الكابينة 66

136 9 2
                                    


هدأ كل شيء الأن....
اصوات اعمال الصيانة التي تتسابق في كون من فيها الاكثر ازعاج....
وضجيج الحي الذي يعلو كل يوم عن سابقه...
ولم يتبقى سوى صوت خطواتي الذي تردد
صداه في الحي بأكمله.....

كنت عائدة في وقت متأخر قليلاً عن العادة
بسبب مديرة المتجر التي اصرت على ان
انهي جرد المبيعات اليوم، كانت اغلب المصابيح التي تضيئ الحي قد توقفت عن العمل بالفعل، واثنان او ربما ثلاثة منهم
فقط هم الذين يضيئون الحي
مع استمرار اعمال الصيانة لمدة اسبوعين كاملين.... كيف لم يستطيعوا بعد كل ذلك اصلاح مجرد مصباحين في منتصف الشارع.


على كل حال لم تكن هنا المشكلة ابداً.....
المشكلة كانت في كابينة الهاتف رقم 66....
كابينة هاتف قديمة.......معطلة.......صدئة..... ولا تعمل....
لم تتحرك من مكانها منذ عقود، حتى مع
هدم الطريق واعادة بناءه تجنبها الجميع
وتركت كما هي.....وكأنما هي تراث يمنع
الاقتراب منه او التعرض له بالهدم او الازالة.
يهابها جميع سكان الحي ولا نعلم لهذا سبب
لها هالة تحيط بها تجعل الاقتراب منها
يحفز الادرينالين في الجسم فيفر المرء هارباً.

كان المصباح الذي يعلوها ينير المكان قليلاً
ولكنه رغم ذلك لم يكن كافياً لمحو لمحة
الرعب التي اطفتها كابينة الهاتف على المكان
خصوصاً عندما دوى رنين الهاتف المعطل يعلو
من الداخل وللمرة الاولى عند مروري بجانبها.......

وقفت مكاني غير قادرة على الحركة اتأكد
من مصدر الصوت عسى ان تكون اذناي تخدعاني........ لانه وبالتأكيد كابينة الهاتف الذي فاق عمرها عمر اجدادي لن تعمل الان؟!

القيت لمحة من الخارج عبر الزجاج الشفاف
الذي قضت الاعوام على قدرته في كشف دواخله.... ورأيت الهاتف يهتز.... وهو مازال
يصدر نفس الرنين البارد.

مأخوذة بمهابة المشهد تقدمت داخل الكابينة غير مدركة ثم رفعت سماعة الهاتف ووضعتها على اذني في انتظار صاحب الصوت المجهول ليتحدث..... ولكن كل ما وصلني كان صوت
انفاس ثقيلة....ترددت ثانتين ثم بدأت
في سحب سماعة الهاتف من اذني لأغلقها
ثم عندها سمعت صوت مذعور من الطرف
الاخر قائلاً "ساعديني ارجوكِ".


اسرعت في اعادت السماعة لأذني مجدداً
وانا احكم قبضتي عليها غريزيا انتظر تبرير للجملة التي سمعتها.....
"من هناك"
خرجت من فمي في تردد ينافس تردد جسدي
ثم اكملت الفتاة على الجانب الاخر
"لا اعلم..... لا اتذكر.....اخر شيء اتذكره كان
طعني بسكين حاد من شخص مجهول على الطريق امام كابينة الهاتف هذه"
صمتت قليلاً ثم اكملت جملتها بحذر
"اعتقد اني قُتلت".

اسرعت بإغلاق الهاتف بعد اخر جملة.....
لا اعتقد ان مزاجي جيداً لأجاري شخص ما
في مزحه سخيفة كهذه...رغم علمي بمجرد كونها دعابة من احدى الفتيات المتفرغات الا ان ذلك لم يمنع الرعب من الوثوب الى قلبي القيت نظره على ساعة معصمي فوجدتها قد تعدت العاشرة بقليل، فتحت الباب الزجاجي المتهالك واسرعت في طريقي قبل ان اجد الهاتف يهتز معلنًا مجدداً عن اتصال اكثر سخفا من سابقه.


The whispers Where stories live. Discover now