الفصل الثالث (المتمرد!)

263 20 0
                                    

قوانين جديدة لعالم أفضل










الفصل الثالث

" المتمرد!"

أخذ يعبث بمحتويات الثلاجة غير عابئ بالمسكينة التي أطرحها أرضا منذ ساعة وأصبح المكان الذي كان نظيفا منذ قليل مغمور بالفوضى العارمة، أخرج كل قناني العصير وبدأ يتجرعه سريعا، يا الهي كم يشعر بالجوع الشديد!.
التفت أخيرا إلي تلك المسكينة التي ضربها بمسدس الوخز وتأفف بضيق كم كان يتمني لو كانت عاقلة وأعدت له وجبه منزلية منذ متى لم يتناول واحده؟!، لا يستطيع حتى أن يتذكر!.
القي بالزجاجة من يده وذهب نحوها وسحبها بوحشية وأجلسها علي كرسي وقيد يدها إلي الخلف ثم تنهد بثقل وجلس القرفصاء أمامها ورفع رأسها التي تنحني علي جنب من شعرها البني وأخذ يصفع خدها عده مرات بشدة وهو يتمتم بنفاذ صبر:_ هيا، أفيقي، لمَ كل هذه الدراما يا فتاة؟! أنها مجرد إبرة واخزة من مسدس الإبر المنومة، حتى أنها إبرة العشر دقائق ليس إلا!!.
لم تفق وأستمر هو بصفع خدها إلي أن مل!، فذهب إلي المطبخ وأتي بكوب مياه باردة وسكبه علي وجهها بحده فاستيقظت تشهق وكأنها تغرق بالمحيط تحاول جلب الهواء إلي رئتيها ثم التفتت بنظرها في كل مكان مذعورة وما إن وقع نظرها علي ذلك الكائن الهمجي همت بالصراخ علي الفور ولكنه كتم فمها قبل أن تفعل، حاولت عض يده ولكن أسنانها لم تنفذ من قفاز الجلد السميك الذي يرتدي.
وضع إصبعه علي فمه وهو راكع أمامها علي الأرض وقال بهدوء مريب
:_ هــــــوش سوف أزيح يدي فقط لو وعدتني بعدم إصدار أي صوت .. هل هذا واضح؟!.
كانت عيناها مذعورة ولم تكن تتنفس جيدا لذلك هزت رأسها برعب موافقة.
:_ فتاة عاقلة.
أزاح يده ووقف وهي تنظر له برعب علي حالها ومن ثم أخذ يحك شعرة ببلاهة ويتمتم بلا مبالاة.
:_ تعلمين كان من الغباء أن أطلب منك هذا فنحن في مزرعة ولا يوجد أي بشري حولنا أصرخِ عزيزتي كما تشائي.
قاطعت بسمته المستفزة بصراخ هستيري لكلمة واحده وبأعلى صوت لديها:_ النجــــــــــدة!!.
وضع يده علي أذنه وأخذ يستمع لصراخها وهو مستمتع وكأنها تنشد أوبرا:
Time to say goodbye (Con te partirò)
ظلت تكرر الكلمة مرارا وتكرارا إلي أن أحترق حلقها ونفذت قوتها.
زم شفتيه وهز رأسه وكأنه يقر أمر واقع
:_ أجل عزيزتي هذا هو ما سوف تجنيه من الصراخ ذهاب صوتك،
وجعد أنفه مدعي الاهتمام الزائف
:_ ولكنني نسيت أخبارك بهذا!.
اللعنة أي ورطة وضعت فيها هذه؟ لمَ لم تأتي طائرات الإنقاذ الصغيرة؟ أين دوريات الشرطة؟!!، يفترض بتلك الكلمة اللعينة تشغيل صفارات الإنذار!،عليها بتهديده والسيطرة علي الموقف كي لا يؤذيها.
بصوت مرتعش كجسدها
:_ سوف تأتي.. طائرات الاستطلاع في.. أي ثانية الآن ..و. بعد صراخي .. ال.. المنزل مليء بالأجهزة الحساسة .. الموصولة بدوريات الشرطة.. الخاصة بأوقات الطوارق والهلع!.
أرادت إعلامه ف المتمردين لا يعلمون بالأنظمة الحديثة لأنهم يختبئون بالجبال وتحت الأرض والمناطق المكفهرة ولكن الرعب وتقطع أنفاسها وهي تنطق بهذه الكلمات ذهب بمشروع السيطرة المزعوم الخاص بها أدراج الرياح!.
ضحك بشدة حتى رجع رأسه إلي الوراء وتمتم بحماسة
:_ تعجبني الثقة الخاصة بك يا فتاة، لا حقا تعجبني!، ولكن مهلا. وأرهف حسه قليلا وهو يضع يده قرب من أذنه ثم تمتم:_ لمَ لا أسمع أي أصوات اقتحام من آلات أو بشر أو كلاب حتى!!.
واستأنف ضحكاته الشريرة ثم استوقفها فجأة وهو يفك وثاقها
:_ هذا لأنه يا سيدتي الصغيرة أغلقت حساسية الخطر لديك بتفعيل وضع موسيقي صاخبة ولن تأتي أي دورية طالما أنا هنا.
قال جملته الأخيرة وهو يوقفها علي قدمها والتحذير كان يعلو في صوته بوضوح كبير.
رفع ذقنها وانحني نحوها وعيناه تبرق بوعيد كبير وتمتم بسرعة وبطريقة عجيبة في الكلام
:_ حسنا عليك بسماع الكلام وتنفيذ الأوامر إذا ما أرادت النجاة من هذه الورطة هل هذا واضح؟.
ارتعشت شفتيها
:_ أي كلام؟!!.
زمجر من بين شفتيه بحنق
:_ أي حرف يصدر من بين شفتاي فهو أمر وعليك بتنفيذه بالحال، فهمتى؟.
هزت رأسها موافقة وأنفاسها تعلو وتهبط في اضطراب جنوني
:_ والآن سوف تذهبين إلي المطبخ وتعدين الطعام من أجلي. لديك طعام لا بأس به في الثلاجة قومي بإعداده كله، وكأنني ضيف عزيز هل فهمتي؟.
هزت رأسها موافقة.
:_ هيا أمامي إلي المطبخ.
جرها من ذراعها وأخذها إلي المطبخ ولكن يدها كانت ترتعش بشدة ومحيت كل الوصفات والمقادير من رأسها أخذت تنظر إلي المكونات التي بعثرها أمامها وهي كالبلهاء لا تفكر في شيء سوي الركض من هنا أو الصراخ رغم أن هذه الأخيرة لم تنفعها بشيء سوي التهاب حلقها!.
أصبحت الدموع تسقط رغما عنها لا تعرف حقا ما عليها فعله لم تدرب أبدا علي فعل هذا، لم يتحدث أحد أمامها عن أي شيء من هذا القبيل، ما هذا الذي يحدث؟ كيف سمح العادل بحدوث هذا من الأساس؟!، يفترض بأن العالم كله مؤمن!!.
زمجر بها وهو يناولها مناديل:_ أنتِ.. لم أفعل لكي شيء أنها مجرد إبرة لا تجعليني أصعقك بالكهرباء.
هددها ملوح بمسدس الصعق، رجعت إلي الخلف مذعورة منه اللعنة عليه من أين أتي بهذه الأغراض؟!.
سألته بارتعاش:_ ما الذي ..تريد ت.. تناوله؟.
أزدرد لعابة وبدا جائع للغاية:_ أمم حسنا لا بأس بخليط البيض كبداية ويمكنك تحضير ذلك اللحم كطاجن بالفرن أو ما شابة وضعي علية الجبن وأريد حساء أيضا، هل لديك فطر طازج؟ هزت رأسها نافية وتمتمت ببؤس:_ فقط الجاف.
ضرب الطاولة بأسى:_ اللعنة علي حظي!.. حسنا حضرية وأريد الأرز أيضا وأمم .. كعك أجل أريد كعك ذلك الذي يؤكل مع الشاي.
بدأت بتحضير العجة مثلما أمرها، التهمها سريعا رغم سخونتها وظل جالس أمامها بالمطبخ إلي أن حضرت الطعام كله كما أمر وما إن سحبت اللحم من الفرن حتى وضعت قالب الكيك الذي طلبه، نظر للأكل بشهية كبيرة ولعق شفتيه مستمتع بالرائحة.
تحدث بحماسة كبيرة:_ حسنا حضري طاولة الطعام ..لكن حضريها وكأنها لضيف عزيز للغاية علي قلبك، حضريها بكل اهتمام ممكن.
نفذت الأمر ووضعت الأطباق الأنيقة والكؤوس والمناديل ومفرش الطاولة الخاص بالضيوف كل شيء علي أفضل ما يكون، يا الهي احمني من هذا المتمرد العجيب!!.
وضعت الطعام وجلس علي الطاولة وأمرها بالجلوس:_ حسنا هيا باشري بتناول طعامك واحرصي علي فتح حوار جيد يفتح شهيتي علي الطعام.
وكأن شهيته ينقصها حافز!!، جلست برعب ولم تستطع تناول أي شيء بالطبع، بينما هو كان يلتهم الطعام ويتأوه متلذذ به بشدة رهيبة وكأنه لم يتناول الطعام منذ قرن!.
استغلت انشغاله بالطعام وأخذت تتلفت علي جهازها اللوحي كي ترسل رسالة نجدة للدوريات أو حتى إلي أي من أصدقائها كي ينقذوها من ذلك الهمجي.
وهو يلوك الطعام بفمه:_ تبحثين عن هذا؟.
ولوح بالجهاز اللوحي خاصتها ثم أعاده إلي حقيبة الظهر الخاصة به والتي كانت موضوعه أرضا إلي جواره.
أغمضت عينيها بتعب شديد ما الذي يمكنها فعله؟ حاولت أن تأخذ أنفاسها بتعقل ولكن عبث لقد كانت مرتعبة بشدة كل الأشياء التي فعلتها لمدة عشرون عام كي تهدأ من روعها، جاء هذا المتمرد وأيقظها في ليلة واحده!.
زمجر بها:_ ألم أمرك بتناول طعامك والتحدث؟!.
هزت رأسها ثم تحدثت بارتباك:_ لا أعلم .. ما الذي يمكن أن أتحدث فيه؟.
:_ أي شيء تناولي الطعام وتحدثي معي وأدعي أنني صديقك، وترك طعامه ورمي ملعقته بغضب
:_ حبا بالله هل هذا بالشيء الكثير؟!!.
رفعت ملعقة الحساء إلي فمها ثم تمتمت بارتعاش:_ من أنت؟ وما الذي تريده؟.
ابتلع طعامه وأشار بيده علي أن تستمر:_ حسنا بداية جيده .. استمرى.
هبطت يدها بإحباط:_ ولكنك.. لم تجبني!.
أبتلع الحساء بسرعة:_ سوف تعلمين في الأيام القادمة.
صرخت بهلع:_ ماذا؟!!.
ابتسم بدماثة وكأنه صديق عزيز حقا:_ أجل حلوتي سوف نمضي فترة لا بأس بها سويا.
رفعت أصبعها تحذره:_ ولكن هل أنت مجنون؟!، أسمع سوف أتي معك إلي الدورية .. وسوف تسلم نفسك .. وسوف يقومون بإعادة تأهيلك وإذا ما أصبحت فرد صالح .. سوف يقومون بإعطائك حريتك وتصبح فرد صالح مثل باقي أفراد الكرة.
رفع زاوية فمه بسخرية وقال والطعام يملئ فمه
:_ يا له من عرض سخي ولكن لحسن الحظ أنا وقح بالكفاية التي تمكنني من رفضه.
ضربت الطاولة بقبضتها معترضة بشدة:- لن تنجوا أبدا وسوف يمسكون بك في نهاية المطاف.
أرتفع حاجبه ساخر:_ حقا! أتساءل لمَ لم يفعلوا منذ عشرين عام إلي الآن يا آنسة؟!!، وكفي عن تكرار كلمه سوف!.
ازداد اضطرابها وتوترها المتمردين مجرد أسطورة لقد سلم أخر المتمردين نفسه منذ عشرة أعوام تتذكر هذا جيدا لقد كان حديث الأعلام كله كان أحد رجال الأعمال الفارين الرافضين لفكرة العمل من أجل النقاط ومن أجل استلام حصة الطعام ولكنه في النهاية استسلم وسلم نفسه.
ومنذ ذلك اليوم وجميع أفراد الكرة يتعاملون مع المتمردين علي أنها أسطورة اللعنة هناك المزيد منهم!.
رفعت أصبعها تحذره:_ سوف تسقط يا هذا لن تفر بفعلتك أبدا العادل دائما يراقب وسوف يأتي أصدقائي من أجلي وسوف يُقبض عليك كن واثق من ذلك تمام الثقة. كانت تحاول إقناع نفسها بهذا الكلام قبل إقناعه هو!.
نظر إلي عينيها بمرح كبير واقترب منها
:_ حسنا يا حلوتي لم أستمتع منذ زمن ويبدوا إنني سوف أفعل اليوم، هيا لنزيح تلك الأطباق وحضري الشاي والكعك.
وقف وأخذ يزيح الأطباق معها وسط اندهاشها التام منه ومن أفعاله!، و لاحظ هو اتساع حدقتيها وتسمرها في مكانها أثناء ما كانت تراقبه فتمتم ببساطة وهو يهز كتفيه:_ عزيزتي نحن ندعي بأننا أصدقاء والأصدقاء يفعلون هذا لمَ العجب؟! هيا حضري الشاي. ولوح لها يشجعها كي تذهب إلي المطبخ
حضرت الشاي ونظف هو الأطباق وهو يصفر كان ظهره لها ويسألها عن طريقة تشغيل غسالة الأطباق تلك، بينما أمسكت هي بالسكين ولكنها لم تحتمل أبدا أن تهدده بها حتى، فقط أمسكت بها وهمت بالتراجع إلي الخلف بخطوات واهنة مرتعشة زمجر دون أن يلتفت لها حتى بصوت عال
:_ لويــــــزا.
اتسعت حدقتيها وسقط السكين من يدها علي الأرض فورا، من أين له بهذا الاسم؟!!.
التفت لها وهو يعض علي شفتيه بغيظ شديد ونظر إلي يدها المعلقة في الهواء وتقدم والتقط السكين وأعادها إلي مكانها وجرها من ذراعها وزمجر بغضب بالغ:_ ما الذي تحاولين فعله؟!.
نطقت بصعوبة شديدة والدموع تنهمر من عينيها المصدومة:_ من أين لك بهذا الاسم؟.
:_ هذا ليس من شأنك. وجرها إلي أن التصقت به ولفح وجهها بغضب:_ حضري الشاي والكعك حالا.
استمعت إلي نبرته الآمرة ولكنها علمت أنها انتهت لا محالة... .
***
فريدة:_ غريب!.
سامي:_ ما الغريب؟!.
فريدة:_ ليز لم تحضر التصويت علي ما يبدوا أراسلها ولكنها لا تجيب!.
سامي:_ علام سوف تصوتون اليوم؟.
فريدة:_ أحمر الشفاه.
هز سامي رأسه بعجب فهذا الأمر خاص بالفتيات غريب ألا تحضره!.
سامي:_ غريب فعلا، تعلمين يجب أن أقدم عرض لبنك الأفكار الخاص بالعادل علي الرجال التصويت أيضا علي أحمر الشفاه.
ضحت بشدة منه والتفتت له:_ حقا ولمَ إذا؟!.
قال بعبث وهو يضمها إلي صدره ويميل علي ثغرها الشهي:_ لأننا مَن يتذوق لا الفتيات... .
***
جلس الاثنان وتناول هو الشاي في الكوب الكلاسيكي مثلما طلب وأخذ يستلذ بالكعك ولكنه كان غاضب منها أما هي فارتشفت عده رشفات من الشاي الساخن كي تفيق وتوقف رعشة يدها وتخفف من حده البرد الذي أصاب جسدها كله بمجرد أن نطق هذا الاسم.
أخذت تسأله بانهيار:_ لمَ تفعل هذا؟ أنا لم أوذي أي أحد من قبل، أنا لا أعرف ما هو اسمك حتى، رجاء دعني وشأني.
أنزل الفنجان من فمه وقال بجديه:_ وأنا الآخر لم أوذيك،
ثم زاغت عينيه إلي السماء وتراجع في كلمته!
:_ حسنا عدي رشقي لكي بالإبرة المنومة ولكنك أنت بالأساس من دفعني لذلك لويزا العزيزة.
صرخت به فجاءه بعد أن كانت ترتعش منذ برهة:_ لا تناديني بهذا الاسم مطلقا!.
أجفل من مكانه ووضع الكوب علي الطاولة ونظر لها وهو مقتضب الجبين ثم ابتسم بمكر
:_ يبدو أن لويزا العزيزة تخفي الكثير من الأسرار.
فقدت أعصابها وصرخت به حتى انتفخت عروقها
:_ أسمي هو ليز أيها الحقير لا تناديني بهذا الاسم مطلقا!.
تأوه بشماتة كبيرة:_ أوو .. الآنسة الصغيرة تسب.. ألا تعلمين ما هي العقوبة لتلك السبة لويزا يمكنني إبلاغ الشرطة عن وقاحتك هذه.
قاطعته بعصبيه بالغة:_ حقا! أتمني أن تفعل.
تعلم أن السب ممنوع وله عقوبة ولكنها خرجت عن طورها بسبب نطق هذا الاسم أمامها.
أمسك بذراعها وجذبها بحده نحوه وزمجر من بين أسنانه:_ كم ساعة عقوبة هذه السبة ليز؟.
آلامها ذراعها بشدة فنطقت بعد مدة بوهن شديد ممزوج بخزي من وضعها المهين:_ عشر ساعات خدمه مجتمعية.
تركها فور أن نطقت وعادت هي إلي كرسيها تمسد ذراعها يا الهي لم تنتهك كراماتها منذ زمن .. منذ عشرون عام! اللعنة عليه وعلي همجية ووحشية، إنه يحيي بداخلها أشباح من الماضي أشباح لعينة تكافح بشدة كي تبقيها خارج عقلها وتطمرها بأي وسائل كانت!.
تحدث بجدية:_ حسنا الساعة بها ستون دقيقة والدقيقة بها ستون ثانية وهذا يجعل المجموع 36000 عليك بالاعتذار مني 36000 مرة هل هذا واضح؟. قال جملته الأخيرة بتحذير كبير
اتسعت حدقتيها غير مصدقة، تنهد ورفع هو ساقيه بوقاحة علي الطاولة وتناول قطعه كعك وأخذ يأكلها رغم أنها أكيدة من أنه يشعر بالامتلاء، وعادت نبرته إلي اللامبالاة والبرود
:_ حسنا ولكنني سوف أؤجل هذا الأمر قليلا، والآن أخبريني عن حياتك وما تفعلينه؟ وعن أنظمه ذلك الأبله المريض بالسيطرة.
أنقضت عليه تلوح بإصبعها بتحذير كبير:_ اسمه العادل ولا تتواقح أبدا عليه لن أسمح لك أبـــدا.
ضحك مقهقها ثم سألها باستهجان:_ أحقا هذا؟!، لا يهم تحدثي.
سألت بتردد:_ من أين لك بهذا الاسم؟!.
مط شفتيه:_ أمم سوف أخبرك ولكن سوف يتوجب عليكِ إعلامي بكل شيء بعد أن أخبرك،وانتظر برهة ونظر بداخل عيونها
:_ من ملفك الخاص.
وأخرج جهازه اللوحي ولكن كان جهاز غريب للغاية لديه خلفية سوداء كما أنه أضخم من أجهزه الكرة اللوحية فسكان الكرة بأكملها يمتلكون نفس الجهاز اللوحي الشفاف الذي يسيرون به أمور حياتهم كلها.
تركت اندهاشها من الجهاز غريب الشكل الذي يمسك به بيده وهزت رأسها غير مصدقة
:_ مستحيل لا أحد يطلع علي الملفات الخاصة بالمعالج .. لا أحد يسمح له أبدا!.
ابتسم بمكر:_ هذا صحيح ولكنني كما تعلمين لا أتقيد بالقوانين الخاصة بكم لذلك أفعل ما يحلو لي.
أصفر وجهها بشدة وسألته بارتعاش:_ وما الذي.. تعرفه أيضا.. عني؟.
تنهد ورجع إلي الخلف:_ سوف أصدقك القول لم أطلع علي الكثير قررت أن أتي وأتعرف عليك، تعلمين استخراج المعلومات منك شخصيا له مذاق خاص.
:_ من أين أتيت ولمَ كل هذا؟ أنا لا أفهم من أنت وكيف لديك تلك الأغراض والأشياء؟!.
:_ أمم دعينا لا نستبق الأحداث والآن لقد أطلعت علي القليل من الأشياء وعلمت بأنك لم تذهبي في عطله منذ زمن، لمَ يا تري؟!.
تلاحقت أنفاسها ما الذي يعلمه هذا الرجل ليتها لم تخبر أحد، يا لا الخزي و يا لا العار الذي وضعت به؟!، ولكنها كانت في التاسعة من عمرها كيف لها أن تعرف؟، أه ليز لقد انتهيت وانتهي الأمر!.
نكست رأسها وهي حزينة للغاية وأخذت تمسد صدغها بألم بالغ وتمتم هو بنفاذ صبر
:_ لمَ كل هذه الدراما؟!سوف نمضي العطلة معا وعليكِ بأن تجيبي علي أسئلتي وبعدها سوف أتركك وشأنك، هيا تحدثي.
رفعت رأسها بلهفة:_ أحقا ستفعل؟!.
هز رأسه بنفاذ صبر منها وأخرج جهازه ومن ثم بدأ بالتحدث:_ أخبريني كيف حصلتِ علي منزلك هذا؟ وما الذي يتوجب علي المرء فعله كي يعطيه المخبول خاصتك منزل؟!.
زمجرت بشدة:_ أحترم نفسك يا هذا!.
نفخ الهواء بحنق ورفع يده للسماء بدرامية:_ عذرا لك أيها المبجل، تحدثي قبل أن ينفذ صبري!.
سحبت نفس عميق وقررت أخباره بكل شيء عن نظام النقاط وكم أن الأمر سهل ولا يوجد به صعوبة خارقه عله يرجع عن ما هو فيه ويسلم نفسه إلي أول دورية.
ازدردت لعابها بصعوبة:_ لقد حصلت علي هذا المنزل بتجميع النقاط اللازمة له وقد كلفني خمسه آلاف نقطة.
:_ ومتى حصلتِ عليه؟.
:_ منذ عامان ونصف.
:_ وقبل ذلك أين كنت تعيشين؟.
:_ بمنزلين آخرين منذ الخامسة عشر وأنا أجمع النقاط وأوفرها وتجاوزت المرحلة الأولي منذ عامان ونصف وها أنا ذا هنا.
لم يكن ينظر لها كان يراقب شاشته ويعبث بها و بسبب الظلام الذي كان يُجلسها فيه كانت تري تراقص الأضواء علي وجهه، يمكنها أن تقسم بأنه يعبث بإصبعه بنظام تسجيل بيانات أو حتى استماع مثل الذي لدي معالجتها ولكن من أين له بهذه الأشياء؟ من هو يا تري؟ وكيف معه صاعق كهربي ومسدس وخز فتلك الأشياء مع دوريات الشرطة فقط ولا أحد أخر!.
سأل بروتينيه دون أن ينظر لها:_ أين هي عائلتك؟.
أصفر وجهها كثيرا ومسحت قطرات العرق التي تسللت من بين شعرها إلي جبينها:_ لا عائله لدي.
رفع رأسه لها وأعاد جهازه إلي حقيبته، ثم سأل:_ منذ متى لا عائله لديك؟.
ارتعشت شفتها كثيرا ومسحت قطرات العرق من علي وجهها بعنف "لا شأن له ليز أخبريه بما تريدينه فقط ولا شيء أخر".
تمتمت وهي تشعر بجفاف تام في حلقها:_ منذ الخامسة عشر. ولم تنظر له أبدا وتمنت سرا بأن يسأل شيء أخر ولكنه أردف
:_ مع من سكنت بعد ذلك؟.
:_  وحدي، لجأت إلي السكن المدني وطلبت بعدم منح أحد الوصاية وأصبحت تحت وصاية رئيسه مجمع السكن المدني وبعد الثامنة عشرة تحررت من الوصاية.
لوي شفتيه:_ وهل يجوز هذا حتى؟ وما هو السكن المدني وكيف كنت تصرفين هل ترك لك أهلك ميراث أم أنه العادل؟!.
تنهدت بحنق شديد منه وهي تنظر بعيدا عنه:_ لا ميراث في حكم العادل لا أحد يرث شيء.
ضحك باستهجان:_ ولمَ؟ هل يرث جلالته بدلا عنكم؟!.
كتمت غيظها بأعجوبة فهو لا ينفك عن إهانه العادل بأي طريقة.
:_ لا ميراث في حكم العادل لأنه يجب علي كل امرئ اكتساب نقاطه وطريقة عيشه من يده لا من مدخرات الآخرين، كما أنه لا أحد يأخذ أي شيء من أي كان! الأرض والمنزل يُترك ويسلم لمواطن أخر جَمع النقاط اللازمة له واستحقه أما ما يوَرث فهي الممتلكات الشخصية للمتوفى ويحق له بأن يوصي بها لمن يريد أما عن المنازل والأراضي فهي ملك للكوكب وسكان الكوكب نحن فقط نسكن بها لا نمتلكها.
ارتفعت زاوية فمه بسخرية شديدة:_ يا له من عادل!.
حنقت منه:_ إن سخرت منه مرة واحده بعد لن أجيبك عن أي شيء .. هل هذا واضح؟.
اندهشت تعابير وجهه منها بشدة ثم سألها:_ وما الذي فعلته فتاة في الخامسة عشر وحدها؟ وما وظيفة المجمع السكني هذا؟.
:_ المجمع السكني مكان عملاق يتكون من طوابق عديدة يسكن به من لا سكن لهم أو من تجاوزا الثامنة عشره ويريدون الاستقلال وبدء حياتهم لتجميع نقاطهم الخاصة، وقد لجأت له وحصلت علي شقة به وبقيت هناك حتى أتممت الواحدة والعشرون.
:_ وماذا عن دراستك؟.
:_ لم أكن جيده بالعلوم علي أي حال لذلك لم أذهب إلي الجامعة.
هز رأسه وكأنه بدأ يعي سر تفوقها:_ وهكذا اختزلتِ سنوات واستغليتها في جمع النقاط.
نفت رأيه:_ ليس الأمر هكذا! بعد أن انتهيت من الدراسة ذهبت لمركز تدريب المزارعين أنا لم أكن أحب العلوم من الأساس ومتعلقة بالزراعة فأنا أجمع النقاط منذ أن كنت بالعاشرة من الحصاد والزراعة.
ضحك بشدة ساخرا:_ ألم يسمع العادل خاصتك بقانون عماله الأطفال؟!!.
حنقت ليز منه:_ العادل لم يظلم أحد.. لقد كانت أعمال بسيطة وصغيرة وكنت أحب أن أمارسها وكل النقاط التي حصلت عليها لم يأخذها أحد مني الأمر لم يكن مثل استغلال الأطفال في عهد ما قبل العادل، أنا من كان يبحث عن العمل ويسجل نفسه وهكذا كان لدي مخزون جيدا جدا من النقاط علي مر السنون.
:_ وماذا عن طعامك وملابسك وتعليمك؟.
:_ لم أدفع نقطه واحده في أي من هذا لقد تكفل العادل بطعامي واستلمت حصتي من الملابس كاملة وتعليمي وأغراضي التعليمية أيضا إلي أن أتممت الثامنة عشرة بدأت بدفع النقاط.
وصمتت تماما لن تخبره لمَ أعطها العادل كل هذه النقاط علي مر السنون لن تسمح له بالشفقة أو السخرية منها، ورغم ذلك لم تعجبها اللمعة التي برقت في عينة وكأنه فهم شيء.
:_ وأنتِ ما هي مرحلتك؟.
:- أنا في المرحلة الثانية.
هز رأسه باستحسان:_ فتاة مجده أراهن انك اتخذتِ لشيخوختك ما لا يقل عن خمسه آلاف نقطه.
واقترب منها وسأل وابتسامة ماكرة علي شفتيه:_ هيا ليز أصدقيني القول ما هي نقاطك؟.
تنهدت بشدة ذلك الوغد يتدخل فيما لا يعنيه والتفتت بوجهها بعيدا عنه
:_ هذا الشأن لا يعنيك.
رفع قدميه وحذائه القذر علي طاوله الشاي خاصتها وتمتم بلؤم
:_ حسنا سوف أتفقد ملفك. وهم بجلب الجهاز من حقيبته
فنطقت بسرعة قبل أن تصل يده إلي الحقيبة:_ خمسه آلاف وعشرون نقطة.
ضحك بشدة حتى أنه أخذ يسعل:_ هل أنت بلهاء يا فتاة؟، هل جميعكم بلهاء في العالم أم ماذا؟!!، أي منطق يفرض عليكم اكتناز النقاط منذ العشرين من أجل شيخوختك وتقاعدك بعد الستين؟!!!، يفترض بك الخروج والجموح وارتكاب الحماقات الآن لا المكوس بالمنزل ومراقبة النقاط!!.
كان مستنكر بشدة لهذا الوضع الذي من وجه نظره كان ضياع لعمرها الصغير، أما بالنسبة ل ليز كان هذا الشيء يجلب لها الأمان .. بل الكثير الكثير من الأمان.
أرتعش صوتها:_ هذا الشيء للأشخاص عديمي المسؤولية أمثالك.
اندهشت تعابير وجهه بوقاحة:_ أو!! ليز الصغيرة تتواقح علي، تري ما هي فرص حدوث ذلك في هذا العالم؟ أراهن أنك من ذلك النوع المطيع الهادئ.
ثم قفز أمامها فجاءه وتبدلت نبرته إلي الجدية المخيفة:_ أراهن أنك تخفين الكثير من الأسرار ليز ولكني سوف أعلمها كلها سر وراء الأخر تذكري كلامي هذا جيدا.
ارتفعت أنفاسها وأشاحت بوجهها بعيدا عنه فهي لا تطيق اقترابه هذا أبدا يذكرها بأشياء لعينة أغمضت عينها وأخذت تدعو الله سرا بأن يعثر عليها أحد ما.
***
:_ لوسي أهداي، لوسي هذا كثير لقد تناولت طعامك وأخذتِ نزهتك صباحا ماذا الآن؟!.
كانت هذه السيدة إليزابيث التي تضع شال أبيض علي ملابس نومها الخفيفة وتصيح علي لوسي التي تنبح نباح هستيري وتزمجر تريد الفكاك من السلسلة، لم تكن السيدة إليزابيث تخشي ضياعها فالطوق خاصتها متصل بالجهاز اللوحي ويحدد موقع الكلبة أينما كانت ولكن المشكلة أن لوسي لو فرت من هنا سوف تذهب إلي سامي وهو يكره الكلاب بشدة، أخبرتها فريدة بأنه في صغره عضة أحد الكلاب وهذا الأمر كان يعالج قديما بالكثير من الإبر وسامي يكره الإبر، حاولت تهدئتها ولكن الكلبة كان نباحها هستيري ليس مثل كل مرة!!.
***
أخذ يدور في الشقة ويعبث بأغراضها هنا وهناك ويتفحصها بعد أن أرتدي قفازة
:_ أين جهاز الموسيقي خاصتك؟، دعينا نسمع شيء لطيف في هذه الأمسية الجميلة.
أشارت بتردد إلي جهاز معدني أبيض أنيق وموضوع علي رف بالحائط توجه نحو الجهاز الذي أشارت له والذي كان يشبه إلي حد كبير الهواتف النقالة الذكية في عصر ما قبل العادل، نظر له لبرهة ثم أشار لها:_ هيا ليز أريني لمستك السحرية.
وقفت واتجهت إلي الجهاز بخطاها المرتعشة ومررت يدها من فوق الجهاز بمسافة خمسه سنتيمترات تقريبا فانبثقت شاشة في الهواء ذكرته بالحواسيب قديما بسبب قائمة الاختيارات فنقرت بإصبعها علي الشاشة المنبثقة واختارت موسيقي.
ابتسم بمرح كبير وتمتم:_ حسنا أقر أن التكنولوجيا الهائلة هذه تعجبني. وأخذ ينقر كلمة الموسيقي كي يختار شيء يسمعه ولكن الشاشة المنبثقة لم تتفاعل معه، فأشارت ليز إلي يده.
وتمتمت بصوت ميت:_ لن تتفاعل بسبب القفاز.
هز رأسه وأختار من الموسيقي ما يريد وأخذ يسمع ولكنه لم يكن مستمتع علي الإطلاق هز رأسه بخيبة أمل وتمتم
:_ ذلك العادل لم يترك شيء علي حالة لقد أفسد كل شيء حتى الأغاني والفنون.
نظرت له ليز باشمئزاز:_ عن أي فنون تتحدث أنت؟.
