امسك خالد بكتف فالح وهو ينتهي من الهمس في اذنه عن شيً مُهم لـ فالح .. وقال وهو يُربت على كتفِه ..: لا تترك الضيّفان لحالهم .. انت صاحب العزبه .. وهم معادهم ضيّفان وبس .. هم اهل الرفيق الغاليّ ..
نظر فالح لـ خالد وهو يؤيد ما يقوله .. لفت نظره الأبل التي ذهبت مُتجهه لـ خيّام الحريم .. قال لـ خالد وهو لا يزال ينظر للأبل ..: بروح ارد البل لا تروع الحريم .. ثم بعود عليك ونرجع لـ الرياجيل ..
ذهب فالح واخذ العصاة وهو يتجهه لـ الأبل .. رأها تقف فوق الجبل الصغير بجانِب الخيّام .. وكأنها تتجمع على شيئاً ما وتُحنيّ راسها عليّه .. اقترب وهو يُنادي الأبل بأسمائها ..: هوووو دعجاء .. الشيّخه .. واكمل وهو يُنادي كل واحدةً بإسمها لفت الإبل عليه وهو تُغير إتجاهِيها وتعود لـ تُقبل عليّه .. إبتعاد الأبل عن ماكانت عِنده .. جعله يقف مذهولاً من ما رأت عيّناه .. بشالً على رقبتها .. وشعراً كما الليل الداكن يُداعب الهواء خُصلاته ليتطايّر حول وجهها الابيض .. والعيّنان التي بفطرتها دعجاء شديدة السواد .. العيّنان التي جعلته يُسمي ناقته المُفضله بهذا الاسم .. العيّنان التي جعلته اسير ذكريات قديمه لا يندبل جرحها مهما طالت السنوات او قصُرت .. لم يستطع رفع عيّناه .. عجِز عن الرمش حتى !..
ذهبت الإبل عنها بعد مُناداته لها .. ابتعدت الأبل وهي تفتح طريقً لعيناها وهي ترى بطل قِصتها الحزينه .. إبتعدت لـ ترى من عانق الألم قلبه بسبب ذهابِها .. بثوبه البني الداكن .. وشِماغً احمر معصوب على رأسه .. بطوله الفارع .. وكأنه لا يزال شابً بالرغم من اللون الابيض الذي بدأ يخلط لون لحيته الأسود .. تلاقت الأعين بعد 28 عاماً .. بعد عمراً طويل .. بعد ان عاشرت رجلا ورُزقت بفتاة .. وبعد ان عاشر غيّرها واصبح بحوزته شابان وفتاتان .. قطع النظرات المُشتاقه صوت خالد الذي نادى فالح .. لم يسمّعه او لم يكّن قادراً على سماعه .. لولا تحرك منيره وهي تبتعد وترفع الشال على وجهها ورأسها وتغيب عن ناظريّه .. شهق وتنفس بصوتً طويل وكأنه انقطع عن الأكسجين لثواني .. انتعشت روحه .. وكأنها مواساة ربانيه من الرحمن عن الخبر الحزين الذي سمِعه .. عاد لينظُر لـ خالد وعيناه تضحك .. تعجب خالد من تخطي فالح المُفاجيء للخبر الذي قبل قليّل .. ولكنّه لم يُريد ان يُعيد له الشعور البائس .. وقال وهو يقترب ..: تعود لـ الرياجيل ؟.
فالح وهو يضرب بعصاه الارض ويمشي عائداً لـ خيّمة الرجال ..: مشيّنا ..
دخل خالد وفالح الخيّمه ..
وقال فالح وهو يُحدث اهل محمد ..: سبحان من ساق الصدفه لين ارضن خاليه مابها احد .. وكن الرحمن يبي القرب بينّا بدون زحمة الأماكن وضيق اللقاء .. الخبر الي جاني موجع .. كسر ظهرني ومعاد شلتني رجليّ .. لكن يشهد علي كبيرن ما يعلاه احد .. ان غلاتكم هي من غلاة محمد .. واعذروني ع الي صار قبل شوي ..
وقف ابو مسلط وهو يقول ..: ماجاء منك الي يطلب العذر .. و والله انها ابرك الصدف لو انها موجعه ..
اقترب فالح وهو يُقبل رأس ابو مسلط الذي يكبره سناً احترامً له وتقديراً لصديقه الذي تمنى لو يُقبل رأسه ايضاً ..
جلس فالح بجانب ابو مسلط .. وبدأو بتذكر الماضي الجميل مُحاولين بجُهد الا يتم تذكر ما يؤلم القلب .. مر فهد بالقهوه وهو يمد يده ل عابد لـ يصب له قهوه .. قال عابد وهو يُبعد فنجاله من فهد ..: مابي قهوتن من يدك ..
فهد وهو يضرب بقدمه ساق عابد الجالس ..: حيّك تكلمت .. لان القهوه لشرواك ما تنصّب ..
غضب عابد وهو يقف ويرميّ الفنجال على صدر فهد .. امسك فهد بياقة عابد وهو يُقربه من وجهه ويقول من بين اسنانه ..: لا ترمي الفنجال عليّ عشان ما تنقص رقبتك !..
امسك سند وزياد فهد وهم يُبعدونه .. وتوقف مسلط وهو يُمسك بـ عابد ويسحبه .. تعجب الكِبار من الشِجار .. وقال ابو مطلق وهو يقترب منهم ..: انتو بينكم حق مادرينا به !..
فالح وهو يقف بينهم ..: ويش علمكم ؟..
سند وهو يُحدث ..: مابه علم يبه !..
ابو مطلق بغضب ..: من يوم اقبلوا وانتو وضعكم ماش !.. اهرجوا ويش العلم ؟..
ابو مسلط وهو يقترب ويقف بجانبهم .. وقال وهو يُحدث فهد وسند ..: انتو الي تدورون حول البيت الي مابه رجال !..
غضب سند من إتهامه الصريح ..: ماحنا برخوم عشان ندور حول البيوت الخاليه من الرياجيل!..
مسلط بغضب من رد سند على ابيّه ..: رخمةً طرق ورا خشمك !..
سند وهو يقترب من سند ويُحدثه مع ضربةً بقفا يده على صدر مسلط ..: الرخمه هو الي يدور المحارش في مجالس الرياجيل !..
فالح وهو يقطع حديثهم بصوته الطويل ..: اقصروا الهرج الي ماله سنع !.. وان كان بينكم شي علمونا به !..
نظر فهد وسند لبعضهم وقرروا عدم الحديث .. وكأنهم يشتكون لأبائهم .. وقال عابد بإستفزاز لهم ..: قل ل ابوك انك طامر على حريمنا وشايف الي ما يحلون لك !..
غضب فهد بشده من حديثه المُستفز .. وهجم عليّه وهو يلكمه ويضرب .. ولم يكُن عابد مُختلفً عنه وهو يبحث عن الشجار منذ ان اقبل .. امسك مسلط بيد فهد وهو يُبعدها وكأنه يسمح لـ عابد ان يضربه .. امسك سند بـ يّد مسلط وهو يلويّها ويدخل الأثنان في شجار .. تدخل ابناء عمومة مسلط وعابد وإضطر زياد وتميم وسالم ومطلق الا يقفوا مُكتفوا ايديهم .. واصبح الشجار كبير بينهم .. عجز الكبار عن تفرقتهم .. نزعوا العقال من رؤسهم وكل منهم اقترب من ابنه وهو يضرب ويسحب بصعوبه لإبعادهم عن بعض .. وبعد مدةً طويله استطاعوا إبعادهم .. بدأت تخرج كلمات مُسيئه وغير لائقه .. وقرر ابو مسلط وإخوته الذهاب بأبنائهم وعدم إكمال الجلوس .. لف فالح بغضب على صبيانِهم ..: ورعان ؟.. ما تحترمون اللحى الي على وجيّهكم؟.. مافيكم رزين عقل !..
لم يُجب الشباب وجلسوا وهم لايزالون يتنفسون بشده من الشجار .. تحدث ابو مطلق وهو غاضِب بشده من إبنه ..: من الحريم الي طمرت عليهم ؟..
فهد بغضب من سوء الظن به ..: ماطمرت باللعانيّ !.. نيتيّ ماهيب شيّنه على حريمهم !..
فالح وهو يضع يده على رأسه في حالةً من الصدمه ..: يعني طمرت !!!..
خالد وهو يحاول السيطره على الوضع ..: خلوا الرجال يبرر موقفه !.. لا ترمون التهم وانتو ما تعرفون العلم !..
ابو مطلق بغضب وهو يجلس بفتور ..: وهو هرج عشان نعرف العلم ؟..
سند وهو يمسح الدم البسيط الذي في يده ..: يوم انخطفوا بناتنا دعموا الخسيسين شبك غنم عجوز في طرف قريةً صغيره .. ودخل وهو يُمسك بين يده بنت خالد .. اتفقت مع فهد يطمر عليه وانا عند الباب عشان ما ينحاش !..
خالد بتساؤل..: و ويش دخلهم في ذاك البيت ؟..
فهد ..: بيت جدتهم ..
مطلق وهو يقف ويقترب من فهد ...: ومن حريمهم الي يقصد غير العجوز ؟..
فهد وهو يصُد بوجهه ..: شدراني عنهم !.. مادخلت افتش البيت !..
زياد وهو يُمسك يده المُصابه التي زاد وجعها بعد الشجار ..: دام فيها اختي وفزعتكم لها .. تستاهلون تزيدون وجع يدي ..
سالم وهو يلف بنظره على زياد ..: وانت هذا همك ؟..
زياد وهو يلف على سالم ..: وانت ويش همك ؟..
تميم بتدخُل ..: همنا نفزع لـ الرياجيل الي انجلدوا..
فهد بغضب ..: تهبى ما انجلدنا..
اشار ابو سالم لـ الشباب ان يخرجوا .. فقد بان على وجهه فالح الغضب الشديد .. خرجوا جميعاً دون اي اعتراض او التحدث بكلمه .. قال مطلق وهو يرى حالهم ..: ماهقيت اني بصك الثلاثين وانا اتهاوش مثل الورعان بسببكم ..
تميم وهو يجلس على الارض فوق التراب البارد قال وهو يضحك ..: والله مدري ويش العلم .. لكن الفزعه لابارك الله في الرخامه ..
زياد وهو ينظر لـ سالم ويقول بإبتسامه ..: يارياجيل انا اخر مره شفت سالم يتهاوش في الثانوي !..
سالم بهدوءه المعتاد وهو يجلس بجانب تميم ..: كنت ثقيل وراكد لين دخلت بين الورعان وابتلشت ..
فهد وهو ينظر لـ الكبار الذين داخل الخيّمه ..: والله اني منحرج من عمي ابو تميم !.. البزر ذاك استفزني وخربت عليه لقى اهل رفيّقه !..
سند وهو يجلس بجانب الجالسيّن ..: هم من جاو وهم يدورون المصيبه .. مالك شغل انت ..
جلس فهد بجانبهم ايضاً وهو لا يزال يشعر بالحرج من الذي حدث .. لم يغضب عليه فالح هكذا ابداً .. كان بمثابة ابيّه .. رجلاً حنون وحليمً عليهم دائماً ..
____
عادت منيره وهي تدخل عليهم في الخيّمه .. لاحظت اديم تغيّر وجهه والدتها المُختلط بالدهشه .. وكأنها في غيبوبةً ما .. اقتربت وهي تجلس بجانب والدتها ..: يمه وين رحتي ؟..
منيره وهي تتدارك نفسها ..: شنو ؟..
اديم ولا تزال تنظر لوجه والدتها ..: وجهج يمه فيه شي !..
منيره وهي تمسح بـ كِلتا يديها على وجهها ..: مافيني شي يا بنيتي .. روحي عند البنات ..
صمتت اديم ورفضت الذهاب وبقت بجانب والدتها .. لاحظت ساره وإلهام ما يدور بيّنهم .. وكما هي عادت ساره .. لا يفوتّها ما يحصل لـ منيره ..
لفت ام افنان وهي تُحدث منيّره ..: ما عالجوا بنتتس يا منيره ؟..
لم تفهم منيّره ما ترميّ إليه ام افنان .. ولكنها لم تعد تجهل واصبحت تعلم انها والدة طليقة تميم .. بعد ان اخبرتها إلهام في ذالك اليوم عندما تجمعوا حول النار قبل الذهاب للبر.. قالت منيره بتساؤل ..: ليه بنتي تشكي عله عشان نعالجها ؟..
كادت ان تتحدث افنان ولكن قاطعتها اديم وهي تقول ..: ما اشكي ضيمً يطلب العلاج .. سليميّن وربي كاتب لنا الخيّر ..
ابتسمت نسيم من حديث اديم .. وقالت وهي تحاول إبعاد الأجواء المشحونه ..: ما ودكم نحط الغدا ونتغدا ؟..
إتفق الجميع على وضع الغداء .. و توقفت اديم برفقة نسيم وحنين وهي تُجهز الغداء ..
____
.. عزبة ابو مسلط ..
يسأل بغضب الشباب الذيّن يجلسون عِنده ..: انتو تبون وجعيّ ؟..
مسلط بإجابه سريعه ..: لا والله يا يبه !..
ابو مسلط وهو يلف بنظره على عابد ..: انت تشكي من عله ؟.. فيك عقدة غضب وحن ما ندري !..
صمت عابد وهو يُحني رأسه بخجل من خالِه .. تحدث احد إخوة ابو مسلط ..: يارجال العيّال ماخلوا رفيقهم ينضرب وبس !.. ليه تعطي الموضوع حجمً كبير ؟..
ابو مسلط بغضب ..: هالرياجيل هم رفيقا محمد !!.. الشخص الوحيد الي كان بلسانه ليله مع نهاره واخيراً بعد اكثر من 20 اقابله !.. ويصير لقاي به كذا !.. بسبب هالرخوم الي ما يحشمون الرياجيل !.." قالّها وهو يُشير على الشباب"..
تحدث عابد ..: ياخال انا ماسويت كذا الا بعد مانرفزني الي باغيّ العنقاء !..
ابو مسلط ..: وانت تظن العنقاء لك ؟..
عابد وهو يقف ويقول بإنفعال ..: ومن هي له اذا ماهيب لي ؟..
ابو مسلط ..: العنقاء لعيّال عمها !.. لا تشفيّ فيها وانت بتنطرد!..
غضب عابد من حديث خاله وقال وهو يخرج ..: والله ولو يصير فيها دم !.. انها لغيري ما تصير !..
ثم خرج وهو يرمي شِماغه ارضً بغضب ويتجه نحو سيّارته مُبتعداً عن الجميع .. تحدث ابو مسلط بصوتً طويل غاضب يوجه حديثه لـ عابد المُبتعد عنهم ..: انت لا حشمتني ولاحشمت كبارك القاعدين !.. وعادك حاط عينك على شيّن مستحيل عليّك ؟..
لم يُجب عابد وهو يصل لـ سيارته ويركب .. وقف مسلط وهو ينوي اللحاق بـ عابد ولكن اوقف ابيه حركته وهو يقول ..: اقعد !.. ولا تلحقه عشان ما تنقلب ضيقتي عليك !..
مسلط وهو يلف ويتحدث على ابيه ..: يبه غصب تربطني باللي مابيه ؟.. لا تجبرني طالبك .. لا انا باغيها ولا هي باغيتنيّ !..
ابو مسلط وهو يجلس ويحاول الهدوء ..: ومن قال ان لها راي ؟..
مسلط وهو يقترب من ابيه ..: وانا يبه رجالن ويش كبري مالي راي !..
ابو مسلط ..: انا ابوك .. وإطاعتك لي بر !..
مسلط بقِل حيّله ..: واذا حدني ابوي على الي ما ابيغه؟..
ابو مسلط ..: لو في إطاعتي موتك !.. تلبيّ رغبتي وانت راضي !..
صمت مسلط وهو يعجز .. عاد ذات الموضوع كثيراً .. ولكن ابيّه شايبً عنيد .. وضع في رأسه ان ذِكرى اخيه ستكون من نصيّب ابنه .. ولن يُغير هذا التفكير حديثه ولو عاده مئة مره ..
___
نوره وهي تخرج من الخيّمه تبحث عن إبنتها الشقيّه .. رأت امامها ريم التي اقبلت تدخل الخيّمه .. توقفت وهي ترى خوف نوره وسألتها ..: شفيتس ؟..
نوره وهي لاتزال ملامح الخوف تعتليّها ..: مهي العله وينهي !..
ريم وهي تنظر للأجراء ..: كانت هنا قبل شوي !..
نوره وهي تمشي وتنظر خلف الخيّام ..: دورتها يا ريم ما لقيتها !..
ريم وهي تضع الشال الذي على رقبتها فوق رأسها .. قالت ..: بروح ورا الطعوس ذي يمكن راحت يمّها ..
نوره ..: والله تسوين خير .. هالبنت تحب تلعب وتحوس بكل شي ..
مشت ريم وهي تبتعد وتُقبل على الجبال الصغيره تبحث عن مهوي .. ابتعدت عن الخيّام وهي تنظر امامها وحوليّها تتمنى رؤية الصغيره تجلس او تركض بأي مكان .. رأتها على مدى ليس بعيد وهي تركض خلف شيئاً ما .. ركضت وهي تحاول تقصير الطريق بخطواتها الطويله .. اصبحت قريبه منها مدت يديّها وهي تتحدث غاضبه .. ولكن قطع حديثها السياره المُسرعه التي ..
___
ركب سيارته وهو غاضب .. لم يعُد يرى امامه بسبب النيران التي احرقت داخِله .. وكأن قلبه يُعصر وهو يتخيل وجودها مع غيّره .. ومن مع ؟.. مع من يُعزه مسلط !.. استصعب هذا الخيّال عليه .. تدارك وضعه وهو يرى صاحِبة الشال الوردي المُزيّن وهي تُمسك بطفلةً صغيره وتركض عكس طريقه هارِبه من سرعته المُخيفه .. امسك بالدركسون وهو يلف بعجلتها عكس إتجاههم ويصتدم بحجرة كبيره اوقفت سيارته .. وتخدش مُقدمتها .. صدم رأسه بشكلً خفيف امامه .. وسبب رضةً بسيطه في جبهته .. نزل من السياره وهو يُفكر بالذين كاد ان يصتدم بهم .. رأى من تضع على رأسها الشال تمسح وجهه الصغيره التي معها .. كاد ان يتحدث ولكن بُتر كلامه وهو يراها تضع الشال على وجهها وتلف بصوتً طويل تصرخ عليّه ..: مريض ؟.. في بر في تضاريس !.. منت في شارع سريع !..
ثم وقفت وهي تُقفي وتذهب مُبتعده عنه .. لم يتحدث ولكنه ابتسم وهو يرى وجهها من خلف الشال الشفاف يصرخ عليّه ويُعاتبه .. ومن الواضح انها تجهل ان بإمكانه رؤية ملامحها ..
____
تمشي غاضبه ولا تزال تُتمتم بكلمات غاضِبه .. تحمل بيّن يديها مهوي التي تسببت بكل هذا .. وقفت فجاءه وهي تنظر لـ يد مهوي وما تُمسكه بيدها .. صرخت وهي ترى ما بيدها يتحرك .. انزلتها ارضً وهي تُحدثها بغضب ..: مهيييي !!.. شششذا !...
مهوي وهي تُمسك الذي بيدها بشكلً طبيعيّ وتتحدث ببراءه وهي ترفعه ..: هذا ضب صعير!..
ريم بتقرف ..: راكضه كل ذا المسافه عشان تمسكينه !..
ثم ضحكت على حالهم .. اقتربت سيارة نحوهم وإطمأنت وهي تعرف انها سيارة فهد .. وقف بقربهم وقال بخوف ..: شالعلم!.. روعتنا نوره وهي تقول مهوي ضاعت !..
ريم وهي ترفع مهوي وتُري ما بيدها فهد وتقول بإستياء ..: نحسبها ضاعت وهي رايحه كل ذا المسافه عشان تمسك ذا الضب !..
ضحك فهد منها واخذها في حضنه .. وقالت مهوي ..: في ثياره هناك .." اشارت على مكان الحادِثه"..
لف فهد بنظره للمكان الذي اشارت بتعجب .. ونظر بعدها لـ ريم التي قالت ..: وانا رايحه لها جات سياره مسرعه بس ماصار لنا شي .. لانه لف بسرعه للجهه الثانيه عشان ما يصدمنا وصدم بحجر كبير وشكله تأذى !..
فهد وهو يُنزل مهوي ويُعطيها ريم ..: خلاص خذيها وارجعوا للعزبه .. انا بروح اشوف الوضع عنده ..
اخذت ريم مهوي واتجهت للعزبه .. واكمل فهد طريقه وهو يتجهه لـ السياره التي صدمت .. وصل لها ونزل وهو يرى الرجل المُقفي ويضرب بقدمه كفر سيارته .. اقترب فهد وهو يقول ..: سلامات ؟..
لف الرجل وهو ينظر لمن يتحدث وعبس وجهه وهو يراه .. وقال ..: انت تتبعني ؟..
فهد بغضب ..: انت الي بغيت تصدم اختي !..
عابد بصدمه خفيّه لمعرفته انها اخته .. قال ..: لو داري انها اختك ماكان ضحيت بسيارتي عشانها !..
فهد وهو يقترب من السياره ويرى الصدمه .. قال بإبتسامه ..: والله اقدت بنت حسن ..
عابد وهو ينظر لـ فهد بِلا قوه .. وكأنه عاجز من خوض اي شجار .. قال ..: بتعاون ولا تقلع !..
نظر فهد لـ عابد بدون ان يُعلق .. مشى صامتً وهو يركب سيارته ويبتعد عن مرأ اعين عابد .. قال عابد وهو يراه يتركه ويذهب ..: والله اني خابر انه رخمه ..
مضت نصف ساعه وعابد يجلس بجانب سيارته وتأخذه التفاكير .. لايُريد العوده لـ عزبة خاله ولا يُريد ان يرجي العون من فالح واهله بعد الذي حصل .. جلس هكذا يُفكر .. رأى على مدى بعيد سياره تقترب منه .. اقتربت السياره وخلفها سطحه تسحب السيارات .. كان صاحب السياره هو فهد .. وصل فهد ونزل من السياره وهو يقول لـ عابد ..: حتى ولو انك عدوي .. مانيب اقفي لأحد ولو انه ابغض الناس ليّ !..
نظر عابد لـ فهد وقال ..: مانيب مخليّ لك الي جماله .. وبردها لك ..
ركب فهد سيارته وعاد للعزبه .. وبقيّ عابد مع صاحب السطحه وهو يُحمل سيارته ويتجه لأقرب مدينه ..
عجِز فالح عن تقبُل ما حصل في مجلسه .. طلب حضور الضيف وذهب من دون ان يأكل كرامته ! .. ذهبوا غاضبين وفي طياتِهم احداث سيئة .. خرج من الخيمه وهو يُحدث الشباب الجالسين على التراب مُقابل الخيّمه بمسافه ليست قصيره .. قال ..: قوموا اغرفوا الغدا وجهزوا الصحون ..
تحدث تميم بتعجب ..: ليه ؟..
فالح وهو يقترب ..: ذبحت الذبيحه عشان عربن لهم مقام .. وراحوا ونفوسهم شيّنه ..
فهِم ابناءه ما يرمي إليه ابيهم .. وقفوا وهم يجهزون الغدا بـ صحونه ومُغلف من اية غبار .. وحملوها على صندوق السياره .. وركب تميم وبجانبه فالح وخالد .. وسيارة ابو مطلق يقودها مطلق .. وسيارة ابو سالم بقيادة سالم .. ذهبوا بغدائهم مُتجهين إلى عزبة ابو مسلط .. مُعتذرين ومُستسمحين .. لا يريد فالح خسارة اهل رفيقه .. يكفيّه ما فقد .. لم يعد قلبه يحتمل فقداً اكثر .. إمتلىء قلبه بما يكفي من الكسور والألم .. بقيّ في العزبه سند وزياد .. وفهد الذي عاد إليهم بعد بحثه عن مهوي .. سأل عنهم واين ذهبوا واخبروه .. دخلوا الثلاثه داخل الخيّمه وهو يجلسون حول النار المُشتعله في طرفها .. جلسوا بدون اي حديث .. فقط جالسين ويمدون يديّهم على النار الدافئه وهم يُدفئون باطِنها .. يفكر كلا منهم بما يجول في جُعبته ويؤلمه .. كلاً مِنهم يحمل بأعماقه سِراً وألمً يحتفظ به لنفسه .. اخذ فهد نفسً عميقً جعل زياد وسند يلفون بنظرهم عليّه .. تحدث سند ..: بسم الله عليك من الهم ..
فهد وهو يفرد شِماغه ويُعيد لفها على رأسه ..: يارياجيل قد اقدمتوا على شيّن دون علم كباركم ؟..
زياد وهو يبتسم ..: اي والله اقدمت دون علمهم .. جاني منهم الي يوجعني لكنّي قدرت اكسب رضاهم ..
سند بإستياء ..: كنت بسوي دون علمه .. لكنه مشى على شوري مع ان النهايه م كانت مرضيتني!..
ثم لف بنظره وهو يقول لـ فهد ..: انت ويش سويت ؟..
فهد بإبتسامه ..: خلني احتفظ بعلميّ لين اقدر اصرح فيّه ..
____
العصر .. دخلت حنين على البنات وهي تركض بفرح .. وقفت مُنتصِفتهُن وهي ترفع يديّها وتهز المفتاح الذي معها .. قالت بإبتسامه كبيره ..: ماجينا البر عشان نقعد بالخيام ! ..
ريم وهي تقف بفرح ..: لاا عاااد !..
إلهام بعدم فِهم ..: شفيكم ؟..
حنين وهي لاتزال تبتسم ..: جبت مفتاح سيارة سند .. قلت له بنروح نتمشى ونروح للإبل ..
اسيل بصدمه ..: للإبل !..
ريم وهي تنظر لـ اسيل ..: بلا دلع .. ويالله بنات عاد ..
تهاني وهي تقف معهن ..: وانا معكم بعد ..
اديم بخوف ..: عادي بروح بس صج لا نقرب من الأبل !..
حنين بمُجامله ..: طيب مراح نروح قريب منها .. بس امشوا ..
إلهام وهي تقف ..: موافقه .. بس خير نتمشى بدون شي ؟.. بروح اسوي شاهي واجيب اكل ..
اديم ..: ما تكون إلهام اذا ما راحت بدون شي ..
اسيل بإبتسامه ..: سنعه سنعه ..
ثم وقفت وهي تذهب مع إلهام .. ذهبت حنين وهي تُخبر نسيم و نوره و افنان ان ارادو الذهاب معهم .. لكِنهن فضلً الجلوس مع الوالدات .. وذهبوا البنات لوحدهن يتمشون في ارجاء الصحراء .. الأرض الخاليّه .. تقود السياره حنين التي إعتادت على ذالك لكثرة ذهابهم للإبل وتعليّم إخوتها لها القياده .. وبجانبها اسيل وتنتصِفهم إلهام وهي تحمل معها دلة الشاهي وتصُب لهم وتوزع الأكواب .. وفي الخلف ريم وتهاني وأديم .. اخرجت ريم نِصفها من النافذه وهي تصرخ على حنين ان تلف السياره لـ جِهة الإبل ..
اسيل بخوف ..: لا تكفين حنين !!!..
حنين وهي تتجهه للإبل ..: بنات والله ماتسوي شي .. على مسؤليتي ..
اديم وهي تُغلق نافِذتها ..: شسوي بمسؤليتج اذا كلتني الناقه !..
ضحكت ريم على كلمة اديم وهي تقول ..: ماتاكل الناقه يافاغره.. تعضتس شويات وبس !..
اسيل برهبه ..: يمه تعض صصدق ؟؟..
إلهام وهي تُغلق الدله وتفتح نافذة اسيل التي اغلقتها ..: خلونا نقرب منها ونجرب.. اذا سوت شي ننحاش ؟..
تهاني وهي تؤيد كلام إلهام ..: صح خلونا نجرب .. بخاطري اقرب منها ..
وصلت حنين وإقتربت وهي تقف مُنتصفه الإبل .. فتحت النافِذه وهي تُخرج يدها وتُنادي إحداها ..: هوووو سللططاانه ..
لفت الناقه رقبتها وهي تنظر لمن يُناديها .. واقبلت عليها وهي تُدخل رأسها مع نافذة حنين .. صرخت اسيل وهي تلتصق بـ بابها .. وتُمسك بكتف إلهام وهي تُغمض عيّناها .. ضحكت إلهام بشده وهي تُحاول إبعاد يد اسيل المُتشبثه بها ..
فتحت ريم الباب وهي تنزل وتقترب من الإبل .. شهقت اديم وهي تُغلق الباب بعدها ظنً منها ان الناقه ستأتي وتدخل من الباب .. نزلت تهاني ايضاً خلف ريم ولكن تُحاول التجربه والمُغامره وهي تقترب مِنها ..
___
عِند الحريم ..
تصب نوره القهوه وتُوزِع عليهم ويتحدثون وتأخذهم المواضيع .. قالت ام افنان وهي تُحدث نسيم ..: وين زوجتس يا بنت ماله زيره ؟ " ماله زيره يعني ماله حس "..
قالت نسيم وهي ترتشف من فِنجانها ..: والله يا خاله حسين له سنتين وهو ماسك قضية مخدرات لعصابة قاطعين طرق كبيره الله لا يبلانا .. وتعب من هالقضيه وهو يسعى فيها .. وجاه قبل اسبوع بلاغ انهم قدروا يحددون مكانهم .. وقال انه بيروح ومراح يرجع قبل اسبوعين لان موضوعهم شوي صعب ..
افنان بتعجُب ..: يمه ما تخافين يصير له شي ؟..
نسيم بهدوء ..: لا ان شاءالله .. استودعته ربي والله مايضيّع وداعته ..
منيره بإبتسامه ..: صح كلامتس .. استودعيته للي مايخيب الرجا ..
وماهي الا ثواني حتى سمِعوا صوت احد الرجال يُنادي .. خرجت نسيم وهي تُميز صوت اخيها وتعرف انه تميم .. اقبلت عليه وقالت وهي تقترب مِنه ..: جاي تدور بنيّتك ؟..
ابتسم من التسميّه التي قالتها نسيّم عنها .. وقال ..: وينهي ؟..
نسيّم ..: راحت مع البنات يتمشون ..
تميم ..: لا عاد !..
لم يكمل حديثه حتى لف بسرعه وهو يُعطي نسيم ظهره .. وكأنه يتجنب شيئاً خلفها .. تعجبت نسيم من حركته ولفّت وهي ترى افنان تمُر بِلا حِجاب مُدعيه انها لم تنتبه .. صمت تميم وهو يذهب مُبتعد منهم .. ويعود لـ الرجال ..
عادت نسيم الخيّمه وهي مُستاءه من تصرف افنان الطفولي !..
____
نبتعد من اجواء البر .. ونتجهه لذالك المنزل الصغير .. وتحديداً في صالتِه البسيطه .. تجلس الجده وبجانِبها ابنتها سلمى التي تكون والِدة عابد .. كانت العنقاء في المطبخ .. تُجهز القهوه .. إنتهت وهي تحمل القهوه وتدخل بِها لديّهم .. جلست وهي تعلم انها ستسمع ما سيؤديها مُجدداً .. ولكنها ولأجل جدتها التي بمثابة الأم ستحتمل عقولهم الصغيره .. تحدثت سلمى وهي ترتشف من فِنجان قهوتها ..: ما قلتي يامه .. متى بتصير العنقاء لولديّ ؟..
الجده وهي تلف نظرها لـ سلمى ..: ماخبرتتس تبينها لـ ولدتس !..
سلمى وهي تنظر لـ العنقاء بإشمئزاز ..: وانا عادني ما ابيها .. مير ضناي وده بها ولا ودي بكسر رغبته .. ولا ليه ازوج ولدي وحدتن ماينعرفون خوالها !..
ثم قالت بإبتسامه ..: يقولون اذا جيت تخطب أسأل عن الام والخوال .. لكن الشكوى لله ..
تحدثت الجده وهي ترش مابفِنجالها في حضن سلمى وتقول بهدوء ..: انا مسندها وعضيدتها وان بغت حتى عصاها !.. بنت محمد انا امها ان كان الأنذال ذموها وخلّوها و واقفتن معها الوقفه الي تبهج صدرها !.. وان كانها في الخوال !.. هذا انتي رديّه ماشبهتي خوالتس يا بنت عليّ !..
صُدمت سلمى من تصرف والدتها وحديّثها الذي اغضبها والذي تغيّر مُنذ اخذت العنقاء في حضنها .. بعكس العنقاء التي ابتسمت إبتسامه كبيره وهي ترى والدتها و والدها وكل ما تملك تُسكت من يتلفظ عليها بالسوء ..
قالت سلمى وهي تقف وترفع ثوبها المليء بحرارة القهوه ..: تحرقيني عشان بنت الكافره ؟..
الجده ..: جربي ما تسوين .. حرارة هالقهوه تشبه حرارة لسانتس الخبيث ..
غضبت سلمى وخرجت وعيّناها مُمتلئه من والدتها .. تشعر وكأنها تقِف ضِدها .. وقفت العنقاء وهي تقترب من الجده وتُعانِقها .. ضحكت الجده وهي تضرب الفنجال برأس العنقاء وتقول ..: خليّ منتس هالضمضمه وصبي قهوه .. راحت قهوتي ما ذقتها !..
ضحكت العنقاء وهي تأخذ الفنجال وتصُب لجدتها حبيبتها ..
_____
عُدن الفتيات من تمشيتهن يضحك واحاديث عن ردات فِعلهّن .. يضحكون على ركضة هذه وعلى خوف هذه وعلى تصنُع هذه .. ولم تكُن تهاني شخصً ثقيلاً يصعُب تحمله .. بل كانت فتاة طيّبه تأقلمت عليّهن ولم يكُن وجودّها ثقيّلاً ..
——-
وعاد فالح ومن معه من عِزبة ابو مسلط .. وملأت السماء الصحاري بسوادِها .. مُعلنه عن غروب الشمس وبدأ وقت المساء البارد .. تعالى صوت فالح بأذانه .. بصوته المبحوح ينادي على الصلاه .. عم هدوء الأجواء بيّن تسبيحً وتهليل .. انتهى من الأذان .. ثم تلتها الدقائق وأقام واممهُم تميم وهو يُصليّ بِهم .. صفو صفً طويل خلّفه وهم يرفعون ايديهم بعده بـ " الله اكبر " .. كلمتّان خفيّفه .. وكبيره عِند ربٍ كبير .. كلمتّان تُرهب الشيطان وكل عاصي .. كلمتّان عظيّمه .. بقدِر عظمة الخالِق ..
إنتهوا من الصلاه .. ثم اجتمعوا حول نارً مُشتعله .. " ابو مطلق وابناءه ، ابو سالم وإبنه ، فالِح وأبناءه ، وخالد و إبنه ".. طال الوقت وكثُرت الأحاديث .. ثم قال خالد وهو يُحدث فالح ..: خابرك يابو تميم شاعرً كل الفرايد لاهيّجنت تستعد ..
ابتسم ابو تميم وقال ..: معادني بهذاك الشاعر .. قد به رياجيلن يدندنون بالقوافي ويسوقونها سوق ..
ويقصد بحديّثه هذا أبناءه ..
قال تميم بإبتسامه ..: ما نقصد وانت هنا .. عطنا من شعرك وحنا وراك ..
خالد ..: يالله لاتردنا .. ومن في خاطره شيّن من القصيد لا يبخلّ علينا ..
قال سند وهو يُشير ل سالم ..: ترا هالرجال جزل .. مير عادكم ماسمعتوا قصيده ..
خالد بصدمه ..: انت شاعر يا سالم ؟..
ابو سالم ..: شاعرن وخاشن قصيّده لعمره بس ..
فالح بإصرار ..: اليوم بتهل قصيدة لنا .. مافيه شي اسمه لعمره ..
إبتسم سالم وهو يقول ..: على هالخشم .. لكن من بعدك نفرد قصايدنا ..
ابتسم فالح وهو يُخرج المسبحه من جيّبه ويقول وهو يُحركها بين اصابعه..:
ربي اوزعنّي اشكر نعمتك وأفوز برضاك
وأنوي الخير واعمل صالحاً ترضاه مني
كني الي نوى الصوم ورقد عن وقت الأمساك
طولّت نومتي .. لين الليالي وقظني
ثم وضع يديّه على كتف خالد وهو يُكمل قصيدته ..:
يارفيّق العمر والدرب دام العلم ينصاك
وش تشوف وترى ؟ دام سنّك حول سنّي
لا تجزع من الدنيا وتشكي كُبر بلواك
الليّالي مثل .. ما صوبنّك صوبنّي
فالعنا منت بحالك وجاني مثل ماجاك
والليّالي كفاح ولاحدن عاش متهنّي
ثم صمت مُعلناً إنتهاء قصيدته .. إبتسم خالد وهو يقول ..: صح الله لسانك .. ليه ذكرتي مافات يوم صباي وصباك ؟.. لا تجنى على صاحبك ويش هذا التجني !..
وضحك وهو ينهي البيت الذي قاله .. تفاوتت الأصوات بيّن صح لسانك وصح بدنك ..
ثم قال فالح ..: قبل اسمع قصيد عيالي .. ابي قصيد بن منصور ..
ابتسم سالم وقال ..: ابشر .. والله مايحضرني شي الحين لكن انت غالي وطلبك ما ينّرد ..
واردف قائلاً قصيدته ..:
راسي ماهوب راسً يحرك بريموت
ورجلي ماهيّب رجلٍ مداها قصيّر
وصدري ماظنه صدر أظنه بطن حوت
والله ماتدري بما حوى لو تشيّب
أنا السكوت اشوفه بنظرتي قوت
ولا اشتكي لـ بعيد ولا قريب
لو شفتني مريض وأصارع الموت
إن قلت لي شلونك بقولك طيب ..
ثم اردف بعدها بـ "وسلامتكم" ..
إبتسم زياد وهو يقول ..: اشهد بالله انك السكوت .. وصح لسانك ..
خالد بإبتسامه ..: حتى قصيده ما عرفناه الا الحين ..
وبعد مدح قصيدة سالم الجزله .. قال ابو مطلق وهو يُحدث ابناء فالح ..: انا ودي بقصيّد عيال فالح .. ابي اشوف الي ورثوه من ابوهم ..
سند وهو يُحدث تميم ..: عندك ..
تميم وهو يُحضر قصيدته ..: هذي القصيده من قصايدي الجديده ..
ثم اردف قائلاً ..:
اذا باعتس الي مارحم قلبتس الحساس
تلفت وتلقى شمعة القلب تضوي لتس
على سور قلبي لا تغرتس جموع الناس
ترى ما ورا بيبانه الا مداهيلتس
فالح بإبتسامه وهو يعلم لِمن كُتبت هذه القصيده .. في البدايه كان جُرحً والأن يعلم انها مرهم .. قال ..:صح لسانك وسعد منهو بقصيدك تعنيّه ..
تميم بإبتسامه ..: صح بدنك الله يطول بعمرك ..
خالد ..: دندن يا سند ..
سند ..: تراني جديد ع الساحه .. لا تدققون جدا ..
فهد ..: ماعليك اصهل والي علينا بنسويه ..
سند بإبتسامه وهو يُخرج الورقه من جيبه .. قال ..: هالقصيده توني كاتبها اليوم ..
ثم اردف ..:
الله يبارك بالليّالي يوم اني لقيتك
في ليلةٍ .. تسوى بقايا سنينيّ
كذا من الله يابعد روحَي هويتك
وأغلى من اغليته بعد والدينيّ
أنت بس لو تطلب عيوني عطيتك
وأنت الضيّا للعين يا نور عينيّ
وسلامتكم ..
ابو مطلق بإبتسامه ..: عيالك ماهم بخير يا فالح ..
إبتسم فالح وهو يعلم خفايّا قلوب أبناءه ..: تحسبهم ورثوا القصيد بس ؟.. ورثوا حتى برد الحنّايا ..
قال سالم وهو يرفع صوته مُحدث خالد ..: ياعم دام الكل مجتمع هنيّا .. والنفوس طيبه والسوالف شاعريه .. ودي بطلبن ما ينّرد ..
خالد بتعجب ..: ماتنرد يا سالم .. وطلبك على خشمي ..
سالم وهو يلف بنظره على ابيه ..: يبه تسمح لي ؟..
ابو سالم بعدم معرفه لما يُريده إبنه ..: سامحن لك ويش ماتسوي ..
سالم بصمله وهو يشُد بكلماته مُثبتً إصراره ..: ودي اطلب القرب مرةً ثانيه .. الأوله كانت جيتيّ ماهي زينه .. لكن الحين اطلبها قدام ذا اللحى ..
تفاوتت النظرات والصدمه بينهم .. ومن بينها نظرة فالح وتميم لـ وجهه سند الذي صمت وبهتت ملامحه .. لف سند بنظره لوالده .. الذي اشار بعيّنه قاصداً لا تفعل شيئاً .. حاول سند الصمت من اجل ابيه .. وداخِله يصرخ بشِده .. يرفض الطلب ويرفض الحديث ..
قال خالد ..: مالك الا تم .. لكن ارجع واقول الأجابه ماهيب عندي ..
زياد وهو يضرب بيده فِخذ سالم وقال ..: انت منت ولد خال .. انت رجالن عزيز وغالي .. لكن ما نقدر نأكد شي بدون علمّها ..
سالم ..: ماعندي مشكله .. لكن تراني في رغبتي صامل ..
ابو مطلق ..: الله يكتب لكم الخير ..
ابو سالم ..: جزاك الله خير ..
وماهي دقائق حتى إبتعد سند عن جلستهم .. لم تغِب تصرفاته عن أخيه الذي تبعه بعد مُده .. أقبل ورأه يقف امام شبك الأبل وهو يضع رأسه على أحد عِمدانها ومُتكتف بيديّه .. وضع تميم الفروه التي احضرها معه على كتف سند وهو يقول ..: رايحن من الدفى وصالبن عمرك هنا ؟..
سند وهو يلف بنظره على أخيه ..: صدري نارها شابه .. ويش عادك تبي من الدفى اكثر ؟..
تميم ..: ويش بتسوي يارجال ؟.. ولد خالها وتقدم لها .. سكت انت لين عطيته فرصه ..
سند بغضب ..: انت جاي تزيدني ؟..
تميم ..: ما ازيدك .. لكنك جالس وتبي كل شي يصير زي ماودك! ..
سند وهو يجلس ..: كنت ناوي موعدها الجاي انشدها !..
تميم بتعجب ..: اي موعد ؟.. وبتنشدها عن ايش !..
سند بتحفُظ ..: موعدً يخصها ..
تميم ولا تزال الصدمه تعتليّه ..: انت صادق ؟..
سند ..: يارجال بقول بتقدم لتس بتوافقين ولا ! .. وان عيّت بنشدها ليه !..
تميم وهو يقف ..: انت ماحولك عقل .. تعوذ من ابليس ولا تركض ورا شيّن منتهي ..
ثم ذهب وهو يترك خلفه سند المُشتت .. وأسوأ ما قد يُبتَلى به المرء شتات نفسه .. كثرت الكلمات داخِله .. وتوقف كل شيئاً بوجهه .. لا يستطيع ان يخطب فوق خطبة سالم .. وكأنه يُعلن تحدي .. وسالم رجلً يعِزه .. رجلً وقف معه في كثيراً من المواقف .. وبقيّ بمفرده يُصارع افكاره وشعوره وزحمة احاسيّسه ..
في دولةً أخرى .. ونخُص بذالك دولة الكويت .. يتصل للمره العاشره ويقول بغضب ..: ليش ماترد !!!! ..
عبير وهي ترى زوجة عبدالله التي خرجت من الصاله خائفه .. سألتها بتساؤل ..: شفيج ؟..
زوجة عبدالله ..: مدري يا عبير .. عبدالله من جاء من برا وهو معصب ويدق ويهاوش !..
تعجبت عبير ودخلت على اخيها وهي تُحاول فِهم الحاصِل .. اقبلت عليه وتحدثت بخوف ..: عبدالله شصاير !.. ليش ويهك احمر !..
تحدث عبدالله ولايزال غاضِب ..: عمتي منيره ما ترد !.. ادق عليها من اليوم ويفصل !..
عبير ..: وليش تدق عليها ؟..
عبدالله وهو يجلس ويضع يديّه فوق رأسه ..: ابوي يا بنت له يومين ماله حس .. وتعرفينه يا عبير اذا اختفى يعني فيه بليّه بتصير لهم !..
عبير وهي تضع يديّها على فمِها بصدمه ..: امبيه وكيف نعلمهم اذا عمتي ما ترد !..
ثم قالت وهي تتذكر ..: طيب اتصل على اديم ؟..
عبدالله بقِلة حيله ..: حتى اديم ما ترد !..
ثم وقف وقال ..: لايكون صابهم شي ؟..
عبير بدموع ..: لا يارب ! ..
عبدالله وهو يخرج ..: بدور لي صرفه ولا بروح لـ السعوديه !.. علمتني عمتي بالقريه والبيت !..
ثم خرج وخلفه عبير الخائفه .. ينبض قلبها بشده وتخاف من ابيها عندما يكون حديثه منيره .. منذ صغرها هي تعلم انها مُختلفه .. ان ابيها سيكون مُجرمً فقط من اجل منيره ..
_____
.. نعود لإنقطاع الإتصال .. للصحراء البارده .. التي تكون بها إنارت القمر مُختلفه .. ركب مسلط سيارته وهو يبحث عن عابد .. يعرف عابد ويعرف تهوره .. ويعلم انه اذا غضب تُعمى عيّناه .. إتجهه الى جبلً مُرتفع .. وقف ورفع هاتِفه عالياً وهو يلتقط الإشاره .. اطفى سيارته وأُغلق نورها .. وبقيّ بهدوء يتصل على عابد ويسأل عنه .. رأى سياره تمشي على مدى بعيد .. وكأنها تائهه .. اضاء نور سيارته وهو يُنيّر لذالك التائهه ليأتي إليه .. إقتربت السياره وهي تصعد الجبل .. وقفت وهي تُنزل نافِذتها .. شاهد بداخلها شابً يقود وبجانبه مُسن .. تحدث المُسن وهو يسأل ..: تخبر فالح بن جابر ؟..
مسلط وهو يتذكر الأسم ..: وصلت خير ..
المُسن ..: عزبته هنيّا ؟..
مسلط وهو يُشير بيده ..بدأ بتوصيف مكان عزبة فالح لهذا الرجل .. شكر الرجل مسلط وذهب مُتجهاً لعزبة فالح ..
_____
بدأت الشكوك والخوف يُساور قلب نسيم .. لسببً ما خافت على حسين .. لأول مره تشعر بالشعور هذا وهو في عمله .. وكأنه قلبها بدأ يوخِزها .. ذهبت الى حنين وهي تقول لها ..: حنين معتس سيارة سند ؟..
حنين ..: لا رجعتها .. ليه ؟..
نسيم وهي قلقه ..: بروح اشرف ع جبل وبتصل ع حسين ..
حنين بتعجب ..: غريبه !..
نسيم وهي تُنادي مهوي وتركي ..: مهوي تعرفين سند اخوي ؟..
مهوي بإبتسامه ..: اي اعرفه .. الي فيه شنب !..
إبتسمت وهي تُعجب من ملاحظة مهوي .. فِعلاً سند ذا شنب بعكس تميم الذي يملك عارضً .. قالت ..: اي ياقلبي روحي له انتي وتركي وقولي له نسيم تبي مفتاح سيارتك ..
هزت مهوي رأسها بالإجاب وهي تركض عند خيّام الرجال وتبحث عن سند .. ذهبت إليه واخبرته عن طلب نسيم .. وادخل يديّه في جيبه وهو يُخرج مفتاح سيارته .. وسقطت ورقه ارضً دون ان يعلم .. لاحظ تركي الورقه الساقطه واخذها وهو يرى مهوي تأخذ المفتاح .. فـ ظن ان كُلاً مِنهم يجب ان يحمل شيئاً .. عادت مهوي وهي تُمسك بيد تركي وتدخل الخيّمه وتُعطي المفتاح نسيم .. ذهبت نسيم وهي تركب السياره .. رافقها سيف ورفض تركي وهو يجلس بحضن إلهام .. فأخبرتها إلهام انها ستُبقيّه معها .. اشغلت نسيم السياره .. وذهبت مُتجهه لجبلاً علي وهي تنوي الإطمنان على زوجها ..
_____
إلتهت إلهام في الحديث مع الفتيات .. ولفت فجاءه وهي تفتقد تركي .. نظرت يمينً ويسارً ولم يكن موجود .. خرجت وهي تبحث عنه بخوف .. رأته مُبتعد وهو يعود لـ خيّام الرجال .. ركضت وهي تصل إليه .. امسكته ولاحظت الورقه التي بيّده .. توقفت قليلاً وهي تفتح الورقه وتقرا مكنونها "
الله يبارك بالليّالي يوم اني لقيتك
في ليلةٍ .. تسوى بقايا سنينيّ
كذا من الله يابعد روحَي هويتك
وأغلى من اغليته بعد والدينيّ
أنت بس لو تطلب عيوني عطيتك
وأنت الضيّا للعين يا نور عينيّ .. وإنتهت القصيده بـ حرف الـ سيّن الذي بيّن قوسين " .. تعجبت وهي تُمسك بيدها الثانيه تركي .. اغلقت الورقه وهي تحملها بين يديها .. لفت خلفها وهي تسمع صوتً .. ولكن قطع صوتها الرجل الذي مسك يدها وسحبها .. وحول رقبتها وضع يده .. همس بصوتً قصير في إذنها وهو يقول ..: انتي بنت حداهم ؟ ..
شهقت إلهام وحاولت الصراخ ولكن الذي شعرت به على ظهرها اسكتها وهي تكبت صوتها .. فوهة السلاح تلتصق بعمودها الفقري .. نزفت عيناها بصمت .. رص السلاح على ظهرها اكثر وهو يقول ..: فالح ولا خالد ؟..
قالت بصوتً كاد ان يُسمع .. صوتً خائف بشده ..: خالد ..
ترك تركي يدها وهو يركض باكياً ..
____
ادخل سند يده في جيّبه وهو يتفقدها .. بحث كثيراً وهو لا يجد الورقه .. توقف ونفض ملابسه ولم يستطع رؤيتة .. تذكر بإبتسامه انه رأى ورقه بيد تركي .. ذهب مشيً وهو ينوي أخذها .. ولكن اوقفه صوتً طويل سمِعه .. وذهب راكضً وهو يبحث عن مصدر الصوت .. رأى الساقِط .. رجلً ينزف بصدره .. وهي واقِفه ترجف .. عيناها تذرِف .. وبين يديّها تحمل سلاحً صغير يُميت من يوجهونه له .. صُدم وإقترب وهو يقول بهدوء ..: استهدي بالله ..
لم تجبه وهي تنتفض بأكملها .. استطاع الوصول إليها ومد يديّه وهو يأخذ الذي بيّن يديها .. ماهي الا ثواني .. حتى ضُرب برأسه وسقط ارضً .. وعلى رأسها ضُربت وهي تصتدم بصخرةً قويّه تُنزفً رأسها ..
سمِع الجميع الصوت الطويل الذي صُدر .. وذهبوا راكضين يبحثون عن المصدر ..
_____
وصلت لجبلً مرتفع .. ورفعت هاتِفها ورأت انه لقط الإرسال وبإمكانِها الإتصال .. رأت إسمه قد إتصل عليّها مِراراً .. وضعت يدها على قلبها وهي تضغط علي إسمه .. رن الهاتِف .. وأجاب .. وسمِعت صوتً غيّر الذي إعتادت عليّه .. قال صاحِب الصوت وهو يسأل ..: انتي زوجة حسين ال**** ..
نزلت من السياره وهي خائفه .. لم تحتمل الجلوس .. اجابت برهبه ..: إيه !..
ورد الصوت قائلاً ( احسن الله عزاك في زوجك ) .. ثم اردف ايضاً وهو لا يسمع منها شيئاً ..( حسين مات في حادِثة طلق ناري ) .. صمتت لثواني وهي تستوعب .. ثم سقطت ارضً وهي تصرخ من قلبِها .. لقد شعرت لقد اخبرها قلبها بذالك .. ولكن لم تتوقع انه سيكون مُحقً .. إقترب سيف وهو يبكي من بكاء والدته .. وضعت يدها على مكان قلبّها وهي تضغط عليه .. وكأنه سيتوقف .. وكأن الشعور ثقيل ولم يقدِر على حملِه ..
____
يجلس في سيارته بهدوء .. لا نوراً مشغل ولا صوتً يُسمع .. لن يراه احد حتى وإن إقترب مِنه .. رأى السياره التي جاءت و توقفت قريباً مِنه .. نزل مِنها صاحِبها والواضح انه يتصل .. لم يعرف ماذا يكون رجلً او إمراءه من شِدة الظلام .. لاحظ سقوطه على الأرض ونزول طِفل من السياره .. نزل بخوف وهو يتسائل .. وصل وهو يرى التي اسقطت الهاتِف وتبكي بشكلً مُهيب .. تشهق بصوتً طويل وتُمسك صدرها وتشد عليه .. لم يعرف ماذا يفعل وهو يعلم انه لا يجب لمسها .. رأى شاشة الهاتِف مُضاءه وعلِم ان الذي على الخط لم يُغلق حتى الأن .. اخذ الهاتِف ورفعه عِند إذنه .. تحدث ..: من معي لو سمحت ؟..
الذي على الهاتِف ..: من انت ؟.. اخوها ؟..
الرجل ..: اي ! .. ويش علمكم ؟..
الذي على الهاتِف ..: اعتذر من طريقة توصيل الخبر .. لكن زوج اختك وفته المنيّه .. بسببه قدرنا نمسك الروجين .. راح وهو يحمل راية الشجاعه ..
صُدم الرجل من الخبر .. وزادت حيرته في ما يفعل .. إنحنى وهو يُعطيها شِماغه .. قال وهو تائهه ..: تعوذي من ابليس !..
لم تُجبه وهي لا تزال تشهق وتبكي .. فقدت السيطره على نفسِها .. نست ان معها طِفل .. نسيّت انها في قِمة جبل بعُمق صحراء خاليه .. لوهله شعرت انها في عُمق سوادٍ عاتِم .. تشتت شعور الرجل وهو يجهل كيفيّة التصرف .. اخذ شِماغه وهو يضعه على رأسها .. ويُمسك بكتِفها ويوقِفها .. تمشي بِلا شعور .. اركبها سيارتها التي اتت بِها .. وجلس خارج قليلاً حتى اصبح يسمع الشهقات التي تأتي بعد بُكاء بصوتً طويل .. قال بصوتً طويل لـ تسمعه ..: وين اوصلتس ؟..
وضعت يدها على عيّناها ومسحتها بقوه .. وامسكت بإبنها وهي تُعانِقه وتزداد شهقاتها .. لم يقُل شي .. وهو يعلم انها تُصارع ألمً عظيم .. طال سكوته وطال بُكائها .. صمتت اخيراً .. وقالت بصوتً مبحوح وقد بدأت تستوعب حولها ..: فالح بن جابر ..
صمت وهو يركب في مقعد القياده .. وهي خلفه في المقعد الثاني .. مشى بهدوء وهو يتجهه لعزبه فالح .. تاركً سيارته خلفه في قمة الجبل ..
_____
سمعوا الحريم الصوت الذي ارهبهم .. خرجوا يبحثون ارجاء المكان .. رأت اديم تركي وهو يأتي من تلك الجهه وهو يبكي .. ذهبت راكضه من المكان الذي اتى مِنه .. وصرخت بصوتً طويل وهي ترى امامها .. إلهام وسند ساقطين .. ورجلً ينزف لم يصعب عليّها التعرف عليّه !.. الرجل الذي عاشت معه 19 !.. الرجل الذي يقال إسمه بعد لفظ إسمها .. انه والدها !.. متعب !.. ومن الواضح ان احدهم حاول سحبه ولكنه هرب عِند وصولهم .. تجمع الجميع بعد صرختها التي حددت مكان الصوت .. إقتربت منيره وهي ترى إنهيار ابنتها وصُراخها بشكلً هستريّ وكأنها فقدت عقلها .. حتى وإن كان رجلً سيء .. ليس شعوراً سعيداً ان ترى والدك طريحً ينزف .. وصلوا الرجال وشاهدوا الحاصل .. اسرع تميم وهو يحمل اديم ويُدخلها .. بقيّت منيره التي زاحم الشعور جوفها .. لم تعرف ماهو الإحساس الذي يجب ان تشعر به .. رأت ساره إبنتها ساقطه وإقتربت وهي تصرخ وتُمسك بها .. وإنهارت وهي ترى الدم الذي طبع يدها .. الجميع مصدوم ويصرخ .. اديم رأت والدها ساقطً بدمه .. ومنيره رأت زوجها حتى وإن كرهته بدمه ارضً .. وساره إنهارت بعد رؤية صغيرتها تنزف .. وزياد ثار دمه وهو يراها بلا وعي ساقِطه .. حملها وركض لسيارته .. لم يكن الشعور هينً عِند خالد الذي لم يستطع الوقوف .. وكأن قدمه بُترت ولا توجد ما تساعده على المشي .. و بيده يُمسك قلبه .. إنهارت حنين وهي تلحظ سند المُمسك بالسلاح ومغشي عليه .. اقترب فالح من سند وهو يحاول السيطره على نفسه ويضع يده على صدره وإطمئن وهو يسمع نبض قلبه .. حمل فهد سند وهو يُركبه سيارته ويُسرع به للمستشفى برفقة فالح .. وحمل مطلق ابو اديم وهو يتجهه ايضاً للمُستشفى .. ومن الواضح انه لن يحيا .. لوجود الرصاصه في مُنتصف صدِره ..
___
بقي تميم برفقة اديم في الخيّمه التي لا تزال تصرخ وتبكي .. المشهد كان مؤلمً .. وقاتِلً .. حاول تهدأتها ولكنها تون وكأنها طِفله .. إحتضنها وهو يُدخل رأسها في عُمق صدره .. تمسك بيداها ثوبه وهي تشد عليه وتبكي .. بكت كثيراً حتى هدأت ونامت .. حملها على الفراش وخرج وهو يسمع صوت بوري سياره خارج الخيام وبعيداً قليلاً .. إقترب منها وهو يرى سيارة سند .. ولكنه صُدم وهو يرى مسلط ينزل مِنها !.. تحدث مسلط قبل ان يتحدث تميم ..: جاي اوصل امانه وارجع بدربي .. وقبل اعود .. عظم الله اجركم في زوج اختك .." قالها وهو يُشير لـ نسيم التي تجلس في المقعد الخلفيّ وهي تضع يداها على عيّنيها المُغطاه بالشِماغ ".. صمت تميم ولم يتحدث .. كانت الصدمه كبيره ليستطيع تقبّلها .. ذهب مسلط وهو يعود ادراجه ماشيً .. فتح تميم باب السياره على اخته التي كانت جثةً بِلا روح .. هامِده .. إستنزفت طاقتها كلها .. واصبحت الأن بِلا شعور .. فقط غلبها البؤس وبكت من اعماقها حتى اصبحت الأن جسدً خالياً من روحه .. امسك بيدها وهو ينزلها .. دخل بها الخيمه عِند حنين الباكيّه .. وأجلسها وأشار لـ حنين ان تخرج له .. قال بصوتً مُرهق ..: حسين توفى .. لا تقولين لها عن الي صار !..
وضعت حنين يدها على فمها وهي تشهق بصدمه .. توارت الصدمات وهي تجتمع وتهدم كل إبتسامه قد انارت وجوههم اليوم .. عادت وهي تدخل وتجلس بجانب نسيم الهامِده ..
____
أعلن المُستشفى تاريخ وفات مُتعب .. وحضرت الشرطه وهي تؤكد انها جريمة قتل .. والمُتهم سند الذي حمل السلاح بين يديه .. غاب سند عن الوعي يومً كامِلاً .. وبعد إفاقته قابلته الشرطه وهي تُخبره انه مُتهمِ .. سأل عن إلهام بخوف !.. واخبره تميم انها لاتزال غائبه عن الوعي .. اخبر سند الشرطه انه متعب اليوم ولا يستطيع التحدث .. ومر اليوم الأخر ولا تزال إلهام غائبه .. عادوا من في البر لبيوتهم .. وانتهت العطله بمشاعر حزينه .. إنتهت اول ايام عزاء زوج نسيم .. وانتهى اول يوم عزاء لوالد اديم .. وزوج منيره .. الذي اقاموه في الكويت .. لم يستطع عبدالله اللحاق وإخبار منيره عن سوايا ابيه .. ولكنه انهار وهو يرى ابيه مقتولاً ..
لـ 'الموّت' ..
يالموت لك هيبةً تهز السلاطيّن
ولك حزةً ماتدري الناس عنّها
ولك ضربةً تقطع حبال الشراييّن
ولك طعنةً ما غيرك اللي طعنّها
ولك ضربةً بالهند والسند والصيّن
والغرب .. وبشام الديّار ويمنّها
ولك صدمةً تفجع قلوب المُحبيّن
ولك خطفةً ماينفع الحرص منّها
هذا انت بس المشكله عنك لاهيّن
نركض ورا دنيا رخيصن ثمنّها
.........
عادت الشرطه وهي تُحقق مع سند .. وسؤاله عن سبب تواجده مع إلهام والمقتول في ذات المكان !.. اجاب سند انه رأه يرفع السلاح يعتدي على إلهام .. واسرع في محاولة مُساعدتها واراد الله ان تُفلت الرصاصه لتستقر في صدره .. وسُإل عن سبب إغماءه هو وإلهام ؟.. وكانت الإجابه انه تعرض لضربةً في قِفاه .. ومن الواضح ان إلهام تعرضت لِما تعرض .. أُخذت اقواله .. واخذوا بعيّن الإعتبار انه دفاعً عن النفس ومن دون قصد .. مرت الأيام وأصبحت اسبوعً .. أطالت إلهام نومها .. لا تزال مُغمضةً عيّناها تجهل العالم الخارجي .. تنام ساره وتستيقظ في المُستشفى .. بـ قُرأنها تحرس سرير إبنتها وهي تتلُ كلمات الله المؤنسه .. وخالد ؟ حاله طواه التهشّام .. زاد تعبه وكثرت زياراته للمُستشفى .. اصبح زياد يرافق معه ويوصله .. تقرر يوم عمليته بعد توفيّ شاب قد طلب التبرع بأعضاءه عِند وفاته .. وهو بعد شهر .. يقترب زياد دائماً من أخته وهو يبكي حسرةً من الحاصل لها .. لماذا إقترب متعب منها ؟.. لماذا كان سند هو حاميّها !.. اتعبه التفكير .. حتى أنفاس صدره اصبحت تُثقِله .. إنتهى عزاء متعب .. ولم ينتهي حُزن اديم .. التي ماتت روحها .. تستيقظ من النوم صارِخه .. كل يوم ترى ذالك المشهد مُجدداً .. ابيها ساقط .. نازِف .. بِلا روح يستلقيّ على الأرض .. كُلما حاولت منيره اخذها لـ طبيب .. تصرخ وترفض .. لم تبتعد عن والدتها .. ولم تستطع الإقتراب من تميم الذي كان أخيه سببً في رؤيتها ذالك المشهد .. حاول تميم مُسنادتها ولكنها تصده وهي تبكي وتبتعد عنه .. واسيل لم تتركهم وهي تحاول ان تحتويهم .. كانت اسيل هي اكثرهم ثباتً .. وتساعد الجميع وتعمل بقوتها لتساند من ساندوها في ايام ألمها .. نسيم ؟.. لم تكُن بخير ابداً .. انتهى عزاء زوجها وحبيبها .. ولكن عزاء قلبها لا يزال مُستمر .. تستفرغ كُلما رأت اطفالها .. وتضيق بها الأنفس .. اصبحت حنين تحاول بقدر المُستطاع إبعادهم عن عيّنيها .. لم تبكي نسيم امامهم .. فقط تُقيّ ما بـ معدتها وتزداد بشرتها إصفراراً .. وفي عبُور الذكرياتها تدمع عيّناها حنين .. يسعى تميم وفالح لـ فِهم القضيه التي على سند بمساعدة سالم .. الذي لم يتركهم في ايامهم السيئة .. اما سند ! .. يُخفي سِره في قلبه .. بيّن اعماقه يحتفظ بما رأت عيناه .. يُسجن حالياً ويعيش وسط حديدً صلب .. ينتظرون إستِقاظ إلهام .. التي بـ اقوالها ستُحدد المصير .. لم يشتكي اهل الميت لمعرفتهم بسوء أعماله .. ولكن هناك حقً عام لن تتنازل عنه الدوله .. وهي قضية قتل .. ليس من السهل تفاديّها ..
أقبل زياد على والده الجالِس على كُرسي امام غُرفة إلهام .. لم يتجرأ خالد على الجلوس بجانبها وهي نائمه .. يؤلمه قلبه .. واذا ألمه قلبه ضاق به النفس وزاد تعبه .. شيئاً واحد يُطبطب عليّه .. وهو بقاءه جالسً خارج غُرفتها .. يسمع صوت ساره الحاني .. صوتً ناعِم يقرا ويُطمئن قلوبهم برحمة الله .. جلس زياد بجانب ابيه .. مرت دقائق ثم تحدث زياد وصوته مبحوحً من بُكاءه الذي يعيشه بـ مُفرده ..: يبه تدري ويش تخفيّ إلهام عنكم ؟..
خالد وهو يرفع عيّناه بثقل وينظر لـ زياد .. قال ..: ويش اخفت نظر عينيّ ؟..
زياد وشفتاه ترجِف ..: سوت كل التحاليّل اللازمه وإتفقت مع دكتورك انها تكون متبرعتك!..
صُدم خالد وهو يوسِع محجر عيناه ويسمع كلامه !.. قال بفتور ..: في ربك ؟..
زياد بحزن ..: اي والله يا يبه .. أخفت حتى عنّي .. لين شفت التعب ملا عيونها .. وسألتها وصارحتني..
سحب خالد شِماغه وهو يضعه على وجهه ويبكي بشده .. عض زياد شِفته السُفليه وهو يحاول كبت نفسه .. من الصعب رؤية ابيه يبكي .. كان بكاء خالد حُبً لـ إبنته .. لطالما كانت كبيره بتصرفاتِها .. تُفدي الجميع وإن كان في ذالك حُزنها .. أحِبائها هم اولى بالسعاده .. دوماً إلهام صغيّرته التي أحب شخصيتها .. أحب تصرفاتها .. شكر الله دائماً انها إبنته ..
_____
وقفت ساره تنوي الخروج .. وإستوقفها حديث زياد وشهقة زوجها التي زعزعت ثباتها .. عادت ادراجها وهي تُمسك كف إلهام وتُلصقه على وجهها وتبكي بصمت ..
_____
خرجت نسيم من الغرفه وهي تتجه للمطبخ .. تُحاول بجِد ان تتخطى هذه الفتره .. دخلت المطبخ وإرتطم سيف بها وهو يُعانِق قدمها ويناديها " ماما " .. نظرت إليه وهي تضيع يديها على فمها .. ابعدته وهي تركض نحو دورة الميّاه "وانتو بكرامه " .. وتُفرغ كل ما بـ قلبِها ومعِدتها وجميع ما إحتوى داخلها .. أقبلت عليها حنين وهي تقول ..: نسيم للحين تستفرغين !..
قالت نسيم وهي تُشير لها ان تُبعد سيف وعيناها تدمع ..: ابعديّه ياحنين !..
اخذته حنين وهي تُبعده وعادت وهي تُحدث نسيم ..: نسيم روحي للمستشفى !.. حالتس ماهو طبيعي !.. وجهتس صار اصفر !..
نسيم وهي تجلس وتتنفس بصعوبه وكأنها ركضت بقوه ..: ويش بقول لـ الدكتور ؟.. انا قلبي فاقد وانوخذ منه خليله !.. انا بلاي هنا "قالتها وهي تُشير لـ قلبها "..
صمتت حنين وهي ترحم حال أختها الذي اصبح غريبً .. فقدت الحيّاه مِن بعد رحيّل زوجها .. امسكت حنين بـ يد نسيم وهي تُوقِفها وتأخذها لـ غُرفتها .. وأحضرت بعض ما تأكل .. قالت وهي تضعها ..: اذا ما فكرتي بعمرتس !.. فكري بعيالتس !..
صمتت نسيم مطولاً .. ثم سحبت ما امامها وهي تقضم مِنه .. تعكر وجهها وهي لا تتقبل الأكل .. ولكنها أرغمت نفسها وهي تُفكر بصغيران ليس لهما غيّرها ..
____
دخلت منيّره على إبنتها التي من ذالك اليوم وهي لا تُفارق سريرها ولا تنام !.. تستيقظ مفزوعه .. إقتربت وهي تجلس في طرفِ سريرها .. رفعت يدها وهي تُنزِلها على شعر أديم .. مسحت شعرها وهي تُتمتم بـ " اللهم هون عليها مالا يعلمُه غيّرك " .. دخلت اسيل وهي تحمل كوب عصير .. لم تأكل اديم فكانت اسيل تُشربها من الفواكه تفاديً لأنهيارها .. كان هذا الحزن ثقيل على اديم جداً .. ولم تكُن إلهام هُنا لـ تساعدها في الصِراع وتُمحي بعد الله ثِقل ما تحمِل ..
_____
في مكانٍ خالي .. يجلس لوحده بين قُضبان حديدّيه .. مُستلقي ارضً وهو يضع يديه على عيّنه .. ولا يدور برأسه سوى امرً واحد .. وهو رجفتها وعيّناها الدامعه .. وشعورها الخائف .. لا يعلم مالذي حدث ولكنه مُتأكد انها تعرضت لـ السوء وإنها ليست قاتِله !..
_____
.. بعد شهرً ثقيل .. شهرً يحمل في طياته ألامً واحزانً وترقُباتً كثيره .. شهرً كريّه .. من سوء ما يحمل ..
دخل زياد وهو يحمل بيديّه بعض الطعام لوالدته .. قال وهو يضع ما بيده امامها ..: ويش حالها الحين يمه ؟..
ساره وهي لا تُبعد عيّناها عن سرير طِفلتها ..: على حالها يا زياد .. ليتها على الأقل تحرك اصبع وتطمنيّ عليها !..
وماهي إلا ثانيه .. وتحرك إصبع إلهام وكأنها تستجيّب لأمنية والدتها .. وقفت ساره بصرخه وهي تقول ..: تتححررركتت يا زيااااد !..
لف زياد بصدمه وهو يرى حالِها !.. ولم يلحظ شي وهو يرى والدته المُصره .. شعر لوهله انها تتخيّل ما تُريد .. وصلت المُمرضه وهي ترى حال إلهام .. واخبرتهم انها فِعلاً قد إستجابت .. مسك الطبيب زياد واخبره .. ان أخته قد صُدمت بشده على صخرةً قاسيه .. قد تُطيل النوم .. وقد تستيقظ مع اضرار جانبيّه في رأسها .. أحزن هذا الخبر زياد .. وإحتفط به لنفسه ..
_____
لم يغِب عن قلبه ما هواه .. ولم يصمت قلبه وهو يرجوه رؤيتها .. او اقلُها إذهب لـ تعرِف جواب سؤالك !.. مُنذ شهر وهو لم يقترب من منزل الجده .. صديقاه يعيشان أسوأ ايام حياتِهم .. احدهم مُتهمِ بالقتِل وسجين .. والأخر مجهولً حال أُخته وقلبه مثقوبً عليّها .. يُساند زياد بقدرِ المُستطاع .. ويحاول رؤية سند بالرغم من رفض الجهات المُختصه .. في صباح ذالك اليوم .. لم يستطِع تجاهل قلبه اكثر .. وركب سيارته وهو يتجهه نحو تِلك الديار .. وصل و وقف على بُعدً مِنه .. يجلس في سيارته يتأمل المنزل .. لا يعرف ماذا يقول لو إقترب .. وعدهم ان يأتي لأخذ الإجابه بعد اسبوع ولكن مر شهرً واسبوع ولم يأتي .. يعرف ان القلوب عليه غاضِبه .. ضل طويلً ينظر لـ باب المنزل .. فُتح الباب .. وخرجت من على رأسها شالِها الأزرق .. وعلى وجهها غِطاء يُبيّن عيناها فقط .. خرجت ودخلت شبك الغنم .. جلست عِند إحداها وهي تُمسك ثديّها وتحلِب .. إمتلىء قِدرها الصغير .. و وقفت وهي تعود للمنزل وتُغلق الباب .. لم تكُن تفاصيل عاديّه عِند فهد .. كانت اشياء بسيطه تُثيّره مِنها .. نزل من السياره وتوجه نحو الباب وهو يُثبت ورقه وبجانبها زهرةً وبعض الأعشاب .. ثم طرق الباب بخِفه وذهب نحو سيارته ويعود ادراجه لـ تلك المدينه الحزينه ..
_____
سمعت صوت الطرق الخفيف .. عادت وهي تُعيد الغطاء على وجهها وتفتحه .. ولم ترى شيئاً غير الورقه المُعلقه على الباب .. خرجت وهي تنظر تبحث عن احد !.. ولم ترى سِوا السياره التي أقفت .. السياره التي تعرفها جيدً .. عادت وأغلقت الباب .. وفتحت الورقه .. وهي تتلهف بحماسً غريب للموجود بِها .. بدأت الرساله بـ " السلام عليتس والسلام سُنه .. وردتس عليّ واجب ".. وفهِمت من هذه الجُمله انه يرجوا الرد على رِسالته .. ثم اكملت قِراءة المكتوب .." الظروف قاسيّه .. وخلتني ابطي على وعدن عطيّته .. وخلتني اترقب الإجابه على سؤالي .. خابرن هالسؤال سريع .. ومتأكد ماتعرفيني .. لكنّي يوم شفتتس شي واحد جاء في خاطري وهو ودي احطتس فالعيون من العيون .. و ودي ابسط على رمض الثراء يمنّاي لتس .. واظلتس من الشمس في ضل جفوني .. ولا يمر اذنتس سوا لباي لتس ".. ثم إنتهت الرساله .. بـ فهد بن محسن .. إبتسمت إبتسامه طفيّفه وهي تقرا كلماته .. لأول مره تشعر بحُبً كهذا لها بعد جدتها .. دائماً يخطبونها بعِناد .. بإلزام وكأنها مُجبره على تلبية رغباتهم .. لكن الأن !.. هذا الشخص يرجوا مِنها ان تُعطيه قلبها .. وأعلن لها ان قلبه بيّن يديّها .. اخبأت الرساله في جيّبها وهي تدخل وتُكمل عملها بإبتسامه تجهلها ..
_____
.. أشرقت شمس اليوم التالي .. اليوم الذي ستُزرع كليةً في احشاء خالِد .. اليوم المُهيب بحضوره .. عائلة خالد خائفه وتُفكر بقلق على حال كبيّرهم .. أغلقت غُرفة العمليّات ابوابها .. مُعلنةً عن بدء العمليه .. منع المُستشفى حضور احد .. ستنتهي العمليه .. وسيُنقل لـ غرفة خاصه .. وبعدها سيُقبل حضور الزائرين بإحترازات .. بسبب إنقاص المناعه وقد يُنقل اي مرض له .. وأبسط الأمراض عليه في هذه الفتره ستكون شديده بسبب حالته الغير مُستقره .. ولكن زياد اصر ان يكون موجودً .. اصر ان يقف خارج او يجلس في المُستشفى قريبً منه .. وكانت المُوافقه عليّه هي إستسلامً مِنهم لشِدة إصراره .. بقيّت ساره عِند صغيرتها كما هي عادتها .. وفي المنزل تجلس منيره مع صغيرتها التي تخطت القليل وبقيّ الكثير .. ولم تكُن اسيل هامشً بل سيدة المنزل في هذه الفتره ..
____
تفتح ساره قُرانها وتقراه بصوتها الطويل المريح .. أطالت القِراءه حتى شعرت بتحركاتً في يد إلهام .. خرجت بركض وهي تبكي بداخلها فرحً .. أقبل الدكتور والمُمرضه .. واخبرها انها بدأت تستفيّق .. ضحكت ساره بشعورً سعيد كبير وهي تتصل على زياد وتُناديه ليُشاركها الفرح .. اتى زياد ركض من عِند ابيه الذي لم تنتهي عمليّته .. ودخل عِند والدته وهو يرى إلهام تحاول بتعب فتح عيّناها .. ضحك بصوتً طويل وهو يناديها ..: إلهااام تكفيييين !..
واخيراً فتحت عيّناها .. وظلت دقائق عِده وهي تُحاول الإستقرار بنظرها ..
ساره وهي تُمسك كفها وتقول وهي تُقبله..: يامرحبا ياحي هالشوف ..
لفت إلهام نظرها على والدتها وهي صامته .. قال زياد وهو يُحدث الطبيب ..: تقدر تتكلم يا دكتور ؟..
إقترب الطبيب منها وقال وهو يُحدثها ..: اذا تسمعيني حركي راسك ..
حركت رأسها بإيه وهي تستجيب له .. ثم اردف ايضاً قائلاً ..: طيب تقدرين تتكلمين ..
صمتت لم تُجب .. لف زياد على الطبيب وهو يقول ..: دكتور علامها ؟..
امسك الطبيب زياد وخرج به .. ولحقتهم ساره .. سأل الطبيب مُباشره ..: اختك تعرضت لـ صدمه ؟..
زياد بحُزن ..: اي مسألة الحادث الي صار !..
الطبيب ..: لا فيه شي ثاني ؟..
اسرع ..: اي يادكتور بنتي تعرضت لـ خطف وراحوا بها لبرا الرياض وتوجه السكين عليها !..
الطبيب بيقيّن ..: بنتك تعرضت لصدمه .. وصدمه قويه عليها .. لكنها إحتفظت بشعورها بداخلها ..
ثم اردف قائلا لـ ساره ..: لما رجعت من الخطف سميتوا على الأقل عليها ؟..
ساره وعيّناها تدمع ..: لا !..
الطبيب ..: الشخص بعد ما يتعرض لخوف كبير او صدمه .. اقل شي عشر ايام يتم القراءه عليه لحفظه من تلبس الشياطين وتخفيف الم الخوف والصدمه .. لكن للأسف انها خبأت الصدمه .. وتعرضت لصدمه ثانيه .. وتم ضربها ع رأسها .. تحتاج طبيب نفسي .. و تكثيف ذِكر الله والُرقيه .. وغير ذالك والخبر الي ممكن يكون الأسوا انها ممكن تكون فاقده لبعض ذكرياتها السيئه ..
وضعت ساره يدها على فمها وهي مصدومه .. وتحدث زياد بخوف ..: طيب والحل !..
الطبيب ..: الحل مراجعة الطبيب النفسي .. ومحاولة تذكيرها بذكرياتها .. والرقيه الشرعيه .. لان الصدمه الثانيه كانت في بر على كلامكم .. والبر مليء بالجان ..
عاد زياد وساره لـ إلهام في الغُرفه .. بعد حديث الطبيب عن حال إلهام الذي كانوا جاهليّن له ..
جلست ساره بجانب إلهام الصامته .. وعانقتها بدموعٍ حاره .. ولم تُبادر إلهام بالعناق .. بقت بِلا ردت فِعل .. وكأنها فقدت حواسً كثيره ..
______
عاد زياد لـ قِسم والده .. وهو يحمل حُمى مشتعلة في عروقه .. مضت ساعه .. ثم أُخرج خالد من غُرفة العمليّات ويُنقل إلى غرفه خاصه .. مُنعت الزياره له .. الا بعد يومين على الأقل .. قبِل زياد من أجل صِحة والده .. وعاد وهو يُخبر والدته ويُحدث إلهام التي لا تُجيب .. وإتصل على فالح وهو يُخبره .. يعلم انه يُفكر بـ ابيه كثيراً .. وأراد طمأنته لـ ينزاح رُبع همه حتى وإن كان كثيراً .. فرح فالح .. وأخبر تميم .. وبذالك علِمُ عن حال خالد وإلهام .. وإتصلت ساره على منيره واسيل وهي تُخبرهن ..
_____
طلب تميم مُقابلة أخيه .. تمت المُوافقه ودخل وهو يرى اخيه على كُرسي وبينهم مسافه قصيره .. قال سند فوراً وهو قلِقً ..: بشرني ياتميم!..
تميم بحزنً ..: إلهام صحت .. لكن ماتذكر شي .. ولا تتكلم !..
صُدم سند وقال بخوف ..: اهم شي هي طيّبه ؟..
تميم ..:طيّبه جسد لكن تعبانه روح !..
سند بقلق ..: كيف !..
بدأ تميم بإخبار سند عن حالها .. وتعبها من تراكم الألم على قلبها .. عبس وجهه سند من الخبر الذي لم يُعجبه ..
تحدث سند وهو يقول ..: تميم قل لـ زياد يجينيّ ..
تميم بتعجب ..: وليه ؟..
سند بإصرار وتحفُظ ..: ابيه بعلمّن يخصه !..
أجاب تميم بالموافقه وهو يُخرج وتنتهي الزياره ..
عاد سند لـ غُرفة الحبس .. ويجلس برفقة نفسه .. في رأسه عِلم لا يُرى ولا يُقال .. لن يكشِفه مِجهر ولا يحكيّه قاموس اللغه .. حقائق شتى من الواقع وقد يُحاكيّها الخيّال .. وإن حاول إخراجها لن يكون هُناك مجال .. لانه قد يتقبّلها عقلً واحد وترفضها ميّات العقول ..
_____
دخل فالح منزله .. وقابلته حنين وهي تقول بقلق ..: يبه نسيم حالها ماهو طيب !.. وجها كل ماله يشحب!.. ومهما تذوق تروح وتستفرغه !..
فالح بتعب ..: وينهي ؟..
حنين ..: بغرفتها ..
صعد فالح وهو يتجهه لـ غُرفة نسيم .. طرق الباب ولم تُجب .. ودخل وهو يراها تجلس لوحدها .. إقترب وجلس بجانبها .. وقال وهو لأول مره يضع يده على ظهرها ويسحبها ليدخل رأسها بـ حُضنه ..: كفي دموعتس يا نسيم لا تبكين !.. لا تجرحيني فوق جرحي .. تبكين من فرقى وليفتس وتونين!.. وتبين ريحته وصدره يضمتس!..
ثم شد على إحتوائها بصدره وهو يقول ..: خليني يا ابوتس اضمتس.. وتبسمي ياريحته لعليّ انسى وتنسين !..
ماكان عِناقه الا دافِعً لإنهيارها وهدم كل صمتً أخبأته .. مسح على شعرها وهو ينتظر مِنها الإنتهاء من كومة الحزن التي كتمتها .. إنتهت ثم رفع رأسها وهو يقول ..: طالبتس يابنتي خلينا نروح المستشفى !..
نسيم بدموع ..: يبه انت خابر بلاي مايعالجه دكتور !..
فالح ..: لو الدكتور يعالج وجع القلب ماكان به حدن له قلبً مجروح .. لكن الدكتور يا بنتي يعاونتس..
إستسلمت نسيم وهي تستمع لكلام والدها .. وتتجه معه لـ المُستشفى .. أخبر فالح الطبيب عن حالِها .. واخذ التحاليل لكثرة نقص الفيتامين في حالها هذا .. وامسك الطبيب فالح وهو يُخبره .. ان إبنته حامل من شهريّن .. وحمّلها خطير بسبب قِلة إهتِمامها .. خرج فالح وهو يشتري ادويّتها ويذهب بها للمنزل .. جلس معها في الصاله وقال وهو يُعطيها الورقه التي تحمل خبر حملها .. اخذت الورقه وفتحتها .. بعد إستِيعاب ما تحمل الورقه .. وضعت يدها على فمِها وهي تبكي بحرقه .. قِطعه ثالثه تُذكرها بـ حسين .. نظرت لـ تركي وسيف الصغيران المُتشبِثان بـ حنين خوفً من والدتهم المُتغيره .. لم تتحمل نسيم المنظر وهي تقف وتُقبل عليهم وتُعانقهم وهي تنحني لهم وتبكي .. بقوا من بُكائها .. وحزِنوا من حُزن والِدتهم .. ولم تكُن حنين قويه .. وهي تبكي معهم وتشاركهم الألم ..
عِند خروج تميم من المُستشفى إتصل على منيره وهو يطلب منها رؤية زوجته .. واخبرته انها لا تزال على حالِها .. ولكن بإستطاعتِه الحضور وتجربة حظه .. وصل تميم وهو يدخل القريّه .. ويُقبل على المنزل وهو يضرب بابه .. فتحت منيره له الباب وهي تأخذه للغرفه التي عاشت بِها اديم طوال هذه المُده .. خرجت منيره وهي تتركه برِفقة زوجته .. دخل تميم وهو يقترب مِنها ويُبعد عنها اللِحاف الذي يُغطيها .. لفت عليّه وهي تراه وتُبعده بيدها وتسحب اللِحاف على وجهها .. أحزن تميم وجهها الذابل .. عيناها مُحمره .. وبشرتها ناشِفه .. وكأنها زهرةً لم تُسقى .. ابعد اللِحاف مرةً أخرى وهو يُمسك بيدها ويُجلسها .. قال وهو لايزال مُمسك بيدها ..: اديم !.. تبين تزيدين بجوفيّ جروحي ؟..
لم تُجبه وهي تُبعد يده بشفتِها المُرتجِفه .. لم يتحمل تميم حالِها الذي أرهقه .. قال ..: علميني شسوي عشان ترتاحين !..
قالت بصوتً مبحوح .. صوتً بكى حتى جف ..: ابيك تحط قلبي تحت ماء بارد !.. الحرقه الي بقلبي والمشهد ياتميم حرمني راحتي !..
قالتها وهي بعدها تُطلق دموع الألم .. عانقها وهو يدفن وجهها في صدره كما هي عادته .. قالت وهي تبكي بين ضلوعه ..: كنت اكرهه ياتميم .. اكره اليوم الي ارتبطت امي به فيه !.. اكره اللحظه الي ناديته فيها يبه !.. ليه الحين ما ارقد ؟ .. ليه ابكي فراقه كأني احبه !.. ليه مايروح من بالي !..
ثم عادت لتبكي .. وعاد تميم وهو يشُد إحتِضانها .. رفع رأسها وهو يُقبل جبينها ويقول ..: اسمعيني ياحبيبة عيوني .. دموعتس ماهي هيّنه عشان اشوفها واصد عنها .. طالبتس ياثالثة والديني خليني اشيل كل همتس واحطه على اكتافي !..
إبتسمت إبتسامه طفيفه جداً وهي تقول والحزن يعتليّها ..: تميم .. يطيح من التعب قلب رجال .. وشلون ما اطيح وانا بنيّه ؟.. ما عاد قلبي يحتمل تعب واحزان .. اخذني بحضنك وسمّ عليه ..
إبتسم تميم وهو يُعيّدها لحضنه ويُعانقها .. ويقول ..: بسم الله عليتس وعلى قلبتس ..
_____
دخلت المُمرضه على إلهام الجالسه بمفردها على السرير .. اخرجت من جيّبها ورقه .. وقالت وهي تُعطيها ..: هذه الورقه معك اول يوم جيتي فيه ..
ثم خرجت وبقت إلهام بالورقه التي بيّن يديها .. فتحتها وهي تقرأ بِها .."
الله يبارك بالليّالي يوم اني لقيتك
في ليلةٍ .. تسوى بقايا سنينيّ
كذا من الله يابعد روحَي هويتك
وأغلى من اغليته بعد والدينيّ
أنت بس لو تطلب عيوني عطيتك وتنتهي بـ 'سيّن' ..
إشتد ألم قلبها وهي تقرأها .. كلماتها لم تكُن جديده .. تشعر وكأنها تعرِفها .. امسكت بيدها مكان قلبها وهي تشُد عليه وتدمع عيّناها .. دخلت ساره وهي ترى حال إلهام .. إقتربت وهي تُمسك يدها وتقول بخوف ..: علامتس ؟..
لم تُجب إلهام وهي توِن .. تُعانيّ كثيراً وهي تُحارب قلبها .. نادت ساره المُمرضه لترى حال إبنتها .. إقتربت الممرضه وهي ترى الورقه التي بيّدها وعرفت انها تحمل شيئاً من ذكرياتها .. قالت المُمرضه ..: في شي بهالورقه يحمل شي من ذكرياتها !..
نظرت ساره وهي ترى الورقه .. مدت يدها لتأخذها ولكن إلهام ابعدت يدها وهي تضغط على الورقه بيّدها .. فهِمت ساره انها ترفض إقتراب احدً مِنها ..
_____
تواصلت الشرطه مع زياد وطلبت مِنه مُقابلة إلهام من اجل القضيه .. وكان مُترأس هذه القضيه هو سالم .. لأسباب عائلية وحِفظً للخصوصيه .. اخبر زياد والدته عن حضور الشرطه لـ إلهام واخبرت ساره إبنتها .. وتغطت إلهام وتسترت قبل حضورهم .. دخل سالم وبرِفقته ضابِط مع وجود زياد .. قال سالم وهو يُحدثها ..: تذكرين اخر شي صار لتس ؟..
لم تُجب إلهام وهي تضغط على الورقه التي بيّدها .. اردف سالم وهو يقول ..: تعرفين من انا ؟..
لم تُجب ولا تزال تضغط على الورقه بعد كُل سؤال وكأنها تستند بها ..
باتت مُحاولات الشرطه بالفشل وهم لا يجِدون مِنها إجابه .. قرر سالم سؤلها سؤال اخير وهو ينوي بعده الرحيل ..: تعرفين سند بن فالح ؟..
لم تُجب .. ولكن عدم إجابتها هذه المره هو ألم قلبها بعد هذا السؤال .. صرخت وهي تُمسك صدرها وتشُد عليه .. خرج سالم والضابط ونادا زياد المُمرضه ..
إستطاعت الشرطه كسب شيء .. وهو انها تملك شيئاً سيء حول سند و تِلك الذكرى ..
_____
مرت اليومان سريّعه .. واخيراً بإمكان عائلة خالد زيارة والدهم .. دخلت ساره ومنيره وزياد وإلهام .. وفي المنزل تبقى اسيل برفقة اديم .. التي لاتزال ترفض دخول منزل تميم .. اقبلت ساره وهي تُعانق خالد وتقول ..: الحمدلله على سلامتك يابعد كل خلّاني ..
إبتسم خالد وهو يقول ..: الله يسلمتس .. يا منّصاي عن كل العرب لابغيّت انصى..
ضحك زياد وهو يقول ..: يبه يمه !.. عيب عليكم !..
إبتسمت منيره وهي تُقبل على خالد وتُعانقه وتُقبل رأسه وتقول بحنيّه ..: لا توجعني بك !.. تراك الي بقيت لي من الغالين ..
خالد وهو يُقبل خدها ..: ابشري ماتوجع دام وجعي يوجعتس !..
ثم اقبل زياد وتحمد على سلامة ابيه وقال وهو يُقبل رأسه ويده..: ياجعل عمرك مديد وجعلني ما افقدك ..
خالد بإبتسامه ..: وعساني منكم ما انحرم ..
ثم نظر لـ إلهام الواقفه .. تنظر إليه وكأنها لا تعرفه .. داخِلها بارد .. خاليّ من جميع المشاعر .. فتح خالد ذِراعه .. وقال وهو يُناديها ..: تعالي يا بعد كل هالعرب !..
بعد كلِمته كل شيء بِها بدأ يحترق .. ومظهرها ثابِت .. مشت بخطوات ثقيّله حتى وصلت إليه وإنحنت لـ صدرِه .. عانقها وبكى دون ان يشعر .. إشتاق لها .. ودموعه جعلتها تشعر انها بحاجه للبكاء بدون اي مُبرر ..
..
في اليوم التالي ذهب زياد لزيارة سند بعد ما اخبره تميم .. شعر بأنه يحمل شيئاً مُهمً يجب عليه معرفته .. دخل واصبحوا الأن مُقابل بعضهم .. بعد الحديث وأخذ الحال والأحوال .. قال سند ..: ادري في خاطرك شيّن واحد .. وهو ليه انا وإلهام كنّا مع بعض بنفس المكان !..
زياد وهو يقطع حديّث سند ..: انا ثقتي يا سند قبل اقول فيك كبيره .. انا في اختي ما أسيء الظن ..
سند ..: وانا ابي اقولك .. اني انا القاتله ماهي اختك .. وعلمّها انها مهما تذكرت بتبقى ذكرياتها مخطيّه ..
صمت زياد لثواني وهو يفهم ما يقصد سند .. ثم قال وهو يقف ويُقبل عليه ويُعانِقه ..: يشهد الله اني كنت حاس لكن كنت ابي اليقيّن .. 'ثم قال وهو يبتعد من سند' ..: ماني بقايل لا .. لاني هالمره بصير اناني وببعد اختي من هالمصيّبه ..
إبتسم سند وهو يطمئن .. إنتهت الزياره وخرج زياد مُودع سند وشاكِره بحراره ..
..
بعد هذه الأحداث بأيام .. اتى اليوم الذي يجب به ان يعود زياد ليُكمل اخر تِرم من دِراسته .. لم يكُن يُريد الذهاب بسبب الظروف ولكن والداه لم يوافِقا على ما يريده .. إذهب وأكمل ما بدأت .. وعُد وانت تحمل ما يرفع رأسنا .. إضطر ان يستسلم .. ودع اهله وبقيّت حبيبته .. دخل غُرفته وهو يراها حزينه .. لم تودعه معهم .. وبقت لوحدها في الغرفه .. إقترب وجلس بحانِبها .. وقال وهو يُمسك بيدها ..: كيف تبيني اروح وانتي بدموعتس زابنه هنيّا ؟..
قالت اسيل وهي تمسح عيّناها ..: زياد انت جيتني مثل الشروق الي يمحى عتمة الليل .. كيف تبيني اتبسم وانا بقعد كل هالوقت بدونك !..
زياد ..: هالوقت الي بتقعدين بدوني فيّه .. برجع بعده وانا اشيل الي يفخرتس فيني !..
ابتسمت بحزن وقالت ..: طيب لا تقطعني .. كل ثانيه ودقيقه لا تحرمني حسك !..
زياد وهو يُقبل عيّنها ..: ابشري .. من دون لا توصين كيف بحرم عمري حستس!..
واخيراً .. أعطت المحكمه حُكمها .. لم يشتكوا اهل الميت على سند .. وعلى حسبِ اقوال المُتهم .. فهو دِفاع .. ولم يُكن مُتعمدً .. والشريك الثاني في القضيه مُصاب بفقدً حالي لـ الذاكره .. ولم تُؤخذ اقواله .. ولكن !.. إنتِصاف الرصاصه في مكانً حساس جعلت وكأن القتِل مُتعمد .. قرار المحكمه ؟.. سجنن سنتنان للمُتهم سند .. الحُكم قاسي .. ولم تكُن العائله تستحق حُزنً اخر .. يكفيّها ما ذاقت من مراره .. وقف فالح وهو يسحب سند مِنهم ويضمه على صدرِه بشده .. يكادُ ان يكسِر اضلُعه .. وخلفه يقِف تميم الذي وضع طرف شِماغه على عيّنه .. يضغط سند بيده على عِناق ابيه .. وهو يحاول ان يُخفف على نفسِه وقع ما سمِع .. همس فالح في إذن سند وهو يقول بـ فخر ..: لو تقول من اليوم لين اخر يوم بعمري .. انا ادري انك منت الي سويّتها ..
ضحك سند من بيّن دموعه التي يمنعها من الإنهمار وقال ..: انا بن فالح .. وهالأسم لحاله يشرح فعلتي ..
إبتعد فالح عن سند وإقترب تميم وهو يُعانق اخيه .. وقال وهو يشد في عِناقه ..: انشهد انك لا جيت تجي من اقصاك .. جيّت شجاعً ما يتوانا ..
قال سند وهو يضعف بين يدي تميم ..: اجيها لو الموت من دونها يوقف ويحديّ .. لجل عيّنها اجي للموت واقف وحدا ..
تميم وهو يُقبل رأس سند ..: وتالله انها لغيرك ماتغدّي ولو يجي فيها مطالب وثار ..
امسك فالح يد سند وهو يقول ويؤكد بعد حديث تميم ..: الي غدا لي ماني مخليه يغديّ لك .. وانت بن فالح و فالح مهوب معطيّك جرحه ..
______
لم يكُن خبر سِجن سند سعيدً بين الأصدقاء والأقارب .. يعِز عليهم فالح وأبناءه وحُزنهم يعتليّهم ايضاً وكأنه يمسهم .. اجتمع ابو مطلق وابو سالم وهم يُشارِكون فالح حُزنه .. قبل فتره توفيّ ابن اخيه وزوج إبنته .. واليوم يُعلن إعتقال إبنه .. فالح رجلاً طيب وذات صيتً معروف .. لا يستحق هذا الكم من الحزن .. لم يستطع خالد الذهاب لـ فالح بسبب عمليّته التي اجراها تواً .. ولكنه حزينً جداً على سند واشد حُزنً على فالح .. يكسِره ان سند سُجن دِفاعً عن إبنته .. وهو يعتقد ان حديث سند حقيقي وهو دافع عنها وانه من رماه .. يجهل الامور الأخرى .. التي قد تؤلم قلبه اكثر .. قرر فالح الذهاب لـ صديّقه .. يعرف صعوبة إستطاعته على الحضور .. واراد ان يُشارك رفيقه جزءً مِن ما يُثقل كاهِله .. وصل فالح برِفقة تميم لـ بيت خالد المتواضع .. ودخل المجلس وهو يراه مستلقي على فِراش مُتعب .. حاول خالد الوقوف ولكن اجلسه فالح وهو ينحنيّ له ويُعانقه .. لاحظ تميم تغيّر صوت ابيّه وكأنه ضعف عِندما اصبح بيّن يد صديقه .. وخرج وهو يتركهم لوحدهم .. عِندما عانق فالح خالِد وشهق شهقةً صغيره خرجت عِنوه .. قال خالد وهو يضرب بيده ظهر فالح ..: يا فالح هي سنين فاتت قبل فينا تطول ؟.. ولا الحزن ذا موسمه ؟..
فالح وهو يعتدل في جلسته ويُصبح مُقابل خالد ..: مانيب من الي تطيح حصونه يا خالد !.. لكن وجع الولد ماهو بأية وجع !..
خالد وهو يضع يده على فِخذ فالح ..: لو تمشيّك ظروفك يا فالح على الحد الرهيّف !.. لا ترجي غيّر الي فيه يده السيئه والحسنه ..
اجاب فالح وهو يضع يده فوق يد خالد ..: الله يجعل الليّالي السعيده .. الي منها تصب العيون مثل قربةً مشقوقه ..
خرج من عِند ابيه وصديقه .. و وقف خارج المنزل قليلاً .. يُفكر .. صادفه سالم وهو يمُر بسيارته مُتجهاً لـ عمله .. تبادل معه بعض الأحاديث وهو عابِر .. ثم مشى نحو وِجهته .. بعد التفكير قرر رفع هاتِفه وهو يتصل عليها .. ولكن كما هي شخصيتها المُتقلبه .. لم تُجب .. واعاد الإتصال .. ولكنها ايضاً لا تُجيب .. إتصل ثالثةً .. وهذه المره أغلقت الهاتِف في وجهه .. غضِب من تصرفها !.. صبر .. واعطاها وقتها !.. ولكنها تُفرغ بِه ماليس له ذنبً بِه .. مِزاجيه .. ومِزاجيّتها بدأت تُصبح لا تُطاق .. رفع هاتِفه وهو يضغط على رقم منيره .. السلام عليكم وعليكم السلام .. ثم عرفت مطلبه وبغيّته في زوجته .. قالت انها ستجعلها تخرج لـ ساحة المنزل الصغيره .. وهو يأخذها بطريقته ..
دخلت منيره الغرفه على اديم .. ورأتها تجلس في طرف السرير وهي واضِعه هاتِفها بجانبها وعيّناها ليست بخير .. قالت وهي تجلس بجانبها ..: ويش ذنب تميم من الي صاير ؟..
اديم وهي ترفع الهاتِف وترى إسمه وتعود وتضعه ..: مدري يمه .. لكني مره ابيه ومره ما اتحمل حتى طاريه !..
منيره وهي تأخذ نفسً عميقً ..: طيب اطلعي للحوش وجيبي لي الفرشه المفروشه ..
وقفت اديم وهي تستجيب لـ امر والدتها .. خرجت وإتجهت نحو الفرشه .. ولكن يد تميم التي سحبتها جعلتها تُغير وجهتها لتكون مُقابله .. قال وهو يُمسك عِضدها ..: بلاي اني مخليتس على هواتس يا اديم !..
رفعت اديم يدها الأخرى وهي تُبعد يده من عِضدها ..: وبلاي اني غبيه ولا فهمت تصرف امي !..
تميم بضيقه وهو يشُد على يدها ..: صايره تتثاقليني ؟..
اديم وهي توِن من شِدة ضغطِه على عِضدها ..: صايره اتثاقل كليّ .. ماخصيتك بالثقل ..
تميم وهو يترك يدها ويقول بصرامه ..: تدرين ان كثرت الألم تخدر القلب وتفقده الشعور ؟..
قالت وهي تنظر له بحُزن ..: تدري حتى النوم صرت فاشله فيّه ماني قادره انام !..
تميم بإستياء مِنه ومِنها ..: تدرين ان معاد بوسع الوسع انه يسع شي ؟..
صمتت اديم وهي ترغب بشِده في عِناقه .. ولكن الشعور الكبير الذي بداخله مُتقرف مِنه بقوه .. وكأنها ستتقيء ان لامسته .. تنهدت بشِده حتى إرتعد سِلسالها ..
قال تميم وهو يرى شعورها في عيّنيها ..: لا تكابرين .. ولا تشرهيّن .. انتي اول من يقصر ..
ثُم ابعدها وهو يبتعد خارِجً .. إمتلئت عيّناها ونزفت بمُجرد ان أقفى بظهرِه .. مُشكِلتها ان مشاعِرها رهيّفه .. مهما صدّت مِن الطواري وتحايّلت .. لفت وهي ترى إلهام تخرج .. وتلمح تميم المُقفي .. نظرت إلهام مُطولاً لـ تميم .. وكأنها ليست مرتها الأولى التي تراه هذا القِفا .. او رُبما شبهته على أحدهم .. لف تميم وهو ينظر لـ مجلس الرجال ويُحدث من بِه .. وبانت نِصف ملامِحه لـ إلهام .. التي توهمت لوهله انها تعرفه !.. تراجعت خلفها وهي تشُد بيدها على قلبِها .. وتصرُخ بصوتً يُكاد ان يُسمع .. ثم ترفع يدها وهي تضغط على رأسها .. ويتحول صُراخها المكبوت إلى ونيّن مُخيف .. إقتربت اديم وهي تُحاول ان تُمسك يدها التي ستُثقِب رأسها .. لم تستطع إبعاد يدها المشدوده .. و وقفت وهي تتجِه لـ ساره راكِضه .. اتت ساره وخلفها منيره واسيل اللواتي خافا من خوف اديم .. جلست ساره وامسكت بيّد إلهام وهي تقول ..: بسم الله عليتس .. بسم الله عليتس ..
ثم تحاول بهدوء سحب يدها .. التي لا تزال مشدوده بقوه ويصعب سحبها .. إقتربت منيره وهي تضع يدها على صدر إلهام وتقرا عليّها بِما تيّسر من القران .. حتى هدأت وإرتخت يداها .. ثم حملتها ساره وهي تضعها على سريرها .. وخرجت وهي تضع يدها على فمِها وتكتم حزنها .. إقتربت مِنها منيره وهي تقول ..: ابدوا يا ساره بالمواعيد عند الدكتور النفسي .. لا تخلينها تعيش حرب وصراع مع ذكرياتها !..
تنفست ساره الصعدا وهي تُقرر ان تبدأ إلهام غداً اول ايام الجلسات النفسيه .. لإنقاذِها من مُعاناتِها ..
______
اليوم 1 من بداية الشهر الجديد .. الذي بِه يُعلن عن مرور شهرً اخر .. في هذا الشهر اجرت إلهام اربع جلسات عِلاجيه .. ولكن !.. لاتزال إلهام صامِته .. تعجب الطبيب وهو يُحدث ساره .. من عادته ان يتحدث المريض بعد اليوم الثالث بالكثير !.. ولكن إلهام مضى اليوم الرابع وهي مُتحفِظه ورافِضه النُطق .. قال الطبيب انها تتذكر كُل شي .. ولكنها تجهل اهم حادثتين في حياتِها .. الخطف والقتل !.. لا تعلم عن هذه الحادثتيّن شيئاً .. بدأت تتحدث ولكن بشكلً طبيعيّ وعن اموراً عاديّه .. وكأن تِلك المواقف كان حُلمً وهي لم تعيّشه .. لفّت الطبيب شيئاً وهو انها تمسك بيّن يديّها ورقه .. وتشُد عليها مِراراً وكأنها تُفرغ فتورها بِها .. بدأ تساؤل ساره حول الورقه يزداد ..
_____
مر اول شهر من سنتان سِجنه .. وتبقى سنةً و11 شهر .. في هذا الشهر .. نضج سند مئة مره .. وكبِر جِداً .. رافق بعض الأصدقاء .. الذين احضرتهم قساوة الحياه الى هذا الجُحر .. احدهم مُدمن وتائِب بفضِل الله ثم الرجل المُلتحي الذي يُشاركهم السِجن .. وصديّقه الأخر كان شابً صغيراً .. بعمر الـ 20 عامً .. سبب سِجنه هو طعنِه لـ زوج والدته الذي إعتدا عليها بالضرب .. ومن بيّن جلسته مع صديقه التائب سعد والشاب الصغير المُسمى بـ ذيّب .. فز فجاءه بطولِه وهو يقف من دون ان يشعُر .. ثم وضع يده على عيّنه وهو يتدارك وضعه بعد حديث سعد الذي قال ..: ولد !..
إبتسم سند مصدومً من نفسه .. الذي بدأ يتخيّلها .. في ذات الموقف .. وهي ترتجف .. وكأنها اقبلت عليّه بما تحمِله في يدها .. عاد ليجلس .. ذيب الذي لاحظ تغيّر لون وجهه سند .. مسح على وجهه قائِلاً ..: اعيّذك من الشيطان الرجيم !..
تعوّذ سند من الشيطان وقال ..: سجيّت مدري هاجسي وين وداني !..
سعد بقلق ..: ويش ذا السجه الي نقزتك!..
سند بإبتسامه ..: سجةً كل ما قلت انها ركدت جات تحذف لها حصاه ..
لا يستطيع التحدث معها .. ومع ذالك ينتظر رِساله .. يُريد نسيّانها ولا يستطيع النوم دون ان يتذكرها .. يتمنى انه لم يعرفها .. ومن ذالك يعتبِرها أجمل ما حدث له في هذه الدُنيّا .. أحبها حتى بات حُبه يؤلمه .. فِعلاً تعِب من تناقض الشعور ..
______
نسيم .. لم تتخطى .. ولكنها تتعايش وكأنها تخطت .. اصبحت مع تركي وسيف جداً .. بتصرفاتها وحركاتها معهم كانت بِها تعتذِر مِنهم .. لأنها عِندما ضعفت .. جعلت أبنائها هُم التفريغ لـ غضبها .. مع انهم كانوا الأشد حاجه لها في وقتهم الصعب هذا .. إبتسمت حنين وإرتاحت وهي ترى نسيّم التي تحاول ان تنسى وتعيش .. ان تكون لأبنائِها وصغيرها الذي لم يكتمل في احشائها ..
وفالح وتميم لا يزالون مشغولين بقضية سند .. ويحاول بكل قوتهم ان يعفونه .. ويُطالبون بتخفيف لـ الظلم الذي وقع بِه ..
_____
اديم اصبحت تشتاق لـ تميم .. الذي تعِب من الركض خلف اديم التي لم ترأف بِه .. لم تكُن هي فقط من يُعاني .. أعتِقل اخيه .. ومات إبن عمه .. لم يكُن خاليّ من الحُزن .. لم يكُن كبرياء اديم اللاداعي له يسمح لها ان تتصل به .. كما إعتادت فـ تميم هو من يتصل ويسأل ويرجوا !.. دخلت منيره وهي ترى اديم جالسه وتنظر لـ هاتِفها مُنتظره .. عِندما رأت اديم والدتها وقفت وهي تُقبل عليها وتخرج معها .. لم يغِب عن منيره إنتفاخ بطن اديم !.. الذي لاحظته من مُده وربطته بـ تقلباتِها على زوجها .. مسكت بـ يد اديم وقالت لها ..: يا بنيتي ما تهقين انتس حامل ؟..
لفت اديم على والدتها وتحدثت بيأس شديد ..: وين يمه حامل !.. حتى اعراض ما حسيت !..
منيره وهي تجلس ..: طيب خلينا نروح نتأكد !..
اديم بِلا مُبالاه ..: يايمه والله ماني حامل !.. ماله داعي هالمشوار ..
منيره بغضب ..: ليه تحلفين !.. الله ادرى وأخبر !.. وامشي وشوفي !..
اديم بقِلة حيله ..: طيب الي تشوفين ..
رفعت منيره هاتِفها وهي تتصل على تميم ..: ياهلا ..
تميم بفرح ..: يامرحبا .. اعلومتس ؟..
منيره ..: طيبه وبخير ونحمد الله .. لكن هقوتي اديم ماهي طيبه ..
تميم بخوف ..: ليه علامها ؟..
منيره ..: اقول لها شوفي يمكن حامل ولاهي راضيه !..
تميم وهو يستبعِد هذا الأمر ..: وين ياخاله .. ماهي حامل ..
منيره بغضب ..: علامكم انتو ؟.. تعال اخذها وشوف .. ولا تحكون هالحكي ..
رضى تميم و وافق من اجل منيره .. وتلبيه لرغبتها المُصره .. اغلق من منيره وتوجه لـ رقم اديم وضغط عليه وهو ينتظر إجابتها .. رأت اديم إسمه وخرجت وهي تُحدثه لوحدها ..: هلا ؟..
تميم بهدوء ..: ماقلتي لها ؟..
اديم ..: وليش اقول !..
إبتسم تميم وقال ..: طيب جايتس استعدي ..
أغلقت اديم وإبتسمت .. سعيده لهذا اللقاء بعد فتره من الشوق والكِبر .. وصل تميم وخرجت وركبت بجانبه ..
اديم بعد جلوسها ..: السلام عليكم ..
تميم وهو يُحرك السياره وينطلق ..: وعليكم السلام..
اديم ..: وين بتروح .. اكيد مراح تروح تشوف الحمل !..
تميم ..: كيف اروح ومافيه حمل اصلاً ..
اديم بريّبه ..: اجل وين ؟..
لف تميم بنظره إليها وقال بإبتسامه ..: البيت ..
اديم ..: على كيفك ؟..
تميم وهو يتجاهلها ..: اجل على كيفتس ؟.. اذا مشيت على هواتس معاد به لقى ..
نظرت إليه اديم بصدمه من تصرفه .. وصمتت وهي تكتم غيّضها ..
_______
لم يترك ذالك البيت البسيط طوال الشهر .. في كل يومً يستيقظ فيه يذهب له وينتظر بعيداً مِنه اي إجابه على رِسالته .. طال الإنتظار ومر الشهر ولم يتلقى ما يبتغي .. وعاد للمنزل كما هي عادته طوال هذه الفتره مخذولاً ..
_____
فكرت كثيراً .. وكلما فكرت يكون هو سيّد افكارها .. خرجت للجده وهي تحمل القهوه .. تحدثت الجده بطاريه وكأنها تعلم عن مايجول في جُعبتها عنه ..: وين ذاك الصبي معاد شفته !.. عطاني وعد اسبوع ومن هذاك اليوم مختفي !..
تحدثت العنقاء ..: وانا ويش عرفني يامه ..
الجده وهي تنظر لـ العنقاء بتمعّن ..: صامله ما تبينه ؟..
العنقاء برعشه داخليه مُفاجأه ..: يامه ليه كل يوم تعيدين السؤال ؟..
الجده ..: لانتس كل يوم كذا وماتعطيني إجابه صريحه !..
العنقاء وهي تقِف ..: لاني ما ادري ..
ثم دخلت وهي تترك الجده .. إبتسمت الجده وهي تفهم الشعور المُشتت هذا ..
_____
غابت شمس هذا اليوم .. وحلّت الظُلمه .. وإختفت الإناره وبقت إنارت قمرٍ مُتفرد .. تجلس في ساحة المنزل الصغير لوحدها .. ادخلت يدها في جيبها وأخرجت الورقه التي رافقتها طوال هذه الفتره الغريبه .. الفتره التي هي ذاتها تجهلها .. فتحت الورقه .. وقرأت كلِماتها .. ثم أغمضت عينيّها وهي تحاول ان تتذكر .. هناك شيئاً ما يجول في مُخيّلتها .. شاب طويل .. عريض المُنكبين .. وغير ذالك عجِزت ان تتذكر .. ثم فتحت عيّنيها ونشرت بفراغ امامها .. ثم تذكرت موقفً قديم .. قبل عِدة اشهر .. عِند بقاله !.. ابيها ساقِط .. والشاب ذاته يحمِله .. ثم أغمضت وبدأت بترتيب ذكرياتها .. بعد ذالك ؟.. ماذا حدث !.. صحيح !.. دخلت عليه في غُرفته .. فتحت الباب على عجله وسمِعت مِنه جُمله وهو يُسند رأسه على الطاوله .. يظُن انها لم تسمع .. ولكنها الأن تتذكر !.. سمِعت الجُمله .."الرمش سادات قومً في الضحى سجُد".. ثم فتحت عينيّها بسرعه .. وفتحت الورقه .. وقرأت مابين القوسين ( سيّن ) .. وفي تِلك الرِده قبل الدخول على الطبيب .. كُتِب إسمه .. حرف السين !؟ .. رأته !.. متأكده !.. (سند) .. لسببٍ ما إبتسمت .. ثم توالت ذِكرياتها معه .. دفع مال عِلاج ابيها .. ثم عبرت في ذاكِرتها نظرته لها في السياره .. ذالك اليوم وهو يُعيدهم للمنزل .. وماذا بعد ؟.. مالذي حدث بينيّ وبيّنه !.. لماذا اعجز عن تذكر وجهه بالتفصيل !.. مرت ذِكرى ثانيه .. وهي تُحدثه في غرفته .. وكانت تطلب ان تقوم بتحاليل لمساعده ابيها .. وكانت نظراته مُعجبه وفخرً بتصرفاتها .. لماذا الأن بدأت تفهم نظراته !.. كيف لم تلّحظها مِن قبل ؟.. عادت لـ تُغمض جفونها .. وتضغط على الورقه .. ثم تذكرت ان إسمه تكرر في حياتها !.. عِندما انقذ اخيّها ورمى على الرامي .. ولكن بعد هذه الذكرى نبض رأسها بشِده وهو يؤلِمها .. رمي ؟.. رامي ؟.. اصابه !.. فيه قدمه !.. وقفت وهي تشُد على رأسها وتذهب مُسرعه لتدخل على والدتها .. رأت ساره شكل إلهام المُخيف وهي تُقبل عَليها و تبكي وهي تُمسك رأسها .. امسكت ساره بِها واجلستها .. وقالت وهي تُمسك بيّدها بشده ..: علامتس ؟..
إلهام وهي تتذكر .. وتُعاد لها جميع ذكرياتها .. بكت .. وشهقت بصوتً طويل وهي تُنزل يدها من رأسها وتنظر إليها .. لم تكُن يدها خاليه .. كانت مُمسكه بشيئاً ما .. شيئاً مؤدي .. يقتل !.. يُنزف الدم .. صرخت بشده وهي ترى شريط ذالك اليوم يمشي امامها .. لم تعرف ماذا تفعل ساره وخرجت تُنادي خالد .. الذي دخل بخوف وبرفقته منيره .. جلس قِبالها وتحدث معها وهو يمسك يدها ..: سميّ بالله .. بسم الله عليتس !..
إلهام نظرت لـ ابيها وبكت وهي تقول ..: يبه سألني من انا بنته !.. قلت بنت خالد!..
تعجب خالد وامسك بها وعانقها وهو يُصمِتها .. لم تصمت وهي تشهق وتبكي .. وترجف يدها .. اطال عِناقها حتى نامت .. ولف بنظره على ساره وقال ..: بدت تتذكر .. لحد يضغط عليها .. خلوها ترتاح ..
______
وصل تميم للمنزل .. ونزل برفقة اديم .. دخل وجلس وأشار لها لتجلس بجانِبه .. إقتربت وهي تجلس وتُزيح نِقابها .. تحدث وهو يرفع هاتِفه ..: ويش نطلب عشاء ؟..
اديم ..: ماني مشتهيه شي ..
تميم وهو يلف بنظره عَليها ..: اديم !..
اديم ..: ماحس بجوع ياتميم ..
تميم يُزيح نظره عنها ..: براحتتس ..
واتصل وطلب عشاء .. وصل ونزل ليُحضره .. صعد وهو يضع الطعام امامهم .. شمت اديم الرائحه القويه وعبس وجهها .. فتح تميم الأكل ولف عليها وهو يرفعه .. ابعدته بيدها وهي تضع يدها الأخرى على فمِها وتذهب راكضه لـ دورة المياه .. بدأت بالإستفراغ .. تعجب تميم وقام خلفها وهو يرى حالها .. إنتهت ولفّت اليه وهي تُمسك فمها ..: شذا الأكل !..
تميم وهو يُمسكها ..: علامتس يابنت ؟..
خرجت اديم وهي تنوي التحدث .. ولكن عودة الرايحه وهي تغزوا معدتها .. جعلها تعود لـ الإستفراغ مُجدداً وهي تدمع .. لم يفهم تميم الحاصل وهو يراها تبكي وتستفرغ!.. إنتهت وخرجت وهي تقول ..: تميم طالبتك كُبه !..
تميم ..: من الأكل ؟..
اديم ..: اي ريحته تدبل الكبد !..
تميم وهو يمسح عيّنها ..: خلاص بكبه ..
إبتعد وهو يحمل الأكل .. وعادت هي لتُكمل إستفراغها .. الذي اخاف تميم .. عاد وهو يقول لها ..: امشي للمستشفى ..
اديم بتعب ..: وين المستشفى !..
تميم بغضب ..: يا بنت وجهتس صار اصفر !.. امشي نشوف البلا !..
إستسلمت له وهي تلبس عبائتها وتتجه معه للمستشفى .. وصل ونزل وهو يُمسك يدها وقلبه مليء بالخوف عليّها .. بدأت الطبيبه بأخذ حالتها والفحص .. وقالت وهي تسمع حديث تميم عن إستفراغها ..: يمكن حامل يا بنتي !..
تميم بيأس ..: ماهو حمل ..
الدكتوره ..: هذي اعراض حمل !..
تميم ..: كيف تحمل وزوجها ما ينجب ؟..
تعجبت الدكتوره وقالت بقلق ..: متأكد ؟.. يمكن تحليل خاطيء !..
تميم وهو يقف ولا يزال مُمسك بيّد اديم ..: اذا طلع الفحص حنا برى ..
ثم خرج وترك غرفة الطبيبه .. لفت اديم على تميم وهي تقول ..: تميم انت الي سويت تحليل العقم ؟..
تميم ..: لا ..
اديم وكأنها بدأت تفهم ..: افنان ؟..
تميم بغضب ..: سكري الموضوع ..
صمتت اديم وهي مُتعبه .. ليست في حالً يتحمل نِقاش طويل ..
نادت الممرضه ودخلوا عِند الطبيبه .. قالت الدكتوره وهي تضع الورقه امامهم ..: تأكدوا من العُقم .. لأن هالورقه تقول انك حامل بالشهر الثالث !..
صُدمت اديم صدمة فرح .. بعكس تميم الذي ابعد الورقه وهو يقول ..: متأكده ؟.. يمكن فيه غلط !..
اديم بغضب ..: بتشكك في صِحة ورقة الدكتوره و واثق من ورقة افنان ؟..
تميم بغضب مِن حديث اديم ..: مابي اتحمس على شي ويكسرني !..
الدكتوره وهي تقف ..: نقدر نسوي سونار .. ونشوف فيه حنين بالرحم او لا !..
إبتسمت اديم وهي تقف وتقول ..: احسن .. عشان يعرف من يصدق !..
تميم بخوف من كونه يعيش طوال هذه المُده في كابوس كاذِب .. امسكت اديم يده واوقفته .. ومشت برفقة الدكتوره حتى إستلقت اديم على السرير الصغير وهي ترفع ثوبها وتُظهر نِصف بطنها .. وضعت الدكتوره الجهاز على بطنها .. وماهي الا ثواني .. حتى سُمع نبض .. وعلى الشاشه دائره صغيره تحوم في عُمق رِحم اديم .. كان صوت النبضات مُهيبً عِند تميم .. إرتعش كُله من الصوت الذي ظن انه مُستحيل في حياته .. امسكت اديم يد تميم وهي تُثبت له انه عاش وهم .. وكِذبة مُخطط لها .. تذكر تميم حديث والده الدائم .. عن عدم تصديقه ل افنان .. وانها كاذبه !.. ولكنه رفض التأكد لخوفه من تكرار الألم له .. إنتهوا وتحدثت الطبيبه عن فترة الحمل الخطره .. وان جسدها ضعيف .. وبحاجه قويه لغذاء صحي مُنتظم .. فهي الأن تُغذيّ روحان .. وليست وحدها ..
ركبوا السياره ولا زال تميم يسوده الصمت .. لايعلم كيف يشرح الشعور الذي يعتليّه الأن .. ظل صامِتً حتى وصل لـ منزل خالد وانزل اديم .. التي نزلت مُتعجبه من ردت فِعله الغريبه !.. ليس هذا هو الشعور الذي يجب ان يُخرجه ..
_____
عاد وهو في سيارته .. لا يعلم .. هو حقاً جاهل تماماً بِما يجب فِعله .. توقف قليلاً واسند رأسه امامه واغمض عيّناه .. هو عقيم ؟.. لا يُنجب !.. رفع رأسه واشغل السياره .. وإتجهه للمُستشفى .. سيقطع الشك باليقين .. دخل على الطبيب .. اقام التحليل .. واخبره انه لا يأخذ الكثير من الوقت .. تعجب !.. في ذالك اليوم قالت له سيخرج في اليوم الأخر .. صمت وجلس .. خرجت النتيجه .. اخذها .. ورفعها .. ونظر .. واعاد النظر .. وما هو مكتوب لا يتغير .. سليم !.. مُعافى !.. رجلً كامل خالي من عيّب العُقم .. بريء من كلمة النقص .. جاء في رأسه شي واحد .. وهي خالته .. وطليقته اللعينه .. ذهب وهو يتجه لمنزلهم بغضب .. وصل ونزل وطرق الباب بقوه .. فتح له زوج خالته وهو يقول ..: علامك ؟..
تميم وهو غاضِب بشده ..: خالتي وينهي !..
تحدث الأب بغضب ..: احترم من قدامك !..
تميم في مُحاولة لهدأة نفسه ..: محترمك يا عم .. لكن فيني ضيقةً ما لها تالي .. ناد لي خالتي ..
لم يفهم الاب الغضب الذي ملأ تميم .. ودخل ونادا زوجته .. التي اتت وهي خائفه لأول مره ترى تميم هكذا .. وصلت وتحدثت بصوتً يدعي الهدوء ..: ويش فيك ياوليدي !..
تميم بغضب ..: وليدتس!..
ام افنان ..: علامك !..
تميم وهو يرمي الورقه امام خالته ويتحدث بغضب ..: علامي اني اثق فيتس .. اني ما اشك في الكلمه الي تجي منكم !.. علامي اني طيب وربيت على الطيب !..
فتحت ام افنان الورقه وشهقت وهي تضع يدها على فمها وتدعي الصدمه وتقول ببراءه كاذِبه ..: مافيك شي !.. الحمممدلله !..
تميم ..: الحمدلله ؟.. مصدومه !.. لتس ولـ الحيه الي ربيتها تحت ظلي ثلاث سنوات .. بيني وبينكم حقً عند رب العالمين .. مانيب ردي عشان امد يدي ولا ارد الفعل الشين بالي اشين منه .. لكن وتالله اني لأوقف معكم قدام ربً يجبر الكسير !..
ثم خرج وهو غاضب .. وخلفه خالته ترتجف خوفً من قسوة كلِماته .. لم تتوقع هذا منه !.. وايضاً كانت جاهِله لـ الجرح العميق الذي تركوه به وعاشوا حياتهم .. دون ان يعلموا اعاشوه في وهم مؤلم وقاسي وجارح ومُخدِش .. وكانت هذه ردة فِعلً بسيطه بالنسبه لصعوبة ما يحمِله ..
____
ركب سيارته وفمه يضحك !.. لا يستطيع إغلاق شفتيّه من الإبتسام .. سعيد جداً .. افرغ مابه.. وعرف ان حيل الله اقوى .. وايضاً !.. اديم هي أمً لأبناءه كما وعدها و وعدته .. إتجهه فوراً لها يريدها الأن اكثر من أي وقتً مضى .. وصل بعد طول عناء .. وكأن تلك القريه اصبحت بعيده جداً اليوم .. مهما ضغط على البانزين لا يزال منزلهم في أقصى البِلاد .. وصل .. ونزل بسرعه .. وضرب الباب بلهفه .. بشوق .. بتوّق .. بترقب .. بكُل مشاعر الإنتظار .. فُتح الباب ..
دخلت المنزل مُتعجبه مِنه .. لم تتوقع ابداً .. ان شعوره سيكون هكذا !.. إستقبلتها اسيل وهي تقول ..: من وين جايه ؟..
اديم وهي تنزع عبائتها ..: من تميم ..
اسيل بإبتسامه ..: زييين ..
اديم بعُبس ..: وين إلهام ؟..
اسيل وهي تجلس بضيّق ..: إلهام تذكرت وإنهارت .. وقروا عليها لين نامت ..
اديم بصدمه ..: تذكرت !.. ويش قالت !..
اسيل ..: قالت بس انه سألها من بنته .. ثم بكت وما سكتت ..
اديم بحزن ..: إلهام الي ماتنزل دمعتها !.. صارت تنزل كل دمعات حياتها الي كبتتها!..
اسيل بذات الحُزن ..: عشان كذا لا تصدقين القوي .. خلف القوه ضعف كبير ..
قطع حديثهم دخول ساره التي وضِح عليّها إحمرار عينيّها .. قالت بهدوء غير مُعتاد من ساره ..: بنات تعشى خالد ؟..
وقفت اسيل وهي تقول ..: اي عطيته عشاه وتعشى ونام ..
ساره بإبتسامه طفيّفه ..: الله يسعدتس يا اسيل .. بدونتس ما ادري كيف بتحمل ثقل هالأيام ..
إبتسمت اسيل بسعاده وهي تقول ..: بكم تحملت ثقل أيامي .. وهذا رد الدين ..
إبتسمت ساره إبتسامه مُمتنه .. وخرجت بعدها وهي تُغلق الباب .. ولفت اديم على اسيل وهي تقول ..: شكلها بكت !..
اسيل ..: كيف ماتبكي وهي تشوف بنتها كذا .. وكل مره تبكي إلهام كانت ساره تبكي اكثر منها ..
اديم ..: قلتي لـ زياد ؟..
اسيل بنفس عميق ..: ايه .. وضايق مره .. وده انه يكون بينهم .. لكن بأذن الله يرجع ويكون معهم ومعه ثمرة تعبه ..
اديم بهدوء ..: بإذن الي ماغيره احد ..
فجاءه سُمع الباب يُضرب بقوه .. وقفوا برهبه من شِدة الصوت .. نظروا من النافذه .. وإذ بـ خالد يخرج من المجلس بتعب ويتجه للباب ويفتحه ..
____
خرج امامه خالد وهو يفتح الباب .. ولا تزال الإبتسامه تعتليّ فمّه .. قال خالد بتعجب مِنه ومن وجهه ..: إقلط وعلامك ؟.
إقترب تميم وهو يُقبل رأس خالد ثلاثً .. ويبتسم .. قال خالد بإبتسامه ..: علمني ياولد خلني اضحك معك !..
دخل خالد وتبعه تميم وهو يقول ..: ابشرك يا عم ..
خالد وهو يلف بنظره لـ تميم ..: ايه تكفى .. عطنا من البشارات !..
تميم بإبتسامه ..: هالسياره تخصني زود .. لكن بفضل الله .. ابشر بورعً له ثلاث شهور يشاركنا ما درينا عنه !..
تعجب خالد لوهله .. ثم إبتسم وهو يفهم ..: مبروك مبروك !.. الله يتمه يارب ..
ثم اقبل وهو يُعانق تميم .. وإبتسم تميم وهو يُجيب على خالد بـ "الله يبارك فيك"..
خرجت اديم التي رأت تميم وهو يدخل برفقة خالها .. لف خالد وتميم بنظرهم على اديم .. وقال خالد وهو يُحدثها ..: مبروك يابنيتي .. الله يتمه ..
إبتسمت اديم من حديث خالد .. وزادت إبتسامتها وهي ترى ملامح تميم .. ترى عيناه الضاحِكه .. وفمه الذي لم يُغلق .. في مُحياه ابتسامه كبيره .. دخل خالد وهو يتركهم لوحدهم .. وإتجهت اديم وهي تُعانق تميم الذي فتح ذِراعاه لها .. عانقها بشده وهو يدمع دون ان يشعر .. سيُرزق بطِفل .. سيُكرمه الله من عطاياه الجميّله .. قال وهو يشِد في عِناقه .. ويغرِس وجهه في عُنقها النحيّل وعلى وجهه يرتطم شعرها القصير ..: حالي طواه الهم من عقب ذيك الورقه .. لكن الحين حالي أعتلاه السعد من بعد ربط اسمي بتس..
ضحكت اديم بصوت ناعم طويل وبه يختلط بُكاء الفرح وقالت ..: قلت لك ان رفضت الدنيّا تجيك على الكيّف .. انت على درب الصبر قد مشيت ياتميم ..
إبتسم تميم .. بل هو لا يزال مُبتسم .. قال وهو يزيح العِناق ويقول وهو بيديّه يُمسك وجهها ..: جابتس الله من بياض الفال والحظ الكبير ..
قطع لحظاتهم المُميّزه .. والفريّده بلهفتها وشوقها .. منيره وهي تقول ..: هقوتي اني في ظني اصبت!..
تميم وهو يبتسم ..: واشهد انه من ازين الظنون ..
ثم اقبل وقبّل رأسها .. وقالت منيره ..: مبروك وعسى الرحمن يتمّه ..
اقبلت اديم وهي تُعانق والدتها .. وفي محجر عيّناها دمعتان تُعلن نزولها .. قالت منيره وهي ترفع شالها وتمسحها ..: هالبنت تبكي ضايقه وفرحانه !..
تميم بإبتسامه ..: عيونها سيّل ..
ضحكت اديم من تعليق تميم وقالت منيره وهي تنوي الذهاب ..: يالله عندي شغلات ..
ودخلت وهي تترك الإثنين بمفردهم .. وقالت اديم وهي تضع يدها على بطنها ..: يعني هالنتفه الحين هنا ؟..
تميم وهو يضع يده فوق يدها ..: هالنتفه .. لو دريت ان محله هنا .. كان من قبل ثلاث سنين ماشي للكويت ..
ضحكت اديم من كلمته .. وهي ترفع رأسها و تستقِر عيّنها بعيّنيه ..
_____
أشرقت شمس اليوم التالي .. اليوم الذي يُعتبر يوم سعيد مُميز وجميل بالنِسبة لـ اديم وتميم .. الذي لم يتحمل وأعاد زوجته معه المنزل .. أراد ان يُبشر ابيه واخواته وأخيه عن السعاده التي ملأته .. ولكنه عاد مُتأخر وصعّب اليه إخبارهم .. واليوم استيقظ وكانت اول مُهمات اليوم .. هي مُشاركة سعادته مع عائلته .. رأى اديم المُستيقظه قبله والتي ايقظته بصوت إستفراغها "وانتم بكرامه".. وقف ودخل عِندها وهو مُغمض نِصف عيّنيه .. خرجت بعد اسيل وجهها .. وقال تميم وهو يُمسكها ..: علامتس ؟..
اديم وهي ترفع يدها وتُزيح شعرها من وجهها ..: ياخي كل شي يقرفني !.. الروائح كلها ما اتحملها..
تميم بتعجب ..: طيب والحل !..
اديم وهي تضع يدها على فمِها وتركض عائده وتستفرغ .. بكت قالت ..: ياربييييي ..
تعجب تميم وهو يرى حالها .. نزل وتركها وإتجهه عِند نسيم التي تملِك خِبره .. رأى امامه والده الذي يجلس في مُنتصف الصاله .. رفع فالح رأسه وقال وهو يرى تميم ..: اربها احسن الحين ؟..
تميم بإبتسامه ..: اي احسن يا يبه .. واحسن جدا مع بشاره !..
فالح بتعجب ..: بشر !..
تميم بإبتسامه كبيره وهو ينظر بلهفه لردة فِعل ابيه ..: اديم حامل يابو تميم !..
نظر إليه فالح بتعجب .. ثم قال بصوتٍ طول وهو يقف يستوعب ما يُقال ..: اسألك بالله !!!..
توقف تميم ايضاً وهو يضحك وقال ..: اي بالله .. لها ثلاث شهور!..
ثم اقبل فالِح يُعانِق إبنه ويُربت على كتقه بقوه وهو يقول ..: والله اني داري !.. قلته يا تميم ولا طعت شوري !..
ثم قال مره أخرى وهو يبتعد عن عِناقه بعد تقبيل تميم لـ رأسه ..: مبروك اي والله مبروك !.. وعساه لـ التمام ..
دخلت حنين وهي تسمع حديثهم وتقول بعد وضع يدها على فمِها ..: اديم حاااامممللل !...
ضحك تميم وحرك رأسه بـ ايه وهو يُعانِقها بعد إقبالها عليه .. قالت وهي تمسح عيّنها ..: حي ذا العين بالأخبار الي تثلج الصدر !..
دخلت نسيم وهي تُمسك يد تركي .. وقالت وهي تجلس ..: علامكم ؟..
حنين بإبتسامه كبيره ..: تميم ينتظر نتفه في بطن اديم !..
نسيم وقفت بسرعه وهي تصرخ ..: صصصادقه ؟..
تميم بـ ضِحكه ..: اي والله صادقه ..
ثم اقبل هو على نسيم وهو يُعانقها التي بكت في محلِها .. إشتاقت للأخبار السعيده .. وكان هذا خبراً مُميزاً وسعيد بشكلً لا يُعقل .. قالت وهي تبتعد مِن عِناقه ..: والله ان فرحتي مايضاهيّها شي .. وصدق ابوي ..
بعد هذه الأحاديث .. تحدث تميم لـ نسيم عن كثرت إستفراغ اديم .. وقالت بنِصف إبتسامه ..: تستفرغ عندك ؟..
تميم بـ جهل ..: كيف يعني ؟..
نسيم ..: يعني لا قربت منها ؟..
تميم وهو يتذكر ..: اي غالباً !..
نسيم بضحكه ..: يا عمري .. البنت متقرفه منك .. خلها عند اهلها ولا ترى كل ما شمت ريحتك بتستفرغ !..
تميم وهو يقف ..: لا تكفين !..
ثم ذهب لـ جناحه مُتجه لـ اديم ..
قال فالح بإبتسامه وهو يراه يذهب ..: مايمديه يفرح بالحمل ..
_____
دخل تميم عليها وهي تعبيء كيس بالعطورات .. سأل مُتعجب منها ..: ويش تسوين ؟..
اديم هي تضع يدها على انفها ..: عطوراتك ما اتحملها !.. كل ما اشمها استفرغ ..
تقدم تميم منها بهدوء وهو يتأكد من حديث نسيم .. وامسك بـ خصرِها وهو يُقربها مِنه .. تعجبت اديم مِنه ولكنها لم تستطع فِهمه وهي تضع يدها ع فمِها وتركض لـ الإستفراغ والتقرف .. جلس تميم على السرير وهو يُمسك رأسه منهار .. لا يريد ذهابها .. ولا يستطيع إجلاسها وتستمر في الإستفراغ وعدم تحمُل قُربه ..
أنت تقرأ
رواية فيك القصيد المعتق
Poetryأحياناً يكون ألم الماضي هيّ قُوة الحاضِر .. حربُ الماضي وماتاهَتِها تختلِقُ جسارتً وهيّمنة .. الماضي أرهق وأنهكَ تلك الشخصِيات وهدم سعادةً .. لـ يصنّع بدلها جبرُوتً قادِراً على صدِ الهجماتَ .. مالذي حدث لـ حُبِهُما ؟ ماهو سبب الفِراق والعيش الأليم ؟...