#زهرة_الهاشمي
الفصل الثالث "لقاء"
كنجمة كانت متخفية خلف والدتها في عتمة السماء منذ ولادتها خجلًا من القمر الذي كان يتحدى أبيها كل ليلة ليريه جمال ابنته الذي يتغنى به، فأجبرها والدها على الظهور بزهوٍ ليثبت صحة ما اعتز به، فظهرت هي من خلف ستائر الخجل التي كانت تواري جمالها فباتت شبيهه بزهرة التي جلست على المقعد الذي أشارت عليه والدتها وعيناها تأبى فك عناقها الذي اشتبكت به مع تلك الدائرة الحمراء الكبيرة في منتصف سجادة الغرفة، كانت تعتقد أن فضولها لرؤية ذاك الذي استعمر قلبها وفرض حصاره على حدودها؛ سيجعلها لا ترفع عينيها عنه ولكن خجلها لم يسمح لها أن ترفع نظرها إليه، ظلت تستمع إلى أحاديثهم وقلبها يهيم به عشقًا كلما استمعت إلى أي كلمة يجود عليها بها، حاولت والدته فتح باب الحديث بينهما لعلها ترفع رأسها فيستطيع ابنها رؤيتها وتستطيع هي رؤيته ولكنها أجابت حديثها بخجل شديد وهي تنظر إلى الركن الذي تجلس به دون أن تحيد بنظرها إلى الركن المقابل الذي يجلس فيه برفقة والدها وشقيقها حتى أن الجميع لاحظ ارتباكها وخجلها وكانوا يحاولون إخراجها من هذه الحالة ببعض المرح ولكنها كانت تشعر بنفسها مكبلة بقيود لا وجود لها فنظر والدها إليها بقوة قبل أن يهتف بلطف
- إيه رأيكوا نطلع نقعد برة شوية ونسيبهم براحتهموعلى غير المتوقع اندهش بهاشم الذي هتف بمرح
- ياريتارتفعت ضحكات الجميع مرحبين بالفكرة وخاصة والدة هاشم التي كانت تود أن تقترحها قبله فاستقام الشيخ منتصر قائمًا وهو يشير ليونس بطرف عينيه كي يجلس بالقرب منها
تنهدت بصوت مسموع فور خروجهم شاعرة بأن عقلها سيفقد وعيه من فرط الانفعالات التي تمر عليه فتفاجئت به يقول في مرح
- ياه للدرجة ديشعرت بأطرافها ترتعش أثر كلمته، حقًا لا تدري ماذا دهاها بحضرته! هي تريد أن تنظر إليه تتحدث معه تبتسم إليه ولكن قيود الخجل التي تعاهدت مع خاصة القلق قد كبلتها فجعلتها غير قادرة على تنفيذ ما خطط إليه قلبها.
فاقت من تلك الدوامة التي كرهتها على نبرته الهادئة
- مفيش داعي للقلق دا كله أنا إنسان عادي خالص زيكوا مبخوفش وبعدين الشيخ منتصر معايا من سنين جالكوا مرة ناقص حاجة.ابتسمت على مزحته التي حاول بها إخراجها من قلقها فتابع بمرح
- ما أنتِ بتضحكِ أهو.. أنا قلت وقعتك كبيرة يا هاشم وهرمونات النكد بدأت من قبل البداية.ظلت مبتسمة على حالها فتأوه بخفوت جعلها ترفع نظرها إليه بدهشة فوجدته يهمس بابتسامته التي اتسعت بقوة
- أيون أنا كدا اتأكدت إنك شوفتيني عشان مفيش ترجيع بعد كدا.ضحكت بخفة جعلته يضحك مثلها هو الآخر قبل أن يقول بهدوء
-نتكلم جد بقا شويةأومأت إليه وعقلها يشرد به وهي تراه أمامها للمرة الأولى بابتسامته الصافية، تلك التي شعرت بها تنتزع الأشواك من قلبها وتغرس محلها ورود ناعمة لا خشونة بها، شعرت بملامحه تريح قلبها، لم تكن تتخيل أن يكون بهذا الشكل رغم أنها كانت كل ليلة ترسم صورته بخيالها ولكن لا يتشابه مع ذاك سوى في الراحة التي تشع من وجهه ببشرته المائلة للسمار تلك التي زينتها لحيته متوسطة الطول التي ماثلت في لونها البني القاتم حدقتي عينيه اللتان تشعان طمأنينة، فاقت من شرودها على صوته هاتفًا بتؤدة
- أنا مش عارف عنك غير اسمك وطبعًا شغفك بصوتي