أخذ يعدد أنواعها علي أصابع يده
:_ الموسيقي، الأغاني، الأدب، الأعمال الفنية.. كل شيء لقد دمر ذلك النرجسي الكريه كل شيء .. كل شيء.
تحدثت ببروده شديدة:_ لم يكن هناك ما يسمي بالفنون من الأساس!.
أوقفها بإشارة تحذيريه من يده:_ لا لا أيتها الصغيرة .. أنت لا تعلمين أي شيء لقد كانت المسارح تضج بالمغنين ودور السينما عامرة بالأفلام، ومواقع التواصل أخرجت الكثير من المواهب وأتي ذلك الأبله ومنع الفنون لخمس سنوات!!، خمس سنوات لم يتم تصوير عمل سينمائي واحد بها أو أغنيه حتى!، وتعطف وتكرم علي العالم بعد أن سمح بصدور أول كتاب بعد عامان من حكمه!، يا لا البذخ المهين؟!.
صححت له:_ رواية، أول رواية سمح بصدورها بعد عامان أما عن الكتب فهو لم يمنعها مطلقا لا أحد يستطيع منع العلوم، ثم والأهم من هذا بأنني لا أبإلي إن منع صدورها إلي مالا نهاية.
اتسعت حدقتيه:_ لا أصدق مقدار الشيء القبيح الذي تم زراعة في عقلك كي تؤمنين بكل شيء يفعله هذا الوغد!!.
انتفضت من مكانها وقذفته بوسادة:_ أيها الحقير لا تتحدث عنه بالسوء أبدا.
انتفض هو الأخر وعصر ذراعها بقبضته القوية وتمتم بغيظ من خلف أسنانه:_ هل تدافعين عنه حقا ليز أم أنك مرعوبة من أن يلقي بكي في سجون المتمردين؟!.
حاولت نزع ذراعها منه وهي تصرخ:_ لست متمردة.. ولست خائفة منه .. أنا حقا لا أبالي بالفنون خاصتك التي تدافع عنها باستماتة!، لا زلت عند رأي لم يكن هناك ما يسمي بالفنون وحتى وإن كانت مهمة هكذا فهذا لأمثالك فقط .. الباحثين عن المتعة والترفيه، كان هناك أشقياء كثيرون لا يجدون كسرة خبز واحده لسد رمقهم، وتأتي أنت الآن بكل وقاحة لتحدثني عن الفنون؟، أي قانون يسمح لفرد واحد بامتلاك ملاين النقود والأشياء لمجرد أنه مشهور ومحبوب وهناك ملاين من البشر يتضورون من الجوع!، أي فن يقدمه هو وهو يري غيره في بؤس ولا يفعل شيء له؟، هل تسمي هذه بروح فنان حتى؟!.
تركها وجلس ووضع قدم فوق الأخرى:_ إذا أنت معارضة للطبقية .. لقد عملوا بجد واستحقوا تلك النقود، كما أن الناس الذين تدافعين عنهم هم من أعطوها لهم طواعية لم يجبر الفنانون أحد علي ذلك.
هزت رأسها بعصبية رافضة:_ لم يكن النظام عادل أو به ذرة من المنطق!، نخبة قليلة من العالم كله تستحوذ علي كل شيء وما يسمي بالطبقة المتوسطة غارقة بالديون والفقراء لا شيء لهم مطلقا.. .
قاطعها ملوحا:_ لا يفترض بكل شيء أن يكون عادل.
استنفرت بشدة:_ لمَ؟ لمَ لا يكون كل شيء عادل لمَ لا نعيش كلنا متساوين ؟!.
أنتفض بغضب:_ لأننا خلقنا هكذا، وأشار بإصبعه يتهم العادل.
:_ لا تنكري أن العادل خاصتك أخطأ حين فكر بأنه من الممكن أن يجعل كل البشر متساوين وكاد بأن يؤدي إلي هلاك البشرية كلها.
نفت بسخرية منه:_ لا تكن درامي هكذا لم تكن المساواة هي التي سوف تؤدي إلي هلاك البشرية بل الجهل والفقر والأمراض والاستنزاف الغير محدود لثروات الأرض وتدمير البيئة من كل ناحية.
التف نحوها يطالعها بقامته الفارعة وشعرت هي باضطراب رهيب منه ومن التفافة هذا وتراجعت نبرتها قليلا حينما سألها مرة أخرى وهو ويحني رأسه أمامها بتحدي كبير:_ لعام كامل والجميع يعمل دون حماسة أو حياة أو هدف وتراجع الإنتاج ولولا ربطه الإنتاج بالوجبة الغذائية التي يمدهم بها لهلك الإنتاج.
ازدردت ليز لعابها بعصبية فهذه إحدى نكبات حكم العادل حين سيطر علي العالم كان يريد للجميع أن يحصلوا علي نفس الشيء، ولكن أتضح أن هناك شيء في البشرية يسمي التميز والبحث عن التفوق الذاتي وعندما وجد هؤلاء الناس الذين يبحثون عن التميز أنه لم يعد هناك ضرورة لوجودهم تراجعت الأفكار وكف الناس عن إيجاد حلول خلاقة، فقلة قليلة جدا هي من تعمل من أجل البشرية والأغلبية العظمي تعمل من أجل المجد والشهرة والتميز وحب النجاح وفكرة مساواة الجميع ببعضهم البعض، الغبي مع الذكي الخير مع البخيل، الكريم  مع الجشع لم تكن حل جيد وحدث تراجع كبير في الأفكار والاختراعات والحلول الخلاقة لمواجه تحديات العالم حينها والمستقبل هو الأخر.
تراجعت نبرتها الهجومية و ابتلعت لعابها بصعوبة:_ علي الأقل هو أعترف بخطئه وأنشئ القوائم وقائمة أفضل مائة علي وجه الخصوص، ثم قائمة ترتيب الكرة التي تتيح الظهور لأكثر من خمسين ألف شخص في كل مجال حتى يتم التميز بين أعمالهم وإظهار ترتيبهم علي الكرة كلها، لم يكن هذا الشيء يحدث قبل ذلك قله قليلة فقط من كانت تتمتع بهذا، ثم أن هذا أصبح حافز كبير فيما بعد لكل من علي الكرة وأنشئها في كل المجلات، قبل عهد العادل الجميع كان يركز نظرة في اتجاه واحد كي يحصل علي الشهرة والتميز وفئة قليلة للغاية من كانت تدلف إلي قوائم أفضل مائة: مشاهير رجال الأعمال، مشاهير الفنانين والمغنيين، مشاهير الرياضة واختصروها علي الكرة!، وفي حالات قليلة جدا بعض الأدباء، أما الآن ففي كل مجال يمكن أن تظهر ويبرز أسمك في الزراعة، الصناعة، الاختراع، كل ما يفيد سكان الكوكب.
زم شفتيه باشمئزاز:_ لقد أصبحت أشياء تافهة وبلا قيمة.. التميز يعني الندرة والقلة وهو سخف من فعلته ما المتميز بأن يدلف أي شخص إلي القائمة؟!.
دافعت بقوة عن العادل:_ لقد أتاح للجميع فرصة لتبادل الأبحاث والعلوم فيما بيننا، لقد دلفت صديقتي اليوم إلي لائحة الخمسون ألف لزراعة الفطر حول الكرة.
زم شفتيه باستهجان شديد:_ وتري ما الذي فعلته كي تدلف؟ ما هذا السخف وما فائدة الفطر علي أي حال من الأحوال؟!.
تواقحت هي الأخرى وهي تختصر بيديها:_ حسنا وما فائدة مغنيات ما قبل عهد العادل سوي الرقص والتواقح وإبراز مفاتنهن للعيان، ما المتميز في هذا؟، ما الذي فعلنه مفيد للبشرية كي يحصلوا علي كل ذلك المجد وكل تلك الشهرة والأموال والثراء الفاحش والتبذير الذي لا ضرورة له، لقد عملت صديقتي طوال العام تجري الاختبارات وتحصد الفطر وتحدث من إنتاجها وأرسلت أبحاثها ونتائجها إلي القائمة كي يستفيد الجميع مما فعلته، وبالمناسبة الفطر غذاء نباتي هام مليء بالبروتينات والألياف الغذائية أي أنها تفيد سكان الكرة كلها.
تنهد المتمرد وهو يشتاق إلي تلك الأيام:_ أفتقد حقا تلك التنانير القصيرة، وتلك الأيام!.
زمجرت لنفسها بغضب ولكنه سمعها:_ أنت مجرد فاسق لعين!.
صفق كلتا يديه بشدة مستنكر:_ لا أفهم، لا أفهم حقا ما فعله بعقولكم خاصة أنتم الفتيات، ألا تفتقدين الأغاني والروايات والأفلام والعطور والملابس البهية والمثيرة وأدوات الزينة التي لا حدود ولا نهاية لها، ربما أنت أصغر من هذا ولكنني كنت أري طاولات الزينة للفتيات ممتلئة تماما بكل شيء كي يصبحن جميلات ألا تشتاقين لهذا؟، ما الذي حدث لكن بحق الجحيم؟!!.
التقطت أنفاسها بصعوبة شديدة والتفتت حولها لم يمر سوي ثلاث ساعات علي وجوده معها سوف يحضر روبرت في السادسة صباحا والآن الساعة الواحدة صباحا عليها بتطويل المدة كي لا تمضي معه أيام مثل ما يقول هذا المخبول!.
ذهبت للجلوس علي الأريكة و أخفضت بصرها أرضا:_ لن تفهم أبدا.
تحدث غير مصدق وهو يتقدم نحوها:_ جربيني ليز، أفهمني ما الذي حدث للجنس البشري بحق الجحيم كيف يقيد حرياتكم هكذا وانتم صامتون؟!.
ازدردت لعابها:_ حسنا سوف أخبرك بكل شيء وإذا كان هناك أي شيء تريد السؤال عنه يمكنك فعل ذلك وبكل بساطة فقط أسألني عن أي شيء تريد.
ضيق ما بين حاجبيه وسأل وعيونه تلمع بمكر:_ لمَ تكررين الكلام ليز؟!.
هذا الرجل ذكي للغاية لن تنفع المراوغة معه وكل دقيقة تصبح خطر أكثر عليها أغمضت عينها تفكر عليها بكسب بعض الوقت ولكن خمس ساعات ليست شيء هين مثلما يعتقد المرء خصوصا علي فتاة مثلها لا تجيد التحدث سوي مع أصدقائها فقط، أغمضت عينها تسترجع بداية هذا الحوار.
:_ حسنا سوف أخبرك بكل شيء من البداية وعن أسبابة وأنا أكيده من أنك سوف تقتنع مثلي ومثل سكان الكرة كلها، لنبدأ بالفنون مثل ما سألت أنت في البداية ولكن عليكِ سماعي بصدر رحب اتفقنا؟.
نظر لها يتفحصها بشدة وتوردت وجنتها وجلس هو الآخر بأريحية بعد أن خلع حذائه ومدد قدمه وأخرج جهازه اللوحي العجيب.
تمت بصوت جامد:_ أسمعكِ ليز كلي آذان صاغية.
:_ حسنا قبل عهد العادل كانت الأغاني علي سبيل المثال.... .

نهاية الفصل














العادل. بقلم هالة الشاعر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن