ضوء القمر.

17 0 0
                                    

أتعرفين.. موتُ أمي ليسَ الذي يشغَلُ ذهني ، كُنتُ أعرِفُ مُسبقاً أنّها ستَرحَلُ يوماً ما يَشغَلُني هُو.. أنني عَلِمتُ في ذلِك اليَوم الدَموي أننِي لا أملكُ أباً ، أي أنّ والِداي لا تربِطهُما علاقةٌ شرعيّة ، لذا لا يَحِقُ لهما تربيَتي منذُ أن وُلِدت ، لَولا حِمايَة أمي لي كانوا سَيَعُدونَني يتيماً ، هذة الصَفعة الثانِية بعد موتِ أُمّي ..

والصَفعة الثالثة كَانت أنّ الرَجُل الذي ظَنَنْتُهُ طوال حياتي أنّهُ أبي .. لَم يكُن أبي ، لم يكُن سوى كَلبِ مالٍ يُجيدُ الكذب ، لقَد.. عَلّقني بِه ، و أذاقَني صَفعَةً تَلِيهَا أُخرى ، ظَنَنْتُ أنّنِي بلا هدفٍ الآن و أنَنِي قد أُجْهِزُ على نفسِي لأتخلّصَ مِن صَدمتي..

..لكِنّني وجَدتُكِ يا روز، دافِعاً لأُعالِجَ حُزني و أبحَثَ عن شغَفٍ جديد وأحلامٍ أركُضُ خلفهُم لِذا ..كانَ حَديثي كُلّهُ لأُخبرَكِ عن هَدفي الحَالي و أطلُبَ مِنكِ المُساعدة في تَحقيقه ، وهو أن أجِد أبي الحَقِيقي وأن أفْهَمَ كُلّ شيءٍ عن أُمّي وعنّي ، وأن أعْرِفَ سَبَبْ موتِها وجَميعِ الأمهات، كذلك كيفَ كُنتُ أعيش عندما كنتُ رضيعاً!، أنا فضوليّ تجاه كل شيء! .

-مُوافِـقة.
:(يبتسم بشدّة ويتأملُها لبعض الوقت) أظُن أنَنّي أحبَبْتُكِ.
-(تحمرُّ وجنتيها خجلاً) تَظُن؟؟
:أعني.. ليسَ ظناً بل.. إنهُ أمرٌ مؤكد بالطَبع لدَرجةِ أنني أودّ كِتابةَ القصائِدَ لكِ حتى تنفد أوراقُ العالم!..نعم أنا أُحبُّ روز للغاية!!
-(تَضحَك ثُمّ تُجيبه) بدر!، أتعلمُ أنني أشعُرُ بذلِكَ أيضاً؟!
:اللعنة كم أنا محظوظ.
-ولكن بطريقتي..إختر وضعيةً لأرسُمك!، هيا!
:حسناً حسناً! أمرُكِ سيّدتي!!.

بَعدها بثلاثةِ أيام- [في أرض الجِمار]

يَقْدِمُ نَجم كالمُعتاد إلى والِدهِ ليَقطعَ المزيدَ مِن أطرافِه بتلَذُّذ، يَصعُبُ وصفُ مدى بشَاعَة مَنظَرِه الحاليّ ، بلا أصابِع كفّيْنِ أو أصابِع قَدمين ، قُطِعَت كِلتا أُذُنَيْه ورأسُ أنفِه وقُلِعَت بعْضُ أسنَانِه ليَسهُل إطعامُه رغماً عنه ، كي لا يمُوتَ جوعاً.. في الواقِع يجِدُ نَجم تسليةً فيمَ يفعَلُه بِه، أي أنّ التَعذيبَ أصبَحَ من وسائِل المُتعة لدَيْه و فوقَ ذلِك يتلّهَفُ للمَزيد!، إنه الآن مجرّد ملكٍ متعطّش للدماء!.

يُقاطِعُ أساليبهُ الجُندّي المسؤول عن مراقبة تحرُكات قَمر قائلاً :
مَلِيكي.. أنا المسؤولُ عن مُراقبةِ زرجتهِ (قَمر)، لَقد زارهَا شابٌ على كُرسيّ مُتحرّك وشابّة ، يتّضِحُ لي أنّ الشابة على قرابةٍ منها أما الشاب فعلاقتهُ مجْهُولة.

-إسمُهما؟
:تُدعى الفتاة (روز) والآخرُ يُدعى (بدر) ، سيّدي.
عثمان (بصوتٍ يكادُ لا يُسمع ونطقٍ مغلوط) : بـ..بدر؟
-من يكون هذا اللعين إتضح أنّك تعرفُه!؟.
فـ..في الحَـ..حقيقة إ..إنّهُ إسمُ أخيكَ الأكبر.

يُحدّقُ نجم بوجهٍ مُرعب بعَينانِ شاسِعتان يملؤهُما الغَضَب والإستعْجَاب لِيرتَعِبَ والِدهُ و يُكرّر الإعتذار بِذُعرٍ شديد.

: لـ لكنّني .. د دفنتُه حياً ، يـ يَستَحيلُ أن يكونَ هُو !
-(بإشمئزَاز) سَنرى ذلِك يا زِيرَ النِساء ، أحضِروا لي أسرَعَ ماردٍ لَعين..الآن!
جندي الجّن: (في الحال).

قبلها بيَوم
بدر : سنخرجُ للبحثِ غداً.
روز : لا تقلَق ذكاؤكَ سيُساعدُنا ، أتَعرِفُ معلوماتٍ عنه ؟
: لقَد أخبَرني كلبُ المَال أنّ زوجتَهُ الحاليّة تُدعى قَمر،وقد تزوّجها منذ بضعة سنوات.
-أيُعقَلُ ذلك..
: ماذا ؟
-خالتِي تُدعَى قَمر أيضاً.

: أهِيَ مُتزوّجة؟!
-نَعَم ، تزوّجَت منذُ بِضعِ سنوات كذلك ، لكنّها تعِيشُ في العاصِمة (أستيباليا) لِتَعمل كاتِبةً صحفيّة ، ثمّ تزوّجَت رجُلاً من هُناك حسْبَ عِلمي إلتَقيا في مكان عملِهما .
: متى غادرت (أثينا) ؟
-ربما منذُ قرابَةِ الخمسِ سنوات ، هي لم تُحِب قريتنا الريفيّة الصّغيرة لذَا كانَت مُصرّةً على العَمل والعيشِ في أستيباليا.
: أتَعرفِين إسمَ زوجِها ؟
-عثمان.
: قد تَكونُ هيَ ولكنّ المَعلومات غير كافيَة ، علينا إيجاد كلبِ المال رُبمَا يَعرِفُ إسم أبي على الأقلّ.

(يُتبع)...

المنقلبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن