chapter 15

66 3 0
                                    

مرّ اسبوع كامل منذ هروب السيدة من الجحيم ، حاملا و رفقة طفل جائع يقتاتان فقط على الاعشاب الطفيلية و التوت البري و يشربان من مياه العين الحلوة..

و لكن على رغم ذلك ، لم تتوقف مخاوفها من عودته،حتى انها راهنت على عودة شبحه لمطاردتها بعد مماته..

انتشر بالبلد خبر اختفاء السيد مين ، لكن لم يتجرأ أي احد على السؤال أو حتى التلميح بأي شكل من الأشكال عن ذلك..
و سرعان ما تلاشى خبر اختفائه وسط عدة اخبار اخرى كان ابرزها تحت عنوان"الجنازة الحمراء"، نسبة للمجزرة التي راح ضحيتها قرابة ست و سبعون شخصا كانوا قد ذهبوا لتعزية أرملة بائسة لاقت هي الاخرى حتفها معهم..

و بينما كانت السيدة تعاني الجوع، كان شقيق نامجون ،"الابن الأمثل و الأسمى"حسب ما كان والده يناديه قد غادر القصر الزجاجي لأول مرة و غادر ظل والده مطرودا..لم يتقبل والده حقيقة ان طفله قد عصى اوامره بقدر عدم تقبله للطفل الصغير الذي قد ظهر من العدم..
.
.
.
.
الحاضر:

فتاة..
إنها فتاة..
و لكن ذلك لا يهم الآن..فحبيب ذلك الجاثي امام باب الغرفة قد مات، و قلب يونغي قد توقف منذ اللحظة التي نبض فيها قلب تلك الفتاة بالخارج!!!

هرع كل الموجودين بالغرفة نحو يونغي يبكون في حين لا يزال هوسوك جاثيا على ركبتيه بدون أية كلمة،بدون أي فعل يذكر ،بدون أي ردة فعل .. لا شيء البتة..لا شيء..

"ما هذا الشعور؟
ما هذا...الشعور؟
لقد مات يونغي..أعني إنه يونغي، لقد مات من أحببت..
لكنني لا أبكي..
لا أصرخ..
لا أستطيع الوقوف على قدماي أيضا..
بالكاد أسمع صرخاتهم و بكائهم و نحيبهم..لكن مالي لا أراهم يركضون نحوي و يبكون ايضا؟
ماذا؟
ألن أموت أنا أيضا؟
أوليس الموت هو خروج الروح من الجسد؟لقد مات يونغي، إذا لماذا مازلت حيا؟؟؟
لم و اللعنة مازلت أتشبث بحياة ليست بها يونغي؟؟
أيتها الروح ألن تخرجي أنت أيضا؟؟..."

و قبل أن يفقد عقله تماما و يتوجه نحو أقرب أداة حادة يحاول الانتحار وسط تلك الفوضى بعيد موت زوجه استوقفته فكرة غبية تقتضي بالقضاء اولا على الشخصين المتسبببن في موت حبيبه: الطفلة و السيد كيم..

و بطريقة ما استطاع الوقوف بتثاقل نحو الغرفة المشؤومة، كما لو ان جل هموم الأرض قد حملت على كتفيه، كما لو أن ذلك الميت الحي قد عاد للحياة مجددا ليجرب طعم الموت مجددا و مجددا و مجددا..دون موت فعلّي ...

اقترب من السرير دون الالتفات للجثة الهامدة هنالك و توجه نحو الطفلة الباكية حاملا مخدة صغيرة كان يونغي قد صممها خصيصا في أيامه الأخيرة للأميرة الصغيرة ..لم يكن الهائم يبالي بأي من الباكين المحيطين بيونغي ، بل اكتفى بالباكية الصغيرة..

و قبل ان تصل يده إليها ،نظر إليها جيدا و ألقى بالوسادة بعيدا و انفجر باكيا..
أتى صوت من خلفه ناطقا :

-أتعلم لم أصرّ يونغي على انجاب الصغيرة؟؟
لأنه كان يعلم جيدا أنك لن تقدر على أذيتها مهما كانت المخاطر التي سيتعرض إليها..
كان يعلم أنك لن تقوى على إلحاق الضرر بشبيهة أبيها ..

-و من أين له ذلك؟
أستطيع إطلاق النار عليها و انا مغمض العينين...

-الأمهات غريبات فعلا..كيف علم بذلك،و كيف تيقن من هذا...شيء حقا مبهم..
لكن دعنا نقول انه يعرفك كما لم تعرف نفسك قبلا..

-انت ايضا سيد كيم غير مقصي من هذا..

-قبل أي شيء،هنااك مقطع فيديو و وثيقة رسمية عليك الاطلاع عليهما، و لكن لا اعتقد انه الوقت الصائب لذلك..
أعتذر منك الآان، علي اصطحاب طفلي و زوجه من المطار،و محاولة لملمة عائلتي بهاته المحنة الصعبة..أرجو المعذرة..

انحنى سيد كيم و غادر في حين لا يزال هوسوك غير مستوعب للأمر بأرمته، موت يونغي و ولادة الطفلة، كل تلك الأحداث مجمعة جعلته يفقد الوعي لمدة خمس أيام متتالية، كما لم يتوقف الأمر هناك بل تمادى لرفضه الطعام و الشراب ..
ظل الجميع يحاول اقناعه بشتى الطرق للنهوض من السرير لكن ذلك كان غباء مهدورا..

بدأ جسده يفقد قوته و وزنه و بدأت التجاعيد تكسو وجهه ، كما أن جسده الهزيل قد رفض الموت مرتين بالفعل حاول فيهما اليائس قتل نفسه لكنه متمسك بالحياة اكثر مما كان يعتقد،حتى خيل لجاك ان روح يونغي هي ما كانت تحمي هوسوك بعد موته!!!

و في اليوم العشرون من ذاك اليوم المشؤوم ، كان هوسوك كعادته مستلقى على السرير يحدق بالسقف في سرحان قبل ان يتكلم الأخير:

-مرحبا..هوسوك~شي..
اه لا..أعتقد أنه صغيري تشان تسان هو من يقرأ هاته الرسالة لأبيه، أنا آسف للغاية أحبتي..
أعتقد و لقرائتكم لهاته الرسالة ان الصغيرة قد وُلدت بصحة جيدة و انني قد رحلت دون رجعة الى مكان أجهله أنا الاخر ايضا..
لعلك لا تزال غاضبا،او ربما حزينا،لعلك لم تذرف دمعة واحدة او ربما قد فقدت نور بصرك من كثرة البكاء امام مضجعي الأخير..
انا اسف جدا ،لكنني لست نادما البتة، و لو تكرر الزمن مجددا،كنت حتما سأختار هوسوك زوجا لي و تشان طفلا لي و سأختار حياة الطفلة عن حياتي..
أعلم ما الذي ستقوله لو كنت أمامك لكن أرجوك إعتني بالصغيرين جيدا..، اكاد أتخيل لحظات المستقبل و انتم معا ، ربما بعد عشرون سنة ، ستكون قد شخت و أصبحت عجوزا وسيما ههه ربما سيتزوج تشانيول بعمر الخامس و العشرون ، ربما قد تكون جَدًا بالفعل حينها ، ستكون امام الموقد ، تحمل جريدة اسبوعية تتحدث عن معرض تافه للموضة او كتابا يذكرك بشخص يكاد يتلاشى من الذاكرة المشوهة بسبب الشيخوخة..
ربما تكون الصغيرة حينها بالجامعة او أنهتها و باشرت عملها الأول ، ربما قد تعرفت على شاب طيب ،أو ربما فتاتي لن تفعل ، فتاتي لا تقعي في الحب سريعا و تذكري ان والدك يراقب كل شيء من الأعلى هههه أمزح أمزح (أو ربما لا أفعل)..
صغيرتي،صغيري ..أطفالي ...والدكما يحبكما كثيرا..و انا سعيد لأنكم خلقتم لتكونوا اطفالي..لا تنسوا هذا!!
هوسوك ، ايها الحب الذي لا يموت ..عندما تحين لحظتك،انتظرني.. و سآتي إليك..
ستسمع صوتي ، فٱتبع الفراشة الى حيث تقودك..ستقودك إلي..دائما و أبدا..إلي..
.
.
.
يتبع

الغير متوقع🔥🙂 (الجزء الثاني)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن