#زهرة_الهاشمي
الفصل الثاني" سعادة مفرطة"بغرفة تفوح منها رائحة الحزن، لا يظهر منها سوى العتمة، المصدر الوحيد للضوء فيها هو ذاك الهاتف الذي يقبض عليه هاشم، هذا الشاب الذي انهلَّت الدموع من عينيه الواحدة تلو الأخرى وعيناه تهرول للمرة التي لا يعلم عددها على رسائله السابقة معها، ربما من بمكانه سيتمعن في الرسائل ويقرأها ببطء علها تشعره بذاك الحب الذي كان يشع من قلبه حينها ولكن من مثله هو فقد حفظ فحواها من كثرة تكرارها حتى أنه لم يعد بحاجة للهاتف ليتذكرها فقد بات يتذكر كل كلمة حتى التعبيرات التي كان يلصقها لها بات يحفظها عن ظهر قلب، وكيف لا يفعل وهو من فقد حبيبته قبل عدة أيام من زفافهما؟ كيف لا ينفطر قلبه عليها وهو يتذكر كيف دعستها تلك الحافلة أمام عينية لتتلطخ الأرض بدمائها ويتلطخ معها فستان زفافها الأبيض الذي كانت تحمله بيدها فرحةً بشرائه؟! كان قد عاهد قلبه سابقًا بأنه لن يسمح له بالتفكير في الزواج ثانية ولكن كيف له ألا يفعل الآن؟ كيف له أن يرد طلب شيخه ومعلمه وقد طلبه صراحة، هو يعلم أنه من حقه الرفض ولن تتأثر علاقته بشيخه ولو بدرجة واحدة فهو يعرفه جيدًا ولكن هو كهاشم هل له أن يرده خائبًا وهو الذي أغرقه بمساعداته له حتى بات لا يستطيع حصرها من كثرة ما لجأ إليه، حقيقة هو يشعر بالاندهاش من شيخه الذي طلب منه هذا الطلب وهو أكثر من رافقه في محنته ويعلم جيدًا بعهده الذي قطعه مع قلبه فكيف يطلب منه أن ينكثه لأجل ابنته؟ لا يعلم بأن شيخه لم يكن يشغله في الأيام والليالي السابقة سوى أمره ولم يجد أغلى من ابنته ليساعد قلبه الذي استغاث به ليخرجه من محنته هذه المرة ولا يرد رجاء فؤاده خائبًا.
استفاق من شروده على طرقات هادئة على باب غرفته فأسرع في إزاحة دموعه التي تبقى أثرها على خديه قبل أن يهتف بهدوئه الذي يتميز به
- اتفضلاتسعت ابتسامته تلقائيًا وهو يستمع إلى والدته التي هتفت بتساؤل
- إيه يا ابني الكهف اللي أنت عايش فيه دا، مضلم الأوضة كدا ليه؟
وقبل أن تتابع باقي حديثها رمقته بتفحص وهي تسأله
- في حاجة ولا ايه؟ شكلك مش مضبوطلم يجيبها سوى بذاك العناق الذي كاد أن يسحق ضلوعها فيه قبل أن يهتف بمغازلة
- طبعًا فيه.. إزاي مش هشوفك عشر أيام وعايزاني أكون فرحانارتفعت ضحكاتها بسعادة وخجل فطري من كلماته قبل أن تجيبه
-ماشي يا بكاش.. هعمل نفسي مصدقة عشان أنا فرحانة بس بالخبر اللي أنت لسة قايله لياارتسمت على شفتيه ابتسامة لم تصل إلى عينيه وهو يرى سعادتها بخبر خطبته لإبنة شيخه، فلطالما ألحت عليه بالخطبة وكم سعدت لخطبته لابنة الشيخ منتصر الذي لم يقدم لولدها سوى كل خير، فهو يعلم جيدًا أن والدته تحترم ذاك الرجل ولم ترفض خطبته لابنته حينما يخبرها أنه يريد الزواج منها
- يلا تعالى اخواتك برا وكلنا متجمعين تعالى اقعد معانا عايزين يباركوا لك قصدي يقعدوا معاك