الفصل السابع
دخل واصف مشفى الدكتور عاصي حيث نقلت ورقاء إليه أمس تنتابه حالة من القلق ممزوجة بغضب عارم فتح باب غرفتها ليراها جالسة على السرير محنية الظهر فتأكد أنها خسرت كل شيء... حاول أن لا يطلعها على ما يحدث لكن عاد وغير رأيه... تقدم يحدثها بجزع
" أخبرتكن أن تتوقفن عن الانتقام وننتظر عقاب السيد سعدي لكن أنتن الثلاثة جاهلات فعلاً"
تنظر اليه بتوسل ودموعها تغرق وجنتيها الباهتة
"ليس الأن ارجوك أخبر أبرار أن تأتي ... "
مسدت على بطنها بألم تعلم أنه لم يعد هنالك ومن بين شهقات قهرها
"لما لم تتأكد جيداً من العينة قبل البت بالعملية!! كان عليها أن..."
"أبرار اختفت من أمس !!"
هتف يقاطعها ليردف بغضب
"لقد كشفتِ وجودها لهم... هل اعتقدت أنهم سيستقبلونكما بالورود!!"
هزت رأسها بذعر لا تفهم ما يشير اليه ليتابع
"ابرار خُطفت يا ورقاء... أي غباء منا كي نصدق أن عودتك لجحرهم ليس بخطير!! "
لتتلعثم بخوف
"م ...مكرم لا يمكنه ..."
"ليس هو ...بل زوجته كواكب!!"
صمتت تبتلع الكلمات...لكنها مصرة انها لم تفعل شيء يعرضهم للخطر
"ابداً لم أقل لكواكب عن أبرار... أما الصور التي ارسلتها لتكيد مكرم هم يعتقدون أنها مني!! "
"أبرار اخبرتني أنك ستلتقينها وخرجت وللأن لم تعد وهاتفها مغلق!!"
اعتدلت بجلستها لتأن متوجعة لكنه لم يبالي كان يصب جام غضبه عليها دون رحمة
"لقد ردوا ضربتك بسرعة الريح ... مع الأسف ضاع انتقامك كهباء منثورا"
ليكمل وبات تنفسه قوياً
"طفلك قتل بدم بارد وبليلة انتصارك أيضاً"
نشيجها صدح وهي تعتصر قلبها بيدها لترده اخيراً
" كواكب لن تفعلها خصوصا مع ما أعرفه عنها..."
شخر باستهزاء من سذاجتها
"كواكب مجرمة صحيح لكن قتل طفلك بهذه الاحترافية يحتاج طبيباً!! أسم على مسمى يجري دم النهشل بعروقه ..خدعك مرة وها هو يخدعك مرات وهذه المرة كانت القاضية!!"
تجمدت نظرتها وهي تراقب فمه يلفظ كلمات مشوشة لن تستوعبها... عقلها وقلبها ينكران ما يحاول أن يوصله لها فبدأت تتشكل الحروف برجفة على شفتيها الكالحة
"لا...لا..."
لتكررها وكأنها بفعلها ستنفي الحقيقة... انتزعت حقنة المغذي بقوة من يدها لتتناثر الدماء من وريدها كتناثر قلبها من بين ضلوعها تواً... نهضت لا تبالي بوجع جسدها فهنالك وجع روحي انتشر يمزقها ...نفس المرارة تعاد بل أشد وأعتى وقعاً
"لا تتفوه بالحماقات يا دكتور واصف ...نهشل جبان أجل لكنه ليس بقاسي وقاتل!! أنه مختلف عن الجميع لأنه مسالم أكثر من اللزوم...لقد كان فرحاً بالطفل وأسأل أثير..."
هز رأسه يصمتها فهو من البداية لم يكن موافق على أبرار وحقدها الدفين و وسناء ومقتها الشديد وورقاء واستماتتها للثأر منهم
"ضيعتن عمركن على شيء غبي بل أنك الأغبى من بينهن ...على الأقل هما لا تحبان عدوهما..."
فجاءة أخرج هاتفه ليظهر جدها على الجانب الأخر ولا حاجة لتعرف بما يشعره فعلامات الاحتقار ظاهرة بقوة على قسماته... ارتدت خطوة للوراء وهو يشير بيده يتوعدها العقاب
"كيف اعتقدتُ أنك مختلفة عن أمك !! أنت تشبهينها بكل شيء لقد حملت منه واخزيتني ... لما ضيعت نقودي طوال هذه السنوات ولأجل من !!"
تنفست بصعوبة تشعر بظلم من حولها لتهمس
"أنه زوجي فلما أخزيك!!"
بصق بقوة على الشاشة ودون شعور منها اغمضت عينها فقد شعرت بها حتى لو لم تمسها ليصرخ
"هذا الزواج باطل!!أنت مجرد زانية!!"
" كيف تحكم على هواك!!"
ترد دون وجل...نهض الجد من كرسيه قبل أن تكمل ليرد باستياء وهتافه بات قوي جداً
""ورقاء عبد البر" تزوجت "نهشل عاصي" ونحن نعلم أنه ليس كذلك!!والمفروض كان عبد البر والدك وأنت تزوجت بالخفاء لذلك الزواج باطل"
صمتت تنزل رأسها اعتقدوا أنها تشعر بالذنب لتأخذ نفساً عميقاً لقد كانت هادئة على عكس هيئتها
"نهشل تزوج ورقاء ...نحن لم نتزوج بوالدينا بل بذاتنا وأرواحنا وقلبينا وقد أقمنا حفلة بالقرية ولم يكن سرا!!"
رفع عصاه يلوح بها لتهتز الشاشة أمامها ...الخادم المسكين الذي يحمل لجدها الهاتف يرتعش لابد أنه يموت رعباً بسببها
"لو كنتِ هنا لكسرت هذا العصا على ظهرك... هل تعرفين ما هو افضل عقاب لأي عاهرة كانت!! "
كلمة عاهرة مزقت فؤادها لكنها لم ترد فليصفها ما يشاء
"من اليوم لن يكون لي صلة بك فلتظلي هنا وحدك ...أنا متبرئ منكِ!!"
اغلق الهاتف بوجهها وقبل أن يخرج واصف الناقم الأخر عليها
" أن حصل شيء لزوجتي لن أسامحك يا ورقاء ... صحيح أنا أعزك لكن في هذا الزمان لا ينتقم إلا الأشرار بينما الأخيار لو تألموا وتأذوا من حاكم ومتسلط وظالم سيلجؤون الى الله الذي هو أكبر منهم جميعاً وصدقيني لا يلجأ اليه عبد مظلوم ويرده أما أنتن فخسرتن هذه الهبة!!".
تركها تشعر بدنياها تهتز بعنف بل أنه اهتزاز وقع داخل روحها حطمها...هل هو يوم واحد فقط عاشت به واعتقدت بغبائها أنها تستطيع تحطيم وإيلام اعدائها!!هل فعلاً نهشل يطيع امه حتى لو كان عليه قتل طفله!! ليفتح باب الغرفة أمامها فيطل بارد الملامح لا يبدو أنه متأثر... ينظر لها واقفة برداء المشفى تبدو كطفلة تائهة وقد اختفى قناع الغطرسة الذي ترتديه!! اقترب بهدوء منها فلم تتحرك ليضمها يمسد على خصلات شعرها الأشعث
"اصرخي لو أردت التعبير عن حزنك ...أضربيني أو حطمي المكان لكن لا تكتمي شيئاً داخلك "
اتسعت حدقة عيناها من هدوءه لتتمتم وهي تبتعد من بين أحضانه التي أصابتها بالاشمئزاز
"أصرخ!! أنا تعلمت كتم أوجاعي دوماً... تعلمت ان أعض على وسادتي كي لا يشعر أحد بمقدار الأذى والمعاناة التي تعشش داخلي لا ... لن أصرخ على قتل أخر أمل لي بهذه الحياة العفنة "
كانت تتحرق شوقاً ليواسيها و يخبرها أنها ستعوضه لينطق كلاماً سماً يدمرها
"هذا أفضل فلتنسي أن يكون لك طفل مني بعد اليوم ... الأن لم تعودي تملكين شيئاً لفضحي به فلتستعدي وتغادري لجدك"
اختلس نظرة لملامحها فتحولت لسكون مريب ...استدارت للشباك تخفي عنه دموع خيبتها فيه واخيراً احست كيف يكون شعور البلهاء بهذه الدنيا... لا ليس البلهاء بل الذليلة المهانة التي أشار جدها إليهن...كانت تنصح "ربى" وهي من سلمت روحها وكيانها قبل قلبها لرجل رذيل لا يهمه شيء سوى أمه ... لقد صدقت كذبه قديماً بإرادتها وعادت وقامت بفعلة ماجنة ليلتفت اليها غير عابئة بسمعتها وجسدها المتعب !! شاهدت انعكاسه بالنافذة خلفها يجلس بأريحية كمن أزاح عبء ثقيلاً من على كاهله ... أنه ليس ذلك الفتى الطيب الذي عشقته بل صار امتداد لكواكب التي لن ترضى بأن حفيدها يكون من خادمة!!
لتأتي الفكرة المؤلمة تغزو عقلها وقد استسلمت لحظها الذي لن يعتدل فهمست لنفسها بلوعة
"اذاً قتلت أمك أبني على يدك... اذاً سأقتل أبنها على يدي "...التفتت تصطنع الثبات والقوة امامه
"هلا تحقق لي شيء أخير قبل رحيلي للأبد!!"
استغرب لتغيرها المفاجئ
"أريد زيارة المنزل الصغير الذي كان لجدي قبل أن يتركوه مع ذكرياته الحزينة!!"
"عندما تتعافين سآخذك لأي مكان ..."
"فقط ساعة واحدة ونعود أنا بخير ...أنه ليس اجهاض لطفل ينبض بالحياة ...حتى عندما وقع أمس بالحمام لم أشعر... "
انتابتها العبرة وهي تتذكر تعرضها لنزيف بعد الحفلة لتضيف بوجع
" كم هو جنين مسكين غادر دون أن يؤذي أمه !!".
....................................
تجلس كواكب بغرفة الصالون تجتمع منذ الصباح مع رجل غريب تهمس تحادثه
" لقد عاد مكرم لفرنسا لديه اجتماع طارئ الليلة... وعدني الخائن أمس انه بعد أيام سيطلقني...لذلك قبل أن تصل هذه الورقة عليه أن يرحل لجهنم هو وعائلته "
"حسناً سيدتي لكن الموضوع ليس بسيطاً كما تتصورين ...أن العملية ستكون بالخارج... أنها دولة متطورة وواعية وتحب أبناء شعبها ويخافون عليهم على العكس من دولنا العربية والتي قيمة الانسان عندهم أقل من قيمة حشرة!! "
تكز كواكب على اسنانها وهي تضغط بكفها على الورم تحت عينيها لن تنسى فعلته هذه وستردها مهما كان الثمن
"لا تخف لدي أناس هنالك يحبون المال مثلكم سيسهلون مهمة رجالك اريد رؤية الخبر على التلفاز... أريد أن أضحك غداً "
"تعرفين أن المبلغ المالي خارج الأراضي العربية يكون أعلى "
أومأت بالموافقة وأخيراً بعد انتهاء التخطيط أوصلته للباب تنتابها حالة من السرور عادت للقصر ضاحكة لتقابل أثير وربى
"هل قتلتِ الطفل يا عمتي!! أنا اعيش بحسرة لأن لا طفل يعيش بأحشائي وأنت تقتلين حفيدك بسهولة!!"
خرجت ربى عن طورها على غير العادة وانطلقت صرخاتها بهذا القصر الملعون لأول مرة فمنظر ورقاء وهي تبكي قبل أخذها للمشفى يذكرها بإجهاضها وحزنها الشديد كل مرة
"لم يكن الطفل سيؤثر على حياتك السياسية أنه ليس حكمت !!"
أمسك اثير بكتف زوجته يعيدها لورائه بعد احتقان وجه كواكب
لكنها مستمرة بهجومها
"لهذا مات العم عاصي من قهره بعد معرفة أن أغلى ما في حياته لم يكن أبنه!!"
عقدت الصدمة لسان كواكب نظرت لأثير الذي ملامحه اعلمتها أن سرها قد انكشف لترفع رأسها بشموخ
"هل تحسديننا لأنك لم تصبحي أما !!انت ورهابك السخيف السبب...كنت تخافين الخروج والذهاب لطبيب فقتلت اطفالك ولولا أنه كان يغمى عليك لم نكن لنستطيع جرجرتك للمشفى... أما موضوعي يا فتاة..."
عادت كواكب تحذر أثير
"أغلق فم زوجتك... أنت يوم عدت من سنوات وطلبتها مني قلت أنك ستتحمل مسؤولية جنونها والا سأنفيها لمصح كما كان مكرم يريد وأخبرها أنني لم أقتل والدك حكمت وأنت تعلم بهذا أنا أيضا كنت شاهدة مثلي مثل والدتك "
لكن ربى كانت مهتاجة جداً وخصوصاً أن رهابها سببه مكرم وسائقه الحقيران
"الا تخافين أن تخبر ورقاء نهشل بحقيقة والده فتنتقم من قتلك طفلها"
صاحت كواكب بنفاذ صبر
"أنه هو من قتله حتى أنني تفاجأت !! "
لم يصدقاها ليهمس أثير بحدة
" لا أحد سيتحدث بالسر لأننا كلنا نخاف على الشخص المعني فخبر كهذا سيقتله!!واعلم أنك لم تقتلي والدي ولننهي الموضوع "
غادرت كواكب منزعجة فلديها مسألة أهم من هؤلاء الأطفال
نظرت ربى اليه ليسمع همسها
"الأن أشعر بالفخر "
قطب جبينه يتطلع بوجهها لتردف
"أني تزوجت رجلاً مثلك "
جلى حنجرته يبعد شعوراً محبباً تسلل روحه لكنه بدل حديثه
"اذاً كنت قبلا تخجلين مني!!"
"ولا مرة خجلت !!بل كنت أشعر بالذنب الأن سأطمئن طوال حياتي معك "
أمسك وجنتها بكلتا يديه يهمس قرب وجهها
"هل نرحل كما قالت ورقاء!!"
"بالعكس فأخر شيء افعله أن أهرب وأتركهم ورائي... أما الخروج معاً أو لا "
ضمته بقوة تبعد خوفها مما سيحدث كان يتمتم أعلى رأسها
"لا تخافي أنا موجود ووعد قطعته على نفسي بعد ما خسرت أهلي أني سأحمي عائلتي الجديدة مهما كلفني الأمر".
................................
فتح عينيه بصعوبة يعاني ألم بمؤخرة رأسه !! أخر شيء يذكره أنه وصل و ورقاء لمنزل جدها بأطراف العاصمة لتباغته ضربة من خلفه أفقدته اتزانه وبعدها غرق بالظلام !! استعاد وعيه بالكامل ليجد نفسه على الأرض يحتضن جذع خشبي متين مغروز بأرض المكان وقد ربط أحدهم كلتا يديه به !!تطلع حوله للمنزل الصغير القديم كان أثاثه مغطى بشراشف بيضاء رائحته غريبة كغرابته و أخيراً لمحها تجلس بعيداً على كرسي كانت عبارة عن كتلة سواد بائسة لتعود صورتها له قديماً يوم وافقت على الزواج لكن كان المختلف أن بيدها سلاح!!حاول تحرير نفسه لتتمتم بسخرية
"لا تحاول... لقد ربطك حرسي بالحبل بقوة ...تحتاج لشخص ليحل قيدك وأكيد لن يكون أنا"
استشاط غضباً
"ما الذي تبتغيه من فعلك الشرير هذا!!"
"أخبرني أين أبرار !!"
فتح عينيه بقوة
"هكذا اذاً لأجلها تريدين قتلي وتتعفني بالسجن "
هبت واقفة لتسند نفسها على الجدار فوضعها الصحي سيء ليضيف بعدما أنتبه لحالها المزر
"تلك المرأة ستتدفع ثمن جريمتها هي تعرف جيداً أنكِ ...تحتضرين!!"
ابتعلت ريقها وقد جف لونها ليكمل
"عليك السفر لماليزيا كيف تتركين علاجك وتعودي فقط لأنني خطبت جودي !!"
هزت رأسها تنكر ما يقوله
"ما...ما الذي تهذي به ؟"
"الحمل كان خطر على حياتك ومع ذلك صممت عليه...أبرار أخبرتني بكل شيء خططته لكن لن أسمح لك بالموت مرة أخرى"
يقاوم قيوده المؤلمة يشعر بالوجع والضعف لتضحك بتهكم
"اذاً الأن علي البكاء من الفرحة لأن حبيبي يخاف علي فقتل الطفل !!يا الهي أنني أموت من السعادة فقد أتضح أنك تريد التضحية بحبك وابعادي لجدي حتى اتعالج وأعيش!!"
قهقهت كالمجنونة لترمقه بنظرة مهزومة أوجعت قلبه
" أنت لم تفهمني بعد صح...."
لوحت بالسلاح نحوه مرتجفة
" انا لن أكون على قيد الحياة الا بعد تدمير أمك ... لا يهمني أن الحمل قد يقتلني فلقد أردت الموت بالنهاية فجئت مرة أخرى وحطمت هدفي الذي سعيت طويلاً من أجله ...هل صعب عليك أن تراني سعيدة هل ارتحت الأن!!"
لتنطلق كلماته بأنين يدمي الصخر
"راحتي هي أن تعيشي يا نفسي ومتنفسي بحياتي الخانقة كلها!!"
تسمرت ملامحها ليردف بقهر واضح
"شاهدينا ونحن نذوي ونموت ولتبقي على قيد الحياة وليكن عمرك طويلاً مليئاً بالهناء والبهجة ....هذا هو انتقامك منا "
اجهشت بالبكاء الذي كتمته بصعوبة منذ الصباح لتتحدث بحسرة
" العار لا يموت وخصوص أهل النفوذ مثل أمك ومكرم وإلا منذ سنوات طوال نتمنى موت من ظلمنا والذي حصل نحن نموت وهم يتكاثرون ويصبحون أقوى وأغنى"
هز رأسه بأسف ذكرته بكلام أبرار اليائسة وقبلها وسناء
"حرام قولك هذا ... الكل يموت بأجله هل أصبحت كافرة بعد مجونك!!"
فتحت فمها غير مصدقة أنه يقوم بوعظها!!لتتكلم بحدة
"دع أبرار بحالها يكفي أن مكرم ووالدك الحقيران اذاها "
صرخته المستهجنة جعلتها تخرس
"لا تتحدثي عن والدي هكذا !!"
ليعود ينظر اليها بشجن وتوسل
"أرجوك أنه الشيء الوحيد الذي أفخر به من عائلتي كلها"
هدأت وهي تركز على جملته تتساءل ماذا لو عرف الحقيقة !! تستطيع الأن اخباره وايلامه بقوة وفجاءة ترقرقت الدموع بعينيه ليذهلها أنه يعود لذلك الفتى الطيب...زمت شفتيها بقوة فبسبب دموعه قديماً جعل قلبها ضعيفا تحركت خطوة اليه مستاءة
"سأتحدث عن أي أحد من ماضيي البشع كما أريد..."
"هل تعرفين لما تزوجتك يوماً!!"
شعرت بتشوش لما تغير مسار الحديث ... لكن السؤال أثار فضولها وتريد معرفة الإجابة... نعم حان وقته ليعترف انه أستغلها بوضاعة
"اذاً عليك أن تخبرني وبلسانك كيف ضحكت واستمتعت بمشاعري عسى أن أسامحك واطلق سراحك ولا تكذب ..."
"عندما مات أبي شعرت بانهيار كبير فقد مات الشخص الوحيد الذي فعلاً كان يهتم لمشاعري ويحبني فجئت تواسيني كما كان يفعل واعطيتني كتفك لأشعر بدفء أبي بك...صدقيني وللمرة الثانية أخبرك انا أحببتك قبل أن تحبيني لكن بعد مواساتك صرت جزء مني "شخرت تشعر بسخافة نفسها القديمة
"تحبني !! لهذا عرضت زواج دون محكمة علي !!"
"هذا لم يكن السبب لطلبي المتسرع ... كنت قبلها.."
صمت جاعلاً منها غير مرتاحة لما سيقول ليضيف
"سمعت أمي ومكرم يتجادلان بأمرك ويقولون حان الوقت للقيطة أن تتزوج وتبتعد !!"
رفع نظراته نحوها أن كانت صُدمت بالخبر لكنها هادئة!!
لتجيب بحزن
"علمت من أنا بعد مغادرتي قصركم يا ليتك أخبرتني وقتها.. "
"لم أرد أن أحرم منك جعلتني أريد حمايتك منهم ومن قسوتهم ...أردت أن نتزوج لأني تأكدت أن عبد البر هذا لم يكن يحبك ابداً"
رفعت حاجبيها بازدراء
"هل تريد أن تجعلني اتعاطف معك بقولك هذا!!... هيا أكمل وأطربني ولنضحك على نفسي الخرقاء "
شعر بجفاف فمه واصابه دوار خفيف ليكمل ويخرج كل ما بجعبته علّها توافق وترحل من هنا فهو اخطأ لأنه لم يخبرها عندما عادت
"كنت رسمت حياتنا آنذاك ...اتزوجك وألتحق بمعهد الطيران ونبتعد لكن بعدها رأيت اني أستغل حبك هكذا فتركت الفكرة... أنا لست ذئباً كما تعتقدين ...لتاتي أنت وتوافقي على طلبي فنفذت لأنها كانت رغبتي الحقيقة فجاء اليوم الثاني "اليوم الأسود بحياتي " كان يوم قبولي بالمعهد لأحقق حلمي الأخر فتكتمل سعادتنا... هل تذكرين حالي يومها عندما التقينا بالحديقة اخبرتك أنا شخص منتهي أمري ولا سبيل لإصلاحي!! "
كان الفضول يتصاعد داخلها ليوقع المفاجأة المدمرة على رأسها
"رفضوني... حيث أتضح أني مصاب بداء السكري!!"
لترتد بوقفتها للوراء مذهولة
"انا أعيش مع مرض مزمن يأكلني من سنوات وحقن الأنسولين صباحاً ومساءً هي من تبقيني على قيد الحياة!!"
ارتعشت بقوة فيغيب الزمان والمكان وهي تتطلع بوجهه العليل الذي انتبهت اليه لأول مرة
" ما فعله مكرم قديماً بي زاد من سوء وضعي الصحي وهذا المرض هو صاحب سيء للنفوس المتألمة يعيش داخلها حتى ينهيها "
كان وجهها يرسم ملامح عدة صدمة شفقة حزن غضب لم يعرف ما يخامر ذهنها بعد هذه الحقيقة لتنطق بصعوبة ومازالت تحت تأثير الصدمة
"ماذا فعل مكرم!!"
تردد بالبداية ليتحدث بنبرة محطمة
"بالحديقة بعد أن جرجرتك أمي بتلك الوحشية كنت اصارع مكرم وسائقه حتى...."
"حتى ماذا !! تكلم بسرعة أعصابي لم تعد تتحمل"
"حقنوني بالمخدرات وبقيت يومين بالمصح وهنالك بدلت "حياتي ببراءتك" ووقعت على وثيقة ..."الأربعة ارهاب"!!"
فلتت شهقتها عالية هذه المرة وهي تسمع جملته ليضيف بوجع
" أن لم تكوني تعلمي... أنها المادة الرابعة من القانون والتي تختص بالجماعات الإرهابية ومن يعمل معهم !!"
هزت رأسها بتعاسة ومن لا يعرف هذه المادة بهذا البلد الذي ينام ويصحى على وقع الارهابيين.... ارتجفت كل عضلة داخل جسدها وهو يخبرها معاناته وهو تحت رحمتهم
"اتلفت تلك الحقن أعصابي وبعد أن وقعت توقفوا... كان الأمر صعباً واخيراً مكرم الذي ذهب ليبرئك يعود ويقول أنك مت فأموت عندها وأنا على قيد الحياة!! "
نزلت دموعه صامته أمامها!! نهشل يبكي ويتوجع منذ أمد لأجلها
"يؤلمني أنك لم تصدقي يوماً أنني أحببتكِ وأن كل ما فعلته بالماضي كان بسبب عشقي الكبير لك!!"
رفع رأسه بتعب وقد بانت ملامح الكسرة عليه وآه من كسرة الرجال
"بما أني اخرجت ما بجعبتي وبما انك اعلنت نهايتي فلتغذي فضولي ايضاً من هي من دفنت؟ فأبرار أمس رفضت أخباري ..."
ليكمل يعلمها ما حل بالطبيبة
"آه... رفيقتك سافرت متخفية للقرية لتزور قبر عائلتها لأنها تشعر بذنب كبير "
عضت على شفتيها تريد ادمائها تشعر تواً بحرارة قوية تقتلها
"بشائر ...سجينة يتيمة مسكينة قتلت يوم قتلوني حتى لا تبلغ أحد عن ما حصل لكن كانت العمة ابتهال أسرع منهم فأنقذتني يومها جاء جدي وواصف مع لجنة رسمية وهنا جاءتهم فكرة إعلان موتي كي تنساني أمك وتبعدني عن عقلها الذي يكرهني منذ يوم مولدي!! "
تمتم بصعوبة وهو يسند رأسه على الجذع
"كيف زورتم موتك كيف سمحت لهم بإعلان وفاتك هكذا!!"
لم تتكلم بالبداية فلقد انتابتها غصة بسببه وأخيراً
"لأن هذا هو الصحيح ...ورقاء الحقيقة ماتت منذ زمن بعيد..."
اتسعت حدقة عيناه ليرسم ملامح مشككة على وجهه
"الست الفتاة التي احببت!! ألست دافئتي!!"
في هذه اللحظات تتمنى ضربه بقوة من يفكر وهو مخطوف بهذه الاوصاف لتهتف " بل أنا هي..."
لتهز رأسها مغتاظة
"اقصد أنا من تزوجت و توقف عن وصفي بهذا ...نحن لسنا بموقف يدعونا للتحبب!! "
لتضيف "ورقاء الحقيقة أنها الطفلة المعاقة ذهنياً المدفونة بالحديقة !! "
كان يحاول الاستيعاب وهي تسرد ماضي القصر المظلم ليكرر بذهول وقد لخبطت عقله وكيانه!!
"اذاً.. خادمتنا سعاد الفتاة المراهقة اليتيمة التي جلبتها جدتك فجاءة خُطبت عندها لسائقنا لعبد البر لكنها أحبت ابي الطبيب الشاب وقتها والذي كان يقرب لعائلة أمي والنهشل الكبير "جدي" كان سيزوجهما فعرفت سعاد أن أبي شيء بعيد المنال لخادمة فتزوجت عبد البر وبعدها أمي بسبب عقدة النقص لفقت لها تهمة سرقة لأنها ظلت حب أبي الاول واكتشفت سعاد حملها بالسجن وولدت طفلتها من زوجها عبد البر!!"
لتعقب ورقاء بأسى وهي تقف الأن قرب الشجرة المبتورة داخل المنزل
" بعد ولادتك عفت كواكب عنها وخرجت لأبنتها المريضة ولزوجها المتألم وبعد سنتين ماتت الصغيرة المعاقة ودفنوها ولم يستخرج لها شهادة وفاة لأن اللقيطة...وهي أنا كانت ولدت حديثاً والقصر يريد أن يتستر على الجريمة!! وطبعا زورت الأوراق والتواريخ كما أراد الوزير وعائلته الكريمة!!"
ركعت أمامه تضع سلاحها جانباً والألم يعتصرها تشعر بأن مقاومتها تنتهي ليصدمها برد وقد كان مصعوقا أكثر منها
"هل تقصدين أنك أبنة أبي !! لا..."
المفاجئة مزقته منها وليس ممن رحلوا!! لتبدأ بحل وثائقه تكتم غضبها من تخمينه المقزز
"كلكم تفكرون بي بسوء ....هل تعتقد أني لو عرفت أنك شقيقي كنت عدت وحملت منك هل أنا قذرة لهذه الدرجة وشريرة!!"
لينظر لسلاحها على الأرض حملته تريه أنه فارغ كفراغ عقلها
" اصبحت سيئة بسببك أنت!!"
كان يفرك معصميه الدامين يهز رأسه
" أن لم تكوني شقيقتي اذاً ..."
"والدي ليس عاصي أنه الطبيب الأخر... خالك جلال!!"
رمش عدة مرات يفكر لهذا تقاربت مع ربى أول واحدة !! لتمسك معصميه بحنية تمسد عليهما دون أن تشعر بفعلتها ليتمتم بأسى
"حقيقة امك سعاد كانت تبدو جيدة وامرأة نظيفة لأخر يوم بحياتها وكنت أحبها فعلاً لم أتصور أنها قديماً فعلت كل هذا !!"
عبست وهي تتحدث
"ماذا تقول ألم تفهم حديثي...سعاد ليست أمي
أنا أمي أسمها ..........ليال!!".
............................
انتهى الفصل
رجاء ياغالياتي وخصوص مع احداث الرواية الي بدت تنتهي
اتمنى ان ماتبخلون عليا بأي تعليق أو تعقيب أو حتى توضحولي مشاعركم تجاه الرواية
الفصول حقيقة منهكة ولو كانت قصيرة وانا ببذل بيها مجهود
في ناس من بداية الرواية للأن مااثلجتوا القلب حتى
واتمنى من يعقب ان تعطوا كل الحقائق الي ظهرت حقها وماتركزون فقط على القفلة
تحياتي لكم
أنت تقرأ
واذا البتول تمجنت الجزء الرابع من سلسلة بتائل مدنسة لكاتبة مروة العزاوى
Romanceوإذا البتول تمجنت وقل حَيائها وتمردتْ فالويل لكل من ضرها ستصيبكم أسهم حقدها فلا تبتغوا رأفة منها فشقاكم سلوى حزنها وخزيكم متمة ثأرها