"والبومة ستكون في ذلك الوقت تبكي وتنوح وتنظر الينا بحسرة"
يضحك الفتيان بينما ورقاء اشفقت عليها
"كفى أعتقد أنها نالت الكثير وأكيد لديها حلم مثلنا "
رد نهشل بأعجاب
"كم أحب عقليتك الكبيرة وتفهمك ..فعلاً مازالت مدللة ويوم ما عندما تفقد كل هذا ستشعر بالمسؤولية والخوف وتعود لصوابها"
اسدلت أهدابها واصطبغت وجنتها بالأحمر وهي تتلقى المديح وكأنه شهادة فخرية ... لكن اثير لم يعجبه حديثهم عن "المزعجة" كان ينظر اليها يتوعدها لو اقتربت منهم ...كان اليوم رغم تنمرهم على ربى لكن بقيته كله حمل مواقف جميلة وبريئة... نهشل دوما أراد أن يضم نفسه لهم فقط معهم يشعر بالسعادة وينسى سنته المتعبة... أنتهى اليوم السعيد بالنسبة لها فحملت ورقاء ذكرياته الرائعة بقلبها من بدايته وحتى النهاية لتأتي ليلته مختلفة بل كانت النقيض بكل شيء
ليلة كانت بداية النهاية لكل سعادتها وانهيار أحلامها وتغير حياتها للأبد!!
................................
أنتهى الفصل

واذا البتول تمجنت الجزء الرابع من سلسلة بتائل مدنسة لكاتبة مروة العزاوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن