أعمى.

22 0 0
                                    

بعْدَ تِلْكَ النقلة المُفاجِئة ، في أقلّ من ثانية ، عثمان يحدّقُ معَ مائةِ سؤال يدورُ في عقله (نجم يضحك بشدّة):
-ما أجمَلَ هذهِ التعابِير ، أن أُحَطِّمَ ولا أُحَطَّمْ !
: مالذي حدَث قبلَ قلِيل ! وأينَ نَحن !؟.. أأصبحتَ ساحراً لعين الآن؟
-مهلاً مهلاً تحدّث بـ لِينٍ  ورَوِيّة ، إنني غاضِبٌ عليكَ بما فيهِ الكفاية لا تقسُ على نفسِك بجْعَلَ غضَبي تجاهك يَكْبُر ويصبُ لغير صالحك!.
:ماذا تَقصِد؟
-إتبعني..

أترى هذا القبر ؟ ، إبنَتُك التي آذيتها هُنا ! ، يُغْمَرُ وجهُهَا بالتُراب و الوَحْل!.. ألستَ آسفاً ؟.. أولستَ نادماً ؟! ، ألَم تُفكّر فيها يوماً أو لوهْلَةٍ قَصيرة! ، كيفَ إستَطعْتَ تمزيقَ وجهٍ بريء هكذا !! ،(يصرُخ فجأة) أخبرنِي الآن!!.. ألَستَ آسِـفـاً !؟؟
: (يصمُت ويحدّقُ نحوه مرتعباً)

هه أتظُن أنّكَ لن تُعاقَب؟؟.. آذيت أهم شخْصٍ مَلَكْتُه في حياتي اللعينة التي أنجبتماني بها وكأنني توسّلتُ إليكم إنجابي!، والآن لا شيءَ يجعَلُني أكمِلُ حياتي هذة ،سِوى مشاعرِ غِلٍّ وغَضَب، غضبٌ تجاه كل شيءٍ لعينٍ رأيتُه من العالم.. ومِنْـك!.. أنا أعْمَى ، إلى أنْ تُعْمَى.

يجتاح والدُهُ ذعرٌ أنساهُ طريقة التّلفُظ بالكلِمات، وظلّ يسيرُ وراءهُ مذعوراً وكأنهُ يرى شخصاً آخر وليسَ إبنهُ الذي كان مجرد ولدٍ مُطيع.

يسيرانِ نحوَ أسفَلِ السَلالِم نَجم بخطوَاتٍ غاضِبة ، عُثمان بخطواتٍ مُتمَهّلة ، مُتَعَجّبة من المَكان ، تَكشِفُ الأرضية الخشَبية عن السلالِم المصنُوعَة من الصُخور الحمراء نُزُولًا إلى العالَمِ السُفلي الذي يحكُم نَجم جُزءًا مِنه أراضِ الجِمار ، يُحدّقُ عُثمان بذُهول وعينَان يكادُ بؤبؤيهِمَا أن يَترُكان مكانَيهِمَا كطِفلٍ آمن بوجودِ الأشبَاح وتحَقّقَ إيمانُه .

يشيرُ نجم قائلاً: هذِة ، مَمْلَكتي التي أحكُمُها كَـ مجنُون.. أتَعلَمُ من هم سُكّانُها ؟ ، أتعلم من هم حُراس هذة البوابة؟، لا بأس يا"زيرم" بإمكانِك الظُهور له.

يظْهَرُ الحارسُ الأحمر "زيرم" من العَدم على هيئتِهِ الحقيقية ، يصْرُخُ عثمان بذُعْرٍ شديد ويتَعثّر للخَلف ، مُحاوِلاً الزَحف والهروب ، يَضْحَك نجم بشدّة قائلاً :
-بداية جميلة! ، أنت لَم ترَ شيئاً بعد ، هذا الوحش قد يكون ألطفَ شخصٍ هُنا ! (يُكمِلُ الضَحِك) .

يطيران بواسِطة مارد نحو القلعة ، ويستمّرُ ذهُولُ عثمان مِمَ يراهُ في الأسفل ، مخلوقاتٌ تشكّلت من نار ، مختلِفةٌ عن بعضِها البَعض ، منهم الطائِرُ والمُقاتِل ، و مِنهُم الذي يعيشُ في الماء أو السماء ! ، جمِيعُهم بهذة القُوّة تحتَ حُكم إبنه !
يغْرَقُ في بحرِ الذُهول أن يملِك إبنه كلّ هذا ، تنسى عيناهُ كيفيّة الرَمْش
.. فهو الآن فقَط مُرْخَى الفَكّ ، وعيناهُ لا تستطيعانِ إشاحة ناظريهما عن ما بالأسفل ! .

يصِلانِ أخيراً إلى المنطقة المَلَكيّة القلعة، يَستَعرِضُ نجم جنوده أمامَ والدِه لإثباتِ أن كل ما هو هُنا تحتَ سيطَرتِه،  وما أن إنتهى من الإستعراض يَتحَدّث :
-حسناً الآن، إنتهت نُزهتنا اللّطيفة، قيّدُوه بالأغلال في أضخَمِ حُجرَةٍ موجودة لكي نستمتع بالعرض القادم جيداً.
عثمان : مـ..مهلاً! نجم! ، ماذا تقول!!، أنا والدُك!!.

المنقلبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن