أيلا

186 6 5
                                    


علي الاعتراف بأن الحصول على وظيفة
في هذا القرن لم يعد سهلاً على الاطلاق، مرت شهور وانا ابحث في شتى انحاء المدينة عن اية وظيفة شاغرة ولكني كنت اقابل دائماً بالرفض، لذلك لم اصدق الامر عندما تم ترشيحي لوظيفة في شركة حديثة العهد تم افتتاحها منذ بضعة اشهر فقط... براتب ليس بالهين ابداً.

كانت فكرة الشركة جديدة تماماً، تقوم على
اساس توفير مستمعين لكل شخص يريد
التحدث ولا يمتلك من يخاطبه....ايضا الاشخاص اللذين يعانون من امراض نفسية ويرفضون فكرة زيارة الطبيب النفسي "وهم يعدوا الجزء الاكبر من العملاء"، هنا تكون وظيفتنا نحن....
وبالطبع المستمع يجب ان يتوافر فيه عدة
شروط اساسية..
كـأن يكون وسيماً، لبقاً في الكلام
جيد الاستماع، فمن الممنوع تماماً مقاطعة
العميل، فهو يدفع اموال مقابل ان يسمعه احد فيجب ان نوفر له هذه الخدمة على اكمل وجه
وبأفضل الطرق وبالطبع توفير حلول للمشكلات التي يعاني منها المتحدث.


في خلال شهرين كنت بالفعل اصنف من
افضل المستمعين الذين يعملون هنا، اصبح
لدي العديد من العملاء الذين يأتون خصيصاً
راغبين في الجلوس معي، وبالتأكيد كان ذلك يعني بالنسبة لي زيادة اكثر في المرتب.


وقعت في حب وظيفتي....فهي لطيفة، سهلة ومدرة للمال، كان كل شيء مثالي.....حتى جاء اليوم التي اتتني فيه تلك العميلة المريبة عندها بدأ كل شيء في التحول للأسوأ.

كنت انتظرها في احدى الغرف الخاصة بالشركة "ايلا" هذا كان اسمها، كما انه المعلومة الوحيدة التي امتلكها عنها، كنت اتأمل كوبين القهوة اللذان اتخذا موقعهما امامي ككل مرة حتى طرق مسامعي صوت نقرات خفيفة، عبرت الباب بعدما سمحت لها بالدخول ، كان اول انطباعي عنها انها غريبة...
كانت تحاول بكل طاقتها ان تخفي ملامحها
وكأنها مطاردة.... نظارة شمسية رغم وجودنا في غرفة مغلقة، وشاح يحيط بعنقها ويخفي نصف وجهها، قبعة سوداء اخفت مقدمة شعرها المربوط بمهارة وكأنه ذيل مهرة خجولة......


ساد الصمت في الغرفة لأكثر من نصف الوقت
عدا بالطبع صوت طقطقة اصابعها وحركة قدمها المتوترة التي نقلت لي التوتر بطبيعة الحال، كانت مترددة في التحدث
كثيرة الالتفات، وكأنها على علم بأن احدهم
يراقبها.... ينتظرها لتتحدث ثم يقبض عليها بالجرم المشهود......لم اكن قد تبينت ملامحها بعد... اعتقد
ان الوقت الخاص بها سينتهي قبل ان
تقول كلمة....في مبادرة منها لازالة التوتر
سحبت كوب القهوة من امامها لترتشف منه
قليلا قبل ان تسكبه على يدها لتحترق
وتزيد الطين بله.....



سحبتها مسرعاً نحو دورة المياه المتواجدة في نهاية الغرفة لتضع يدها اسفل الماء البارد فتظهر شامه حفرت بجانب رسغها تبدو كما وكأنها فراشة صغيرة لم تستطع التحليق فقررت البقاء بجانب الفتاة الصامته للأبد....
عدنا مجدداً للجلوس بعد ان طلبت من احد
العمال تنظيف المكان واحضار كوب قهوة
جديد، عدنا للصمت مجدداً وطقطقة الاصابع
للحق كنت قد فقدت الامل بالفعل في كونها
ستتحدث قبل نهاية اليوم.... ولكنها خيبت ظني في الخمس دقائق الاخيرة، حيث افرغت مابجعبتها وقالت:
"ان اختي تريد قتلي"



The whispers Where stories live. Discover now