31: دُنيـا

1K 39 4
                                    

وتمشي الرياح بما يشاء خالقها.. لله هي والسفينة ورُكابها

• • • •

كيف بدأت الحكاية؟ حسناً لأعرفكم ماذا حدث في حياتي كل هذه الفترة.

الفرحة التي تعتريني الآن لا تشكل ذرة فيما شعرت به قبلاً، كُل أحلامي باتت رياحاً لمجرد أنني الآن أقف أمـام المرآة، ارتدي فستاني الوردي الناعم ، أرفع شعري القصير والذي اكتسب طولاً بسيطاً إلى الأعلى، ارتدي عقداً لؤلؤياً زاهياً والقليل جداً من مساحيق التجميل، لو يعلم يوسـف مقدار ما غير بي لكان قد تضخم غروراً بنفسه كأفخم طاووس في العالم.

نعم، تغيرت للغاية وشاكرة له على هذا التغيير، الفستان أصبح لا يقصر عن نهاية ساقي، لا يجسد جسدي ولا يفضح، يوسف أغرقني بحب لم ينطق به ولا مرة، أغرقني به من أفعاله وأهتمامه لدرجة أن علب مكياجي لم تُلمس من فترة طويلة، لأنني وفجأة .. وجدتني أحب نفسي بسببه، لدرجة أنني لا اكترث حقاً بظهور هالاتي السوداء، وآخر همي ظهوري بوجه مصقول بالتجميل في مواقع التواصل الاجتماعي.

لم يقل لي لمرة أنه يكن لي أي مشاعر، لم يعدني بأي شيء، لم يحاول لمسي ولو لمرة بطريقة بها ولو القليل من الاستغلال، حسبت في البداية انه يجدني مضيعة لوقته الفارغ، حيث انني موقنة أنه كلما احب إنسان شخص ما، لابد أنه سيتوق للتقرب منه، سيعشق لمسه ولو فقط لمسات بسيطة ، سيتمنى النظر في عينيه، لذلك لماذا لا يفعل هو ذات الشيء؟

لكنه صعقني حينما كنت جالسة في عيادته قبل اسبوعين، أنظر الى الفراغ بشرود ، أتحدث بلا توقف، وهو يستمع إلي بكل آذان صاغية ، ولم يعد يدون ملاحظاته كأي طبيب محترف، أصبح يستمع إلي لأنني مهمة بالنسبة اليه وليس لأنني مريضته "حاسة بالذنب أوي على كل حاجة عملتها قبل كده، من البداية، من أول ما عرفت إيـاد، لحد دلوقت، كارهة أوي نفسي القديمة ونفسي اشوف إياد تاني واعتذرله .. يمكن يسامحني على جرحه"

"انا متأكد أنه مبقاش يفكر فيكي، لازم انتي كمان تقفلي الصفحة دي ، عشان تكملي حياتك بسلام" اردف يوسف وكعادته، يخفي مشاعره بكل احترافية، يخفي غيرته ، ليستطيع معرفة كل ما بداخلي، لو أنه أظهر ولو للحظة أنه يشعر بالغيرة، لما كنتُ وصلت لتلك الراحة والثقة به.

التفت اليه مردفة بهدوء" انا قفلت الصفحة من زمان، انا بس نفسي اتأسف له عشان كل ما افتكر نفسي، واحط نفسي مكانه، بحس اني كنت حقيرة اوي، اني مستاهلش اعيش حياة حلوة ، لأني كسرت قلب حد عشان انا انانية"

ابتسم يوسف، وتبادلنا النظرات بشكل عميق، أشعر به يخترق روحي بنظراته، وحقاً لا امانع، هو ملجئي الوحيد في هذه الحياة، حتى أن قرائته لي بتلك الطريقة لا تزعجني بتاتاً، وعندما شعر بمدى صدقي وقف من مكانه يمشي بخطى رزينة خلال المكتب "انتي متأكدة انك قفلتي الصفحة؟ يعني قلبك ممكن يتفتح لشخص تاني؟"

وسَأبقى مَعكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن