الفصل السادس عشر ⁦❤️⁩💥

11K 356 9
                                    

"نحن نلمع بشكل استثنائي حول من نحب .. وننطفئ لو كنا حول الشخص الخاطئ" جملة قالها د. احمد خالد توفيق تصف الكثير من علاقاتنا .. انها حقيقة لا شك بها .. تتوهج روحنا بقرب من يُشبهنا .. ترتسم ابتسامة تلقائية على شفاهنا حين يكونون بقربنا .. تتراقص قلوبنا على إيقاع نبضاتها حين تمر بعقلنا ذكرى سعيدة جمعتنا بهم .. انظروا لها الآن وهي تقف بمطبخ المنزل لتقوم بعمل طاجن الأرز المعمر الذي علمت أن زوجها العزيز يعشقه لتقرر طبخه تحت إشراف زوجة خالها التي تبتسم بسعادة وهي تراها تتحرك هنا وهناك وقد اعتبرت هذا المنزل منزلها أخيراً .. ففي الأسابيع الماضية ومنذ ان أتت كانت تلاحظ حرصها الزائد في جميع تصرفاتها وكأنها تعد نفسها غريبة عنهم ولكن الآن هي تراها تبتسم وتشاكس وتضحك .. تراها وهي تسطر أولى الوصفات التي ستتعلمها وتكتب كل خطوة تقوم بها حتى تحفظها وكأنها منهج دراسي ستمتحن به
إيمان(وهي تقلب محتويات الطاجن): كدا حطيت القشطة يا خالتو
صالحة: حطيتي معلجة الزبدة؟
إيمان(بحماس طفولي): ايوة .. أدخله الفرن؟
صالحة(بضحكة بسيطة): الچرن .. جولي ورايا الجرن
إيمان(بتكرار وتركيز): الچرن تمام .. ها أدخله؟
صالحة: لاه ورد هتدخله, أنتي روحي اتسبحي وارتاحي هبابة على ما يستوي
إيمان(بابتسامة وهي تطبع قبلة على خدها): ماشي .. يلا سلام يا خالتو يا جمر انتي
ابتسمت صالحة وهي ترى إيمان تحاول تقليد اللكنة الصعيدية لتخرج من بين شفتيها بطريقة مضحكة ولكن جميلة في الوقت نفسه .. تتوجه إيمان لغرفتها وتسرع بإنعاش نفسها بحمام دافئ ومن ثم تغير ملابسها لتتحرك لغرفة رحمة التي تجلس بها ولا تفارقها منذ أكثر من اسبوع .. من كان يصدق ان باليوم التالي لزواج زين وإيمان تحدث تلك الحادثة المأسوية حين وقعت رحمة على قدمها ليقرر الطبيب الذي أتى للمنزل بعد رفض رحمة للخروج حتى وهي تصرخ من شدة ألمها أن يلف قدمها بالرباط الضاغط مع التأكيد على عدم تحركها أو الضغط على قدمها حتى لا تسوء حالتها أكثر .. كان لذلك الحادث برغم سوءه تأثيراً إيجابياً على علاقة إيمان وجدها فقد تولت هي إطعامه وإعطاءه أدويته والاهتمام به حتى تعود رحمة من جديد لممارسة مهامها التي تشعرها انها على قيد الحياة .. فحياتها لا يشغلها سوى الاهتمام بوالدها لتكتشف بعد تلك الحادثة كيف حياتها فارغة .. نعم تتحدث مع أختها او زوجة اخيها .. نعم تمزح قليلاً مع إيمان او دعاء التي أصبحت تأتي للمنزل كل يومين لتقضي الوقت برفقة عائلتها متناسية تلك العلاقة الجافة التي تحظى بها مع زوجها .. متناسية كونه يتناساها .. متناسية إهماله المتواصل لها وسهراته التي ازدادت لحد كبير وملحوظ مما زرع الشك أكثر بقلبها .. كادت شمس الصباح بالمغيب وأوشك زين وسالم على العودة من مهامهم اليومية من المرور على الارضي ومباشرة الاعمال وحضور تلك الجلسات العرفية للصلح بين الناس في البلد وحل مشاكلهم .. طرق خفيف على باب غرفة رحمة أفاقها من شرودها في وحدتها لتبتسم بتلقائية حين رأت إيمان تطل من خلف الباب مردفة بنبرة خفيفة
إيمان(بابتسامة وهي تدخل الغرفة): رحوم يا قمر .. عاملة ايه النهاردة يا مزة؟
رحمة(بخجل): اتحشمي يا بت ايه مزة دي؟!!
إيمان(بنبرة خفيفة): الله طب ما انتي مزة اكدب يعني .. بذمتك فيه حد في العالم عنده خالة قمر كدا؟
رحمة(بضحك): انتي بجيتي بلافة جوي
إيمان(بنبرة صادقة): طب والله مش بكدب انتي فعلاً اللي يشوفك بالكتير يديكي 30 سنة
رحمة: ماشي .. هعمل نفسي مصدجاكي .. جوليلي بجا عاد انتي مختفية فين من الصبح؟
إيمان: احم .. اصلي كنت بعمل طاجن رز معمر
ابتسمت رحمة وهي تنظر لإيمان لتردف بنبرة خبيثة
رحمة(بابتسامة): إيوة جولتيلي .. عشان إكده هتتأخري في چيتك عندي وماطلتيش عليا بعد ما فطرتي جدك زي كل يوم
إيمان(بهروب): بمناسبة جدو الدوا بتاعه خلص
رحمة: وه! طب وجولتي لخالك يبعت يچيب؟
إيمان(وهي تومئ برأسها): أيوة وقالي انه كلم الدكتور بتاعه وقاله هيجيبهوله النهاردة
ابتسمت رحمة لتداعب وجنة إيمان وتردف
رحمة: ربنا چاعل في يدك الشفا .. ابوي صحته اتحسنت وبجا ياخد دواه من غير ما يعاند كيف الاول
إيمان(بابتسامة): ولسة , إن شاء الله هيبتدي العلاج الطبيعي كمان ويرجع يمشي تاني على رجليه
رحمة(بنبرة صادقة): رچوعك ليه انتي وخيتي ومسامحتكم خلته يرچع يحب وچوده في الدنيا من تاني .. إن چيتي للحج انتوا خليتوا للبيت كله طعم
إيمان(بابتسامة وهي تمسك يديها): طب بمناسبة الطعم حضرتك هتنزلي النهاردة معانا وتتغدي تحت علشان تقوليلي رأيك في أكلي
رحمة: أنزل كيف مش الداكتور..
إيمان(مقاطعة بهدوء): يا خالتو هتتسندي علينا ولو حكمت زين يشيلك .. مش شالك وطلعك من تحت لهنا علشان الدكتور يكشف عليكي خلاص ينزلك علشان تاكلي وبعدين يطلعك تاني
رحمة(بنبرة خفيفة): وه وه وه هيشتغل شيال إياك!
إيمان(بغمزة ومزاح): وهو يطول يكون شيال لأحلى خالة في مصر وجميع الدول العربية .. ما تجيبي بوسة
ضحكت رحمة من قلبها على روح ابنة اختها الجميلة التي أصبحت تراها بوضوح بعدما أزالت بإرادتها جميع الحواجز بينهم .. أحبت وجودها معهم ووسطهم .. أحبت حياتها في تلك القرية البسيطة .. وأحبت ذلك العنيد المشاكس الذي حتى الآن لم يُصرح لها بما يسكن قلبه وتراه في جميع تصرفاته .. تراه يتمادى في مشاكسته لها مستمتعاً برسم الارتباك والخجل على وجهها الجميل .. يرمي كلمة هنا او همسة هناك ثم يتحرك مبتعداً تاركاً إياها تتآكل من فرط غيظها منه ومن تصرفاته الصبيانية .. ما هذا؟! ليس ذلك هو الهمجي العنيد الذي قابلته في أول يوم لها بالقرية .. ذلك شخص آخر .. شخص عاشق لكل ذرة بكيانها ولكنه لا يريد ان يطفئ نار شوقها باعتراف بسيط .. هو يريدها ان تقولها أولاً , وهي تريده ان يعترف أولاً , وبينه وبينها تنشأ العديد من المشاكسات فهو لا يتراجع في تحدي وهي لا تخسر أي تحدي فترى من منهم سيفوز؟!!
