#زهرة الهاشمي
الفصل السابع "عقد قران"
نهضت -زهرة- من فراشها بتملل وهي تكاد تبكي من عقلها الذي يجافيه النوم، كلما تذكرت ذاك الموقف الذي وضعت نفسها به معه تشعر بالضيق من تهورها الذي دائمًا ما يتغلب عليها، على الرغم من طمئنته لها قبل يومان إلا أنها مازالت لا تشعر بالراحة، تريد أن تعود لتلك الليلة وتقتطع منها تلك الساعة التي أرسلت إليه رسالتها بها، حتى الآن لا تعلم كيف فعلت ذلك ففي ليلتها قدم لزيارتهم كما كان قد وعد والدها إلا أنها لم تجلس معهم يومها بل بقيت تتلصص إلى حديثهم الذي كان لا يصل إليها منه سوى أصوات ضحكاته التي كانت تتعالى كل عدة دقائق فتجعل قلبها يتراقص على نغمات العشق التي يعزفها بصوته، لكمت الحائط المجاور لها بغضب لا تدري أهو من ضحكاته التي أسرتها فجعلتها كالمغيبة بظلال العشق لترسل له رسالتها أم غيظًا من ذاك الشيطان الذي تلبسها حينها فجعلها تتشح برداء الجرئة على العكس تمامًا من شخصيتها الخجولة.هطلت دموعها بعقل شارف على الجنون من فرط التفكير الذي يعجز عينيها عن النوم، من المفترض أن تنام هذه الليلة براحة فغدًا سيكون يوم خطبتها وعقد قرانها ولابد أن تكون هادئة تشعر بالراحة إلا أن الندم يجلدها بسياط من نار على هذا الذنب الذي ارتكبته وتخلت بسببه عن ضوابط الخطبة التي ظلت طيلة حياتها تفكر بطريقة تطبيقها، لا تعلم بأن ندمها هذا ربما سيكون سببًا لمحو ذنبها هذا- فكم هو عجيب هذا الشعور المسمى بالندم، على الرغم من مرارته التي يرتوي بها جميع البدن إلا أنها غالبًا ما تكون مرارة مجدية، كلما تأثرنا بها كانت سببًا في قبول توبتنا ووقايتنا من عذاب كلما نضجت جلودنا من شدته بُدلنا بأخرى غيرها لنذيقه أضعاف وأضعاف.
نهضت واقفة تتجه إلى الخارج علها تجد ما يؤانس وحدتها ويخفف من ضيقها وبالفعل وجدت والدها متكومًا على سجادة الصلاة يناجي ربه بفرضه السادس، عقدت جبينها بضيق من فؤادها الذي جعلها تنشغل بمن أحبت من شهور وتتناسى من أحبها وأحبته منذ سنوات، اتجهت إلى المرحاض الوحيد المتواجد بمنزلهم المجاور لغرفة والدها، توضأت وارتدت إسدالها وبدأت بمنافسة أبيها في منافسة من أعظم المنافسات التي من الممكن أن يخوضها المرء.
**********
بالوقت ذاته كان هناك من استيقظ شاعرًا بالضيق من عقله لذات الموضوع، تحرك مغادرًا غرفته ليذهب لفتح المسجد المجاور لبيته كما اعتاد دومًا، دائمًا ما كان يذهب بعقلٍ صافٍ أو منشغل بأمور العمل أما الآن فعقله يتمرجح بين تلك الرسالة وعقد قرانه الذي سيعقده بعد ما يقل عن أربع وعشرون ساعة، على الرغم من أنه أخبرها بأن رسالته لم تؤثر به وأن فكرته عنها بقيت كما هي إلا أنه تارة يراوده القلق من أن يكون حياءها هذا مصطنعًا وأنها تكذب بأفعالها كغالب الشباب والفتيات بفترة الخطبة ثم يهز رأسه بنفي ليطمئن قلبه بأن السعادة بعقد القران هي ما ساقتها لإرسال الرسالة فشخصيتها وحياؤها واضحين للعيان، وتارة أخرى يشعر بقبس من الفرح يطرق باب قلبه لما علم من أمرها، فأي منا مهما قويت درجة إيمانه ستنتابه السعادة إن علم بأن أحدهم واقعًا في غرامه دون أن نبذل جهودًا لإثارة إعجابه فكيف له ألا يفرح بحبها أيحق للمرء أن يحزن إذا بلغه عشق شريكه له؟! إذن فهو ليس قديسًا كي لا يماثل البشر بشعورهم. فقط ذاك الشعور الأول هو ما ينغص مزاجه وخوفه من المستقبل هو ما يجعله لا يهنأ ويسعد كما البشر بموقفه، يخشى أن يكون السبب الذي نكس عهده مع نفسه بألا يتزوج ثانية لا يستحق، حاول إبعاد كل تلك الأفكار عن عقله وهو يفتح المذياح ويرفع صوته على إذاعة القرآن الكريم ليعم في أنحاء البلدة فينشر الراحة والسكينة بين أفرادها.
*********
(أخيرًا خليت عندك دم وسيبتها، ياريت بقا تكمل معروفك وتطلقها خليها تشوف حالها وتتجوز راجل بجد ميحرمهاش من عيل تفرح قلبها بيه)