#زهرة_الهاشمي
الفصل الأول "دنوّ اللقاء"(.... الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
-الله أكبرتنهدت بقوة ودموعها تقتص من عينيها وتفرّ منهما عقابًا لقلبها الذي يأبى العدول كل ليلة.
لا تعلم أتبكي تأثرًا بالآيات التي رددها الإمام أم أن الدموع قد مالت هي الأخرى وتسيل نعيًا لخشوعها الذي بدأ يتزحزح عن قلبها ليحل محله تأنيب الضمير الذي يوخر عظام روحها بسبب تعلق فؤادها بهذا المجهول الذي لا تعلم منه سوى نبرة صوته التي تعشق صاحبها لأجلها.
كانت تستمع إليه كل جمعة منذ عام ونصف وعشقت منذ الوهلة الأولى نبرة صوته الهادئة في إلقاء الخطبة مرورًا بانفعالاته غيرة على دينه في بعض الأحيان وختمها هو بصوته الشجي وهو يردد الآيات مؤديًا ركعتي الجمعة.
في البداية كانت تعتقد أن تعلقها بصوته مجرد تعلق فتاة بصوتٍ اقشعر له بدنها وهو يردد آيات الله ولكن لم تكن تمر عدة أشهر حتى وجدت قلبها ينتظر يوم الجمعة لتطمئن عليه هو، ولن تنسى أبدًا ذاك اليوم الذي غاب عن المسجد فيه وجُنَّ قلبها اشتياقًا وقلقًا، حتى الآن لا تدري ما دهاها؟! فكيف يعشق المرء شخصًا لمجرد شعوره بالأمان بحضرة صوته؟! والله لقد شعرت الكثير من المرات التي لا يحصى عددها بأن سحرًا قد أصابها؛ فعشقها له غير مبرر بالنسبة لها، حتى اسمه لا تعلم به، وها هي على هذا الحال منذ حينها وها قلبها ينتفض كل ليلة كلما مرّ على ذاكرته بأنها ستستمع إليه غدًا فاليوم هو الثامن عشر من شهر رمضان وشيخها سيأتي ليلة غدًا للاعتكاف بالمسجد وستستمع لنبرته إلى ما بعد الثانية عشر بعد منتصف الليل، هكذا هتف هو عبر مكبر الصوت داعيًا الشباب للانضمام إليه، حتى أن والدها أخبرهم صباح اليوم بأنه سيكون برفقتهم لعله يفوز بالعديد من الأعمال التي سترجح كفة حسناته.
هرولت أناملها إلى كلتا وجنتيها تزيح سيل الدموع عنهما حينما استمعت إلى والدتها تهتف باسمها، تحركت أقدامها إلى خارج غرفتها حينما تيقنت من إزاحة آثار الدموع عنها ثم أجابت والدتها بهدوء
_ خير يا ماماسألتها الأخرى سريعًا وهي تفرش سجادة الصلاة استعدادًا لإقامة التراويح
_ خلصتي صلاة؟
_ أيوة يا ماما
_طيب.. شيلي كتبك من الأنتريه وشوفي لو فيه حاجة ليكِ عشان بابا كلمني وقال إن في حد جاي معاه بعد الصلاةأومأت بإيجاب دون أن تضيف شيء ثم ذهبت إلى الغرفة الأقرب لقلبها، تلك التي انحسرت أحلامها بها، فلم تبارح عقلها؛ وكيف لها أن تفعل وهي ترى لقاءها به كل ليلة بين أركانها متجسدًا في صورة رؤية شرعية؟!
لملمت كتبها المبعثرة على آرائك الغرفة ثم جلست على أقربهم ووضعت الكتب على قدميها، انخفض نظرها إلى غلاف الكتاب الأول وتلمست أطرافه بأناملها مبتسمة تلك الابتسامة التي تخص تذكرها لأحد أحلامها معه، احمرت وجنتيها بخجل متذكرة ذاك الحلم الذي أهداها به كتابًا يحمل نفس عنوان الكتاب وألوانه هامسًا بنبرته التي لا تعرف منه سواها
"كوني صحابية"