الناجية

18 2 0
                                    

تسللت بضع قطرات منعشة من المطر إلى غرفتي ليلتها .... و انجرفت في موجة من الخدر العشقي لم ارى لها مثيلا من قبل .... بدا ان ليلي الطويل انقضى و غسلت الأمطار عني كل ما أرهقني و اتعب فؤادي .... طوقتني ذراعاه كحصن ، و سافرت بي عيناه إلى ديار بيضاء و زرقاء ...تكسوها الثلوج البيضاء و البحار الشاسعة ... ملت على كتفاه منهكة الجوارح ، ما تبقى من تلك الرحلة و عرفت حينها و لأول مرة ما الذي يعنيه النوم دون القلق حول أمور مؤلمة ، لا هي تعرفني و لا انا اعرفها ... نسيت الألم و انا بين شفتاه .... أحببت نفسي لانها أحبته ... و عانقت قلبي طويلًا ... علمت حينها انني قابلة للحب .... سقطت و تعثرت كثيرا قبله ، لكن حضوره اللطيف في حياتي ساعدني على الوقوف بثبات في كل مرة ... علمني الحياة ... امر الروح بداخلي ان تحيا برأس مرفوع و همة عالية ... امسك يداي إلى النور ، قبل الندوب جميعها و شفى ما بي من كسور و جروح ...علمني الكلام بعد ان كنت اتحدث لغة غريبة لا يفهمها غيري ... تعرفت في رفقته على كل الشعوب و اللغات و غصت في كل الأزمان ... امتلأت به العروق و تشبعت برائحته الأنفاس .... و حفر اسمه على شرياني الأبهر ، كالطفلة بين ذراعيه أتعلم الحروف و الأرقام ، و كالمرأة حين تلمسني أنامله في هيام ... انا ناجية على يديه ، و من دونه كنت لأكون جثة ، جماد ، أو صورة معلقة في بيت مهجور بلا نوافذ و لا أبواب ، انا قصيدة شعرية منسية في درج مكتب ، وهو القارئ النهم ... جعل لكلماتي صوتا و لأبياتِ الشعرية صيتًا ...

مذكراتي العزيزة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن