1 | قانون التمرد

11.1K 822 231
                                    

| 1 |

" متى سنعود كَسابقِ عهدنا؟ ، أم أن قلبُكِ حجرٌ لا يشعر بِدقاتِ قلبي النابضة التي تُنادي شوقًا عليكِ؟! "

- في إحدى شركات الإلكترونيات الشهيرة | شركة B.B.S

يجلس هو على كرسيهِ الوثير خلفَ مكتبهِ الأسود، متلاعبًا بِقلمهِ الحبريّ، ناظرًا بِغموضٍ لِتلكَ الجالسة أمامه تحتسي القهوة ببرودٍ!
فزفرَ بمللٍ من ما تفعل، وتنهدَ قائلًا بضيقٍ خافت:
" إرغي يا عشق، ما أنا مفيش ورايا غير مصايب إبنك! "

تركت عشق كوب القهوة مِن يدها، وضمت يديها إلى صدرها قائلةً بسماجةٍ:
" ما هو إبنك برضو يا بدر! .. مش ابني لوحدي! "

- " إرغي "
تمتمَ بِنبرةٍ باردة، يوقع لعض الأوراق أمامهِ، متجاهلا محاولتها في افتعال مشاجرة، لِتردف هي بهدوءٍ مُريب:

" إبنك .. أقصد إبننا؛ اتخانق مع زميله في المدرسة والولد دراعه انكسرت واتجرح في راسه، فالمدير طالب ولي الأمر ضروري، قولت أعرفك برضو! "

همهمَ بدر، ثمَ حكَ عنقهِ بقلةِ حيلة، ينظر لها بنصفِ عينٍ، بعدَ أن نجحت في إشعال غيظهِ، ومن ثمَ حاول التنفس بشكلٍ طبيعيّ، مردفا بلامبالاةٍ طاغية:
" خلاص يا عشق، هبقى أشوف الموضوع ده بكرة! "

نهضت هي فورَ كلماتهِ تلك، وسحبت حقيبة يدها، تلوي ثغرها بسخريةٍ مِن لامبالاتهِ التي لم ولن تتغير في يومٍ مِن الأيام، متمتمةً بِرسميةٍ:
" تمام، شكرًا على القهوة .. "

أزعجتها طريقتهِ اللامبالية، التي دائمًا ما تجعلها غاضبة منهُ، فزفرت بقوةٍ؛ لعلَّها تهدأ قليلا، ولم تكد أن تخطو خطوةً واحدة نحو الخارج، حتى أوقفها هو بصوتهِ الهادئ الحزين:
" عشق، استني .. "

توقفت مغمضةً عينيها بألمٍ دفين، تشتاق لِنبرةِ العشق في صوتهِ حينما تنطقُ شفتيه بِاسمُها .. ولكن كبريائها يمنعها مِن قول ذلك، وأفعالهِ دائمًا ما تدفعها نحوَ النفور منهُ، أما عن خيوط الماضي، وما حدثَ فيه؛ كل ذلك يقودها نحوَ التشتت! 

سحبت نفسًا عميقًا، والتفتت لهُ محاولةً إخفاء ملامح الشوق المرسومة على ملامحها، تخشى أن يفيضُ الحنين من مقلتيها على هيئةِ عبراتٍ لؤلؤية، فيدفعهُ الأمر لاستغلال حبها المتبقي، محاولا إصلاح ما كُسِر من قبل، لتعض على شفتيها، نابسةً بِحاجبٍ مرفوع:
" أفندم ؟ "

- " مش هنرجع بقى؟ .. ده أنا بتألم هِنا بقالي سنين! "

نطقَ بقهرةٍ داخلية، والحزن يتملك من أوصالهِ جميعها، لكنها نظرت لهُ بقسوةٍ مُزيفة، ثمَ أردفت بوعدٍ كاذب:
" أما أرتاح؛ أوعدك هرجع "

- " وإمتى هترتاحي؟ "

" لما تقدرني يا بدر، عن إذنك "

ردت سؤالهِ بطريقةٍ غامضة، تسحبُ خلفها حزنا خافت، خارجةً مِن المكتبِ بخطى شبه ثابتة، وتركتهُ بمفردهِ كعادتهٍ ينظر لِطيفها بشوقٍ بالغ، وقلبهُ يكاد يخترق قفصهِ الصدريّ، ويهرول نحوها؛ لأن موضعهِ الأساسيّ معها .. لكنها لا تبالي، وتتهمهُ هو بأنهُ غير مبالي!

عصابة المشاغبين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن