08: اختِفاء

922 63 10
                                    

اختلاف الرأي لا يعني شذوذ القاعدة.

• • • •

ضغط على زر الأتصال مجدداً على امل ان يجد من يجيبه ولو بكلمة، فقط ان تُجيبه كانت تلك امنيته الوحيدة في تلك اللحظة، رُغم حيرته وغلبة موقفه الا ان الأمر قد اوشك على الأنتهاء تقريباً، ولكن اجابتها على اتصاله  قد تجعله يعيد التفكير في كل ما يفعله الآن، بدايةً من اتفاقه مع عمه الى اللحظة التي يقف بها الآن تحت بيته ينتظر من ابنته النزول لكي يَشتري اهم خطوة الآن، وهو ذَهب الخطبة.

رفع عينه من على الهاتف الذي لا يُعطيه اي اجابة مفيدة، ينظر الى البيت الذي يقف امامه بقلق، لا يعلم ان كان ما يفعله صحيحاً او لا، لكنه لا يستطيع التراجع، حاول الوصول مراراً وتكراراً الى دنيا، لكن يبدو انها تعاني وربما اكثر منه، وكُلما تذكر ما قاله ابيها له يغلي دمه، ويعزم امره بكونه سيتزوج شمس، لأنه ببساطة لا يحتاج محسن ولا ابنته.

لكن الحقيقة انه يحتاج ابنته وبشدة.

خرجت شـمس من باب منزلها بينما تقوم يديها بتعديل حجابها والتأكد من شكلها النهائي ، وقعت عينيها عليه واقفاً قريباً من باب المنزل فابتسمت بتلقائية وهي تتوجه اليه ، لكنه لم يستطع خداعها او خداع نفسه، فقط لم يستطع مبادلتها الأبتسامة، ضغط على نفسه كي لا يُظهر لها ما يدور بداخله من ضيق، وتسائل بينما يبدأ بأخذ خطواته في الشارع ليستقلا سيارة اجرة "عاملة ايه؟"

"كويسة الحمدلله، بابا باعت ليك السلام كمان" اجابته ومن عفويتها ونظرة البرائة في عينيها تلك جعلت حيرته تكبر، كُل ذلك كان بداخله وهي لا تعرف اي شيء عن ما صار له او ما يشعر به حتى، نفض اياد كل افكاره السوداوية جانباً وقرر ان يُعطيها الأهتمام الذي تستحقه ، بكونها ستصبح خطيبته قريباً ، بعد بضع ايام ان صح القول.

"الله يسلمه، هبقا اعدي عليه بكره اكون خلصت الشغل" تمتم بينما يُشير بيده لسيارة الأجرة المارة من امامهم، توقفت السيارة ليصعد اياد بجانب السائق وشمس جلست خلفه تماماً، مرت اللحظات بهدوء لم يشعر كلاهما به، وشمس تكاد تقفز من حماسها الذي لا ينتهي، فهي مُقبلة على فصل آخر من حياتها ، وستحقق شيئاً من اكثر الأشياء التي حلمت بها يوماً ما.

ستتزوج وتنجب الأطفال ، وستربيهم وتعتني بهم، وستشجع زوجها على ان يُحسن كل شيء في حياته بدايةً من المستوى المادي الى الوضع الأجتماعي، كل ذلك كان يبدو شيئاً تافهاً وغير مثيراً للشغف بالنسبة الى الكثيرين ، الا انه كان يعني لها الكثير، لم تعتقد ان يكون زوجها هو اياد في يوم ما، لكنها لم تمانع، ففكرة انه ضحى بآخر سنة دراسية له من اجل مصلحة اهله، تلك الفكرة بمفردها تعني لها الكثير، وتشرح لها الكثير عنه، وانه يحتاج من يسانده كما تحتاج هي وربما اكثر.

وسَأبقى مَعكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن