مستقبل هش؟.. أم أمان زائد عن الحد؟!
الفصل السابع
"تبديل الهوية!"
لم تنم ليلتها أبدا رغم تناولها حبه المهدئ التي أخذتها من أجل المأساة التي حدثت إلي سيزر، في الواقع اتخذتها فرصه كي تنم فهي إلي الآن تشتاق إلي السجائر رغم أنها لم تدخن واحده حقيقية منذ عشرون عام تقريبا لذلك أدعت الآسي كي تأخذ المهدئ علها تذهب سريعا في النوم.
"أه يا الهي" لقد رأت سابقا مجازر تُقترف في حق البشر دون أي وجه حق ولم يكن أحد ليتحرك!، أما الآن تم صرف حبتين مهدئتين للقطاع كله من أجل حادثة حدثت لقط، لقد أصبح البشر في غاية الضعف والهشاشة!.
يشير الطوق إلي أن لوسي بمنزل ليز في البداية سرت لأنها لم تذهب إلي سام، ولكنها تشعر بشيء غريب للغاية ولا يمكنها منع نفسها من القلق، لذلك لم تنفعها الحبة المهدئة بأي شيء، ملت من سريرها فنزلت عنه وأخذت حمامها الصباحي بالخامسة فجرا وتناولت فطورها مبكرا وتفقدت صوب الذرة الخاصة بها ووقفت تنتظر روبرت الذي أتي علي موعده بالضبط .
يبتسم بإشراق كعادته:_ يوم آخر رائع إليزابيث.
نطقت بإهمال:_ أجل أجل.
عبث وجهه البشوش علي الفور
:_ ما بك؟ هل كل شيء علي ما يرام؟!.
وسلمها الطرد خاصتها ووضعته هي علي العربة الصغيرة الممغنطة التي اتجهت بالطرد آليا إلي المنزل، وتحدثت بجمود
:_سوف أتي معك إلي منزل ليز ف لوسي هربت إلي هناك ليلا.
هز رأسه وكأنه فهم:_ هكذا إذا.. هذا هو سبب عبوسك في هذا اليوم الرائع.
ركبت معه رغم أن الركوب ممنوع مع رجل البريد ولكن السيدة إليزابيث تجاوزت الستين منذ عام ويسمح لها بالركوب مع أي أحد في الموصلات العامة عند الضرورة.
وصل روبرت إلي مزرعة ليز في دقيقتين فهي المزرعة المجاورة إلي منزل السيدة إليزابيث والناقلة فائقة السرعة علي أي حال، قطب روبرت جبينه في الحال
:_ غريب هذه أول مرة لا تكون ليز موجود عند البوابة الخارجية أتمني ألا تكون مريضة إليزابيث.
تعالت أنفاسها في اضطراب فشعورها السيئ يزيد كل دقيقة وعدم وجود ليز عند البوابة يزيد من هذا الشعور!.
تحدثت بتوتر:_ ابلغ فريدة وسام بالقدوم إلي هنا فبصمة فريدة مفعله علي البوابة الخاصة بليز.
عجب منها:_ ولمَ لا نهاتف ليز؟!.
رفعت جهازها في مواجهته
:_ أهاتفها منذ البارحة ولا يوجد رد ولم تراسلني كنت أظنها غطت في النوم بفعل المهدئ ولكن هذا لا يبشر بالخير أبدا.
قطب جبينه:_ أجل بالفعل سوف أرسل فريدة لكي الآن.
وصلت الناقلة أمام منزل فريدة وسام الذين استقبلوا روبرت بإشراق متمتين بمرح
:_ يوم آخر رائع روبرت.
:_ يوم آخر رائع لكم.
وضع سامي خضرواته علي مقدمة الشاحنة وسأل روبرت
:_ ما بك ما الخطب؟.
روبرت بقلق:_ فريدة يستحسن بك أن تذهبي الآن إلي منزل ليز لفتح البوابة إليزابيث تنتظرك.
استنكرت طلبه:_ وأين ليز ولمَ افتح البوابة وهي ليست موجودة؟.
شرح لها هياج لوسي وما حدث البارحة، وقالت هي بوجوم
:_ لم تحضر التصويت البارحة ولم ترد علي رسائلي أيضا!.
وهنا قلق روبرت فالنساء لا يفوتن التصويت أبدا خصوصا لو كان لأحمر الشفاه!
:_ لن أنتظر أكثر، وهاتف الدورية علي الفور يخبرهم باحتمال مرض صاحبة المزرعة رقم ستمائة وخمسون المدعوة ليز.
وفي الحال أنطلق سام وفريدة إلي مزرعة ليز ليجدوا السيدة إليزابيث تحدثت بملل لفريدة
:_ بعد التفكير سوف أقبل بتفعيل بصمتي لبيوتكم شباب.
فالسيدة إليزابيث رفضت تفعيل بصمتها علي منازلهم كإجراء وقائي.
فتحت فريدة الباب ودلفوا جميعا إلي حديقة ليز كل شيء بمكانه لا يبدوا أنها خرجت من المنزل اليوم والسيدة إليزابيث تشير إلي مكان وجود لوسي علي لوحها بقلق:_ لم تتحرك من البارحة أبدا وهي عند الباب تقريبا هذا غريب للغاية!.
وصلت طائرات الاستطلاع والدورية علي الفور ودلفوا مهرولين بحماسة شديدة فالعمل هنا في القطاع ثلاثة وخمسون نادر للغاية
:_ حسنا ما الخطب؟!.
قصت السيدة إليزابيث كل شيء عليهم وعن عدم تحرك الكلبة من مكانها وعدم ظهور ليز، ضربوا جرس الباب الإليكتروني وعرفوا بأنفسهم ولم ينالوا إجابة، فأخرجوا جهاز لفك الشفرة ولكن فريدة أوقفتهم
:_ لا داعي لذلك فبصمتي مفعله لديها.
وضعت إصبعها ومن ثم نظرها كي يتم تأكيد بصمة العين وأنفتح الباب، منع الرجال أي أحد من الدخول وعلي الفور علموا بأن لوسي بها خطب ما، شهقت السيدة إليزابيث عندما رأت كلبتها ملقاة علي الأرض دون حراك وأنحني أحد ضباط الدورية وأخذ عينة من دم الكلبة وقام بتحليلها بجهازه الخاص وظهر الغضب علي وجهه علي الفور
:_ أنها مخدرة بإبرة الثماني ساعات!.
وأرسل إشارة في الحال إلي الدورية معلن حالة الطوارئ وتأهب الضابطان الآخران وهم ممسكين بأسلحتهم واقتحم المنزل عشر طائرات للاستطلاع علي الفور انتشروا في كل مكان، أمسك سامي بفريدة التي هلعت بشدة علي صديقتها وارجع السيدة إليزابيث هي الأخرى ووقفوا مدهوشين تري ما الذي يحدث؟ وأين هي ليز؟!.
***
_ دلفت المعالجة أيمي إلي مكتبها وهي ممسكة بكوب القهوة خاصتها، الأيام مثل بعضها هنا حتى عملها كمعالجة بدأ يشعرها بالملل أيضا، فلا مشاكل كي تعالجها بالأساس فالجميع راضي وسعيد هنا خاصة وأنها بقطاع خاص بالمزارع ودائما ما تكون حياة المزارعين هادئة ومسالمة كثيرا .. خصوصا مزارعي عهد العادل.
عدي عده حالات قليلة للغاية وتكاد تكون مسيطرة عليها، القليل مما يعانون من بقايا آثار الحروب أو تعرضوا لتعنيف شديد في عهد ما قبل العادل، بعض النساء اللاتي فشلن في التأقلم علي عدم الإنجاب أو الذين يعانون من أمراض نفسيه وتظهر عليهم ميول نفسيه شاذة وهم قليلون أيضا وغالبا ما يتم إرسالهم إلي المصحة الخاصة بحالتهم ويظلوا هناك ثلاثة أشهر إلي أن يتحسنوا تماما مثل السيد "بيكهام" الجالس أمامها الآن والذي يقضم أظافره رغما عنه من شدة توتره.
تنحنحت بحزم فتلك الفعلة تثير حنقها كثيرا
:_ سيد بيكهام رجاء!.
أرتبك أكثر أنزل يده التي يقضمها
:_ أه أه حسنا آسف آسف .. لا أعلم ما الذي يحدث معي!، أشعر بحريق يشتعل بجسدي إلي أن أخذ الشيء الذي تقع عيني عليه ولا يمكنني التحكم بهذا .. لا يمكنني!.
أزداد توتره بشدة وقال بانكسار وارتعاش
:_ أعلم بأنني وعدتك بأن التزم كي لا ادلف إلي المصحة ولكن يبدو أن الوضع يتفاقم معي لا أريد أن أمضي خمسه سنوات من عمري بالقطب الجنوبي لأني سرقت ملعقة!، أعتقد أن الوقت حان.. حان.. كي .. كي.. أ .. .
حاول نطقها عده مرات ولكن لم يستطع أبدا، هزت المعالجة رأسها تحثه علي الحديث فأردفت هي
:_ الذهاب إلي المصحة!.
هز رأسه بخنوع موافقا وأردفت هي تطمئنه:_ حسنا سيد بيكهام وتذكر كما أخبرتك بالجلسة الماضية بأن هذا القرار هو الصالح لك ولكنني أردت أن تتخذه بنفسك وها أنت ذا أتيت وكلك إرادة لطلب العلاج لقد قطعت نصف الطريق للشفاء سيد بيكهام.
دهش بشك:_ حقا!.
هزت رأسها:_ بكل تأكيد.
تمتم بخجل بالغ:_ لا أريد لأي من عائلتي بأن تعلم.. أنا خجل للغاية أنا حتى لا أعلم لمَ أسرق هذه الأشياء التافهة والتي غالبا لا احتاجها أو لدي مثلها، أريد أن أكون مصدر فخر لأولادي كأي فرد صالح علي الكرة.
:_ أنت بالفعل كذلك سيد بيكهام ولا داعي للقلق أبدا سوف تدخل وفق برنامج خاص سوف توظفه لك المصحة كي لا يشك أي من أفراد عائلتك بشيء سوف يبدو الأمر وكأنك تأخذ تدريب جديد من أجل عملك لثلاثة أشهر لا أكثر.
:_ أنا ممتن للغاية لكي سيدتي المعالجة.
زمت شفتيها
:_ وأنا الأخرى سوف أكون ممتنة لو أعدت لي شارتي!.
أزدرد لعابة وأعادها لها بخجل شديد أما عنها فلم تلاحظه وهو يأخذها ولكنها لاحظت عندما هدأ توتره تماما رغم الحديث المستمر عن المصحة!، خرج السيد بيكهام وجلست هي بأريحيه بكرسيها تقرأ عده أخبار فلا مواعيد لديها باكرا ولكن السيد بيكهام طلبها في أمر عاجل مما أضطرها للذهاب باكرا.
وردها تنبيه سريع علي طاولة مكتبها التي هي شاشة عملها أيضا "حاله اختفاء قصري".
تمتمت بدهشة بالغة:_ اللعنة اختفاء قصري وهنا!! يبدو أنني سوف أحصل علي بعض الحماسة أخيرا!.
أرسلت رسالة:_ لمن حاله الاختفاء؟!.
:_ لصاحبة المزرعة رقم ستمائة وخمسون المدعوة ليز.
اتسعت حدقتيها:_ اللعنة ليس ليز!، هرعت إلي الخارج وركبت علي دراجة كهرومغناطيسية ذات إطاران مفرغان يولدون طاقة هائلة من حقل كهرومغناطيسي خاص بهم وفي خلال أربع دقائق وصلت إلي المزرعة الخاصة بليز، نزعت الخوذة ودلفت إلي المكان علي الفور وأدخلت بصمتها علي اللوح الخاص بالضابط المسئول بالموقع الذي حالما علم بأنها المعالجة الرئيسية بالقطاع احني رأسه بتهذيب وأخذ يمدها بالمعطيات التي توصلوا لها في الدقائق القليلة الماضية.