/////////////////////////
بمنزل ممدوح الجبالي:-
تجلس قمر وهي شاردة امامها بغل وحقد .. مرت الايام بهدوء بعدما سكتت واستكانت؛ فقد تأكدت انه لا فائدة من عنادها .. لن تستفيد شئ سوى تعرضها للضرب المُبرح من أخيها وهي بحاجة لكل ذرة من صحتها .. تحتاجها لتستطيع ان تتأنى وتفكر جيداً حتى تنجح في التخلص من تلك الحقيرة التي سرقت أحلامها .. لن تتردد في حفر قبر كبير لتُلقيها به ولكن هل بالفعل سيضمها ذلك القبر ام سيكون من نصيبها هي؟!!
//////////////////////////
مر الوقت سريعاً وأشارت الساعة للثالثة عصراً .. ميعاد الغداء .. السفرة مُحضرة .. اشهى الاصناف وأطيبها مرصوصة عليها .. تقف هي بغرفتها وهي تتطلع لإنعكاسها بالمرآة .. تبتسم وهي تضع ذلك الملمع البسيط ذو اللون الوردي المماثل للورود التي زُرعت بوجنتيها .. تملس بيدها على عبائتها الصعيدية التي ارتدتها لأول مرة منذ شراءها لها .. عبائة جميلة سوداء بنقوشات من اللون الاحمر والوردي والبرتقالي وبعض الورود البسيطة على الأكمام مُضفية تلك اللمسة الصعيدية الجميلة .. امسكت بذلك الرباط المطاطي لتقوم بتجميع شعرها الحريري على شكل ذيل حصان منخفض لتبرز معالم وجهها الجميل .. تبتسم برضا قبل ان تتحرك للأسفل لترى هل وصل من يسكن قلبها أم لا فترى كيف سيكون رد فعله حين يراها بتلك الطلة الجميلة والساحرة
///////////////////////
الطعام موضوع امامه ولكن لا شهية ليضع لقيمة بفمه .. يتنهد لينزل تلك المعلقة التي ظلت مُعَلقة امام فمه قليلاً ليضعها بذلك الطبق ويقف مبتعداً عن الطعام الذي لا يأكل منه سوى ما يجعله يعيش فقط .. يعيش عساه يلمح وجهها الجميل لمرة اخيرة قبل ان يموت بنفس راضية بعد ان ترتوي عيناه برؤيتها .. عيناه التي ظل خيالها يسكن جفناها فكلما اغلق عينيه يراها امامه .. يهرب للنوم فتزوره بأحلامه .. يستيقظ فيرى طيفها بكل مكان حوله .. سنوات وهو على حاله ذلك .. كم يتمنى لو ينعم بقربها .. كم يتمنى لو يقترب منها ولو لثانية .. ولكن لا فائدة .. فهو يعلم ان امانيه تلك تماماً مثل اماني ابليس بالعودة لجنة الرحمن .. اماني لن تتحقق .. اماني ضيعها هو بغلطة واحدة .. غلطة واحدة فقط دمرت حياته وذهبت بأحلامه وأحلامها في مهب الرياح .. غلطة واحدة أبعدته عمن تسكن قلبه .. غلطة واحدة جعلته يعيش وحيداً بدونها يعد الأيام ببُعادها .. يتمنى لو يحصل على فرصة واحدة ليحكي لها ما حدث .. ليعتذر منها على غباءه الذي ضيعهم .. يقول لها انه منذ فراقها ميت .. يقول لها ان قلبه تركه وروحه فارقته حين ابتعد عنها .. يقول لها انه يشتاق لها حد الجنون .. يقول لها انه يتعذب كل ليلة ويعض اصابعه من الندم على ما فعل .. يلعن نفسه ويلعن ذلك اليوم الذي قلب حياته رأساً على عقب .. يتمنى لو يعود به الزمن مرة ثانية ليُصلح ما أفسده ولكن لا سبيل لذلك .. لن يعود الزمن ولن تغفر له .. يعلم جيداً انه ميت بالنسبة لها .. يعلم انها شيعت في عقلها جنازته وتعيش الآن الحداد على روحه .. يعلم انه لو حدث المستحيل وألتقى بها صدفة في الطريق ستدير وجهها هامسة "يخلق من الشبة أربعين"
////////////////////////
تجلس بصالة المنزل وهي تفرك أصابعها بارتباك .. هو على وشك الحضور .. تلقي نظرة على السفرة لتتأكد للمرة الألف من ان الطاجن الذي صنعته موضوعاً أمام كرسي زين ليكون اول ما يراه حين يجلس على السفرة .. شكل الطاجن جميل .. بل في نظرها تراه اصبح كـ لوحة فنية .. أصبح وجهه مقرمشاً وذو لون احمر جذاب مثلما كانت ترى طواجن زوجة خالها .. ولكن ماذا عن الطعم؟! .. يزداد ارتباكها وخوفها وكأنها طالبة أدت امتحاناتها وستعرف النتيجة بعد قليل .. تهرب بعينيها من والدتها وزوجة خالها اللتان تبتسما على ارتباكها البرئ والجميل مثلها .. سمعت صوت خطوات آت من الخارج لتنتقل عينيها بتلقائية ناحيته .. يختفي حماسها حين وجدت خالها هو من يدخل من باب المنزل بحضوره وشموخه الطاغيين .. ترتسم ابتسامة بسيطة على وجهها وهي تراه يقترب منهم ويلقي سلامه عليهم ليضمها لصدره بحنان مردفاً
سالم(وهو يتأملها بإعجاب): ايه الچمال والحلاوة دي كلها يا جلب خالك
ابتسمت إيمان بخجل وضمته ولكن عينيها انجذبت للباب .. تنظر ناحيته كل ثانية وأخرى ليبتسم سالم ويردف
سالم(بنبرة ذات مغزى): هيچي دلوكيت
إيمان(بارتباك): هو مين دا؟!
سالم(بخبث): علاچ چدك .. مش انتي جلجانة إكده علشان علاچ چدك بردك؟
إيمان(بتوتر): ها .. اه ايوة طبعاً
سالم(وهو يكتم ضحكته): ماني برضك جولت إكده , عالعموم زين راح للداكتور عيادته عشان يوكد عليه يچيب الدوا ويچي يطل على چدك عالمغربية إكده .. العيادة جريبة ماتجلجيش
إيمان(بهروب): تمام .. عن اذنكم اطمن على جدو
قالتها وتحركت بسرعة لغرفة جدها ليبتسوا وهم ينظرون في اثرها .. تحرك سالم لغرفته ليغتسل استعداداً للغداء فترى هل سيحدث بعده ما يكون صدمة كبيرة لكل من بالمنزل؟!
//////////////////////
على مقربة من المنزل يتمشى زين وهو يمسك بيده لجام فرسه الأبيض بعدما أكد على ذلك الطبيب الذي يُدعى اسماعيل ضرورة حضوره بعد المغرب ليُطمئنه اسماعيل انه لن يتأخر عليهم بالأخص .. فهو ليس طبيب جده فحسب ولكن يعتبره سالم صديقاً وأخاً .. فقد كان له دوراً كبيراً في مشوار علاج والده منذ ان أُصيب بالجلطة التي أدت للشلل النصفي منذ سنة .. من وقتها أصبح لا يتوان في تقديم اي مساعدة طبية ممكنة لكي تتحسن حالة الحاج عبد الحميد المنياوي .. ذلك الرجل الذي كان له فضلاً كبيراً عليه سابقاً ويريد الآن ان يرد ولو جزء من أفضاله .. وصل زين للمنزل ودخل بهدوء وعينيه تبحث عنها هنا وهناك ليبتسم سالم مردفاً
سالم: مالك واجف إكده؟ هتدور عل حاچة؟
زين(بانتباه): ها .. لاه واني هدور على ايه عاد يابوي
سالم(بنظرة ذات مغزى): اني اللي بسألك فيه حاچة؟
زين(بارتباك من نظرات والده): احم, لاه مفيش
سالم(بابتسامة جانبية): طب هم يلا غسل يدك علشان ناكلوا واطلع چيب عمتك من اوضتها بجالها فوق السبوع جاعدة فيها خليها تاكل معنا
زين: حاضر يابوي
قالها وعينيه مازالت تبحث عنها ليردف سالم بنبرة حاول اظهارها قوية ليُخفي خلفها ابتسامته
سالم: مالك واجف إكده .. هم يلا
زين: حاضر يابوي
قالها زين بقلة حيلة قبل ان يتحرك ويصعد لغرفته ومن ثم لغرفة عمته حتى يعاونها على نزول السلم الكبير ولكن ترى اي منهم سيعاون الآخر حين تطل عليهم تلك القاهرية الساحرة بطلتها التي ستربك قلب ذلك الصعيدي العاشق كما لم يرتبك من قبل
//////////////////////
يبتسم عبد الحميد وهو يرى إيمان تُعدل من وضع الوسادة خلف رأسه مردفة بحنان لمسه بنبرتها
إيمان(بابتسامة): تمام كدا؟
عبد الحميد(بابتسامة مماثلة): تمام يا جلب چدك .. تسلم يدك يا بنيتي
إيمان: على فكرة يا جدو انا طلبت من على النت كرسي تاني غير الكرسي بتاعك دا
عبد الحميد: ليه يا بتي ما دا مليح وبعدين اني مابخرچش كتير من الاوضة
إيمان: لا الكلام دا كان زمان .. الكرسي دا اولا تقدر انت اللي تتحكم فيه يعني مش شرط حد يزق الكرسي انت تقدر تستخدم ايدك السليمة وتحركه .. يعني تقدر تخرج بقا من الاوضة وتلف في البيت وتتحرك فيه براحتك .. تاني حاجة الكرسي نفسه البطانة بتاعته فيها أجهزة بتشتغل على انها تعمل ذبذبات للجسم علشان تنشط الدورة الدموية فيه وتعمل إنعاش للعضلات علشان مايحصلش ضمور وتتعب .. الكرسي دا مهم لأنه هيبقى خطوة كبيرة في مشوار العلاج جنب العلاج الطبيعي
ابتسم عبد الحميد بسعادة وهو ينظر لها ولمعت عينيه بالدموع .. أكان يحرم نفسه من حنانها ذلك بسببه كِبره وغروره .. أكان يحرم نفسه من تلك السعادة حتى لا يعترف بخطأه .. هل كان يحرم نفسه من لذة قربه من ابنته وحفيدته حتى لا يظهر ندمه على ما اقترف في الماضي .. امسك عبد الحميد بيد إيمان ليردف
عبد الحميد(بنبرة يشوبها الندم): اني كنت غبي جوي إكده؟ حرمت نفسي من حاچات كتير بسبب جسوتي وكبري وعنادي
إيمان(وهي تربت على يده برفق): خلاص يا جدو .. اللي حصل زمان لازم ننساه علشان نقدر نعيش .. عارف لما كنت بقول قدام بابا اني.. .. يعني اني مش مسامحاك كان هو بيقولي ايه؟ .. كان بيقول انك اب وجد ومهما عملت مكانتك عمرها ما هتتغير .. كان بيقولي ان لو كل واحد عاند وماسامحش في غلط حصل في الماضي عمر ما حد هيعيش مرتاح .. وكان بيقولي ان كونك ابو ماما وجدي دا كفيل انه يغفرلك اي حاجة
عبد الحميد(بنبرة يشوبها الحزن): تعرفي ايه اكتر حاچة ندمان عليها .. اني ظلمته .. اني ماعتبرتوش ولدي كيف سالم إكده .. كلامك عنيه الايام اللي فاتت دي خلاني اصغر في عين نفسي جوي .. كنت شايفه واحد چاي ياخد بتي وعميت عيني عن كل حاچة زينة كانت فيه
تنهد عبد الحميد ليردف برجاء
عبد الحميد: عايز اطلب منك طلب يا إيمان
إيمان: اتفضل يا جدو
عبد الحميد: عايز بإذن الله لو ربنا طول في عمري وكتبلي الشفا أول حاچة أعملها إني أطلع معاكي نعملوا عمرة لأبوكي
لمعت عيون إيمان بفرحة من جملة جدها ليرق قلبها حين اردف بنبرة مهتزة
عبد الحميد(بنبرة حزينة): ولو ربنا مارادش اني اعيش لليوم ديه واسترد امانته اوعديني انك تعمليله عمرة وتعمليلي اني كمان
إيمان(بحنان): بعد الشر عنك .. بإذن الله ربنا هيشفيك وهنطلع العمرة دي وانا ايدي في ايدك كمان
ابتسم عبد الحميد بسعادة وربت على يد حفيدته التي نال غفرانها أخيراً .. الآن فقط ذاق طعم السعادة وزارت قلبه الراحة بكل معانيها
////////////////////////
بمنزل ممدوح الجبالي عاد ممدوح كعادته ليغير ملابسه قبل الخروج مرة اخرى في ذلك التوقيت .. تجلس دعاء على سريرها وهي تنظر له وقد عقدت العزم على كشف ما يخبأه ذلك الذي يدعى زوجها .. هه زوجها .. اي زوج .. زوجها الذي لم يلمسها منذ اكثر من شهرين او اكثر .. زوجها الذي يخرج كل يوم ولا يعود إلا مع شروق الشمس .. زوجها الذي اصبح يعاملها كأي قطعة اساس بالبيت .. زوجها الذي اهملها حتى ذبلت بجانبه .. حسناً هي كانت تصمت على كل ذلك ولكن فاق الأمر قدرتها على التحمل .. هي تشعر بوجود أخرى في حياته .. عليها ان تتأكد وإلا ستُجن .. حدسها يخبرها بوجود اخرها .. ذلك شئ لا تشعر به سوى الزوجة .. فبداخل كل انثى جهاز استشعار يلتقط اقتراب اخرى من حياتها وذلك الجهاز اوشك على الانفجار .. تحرك ممدوح للخارج دون ان يُكلف نفسه عناء إلقاء السلام حتى وكأنها هواء .. تُسرع من لبس عبائتها السوداء التي حضرتها لتُسرع بفتح باب الغرفة والخروج وراءه وتتبعه حتى تعرف الحقيقة ولكن ماذا سيحدث حين تكون تلك الحقيقة عبارة عن خنجر سيُضرب بقلبها .. هل ستقدر على التحمل؟ هل ستصمت أم ان زمن الصمت قد أنقضى؟!
/////////////////////////
تحركت إيمان لخارج الغرفة لتلتقط عينيها وجوده القادر على جعل الدماء تشهق بشرايينها .. تراه واقفاً بجسده القوي وهو يحمل رحمة على ذراعيه لتصرخ رحمة بفزع وهي تتعلق برقبته حين أحست بيديه ترتعش حين وقعت عيناه على تلك القاهرية الفاتنة .. طلتها سحرته بكل ما قد تعنيه تلك الكلمة لتسري بجسده قشعريرة وتشتعل النيران به .. نيران تُطالب بها حتى تنطفئ .. لولا صرخة رحمة لما افاق من شروده ذلك ليردف وهو يعتدل بوقفته
زين(وهو يحكم ذراعيه على جسد رحمة): ماتخافيش يا عمتي
رحمة(بخوف وهي تتعلق برقبته): ماخفش كيف وانت هتوجعني كيف زرع البصل يا مدبوب يا مسحور انت عاد!! .. أجولك رچعني اوضتي تاني اني ماعيزاش انزل
نزل زين وهو يبتسم على عمته التي أخذت تسبه وهي تتمسك برقبته بخوف كطفلة صغيرة بينما أخفت إيمان ابتسامتها على ردة فعله .. حسناً نجحت في خطتها الأولى فلنرى الثانية .. نعم لا تستغربوا هكذا فكل تلك خطط وضعتها حتى تجبره على الاعتراف فلن يكون اسمها إيمان إن لم تجعله يقر انه عاشق لها .. لن تكون هي إن لم تجعله ينطق بحروف عشقه ويُسلم قلبه لها على طبق من ذهب .. لن تكون هي إن لم تجعله يقول انها وحدها من تسكن قلبه ولا احد سواها وربما وقتها فقط سترأف بحاله لتعترف هي الأخرى انها عشقت من الصعيد

كاااااااااااااااااااااات .. كفاية لحد كدا النهاردة .. إلى اللقاء في الأحداث القادمة

عشقت من الصعيد 🌴⁦♥️⁩حيث تعيش القصص. اكتشف الآن