الـبِـدايـة.

3.6K 154 23
                                    

لَقد عـوضتني القراءةُ
عَـن الأصدِقاءِ الذيِنَ لَـم يبقـوا.
عَـن الـمُـدن الـتـي لـمْ أَزُر.
عَن الطُرقاتِ التي لَم أَقطع.
لَقد أَنـرتُ زَوايـا وِحـدتـي بالـكُـتب.

و ها أنا ذا أعودُ من ذاتِ المَكان الذي لم يخذلني يومًا حامِلة كتابي الجديد و الذي قد اخترته لِيُنير لِيّ ظُلمة لياليّ و ليُؤنِسَ وَحدتي و الذي كان يَحمِلُ عنوان "التـولـبـا-صَـدِيـقُـكَ/كِ الـوحـيـد".

وَلَجتْ تِلك الفتاة ذاتَ الخامسة و العشرين ربيعًا داخلَ منزِلها التْي تَعيش فيه بمُفردها كَإرِث مِن وَالِدَيّها الراحلين."إلينا" فتاةٌ وحيدة أكمَلتْ دراسَتِها فِي الطِبِ و تَخرجتَ بتقديرِ امتيازٍ مع مرتبة الشرفْ نظراً لِتَفوقِها الذيّ يَسرْ الناظرين حيث لَطلاما كانتْ مصدر فَخرٍ لِوالديّها فَهي كانتْ ابنتهُما الوَحيدة المُتفوقة دائمًا .لمْ تَعَمْل "إلينا" إليّ الآن لسببين أوَلَهُما أن مِيعاشْ والديّها الراحلين كان يَكفْي بالفِعلِ حاجاتِها بَل أيضًا يَفيِضُ بِمِقدارٍ يَجعَلُها تَعيشُ فِي حالةٍ من الرَفاهِيةِ لَكنْها لم تَكنْ من مُحبِي البذخْ فَكانتْ تتدَخر ما يتَبَقَي مِن مالٍ لَرُبما تحتاجهُ فِي وَقت ما،و ثانيهُما أن "إلينا" تمتلك مَا يُسمي بِرهابِ البشر لِذَلكَ لا تَمتلك أياً مِن الأصدقاءِ عِوضًا عَن صَديقُها الوحيد الذي استطاعَ اقتِحامِ عُزْلَتِها و هو أمِينُ المَكتبةِ و أمِينُ قَلبِها التي تَقتني منها كُتُبِهَا.

وَضعتْ كِتابِها الجديدِ و ما كانتْ تَحتويه في يَديِها علي طاولِتِها المُستديرة دَاخِل غُرْفَتِها و ذهبت لانتقاءِ ما تُريِد من مَلابِس مَنزليِة كَيّ تغتسل، انتقتْ بِالفعلِ مَلْبَسِها المُناسب لبرودةِ الطَقس الحالية حيث قد بدأتْ السماء في ذَخِ أمْطَارِها مُعلِنةً عنْ ابتداءِ فَصلِهِا المُحبب -فصلِ الشتاء-.
بدأت بجَمْعِ كُلِ ما تَحتاج لتلجْ إليّ دَاخِلَ الحَمامِ و تُغلِق بابِه خَلْفُها لَكِنها لمْ تُلاحظْ

ذلِكَ الوميِض الأحَمر الذي سَطع من كتابِها الجديد.

𝐘𝐎𝐔𝐑 𝐓𝐔𝐋𝐏𝐀.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن