04: مَعكُـوس

1K 55 16
                                    

فَاقد الشيء لا يُعطيـه.. اكثر مقولة خاطِئة
• • • •

عِندما وضحت الصورة امام ايـاد، وما تخطط له امه ، انفجر بصوتٍ عالي يبدي اعتراضه عن الأمر بشكل قاطع "انا مش هتجوز شمس! مش على مزاجك! مش معنى ان دنيا سابتني يبقا خلاص اي وحدة تقبل بيا، ما يمكن شمس كمان ترفض ، اصل وحدة زيها عاشت في الخليج وشافت العز هتقبل بواحد زيي يوم ياخد فلوس ويوم لا ليه؟! "

كُل ذلك الحديث لم يكن وكأنه حدث، وكأن امه لم تسمع اي حرف، فهي قد جلست بأستكنان بأبتسامة غريبة ليس وكأن ابنها يصرخ بأعتراض "وهي هترفضك ليه ؟ يعني انت واحد ربنا فاتحها عليك وعندك الشقة والشُغل والدنيا ماشية، وبعدين متقلقش ابوها هيخليها توافق، فخلاص ملكش حجة"

تأفف بصوتٍ مسموع للجالسين ، يكره ان يُجبر على شيء او حتى مجرد ان يقترح عليه احدهم شيئاً ما، ذلك يجعله يكره الأمر من قبل ان يبدأ، ورُغم ان امه تعلم ذلك جيداً الا انها مازالت متمسكة بما تريد، ذلك جعله ينسحب الى غُرفته مردفاً بصوتٍ مسموع "خلاص بدام عجباكي اوي كده اتجوزيها انتي"

ذلك كان وقحاً كثيراً بالنسبة الى شاب يحادث امه التي تكبره بعشرون عاماً، لكن ذلك لم يكن ما يعنيه في لحظتها، هو معتاد على ذلك، كما انه لا احد بالمعنى الحرفي اكترث له او لمشاعره ، كُل واحد منهم يفكر في نفسه فقط، في بعض الأحيان يُفكر اياد ان امه ايضاً لا تكترث الا لنفسها ، حيث انها تريده ان يتزوج من تختارها هي، يفعل ما تريده، غير متذكرة انه شخص منفرد وله احقية اختيار اي شيء، ولكن ذلك لا يجعله يكرهها بالتأكيد، هو يكره الأفعال لا هي كشخص .

"شوفتي اخوكي وقلة ادبه!" ما ان دخل الغرفة تذمرت لأبنتها الكبرى التي تنهدت محركةً رأسها بقلة حيلة، كُل شخص منهم يرى الأمر بمنظوره، صحيح ان اسلوب امها خاطئ في اقناع اخيها الا انه بالتأكيد نابع عن خوفها عليه من كسر القلب والخاطِر مرة ثالثة، لن يستطيع تحمل ذلك، هو اضعف بكثير مما يُظهر.

"طب هتعملي ايه دلوقت؟ واضح انها قافلة معاه ومفيش طريقة نقنعه بيها" حاولت سَلمى ان تُثني امها ببعض الكلمات ولكن يبدو ان ما يجول بداخل عقل امها اكبر بكثير مما تعتقده او تعرفه ، فهي نفت برأسها غير متقبلةً حقيقة رفض ابنها "هيتجوزها، انا عارفة ايـاد كويس، عنيد وخلاص، بس انا مش هسيب عناده ينهش فقلبه كل مرة، كل مرة بقوله متروحش ويابني البنات دي متنفعكش، مبيسمعليش، المرادي .. كام شهر بس، ولا حتى كام اسبوع، وهيجي يشكرني على اختياري، لأنه عارف اني مش عايزه ليه حاجة وحشة"

تَركت الأم المكان بينما تمسح كفيها الملطخين بالزيت في اطراف جلبابها القديم، وخطواتها تتوجه الى غرفة ابنها الأكبر، لم تطرق عليه الباب بالتأكيد ، فهي تكاد تنزع الباب من مكانه لكونه لا يمثل حاجزاً بالنسبة لها، وجوده كعدمه تماماً، ولكون اياد كان لتوه عائداً من عمله فبالتأكيد كان ملقاً على بطنه بعضلات جسده المشدودة ، كان يود ان يغسل جسمه بالماء الدافئ ليهدئ حرارته ولكن لا يريد ان يخرج فيتلاقى مع امه مرة اخرى ثم تعيد فتح الموضوع بلا ملل، لكنها بالفعل اتته ، اي لا مجال ليهرب.

وسَأبقى مَعكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن