جلس وقال بخوفً لا يُخفى عليهم ..: العلم ويش هو !..
ثم تدارك وضعه و وقف وهو يُقبل رأس ابيه .. نسى ذالك من ربكتِه .. تحدث فالح وهو يُهدئه ..: اركد اركد .. واقعد وعيّن من الله خير ..
جلس سند ولا تزال عيناه تنظُر إليهم بتساؤل .. قال تميم وهو يبتسم إبتسامه كبيره ..: تصيبك فالليل نوبات إكتئاب يا سند .. وبتطيّب لاسمعت علمنّا ..
إبتسم سند إبتسامه إشتاق هو ذاته لها .. وكأنه سيسمع الأن خبرً مُفرِحً إنتظره كثيراً .. قال والحزن ينجلي من وجهه ويُخالط ملامحه الفرح ..: ظنيّت بالله ظن الواثق المدرك .. مهما ضاق صدري ..
قال فالح وهو سعيد اكثر من سعادة أبناءه .. وكأنه هو من فاز بحُبه .. وكأن قلبه هو من إنتصر ..: جاك الفرج يامنتظر طلة سهيّل ..
ثم وقف وقال ..: ابشر بـ من ضحيت له .. ابشر بنتيجة شقاك .. ابشر يابن فالح بـ بنت خالد ..
وقف سند بدهشه .. توقع السعّد ولكن لم يكُن توقعه انه سيفوز بِها .. انها واخيراً ستكون له .. ثم ضحك بصوتً طويل .. و وقف تميم وهو يُعانقه .. وشد سند على عِناقه وكأنه سيخنِقه .. ثم ازفر بصوتً يسمعه كل سجينً وحارس .. قال وصوته يرجف من هول ماسمع ..: يالله ياربي ..
وابعد عن اخيه .. واقترب من أبيه .. وقبل رأسه .. ثم قبل انفه .. ثم رفع يد ابيها وقبل كفه .. وعاد وعانقه وقال ..: خلتني الايام مكتوف الاياديّ .. لكني دريت ان وراي جبال بتهد اركان الشده وبتجيب لي مرادي ..
امسك تميم يد سند وقال وهو يُحدثه ..: أغتالت الأيام بسمتك وانت الضحوك .. وحلفنا نرجع لذا المحيّا بسمته ..
إبتسم سند إبتسامه كبيره .. مهما يفعل .. يضل ابيه وأخيه هُم دِرعه الحامي .. كُلما ضاقت الأرض بِه وخنقته ومنعته مِن التنفس .. كانا يُوسِعان ضِقها ويبعِدان الإختناق مِنه حتى وإن إرتدت الأرض وخنقتهم .. كانا يفرشان الأرض له ليستطيع المشيّ .. مهما كبِرت .. عِندما يكون لديك مِثل هذا الأب والأخ .. فأنت لا تزال صغير ..
طلب سند مِن ابيه ان يُخبر سالم انه يريد مُقابلته .. وكأنهم فهموا سبب هذا الطلب ..
______
غابت الشمس واعطت القمر وقته في الإناره .. وشاع نوره البارد تِلك القريه .. كما هي عادتها تُصارع افكارها بكوبِ شاي و وِشاح يدفيء قلبها قبل جسدِها .. تجلس لوحدها في الساحه الصغيره .. جلست واخرجت للمره المليون الورقه الصغيره .. الورقه التي بعدها تعرضت لأسوأ لحظات حياتها .. والورقه التي بسببها تذكرت كُل شي وخفق قلبِها .. الورقه التي زعزعت ثباتها .. الورقه التي تشعر بشعورً مُختلف كُلما عادت وقرأت كلِماتها .. إبتسمت وهي تقرأ المكتوب .. ثم اخرجت القلم الذي احضرته معها .. ولفت الورقه على الجزء الفارِغ .. وبدأت تكتب هي ايضاً شعوراً خالطها ..:" فكيّت لك باب عن الناس سكرته".. ثم كتبت تحتها بخطٍ صغير "إلهام السند".. واغلقت الورقه وخبئتها وهي ترى إقبال أسيل واديم عليها .. وكُلً مِنهم تحمل معها من الشاي والكعك .. قالت اسيل وهي تجلس ..: صدق اكثر شي مشتاقه له ..
جلست اديم وهي تضع اكواب الشاي ..: كالعاده خيانات إلهام كثيره .. خير طالعه بشاهي لحالج ؟..
إلهام وهي تلف عليها وترشف من كوبها ..: الخصوصيه بهالبيت معدومه .. ما اقدر افكر شوي ؟..
ضحكت اديم وهي اقول مازِحه ..: لا لاتفكرين .. بعدين تدخلين علينا تبكين ..
ضحكت إلهام وقالت ..: لا ابشرتس بطلت دموع ..
اسيل وهي تُعطي إلهام قِطعه من الكعك..: لا ابكي ماعليك منها .. متى ماحسيتي ان قلبك مكتوم .. ابكي وخليه يرتاح .. شفتي كبت الدموع شنو سوى !..
اديم وهي تضع يدها على بطنها ..: خلوكم من الدموع .. متى راح يكبر بطني ؟..
إلهام وهي تبتسم ..: ياخي مواضعيتس دايم شيّقه .. بدال ما تفكرين في كُبر بطنتس .. شذنب المسكين الي ماتتحملين ريحته ؟..
ضحكت اديم بصوت وهي تضع يدها على فمها..: والله كسر خاطري .. لكن غصب عني .. مجرد ما يقرب مني تلوع كبدي ..
اسيل ..: عايش بوهم العقم ويوم زان حظه تقرفت منه زوجته ..
كانت هذه الجلسه كفيّلة بأن تكون بلسم على جُرح كُلً مِنهن .. لم يجلِسوا هذه الجلسه بعد الذي حدث .. عاشت إلهام لحظات حزينه .. وكانت اديم بوهم الكوابيس .. وكانت اسيل تحمل على كاهِلها مسؤليه كبيره وذهاب زوجها لم يكُن سعيداً لها .. ولكن وجودهُن برِفقة بعض كانت مواساه لبعضِهن .. يتحدثن بأريحيه .. بكُل طمأنينه .. لا اخاف ان تُسيء الظن هذه .. او لا تفهم هذه ..
تخرج الكلمات مِنهن متشابكه .. وبكل سهوله يتم فِهمها بدون عُسر ..
______
خرج مِن منزله وإتجه الى منزل عمّته .. مُنذ تِلك الحادثه وهو لا يتحدث مع إبن عمته .. لم يكن هذا ما يريده .. كُلما حاول التحدث معه صده وغضب وذهب .. لم يُعطي مسلط الفرصه لـ التحدث .. قرر اليوم الذهاب إليه .. ورُغماً عنه سيتحدث .. طرق الباب وصرخ مُنادياً عابد .. جابت عمته وفتحت الباب وقالت ..: يالله حي مسلط ..
قبّل مسلط رأسها وقال بإبتسامه ..: الله يبقيّها .. ثم قال ..: ياعمه شفتي عابد ؟..
العمه وهي تتذكر ..: والله ماني بداريه ياوليدي .. من طلعتكم للبر وهو يصد ويطلع من البيت ولا يرجع الا تالي الليل ..
مسلط بتساؤل ..: طيب ماتدرين وين يروح ؟..
العمه ..: قلبه عند بيت جدتك .. شوف يمكن يحوم حوله ..
ذهب مسلط وإتجه نحو منزل جدته .. الذي لا يبعد عنهم .. كلهم بجانب بعض بمسافات قصيره جداً .. وصل وطرق الباب .. وجاءه صوتها من خلف الباب وهي تقول ..: مين ؟..
عرف صوتها وتحدث بهدوء ..: جده وينهي ؟..
العنقاء ..: نايمه ..
مسلط ..: جاكم عابد ؟..
العنقاء بعبوس من ذِكر إسمه ..: جاء العصر وما طول ..
مسلط ..: ويش يبي ؟..
العنقاء ..: تهقى ويش سبب جيات عابد لـ جده ؟..
اخذ مسلط نفسً عميق وقال ..: وليه تردينه يابنت محمد !.. الولد هايمً بتس!..
العنقاء بهدوء ..: عابد ماقال هايمً بي .. عابد يقول طرقن من ورا خشمتس اخذتس .. وانا مايمشيني احدن بطرق !..
تأفف مسلط .. عابد غبي .. ولا يعرف كيف يتحدث .. وطريقة كلامه هي سلاحً ضِده دائماً ..
مسلط وهو ينوي الذهاب ..: اعذريني ع الأزعاج ..
ثم ذهب .. ولا يعرف اين يجِده الأن .. رفع هاتِفه وإتصل عليه ولم يُجِب ..
______
خرج من المنزل وأتجهه بعيدا مِن القريه .. على ضِلعٍ مُرتفع .. يجلس به ويرى إنارات المدينه .. ضل صامِتً وغاضِب .. لماذا لا يعطونها له ؟.. مالذي فعله لتُصبِح عليه مُستحيله !.. قطع تفكيره السيارتان التي أقبلت عليه .. أغلق نور سيارته واخرج عصاةً كبيره و قويه من سيارته وضل صامِتً .. السياره التي في الأمام عرف اصاحبها .. ومن المعروف عنهم المشاكل والنزاعات الكثيره .. والسياره الثانيه لم يستطِع رؤيتها بشكلٍ واضِح ..
_____
اليوم اخر يومً يذهب لرؤيتها .. إما يرى إجابه او يقطع الوصل الذي رجاه كثيراً ولم يُقدر .. وقف عِند الإشاره واطالت بلونها الأحمر .. وسرح بتفكيره وهو ينظر للفراغ .. وقطع سرحانه صوت السيارات التي تضرب بهرنِها عليه بغضب .. نظر وإذ بنِصف السيارات مشت .. وهو يريد الذهاب يمينً ولف سيارته بسرعه .. وخدشت سياره كبيره بجانبه .. عبس وجهه وزفر بتذمر .. لم يستطع التوقف ومشى بسبب زحمة المرور .. ولحق بِه صاحب السياره وصرخ عليه ان يتبعه .. لم يتسطِع فهد تجاهُله وهو المُخطيء .. وتبِعه لتسوية الخطاء .. وخرجت السياره من إطار المدينه .. وشك فهد .. وبدأ بتخفيف سيارته حتى وصلوا لضلعٍ ليس بعيداً جداً عن المدينه .. ولكنه إرتاب من الأشخاص الذين في السياره التي امامه .. فهُم ليسوا واحِد او إثنان .. فهو كما رأى كانت مُمتلِئه .. وقف ولم يُكمل السير .. وفتح الدرج وهو سكينً صغير .. لاحظ وجود السياره على رأس الضلع التي اغلقت نورها عِند إقترابهم .. عِندما وقف .. وقفت السياره الكبيره .. وخرجوا مِنها اصاحبها .. وزفر فهد بصوتٍ طويل وقال ..: البلشه صدق ..
نزل مِن السياره .. و وقف مُخبأً ما معه في كُمِه .. تحدث الرجل وقال ..: عيونك وينها ؟..
فهد بعبّس ..: الخطا علي وابشروا بالعوض .. غيره ؟..
الرجل ..: بس ؟.. تصدم السياره وتعاكس السير وتطول ماتمشي وتقول ابشروا بالعوض ؟..
فهد ..: انا خابرن خطاي وقلت لك ابشر بالعوض .. ولا انتوا عربن يدورون الردى ؟..
الرجل بإبتسامه ..: تعرف ال صقر ؟..
فهد بجهل عن من يكونون ..: ونعم فيهم ..
لم تكُن هذه المحادثه غير مسموعه لـ عابد الذي عرف من يكونون مُنذ اقبلوا .. رفع هاتِفه و وجد إسم مسلط يتصل طوال اليوم .. اجاب وقال وهو يُقصِر صوته ..: تعال الضلع بسرعه ..
مسلط ..: علامك ؟..
عابد ..: عجل ، تعال وبيجيك العلم ..
ثم أغلق وإنتظر ..
امسك الرجل بياقة فهد وقال بصوتً غليظ ..: ويش بتسوي ..
فهد وهو يُمسك بيده التي على ياقته ويُبعِدها ويقول ..: بكسر يدك ..
صديق الرجل ..: تهبى ..
كاد فهد ان يتحدث وقطع صوته عِندما رأى نزول عابد من الضلع الذي أقبل وقال بصوتً طويل ..: مبزرة ال صقر مايهجدون ؟..
لف عليه الرجل وقال ..: ارحب يا عبيد .. وينك زابن وحقنا منحاش منه !..
عابد ..: مالكم حق عندي .. غير انكم تحبون السجون ..
قال صديق الرجل بهمس لـ صديقه ..: ذا عبيد المجنون يارجال !.. لا تبلشنا معه !..
الرجل بغضب ..: يخسي ذا الورع يخوفني !..
ثم تقدم و وقف قِبال عابد .. وقال وهو يُمسك العصاة التي بيّد عابد ..: لا تهايط وعود وراك !..
عابد وهو يُبعد يد الرجل ويضرِب بالعصاةِ بطنِه ..: انت خابرني مانيب اهايط ..
ثم دخل الرجل وعابد في شِجار وضرب وإقترب فهد بسرعه وهو يُبعد من هُم يمدون يدهم على عابد وإستمروا في ضربِ بعضِهم بقوه .. وصلت سياره مسلط واوقفها ونزل بسرعه وهو يرى عابد وفهد مع عيال ال صقر .. فـ عرف ان هذا الشجار لن ينتهي الا بقاتل ومقتول .. اخرج السلاح الذي في دِرج سيارته ورفعه عالياً وهو ينزل من السياره ورمى ثلاث طلقات مُتتاليه اوقفت الشِجار وقال بصوتً طويل غاضِب ..: يا عيال ال صقر .. وتالله ماتروحون ان يتوجهه رصاص هالسلاح بضلوعكم ..
ركب الجميع ماعدا المُتسبب بالمشاكل .. وقال مسلط وهو ينظر إليه ..: تراك خابرني .. مانيب اتكلم بدون ما افعل !..
وذهب برِفقة من معه مُبتعدين .. بعدها انزل مسلط يده وقال بغضب وهو يتجهه لـ الإثنان ..: ماخبرتكم تحبون بعض !.. ويش دخلكم في مصيبه نفس ذي !..
امسك فهد برأسه بعد الضربه القويه التي أُصيبت بِه وقال وهو يجلس ..: مادخلت بمصيبه .. مير المشاكل تحوفني حوف ..
عابد وهو واقف ويُحدث فهد ..: دخلتنا ياورع بمصيبه مالها تالي ..
فهد وهو يرفع نظره وينظر لـ عابد ..: يوم انك خايف ماكان جيت .. لا تدخل نفسك ثم تلومني !..
مسلط وهو يُهديّ الوضع ..: مافيكم حيله !.. طول عمركم مبزره وتنقزون للمشاكل ..
ثم لف على عابد وقال ..: وينك مختفيّ ؟..
عابد وهو يُقفي ويعود لسيارته ..: مب هذا الي تبيه انت وابوك ؟..
مسلط بغضب ..: انت صاحي ؟.. انت تعرف رغبتي وعارف انها مب سواياي !..
ظل فهد صامِتً وهو يسمع حديثهم .. قال عابد بغضب ..: وليه ما قلت لـ ابوك مابيها !..
مسلط بدات الغضب ..: عجزت !.. طول عمري ارفضها وقايل مابيها بس مافيه حيّله !.. وانت تدري لو يصير الي يصير ماعقد مصيري مع الي باغيها رفيقي !.. لا تحط فيني الردى يا عابد ..
صمت عابد وقال مسلط بغضب ..: خلك صريح مع نفسك !.. تراك ما تحبها !.. الي فيك عناد !.. انت بس تبي تتحداها !.. انت تبيها عناد لأنها ماتبيك وهي ماتبيك عناد لانك تبينها !.. ولا واحد فيكم هايمً بالثاني !..
لف عابد بغضب وإقترب امام مسلط وقال وهو يصرخ بوجهه ..: لا تحكم وتفرض من راسك !.. من صغر سني وانا ابيها ..
مسلط بإبتسامه ..: هذا انت قلته !.. من صغر سنك !.. انت تعودت عليها وتعودت على رغبتك هذي !.. صارح نفسك وافهم ويش يبي قلبك !.. لا تعيش وتعيّشها في تعاسة بسبب عناد الحين !.. وحتى لو فزت فيها بعدين بتدري انك منت باغيها !..
ثم صمت مسلط وعاد وركب سيارته ومشى مُبتعداً .. وقف فهد ينوي الذهاب لسيارته .. وقال عابد له ..: بعد ما سمعت كُلش بتروح ؟..
فهد وهو يلف عليه ..: طالبك مافيني حيل .. فكني من نفسيتك !..
صعد عابد لـ الضلع وقال لـ فهد بهدوء ..: تعال ..
لاحظ فهد الركود الذي إعتلا عابد .. شعر أنه يُشاركه ذات الحُزن .. كِلاهُما متعبان مِنها ..
مشى خلفه وجلسا على رأس الضِلع .. ورأى فهد النار الصغيره المُشتعله .. وقال عابد وهو يُكتِف يديه ..: مصيّر الأيام تكشف لك كنين الصدور ..
فهد وهو يجهل ركود عابد الذي كان مُشتعلاً قبل قليل .. قال ..: ليه تبيها ؟..
لف عليّه عابد بغضب ..: شدخلك !..
فهد بإبتسامه ..: اشهد بالله انك نفسيّه !..
ثم وقف وقال ..: خلك على وضح النقا دايم الدوم
وعن ضيقتك تلقى فجوجٍ وساعي ..
ثم ذهب وعاد لسيارته تاركً خلفه عابد .. الشاب المزاجي .. المُتقلِب .. الذي هو نفسه تعِب من تناقضه ..
______
اشرقت شمس اليوم التالي .. اليوم الذي ستبدا إجراءات زواج السند لـ إلهامه .. ولكن قبل ذالك وكما طلب سند .. سوف يُقابل سالم ليُحدثه بأمرً يُشغِل تفكيره .. يخاف من خيّانة سالم .. وهو سمِعه بإذنه يطلبها من والدها .. لا يريد اخذها وهو لايزال ينويها زوجةً له .. جاء العسكري وطلب من سند الخروج والتوجه لمقابلة سالم .. دخل سند وسلم على سالم ثُم جلس .. وحدهم فقط في الغرفه .. قال سند بعد فتره وجيّزه من الصمت ..: انت خابر الي حصل يا بو منصور ..
إبتسم سالم وقال ..: وخابر الي ودك تقوله لي يا بوتميم..
إبتسم سند وقال ..: ها اعتقني من ثقل ما احمل !.. مافي خاطرك شيّن علي ؟.. لا تحسبني خذيت الي ينتمي لك يا سالم !..
سالم وهو يمد ورقه لـ سند ..: لابغت الي فداها .. مانيب معترض رغبتها .. وهذي الورقه يا سند لالتحاليل حقت عقد النكاح ..
إبتسم سند من دون ان يشعر .. ثم تدارك نفسه إحتراماً لـ سالم ..
ثم خرج وذهب مع العسكري لأخذ ما يلزم من التحاليل مع الطبيب الموجود هنا .. بقي سالم .. اغلق ما هو امامه وقال هامِسً لنفسه ..: صديت صدة مستعيّفً من الدار .. عن حاجةٍ ماودي اصد عنها ..
ثم وقف وإتجه لإكمال اعماله .. مُحاولاً التشتت ومُحاربة الصِراعات العنيّفه بـ قلبِه ..
_____
بعد اسبوع .. اليوم الذي ستُعقد بِه اسمائهم .. اليوم الذي سيقولون فيه إلهام زوجة سند .. اليوم الذي سيربط قلوبهم ويُنهيّ ألم التضحيات المُلطخه بالدم .. في مكتب سالم .. يجلس خالد وبرفقتِه إبنته .. لوحدِهم .. قال خالد وهو يُحدث طِفلته ..: كل هالي يصير يا إلهام عشان رغبتس .. لا توجعين عمرتس بالضغط عليها .. اذا تحسين انتس ماتقدرين وهالموضوع ثقيل .. علميني !..
إلهام بإبتسامه دامِعه لأبيها الذي يُمهد الطريق لها دائماً خوفً من اذيتها .. حتى وإن كان ذالك رغبتها .. يتأكد دائماً انها ستكون راضيه وسعيده .. قالت ..: يبه كيف بشكي وانت ابوي ؟.. كيف بتوجع وانت ضلعي الثابت !.. مراح ادخل بشي يوجعني وانا ادري انك معي .. تطمن .. انا اخترت هالشي وانا راضيه ومطمأنه ومرتاحه ..
إبتسم خالد وقبل رأسها .. ورفعت إلهام نفسها وهي تُقبل رأسه وتُمسك كفه وتقبلها .. طرق سالم الباب وقال ..: المملك بياخد موافقتها ..
وقفت إلهام بتوتر وإقتربت من الباب .. و وصلها صوت الرجل الغريب الذي قال " انتي إلهام بنت خالد".. وردت بصوتها الناعم والهادي " ايي ".. ثم اكمل إجراءته وتم العقد .. لفت على ابيها فجاءه وعيناها مُمتلئه .. لم تعتقد ان الشعور سيكون كبير هكذا .. امسك خالد بكتفِها وقال ..: علامتس ؟.. ماتبين ؟..
إلهام وهي تمسح عيّناها ..: مدري علامي دموعي كاثره !..
خالد بحزن ..: قولي لي الصدق يا بنيتي !.. لا تخلين بخاطرتس شي !..
إلهام بإبتسامه ..: والله مافيني شي .. شعور غريب جاني ونزلت كم دمعه بس ..
ثم قال خالد ..: بتدخلين تزورينه الحين ؟..
صمتت وإعتلاها حياء كبير مُفاجيء مِنه .. زوجها .. سند !..
ثم اكمل خالد ..: سند طلب يشوفتس اصلاً بعد الملكه على طول يا بنيتي ..
إختفى صوتها وبانت بحتها الخفيفه وهي تقول ...: طيب ..
____
اخبره ابيه انها ستدخل الأن .. ستتم الزياره .. وستتلاقى الأعين .. إرتبك .. شعر لوهله انه طِفل .. لا يعرف كيف يتصرف .. يريد تميم .. يشعر انه بحاجه لإنقاذ الأن .. ولم يكن ذالك الشعور خالي عِند إلهام .. التي فكرت ان تتراجع ..
فُتِح الباب .. وأقبلت بعبائتِها .. وغِطائها .. ولم يُبان سوى رزانتِها .. ومشيتها المُستقيّمه .. غزالً لا ينحنيّ .. رفعت عيّناها .. وإستقرت بعيناه .. عيناه التي كانت تنظر لها مُنذ ان دخلت .. كان سند هو الوحيد من إستطاع رؤية رجفت كفاها .. وهو الوحيد الذي رأت عيّناه انسياب دموعها .. كانت قويه امام الجميع .. ولكنها دائماً عِندما تُصادف سند .. كانت الظروف تُضعِفها ويرى خوفها الذي لم يراه غيّره .. عِندما أتت لـ تُقرر فديّة ابيها .. كانت قويه ولكن لم يُخفى عليه إهتزاز قوامها من الرجفه التي حاولت إظهار عكسها .. وعِندما خُطِفت ؟.. هو الوحيد الذي شاهد بُكائها وخوفها وإتِكائها عليّه في لحظة الفتور .. وعِندما كان ذالك الشيء المُخيف بيّن يديّها الناعِمه .. كان سند هو من رأى دموعها ورجفتها وخوفها وعدم إستقرار ذاتها .. بالرغم من رؤية الجميع لقوتها وهيّبتها .. الا ان إلهام في كُل مره تُصادف سند .. يكون هو أمانها من شتاتها والقادر على رؤية ضعفها .. وإن مثلت القوه .. يرى سند الجانب الأخر ايضاً .. وهو بقدر قوتها .. فهي في قِمة الضُعف .. وقفت ولم تقُل شي .. قال سند واخيراً وهو يُشير للكُرسي امامه ..: تعالي ..
صمت ومشت فقط .. وجلست .. وبيدها تُمسك تِلك الورقه .. التي ساندتها كثيراً .. تحدث سند وأخيراً وقال ..: اخبارتس يا إلهام !..
نظرت إليه ودمعت عيّناها دون ان تشعر .. عِندما نظرت إليه تذكرت كُل مواقفه .. كل اللحظات التي انقذها بها .. وقالت بحزن ..: بخير ..
تجرأ سند واخيراً وامسك بكفِها .. عِندما لاحظ رجفتِها .. الرجفه التي تكررت كثيراً .. قال وهو يُريد التأكد من رغبتها بِه ..: اذا بعت العذارى وشريتتس.. تبيعين الرجال وتشتريني ؟..
نظرت له مُطولاً وهي ترى يداها تهدأ رجفتها وهي بيّن يديه .. وقالت بتأكيد لرغبتِها التي لم تتأكد بها هكذا من قبل ..: قلبي الي شالته كفك وعيّت لا تهده .. والله ان ماياخذه عقبك مربيّن الشوارب ..
إبتسم سند .. انها إلهام .. كلِماتها القويه .. أحرفها الفريده كانت تُذهِله في كُل مره ..
ثم تحدث اخيّراً عن الموضوع الذي اتعبه وأتعبها ..: لا تقولين يا إلهام انه انتي !..
إلهام وهي تلف بُكل جسدها عليه ..: ماهو انا ولا انت .. الي رماه رفيقه يا سند ..
ثم اردفت ..: ليه تقول انه انت !.. ليه ما صبرت !..
سند ..: ويش تبيني اقول ؟.. اقول اخذت السلاح من إلهام وهي الي رمت ؟..
إلهام وهي تنظر لعيّناه وقلبها يبتسم لما ينطق بِه لسانه وتقول عيّناه ..: في ذرىّ قلبي يا سند لك عَلم وعلُوم ..
بادلها الإبتسام وهو يقول ..: على الرحب دايم وكلي لتس سعه ..
إنتهت الزياره بضرب العسكري على الباب .. لفت إلهام لـ الباب ثم عادت ونظرت لـ سند .. وقالت وهي تقف ..: الي عندي بقوله لهم كله .. ماهو انت الرامي يا سند .. ولاهي انا الي قتلت ..
ثم وضعت الورقه في يده .. وخرجت .. واخيراً تخلت عن الورقه .. وهي مُتأكده انها تنتمي له .. فتح الورقه وقرأ جُعبتها .. وإبتسم وهو يعلم انها كلِماته .. فهِم الأن اين إختفت في ذالك اليوم .. لف الورقه ونظر لـ الجزء الذي يذكر انه فارِغ .. ورأى الجُمله " فكيّت لك باب عن الناس سكرته".. وتحته "إلهام السند".. إبتسم لأسمائهم .. متناسقه جِداً مع بعضِها .. هو سندها في اشد اوقاتِها .. وهي إلهامه التي اشعل قريّحته .. هي التي جعلته يعرف انك يمتلك موهِبة الشعر .. ولكن .. هناك الكلِمات ايضاً .. وكانت عِباره عن .." اخر ما قرت عيني هالبيتين .. وأول مافتحت عيني كانت على هالبيتين".. لم تكُن مجرد قصيّده .. كانت قِصه .. قِصه في سطرين .. قِصة قلوب مُتعبه .. قِصة تضحيات كبيره .. قِصة شوق مخفيّ .. قِصة حُب عفيف ..
الساعه 6 مساء .. وقت اخمدت الشمس نورها الحارِق .. وبدأ الظلام يملى المدينه بسواده الحالِك .. تجلس ام ذيب وحنين في صالة المنزل الكبير .. ونسيم في غُرفتها تعيش طقوسها الحزينه التي يعتقد الجميع انها تخطت .. وهي مُمتلئه بثقوب داميّه لن تلتئم .. وما دامت رائحته تعتليّ صِغارها وفي احشائها قِطعه صغيره باقيّه مِنه .. لن تنساه وان إجتمع الكُل على محوِه من ذاكِرتها .. لن تتخطاه .. كـ جُندي يحمِل في جيّبه صورة صِغاره ويحارب الأعداء وهو يصرخ مُناجيً ربِه ..
دخلت حنين ارادت مُنادتها لـ تُشارِكهم الجلسه .. وعِندما رأتها تُحدث صِغراها وتضحك بدمعتان مُختبئه .. خرجت وهي تتركها .. وإتجهت وهي تعود لـ ام ذيب .. التي قالت وهي تراها تعود خائبه .: زوجها متوفي من قريب ؟..
حنين وهي تأخذ نفس عميق ..: له ثلاث شهور .. وللحين وهي مكسوره ولو انها أخفت ..
ام ذيب وهي تأخذ ذات الزفير ..: الشعور ماهو سهل .. فقد مِن عاشرت وعطيته عمرك .. صعب تمحيه وبالذات !.. اذا صار لتس منه عيال ..
لفت حنين عَليها وقالت بتساؤل ..: عمر وذيب من زوجتس الأولي ؟..
ام ذيب بإبتسامه ..: ايي .. من الزوج الي اخترته برضاي ..
حنين .. بفضولها المُعتاد ..: وهذا ؟.. ما اخترتيه !..
ام ذيب ..: هذا اخذته لاني تعبت اربي ولدين لحالي .. كنت ابيه عون .. ولا هقيت ان عيالي بيبتلون بسببه ..
ثم لفت على حنين ورأت انها تحمل اسأله كثيره بعيّناها ولكنها تخجل من التطفل .. وإبتسمت وهي تشعر بإطمنان في العيش مع هذه العائله .. لم تشعر انها حِمل .. على العكس تماماً .. كانت وكأنها سيدة المنزل و والدتهم ..
تحدثت بإبتسامه ..: قبل ثلاث شهور .. قبل ينسجن ولدي بيوم ..
اصغت حنين جيداً .. وهي تراها تتحدث عن مافي قلبِها ..
ام ذيب وهي تُكمِل ..: رجع متأخر بأخر الليل .. وفسخ ثوبه بسرعه وكأنه مايبيني اشوفه .. وقفت وسحبت الثوب بشوفه .. ودفني وهو يصرخ علي ما اتدخل .. تجاهلته وخفت انه دخلنا بمصيّبه .. وسحبت الثوب مره ثانيه وشفت فيه اللون الاحمر الي شوفه يتك الخاطر .. صرخت عليه وسألت عن هالدم !.. ولا قال شي غير انه يهاوشني ما اتدخل !.. وعلا صوته وعلا صوتي .. لين جاء ذيب وهو يضرب باب الغرفه .. وعصب زوجي وهو يحاول يسكتني ومد يدي وهو يضربني .. وفتح ذيب الباب بقوه بعد ما حس ان يد زوجي انمدت علي .. ومسكه وبدا يتهاوش معه .. وطلعته من الغرفه وراح للمطبخ وصار الي صار وطعنه ..
ثم رفعت يدها على عيّناها وهي تقول بصوتٍ عاتِب لنفسِها ..: لاني كنت اخاف يسوي مصيبه .. جبت لولدي مصيبه !..
حنين بحزن ..: ولدتس سوا الصح !.. مايرضى تنمد يد على امه !.. وزوجتس فِعلاً .. فيه مصيبه مخفيه عنده !..
ام ذيب وهي تحاول التذكر .. قالت ..: طلع هذاك اليوم مع رفيقه جاي من برا السعوديه !.. وطول يومين ويوم رجع كان شكله ما يطمن !..
حنين وهي تضع يدها على كف ام ذيب ..: لا تخافين .. هو الحين بالسجن .. وعليه قضيه مع ادله .. مستحيل يطلع ويرجع يأذيتس ..
ام ذيب بإبتسامه ..: خوفي كان اول .. يومني خايفه من جور الدنيا وابي رجال .. لكن الحين معي رياجيل عن مليون رجال ..
إبتسمت حنين وهي تقول ..: الله يحفظهم لتس ويطول بعمرتس لهم ..
_____
الساعه 9 مساءً .. اصرت ام ذيب على العوده لـ منزلها .. مر اسبوع واكثر .. وحان وقت الإنصراف .. لم تقل كِلاً من نسيم وحنين شي .. بعد إصرارها ورغبتها المُلحه في الذهاب .. وذهبت وعادت لمنزلها بعد شكرهم جزيل الشُكر .. تشعر بأنها مُمتنه لهم .. بعد مُغادرة ام ذيب .. واصبح الليل في اخره .. نامت حنين .. دخل تميم المنزل وإتجه لـ غرفة نسيم .. وهو يعرف اشد المعرفه .. انها مُتعبه .. وبحاجه لـ أخ .. جِذعً صلب .. تستند به من ألمها .. وصل لغرفتها ورأها مفتوحه .. صغيّراها نائمان .. وهي بسجادتها ترفع كفها وتدعي .. وبين دعواتها شهقات لم يكُن صعبً عليه سماعِها .. ثم وضعت كِلتا كفيّها على وجها .. وبدأت تبكي بصوتً مكبوت .. توِن مُحاوله ألا يسمعها احد .. ونه ونتها وجميع الخلقِ نائم .. إرتجفت مِنها الجِبال وأرعدت مِن عُمقِها .. إنتظر تميم حتى إنتهت .. و وقفت وهي تلُم سجادتها .. طرق الباب ودخل .. لفت ونظرت له وإبتسمت .. ضحك تميم وقال ..: صاحيه للحين وانا ادور لي رفيق سهر ..
إقتربت مِنه وقالت ..: ابد مرافقتك من غير شر ..
ثم جلست ع اريكه في غُرفتها وجلس تميم بجانبها وهو يقول ..: علامتس للحين ما رقدتي ..
لفت عليه وقالت بإبتسامه ..: تبي الصدق الحزين .. ولا الكذب السعيد ؟..
بادلها تميم الإبتسامه وقال ..: ابي الصدق بشعوره حزين ولا سعيد ..
لفت وهي تُبعيد عيّناها مِنه وقالت ..: شفته رجع وقلت يالله حيّه وشلون تجي ورجعتك مُستحيله ؟..
ثم لفت عليّه واكملت وعيّناها بدأت تخونها وتدمع ..: وفزيت واثره حلم يا تميم .. ودمعي يرثيّه ..
وضعت يدها على عيّنها ولفت برأسها لـ الجهه الأخرى وأردفت قائِله ..: ذبحني ياتميم رحيله ..
لم يعرف تميم ماذا يفعل .. إن عانقها ستزداد دموعها إنهِماراً .. وليس من السهل عليه رؤية امه الثانيه تنزف دمعً ويصمُت .. وضع يده على كتِفها وقال وهو يُقبل رأسها ..: طالبتس يا ريحة امي .. خليتس اكبر من تفاصيل الوجع .. لا تهليّن من هالدمع زود .. ترا توجعنا نفوسنا وحن عاجزين عن جبر هالكسر !..
رفعت رأسها ومسحت اخر قطرات عيّنها .. وقالت ..: هالكسر ما يجبره غير ربً عطاني إياه ..
قال تميم وهو ينظر لها ..: ربتس ماعطاتس الا الي انتي قده .. مايعطيتس ربتس الي فوق الطاقه ..
فِعلاً .. ربي كبير اكبر من اي ألم .. لا يُعطي الله ألمً لأحد الا لأن لديه القُدره على تحمُليّه .. لا يُحميّلك ما يفوق طاقتك .. انت قادر على صدِه .. وإن اخذ منك هذا الألم دمعً .. وحُزنن كبير .. ستُجبر .. سيكون هذا الحُزن ذِكرى .. ستعرِف بأنك كبِرت ونضجت وتخطيت ونِلت جزاء صبرك .. وبأنك اصبحت قريباً جداً من الله .. ستكتشِف ان الله يُقرِبك مِنه بالمصائب .. بالألم .. بالقدر الحزين .. إصطفاك ليُبعِدك عن مفاتِن هذه الدُنيّا الزائله .. وستقول "شكراً يارب لأنك إخترتني"..
قررت نسيم .. ان هذا اخر يوم ستبكي ألمً .. اخر يومً تشكوا فيه حُزنها .. ولكن .. ختمت هذه الليّله .. بعِتاب مُحِب .. بـ ( ربّاه ، كيف أُخبِره أني بِه مُغرمً ؟، وإن القلب لا يعيّش بِلاه ؟، وإن احاديثه مزروعه في صدريّ ؟، ليّعلم اني لا أنسى ذِكراه ، وكيّف لي ان أُخبِره عن مدى تعلُقيّ بأسوارِ قلبِه حيّن أراقِبه ؟، كم أهواهُ ، رباه حملتُه في دعواتي فلا تُخيبنّي لأراهُ في جنتك التيّ عُرضها السموات والأرض )..
بهذه الكلِمات انهت نسيم يومها .. وإستلقت وهي تسحب لِحافها وتُغطي بِه جسدِها المُنهك..
______
صباح اليوم التالي .. الساعه 7 صباحً .. إستيقظت إلهام التي لم تستطع النوم اصلاً .. تفكر بكل الذي حصل .. وكيف إنتهى .. دخلت المطبخ وبدأت كما هي عادتها بالطبخ وتجهيز الفِطار بشعور مُتجدد .. عادت إلهام القديمه .. عادت وهي افضل من قبل .. رن هاتِفها وتعجبت من المُتصل في هذا الوقت المُبكر .. رفعت الهاتِف وإبتسمت وهي ترى إسم زياد يُنير الشاشه .. زادت إبتسامتها واصبحت ضِحكه وهي تسمع صوت زياد يقول ..: تعرفين من انا ؟. تعرفين هالصوت ؟..
ردت وصوتها يضحك عليّه ..: كيف ما اعرفه وهو علتن على تسبدي ..
ضحك واجاب وهو يقول ..: بشريني عنتس !..
إبتسمت ..: احسن من اي وقت ..
إبتسم إبتسامه هادئه وقال ..: مبروك يا إلهام ..
إبتسمت بحياء وقالت ..: الله يبارك فيك ..
ثم اردف زياد وقال بإبتسامته الهادئه..: متأكد انه تاه بعد الرمش وحجاجه ..
قالت إلهام وهي تحاول بيأس إخفاء حيائها ..: زياد انت مروق صح ؟..
زياد بضحكه ..: خلاص خلاص .. ويش العلوم بالبيت ؟..
بدأت إلهام بإخباره عن كل مايجري ويحدث .. وهو بدوره يفضفض عن ما يحصل له ويحدثها عن حياته الدراسيه ..
_____
إستيقظت بطاقه .. بشعور مُتجدد انها ستعيش .. اقسمت ان تُنهي حِدادها .. وستبدا اليوم بأول ايام التخطي .. دخلت المطبخ ورفعت بـ حماس أكمامها .. فتحت الدولاب وفكرت ماذا ستطبخ ؟ .. قررت وأخيراً وبدأت بالتقطيع والترتيب و وضع الأطباق .. مرت ساعه ونِصف وإنتهت من المائده التي عُرِفت نسيم بِها .. وماهي الا ثوان من إنتِهائِها حتى دخل سيف باكياً يبحث عن والدته .. إشتم رائحة الطبخ وإتجه للمطبخ ورأها امامه .. حملته وهي تضحك وتغسل وجهه .. قالت وهي تُقبل خده ..: ماتعرف تنام شوي وانا مب جنبك ؟..
وضعته ارضً ثُم قالت له..: روح صحي تركي .. وتعالوا ..
ذهب سيف راكِضً يُقِظ توأمه .. وضعت الطعام جميّعه في الصاله .. ثم وقفت عِند الدرج وصرخت مُناديّه الجميّع ..: الصصبااح ربااح ..
وعادتها مِراراً .. حتى إستيقظ ابيها وهو يخرج لها بخوف ..: علامتس ؟..
إبتسمت وهي تقترب وتُقبل رأسه ..: مافيني الا العافيه .. اصحوا وافطروا وعيّنوا من الله خيّر ..
إبتسم فالح وهو يرى سُفرة الفِطار بعد حديثّها .. قال وهو يُقفي ليغتسِل ..: اجل روحي صحي تميم في جناحه ..
نسيم وهي تصعد لـ جناح تميم ..: ابشر ..
صعدت نسيم و وصلت لـ باب جناح تميم .. وطرقت الباب بهدوء .. ولم يُجب وكررت .. ثم ضربت الباب بقوه وهي تصرخ ..: تمييمم ؟..
فتح تميم عيّناه من داخل الجناح وتحديداً على سريره .. وضع يده على عيّنه وهو يتثاوب بكسل .. بالرغم من إبتعاد اديم عن منزلها .. الا ان تميم لا يُفارق جناحهم .. يشعر انها موجوده .. برائحتها .. ولمساتِها .. وتفاصيّلها الصغيره .. بهذه الأشياء يحاول تميم كبح شوقِه لها ..
نزلت نسيم بعد ما أيقظته .. وإتجهت لغرفة حنين وهي توقِظها .. إستيقظت بغضب وهي مرتاحه بنومها ..: نسيم علامتس اليوم ؟.. برقد تكفين ..
نسيم وهي تسحب اللِحاف ..: إلى متى هالنوم والجو الكئيب ؟.. تعالي تحت كلنا ننتظر ..
لم تمُر نِصف ساعه حتى إجتمع الجميع حول السُفره .. "فالح وتميم ونسيم وأبنائِها وحنين" وماكان ينقُصهم الا سند ..
قال فالح وهو يأكل ما بيّده ..: حي ذا العين بأكل نسيم ..
لفت عليه حنين بغضب مازِح ..: وأكلي يبه طول ذا الوقت ؟..
فالح وهو يلف عليها ..: اكلتس غير واكلها غير .. كل وحده متميّزه بطبخها ..
إبتسمت حنين وهي ترضى بعد حديث ابيها .. قال تميم بضِحكه ..: البزر استانست صدق !..
حنين بثِقه ..: اكيد بستانس .. في احد يحصل له مدح ابوي ولا يستانس ؟..
نسيم وهي تُغيض حنين ..: لو انتس ما حسدتيني ماكان حصل لتس ..
فالح وهو يمُد كأسه لـ حنين لتصُب من الحليب ..: خلكم من المدح والكلام الي مابه فود ..
صمت الجميع وبدأو يأكلون بهدوء لولا إزعاج التوأم الذي لم يُعطي الهدوء مجال ..
______
العصر ..بشمسِها الدافِئه .. ونورها يشع الأرض بهدوء .. طُرق باب الجده .. ونهضت العنقاء بسرعه وهي تركض لـ فتحه .. وضعت شالها على رأسها .. ودخل عمها ابو مسلط بعد فتحِها الباب .. قال بعد ما قبلت رأسه ..: وين امي ؟..
العنقاء بصوتها المُنخفِض ..: بالصاله ..
مشى مُتجِه لِـ والدته .. دخل وقبل رأسها ويدها ثم جلس قِبالها .. قال بعد ما خرجت العنقاء مِنهم وتركتهم وحدهم ..: يامه تعرفين ويش في خاطري ..
الجده وهي تشرب من قهوتها ..: اعرفه ولا براضيه به ..
ابو مسلط ..: وليه !..
الجده بغضب وهي ترفع نظرها له ..: من دون ليه !.. هالكلمه اخر مره اعيدها !.. العنقاء بتاخذ الي تبيه !.. والي بيجبرها غصبن عني وعنها !.. عليه ضيقتي ليوم الدين !..
سكت ابو مسلط .. وماهي الا ثواني حتى دخلت العنقاء وهي تضع صحن الإقط الذي صنعته من حامِض الماعز مع جدتِها .. قال ابو مسلط ..: وراتس يا بنت ماتبين مسلط !..
لفت العنقاء بتوتر من سؤاله المُفاجيء .. كادت ان تنطُق ولكن حديث جدتها قاطعها التي تحدثت بغضب ..: ماتحتاج سبب عشان ترفض احدن ما تبتغيه !.. واذا صرتوا بتجوني في بيتي عشان الموضوع ذا !.. لحدن يجيني واكفونا شركم !..
قال ابو مسلط ..: ماجيت عشان هالموضوع بس ..
الجده ..: ويش عندك غير هالحكي ؟..
ابو مسلط وهو يقِف ..: اتصلت على فالح ، وبيجي بعد المغرب لنا ..
في لحظات قليله تغيّر وجهه الجده لإبتسامه كبيره .. وقالت بضِحكه ..: وليه ماهرجت من البدايه !..
تعجبت العنقاء من ردة فِعلها الغريبه .. وقال ابو مسلط ..: توني اتصلت عليه ولبى على طول ..
وقفت الجده بعد ما إستندت على كتف العنقاء .. وقالت وهي تمشي بإتِكاز على عصاتِها ..: امشي يالعنقاء لـ مجلس الرجال ..
وبقي ابو مسلط لوحده .. وجلس قليلاً وتبِع والدته .. التي أمرت العنقاء بتنظيف المجلس .. وكأن غداً عيد .. وكأنها ليلة فرحً مُقبِله .. وبعد التنظيف طلبت من العنقاء تحضير قهوه والشاي والتجهيز صحنٍ كبير من التمر والدِبس وعلى اطرافه وضعت الإقط بترتيب مُميز .. وفي المُنتصف صحنٍ صغير فيه سمِن .. وكان كل الموجود هو من تحضيّرها .. وجلست في المجلس برِفقة ابو مسلط بإنتظار فالح الذي سيُشرِفهم بعد المغرِب .. واتصل ابو مسلط على إبنه ان يأتي .. وتعجب مسلط من طلب ابيّه المُفاجيء بالحضور بسرعه بدون نِقاش .. وكان برفقتِه عابد الذي توقع انها مُشكِله ويجب عليه الذهاب معه كما يُقال "فزعه" ان احتاج الموقف وجوده ..
____
يجلس على مكتبه وبيّده اوراق قضيّة سند .. بعد اقوال إلهام تغير مجرى القضيه .. قالت اشياء لم تكُن في الحسبان .. كلمات زادت القضيه تعقيداً .. عن من يكون ذالك الرجل ؟.. قالت إلهام انها لا تتذكره جيداً .. ولكنها ستعرِفه عندما تراه .. اضاءت شاشة هاتِفه ورأى إسم خالد بـ مُنتصفه .. اجاب بسرعه وهو يقول ..: ارحب !..
خالد بإبتسامه ..: تبقى يا مرحب .. وينك ؟..
سالم ..: بالدوام .. بغيت شي ؟..
خالد وهو يتردد ..: سلامتك .. الله يكون في عونك ..
سالم ..: قول ويش تبي .. وابشر ..
خالد ..: ماهو لازم بعدين اجل ..
سالم بإصرار ..: تراك تخبرني يا عم ..
خالد وهو يُعيد إبتسامته ويقول ..: خابرك جعل ربي يوفقك .. ابيك كان توديني لـ بيت ام محمد .. طالبتن فالح تبي تشوفه وطلبني اروح معه ..
سالم بإبتسامه ..: ولا يهمك .. بيجيك الي يوديك الحين ..
خالد ..: من ؟..
______
يستلقيّ على كنب الصاله كما هي عادته عِندما يُشغِله التفكير .. إقتربت ريم وهي تجلس عِند رأسه ..: الواضح والي فهمته انك على حطت يدي ؟..
فهد وهو يرفع نظره لها ..: وشكلي ببطي وانا على حطت يدتس ..
ريم وهي تلحظ الرضوض التي على وجهه ..: شذا الضربات !.. انت علامك هالفتره كاثره رضوضك !..
فهد وهو يعتدل في جلسته ..: عرفت لي واحدن مايتعامل الا بالضرب ..
قطع حديثه رنين هاتِفه .. رفعه وهو يرى إسم سالم .. اجاب ورفع هاتِفه وهو يضعه على إذنه ..: يالله حيّه ..
سالم ..: الله يبقيه .. فاضي ؟..
فهد بإبتسامه ..: افضى لك ..
سالم وهو يبتسم ..: اني خابر انك منت برادني ..
ثم بدأ يُخبره عن سبب إتصاله ومالذي يريده منه .. وقف فهد بسرعه وهو يُلبي مطلبه ويذهب مُسرِعً .. ولكن اوقفه حديث ريم وهي تقول ..: شفييك ؟..
فهد وهو يرتدي شِماغه مُستعجِلاً..: رايح أغير حطت يدتس ..
ثم خرج بعد إنهاء جُملته .. قالت ريم وهي تبتسم وتراه مُتلهفً بشكل غريب لم ترى فهد بهذه الحاله ابداً ..: حسبي على عدوك تشفقت لـ شوفتها !..
_____
وهو يقود السياره .. لف بنظره على ابيه وقال بتساؤل ..: يبه هقوتك ويش علمهم !..
فالح وهو ينظر امامه ..: ماني بداري .. لكن محمد له علاقه بالموضوع ..
تميم وهو يصل امام باب منزل الجده .. قال وهو يوقِف سيارته ..: الله يجعله خير ..
نزل فالح من السياره .. وإقترب من الباب ورفع يده وهو يضربه بقوه مُعلِنً عن وصوله .. وهو يقول ..: يا اهل البيييت ..
وصل خالد برفقة فهد .. ونزل وهو يقترب بجانب فالح بعد السلام اليه .. وتقبيل تميم لـ رأسه .. قال خالد وهو ينظر لـ فالح ..: اعلومك ؟..
فالح وهو يُعيد نظره للباب ..: علومي بتبيّن بعد ما يظهر لي مايخفيّه ذا الباب !..
وصل ابو مسلط وبجانِبه جدته المُتكيّه على عصاتِها .. قال ابو مسلط مُرحِباً بضيّوفه ..: ارحبوا .. يالله حيّهم ..
واقترب وهو يُسلم على فالح وخالد وبعدها اقبل تميم وفهد وهُم يُقبِلون رأسه .. بعدها تحدثت الجده وهي تنظر لـ فالح وخالد ..: ايكم بن جابر !..
فالح وهو يتحدث ..: امري !..
قالت وهي تمشي لأخذهم لـ مجلسها الذي ينتظر ضيّوفه ..: العلم بيجيكم هناك ..
مشى الجميع وإجتمع في المجلس .. ونظرت الجده لـ فهد وهي مُتعجبه مِن علاقته بـ فالح ومن معه .. وكيف يأتي بعد ذالك الغيّاب كُله من دون حِس او خبر .. دخل مسلط وبرفقتِه عابد .. وكانت نظراتهم مليئه بالتساؤل وهم يرون فهد ومن معه .. أقبلوا والقوا السلام وسلموا .. ثم بدأو بإكرام الضيوف وصب القهوه .. وبعدها بثواني قليله قالت الجده وهي تُحدث الجميع ..: راح محمد برفقة بن جابر لـ الدراسه .. وبعدها بسنتين رجع وخاطره شين .. وعيى يحاكيني او يحاكي ابوه بالي تاك صدره .. وبعدها بسنه رجع يدرس بديرةً ثانيه .. ورجع ومعه مرتن يقول انها زوجته !..
كاد ان يتحدث ابو مسلط وقاطعته والدته وهي تقول ..: خلني اهرج بالي في خاطري .. هاليوم انتظرته 18 سنه !..
صمت ابو مسلط وقرر ان يُعطي والدته حُريتها في الحديث .. قالت وهي تُكمل ما بدأت ..: وجبرنا بالغصب ماهو بالرضى نقبل بـ زوجته و وبنته !..
تحدث فالح مصدومً ..: محمد عليه بنت !..
قالت الجده بإبتسامه ..: عليّه اميره يبطون باقي العذارى يغدوّن لها ..
إبتسم فهد إبتسامه خفيّه لم تغِب عن عابد الذي فاض غضبً وإستطاع بصعوبه السيطره على نفسِه ..
واردفت الجده مُكمِله باقي مابجعبتِها ..: وكأن محمد حس انه بيفارق هالدنيا الدنيّه !.. علمني بالي يخصك يا فالح !.. وعلمني ليه رجع وليه عاندني انا وابوه عشان من يحبها !.. واوجعني قلبي وانا جاهله عن كل هذا !.. كيف حمل محمد هالضيقه بصدره !..
رفع فالح كفه وهو يمسح عيّناه .. ولايزال صامِت ويستمِع بصمت .. أكملت وقالت عيّناها بدأت تذرِف ..: وبعدها راح .. وجاني خبر فقداني لـ ضنّاي .. وبقدرة قدير .. لقيت ورقتين تحت مفرشي .. وحده مكتوب "أمي".. والثانيه مكتوب .."رفيق العمر والسنين العواج".. ماقدرت اقراها الا بعد خمس سنوات .. يوم صارت العنقاء تعرف تنطق الحروف وتقرا المكتوب ..
ثُم اخرجت الورقه من حقيبتها الشعبيّه الصغيره التي تلبسها حول رقبتها .. ومدت الورقه لـ مسلط الذي وقف واخذها ومدها لـ فالح .. اخذ فالح الورقه .. بشعورٍ غريب إجتاحه .. وكأنه سيتحدث مع محمد الان .. وقف وهو ينوي قِرأتها خارِجً ولكن تميم لم يتركه وهو يتبعه للخارج .. فتح فالح الورقه .. وجدتها مُمتلئه بكلمات كثيره .. خط يد محمد عرفه !.. وتسرط عبرته وهو يُجابِه قلبه .. بدأت كلمات الورقه بـ قول ( كتبت يا فالح لأن صمتي يبي يتكلم ).. ثم إسترسلّت كلمات الورقه وهي تقول ..( اذا وصلت هالورقه لـ يدك يا فالح معناها شي واحد .. إني تحت الثرا والعيون ترثيني .. وانك تمسك بين يديك وصيتي .. إخترتك من بد العرب لأني خابر اني لانصيتك بلقى الي يطمن كبدي .. نفسي عليك شايله يا فالح .. الشي الوحيد الي بيرضيها .. هو حمايتك للعنقاء .. انا رجال وقدرت اوقف بوجهه اهلي .. لكن بنتي ضعيفه .. مقدر اخليها بين ام اجنبيه واهلي اصحاب القلوب القاسيّه .. حسيت بشعورك يوم جربت الشعور .. وعرفت ان فقد الحبيب اصعب شعور .. وخوفي الأكثر على بنيتي .. الي بتصير ضحية تسلط اهلي وإجبارهم .. امنتك اياها .. وانت بعد الله خيّر من أامنه .. وقول للي بيفوز بـ بنتي .. ان بغاها حبيبه بتدهشه بالحسن .. وإن بغاها خوي بتسنده بالظروف ).. يثم انهى وصيّته بهذه الكلمات الأخيره ..( لـ اخوي الي عجزت الأرحام تنجب لك شبيّه .. ياليت كل الناس عندي مثل أخي .. والله المحزم وهو نعم الصحيّب .. إن ارتخوا الأصحاب ماهو يرتخيّ .. وإن غابوا الصدقان ماعنّي يغيّب).. وبهذه الكلمات إنتهت كلِمات الورقه .. امسك فالح بطرف شِماغه وهو يمسح بِها ما أفلتت عيّناه دمعتان عجزت عن الصمود .. إقترب تميم من ابيه وهو يقول بحزن ..: علامك يبه !..
فالح وهو يستقيم ..: بنت محمد .. امانه برقبتي يا تميم .. عمانها بيوقفون بوجهي .. لكن خلك مسندي ..
تميم وهو يمشي خلف ابيه الذي مشى مُتجِهً للمجلس .. قال ..: مسندك من دون وصاه ..
دخل فالح المجلس .. و وقف خالد وهو يرى إقبال فالح وعلى مُحيّاه ملامح جاده .. وبعد وقوف خالد وقف فهد وهو بدأ يرتاب من الوقفه المُفاجاءه .. قال فالح وهو ينظر لـ ابو مسلط ..: بنت محمد .. تشكي وجع ؟..
ابو مسلط وهو يقف ..: ماتشكي وهي تحت ذرى اعمامها !..
الجده وهي وأخيراً تريد تحرير بنت محمد من رغبة ابو مسلط وابناءها الأخرين ..: بنت محمد تشكي الإجبار !..
لف ابو مسلط على والدته وقال بغضب ممزوج بأدب لوالدته ..: ماهو اجبار !.. ومحدن له دخل بي انا وبنت اخوي !..
فالح وهو يقترب ..: ماني بأي احد !.. انا الرجال الي وصاني ابوها عَليها !.. ومحدن له كلمه غير الكلمه الي تبغيها بنت محمد !..
ابو مسلط وهو ينظر لـ الورقه ثم يرفع نظره لـ فالح ..: هالورقه ماتسوى شي !.. وشلون تبيني أأمن بنت اخوي لـ غريب !..
فالح ..: بنت اخوك .. وبنت اخوي !.. الخوه ماهيب من نفس الرحم !.. الخوه بالمواقف وانا نصف محمد !..
قالت الجده وهي تقطع غضب ابو مسلط ..: محمد وصاني قبل يوصي بن جابر !.. بنت محمد تحت امانة فالح !..
لف ابو مسلط بنظره على والدته بغضب ثم قال وهو ينظر لـ ابنه ..: العنقاء لـ مسلط !.. وغير هالحكي دم !..
مسلط وهو يقترب ..: مسلط ماهو باغي العنقاء .. لاتحدني يا يبه !..
قطع حديثه عابد الذي إقترب وقال بغضب ..: من مبطي قلت وعادني بعيد حكيي ويقول .. العنقاء شاريها وباغيها .. ومحدن غيري بيحصل عليها !..
أخذ فالِح نفسً عميقً وهو يتذكر كلمات محمد .. ان اهله بالعِنوه سيُزوِجون العنقاء .. قال خالد وهو يقترب من فالح وينتصِف الواقفين ..: الراي الأول والأخير لـ البنت .. مالكم حق تحددون مصيرها ..
قال ابو مسلط وهو يزفِر بغضب ..: رايها ضايع !.. تعاند وتتحدا الي اكبر منها !..
الجده بغضب من حديث إبنها لـ بنت محمد ..: العنقاء ما تتحدا .. العنقاء ماتنجبر !.. كذا ربيتها وكذا بتعيش !..
ثم لفّت وهي تُنادي العنقاء ..
دخلت الجده عِند العنقاء التي تجلس بصالة المنزل وتنظر لـ التِلفاز الصغير وبيدها كوب شاي مُنعنع .. قالت الجده وهي ترى روقانِها..: الرياجيل يتذابحون وانتي بشاهيتس !..
وقفت العنقاء وهي مُرتابه من حديث جدتها ومن وجهاا المُتهجم ..: من الي تذابح!..
الجده وهي تُشير بعصاتِها ..: قومي البسي عباتتس وتعالي برا المجلس ..
العنقاء وهي لا تتحرك ..: البس واطلع كذا بس ! .. ويش العلم يامه !..
الجده ..: جاء رفيق ابوتس .. و وصاة ابوتس له محدن يجبرتس على ما تبغيّنه .. ويطلبونتس عشان ياخذون رايتس ..
إبتسمت العنقاء وهي تقول ..: يعني بينتهي موضوع غصب و ولد عمتس ؟..
قالت الجده وهي تُقفي وتخرج ..: اذا سمعتي كلامي ولبستي العباه بينتهي ..
ركضت العنقاء وإرتدت وإحتشمت .. وتبعت الجده و وقفت خلف باب المجلس .. دخلت الجده وقالت وهي تُحدِثهم وتقطع نِقاشهم الذي لم ينتهي ..: بنت محمد ورا هالباب .. وجاكم العلم .. محدن يحدها بالحكي ويجبرها ..
فالح وهو يقِف ..: محدن يجبرها ويحدها وانا موجود ..
غضب ابو مسلط من حديث فالح .. وقال فالح وهو يُحدث الجده ..: قولي لها .. راضيه بمسلط بن عمها ؟..
سألتها الجده وأجابت العنقاء بكل ثقه ومن دون تردد ..: مسلط ما يبغيني ولا ابغيه ..
إبتسم فالح من ثِقتها وعدم خوفها .. وهذا قد اراحه كثيراً .. ثم عاد وقال للجده ..: راضيه بـ عابد بن عمتها ؟..
قالت لها الجده لها وأجابت العنقاء وهي تقول ..: ماني براضيه ..
ثم لف فالح عليهم بهدوء .. بعكس ملامح الغضب التي إعتلت آبو مسلط وعابد .. وقال فهد بعد عناء من الصمت والمحاوله في الحديث ..: يابو تميم ..
لف اليه فالح وقال فهد بكل ثقه وإستقامه وهو يقترب من فالح ..: طيب ترضى بـ فهد بن حسن ؟..
صُدم فالح من طلب فهد وضل ينظر إليه بتعجُب .. وكأنه يقول فسِر ما تطلبه !.. لف تميم على فهد وقال بهمس له ..: انت شايف الوضع ؟.. ويش ذا الطلب !..
قطع حديثهم صوت الجده وهي تقول لـ العنقاء ..: راضيه بـ فهد بن حسن يا بنت محمد !..
صمتت العنقاء ولم يُسمع صوتها .. وإبتمست الجده وهي تلُف بنظرها وتقول لـ فالح ..: سكوت العنقاء هو رضاها ..
كانت جُملة الجده صادِمه .. والصادِم اكثر إقدام فهد بالخُطبه المُفاجِاءه .. إقترب عابد بغضب وهو يصرخ على فهد ويقول ..: تهبى ياخسيس !!!!.. كنت داري انك تنوي الردى !..
ثم إقترب وهو يمد يده ويلكم فهد بغضب كما هي عادت عابد .. ابعد فهد يد عابد وهو يُعيد له الضربه ويقول بصوتً طويل ..: لو اني انوي الردى ماكان جيتها بالحلال !..
حاول ان يقترب مره أخرى عابد ولكن اوقفه تميم وهو يُمسِكه من ياقتِه ويقول بغضب وهو يُقربه من وجهِه ..: الردي والرخمه هو الي مايحترم كباره ويتضارب مثل الورعان بمجالس الرياجيل !..
انهى جُملته وهو يرمي عابد .. إقترب مسلط من عابد وامسكه وهو يُخرجه معه عِنوة .. جلس آبو مسلط وهو يُمسِك رأسه ويقول بإنهِداد حيل مُحدِثً فهد ..: ليه خطبتها فجاءه ؟.. ليه بذا الموقف بغيت قُربها !..
أجابت الجده وهي تُحدث إبنها ..: خطبها من قبل شهرين .. واختفى واحسبت انه ماهو قد خطوته .. لكن ان كاني اعرفه وراضيه به بيصون العنقاء .. فهو مايرده عنها سوى شوف الموت بأهدابها ..
إبتسم فهد من حديث الجده .. ثم اردف بعدها قائِلاً ..: من بعد سالفة الخطف الي قبل اكثر من ثلاث شهور .. شاء رب يفعل ما يشاء اني اطمر وتكون هي الي اشوفها .. والخاطف يمد سكينه عليها .. وبعد ماخلصنا من الخاطفين .. وفضى راسي .. وتذكرت يوم ابوي قال .. لا ترضى على غيرك بشي ما ترضى به !.. ودامني باغيها بجي البيت من بابه .. انا من بطن دين وتقاليد وابن رجال .. ولا أمشي طريق الهون مره ولا ارضى به ..
إبتسم كُلً من فالح وخالد .. رُغم ان البدو قلوبهم قاسيّه .. إلا انها رقيقه في العِشق والهوى ..
صمت ابو مسلط ومن الواضح انه صمته غضب وعدم رِضى .. قال تميم وهو يقترب من فهد .. مُحاوِلاً تغيير الأجواء المشحونه ..: مبروك يا فهد .. أقدمت و وعدت و وفيت ..
ثم عانقه واجاب فهد بهمس في إذن تميم " مره اسلى ومره أنهمر بها سيّل".. وانهى حملته بإبتسامه من تميم وهو قائِلاً ..: انتبه ترى الليالي ماتخليّ مستريحً في ذراها ..
_____
عاد كل من في المجلس وبقيّ ابو مسلط مع والدته .. يُحدثها بغضب ويُقنِعُها ان تتراجع عن خطبة فهد !.. وغضبت الجده وهي تُخبِره ان مسلط والعنقاء غير راغبين في بعضِهم ! كيف لك ان تجبر إثنان وتقوم بتخريب حياتِهم !.. ثم ذهبت وهي تتركه وتدخل بداخل منزِلها .. وتبحث عن العنقاء التي إختبأت في غُرفتها .. ضربت الجده الباب بعصاتِها و وقفت العنقاء بسرعه وهي تفتح الباب .. قالت الجده وهي تدخل وتبتسم لها ..: توتس انخطبتي امدا معاد اشوفتس !..
إبتسمت العنقاء بخجل وضلّت صامِته .. وقالت الجده وهي تُنظر بتمعُن في أعين العنقاء ..: لو ان راعي الذكرى عقب البطا يسلاني .. ماضاقت بعيني القاع .. اليوم وفيت بعهدً لضناي عهدته .. وكأنه يا بنت محمد مثل الجبل طاح من صدري ..
تجمعت الدموع بعيّنا العنقاء .. وإقتربت وهي تغرس رأسها بحضن جدتها الدافيء ..
______
وصل للمنزل .. وهو الأن مُجبر لإخبار اهله عند ما اقدم عليّه .. ام يعُد لـ الصمتِ مجال .. دخل بخطوات مُتثاقِله .. وجد امامه في صالة المنزل اخته ريم و والدته .. قالت والدته وهي ترى وجهه الذي يحمل في طياته خبراً يوّد الإفصاح عنه ..: بسم الله عليك .. علام خشتك ؟..
إقترب وجلس بجانبها وقال ..: يمه عيّنتي لي حرمه ؟..
والدته وهي مُتعجِبه ..: شفتك معاد هرجت وهونت ما ادور لك ..
قالت ريم وهي مصدومه من بحثِه عن غير التي حدثها عنها ..: اقول انك بتغيّر حطت يدي !..
فهد وهو يقول ..: يمه عيّنت لي حرمة تسوى كل الحريم !..
نظرت إليه والدته بصدمه وهي تقول ..: وين عيّنتها !..
فهد ..: عيّنتها في يوم و وقت وحزتن ما هقيتها !..
ام مطلق ..: وغير انك عيّنتها ؟..
فهد بحماس مُفاجيء ..: خطبتها ونويت بهم القرب .. وانا الحين راجع ومعي موافقتهم ..
ريم بحماس لا يقُل عن حماسه..: صصصادق ؟..
فهد بإبتسامه ..: صادق ..
ام مطلق ..: وانت سويت ذا كله بدون علمنّا ؟..
فهد ..: كنت محتار يا يمه .. خايف اني انويها وتتحمسين وانخذل وتنخذلين معي !..
ثم بدأ بإخبار والدته عن كيفيّة معرفته بها .. وكيف تعلق قلبه بتِلك الفتاة العجيّبه .. الفتاة التي جعلته لا يهنئ في نوم .. وبعدها خرج وهو يتصل على مطلق ويخبره انه يريد إخباره هو و والده عن امرً مُهم .. اتى مطلق وجلس برِفقة ابيه .. دخل فهد عليهم واقبل وهو يُقبِل رأس ابيه ويجلس قِبالهم .. وقال وهو ينظر لـ ابيه ..: يبه علمتني لابغيت الحرمه اجيها من باب بيتها .. ولا اروح لـ دروب الرذيله ..
قال مطلق وهو يفهم المقصد من حديثه ..: ومنهي الحرمه الي جيتها من باب بيتها ؟..
قال فهد وهو يبتسم ..: هم بصدري ما كشفته للبعيد ولا القريب .. وانتظرت لين هالهم انجلى وغدا محله سعتً وسيعه ..
ثم اردف وهو يبتسم إبتسامه كبيره ..: خطبت يا يبه بنت محمد رفيق ابو تميم ..
لم يستوعبوا بالبدايه .. ولم تمر بِضع ثواني حتى قال والده بصدمه ..: المتوفي !..
فهد ..: هالله هالله ..
مطلق بضحكه ..: وكيف طحت فيها ؟..
فهد ..: الظروف ساقتي سوق ..
ابو مطلق ..: ومتى كنت ناوي تعلمنا !..
فهد ..: الوقت الي ارجع وانا محمل بالسعد ..
رن هاتِف مطلق و وقف وهو يُبارك لـ اخيه ويخرج مُستعجِلاً ..
قال ابو مطلق بإبتسامه وهو يُحدِث فهد ..: ويش السبب الي خلاك تقدم بدون علمنّا ؟..
فهد بإبتسامه وهو يفهم ابيه ..: رموشها .. يبه ذي ماهيب رموش .. هذي سيوف وانا اتوقع باقي سيّوف جدانها !..
_______
ركب سيارته .. واتجه نحو المكان الذي لم يستطع تمالك نفسه اكثر وعدم الذهاب له .. رفع هاتِفه وكتب " بعلمتس بالصراحه يوم يطرونتس .. ما ادري الا وانا واقف على بابتس ".. وهذه الكلمات كفيّله بأن تُخبِرها انه مُتجه لها وغير قابل لأي نقاش غيّر ذالك ..
______
يجلسون جميعً في ساحة المنزل الصغير كما هي عادتهم .. ماعدا خالد الذي عاد من بيت الجده مُتعب ونام فوراً .. أخذتهم الأحاديث بين هذا وهاذاك .. انار هاتِفها بإسمه .. فتحت الهاتِف وهي تقرا ما كُتِب .. شهقت وهي تقف بسرعه .. قالت منيره بغضب ..: يا خبل انتبهي !..
اديم وهي تشعر بمغص في بطنها بسبب حركتها السريعه والمُفاجاءه .. قالت وهي تُمسك اسفل بطنها .: اهخ يالألم !..
إلهام ..: علامتس ويش الي طيرتس !..
اديم وهي تتذكر ..: تميم عند الباب ..
أنهت جُملتها وهي تركض بِبُطيء مُتجِهه لداخل المنزل ..
قالت اسيل بضحكه ..: نست انها تستفرغ منه !..
ساره وهي تُحدث إلهام ..: قومي معها لا توجع عمرها بكثرة الحركه ..
وقفت إلهام وهي تقول ..: هالبنت عروس وحامل لازم تحوسني معها ..
ثم ذهبت لها وهي تعلم انها ستكون مُشتته وستُنقِذها هي بحلولها ..
وبقت اسيل برفقة منيره وساره ..
____
فتحت اديم دولاب ملابِسها .. وأخرجت فستان اصفر هاديء واسِع قليلاً .. بِلا اكمام .. دخلت إلهام وهي تراها تُخرج الفستان .. قالت وهي تقترب تأخذ الفستان مِنها ..: بتروحين في ذا الليل بفستان يفقع العيون !..
ادي بتوتر ..: اجل شنو اللبس ؟..
إلهام وهي تفتح دولابها وتُخرج فُستان وردي بأكمام واسع .. قالت ..: البسي هذا ..
اديم بعدم رضى..: هذا وسيع !..
إلهام بغضب وهي تنظر لها ..: انتي مستوعبه انتس بالشهر الرابع ؟..
اديم وهي تقتنع اخذت الثوب ولبسته .. وبدأت بالتزيّن و وضع من مساحيق التجميل .. والإنتهاء من الزيّنه .. اتصل تميم وهو يقول لها ان تخرج .. إرتدت عبائتها وحشمت زينّتها وخرجت له وهي تراه في سيارته ينتظر .. إقتربت وركبت وهي تقول بهدوء مُحاولة بيأس إخفاء شوقها ..: السلام عليكم ..
تميم بإبتسامه وهو يرى صدودها وعدم نظرها له ..: وعليتس يابنت منيره السلام .. ماجاتس استفراغ ؟..
لفت له اديم بسرعه وهي تستوعب ..: صصدق ماحسيت بشي !..
تميم وهو يمد يده لها ويُحرك السياره مُتجِهً لوِجهته ..: مدي لي كف يمناتس..
إبتسمت وهي واخيراً ستُعانِق كفه ..: شنو يصير لك ليًا طروني ؟..
تميم وهو يلُف لها ويقول ..: ما ادري وانا قدام باب بيتتس ..
قالت وهي تلف بنظرها عنه وتنظر امامها..: اسألني .. شنو يصير لي ليّا طروك !..
إبتسم تميم وقال ..: شنو يصير لتس ؟..
نظرت له بإبتسامه وهي تعلم انه يُقلِدها بـ كلمة "شنو".. وقالت بعدها ..: تداخل ضلوعي في بعضها .. تقول ان كأن داب القبر يضغط عليها !..
ضحك تميم وهو يضغط على كفِها الذي بحُضنِ كفِه ..: يوم انتس بهالشوق!.. ليه ياقليلة الوصل ما توصلين بي !..
اديم وهي تُبعِد كفِها من ضغطه عليّها ..: كنت امثل القمر ومبادرتك .. لكن دريت اني خاسره وطلعت لك راكضه بعد رسالتك ..
لف تميم وهو يُبعِد عيّناه عنها وقال ..: لا تمثلين علي الكبر .. تراني ما ادانيّه !..
_____
تمشي الأيام سريعه .. في لحظه تمشي الساعات .. تُخبرنا عن وصول اليوم الأخر بسُرعه .. من دون ان يشعروا .. ومن دون ان نشعُر .. مر اسبوع .. اسبوعً كامل بأيامه السبع .. واصبح اليوم يوم التمليّك .. يوم انتهاء الإنتظار .. اليوم الذي ستتنتهي بِه الرسائل وتتحدث بعده الأعين .. يوم اللِقاء كما يعتقِد فهد .. اليوم الذي سيقول لها فيه انتي مُلكي !.. لن يستطيع احد منعي من الإقتراب من هذا المنزل .. وايضاً .. كما يعتقِد فهد ..
وصل برِفقة ابيه واخيّه .. وفالح وتميم .. وخالد برِفقة سالم ..
_____
إعتقدت الجده انه لن يكون هُنا احداً ليستقبِل الرجال .. غضب ابو مسلط ومن ذالك اليوم لم تراه .. حارب والدته وإبنت اخيّه .. وحتى فالح .. وعابد لم يكُن له اثر .. وكأن الأرض إبتلعته ..
____
دخل مِسلط على ابيه الجالس لوحده .. يعرف جيداً انه غاضب .. وان ماحصل كان ضِد رغبتِه تماماً .. جلس بجانب والده الذي لم يرفع عيّناه لينظُر إليه .. قال مسلط بعد ما جلس لعِدة دقائق دون ان ينطُق ..: يبه انت تدري اليوم ويش هو !..
ابو مسلط وهو واخيراً يُقرر رفع عيّناه والنظر لإبنه ..: خابره وهذا بلاي !..
مسلط ..: خابره وجالس يا يبه تارك بنت اخوك تعقد عقدها بدون رجال !..
صمت ابو مسلط وهو يُجِب .. اكمل مسلط حديثه وهو يقول ..: بنت محمد ماهي بدون احد !.. يمكن زواجها ماهو برضاك يبه !.. لكن ما يدخلون الرجال بيت الجده بدون رجال العائله !.. لاحق على ضيقتك يبه !.. بد محارمك !..
صمت ابو مسلط و وقف دون ان يتكلم .. لبس شِماغه .. وإرتدا حِذاءه .. وقال وهو ينظر لـ إبنه الواقف ..: بتقعد كنك هالحريم ؟..
إبتسم مسلط وتبِع ابيه .. ومشوا مُتجهين لـ بيت الجده .. وكان على وصولهم وقوف سيارة فهد ومن معه .. إستقبلهم مسلط وابيه وهم يُرحِبون .. إبتسمت الجده وإطمأنت وهي تسمع صوت إبنها وحفيدها لا يتركونهم في هذا اليوم وأتوا .. بعد إستقبال الضيوف دخل مسلط وهو يأخذ القهوه من المطبخ .. وعلى مُحياه ابتسامه كبيره .. وكان سبب هذه الإبتسامه هي نجاته .. لا احد يفهم عمق شعوره .. واخيرا سيكُف ابيه عن ذِكر بنت محمد .. ستذهب وسيتحرر هو ايضاً .. رأته الجده وقالت وهي تضرب بالعصا ظهره ..: محدن فاهمً سبب ذا الضحكه غيري يالمخنز !..
إبتسم مسلط وهو يُقبِل رأسها وقال ..: مايحق لي يامه !..
إبتسمت الجده وقالت بحزم ..: روح روح لا تتأخر على ضيوفك ..
ذهب مسلط على عجل وهو لايزال مُبتسم ..
_____
يبتسم فهد دون ان يُدرك .. قال مطلق وهو يضرب قدمه ..: سكر فمك !..
رفع فهد يده وهو يمسح فمه وقال ..: مقدر ..
قال تميم وهو يسمعهم ..: انت تخبر الثقل يا فهد ؟..
فهد بإبتسامه ..: انا رِجالن مخالف الثقل ومخالفني..
سالم وهو يُعاتِبهم ..: خلكم من الحكي ذا .. الشيخ بيملك الحين ..
نادا الشيخ فهد .. وجلس بجانبه .. وبدأ السؤال .." تقبل بـ ميّشا بنت محمد زوجه لك ؟".. نظر فهد لـ مسلط بتعجب من الإسم .. قال مسلط ..: هذا اسمها ..
أجاب فهد بسرعه ..: اقبل ..
ثم قال الشيخ لـ ابو مسلط ان يُنادي الفتاة ليسألها .. وقف ابو مسلط وإتجه لـ الداخل وهو يُنادي العنقاء .. جاءت و وقفت خلف الباب وبجانِبها جدتِها .. إقترب المُملِك .. و وقف في الجانب الأخر من الباب وسألها ..: انتي ميشا بنت محمد ؟..
اجابت العنقاء ..: ايه ..
ثم قال المُملِك..: موافقه على فهد بن حسن بدون اي ضغط ؟..
العنقاء بإبتسامه لم تُخفى على الجده ..: موافقه ..
ثُم اعطاها الكِتاب و وقعت .. وبجانب توقِعها كان توقيع فهد ..
بعد التملِك وعقد الأسامي .. ذهب الشيخ .. وقال فهد بهمس لـ مسلط الجالس بجانِبه ..: ابي اشوفها !..
لف عليّه ..: احسن لك اسكت .. عشان ما يتكنسل العقد !..
فهد بيأس ..: في ربك !..
مسلط ..: انت صاحي ؟.. ابوي ماهو مخليك تشوفها ..
عبس فهد بحزن وخابت كُل ظنونه .. لم يعتقِد انه سيعود هكذا .. من دون رؤيتها .. من دون ان يلقى تِلك الأعين وما يُخفيه الشال الأسود !..
صباح اليوم الثاني .. دخل سالم على سند واخبره عن إنتهاء التحقيق والإجراءات وتمت تبرِئة إسمه .. عانق سالم سند وقال بإبتسامه ..: عساه اخر الأحزان ..
بادله سند الإبتسام وقال ..: امين والله يطول في عمرك يامحزمي بعد ابوي واخوي ..
إبتسم سالم وهو يبتعِد عن عِناقه ..: سويت الي علي ، وانت تستحق الزود .
دخل تميم مُتلهف لـ عِلمه عن موعد خروج أخيه ، أقبل عليهم وهو يقول ..: الله يزيدها من تباشير
ثم وصل مقابل سند وعانقه وسلم عليه ، قبّل سند رأس تميم رُغمً عن تميم..
___
وصل تميم للمنزل وبرفقته سند ، قال تميم وهو يلف بنظره على سند : ترا ماعلمتهم عن جيّتك ..
نزلوا وكان تميم يمشي امام سند ، دخل للمنزل ولف تميم على سند وقال بهمس : ابوي في المشب ..
مشى تميم وطرق باب المشب ، لف فالح بنظره على الطرق وحديث تميم وهو يقول : ويش فاقد من هالدنيا وتبغيّه؟..
قال فالح وهو يبتسم وبريّبه من سؤال إبنه : فاقد لي قلبً سمح و وجهً نيّر ..
تميم بإبتسامة : ابشر به ..
ثم دخل سند وهو يبتسم ، او بالكاد تكون إبتسامه ، كانت ضِحكه ، أقبل على ابيه الذي عجز عن الوقوف وإنحنى سند له وهو يُعانِقه ويُقبل رأسه وانفه ويرفع كف ابيه ويُقبِل ظهرها ، قال بعدها وهو يعود ليُقبِل رأسه : ابشر بي ..
إبتسم فالح وقال بفرحٍ بان على مُحيّاه : مدري علامي كاثرتن دموعي ..
انهى جُملته على دخول حنين للمشب وهي تُمسك تركي ، قالت وهي تدخل من دون ان تلحظ وجود سند : يبه هالبزر..
بتر حديثها رؤيتها لـ سند الذي كان جالس مُقابل والدها ثُم وقف ، انزلت تركي ارضً وهي ترفع كفيّها وتُغطي بِه فمها الذي شهق مصدومً ، وبقت واقفه بردت فِعلً غريبه ، ضحك سند وهو يقترِب مِنها ويقول : ذي علامها ؟..
وظلت واقفه على نفس حركتِها ، وبكت وهي ترفع كفيّها من فمها وتضعها على عينيّها ، امسك بِها سند وعانقها مصدومً مِنها ، قال تميم بإبتسامه : ويش فيه هالبزر ؟..
يقصِد بحديّثه جُملتها التي لم تُكمِلها ، قالت وهي لاتزال تبكي : نسيت ويش كان ابي اصلاً ..
ثم رفعت رأسها من حضن سند وقالت بإبتسامه وهي تمسح عينيّها : الحمدلله على سلامتك ..
إبتسم سند وقال : الله يسلمتس بس لا تروعيني بذا الحركات ..
صمتت وهي تمسح عيّنها وتُعطيهم ظهرها ، قالت وهي تخرج : بنادي نسيم ..
اوقفها سند وهو يقول : لا انا بروح لها ..
ثم دخل وهو يتركهم خلفه ، قالت حنين : تراها بالصاله ..
مشى سند مُتجِهً لـ الصاله ، مُنذ وفات زوجها وهو بعيدً عنها ، لم تأتي لزيارته وعرف ان السبب هو حزنها وإنكِسارها ، واخبره تميم انها حامل ، وكان هذا الخبر كفيّلاً بأن يزيّدها حُزنً ، دخل ورأى بحُضنها سيف وبين يديها هاتِفها ، ولم يغِب عليّه وجهها الباهِت ، أقبل وقال بإبتسامه : لو شافتس من يحث الناس على الصلاح ، خلا حديثه وفي درب الهلاك إنحرف ..
لفت لـ صاحِب الصوت الذي لم تجهله ، وضعت هاتِفها بجانِبها ونزل سيف من حضنها وهو يركض لخاله الذي إفتقده هو ايضاً ولم يراه مُنذ مُده ، امسك سند به وحمله بيّن يديه وهو يُقبل خده ، وقفت نسيم وبان بطنها المُنتفخ مع وقوفها ، الذي قد اصبح في شهره الثالث ، إقترب سند وانزل سيف وامسك بكتِف نسيم وقبل رأسها ثم قربها من حضنه وبكت بصمت ، إشتاقت له ، ولم يكُن شوقً قليلاً ، إشتاقت له جداً ، كان وقت رحيله كسراً لها ، وهي تفقده وتفقد زوجها ، إجتمع حُزنان عليّها ، قالت وهي تبتعد عنه وتبتسم بحُزن : وعدت نفسي ما اهل الدمع ، لكن شوفتك يا سند رجعت سيل جفوني ..
إبتسم سند وقال : ادمعي فرح ، لكن لا تذرفين دمعتس حزن !..
إبتسمت وهي ترفع إصبع سبابتها و تُشيّر لأنفها وتقول : على هالخشم ، والحمدلله على سلامتك ..
_____
إنتشر خبر خروج سند ، وكان الخبر له وقعً كبير وهو ينتشر بسرعه كمَا نُشِر سِجنه وحزن الجميع ، تبدل هذه المره حزنهم الى فرحٍ ، كثُر الزائرين على منزل فالح وإمتلأ مجلسه ، وتفاوتت الأصوات بالحمد على السلامه وهنئُ فالح على خروج إبنه وإنتهاء حزنه ، وصل خالد برِفقة سالم وأبيه ، وحضر ابو مسلط مع إخوته وإبنه ، وتحولت من زيارة الرجال الى عشاء كبير جمع كُل من يحب فالح ويعزه ويفرح مِن فرحه ، شكرهم فالح بحراره وسعِد وهو يرى هذا الكم الهائل وشعر حقاً انه يملِك كُثر مِن مَن يعِزونه هو وأبناءه ، إنتهى العشاء وبدأ الضيوف بالذهاب رويّدً ، حتى بقي خالد وابو سالم وإبنه ، وابو مِطلق وكِلا ابناءه ، واصر فالح على ابو مسلط ان يبقى ويُشاركهم الجلسه الهادئه ، وافق ابو مسلط من شِدة إصرار فالح هو وإبنه ، بينما ذهبوا إخوته وهم لا يُعيرون طلب فالح اي إهتمام وكان هذا إحدى الأسباب التي جعلت ابو مسلط يتنازل ويبقى خجِلً من تصرفهم ، بينما يجلِس الكبار مع بعضِهم ، إنتقل الشباب الى المجلس الأخر وكانت هذه المره برِفقتهم مسلط الذي لم يكُن لقائهم الأول بِه سعيدً حيث نزف الجميع بِه الدم ..
قال مطلق وهو يُحدِث سند : انت دريت ويش اقدم عليه فهد ؟..
لف فهد بنظره على مطلق وقال بغضب مازِح : ويش رايك تقول اعلومي كلها ؟..
ضحك مطلق وهو يقول : والله ودي بس مستحي منك ..
قال تميم بإبتسامه : هذا وهو مستحي ..
قال سند بغضب لـ فهد : لا تغيّر الموضوع ويش الي ماعلمتني ايّاه ؟..
قال سالم بمزح يُغيض بِه فهد ومسلط وسند : انت تخبر البيت الي تهاوشتوا بسببه ؟..
ضحك مسلط وهو يفهم المقصد وقال : قده حلاله ..
لف سند بإبتسامه على فهد وهو يقول : انت صادق ؟..
فهد بضِحكه : هالله هالله ..
قال سند : مبروك يارجال ، زين اجل نفعت كل ذي الضربات ..
اجاب فهد وهو يقول : نفعت مير عادني احاتي عابد الي معاد له حس من ذاك اليوم !..
قال مسلط بحزن : من ذاك اليوم وحتى انا ماشفته ..
قال سند بريّبه : انت تهقى انه بيسوي شي ؟..
مسلط بإبتسامه : اذا هو على خُبري ، انتبه يا فهد ..
______
إنتهى اليوم ، وذهب الجميع وخلا منزل فالح من ضيوفه ، دخل تميم جناحه الخاص ، الذي يجمعه هو وزوجته وصغيره الذي في احشائها ، وجدها تجلس في صالة منزلهم الصغير ، بـ بجامه واسِعه باللون السماوي الفاتح ، وترفع شعرها القصير وبعض مِن خُصلاته القصيره مُعانِده ومُتساقِطه على عُنقها النحيل ، رأت دخول تميم وإعتدلت في جلستها بتعب ، لاحظ تميم تعبها الذي لم يُخفى عليّه ، قال وهو يجلس بجانِبها : علامتس ؟..
قالت اديم وهي تُمسك ذِراعه وتُعانِقها بحركه طفوليه مِنها : ماعلامي شي ، بس انت طولت ..
تميم بإبتسامه من براءة تصرفاتها : الشباب طولوا ولا بغيت اخليهم ..
قالت بعِتاب : الشباب ما وراهم احد ، لكن انت وراك زوجتك ..
ابعد يده من عِناق يديّها وامسك بها بـ كِلتا يديه وعانقها وهو يقول : عشان هالسبب هذا انا بالبيت ..
ثم قال وهو يتذكر : انتي بالشهر الرابع صح ؟..
اديم وهي تُنزل يدها لـ بطنها وتقول : ايي ..
ابعدها ونظر لـ عينيّها وقال بإبتسامه كبيره : يعني نقدر نعرف جنسه !..
اديم بغباء : مدري ، نقدر صدق ؟..
اعادها لحضنه وقال ولاتزال الإبتسامه تعتليّ مُحياه : اي نقدر نقدر ..
______
مشى بخطوات سريعه حتى وصل لـ غرفة حنين ، فتح الباب بقوه ودخل ، إرتعبت من دخوله المُفاجيء وقالت بخوف وهي تُعاتِبه : الناس تطق الباب وتستأذن !..
وهو يتجاهل حديثها ويقول مُدعي الهدوء : ويش حالتس ؟..
حنين بريّبه : حالي مرتاب منك !، سند علامك ؟..
ثم ضحكت وهي تفهم ، قالت : سند تستهبل !..
إبتسم وقال : واضح صح ؟..
حنين : اي واضح ، وروح اخذه من ابوها مب مني !..
وقف وإقترب منها وهو يقول : حنين طالبتس ، وبعدين زوجتي ويش دخل ابوها ؟..
حنين وهي تفتح هاتِفها وتدخل على رقمها وتقول : يالله اكتب 0537*******..
بدأ سند بأخذ الرقم وخرج من دون قول شي ، قالت حنين وهي تراه يبتعد بعد اخذ ما يريد : خذا غايته وراح ..
دخل غُرفته وجلس على سريره ، ولايزال يُفكر ، مالأسم الذي يليّق بِها في هاتِفه ؟..
وقرر بعد تفكير كِتابة هذه الجُمله " فكرت واجد ، وعجزت القى إسم يناسبتس في جوالي !" .. وارسلها لصاحِبة الرقم ..
_____
طوال اليوم سعيده ، شعور مُفرح يعتلي قلبها ، تشعر انها مُفعمه مليئه بإحساس مُريح ، الخبر الذي إنتشر اليوم ليس خبرً عاديً ، خبر اليوم هو فرج مُنقِذها ، هو اليوم الذي خرج فيه بطلها من ظُلم الأيام ، نام الجميع ، وطلبت من اسيل ان تجلس معها في ساحة المنزل وتستمتِعان في هدوء الجو البارد ، وإعتذرت اسيل بسبب مكالمة زياد التي سيُجريها مع زوجته بالساعات معاً ، خرجت بعد ان هيئت المكان وجهزته كما تُحب ، بين يديّها وكما هي عادتها تُمسك بكوبِها الساخِن ، وبعد نِصف ساعه من جلستها الوحدانيه الهادئه ، انار هاتِفها برسالةٍ من رقم غريب ، وفتحته ورأت الكلمات التي اتت من الرقم ، وإبتسمت وهي تشعر ولسببٍ ما انه هو ، كتبت وهي تبتسم .. " مايناسبني من الأسماء الا اني إلهام السند ".. ثم سجلت الإسم عِندها بـ ( سند الإلهام ) .. لانه سندها ..
____
إبتسم بعد قِراءة حملتها ، وسجل إسمها بـ ( إلهام السند ).. لانها إلهامّه ..
ثم كتب مره أخرى .. " قلتي ان لي في ذرى قلبتس علم وعلوم "..
____
لم تُفارِق الإبتسامه ملامِحها الجميله ، وكتبت وهي تُجيب على رِسالته .. " وقلت لي على الرحب دايم وكلك لي سِعه " ..
____
سند : طلعت يا إلهام وانتهت فترة سجني الحزينه ..
إلهام : وصلني ياسند الخبر السعيد .. الي بسببه ما فارقت وجهي الإبتسامه ..
سند بحزن : اعذريني ، يوم بسببي اعتلا وجهتس الضيق ..
إلهام بإمتِنان : الا اشكرك ، لانك معي بأكثر لحظاتي ضيق ..
إبتسم سند وتلاشت ملامح الحزن مِنه ، وبدأ بكِتابة كلِمات قصيدته التي دائمً تكون هي مصدر إلهامً له ، في كُل يوم تنظر لها عيّناه ، تشتعل قريحته ويبدا قلبه بكِتابة اسطُر عذبّة تتحدث عنها بـ ذُهِل ، القصيده التي كتبها بعد لِقاءه بها في السجن ..
أنت تقرأ
رواية فيك القصيد المعتق
Poetryأحياناً يكون ألم الماضي هيّ قُوة الحاضِر .. حربُ الماضي وماتاهَتِها تختلِقُ جسارتً وهيّمنة .. الماضي أرهق وأنهكَ تلك الشخصِيات وهدم سعادةً .. لـ يصنّع بدلها جبرُوتً قادِراً على صدِ الهجماتَ .. مالذي حدث لـ حُبِهُما ؟ ماهو سبب الفِراق والعيش الأليم ؟...