|ألفة تُنسَج|

118 27 8
                                        

أنس

أصبحنا بعد هذا النقاش نلقي على بعضنا التحية حينما نلتقي، مع أحاديثٍ خفيفة تدور بيننا في الغرفة، ولكوني مولع بفهم شخوص من حولي، اتضح لي شيئًا من شخصية كل منهم، تبينت أن نوح مصابٌ بالرهاب الإجتماعي، حيث أنه يرتبك حينما يوجه له أحدهم حديثًا ولو كان يطلب منه قلمًا، يتلعثم وهو يتحدث، وأحيانًا نتيجة لارتباكه هذا يضطرب سمعه.. فيزداد إرتباكًا.

عمير مرحٌ بطبعه، أما موسى فهو متعدي على خصوصيات الآخرين، ولكنه معجبٌ بمرسى وهذا شافعٌ له، وبالرغم من تدخل براء الطفيف، إلا أن شخصيته بدت لي مثيرةً للدراسة.

مر أول إسبوعين على النمط ذاته، ما أثار تعجبي أنني لست الوحيد من لم يعود إلى بيته في العطلات، بقى موسى ونوح معي، وهذا أشعل فيني الفضول أكثر.

«صباح الخير أيها الشباب.»

جذبني صوت من دلف إلى الصف موجهًا تحيته لنا بوجهٍ بشوش، كان الأستاذ مراد، أحد موظفي شؤون الطلبة، ومن الأقلية السلسين في تعاملهم هنا.

مررت بعيني على اللوح، يبدو أنني أضعت الكثير من الشرح بشرودي.

«أنتم دفعة مباركة، لأول مرة تُفتح أبواب تقليل الإغتراب مع بداية الإسبوع الثالث في الدراسة، هذا مبكر جدًا على غير العادة.»

تعالت الهمسات بالصف معلقين على قوله، تقليل الإغتراب.. ستسعد أمي بهذا.

«من يريد تقديم طلب فليرفع يده لأقوم بإعطائه الاستمارة التي يجب عليه إملاؤها وإعادتها لي في وقت الإستراحة.»

تحمست لمعرفة من سيقدم الطلب معي، مررت بعيني على الصف، موسى ونوح و براء!

لست متخيلًا صعوبة الأمر على نوح، اختبار رهبة البداية والأناس الجدد مرة أخرى..

لقد تخطاني الأستاذ ونسيت أن أرفع يدي، تبًا للتدخل في شؤون الآخرين.

«إذا سمحت، أريد إستمارة ولكنني شردت قليلًا.»

التفت ناحيتي مرة أخرى، وضع يده بالحقيبقة التي يحملها وأخرج ورقتين مدبستين في بعضهما.

«أرجو منك أن تزيد من تركيزك فيما بعد.»

«شكرًا لك كثيرًا.»

اومأ مبتسمًا ثم عاد ليعطي باقي الطلاب، غيره كان ليرمي حقيبته بوجهي!

بعد أن قام أغلبنا بإعادة الإستمارات مملوءة البيانات، وكان قد أوشك اليوم الدراسي على الإنتهاء، دلف أستاذ مراد إلى الصف مرة أخرى.

«أين الطالب براء عصام؟»

«أنا.»

«لمَ قدمت طلب نقل إلى مدرسة القاهرة برغم وجود بيتك وأهلك هنا بالأقصر؟»

مرسىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن