#زهرة_الهاشمي
#الفصل_الخامس"مكالمة هاتفية"حينما تتوسل للهلاك أن ينأى بأنيابه عن أحب قطعة بقلبك فيبتسم بسخرية ثم تتغاير تعابير وجهه إلى الغضب المستعر ويزيد من انتهاشه فيدمي قلبك وينخر عظام عشقك ليجعلها تتهاوى حسرة؛ إنه الشعور الأسوأ على الإطلاق.
هكذا كانت تشعر خديجة وهي ترى حالة يونس التي ترمي قلبها بسهام من نار، لا تدري ماذا تفعل له وكيف تقنع قلبه بأنها لا تبغي في الدنيا سواه، نهضت من مقعدها للمرة الثالثة بعدما شعرت بسفر عقله إلى بلاد النوم، تسللت على أطراف قدمها بخفة وهي تقترب منه لتضع جهاز القياس في فمه بهدوء كي لا يشعر بها، وجدته يتقلب بإرهاق فانحنت ببدنها تتخفى خلف الفراش، بعد عدة ثواني لا تتعدى الثلاثون استمعت إلى صفير الجهاز الذي حمدت ربها أنه لم يسقط من فمه حين حركته، زفرت براحة وهي ترى انخفاض درجة الحرارة بنسبة مطمئنة عن السابق فجلست على المقعد المجاور له وعقلها يشرد في كيفية إقناعه بأنها لم تتأثر بأقاويل الآخرين وأن حياتها أكثر من سعيدة طالما ترافقه.بعد عدة ساعات استيقظ من نومه شاعرًا بألم حاد في رأسه، عقد حاجبيه حينما رأى شيئًا متكومًا على المقعد المقابل له وسرعان ما اعتدلت ملامحه بتأثر بعدما تبينت له الرؤية وتيقن من هويتها، تجولت عيناه على خصلات شعرها البنية التي تناثرت حول وجهها بجاذببة ثم إلى عيناها اللتان تغمضهما بإرهاق، شعر بالضيق يراود قلبه لعدم تمكنه من النظر إلى أمواجها التي تغرقه بداخلها، نظر إلى أنفها المستقيم وسرعان ما اتسعت ابتسامته وهو يتذكر تذمرها من اتساع فمها التي تشبهه دائمًا بالمغارة، لا تدري بأن هذا الاتساع هو ما يضيف الخفة على معالم وجهها، فاق من شروده على تلك الركلة الشديدة التي ضربها عقله لقلبه المنحل فجعله يفيق مما كاد أن يرجعه عما انتواه، لا يصح له أن يتأملها هكذا، لا يجوز لقلبه أن يميل ويشتاق هكذا وهو الذي قد حرم عليه لذة الاشتياق.
دون إرادة قلبه وجد لسان عقله يصيح باسمها ففاقت تتلمس جبينه بقلق جعل قلبه يشفق عليها إلا أن حبر عهده الذي لم يجف جعله يهتف بغلظة
- قومي نامي جوةبعدما زفرت براحة لاستقرار حرارته عقدت حاجبيها بعدم استيعاب لما يقوله إلا أن ملامح وجهه الصلبة أفهمتها ما يفعل فسألته باستنكار
- أنت بجد بقيت كدا إزاي؟ كل حاجة عندك بقت تبعدني عنك وخلاص من غير ما تقدر الموقف اللي إحنا فيه-اتفضلي جوة
قالها ببرود فصاحت بغضب منه
- مش هدخل ومش هقوم من مكانيلمعت عيناه بشرر من صوتها الذي علا عليه فقال
- أنتِ ملكيش الحق في اللي أنت بتعمليه دا... إحنا دلوقتي مُطلقين أنت مش مراتيعلى قدر وجعها الذي صبه في جوف قلبها أجابته بلوعة
-أنت فاكر إن اللي أنت بتعمله دا هيخليني أسيبك؟ عشان إيه أصلًا؟ أنت فين إيمانك بربنا، دا التدين اللي أنا عرفتك عليه إما مش قابل بقضاء الله أومال بتخافه إزاي؟