الرسالة الثامنة.

63 22 10
                                    

إلَي مَجهُول،

أتعلم ما أروع شيء في كون المرء كاتبًا؟ تلك التفاصيل التي لا يلاحظها غيره. في عالم سطحي، غير منغمس في التفاصيل. تظهر القدرة الرائعة للكاتب في الملاحظة. يلاحظ كيف حين يضحك أحدهم ترتفع يده لا إراديًا لتعدل خصلة من شعره. يلاحظ كيف حين يتحدث أحدهم علي الهاتف ينسي نفسه ويعبث لا إراديًا بأية أوراق أمامه صانعًا مراكب وضفادع قافزة. حين يمشي في شارع مضئ بألوان مبهرجة في الليل ويستطيع أن يري هذا الشخص يرقص حولك مشيرًا لكل تلك الأضواء في بهجة. حين تعلو أصوات قطرات المطر المرتطمة بالنافذة، يسرح نظره إلى ذلك المنزل البعيد ومن في داخله يشهق ثم يصرخ في فرحة كون الأمطار قد هطلت أخيرًا. وفي هدوء الصباح حين تشتم أنفه رائحة قهوة زكية لا يستطيع أن يمنع نفسه من رغبته في مشاركتها مع ذلك الشخص المهووس بالقهوة. في عالم راضٍ بالسطحية والمحادثات القصيرة عن أحوال الطقس ومباراة البارحة. يغرق هو في التفاصيل باحثًا عن أسباب اختلاف الناس، عن شخصياتهم، وما يجعلهم... هم. دعني أخبرك بأنه إن لم يستطع كاتب ما أن يقع في حب أحدهم، فسيستخدم أقصي قدراته ليقع في حب الحياة ببطء وهدوء. لأن هذا ببساطه عملنا.

لكَ وحدك،
دِيجَا.

(٢٣/٩/٢٠٢١)

Letters To Unknown | رسَائلٌ إلَي مَجهُولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن