32: خِطـبة

250 19 5
                                    

الحب هو ان ترى في طريقة الف شخص ، ولا يروقك الا من احببت

• • • •

الساعة السابعة والنصف صباحاً، وضعتُ شطيرة أنس الأخيرة في حقيبة طعامه ثم علقتها على كتفه وربتُ على شعره أقوم بترتيبه ممسكة كفه لأوصله لأبيه الواقف على الباب مع الفتاتين، تحت تذمر أنس "يا امي حرام عليكي انا الولد الوحيد في المدرسة كلها الي لسه باخد لانش بوكس!"

لم أكترث حقاً لتذمره، ما شأني أن كانت الامهات كففن عن الاعتناء بأبنائهم؟ سأظل أصنع له حقيبة الطعام حتى عندما يتوظف، رفع إياد معصمه امام وجهه يتفقد الساعة "انا اتأخرت على فكرة، يلا ياض انت هتفضل تنوح كتير؟!"

تأفف أنس واقترب من ابيه وأختيه، ولم يستطع مجادلة والده، ودعتهم على عتبة الباب ثم أغلقت الباب خلفهم.

والهي.. القيت بنفسي على الأريكة بتعب، ولم استغرق ثانيتين من التفكير حتى غرقت في النوم، كنت اعتقد بكلما كبر اطفالي، كلما لن اعتني بهم، سيتحملون مسؤوليتهم بنفسهم، ولكن على من نضحك؟ اصبحت منتهى في المرحلة الثانوية، ونعيش قمة التوتر والضغط بسببها، ليس بسبب دروسها أو العجز المادي فلله الحمد نحن لا نحسب كم صرفنا حتى.

لكن منتهى لها احلام كبيرة جداً، طموحات كثيرة لدرجة أصبحتُ لا أعرف أي كلية تريد، والمشكلة أن أبيها أكثر من مرحب بذلك فهو من يشجعها على الطموح أكثر فأكثر، وكلما تمنت كلما كان أكثر فخراً بها، أخشى أن تنهار في النهاية ولا تحصل على ما تريد.

بينما ميرنا، صاحبة السمو والدلال، لا تكترث كثيراً بتعليمها بقدر أن تذهب مع عمتها رؤى للتبضع وشراء الملابس وستحضرات التجميل ، وتعيش يومها كله عند عمتها سلمى وبنتها، حتى انني لا اكاد اراها سوى في نهاية كل يوم من شدة تعلقها بأبنة أخت زوجي.

وأخيراً أنس، الذي يريد أن يصبح رجلاً بسرعه، وهو في اول صفوف المرحلة المتوسطة فقط، يشعر أنه يريد تحمل المسؤولية، يريد أن يصبح مثل والده، ولكن على من نكذب ، إياد يريده أن يصبح أفضل منه وليس مثله!

***


في الظهيرة، خرجت منتهى مع صديقتها حبيبة من بوابة المدرسة، والأبتسامة على وجهيهما، كانت منتهى تشبه شمس كثيراً ، الا انها قد اخذت القوام الممشوق من أبيها، والملامح من أمها، بردائها المدرسي وحجابها العصري ، واكسسواراتها هي التي تظهر هي ابنة من ، حيث ساعتها الذهبية وسلسالها ، وبالتأكيد لن يشتري لها أي أب هذه الأكسسوارات الباهظة سوا من يقتدر حقاً على ثمنها.

"تفتكري الامتحان الجاي هيكون بالسهولة بتاعت الاحياء انهارده؟" تسائلت حبيبة بتوتر من امتحان الفيزياء القادم، رعب الثانوية العامة، لتتنهد منتهى مومئة "يارب ننجح بس مش طالبة كتير والله"

وسَأبقى مَعكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن