الفصل الثالث والعشرون⁦❤️⁩💔

10.7K 308 23
                                    

احذر ان يقودك عنادك لطرق لا رجعة منها .. احذر ان يتحكم فيك ويجعلك كالعروس الخشبية المربوطة بخيوط عديدة تحركها أصابعه .. احذر .. فإن قراراتك التي تأخذها بدافع العناد وحدك من ستدفع ثمنها .. تجلس بغرفتها وهي تكاد لا تصدق انها بعد ساعات فقط سيُعقد قرانها على د. اسماعيل الذي فجرت قنبلة مفاجأتها حين أخبرت عائلتها في تجمعهم منذ عدة ايام حين اطمئنوا على زين وإيمان انها موافقة على الزواج منه .. لا تنسى نظرات الصدمة التي اعترت وجوه عائلتها جميعاً بالأخص والدها وأخيها وزين الذين يعلمون مدى عمق جرحها مما حدث في الماضي .. لا تعرف ان كان ما ستفعله الآن صواب ام خطأ ولكن لا يهم فكل همها الآن هو رد اعتبراها الذي وضعه هذا الخائن تحت أقدامه .. لسنوات اعتكفت بهذا المنزل بعيدة عن عيون الجميع حتى لا تسمع ولا ترى اي شئ يذكرها به .. لسنوات قالت لن تتزوج ولكن ان يقرر هو مصيرها فذلك الشئ هي لن تقبله ابداً .. دق خفيف على باب غرفتها تبعه دخول سالم الذي اردف بنبرة هادئة حنونة
سالم: ممكن ادخل يا خيتي؟
رحمة(وهي تعتدل في جلستها): اتفضل ياخوي
تقدم سالم للداخل وجلس بجوارها على السرير ليردف بنبرة سكنتها الشفقة عليها مما تفعله
سالم(وهو ينظر لها): انتي متوكدة من اللي انتي عايزاه ديه يا رحمة
صمتت رحمة ولم تنطق ليردف سالم
سالم: رحمة .. اني من سنين وجفت معاكي في جرارك بعد اللي حمز..
رحمة(مقاطعة بحدة): ماتچيبش سيرته جدامي .. حمزة الله يرحمه مات من 15 سنة واني عشت على ذكراه سنين .. اظن چه الوجت اني يكونلي بيت وعيلة زي كل ست في البلد ولا اني مش ست زيهم؟
سالم: انت ست الستات كلها يا رحمة ..(ثم نظر لها قليلاً ليردف).. بس..
رحمة(مقاطعة مرة ثانية): مابسش .. اني موافجة على داكتور اسماعيل وكل اللي طالباه منيك انك تجف معايا كيف ما وجفت زمان
سالم(بقلة حيلة وهو يقف): وهو اني بيدي حاچة تانية اعملها
تقدم سالم خطوتين منها ليردف
سالم(وهو يحتضنها بحنان): ربنا يتمملك على خير يا خيتي ويكتبلك الصالح
تمسكت رحمة بأحضان سالم بقوة وكأنها تستنجد به من تلك الاحزان التي تسيطر عليها .. قاومت تلك الرغبة المُلحة بالبكاء التي اعترتها وارتدت قناع القوة راغبة ان تثبت للكل انها قوية .. انها تخطته .. انه لا يؤثر بها بعد الآن ولكن هل ستظل عند موقفها حين تتقابل عيونها بعيونه بعد غياب طال .. هل ستستطيع السيطرة على دقات قلبها حين يعود ذلك الذي امتلك القلب منذ سنوات ولم يدخله احد بعده .. هل ستستمر في ترديد عبارات القسوة وعدم الغفران ام ان طبول القلب ستقرع احتفالاً برجوعه وقربه وستسامحه حتى قبل ان يطلب السماح
///////////////////////
تقف بذلك المطبخ وعقلها شارد بزوجها العزيز الذي تغيرت طريقته منذ تلك الحادثة التي حدثت منذ اكثر من اسبوعين .. ابتعد .. جعل مسافة قاسية بينهم ولا تفهم سبب ذلك .. تتذكر اخر حوار دار بينهم في بعد عودتهم سالمين للمنزل بيومين فقط حين بدأ كل منهم يسترد عافيته من جديد لتقرر هي اخباره بكل شئ فمن حقه ان يعرف
*فلاش باك*
يجلس بصمت على الكرسي بجانب سريرها بغرفتها ويستمع فقط لها وهي تحكي له كل شئ عن ذلك المدعو امجد .. حكت له كيف تعرفت عليه في جامعتها وكيف حاول التقرب منها وكانت دائماً تصده .. حكت كيف تقدم لها وكيف اقنعها والدها بإعطاءه فرصة عساها تشعر بشئ تجاهه لتوافق على مضض .. حكت له كيف اعتراها القلق حين وجدت انه بمجرد تخرجه استطاع فتح شركة خاصة بتصدير واستيراد الادوية من الخارج حيث انه قد تخرج من كلية الصيدلة .. حكت كيف كبرت شركته بوقت قصير جعل الشك يزيد بداخلها .. حكت كيف قدم إليها احد الرجال مستندات قضية تهريب أدوية مُسرطنة ومنتهية الصلاحية وممنوع تداولها في الدول العربية لتُصعق حين اكتشفت ان الشركة المستوردة لها هي نفسها شركة خطيبها الذي كان يُلح على تقديم موعد الزواج .. حكت كيف تكلمت مع والدها بذلك الموضوع وحكت كيف تكلم والدها مع امجد الذي انكر كل شئ ولكنها قرأت كذبه بكل ذرة من كيانه لتقرر فسخ خطوبتها منه وتقديم الاوراق للنيابة .. حكت كيف افرجت النيابة عن امجد بعدما استعان بأحد المحامين العمالقة الذي تلاعب بالمستندات المُقدمة لتغلق القضية لعدم كفاية الأدلة .. حكت مطاردات هذا الحقير لها ومحاولاته لإستعادتها مرة اخرى .. حكت كل شئ حتى انهارت من البكاء امامه حين وصلت لذلك اليوم الذي سُلبت منها روحها بموت سندها وظهرها وحاميها الوحيد .. دموعها المنسابة من عينيها جعلت قلبه يُعتصر بقوة .. اخذت نفساً عميقاً لتُكمل
إيمان(بنبرة حزينة): لما بابا مات حسيت اني انكسرت .. حسيت اني بقيت ضعيفة .. حسيت ان اي حبة هوا ممكن يطيروني وانا لا حول ليا ولا قوة .. بعد موت بابا بشهر واحد لاقيته جاي البيت وبيقولي انه عايزني ارجعله ونتجوز على طول .. فضل يحكي عن فرحنا هيبقى عامل ازاي وشهر عسلنا هيكون فين وانا ببصله ومذهولة من اللي بيقوله .. بدل ما يقف جنبي في ضعفي دا كان عايز..
صمتت إيمان وصمت زين رغم ذلك الضجيج الذي اعتراه .. يريد ان يرى ذلك الحقير حتى يُحطم وجهه بقبضته .. ربما وقتها ستهدأ براكين الغيرة المتفجرة بصدره .. اخذت إيمان نفساً ثانياً لتردف
إيمان(بعيون شاردة): رفضت وطردته من البيت وقتها شال القناع اللي كان على وشه وظهر على حقيقته .. قالي انه مش هيسيبني في حالي وقال انه هيفضل ينطلي في كل مكان .. مش بس كدا دا قالهالي صريحة اني انسى حكاية القضية خالص ومافكرش افتحها تاني .. لو كان بابا معايا كان الخوف مش هيعرف طريق لقلبي بس هو ماكانش  موجود .. كلام امجد خلاني اخاف على نفسي وعلى ماما وخصوصاً ان الراجل اللي جابلي المستندات اختفى من بعد القضية فتوقعت انهم عرفوه واتخلصوا منه .. فات شهرين وانا حابسة نفسي في البيت ومش بنزل مكتبي خالص ولا بمسك اي قضية .. ماكانش  جوايا طاقة ادافع عن حد وانا حتى مش قادرة ادافع عن نفسي .. عمو مراد وعمو اكرم حاولوا يخرجوني من دوامة الحزن دي .. بقوا يجوا يزورونا مع ولادهم ويخلوا ماما تاخدني ونروحلهم ويتكلموا ويهزروا معايا .. كانوا عايزين يملوا الفراغ اللي بابا سابه بس محدش قدر .. خالوا كمان حاول كتير معايا وبقى بيزورنا كتير ويقعد معايا اكتر .. بعد شهرين تانيين قدرت ارجع شوية لحياتي .. رجعت انزل شغلي من تاني بس ماكنتش مركزة خالص .. اول قضية مسكتها لما رجعت خسرتها .. القضية الوحيدة اللي خسرتها في حياتي .. ماكسرنيش اني خسرتها قد ما كسرني نظرة عين اللي كنت بدافع عنه وهو مخذول فيا وصريخه انه مظلوم ومنظر مراته وولاده ودموعهم كل دا كان بيدبحني .. لأول مرة افشل اني اجيب حق مظلوم .. عملت استئناف للقضية واديتها لواحد محامي زميلي شاطر واتكفلت بكل تكاليف القضية علشان اكفر عن ذنبي .. مارتحتش غير لما الراجل دا طلع ورجع تاني لمراته وولاده
نظر زين لها وقد لمعت عيونه فقلبها وطيبتها تلك تجعلانه يعشقها اكثر .. اردف بعد صمت قصير
زين: وبعدين؟
إيمان: ولا قبلين .. رجعت تاني اقعد في البيت وقررت مانزلش الشغل غير لما اتأكد اني قد الرسالة والقسم اللي اقسمت اني انفذه من اول يوم تخرج ليا ..(ارتسم الوجوم على وجهها لتردف).. فضلت على الحال دا لحد ما في يوم جالي اتصال من نفس الراجل اللي جابلي الورق .. قالي انهم كانوا شاكين في كل الموجودين في الشركة وعلشان كدا ماكانش  ينفع يكلمني وقالي ان بعد القضية هما بقوا حريصين في الصفقات اللي بتتم والشحنات اللي بقت بتيجي بقت متأمنة من ناس مهمة جداً .. ابتديت اشتغل انا وهو اننا نحط ايدنا على أدلة أكتر .. أدلة تكشفهم هما والناس اللي معاهم وكل واحد ليه يد في اللي بيحصل في الشركة دي او اي حاجة تبعها .. فضلنا على الحال دا لحد ما جمعنا مستندات كتير .. اخر مرة قابلت الراجل دا قالي انهم مراقبينه وحاسس انهم هيتتخلصوا منه .. اخدت الورق منه وروحت مكتبي علشان ادرس القضية واقدم طلب اني افتح القضية تاني بس اتصدمت لما وصلت ولاقيت المكتب بتاعي متكسر حرفياً .. ورق القضايا مترمي في كل حتة والكراسي والمكتب متكسرين 100 حتة .. ساعتها اتأكدت انهم عرفوا اللي ناوية اعمله وكانوا بيحاولوا يدوني كارت ارهاب .. فكرت ابلغ بس تلقائياً فكرت في ماما وانهم ممكن زي ما وصلوا للمكتب يوصلوا للبيت .. نزلت من المكتب وانا بجري راحوا مديني تاني كارت لما لاقيت عربية سودا ماشية ورا عربيتي وحاولت تخبطني كذا مرة .. بالعافية قدرت اهرب منهم وانا كل اللي في دماغي اني اوصل للبيت واطمن على ماما .. لما وصلت ولاقيت خالو موجود عقلي نور بالفكرة .. فكرة ان ماما تيجي هنا .. هنا هيكون اكتر مكان امان ليها .. انا ماكنتش خايفة على نفسي قد ما كنت خايفة عليها هي .. حاولت افكر ازاي انفذ دا بس لاقيت خالو بيقول ان جدو عايزنا نيجي هنا .. جزء مني كان فرحان ومش مصدق ان اللي فكرت فيه هيحصل وان ماما هتكون في امان بس جزء تاني مني كان رافض اني اجي البيت دا وأكون تحت سقف واحد مع الرجل اللي دمر حياة ابويا زمان .. حاولت اقنع ماما انها تروح لوحدها بس طبعاً مارضيتش .. خالو قالي ان جدي عايزنا احنا الاتنين .. كنت هرفض بس جالي تليفون اجبرني اوافق .. تليفون الراجل وهو بيصرخ انهم كشفوه وقدام بيته خلتني في ثانية اقوم واحضر الشنطة في دقايق واتحركت مع ماما وخالو وانا كل اللي في دماغي اني اطمن ان امي بخير وبعدها يحصل اي حاجة مايهمنش
ارتسمت ابتسامة بسيطة على شفتيها لتردف
إيمان: بس ماكنتش اعرف اني هتعلق بالبلد وبالبيت وناسه
ذُهل زين من جملتها المرافقة لنظرة عينيها التي تقول الكثير .. جملتها التي جعلت قلبه يدق بقوة بين أضلعه ليبتسم ويردف
زين(بنظرة ذات مغزى): ناسه كلهم؟
إيمان: اه كلهم
زين(بابتسامة خبيثة وهو يجلس بجانبها على السرير): كلهم كلهم يعني ولا فيه شخص معين إكده هو اللي خلاكي ماعيزاش تسافري تاني؟
هل عدنا للمشاكسة والعناد من يقولها أولاً .. ابتسمت إيمان بخجل وقد هربت الحروف منها .. بل ان ال28 حرفاً لم يكونوا ليصفوا ما تشعر به الآن
زين: بالحج يا بت عمتي
إيمان: خير يابن خالي
زين(وهو ينظر لها): لما اللي مايتسمى ديه كان حاططنا في المخزن اني حسيتك كنتي هتبكي علشاني
إيمان(وهي تخفي ابتسامتها): اكيد يعني مش ابن خالي
زين(بابتسامة خبيثة): وبوستيني كمان عشان ولد خالك بس؟
جحظت عينيها بصدمة لتردف
إيمان(بصدمة): انا بوستك؟!
زين: انتي مش حضنتي يدي وبوستيها
هربت بعينيها وهي تردف
إيمان(بارتباك وخجل): انا عايزة انام
زين(وهو ينظر لها): برضك هتهربي يا إيمان
إيمان: انا مش بهرب انا ...
زين(وهو يقترب منها): انتي ايه؟
إيمان(بتوتر من قربه): انا..
تلاقت عيونهم وتاه كل منهم في عيون الآخر .. سرت قشعريرة بجسده حين تعلقت عيناه بها ليقترب بوجهه منها وكأنه مُغيب .. كان وجهه المقابل لوجهها ونظراته التي تسكن عيناه أفضل ما يصف جملة "حين قابلتُ العيون لم أعد ادري في الهوى نصحاً" .. تدفقت الدماء لوجنتيها وتلونوا باللون الأحمر .. ثقلت انفاسهم حين داعب عبير رائحة كل منهم أنف الآخر .. كاد ان يتهور ويجعل شفتيه تقتحم شفتيها ليقطع تلك اللحظة دعاء حين فتحت الباب لتشهق بخجل وتدير وجهها مردفة
دعاء(بارتباك وهي تخفي ابتسامتها): اني اسفة .. والله العظيم كنت فاكرة إيمان جاعدة وحديها
زين(بارتباك حاول إخفاءه): احم .. تصبحوا على خير
وقف زين وتحرك مغادراً الغرفة تاركاً إيمان حرفياً تشتعل من فرط خجلها لتشد الغطاء على وجهها وتفرد جسدها على الفراش هاربة من دعاء وابتسامتها التي جعلت دقات قلبها تتواثب بارتباك وخجل
*عودة*
ارتسمت ابتسامة حزينة على شفتيها لتلك الذكرى التي كانت اخر ذكرى جميلة بينهم ففي اليوم التالي حين استيقظت اكتشفت انه سافر للقاهرة لصديق له لأمر هام حتى انه لم ينتظر حتى يفطر معهم كالمعتاد .. سافر ذلك اليوم ك زين حبيبها وزوجها الذي تنطق نظراته وأفعاله بحبه لها ولكنه عاد شخصاً بارداً في كل شئ .. شخصاً يضع الحواجز بينه وبينها ولا تفهم سبباً لذلك .. شخصاً لا تعرفه
//////////////////////////
يقف امام مرآته وهو يتطلع لإنعكاس صورته التي تُظهر ملامحه التي يسودها الحزن والجمود .. عينيه زارتها الهالات السوداء من فرط سهره وتفكيره فكيف يزور النوم عيناه وهو يتعمد دفع من يدق القلب باسمها بعيداً عنه .. يتذكر ما حدث منذ اسبوعين وزيارته لصديقه التي قلبت حياته رأساً على عقب
*فلاش باك*
يصل امام بيت صديقه معتز الراوي والذي رافقه طوال سنوات دراسته وحتى في الجامعة .. كانوا لا يفترقون حرفياً حتى حين تخرج زين من كلية التجارة استمر في زيارته لمعتز الذي دخل كلية الزراعة وتخصص في الهندسة الزراعية ليستطيع الاعتناء بأرض والده ليقرر فجأة التحويل من جامعة المنيا لجامعة القاهرة ولم يكتفي بذلك بل قرر الاستقرار بالقاهرة لتبدأ روابط اتصالهم بالانقطاع يوماً بعد الآخر حتى بات كل منهم يعرف فقط عن الآخر انه مازال على قيد الحياة .. وقف امام ذلك البيت الذي زاره به منذ سنوات وحُفر في عقله .. يدعو من قلبه ان يكون بذلك البيت ولم ينتقل او يغير عنوانه .. دق على الباب مرة وراء الآخرى ليأتيه صوت جعله يبتسم .. صوت الرفيق الغائب .. فُتح الباب ليُرسم الذهول على وجه معتز الذي يرى رفيقه بعد سنوات من البعاد والفراق
زين(بابتسامة): هتفضل واجف مذهول إكدة ولا هتجولي أتفضل
بدون اي كلمة ارتمى معتز بأحضان زين مربتاً على ظهره بفرحة صادقة
معتز(بفرحة وضحت بصوته): اني مش مصدج نفسي .. حاسس اني بحلم يا ولد المنياوي
زين(وهو يربت على ظهره): لا صدج يا ولد الراوي مش المثل بيجول مسير الحي يتلاجى
معتز(بابتسامة وهو ينظر له): ادخل .. ادخل يا زين
ابتسم زين وتقدم للداخل ليتحرك مع معتز لغرفة المعيشة ويجلس امام ذلك الذي لمعت عيناه بفرحة وهو يردف
معتز: اتوحشتك يا صاحبي
زين(بلوم خفيف): لو كنت اتوحشتني صوح كنت چيت البلد زرتني ولا حتى رفعت سماعة التلافون طول ال4 سنين اللي فاتوا وكلمتني
اختفت ابتسامة معتز تدريجياً ليردف
معتز: معلش يا زين حجك عليا بس انت عارف الدنيا مشاغل
زين: واني مستعد اسامحك بس بشرط
معتز(باستغراب): شرط ايه عاد؟
زين: ترچع معايا عالبلد
صدم معتز من طلب زين .. يرجع؟! .. يرجع لتلك البلد التي هرب منها حتى لا يتألم قلبه .. يرجع لعيون اشتاق لرؤيتها
زين(وهو يلاحظ شروده): روحت فين عاد؟!
معتز(بانتباه): ها .. لا معاك بس..
زين(مُقاطعاً): مابسش اني ماهجبلش اعتراض واصل .. اني من الاساس ماعارفش ايه اللي چابك إهنيه بس دلوكت اني محتاچك معايا
نبرة زين واعترافه بأنه بحاجته جعلت معتز ينظر له بجدية ليردف
معتز: محتاچني في ايه عاد؟
حكى زين لمعتز عن معاناته مع مشروع الارضي الزراعية التي كان ممدوح مسؤولاً عنه وكيف توقف كل شئ بعد طلاق ممدوح ودعاء .. اخباره انه يحتاجه ليُتمم المشاريع ولا يخسر اكثر مما خسر ولكن كل ما انتبه إليه هذا الجالس امامه ان من عشق عيونها ودق قلبه لطلتها اصبحت حرة
زين(وهو ينظر له): جولت ايه يا معتز .. معتز .. يا معتز
معتز(بانتباه من شروده): ها .. ايوة يا زين معاك
زين: معايا ايه عاد دا انت سرحان
معتز: لا لا معاك .. بص يا زين اني ..
قطع كلامه صوت بكاء طفل ليردف زين باستغراب
زين: ايه الصوت ديه؟!
معتز(بابتسامة بسيطة): ديه صوت بدر .. ثانية واحدة
تحرك معتز بلهفة ليعود بعد دقائق وهو يحمل على ذراعه طفلاً لا يليق اسمه إلا به .. اسمه بدر وهو بدر بالفعل .. عيونه الواسعة ووجهه المستدير الابيض وشفتيه الصغيرتين بلونهن الوردي الجميل جعلوه قابلاً للأكل حرفياً
زين(بعيون تلمع وهو ينظر لبدر): بسم الله ما شاء الله .. الله اكبر .. مين الچميل ديه؟
معتز(بابتسامة وهو ينظر لهذا الصغير): ديه بدر ولدي
زين(بذهول): ولدك؟! انت اتچوزت ميتى؟!
معتز: من سنتين
زين(بعتاب ولوم): ومافكرتش تعزم صاحبك
معتز: اني ماعزمتش حد اصلا .. اني وياسمين كتبنا الكتاب في البيت اهنيه وخلاص
زين: اسمها ياسمين؟
معتز(وهو يهز رأسه): ايوة .. كانت بنت حلال
زين: كانت؟! هي..
معتز: الله يرحمها
نظر زين بملامح حزينة لذلك الطفل الذي حُرم من عطف والدته في هذا السن الصغير .. مد زين يده لمعتز وأخذ بدر بين يديه ليحتضنه بحنان وهو يربت على ذراع معتز
زين: البجية في حياتك
معتز: حياتك الباجية
زين: طب ومافكرتش تتچوز تاني على الاجل عشان العيل الصغير ديه
معتز: صعب تلاجي واحدة ترضى تربي عيل مش ولدها واني ماعيزش اچيب لبدر واحدة تجسى عليه وماتراعيش ربنا فيه
زين: طب و مين بياخد باله منيه ومنك
معتز: اني باخد بالي منيه ومن نفسي وكمان فرح بصراحة مش مخليانا محتاجين حاجة واصل
زين(بابتسامة): ياااه فرح .. دا اني اخر مرة شوفتها كانت بت 15 سنة
معتز: ما امها الله يسامحها خدتها وسابت البلد زمان لما اتطلجت من ابوي ومن ساعتها انجطعت اخبارهم , عشان إكده اول ما نزلت إهنيه فضلت ادور عليهم لحد ما عطرت فيهم وبجيت راجلهم وأهي دلوكت ما شاء الله اتجوزت وخلفت كمان
زين: ما شاء الله .. خلاص طالما اتطمنت على خيتك يبجى تچيب وبدر وترچعوا البلد
معتز: يا زين..
زين(مًقاطعاً بهدوء): مافيهاش كلام يا معتز .. يلا اني لازمن امشي دلوكيت بس هستناك تكلمني وتجولي انك عالمحطة في البلد عشان اچي اچيبك بنفسي
صمت معتز ولم يجيب وقد وقع في حيرة بين قلبه الذي يهلل فرحاً انه سيعود مرة اخرى لعيون فاتنته وبين عقله الذي يمنعه بحجة ان السنوات غيرتهم كثيراً .. بالتأكيد هي أيضاً تغيرت .. حتى وإن كان مازال قلبه يدق باسمها فهل قلبها سيسمع قلبه .. وحتى إن سمعه هل سترضى به وهو الآن لم يعد بمفرده بل اصبح معه ابنه الذي هو جزء من روحه .. ماذا سيحدث .. فرد معتز ذراعيه ليأخذ بدر من زين حين وصلوا لباب المنزل ليودعه زين بابتسامة بسيطة ويتحرك ليخرج من المنزل وتبدأ معالم وجهه بالتجهم .. كان يحاول بقوة ألا يُظهر تعبه امام معتز كما يحاول ان يفعل دائماً طالما هو بداخل السرايا .. يدعي القوة ليظهر ألمه حين يغلق باب غرفته عليه فيقبض بقوة على صدره الذي يُحس بمسمار يدق به بقوة .. حاول أخذ انفاسه عدة مرات مثلما كان يفعل طوال الفترة السابقة عسى ذلك الألم يختفي ولكن هيهات فتلك المرة الألم أقوى .. وصل للشارع الرئيسي وكاد بإخراج مفتاح سيارته ليشعر بصداع قوي يدق في رأسه متزامناً مع الألم الذي ينحر صدره ليعم السواد فجأة حوله ويسلم هو نفسه له
*عودة*
اغمض عينيه بغضب من تلك الذكرى التي لا ينفك يتذكرها .. ذكرى ذلك اليوم الذي قلب حياته رأساً على عقب وقطع اي رابطة ممكن ان تكون بينه وبين من يدق من يسكن يسار صدره باسمها .. يدق بقوة تماماً كالدق على باب غرفته الآن .. يتحرك ليفتح باب الغرفة ليجدها تقف امامه بهدوء وابتسامة جعلت آه كبيرة تسكن صدره .. صدره الذي يمنى ان يضمها بداخله الآن ولا يخرجها منه ابداً .. رسم الجمود على وجهه ليردف ببرود
زين(بجمود): خير؟
إيمان(بابتسامة بسيطة): انا .. عملت الشاي بلبن و قولت اعملك معايا
زين(وهو يتحرك من امامها ببرود): ماطلبتش منيكي حاجة
إيمان(وهي تدخل وراءه): ما انا عارفة انك ماطلبتش بس احنا متعودين نشرب الصبح شاي بلبن سوا
زين(ببرود): لاه ديه كان زمان خلاص كل حاجة ترجع لأصلها
إيمان(بغيظ من طريقته): انت بتتكلم كدا ليه ما تكلمني عدل
زين(بحدة وهو يُطيح بأكواب الشيح من يدها): هو انتي هتعلميني اتحدت كيف عاد؟!!
إيمان(بغضب وصدمة): ايه الجنان دا؟!
زين(وهو يرفع سبابته بتحذير): احترمي نفسك يا بت عمتي وبلاش لسانك يوغلوط
إيمان(بذهول من طريقته وهي تنظر له): انت بتعمل كدا ليه؟!
زين(بجمود وهو يتحرك مبتعداً عنها): بعمل ايه عاد , بجولك ماعايزش منيكي حاجة و ياريت بعد إكده ماتتدخليش في اللي مالكيش فيه
إيمان(بغيظ من اسلوبه): تمام .. عن اذنك
تحركت إيمان بغضب ولم تنتبه لقطعة الزجاج المدببة التي اخترقت نعلها الخفيف بقوة لتصرخ متأوهة وتسقط أرضاً ومعها سقط قلبه ليهرع لها بلهفة مردفاً وقد سكنت لهفته نبرة صوته
زين(بخضة): إيمان ..(ثم امسك ذراعها بلهفة مردفاً).. فيكي ايه؟
إيمان(وهي تغمض عينيها بألم): ازازة دخلت في رجلي
زين(بلهفة وخوف): وريني إكده .. حد يلبس مداس خفيف إكدة .. تعالي
وفي اقل من ثانية كان يرفعها على ذراعيه ليضعها على السرير ويتجه لحمامه ويحضر ادوات الاسعافات الأولية .. كل ذلك وهو مغيب عن لهفته وخوفه اللذان فضحوا حبه لها الذي يُكذب كل كلمة قالها منذ دقائق .. جلس امامها ورفع قدمها برفق شديد وأخذ ينظف الجرح ويُعقمه لها .. كل ذلك وهي تكتفي بالتطلع له من وسط حزنها .. يحبها إذن لماذا تلك المعاملة الجافة؟ يحبها إذن لماذا يقسو عليها وعلى نفسه .. يحبها إذن لماذا يحكم على قلبها وقلبه بالشقاء .. تأوهت إيمان حين وضع المطهر على الجرح لتشعر بيده تصبح أخف وكأنه يخاف ان يؤذيها او يؤلمها .. نظرت له وقد لمعت عيونها بالدموع وكأنها تعاتبه بعيونها قائلة
أيا من تداوي الجرح الظاهر بي
ماذا عن جرح قلبي ألن تداويه
جرحي بقلبي أنت صاحبه
فبالله عليك قل لي من غيرك سيشفيه
بقلم حورية الابداع/ حنين عماد
انتهى زين من تعقيم الجرح ولفه بالشاش الأبيض ليرفع عينيه تلقائياً ويلتقي بعينيها التي اشتاق لها .. اشتاق لكل شبر بوجهها .. اشتاق لكل نفس تتنفسه .. اشتاق لها حد الجنون .. انتبه لنفسه ليُسرع بالوقوف واجبر نفسه على رسم الجمود على وجهه من جديد ليردف
زين(بجمود): بعد إكده ابجي خلي بالك وانتي ماشية .. مانتيش عيلة صغيرة
لمعت الدموع بعينيها بقوة لتقف بدون كلمة واحدة لتذهب من امامه قبل ان تبكي امام قسوته .. قسوته التي لانت لثانية حين وجدها تغمض عينيها بقوة متألمة حين وقفت على قدمها .. كاد بالتقدم لكي يقوم بمساندتها لترفع هي يدها مردفة
إيمان(بقوة حاولت التحلي بها): شكراً مش محتاجة مساعدتك .. عن اذنك
ادار زين وجهه محاولاً التحكم بنفسه بينما تحاملت هي على نفسها وتحركت بخطوات بسيطة حتى خرجت من غرفته لتغلق عينيها بألم ولكن تلك المرة في قلبها حين استمعت لصوت صفعته للباب خلفها لتدخل هي الاخرى الغرفة وتصفع بابها بغضب يشوبه الحزن .. ارتمت على سريرها ببكاء مرير مماثل لبكاء ذلك الذي يجلس خلف باب غرفته وقد فاض الألم والحزن بقلبه لينزل على هيئة دموع من عينيه .. دموع مريرة حارقة ومتألمة .. يضغط بقوة على صدره وهو يردف
زين(بألم ودموع تغرق وجهه): غصب عني يا إيمان .. غصب عني
قالها بنبرة هامسة تحمل الكثير من الألم وكتم في قلبه الكثير من الآهات .. آهات لو أطلق سراحها لشقت الجبال من فرط قوتها .. آهات تسكن قلبه ويتردد صداها بقلب تلك القاهرية التي أدماها من أحبته .. أدماها من عشقته .. فالعشق لم يكن من مخططاتها ولكنها وقعت صريعة له وعليها الآن ان تتحمل عذابه حتى تذوق حلاوته مرة اخرى .. فالعشق كأس مُزج به المر والحلو وإن لم تتحمل مره لن تعرف ابداً حلاوته ولكن هل سيطول عذابها ام سينتهي كل ذلك عندما تعترف صراحة انها عشقت من الصعيد

كاااااااااااااااااااااات .. كفاية لحد كدا النهاردة .. إلى اللقاء في الأحداث القادمة

عشقت من الصعيد 🌴⁦♥️⁩حيث تعيش القصص. اكتشف الآن