:_ الكلبة وجدت خلف الباب منومة بإبرة الثماني ساعات، ولا وجود لصاحبة المزرعة وتم عمل مسح جيني كامل للمكان لا يوجد أي أثر لأي شخص.
كانت فريدة تبكي بشدة علي صدر سام بعدما علمت بفقدانها لصديقتها بينما طائرة الإسعاف اصطحبت السيدة إليزابيث مع كلبتها كي تطمئن عليها.
أشارت المعالجة إلي فريدة وسام بالدخول دون لمس أي شيء رغم أن الضابط أخبرها بأنه لا يوجد أي أثر جيني لأي شخص آخر وأن بقايا الشعر الموجودة هي فقط الخاصة ب ليز.
ارتدت قفازان وهي تنظر إلي كل سنتيمتر بالشقة
:_ فريدة من فضلك أنتِ تأتي إلي هنا كل يوم تقريبا ما الغريب في الشقة؟! عليكِ ب تمالك نفسك كي نستطيع مساعدة ليز.
مسحت فريدة دموعها من أجل صديقتها وتفحصت الشقة
:_ الطاولة متسخة وغير مرتبة لا تتركها ليز هكذا أبدا.
وأشارت إلي الطاولة الصغيرة، أشارت المعالجة إلي الضباط وتم إجراء مسح آخر وظهرت آثار لتراب ورمال ولكنها من المنطقة ولا يوجد بها أي أثر جيني لإنسان، توجهت المعالجة إلي المطبخ وتفحصت كل شيء، الأمور بدت طبيعية في الوهلة الأولي ولكنها رأت سلة القمامة ممتلئة وغير مصنفة، فسألت فريدة إذا ما كانت هذه عادة ليز، ونفت فريدة بشدة
:_ أنها تقوم بتصنيف وتحليل كل النفايات علي الفور!.
أشارت إلي الضابط مرة أخرى
:_ أخبرني بخط سير ليز البارحة رجاء.
كمية النفايات الموجودة تكفي طعام لعدة أشخاص وقد بدأت الحيرة تستولي علي المعالجة
:_ سام هل البارحة كان يوم المعونة الخاص بمزرعة ليز؟.
:_ لا الغد هو يوم المعونة خاصتها.
تحدث الضابط الذي تتبع خط سير بصمة ليز البارحة
:_ أول بصمة لها بالمزرعة رقم ستمائة وتسعة وأربعون ثم الكنيسة ثم المزرعة رقم ثلاثمائة وتسعون ثم مقر المعالجة ثم المخزن العام للمؤن ثم عادت إلي منزلها.
شرحت فريدة:_ لقد مرت علينا صباحا قبل حضورها إلي القداس ثم ذهبنا سويا إلي مزرعة صديقنا مصطفي وذهبت هي باكرا من أجل موعد المعالجة ولا بد وأنها مرت علي المخزن لأن الغد هو يوم المعونة خاصتها.
هزت المعالجة رأسها وطلبت من فريق استدعته خاص بالتحاليل الجنائية بأن يحلل النفايات ويري الكمية المطلوبة من المخزن ولم تكن تشعر بأن هذا الشيء جيد علي الإطلاق فالثلاجة لا يوجد بها شيء يذكر تري كم عدد الذين دلفوا إلي هنا البارحة؟!!.
***
كانت وسائل الإعلام في عهد العادل شفافة للغاية وبما أنه منذ عامان تقريبا والأمن مستتب بشكل كبير إلي حد الملل المضجر بالنسبة لهم بالطبع!، وصل خبر اختفاء ليز إليهم بسرعة الضوء تقريبا و بسرعة الضوء أيضا كانوا بموقع الحدث!.
وقفت المراسلة من أمام مزرعة ليز التي تضج بالفوضى من طائرات استطلاع ودراجات وسيارات دوريات الشرطة وهي تتحدث بثقة وصوت عميق أمام الكاميرا الخاصة بالقناة الرئيسية لهذا القطاع.
وتحدث معها المذيع من القناة الرئيسية والقلق الحقيقي بادي علي وجهة
:_ كريمة أخبرينا من فضلك بأخر التطورات.
وقفت كريمة أمام الكاميرا دون الحاجة إلي مكبر صوت مجرد سماعة صغيرة غير مرئية معلقة بأذنها
:_ أهلا مايكل أعتذر لقولي هذا علي الهواء مباشرة ولكن الأمور غير مطمئنة علي الإطلاق لا أثر ل ليز صاحبة المزرعة والكلبة لوسي التي هرعت إليها أمس تم أطلاق إبرة الثماني ساعات عليها ويرجح الخبراء أن الخاطف أطلق نفس الإبرة علي ليز، تم استهلاك كل المؤن خاصتها والقليل من الأشياء الشخصية لها مفقودة وهي أشياء غريبة ما يكل " قطعتي صابون، وقلم الحمرة والكحل وعلبة الواقي الشمسي وخافي العيوب".
قاطعها مايكل باستغراب وهو يهز كتفيه غير مصدق
:_ هل هذا يعني أنها هربت! ولكن هذا مستحيل لمَ تفعل ذلك وكيف لها أن تعيش؟!.
كان مايكل مصدوم بينما هزت كريمة رأسها
:_ للأسف مايكل هذا السيناريو غير وارد مطلقا رغم استحالته ، "فلا أحد يمكنه الهرب في عهد العادل لن ينجوا مطلقا!" وعبثت بالجهاز اللوحي خاصتها ليتصل بالكاميرا وتبث رأيها علي الشاشات كلها
:_ هذا الرسم التوضيحي لمنزل المسكينة ليز مايكل وتدل آثار الأقدام لرجل واحد وتم تخمين طوله ووزنه الغريب في الأمر أن آثار حذائه علي السلم لنزوله فقط كما وأنه صعد إلي الطابق الثاني، وأيضا .. أعتذر من الجميع علي قول هذا علي الهواء مباشرة وأنصح الأطفال بعدم مشاهدة هذا وعلي الفتيات أيضا باجتناب سماع هذا الشيء وصمتت إلي مدة خمس ثوان وبالفعل أغلقت الأمهات التلفاز رغم تلهفهن لسماع ما حدث ل ليز ولكن خوفا علي صغارهن وتمت كريمة ودموع حقيقة في مقلتيها
:_ لقد تم تقيديها إلي نافذة غرفة النوم خاصتها مايكل والحبل الذي تم تقيدها به تم أخذه للمعمل.
صعق مايكل:_ يا الهي الرحيم!!.
أغمضت كريمة عينها قليلا تحاول أن تتماسك رغم أن الموقف صعب عليها للغاية لم تعرض شيء من قط بمثل تلك البشاعة! سحبت نفس عميق وأردفت:_ المرجح أن ليز تم اختطافها ولكن لا نعلم إلي الآن من عساه يفعل شيء بمثل تلك البشاعة مايكل والمعروف عن ليز.
وتم وضع صورة ل ليز علي الشاشة
:_ أنها فتاة طيبة تقوم بالخدمة المجتمعية منذ أن كانت بالثامنة عشرة ولم تفوتها يوما قط الجميع هنا حزين وبشدة لأجلها مايكل وعندما تعلم الخبر الآتي أعلم أن ذلك سوف يؤثر علي الكثيرين ولكن ليز هي صاحبة مزرعة النحل السعيد وقد تم إدراجها البارحة في لائحة أفضل مائة لصناع العسل الطبيعي وهي أصغر فتاة تدلف إلي تلك القائمة علي الإطلاق.
هز المذيع كريم الذي يجلس إلي جوار مايكل رأسه بأسف:_ لقد تذوقت هذا العسل فتاة مجدة مثلها تستحق صلواتنا جميعا.
هز مايكل رأسه:_ أجل بكل تأكيد.
وتكلم كريم بجدية كبيرة:_ حسنا مايكل هذا يضعنا أمام عده أسئلة هامة لقد اختطفت المسكينة من منزلها وتم اختراق البصمة مثلما يقول الخبراء، أعتذر وبشدة للسادة المشاهدين ولكن أجل للأسف هذا ما حدث، كيف أخترق الفاعل منزل ليز؟ وكيف أخذها هكذا وبكل بساطة وكيف تمكن من إيقاف كاميرات المراقبة، أليس لدي الدورية أي تخيل كريمة؟!.
:_ التخيل علي الأرجح كريم أنها تم أخذها مخدرة وإذا ما احتسبنا الوقت الذي تم تخدير الكلبة لوسي فيه كان في الثالثة صباحا وهو الوقت الذي تم فيه إغلاق باب المنزل أخر مرة أيضا والساعة الآن السابعة إلا ربع صباحا هذا يعني أن ليز أمامها مالا يقل عن ثلاث ساعات أخرى قبل أن تستيقظ.
هز مايكل رأسه لا يصدق:_ أخبار سيئة للغاية ولكني أثق وبشدة في قدرة الخبراء لدينا وبأنهم سوف يعثرون علي ليز اليوم علي الأغلب، سوف ننتظر منك كل جديد كريمة فيما يخص هذا الشأن... .
***
أخذ يربت علي مقود السيارة خاصته وهو يقودها بفرح وقد فعّل القيادة اليدوية، ذلك الأبله الذي يسمي نفسه العادل منع تفعيلها إلا في أضيق الحدود وها هو يقود بها وبسرعة جنونية أيضا، صرخ من المرح لمَ يلغي هذا النرجسي كل شيء لها علاقة بالمرح؟!، في شبابه كانت قيادة السيارات السريعة والحديثة متعه حقيقية أما الآن فكل السيارات من نفس الطراز ونفس اللون تسير علي الطاقة الشمسية مغطاة بنفس الطبقة التي تحول أشعة الشمس إلي طاقة كهربية نظيفة.
أنتهي من الصراخ بمرح وأغلق النافذة التي كانت تجعل الهواء يدلف بسرعة وقوة جنونية إلي السيارة وأعاد القيادة الإلية إلي السيارة وأخذ يلهث وهو يلتقط أنفاسه من المرح خلع نظارته وعدل من شعرة ووجهة بطريقة غريبة وتأكد من هيئته في المرآة وانتقل إلي الكرسي المجاور له ثم تحرك الكرسي الأمامي بطريقة آلية إلي الخلف وانتقل هو إلي الكرسي الخلفي إلي جوار ليز التي تغط في نوم عميق بفعل الإبرة المنومة، أخرج علبة صغيرة من حقيبته سوف يجري تعديل بسيط لنظر ليز ولبصمة يدها كي يتمكن من التجول بها كيفما يريد... .
_ ثبت رأسها وفتح كل من جفنيها ووضع ما يشبه العدسات اللاصقة بكل من عينيها ومن ثم قطرة خاصة تحتوي علي ملاين من خلايا "النانو" الصغيرة التي سوف تقوم بالعمل نيابة عنه، وتقوم بتغير بصمة العين الخاصة بليز، أما عن إصبعها فعليه بكيه كي يمحي بصماتها ويضع البصمة الجديدة.
رش مخدر موضعي و كوي الأصبع بسخان كهربي ورش المضاد الحيوي ومن ثم لصق الجلد الجديد ووضع بضع قطرات من "النانو" اللاحمة التي تستخدم في علاج الحروق فهي سوف تتكفل ببصمات ليز إلا أن كل تلك التكنولوجيا مؤقتة ولن تدوم للأبد وعليه بتنفيذ خطته في تلك المدة الزمنية المحددة.
***
تجمع كل من مصطفي وفريدة وسام والسيدة كاثرن وعده نساء أخريات وأزواجهن في مزرعة السيدة إليزابيث، التي مكثت بعيدا تمسد فروه لوسي التي تجثو علي ركبتيها وتنظر بوجوم للفراغ وتتنفس البخار من سيجارتها الإليكترونية ببطيء شديد، أما عن فريدة فكانت أكثر السيدات انهيارا لا تتصور مدي الرعب الذي تعيشه صديقتها الآن.
كان مصطفي يقف بعيدا يضم قبضته بحنق يشعر بالألم والحنق نادم بشدة لأنه لم يتحلى بالشجاعة يوما كي يتقدم لها ربما لو لم تكن وحدها الآن لمَ تربص بها هذا المجنون، ربما لو كان معها لاستطاع حمايتها من هذا الخطر ولكن كيف له أن يحذر أبدا؟ كيف لأي أحد أن يحذر يفترض بالعالم كله أن يكون مؤمن!!.
ذهب بخطوات ثقيلة إلي السيدة إليزابيث وخلفه سامي الذي القي نظرة أخيرة علي فريدة وتأكد من أنها بعيدة كفاية ولن تستطيع سماعهم، أمسك بذراع مصطفي وهز رأسه نافيا
:_ لا تفعل سوف تزيد من عذابك ليس إلا.
نفي مصطفي بغضب:_ علي بالمعرفة سوف أصاب بالجنون إن لم أعرف!.
ذهب للسيدة إليزابيث التي بدت عيناها خالية من الحياة وتوسل لها
:_ أرجوكِ أخبريني أنتِ عشتِ كثيرا قبل عهد العادل ومررتِ بالكثير أعلم أنك تعلمين كل شيء سيدة إليزابيث، لمَ خطفت ليز؟.
التفتت له وأخيرا بدأ أحدهم بالاعتراف بأن الأمور قبل عهد العادل كانت كارثية لم يعش أي من مصطفي أو فريدة أو سامي كوارث في حياتهم قبل العادل بل كانوا أطفال سعداء مع ذويهم، أما عن ليز فهي أكيدة من أنها لم يكن لها حياة عادية، بل ولم تحظي حتى بطفولة أدمية!، يظهر كل شيء في عينها حالما يتحدث أي من أصدقائها عن مواقف طفولتهم السعيدة وإذا ما سألها أحد ما عن شيء من ماضيها تعتذر
:_ آسفة لا أتذكر.
ولكن أسفها ذلك لم يمر يوما علي السيدة إليزابيث ولكنها احترمتها لأنها تقاوم وتحاول إنشاء حياة جديدة.
تمتمت بصوت خالي من الحياة:_ لن يعجبك الأمر مصطفي.
توسل أكثر:_ أنتِ تعلمين، لمَ يقوم أحدهم بخطف روح بريئة لمَ قد يفعل أحد.. خاصة بليز؟!!.
سحبت نفس عميق من سيجارها الخاص وتكلمت
:_ قديما كان يتم الخطف لعدة أسباب .. للتهديد.
قطب سامي حاجبيه وسأل
:_ كيف؟.
:_ إذا كان هناك غرض ما هام لا أستطيع الحصول عليه يمكنني خطف ابنك أو ابنتك، كي أؤثر عليك وأجعلك تتراجع عن قرارك مقابل حياة ابنتك أو ابنك.
نظر سامي ومصطفي إلي بعضهم البعض وتلاحقت أنفاسهم لقد كان العالم غابة موحشة حقا!.
:_ ونفس الأمر كان يتم عشوائيا لأبناء وذوي الأغنياء من أجل طلب الفدية أي المال ولكن .. لم يعد هناك مال الآن وليز لا عائلة لديها .. لذا... .
تنهدت بتعب شديد:_ لا يمكنني حتى تخيل الأمر، لا أهل ل ليز ولا وجود للمال أو سبب للضغط لذا ليز اختطفت لسببين لا ثالث لهم إما لممارسة أغراضه الدنيوية الحقيرة أو .. التعذيب.
صرخت فريدة وسقطت أرضا بعد أن وصل إلي أذنها آخر كلمتين... .
***
وصل جاكوب إلي مفترق طرق بين المقاطعات فدلف إلي الطريق الموجود إلي اليسار وسار بضعة كيلومترات كي يوهم الدوريات بأنه سلك الطريق الخاص بالمقاطعة 51 ومن ثم ترجل وهشم الجهاز اللوحي الخاص بليز الذي كان يحفظه بحافظة خاصة كي يحجب الإشارة عنه، ومن ثم عاد مرة أخرى إلي السيارة دون أن تطأ قدمه علي الرمال في هذه الصحراء القاحلة وعاد أدراجه وأتخذ المسلك إلي اليمين دون أي قلق من آثار الإطارات الخاصة بسيارته لأنه وبكل بساطة لا إطارات لها فهي تسير علي رصيف ممغنط كي تتنافر الأقطاب وتسير بسرعة بأقل طاقة ممكنه.
اتجه إلي مقر القطار الرئيسي في المقاطعة 50 ومن ثم قام برشق ليز بإبرة إفاقة كي تستعيد وعيها، أفاقت وهي مذعورة وحاولت الصراخ والركض ولكنه كان إلي جوارها وضع يده علي فمها وجعلها تصمت وزمجر محذرا
:_ سوف تتسببين في مقتل الكثير من الأبرياء ليز إذا ما قاومتني.
ووضع إصبعه علي فمه في إشارة تحذيرية:_ هــــوش،
ثم قيد يدها إلي الخلف وفعل القلادة الصاعقة مرة أخرى نزل من السيارة وترك الباب مفتوح وحاولت هي المقاومة أو التحرك أو الصراخ حتى طلبا للنجدة ولكن كل تلك الأشياء جعلتها تتلقي المزيد والمزيد من شرارات الصعق إلي أن خارت قواها تماما وأخذت دموعها تسيل علي كل من وجنتيها نظر لها وعلي شفتيه ابتسامة سامة وفتح غطاء لجهاز موجود بالحائط وأخذ يعبث بأسلاكه ومن ثم وضع جهاز صغير للغاية وعدل الغطاء وأعاد كل شيء كما كان مرة أخرى، هذا الرجل لا ينفك عن العبث بكل شيء ويخرب أي شيء تلمسه يداه أين هي كاميرات المراقبة؟ أين هي طائرات الاستطلاع؟ لمَ ينجو كل مرة بفعلته؟!!.
اقترب نحوها ودلف إلي السيارة وجلس إلي جوارها وتأملها بإعجاب شديد، مسح كل من وجنتيها وهو يبتسم وانكمشت ليز التي لا تستطيع فتح فمها منه ومن نظراته التي تجول بإعجاب علي وجهها، وتمتم هو بانتصار
:_ كنت محق الأزرق يليق بكِ كثيرا.
عجبت ليز منه وفغر ثغرها ببلاهة فأشار لها بأن تتحدث سحبت نفس قوي ولم تصعق
:_ أيه أزرق؟ دعني وشأني أيها المخبول!.
غير الشاشة الخاصة بجهازه اللوحي الغريب وهو يضحك ومن ثم وضعها أمام ليز التي شهقت من الهلع وأخذت تصرخ من الرعب لقد أصبحت عينيها البنية زرقاء بلون السماء!، أخذت تغلقها وتفتحها عده مرات والآن علمت لم تشعر بحرقة بسيطة كانت تظن أنها من البكاء، ولكن يبدو أن هذا الرجل فعل بها شيء ما.
غطت عينيها برعب وسألت بهلع:_ ما الذي فعلته بعيني أيها الحقير؟!.
ابتسم بمرح ساخر:_ لا تحزني هكذا حلوتي قديما كانت الفتيات يعشقن هذه الأشياء والكل أصبح يملك عيون زرقاء بمنتهي السهولة قبل أن يلغي ذلك النرجسي صنع العدسات اللاصقة، والآن أصبح لديك هوية جديدة ليز وسوف نلعب اللعبة بقواعدي.
فك قيدها وأمسك بإصبعها وسط اندهاشها الشديد وصدمتها التي لن تفق منها بسهولة ووضعه علي جهازه اللوحي وظهرت بطاقتها التعريفية بوجهها وعيونها الجديدة وشعرها البني مموج بخصلات ذهبية وخانه الاسم تحوي:_ ايفيلين بالتروس.
والعمل:_ بائعة أزهار.
مقر السكن:_ بالمقاطعة 33
والزوج به صورة خاطفها، فرغ فاها بهلع ونظرت له برعب فابتسم بشدة
:_ أجل حلوتي لقد أصبحت بهوية جديدة وأنا الآن زوجك ونحن نقضي شهر العسل خاصتنا، ابتسمي.
:_ أيها الحقير ما الذي فعلته؟ أعدني إلي منزلي دعني وشأنـــــي!.
أخذت تصرخ به وتضربه بكلتا يديها ولكنه أمسك بها بإحكام شديد وزمجر من بين أسنانه بغضب
:_ حسنا ليز لم يعد هذا اسمك الآن أنت منذ هذه اللحظة أسمك ايفيلين وبصمة عينك وإصبعك تغيرت ولديك سجل آخر تماما والآن أنتِ زوجتي بهذا السجل أي أنه لا توجد أي قوة يمكنها التفريق بيننا هذا هو قانون العادل خاصتك ونظامه الإليكتروني الذي أنشأه لحمايتكم، سوف تسيرين معي الآن بكل هدوء راسمه السعادة والتألق بعينك الجديدة متقمصة دور العروس السعيد وإلا سوف تتسببين بمقتل مائتي ألف روح علي الأقل ليز.
شهقت بهلع:_ ماذا؟!!.
هز رأسه يقر أمر واقع:_ أجل حلوتي لقد ركبت قنبلة صغيرة بالمنظم الخاص بمحطة القطار الطائر هذا وإذا ما غبتِ عن ناظري لمدة خمس ثوان فقط سوف أقوم بتفجيره.
وقام بفتح شاشة علي جهازه تحتوي علي زر أحمر كبير:_ لمسة واحده فقط ويتحول كل شيء إلي ذرات غبار متطاير.
وضعت يدها علي فمها غير مصدقة أبدا ما يفعله ومقدار الفساد الذي ينشره حوله بكل سهولة!، من أين له بكل تلك الأشياء والأغراض فالمتمردون معدمون؟!، ولمَ هي بالذات التي قرر اختطافها من مقاطعة نائية تم تعميرها منذ سبع سنوات ليس إلا؟!!.
ارتعش جسدها كله وهي تراقب المارة والأطفال الذين يسيرون في أيدي أبائهم لا يمكنها فعل هذا عليها بمنعه .. عليها بالتصدي له ولكن كيف؟!.
مسحت دموعها وابتلعت قهرها وهلعها وتمتمت بأعجوبة:_ ما الذي تريد مني فعله؟.
ارتسم علي زاوية فمه بسمة وقال بثقة لأنه أكيد من رده فعلها وقال مشددا علي الكلمات:_ الطاعة ليز.
وأخرج أدواتها للزينة:_ رتبي من هيئتك أريد منك الظهور بمظهر العروس المتألقة،
ثم أخرج عبوة رذاذ صغيرة وقام برش شعرها كي يصبح بلون الكراميل الذهبي مثل الصورة التي رأتها لقد تبدلت هيئتها تماما ولن يتعرف عليها أحد هكذا، مسحت وجهها ورتبته تماما مثل الصورة التي أراها إياها ونزل الاثنان من السيارة وقام هو بسحبها إلي صدره بحركة سريعة وقال من بين أسنانه هامسا بأذنها
:_ تذكري ليز إذا ما شك أحد ما بأمرك سوف أفجر المحطة بأكملها بلمسة واحده. وأشار إلي الشاشة الملساء لساعة يده.
هزت رأسها بخوف شديد وتمتمت برعب:_ لمَ تفعل.. هذا؟!.
نطق بثقة شديدة وهو ينظر أمامه ويجرها معه:_ كي يسقط النظام.
:_ !!!.
***
سارت معه منومة يد بيد تطالع الأخبار علي الشاشات العملاقة الموجودة بالمحطة، صورها تملئ كل الشاشات وكل المارة ينظرون لها بآسي ويتحدثون عنها كم هي مسكينة وكيف حدث هذا؟، أخذت تتفرس في وجوه الجميع وتنظر إلي أعينهم متعمدة ولكن لا ..لم يتعرف عليها أي أحد لقد أصبحت امرأة أخرى لقد حولها إلي مسخ ولم يعد أحد بإمكانه أن يتعرف عليها بتسريحة شعرها العجيبة تلك ولونه الغريب وعينها الزرقاء والزينة المتقنة التي أشرف علي وضعها، ضغط علي كف يدها الذي يمسك به وتمتم وهو يبتسم:_ كفي عن النظر إليهم لن يتعرف إليكِ أحد، وإذا ما حدث وتعرف إليكِ أحد ما، سوف أفجر المحطة كلها بلمسة واحده ليز.
كان شعرها يتدلى علي وجهها واحنت هي رأسها أرضا بشدة كي لا يراها أحد ما وينفذ هذا المجنون تهديده ضحك بشدة وقال لها وهو يضمها بذراعه وكأنها عروسة الحقيقية:_ أحسنتِ عزيزتي أعدك بقضاء عطلة رائعة.
:_ لمَ تفعل هذا لم تريد إسقاط نظام العادل؟!. سألته ببؤس وهي تنظر أرضا.
:_ إن لم أفعل هذا الآن سوف تتدمر البشرية كلها لا يمكنني الوقوف ومشاهدة الأرض تنجرف إلي حافة الهاوية.
سألته بغضب:_ أية هاوية؟ الأرض لم تكن يوما بمثل هذا الاستقرار والأمان والسلام؟!!.
رد بسرعة رد قاطع وهو يسير بمشيته السريعة:_ الأرض تنتهي.
هزت رأسها رافضة بشدة تتوسل له:_ أنت لا تري الأمور بشكل جيد سيد جاكوب حتما!، الأمور في تحسن كبير منذ أن تولي العادل الحكم، الصحة التعليم والوظائف كل شيء بخير كما لم يكن من قبل!.
لن تفهم أبدا بعقلها الساذج أي من مفاهيمه أو قناعاته والغريب هو ارتدائها قناع المدافعة عن العادل طوال الوقت!.
ذهب ناحية جهاز لسحب العصير وسحب أربع زجاجات أعطاها واحده وأخذ يتجرع هو الثلاث بسرعة لعق شفتيه تلذذا بالعصير الطازج والقي بالعبوات الفارغة في أماكنها المخصصة فهم وسط تجمع ولو راه أحد ما أو التقطته كاميرا وهو يلقي بأي شيء علي الأرض أو دون تصنيف للنفايات سوف يلقي في سجن الخدمة المجتمعية لعشرة أيام.
لم تفتح ليز زجاجاتها وكانت تسير إلي جواره وهي مخفضة رأسها وهي حزينة للغاية نظر في ساعة يده وتمتم لها
:_ لازال هناك عشر دقائق علي موعد الرحلة الخاصة بنا تعالي نستريح قليلا.
ذهبوا للجلوس علي إحدى المقاعد المنتشرة بكثرة في محطة القطار الطائر، كانت الحركة كبيرة للغاية والكل يسير بسعادة ومرح فهذه هي العطلة الأسبوعية يصطحب الآباء أطفالهم إلي المتاحف والرحلات أو زيارة أجدادهم ولأن وسائل النقل سريعة للغاية وغير مكلفة لم يكن عائق المسافات أو القارات حتى وارد في حكم العادل.
الجميع يسير بهمة ونشاط والسعادة بادية علي وجهه فالسعادة سمة العصر الآن، عدي ليز التي تقاوم كي لا تبكي أو تصرخ طلبا للمساعدة، رفع رأسها التي تنكسها وأزاح غرتها قليلا وتأمل عيونها ثم تمتم بهدوء شديد
:_ لمَ العصير مجاني ودون أي بصمات؟.
تنهدت بحزن وتكلمت كي لا تغضبه:_ انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كانت شديدة في الآونة الأخيرة والغلاف الجوي كان يتدمر والرقعة الزراعية والمساحات الخضراء عموما تتناقص بشدة لذلك تم تشجير الكثير من الشوارع والأماكن ولكن بشجار مثمرة للفاكهة كي يستفيد منها سكان الكرة علي الصعيد البيئي والغذائي ولأنه يتم زراعة مائة مليون شجرة كل شهر بشكل دوري توافرت الثمار بكثرة بعد عده سنوات، و منذ أربعة سنوات أصبح هناك فائض كبير بالثمار فتم إنشاء ثلاجات العصير وهي مجانية تماما وكل العصائر بها طبيعية مائة بالمائة كي تزود سكان الكرة بالفيتامينات والمعادن المناسبة لأجسامهم.
:_ وهل مشروع التشجير هذا مستمر إلي الآن؟.
ردت بحزن:_ أجل في الثلاثة أعوام الأخيرة أصبح يزرع مائتي مليون شجرة كل شهر ولكن أصبح هناك تنوع ولم تعد الأشجار تقتصر علي الفاكهة فقط.
تنهد جاكوب فقد هدأت ليز قليلا عندما تحدثت عن الأشجار، أخذها من يدها وإنما برفق هذه المرة وتوجه ناحية مدخل باب القطار ووضع بصمته ومن ثم وضعت ليز هي الأخرى بصمتها ورحبت بهم المضيفة كثيرا
:_ أه يا الهي لدينا عروسان مبارك لكي ايفيلين.
ضغط جاكوب علي يدها فهزت رأسها ببطيء تحي المضيفة، وتمتم جاكوب مدعي المرح
:_ أنها تخشي القطارات الطائرة توترها الفكرة بشدة.
ضمت المضيفة كفيها في تعاطف كبير
:_ أه يا عزيزتي حسنا أؤكد لكي سلامة المقطورة تماما وأن الرحلة سوف تكون سعيدة وممتعة للغاية.
رسمت بسمة تحت ضغط جاكوب علي كفها ودلف الاثنان إلي داخل المقطورة الخاصة بالسفر إلي المقاطعة رقم 356 وهلعت ليز بشدة لمَ عساه يأخذها إلي تلك المقاطعة؟ لمَ سوف يعبر بها القارة؟!!.
كان لدي ليز أكثر من سبب للتوتر فهي تكره القطارات الطائرة بحق! وراحت أنفاسها تعلو وتهبط ونظرت إلي جاكوب وتوسلت له:_ أرجوك دعني وشأني أنا أكرة القطارات الطائرة لم اركبها سوي مرتين بحياتي كلها.
كانت تلهث بأنفاسها بشدة وبدا الاصفرار علي وجهها شديد وانمحت البسمة من علي وجه جاكوب لم يعد هناك سوي ثلاث دقائق علي القطار خاصتهم وعليهم بالصعود عليه في خلال دقيقتين فقط لا غير فالقطار الطائر عبارة عن طائرة عملاقة تستطيع حمل أكثر من ستة قطارات في نفس الوقت وتحلق بهم عاليا ومن ثم تهبط بهم في عده مواقف للقطارات ولكنه حجز علي قطار مباشر نوعا ما فالطائرة العملاقة لن تتوقف سوي مرة واحدة في المقاطعة 223 وبهذا سوف يصل هو في غضون ثلاث أرباع ساعة إلي المقاطعة 356 "باريس قديما" شعر بجسد ليز يخور وتمسكت بقميصه بشدة كي لا تسقط أرضا حوطها بذراعيه وقربها منه بقوة وأخذ يربت علي وجهها كي تفق رآهم أحدي رجال الدوريات وأصبح العرق يتصبب من جبين جاكوب لشدة توتره.
جاء رجل الدوريات وسأل جاكوب
:_ ما الخطب؟ أهي بخير يمكنني طلب طائرة الإسعاف بالحال.
رسم جاكوب بسمة
:_ لا أبدا أنها متوترة بسبب القطار الطائر ليس إلا.
ضحك رجل الدورية:_ يا الهي من النساء!، حسنا أتجه يسارا إلي آخر الممر واتخذ القطار العادي يبدو أنها سوف تفقد وعيها.
ابتسم جاكوب الذي يريد إنهاء هذا الحديث سريعا
:_ أنه شهر العسل ولن نستطيع زيارة كل الأماكن التي نريد إذا اتخذنا القطار العادي سوف يضيع الوقت بالمواصلات.
لم يكن رجل الدوريات منتبه تماما إلي جاكوب بل ينظر إلي ليز التي لم تشح بعينها عن عينة ولو للحظة وأنفاسها متعالية للغاية، سأل وقد بدا منوم للحظة
:_ هل أنتِ بخير؟ هل تشعرين بالقوة الكافية لفعل هذا؟.
لعقت شفتيها وظلت صامته لفترة لقد غاص بداخل عينيها هل يعقل أنه أكتشف أنها هي ليز المخطوفة والتي تملئ صورها وأخبارها المحطة بل والعالم أجمع؟!.
ازدرت لعابها فصعقت من القلادة وعلمت أن جاكوب فعلها مرة أخرى وتذكرت القنبلة فهزت رأسها موافقة وإن كان بوهن شديد، تحدث إلي ساعة يده يخبر الرقم 7 بأن يأتي في الحال وتمتم لجاكوب
:_ رجاء لا تتحرك.
تحرك خطوتين ولم يشح بنظره عنهم ودق قلب ليز من جديد وانحني جاكوب هامسا لها بأذنها وهو يشير إلي أطفال صغار ينتظرون بمرح قدوم القطار الطائر فهم يعشقون هذه التجربة
:_ مساكين لن يتمكنوا من ركوب هذا القطار ولا أي قطار آخر بسببك ليز.
نظرت له ترجوه بعيونها الدامعة، ولكنه رفع كم سترته كي يشير إلي ساعة يده الأمر كله لمسه واحده وتنهي حياتها وحياة أكثر من مائتي ألف مسافر بهذه اللمسة اللعينة.
وصل الرقم سبعة وأعطي شيء لرجل الدورية الذي عاد لهم وأعطي ليز مشروب وردي اللون بزجاجة صغيرة شفافة وتحدث وهو ينظر إلي عينها
:_ هذا سوف يرخي أعصابك ويساعدك علي النوم أثناء الرحلة.
فقدت ليز الأمل وأنزلت رأسها أرضا وأخذ جاكوب الزجاجة منه وشكره كثيرا. وأتي القطار وسحب ليز أسفل ذراعه ينتظر رقمهم كي يدلفوا سويا كي لا يحدث أي تزاحم أو أي فوضي من أي نوع، دلفت إلي القطار واتجهوا إلي الكراسي المخصصة لهم ونظرت إلي الخلف نظرة أخيرة إلي رجل الدوريات الذي لم يشح بنظرة عنها ومن ثم اضطرت للنظر أمامها تحت ضغط جاكوب علي ذراعها.
حينما غابت عن رؤية رجل الدورية نكزه الرقم سبعة:_ ما بك؟!.
:_ لا أعلم ولكن تلك الفتاة يوجد شيء خاص بها بعينها علي وجه الخصوص لقد أسرتني.
ضحك الرقم سبعة بعبث:_ لم أري عيون بتلك الزرقة الرائعة كثيرا زوجها محظوظ للغاية.
تمتم الرجل بوجوم:_ أجل.
تحرك القطار بسرعة كي يستقر في مكانه المخصص كي تقلع به الطائرة وبعد ثلاث دقائق كانت الطائرة العملاقة تحلق في السماء حاملة ستة قطارات.
***
نهاية الفصل.

أنت تقرأ
العادل. بقلم هالة الشاعر
Khoa học viễn tưởngلم تفق وأستمر هو بصفع خدها إلي أن مل!، فذهب إلي المطبخ وأتي بكوب مياه باردة وسكبه علي وجهها بحده فاستيقظت تشهق وكأنها تغرق بالمحيط تحاول جلب الهواء إلي رئتيها ثم التفتت بنظرها في كل مكان مذعورة وما إن وقع نظرها علي ذلك الكائن الهمجي همت بالصراخ علي...